هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1096 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً ، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ ، قُلْنَا : وَمَا هَمَمْتَ ؟ قَالَ : هَمَمْتُ أَنْ أَقْعُدَ وَأَذَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1096 حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله رضي الله عنه ، قال : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة ، فلم يزل قائما حتى هممت بأمر سوء ، قلنا : وما هممت ؟ قال : هممت أن أقعد وأذر النبي صلى الله عليه وسلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً ، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ ، قُلْنَا : وَمَا هَمَمْتَ ؟ قَالَ : هَمَمْتُ أَنْ أَقْعُدَ وَأَذَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

Narrated Abu-Wail:

`Abdullah said, One night I offered the Tahajjud prayer with the Prophet (ﷺ) and he kept on standing till an ill-thought came to me. We said, What was the ill-thought? He said, It was to sit down and leave the Prophet (ﷺ) (standing).

'AbdulLâh () dit: «Une nuit, comme je priais avec le Prophète (), ce dernier est resté tellement debout que j'ai songé à faire quelque chose de mal.» — «Et à quoi astu songé? demandaton. — J'ai songé à m'asseoir et à laisser le Prophète () [seul debout].»

":"ہم سے سلیمان بن حرب نے بیا کیا ، کہا کہ ہم سے شعبہ نے اعمش سے بیان کیا ، ان سے ابووائل نے اور ان سے عبداللہ بن مسعود رضی اللہ عنہما نے فرمایا کہمیں نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کے ساتھ ایک مرتبہ رات کو نماز پڑھی ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے اتنا لمبا قیام کیا کہ میرے دل میں ایک غلط خیال پیدا ہو گیا ۔ ہم نے پوچھا کہ وہ غلط خیال کیا تھا تو آپ نے بتایا کہ میں نے سوچا کہ بیٹھ جاؤں اور نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کا ساتھ چھوڑ دوں ۔

'AbdulLâh () dit: «Une nuit, comme je priais avec le Prophète (), ce dernier est resté tellement debout que j'ai songé à faire quelque chose de mal.» — «Et à quoi astu songé? demandaton. — J'ai songé à m'asseoir et à laisser le Prophète () [seul debout].»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1135] قَوْله عَن عبد الله هُوَ بن مَسْعُودٍ .

     قَوْلُهُ  بِأَمْرِ سُوءٍ بِإِضَافَةِ أَمْرٍ إِلَى سُوءٍ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِيَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطْوِيلَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَقد كَانَ بن مَسْعُودٍ قَوِيًّا مُحَافِظًا عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا هَمَّ بِالْقُعُودِ إِلَّا بَعْدَ طُولٍ كَثِيرٍ مَا اعْتَادَهُ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ فَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْقُنُوتِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْخُشُوعُ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى أَنَّ كَثْرَةَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ كَثْرَةُ السُّجُودِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِهِ مَعْدُودَةٌ فِي الْعَمَلِ السَّيِّءِ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى فَائِدَةِ مَعْرِفَةِ مَا بَينهم من الْأَحْوَال وَغَيرهَا لِأَن أَصْحَاب بن مَسْعُودٍ مَا عَرَفُوا مُرَادَهُ مِنْ قَوْلِهِ هَمَمْتُ بِأَمْرِ سُوءٍ حَتَّى اسْتَفْهَمُوهُ عَنْهُ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمُ اسْتِفْهَامَهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءَ فِي رَكْعَةٍ وَكَانَ إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ أَوْ سُؤَالٌ سَأَلَ أَوْ تَعَوُّذٌ تَعَوَّذَ ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ ثُمَّ قَامَ نَحْوًا مِمَّا رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ وَهَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي نَحْوٍ مِنْ سَاعَتَيْنِ فَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْيَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ كُلَّهَا.

.
وَأَمَّا مَا يَقْتَضِيهِ حَالُهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَإِنَّ فِي أَخْبَارِ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ قَدْرَ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَفِيهَا أَنَّهُ كَانَ لَا يَزِيدُ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً فَيَقْتَضِي ذَلِكَ تَطْوِيلَ الصَّلَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ تَفَرَّدَ بِرِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ شُعْبَةَ حَكَاهُ عَنْهُ الْبُرْقَانِيُّ وَهُوَ مِنَ الْأَفْرَادِ الْمُقَيَّدَةِ فَإِنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الْأَعْمَشِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْوَاسِطِيُّ وحصين هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَاسِطِيُّ أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ حُذَيْفَة فِي الطَّهَارَة وَاسْتشْكل بن بَطَّالٍ دُخُولَهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ لَا مَدْخَلَ لَهُ هُنَا لِأَنَّ التَّسَوُّكَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ لَا يَدُلُّ عَلَى طُولِ الصَّلَاةِ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ غَلَطِ النَّاسِخِ فَكَتَبَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ أَوْ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَعْجَلَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ تَهْذِيبِ كِتَابِهِ فَإِنَّ فِيهِ مَوَاضِعَ مِثْلَ هَذَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إِلَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ السِّوَاكِ يَدُلُّ عَلَى مَا يُنَاسِبُهُ مِنْ إِكْمَالِ الْهَيْئَةِ وَالتَّأَهُّبِ وَهُوَ دَلِيلُ طُولِ الْقِيَامِ إِذِ التَّخْفِيفُ لَا يَتَهَيَّأُ لَهُهَذَا التهيؤ الْكَامِل وَقد قَالَ بن رَشِيدٍ الَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ إِنَّمَا أَدْخَلَهُ لِقَوْلِهِ إِذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ أَيْ إِذَا قَامَ لِعَادَتِهِ وَقَدْ تَبَيَّنْتُ عَادَتَهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَلَفْظُ التَّهَجُّدِ مَعَ ذَلِكَ مُشْعِرٌ بِالسَّهَرِ وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي التَّسَوُّكِ عَوْنًا عَلَى دَفْعِ النَّوْمِ فَهُوَ مُشْعِرٌ بِالِاسْتِعْدَادِ لِلْإِطَالَةِ.

     وَقَالَ  الْبَدْرُ بْنُ جَمَاعَةَ يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ بِهَذَا الْحَدِيثِ اسْتِحْضَارَ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ يَعْنِي الْمُشَارَ إِلَيْهِ قَرِيبًا قَالَ وَإِنَّمَا لَمْ يُخْرِجْهُ لِكَوْنِهِ عَلَى غَيْرِ شَرْطِهِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إِلَى أَنَّ اللَّيْلَةَ وَاحِدَةٌ أَوْ نَبَّهَ بِأَحَدِ حَدِيثَيْ حُذَيْفَةَ عَلَى الْآخَرِ وَأقر بهَا تَوْجِيه بن رَشِيدٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَيَّضَ التَّرْجَمَةَ لِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ فَضَمَّ الْكَاتِبُ الْحَدِيثَ إِلَى الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ وَحَذَفَ الْبَيَاضَ ( .

     قَوْلُهُ  بابُ كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيلِ وَكَمْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ)
أَوْرَدَ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ أَولهَا حَدِيث بن عُمَرَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ وَأَنَّهُ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ لِكَوْنِهِ أَجَابَ بِهِ السَّائِلَ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحَّ عَنْهُ فَعَلُ الْفَصْلِ وَالْوَصْلِ ثَانِيهَا حَدِيثُ أبي جَمْرَة عَن بن عَبَّاسٍ كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ يَعْنِي بِاللَّيْلِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي أَوَّلِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ أَيْضًا وَتَقَدَّمَ أَيْضًا بَيَانُ الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلَفِ الرِّوَايَاتِ فِي ذَلِكَ ثَالِثُهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ سَبْعٌ وَتِسْعٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ سِوَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ رَابِعُهَا حَدِيثُهَا مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ عَنْهَا كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنْهَا الْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ كَانَتْ صَلَاتُهُ عَشْرَ رَكَعَاتٍ وَيُوتِرُ بِسَجْدَةٍ وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَتِلْكَ ثَلَاثُ عَشْرَةَ فَأَمَّا مَا أَجَابَتْ بِهِ مَسْرُوقًا فمرادها أَن ذَلِك وَقع مِنْهُ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَتَارَةً كَانَ يُصَلِّي سَبْعًا وَتَارَةً تِسْعًا وَتَارَةً إِحْدَى عَشْرَةَ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ الْقَاسِمِ عَنْهَا فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ غَالِبَ حَالِهِ وَسَيَأْتِيبَعْدَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَكْثَرَ مَا يُصَلِّيهِ فِي اللَّيْلِ وَلَفْظُهُ مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ مِنْ غَيْرِهَا فَهُوَ مُطَابِقٌ لِرِوَايَةِ الْقَاسِمِ.

