هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4424 وَقَالَ إِسْحَاقُ : أنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ ، فَصَامَ ، وَصَامَ النَّاسُ ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْكَدِيدِ أَفْطَرَ ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ الظَّهْرَانِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ مِنَ النَّاسِ ، فِيهِمْ أَلْفٌ مِنْ مُزَيْنَةَ ، وَسَبْعُمِائَةٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ ، وَقَدْ عَمِيَتِ الْأَخْبَارُ عَلَى قُرَيْشٍ ، فَلَا يَأْتِيهِمْ خَبَرٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا يَدْرُونَ مَا هُوَ فَاعِلُهُ ، وَقَدْ خَرَجَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ ، يَتَحَسَّسُونَ الْأَخْبَارَ قَالَ الْعَبَّاسُ : فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ نَزَلَ ، قُلْتُ : وَاصَبَاحَ قُرَيْشٍ ، وَاللَّهِ لَئِنْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَنْوَةً ، لَيَكُونَنَّ هَلَاكُهُمْ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ ، فَرَكِبْتُ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْضَاءَ ، حَتَّى جِئْتُ الْأَرَاكَ ، رَجَاءَ أَنْ أَلْتَمِسَ بَعْضَ الْحَطَّابَةِ أَوْ صَاحِبَ لَبَنٍ ، أَوْ ذَا حَاجَةٍ يَأْتِي مَكَّةَ فَيُخْبِرُهُمْ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَخْرُجُوا إِلَيْهِ ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لِأَسِيرُ أَلْتَمِسُ مَا جِئْتُ لَهُ ، إِذْ سَمِعْتُ كَلَامَ أَبِي سُفْيَانَ وَبُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ ، وَهُمَا يَتَرَاجَعَانِ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَاللَّيْلَةِ نِيرَانًا ، وَلَا عَسْكَرًا ، فَقَالَ لَهُ بُدَيْلٌ : هَذِهِ وَاللَّهِ خُزَاعَةُ قَدْ خَمَشَهَا الْحَرْبُ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : خُزَاعَةُ وَاللَّهِ أَقَلُّ وَأَذَلُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ نِيرَانُهَا ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا حَنْظَلَةَ ، فَعَرَفَ صَوْتِي فَقَالَ : أَبُو الْفَضْلِ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ قَالَ : مَا لَكَ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ؟ فَقُلْتُ : هَذَا وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ فِي النَّاسِ ، وَاصَبَاحَ قُرَيْشٍ قَالَ : فَمَا الْحِيلَةُ ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي قَالَ : قُلْتُ : وَاللَّهِ لَئِنْ ظَفِرَ بِكَ لَيَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ ، فَارْكَبْ عَجُزَ هَذِهِ الْبَغْلَةَ ، فَرَكِبَ وَرَجَعَ صَاحِبَاهُ ، فَخَرَجْتُ بِهِ ، فَكُلَّمَا مَرَرْتُ بِنَارٍ مِنْ نِيرَانِ الْمُسْلِمِينِ ، فَقَالُوا : مَا هَذِهِ ؟ فَإِذَا رَأَوْا بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا عَمُّهُ ، قَالُوا : هَذِهِ بَغْلَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا عَمُّهُ ، حَتَّى مَرَرْتُ بِنَارِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ وَقَامَ إِلَيَّ ، فَلَمَّا رَآهُ عَلَى عَجُزِ الْبَغْلَةِ عَرَفَهُ فَقَالَ : وَاللَّهِ عَدُوُّ اللَّهِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمْكَنَ مِنْكَ ، فَخَرَجَ يَشْتَدُّ نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَخَلَ ، وَدَفَعْتُ الْبَغْلَةَ فَسَبَقْتُهُ ، بِقَدْرِ مَا تَسْبِقُ الدَّابَّةُ الْبَطِيئَةُ الرَّجُلَ الْبَطِيءَ ، فَاقْتَحَمْتُ عَنِ الْبَغْلَةِ ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَدَخَلَ عُمَرُ ، فَقَالَ : هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو سُفْيَانَ قَدْ أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ ، فِي غَيْرِ عَهْدٍ وَلَا عَقْدٍ ، فَدَعْنِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقُلْتُ : قَدْ أَجَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ثُمَّ جَلَسْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخَذْتُ بِرَأْسِهِ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَا يُنَاجِيهُ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ دُونِي ، فَلَمَّا أَكْثَرَ عُمَرُ ، قُلْتُ : مَهْلًا يَا عُمَرُ ، فَوَاللَّهِ لَوْ كَانَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ مَا قُلْتَ هَذَا ، وَلَكِنَّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ فَقَالَ : مَهْلًا يَا عَبَّاسُ ، لَا تَقُلْ هَذَا ، فَوَاللَّهِ لَإِسَلَامُكَ حِينَ أَسْلَمْتَ ، كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلَامِ الْخَطَّابِ أَبِي لَوْ أَسْلَمَ ، وَذَلِكَ أَنِّي عَرَفْتُ أَنَّ إِسْلَامَكَ أَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِسْلَامِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا عَبَّاسُ ، اذْهَبْ بِهِ إِلَى رَحْلِكَ ، فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَأْتِنَا بِهِ فَذَهَبْتُ بِهِ إِلَى الرَّحْلِ ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ بِهِ ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَا أَبَا سُفْيَانَ وَيْحَكَ ، أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ؟ فَقَالَ : بِأَبِي وَأُمِّي مَا أَحْلَمَكَ ، وَمَا أَكْرَمَكَ وَأَوْصَلَكَ ، وَأَعْظَمَ عَفْوَكَ لَقَدْ كَادَ أَنْ يَقَعَ فِي نَفْسِي أَنْ لَوْ كَانَ إِلَهٌ غَيْرَهُ لَقَدْ أَغْنَى شَيْئًا بَعْدُ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : بِأَبِي وَأُمِّي ، مَا أَحْلَمَكَ ، وَأَكْرَمَكَ ، وَأَوْصَلَكَ ، وَأَعْظَمَ عَفْوَكَ ، أَمَّا هَذِهِ فَإِنَّ فِي النَّفْسِ مِنْهَا حَتَّى الْآنَ شَيْءٌ قَالَ الْعَبَّاسُ : فَقُلْتُ : وَيْلَكَ ، أَسْلِمْ وَاشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عُنُقُكَ ، فَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ الْعَبَّاسُ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ الْفَخْرَ ، فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئًا ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَعَمْ ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْبِسْهُ بِمَضِيقٍ مِنَ الْوَادِي ، عِنْدَ حَطْمِ الْخَيْلِ ، حَتَّى تَمُرَّ بِهِ جُنُودُ اللَّهِ فَحَبَسَهُ الْعَبَّاسُ حَيْثُ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَرَّتِ الْقَبَائِلُ عَلَى رُكْبَانِهَا ، فَكُلَّمَا مَرَّتْ قَبِيلَةٌ ، قَالَ : مَنْ هَذِهِ ؟ فَأَقُولُ : بَنُو سُلَيْمٍ فَيَقُولُ : مَا لِي وَلِبَنِي سُلَيْمٍ ثُمَّ تَمُرُّ أُخْرَى ، فَيَقُولُ : مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ فَأَقُولُ : مُزَيْنَةُ ، فَيَقُولُ : مَا لِي وَلِمُزَيْنَةَ ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ كَتِيبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَضْرَاءُ ، فِيهَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ ، لَا يُرَى مِنْهُمْ إِلَّا الْحَدَقُ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَقَالَ : مَا لِأَحَدٍ بِهَؤُلَاءِ قِبَلٌ ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنِ أَخِيكَ الْيَوْمَ لَعَظِيمٌ فَقُلْتُ : وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ ، إِنَّهَا النُّبُوَّةُ قَالَ : فَنِعْمَ إِذًا قُلْتُ : النَّجَاءُ إِلَى قَوْمِكَ ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَاهُمْ بِمَكَّةَ ، فَجَعَلَ يَصِيحُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ أَتَاكُمْ بِمَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ ، فَقَامَتِ امْرَأَتُهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ ، فَأَخَذَتْ بِشَارِبِهِ ، فَقَالَتِ : اقْتُلُوا الْحَمِيتَ الدَّسِمَ حَمْشَ الْبَعِيرِ مِنْ طَلِيعَةِ قَوْمٍ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : لَا تَغُرَّنَّكُمُ هَذِهِ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ فَقَالُوا : قَاتَلَكَ اللَّهُ ، وَمَا تُغْنِي عَنَّا دَارُكَ ؟ قَالَ : وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، وَرَوَى مَعْمَرٌ ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ ، وَمَالِكٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، طَرَفًا مِنْهُ فِي قِصَّةِ الصَّوْمِ ، وَأَخْرَجَ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَرَوَى أَحْمَدُ طَرَفًا مِنْهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ طَرَفًا مِنْهُ مِنْ قِصَّةِ أَبِي سُفْيَانَ مُخْتَصَرًا جِدًّا ، وَلَمْ يَسُقْهُ أَحَدٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ السِّتَّةِ وَأَحْمَدُ بِتَمَامِهِ وَرَوَاهُ الذُّهْلِيُّ بِتَمَامِهِ فِي الزُّهْرِيَّاتِ ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ تصريحُ ابْنِ إِسْحَاقَ بِسَمَاعِهِ لَهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ ، وَالسِّيَاقُ الَّذِي هُنَا حَسَنٌ جِدًّا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4424 وقال إسحاق : أنا وهب بن جرير بن حازم ، حدثني أبي ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : حدثني الزهري ، عن عبيد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة لعشر مضين من رمضان ، فصام ، وصام الناس ، حتى إذا كان بالكديد أفطر ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران في عشرة آلاف من الناس ، فيهم ألف من مزينة ، وسبعمائة من بني سليم ، وقد عميت الأخبار على قريش ، فلا يأتيهم خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يدرون ما هو فاعله ، وقد خرج تلك الليلة أبو سفيان بن حرب ، وحكيم بن حزام ، وبديل بن ورقاء الخزاعي ، يتحسسون الأخبار قال العباس : فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث نزل ، قلت : واصباح قريش ، والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة ، ليكونن هلاكهم إلى آخر الدهر ، فركبت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء ، حتى جئت الأراك ، رجاء أن ألتمس بعض الحطابة أو صاحب لبن ، أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخرجوا إليه ، فوالله إني لأسير ألتمس ما جئت له ، إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء ، وهما يتراجعان ، فقال أبو سفيان : والله ما رأيت كالليلة نيرانا ، ولا عسكرا ، فقال له بديل : هذه والله خزاعة قد خمشها الحرب ، فقال أبو سفيان : خزاعة والله أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانها ، فقلت : يا أبا حنظلة ، فعرف صوتي فقال : أبو الفضل ؟ قلت : نعم قال : ما لك فداك أبي وأمي ؟ فقلت : هذا والله رسول الله في الناس ، واصباح قريش قال : فما الحيلة ، فداك أبي وأمي قال : قلت : والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك ، فاركب عجز هذه البغلة ، فركب ورجع صاحباه ، فخرجت به ، فكلما مررت بنار من نيران المسلمين ، فقالوا : ما هذه ؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها عمه ، قالوا : هذه بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها عمه ، حتى مررت بنار عمر بن الخطاب ، فقال : من هذا ؟ وقام إلي ، فلما رآه على عجز البغلة عرفه فقال : والله عدو الله ، الحمد لله الذي أمكن منك ، فخرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل ، ودفعت البغلة فسبقته ، بقدر ما تسبق الدابة البطيئة الرجل البطيء ، فاقتحمت عن البغلة ، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودخل عمر ، فقال : هذا عدو الله أبو سفيان قد أمكن الله منه ، في غير عهد ولا عقد ، فدعني فأضرب عنقه فقلت : قد أجرته يا رسول الله ، ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذت برأسه ، فقلت : والله لا يناجيه الليلة رجل دوني ، فلما أكثر عمر ، قلت : مهلا يا عمر ، فوالله لو كان رجلا من بني عدي ما قلت هذا ، ولكنه من بني عبد مناف فقال : مهلا يا عباس ، لا تقل هذا ، فوالله لإسلامك حين أسلمت ، كان أحب إلي من إسلام الخطاب أبي لو أسلم ، وذلك أني عرفت أن إسلامك أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عباس ، اذهب به إلى رحلك ، فإذا أصبحت فأتنا به فذهبت به إلى الرحل ، فلما أصبحت غدوت به ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : يا أبا سفيان ويحك ، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله ؟ فقال : بأبي وأمي ما أحلمك ، وما أكرمك وأوصلك ، وأعظم عفوك لقد كاد أن يقع في نفسي أن لو كان إله غيره لقد أغنى شيئا بعد ، فقال صلى الله عليه وسلم : ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟ فقال : بأبي وأمي ، ما أحلمك ، وأكرمك ، وأوصلك ، وأعظم عفوك ، أما هذه فإن في النفس منها حتى الآن شيء قال العباس : فقلت : ويلك ، أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن يضرب عنقك ، فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قال العباس : قلت : يا رسول الله ، إن أبا سفيان رجل يحب الفخر ، فاجعل له شيئا ، فقال صلى الله عليه وسلم : نعم ، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن فلما انصرف إلى مكة يخبرهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احبسه بمضيق من الوادي ، عند حطم الخيل ، حتى تمر به جنود الله فحبسه العباس حيث أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمرت القبائل على ركبانها ، فكلما مرت قبيلة ، قال : من هذه ؟ فأقول : بنو سليم فيقول : ما لي ولبني سليم ثم تمر أخرى ، فيقول : من هؤلاء ؟ فأقول : مزينة ، فيقول : ما لي ولمزينة ، فلم يزل يقول ذلك حتى مرت كتيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضراء ، فيها المهاجرون والأنصار ، لا يرى منهم إلا الحدق ، فقال : من هذا ؟ فقلت : هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار فقال : ما لأحد بهؤلاء قبل ، والله لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم لعظيم فقلت : ويحك يا أبا سفيان ، إنها النبوة قال : فنعم إذا قلت : النجاء إلى قومك ، فخرج حتى أتاهم بمكة ، فجعل يصيح بأعلى صوته : يا معشر قريش ، هذا محمد قد أتاكم بما لا قبل لكم به ، فقامت امرأته هند بنت عتبة ، فأخذت بشاربه ، فقالت : اقتلوا الحميت الدسم حمش البعير من طليعة قوم ، فقال أبو سفيان : لا تغرنكم هذه من أنفسكم ، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن فقالوا : قاتلك الله ، وما تغني عنا دارك ؟ قال : ومن أغلق بابه فهو آمن هذا حديث صحيح ، وروى معمر ، وابن عيينة ، ومالك ، عن الزهري ، طرفا منه في قصة الصوم ، وأخرج ذلك الشيخان وغيرهما وروى أحمد طرفا منه من حديث ابن إسحاق ، وروى أبو داود طرفا منه من قصة أبي سفيان مختصرا جدا ، ولم يسقه أحد من الأئمة الستة وأحمد بتمامه ورواه الذهلي بتمامه في الزهريات ، من طريق أبي إدريس ، عن محمد بن إسحاق ، لكن ليس فيه تصريح ابن إسحاق بسماعه له من الزهري ، والسياق الذي هنا حسن جدا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،