.
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ مَا يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بِلَفْظِ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ يُصَلِّي إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ فَظَاهِرُهُ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَضَافَتْ إِلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ سُنَّةَ الْعِشَاءِ لِكَوْنِهِ كَانَ يُصَلِّيهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ مَا كَانَ يَفْتَتِحُ بِهِ صَلَاةَ اللَّيْلِ فَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْهَا أَنَّهُ كَانَ يَفْتَتِحُهَا بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَهَذَا أَرْجَحُ فِي نَظَرِي لِأَنَّ رِوَايَةَ أَبِي سَلَمَةَ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى الْحَصْرِ فِي إِحْدَى عَشْرَةَ جَاءَ فِي صِفَتِهَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ يُصَلِّي أَرْبَعًا ثُمَّ أَرْبَعًا ثُمَّ ثَلَاثًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَتَعَرَّضْ لِلرَّكْعَتَيْنِ الْخَفِيفَتَيْنِ وَتَعَرَّضَتْ لَهُمَا فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَالزِّيَادَةُ مِنَ الْحَافِظِ مَقْبُولَةٌ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحْضِرَ هُنَا مَا تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْوِتْرِ مِنْ ذِكْرِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَالِاخْتِلَافِ هَلْ هُمَا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ صَلَاةٌ مُفْرَدَةٌ بَعْدَ الْوِتْرِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ كَانَ يُوتِرُ بِأَرْبَعٍ وَثَلَاثٍ وَسِتٍّ وَثَلَاثٍ وَثَمَانٍ وَثَلَاثٍ وَعَشْرٍ وَثَلَاثٍ وَلَمْ يَكُنْ يُوتِرُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَلَا أَنْقَصَ مِنْ سَبْعٍ وَهَذَا أَصَحُّ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ مَا اخْتَلَفَ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَشْكَلَتْ رِوَايَاتُ عَائِشَةَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى نَسَبَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَهَا إِلَى الِاضْطِرَابِ وَهَذَا إِنَّمَا يَتِمُّ لَوْ كَانَ الرَّاوِي عَنْهَا وَاحِدًا أَوْ أَخْبَرَتْ عَنْ وَقْتٍ وَاحِدٍ وَالصَّوَابُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ ذَكَرَتْهُ مِنْ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَوْقَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَحْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ بِحَسَبِ النَّشَاطِ وَبَيَانِ الْجَوَازِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَظَهَرَ لِي أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي عَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ أَنَّ التَّهَجُّدَ وَالْوِتْرَ مُخْتَصٌّ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَفَرَائِضَ النَّهَارِ الظُّهْرُ وَهِيَ أَرْبَعٌ وَالْعَصْرُ وَهِيَ أَرْبَعٌ وَالْمَغْرِبُ وَهِيَ ثَلَاثٌ وِتْرُ النَّهَارِ فَنَاسَبَ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ اللَّيْلِ كَصَلَاةِ النَّهَارِ فِي الْعَدَدِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا.

.
وَأَمَّا مُنَاسَبَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ فَبِضَمِّ صَلَاةِ الصُّبْحِ لِكَوْنِهَا نَهَارِيَّةً إِلَى مَا بَعْدَهَا تَنْبِيهٌ إِسْحَاقُ الْمَذْكُور فِي أول حَدِيثي عَائِشَة هُوَ بن رَاهْوَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْمَذْكُورُ فِي ثَانِي حَدِيثَيْهَا هُوَ بن مُوسَى وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْهُ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الْمُتَوَالِيَيْنِ بِوَاسِطَةٍ وَبِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِهِ وَكَأَنَّ أَوَّلَهُمَا لَمْ يَقَعْ لَهُ سَمَاعه مِنْهُ وَالله أعلم( قَولُهُ بَابُ قِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ مِنْ نَوْمِهِ) وَمَا نُسِخَ من قيام اللَّيْل وَقَوله تَعَالَى يَا أَيهَا المزمل قُم اللَّيْل كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ هَذِه السُّورَة يَعْنِي يَا أَيهَا المزمل فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ التَّخْفِيفَ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرْضِيَّتِهِ وَاسْتَغْنَى الْبُخَارِيُّ عَنْ إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ لِكَوْنِهِ عَلَى غَيْرِ شَرْطِهِ بِمَا أَخْرَجَهُ عَنْ أَنَسٍ فَإِنَّ فِيهِ وَلَا تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتَهُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا نَامَ كُلَّ اللَّيْلِ وَهَذَا سَبِيلُ التَّطَوُّعِ فَلَوِ اسْتَمَرَّ الْوُجُوبُ لَمَا أَخَلَّ بِالْقِيَامِ وَبِهَذَا تَظْهَرُ مُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكٍ الْحَنَفِيِّ عَن بن عَبَّاسٍ شَاهِدًا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي أَنَّ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالنَّسْخِ سَنَةً وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْهُمْ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ النَّسْخَ وَقَعَ بِمَكَّةَ لِأَنَّ الْإِيجَابَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى فَرْضِ الْخَمْسِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَكَانَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَحَكَى الشَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ آخِرَ السُّورَةِ نَسَخَ افْتِرَاضَ قِيَامِ اللَّيْلِ إِلَّا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ لِقَوْلِهِ فاقرءوا مَا تيَسّر مِنْهُ ثُمَّ نُسِخَ فَرْضُ ذَلِكَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَاسْتَشْكَلَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَالتَّعَقُّبُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَتَضَمَّنَ كَلَامُهُ أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي نَسَخَتِ الْوُجُوبَ مَدَنِيَّةٌ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ أَنَّ السُّورَةَ كُلَّهَا مَكِّيَّةٌ نَعَمْ ذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ إِلَّا الْآيَةَ الْأَخِيرَةَ وَقَوَّى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ هَذَا الْقَوْلَ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ نَسْخَ قِيَامِ اللَّيْلِ وَقَعَ لَمَّا تَوَجَّهُوا مَعَ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي جَيْشِ الْخَبَطِ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ لَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

.
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلَاءَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ احْتَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصِيرًا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ قَبْلَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ وَفِيهِ اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ خَيْرَ الْعَمَلِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِ يَا أَيهَا المزمل فَكُتِبَ عَلَيْهِمْ قِيَامُ اللَّيْلِ وَأُنْزِلَتْ مَنْزِلَةَ الْفَرِيضَةِ حَتَّى إِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ لَيَرْبِطُ الْحَبْلَ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ تَكَلُّفَهُمُ ابْتِغَاءَ رِضَاهُ وَضَعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ فَرَدَّهُمْ إِلَى الْفَرِيضَةِ وَوَضَعَ عَنْهُمْ قِيَامَ اللَّيْلِ إِلَّا مَا تَطَوَّعُوا بِهِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ السُّورَةَ كُلَّهَا مَدَنِيَّةٌ لَكِنْ فِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ وَهُوَ شَدِيدُ الضَّعْفِ فَلَا حُجَّةَ فِيمَا تَفَرَّدَ بِهِ وَلَوْ صَحَّ مَا رَوَاهُ لَاقْتَضَى ذَلِكَ وُقُوعَ مَا خَشِيَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ تَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ بِهِمْ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  يَا أَيُّهَا المزمل أَي المتلفف فِي ثِيَابه وروى بن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ أَيْ يَا مُحَمَّدُ قَدْ زَمَّلْتَ الْقُرْآنَ فَكَأَنَّ الْأَصْلَ يَا أَيُّهَا الْمُتَزَمِّلُ .

     قَوْلُهُ  قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا أَي مِنْهُ وروى بن أبيحَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ الْقَلِيلُ مَا دُونَ الْمِعْشَارِ وَالسُّدُسِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  نِصْفَهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ قَلِيلًا فَكَأَنَّ فِي الْآيَةِ تَخْيِيرًا بَيْنَ قِيَامِ النِّصْفِ بِتَمَامِهِ أَوْ قِيَامِ أَنْقَصَ مِنْهُ أَوْ أَزْيَدَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  نصفه بَدَلا من اللَّيْل والا قَلِيلًا اسْتِثْنَاءٌ مِنَ النِّصْفِ حَكَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَبِالْأَوَّلِ جزم الطَّبَرِيّ وَأسْندَ بن أبي حَاتِم مَعْنَاهُ عَن عَطاء الخرساني قَوْله ورتل الْقُرْآن ترتيلا أَيِ اقْرَأْهُ مُتَرَسِّلًا بِتَبْيِينِ الْحُرُوفِ وَإِشْبَاعِ الْحَرَكَاتِ وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حَفْصَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرَتِّلُ السُّورَةَ حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا .

     قَوْلُهُ  قولا ثقيلا أَيِ الْقُرْآنُ وَعَنِ الْحَسَنِ الْعَمَلُ بِهِ أَخْرَجَهُ بن أَبِي حَاتِمٍ وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْهُ قَالَ ثَقِيلًا فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتَأَوَّلَهُ غَيْرُهُ عَلَى ثِقَلِ الْوَحْيِ حِينَ يَنْزِلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ ناشئة اللَّيْل قَالَ بن عَبَّاسٍ نَشَأَ قَامَ بِالْحَبَشِيَّةِ يَعْنِي فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى ناشئة اللَّيْل أَيْ قِيَامُ اللَّيْلِ وَهَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ قَالَ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هُوَ كَلَامُ الْحَبَشَةِ نَشَأَ قَامَ وَأَخْرَجَ عَنْ أَبِي ميسرَة وَأبي مَالك نَحوه وَوَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَيْسَرَةَ عَنِ بن مَسْعُودٍ أَيْضًا وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَقَالُوا مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ تَوَافُقِ اللُّغَتَيْنِ وَعَلَى هَذَا فَنَاشِئَةُ اللَّيْلِ مَصْدَرٌ بِوَزْنِ فَاعِلَةٍ مِنْ نَشَأَ إِذَا قَامَ أَوِ اسْمُ فَاعِلٍ أَيِ النَّفْسُ النَّاشِئَةُ بِاللَّيْلِ أَيِ الَّتِي تَنْشَأُ مِنْ مَضْجَعِهَا إِلَى الْعِبَادَةِ أَيْ تَنْهَضُ وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبَيْنِ أَنَّ كُلَّ مَا حَدَثَ بِاللَّيْلِ وَبَدَأَ فَهُوَ نَاشِئٌ وَقَدْ نَشَأَ وَفِي الْمَجَازِ لِأَبِي عُبَيْدَةَ نَاشِئَةُ اللَّيْلِ آنَاءَ اللَّيْل ناشئة بعد ناشئة قَالَ بن التِّينِ وَالْمَعْنَى أَنَّ السَّاعَاتِ النَّاشِئَةَ مِنَ اللَّيْلِ أَيِ الْمُقْبِلَةَ بَعْضُهَا فِي أَثَرِ بَعْضٍ هِيَ أَشَدُّ .

     قَوْلُهُ  وَطَاءً قَالَ مُوَاطَأَةً لِلْقُرْآنِ أَشَدُّ مُوَافَقَةً لِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَقَلْبِهِ وَهَذَا وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ أَشَدُّ وَطَاءً أَيْ يُوَافِقُ سَمْعَكَ وَبَصَرَكَ وَقَلْبَكَ بَعْضُهُ بَعْضًا قَالَ الطَّبَرِيُّ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِكِ وَاطَأَ اللِّسَانُ الْقَلْبَ مُوَاطَأَةً وَوَطَاءً قَالَ وَقَرَأَ الْأَكْثَرُ وَطْئًا بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الطَّاءِ ثُمَّ حُكِيَ عَنِ الْعَرَبِ وَطِئْنَا اللَّيْلَ وَطْئًا أَيْ سِرْنَا فِيهِ وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ أَشَدُّ وَطْئًا أَثْبَتُ فِي الْخَيْرِ وَأَقْوَمُ قِيلًا أَبْلَغُ فِي الْحِفْظِ.

     وَقَالَ  الْأَخْفَشُ أَشَدُّ وَطْئًا أَيْ قِيَامًا وَأَصْلُ الْوَطْءِ فِي اللُّغَةِ الثِّقَلُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ .

     قَوْلُهُ  لِيُوَاطِئُوا لِيُوَافِقُوا هَذِهِ الْكَلِمَةُ مِنْ تَفْسِيرِ بَرَاءَةً وَإِنَّمَا أَوْرَدَهَا هُنَا تَأْيِيدًا للتفسير الأول وَقد وَصله الطَّبَرِيّ عَن بن عَبَّاسٍ لَكِنْ بِلَفْظِ لِيُشَابِهُوا .

     قَوْلُهُ  سَبْحًا طَوِيلًا أَي فراغا وَصله بن أبي حَاتِم عَن بن عَبَّاسٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمْ وَعَنِ السُّدِّيِّ سَبْحًا طَوِيلًا أَيْ تَطَوُّعًا كَثِيرًا كَأَنَّهُ جَعَلَهُ مِنَ السُّبْحَةِ وَهِيَ النَّافِلَةُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ طُولِ الْقِيَامِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ)
كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْحَمَوِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي طُولُ الصَّلَاةِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَحَدِيثُ الْبَابِ مُوَافِقٌ لِهَذَا لِأَنَّهُ دَال على طول الصَّلَاة لَا على طول الْقِيَامِ بِخُصُوصِهِ إِلَّا أَنَّ طُولَ الصَّلَاةِ يَسْتَلْزِمُ طُولَ الْقِيَامِ لِأَنَّ غَيْرَ الْقِيَامِ كَالرُّكُوعِ مَثَلًا لَا يَكُونُ أَطْوَلَ مِنَ الْقِيَامِ كَمَا عُرِفَ بِالِاسْتِقْرَاءِ مِنْ صَنِيعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي حَدِيثِ الْكُسُوفِ فَرَكَعَ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ الَّذِي سَأَذْكُرُهُ نَحْوَهُ وَمَضَى حَدِيثُ عَائِشَةَ قَرِيبًا أَنَّ السَّجْدَةَ تَكُونُ قَرِيبًا مِنْ خَمْسِينَ آيَةً وَمِنَ الْمَعْلُومِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِك

[ قــ :1096 ... غــ :1135] قَوْله عَن عبد الله هُوَ بن مَسْعُودٍ .

     قَوْلُهُ  بِأَمْرِ سُوءٍ بِإِضَافَةِ أَمْرٍ إِلَى سُوءٍ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِيَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطْوِيلَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَقد كَانَ بن مَسْعُودٍ قَوِيًّا مُحَافِظًا عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا هَمَّ بِالْقُعُودِ إِلَّا بَعْدَ طُولٍ كَثِيرٍ مَا اعْتَادَهُ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ فَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْقُنُوتِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْخُشُوعُ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى أَنَّ كَثْرَةَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ كَثْرَةُ السُّجُودِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِهِ مَعْدُودَةٌ فِي الْعَمَلِ السَّيِّءِ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى فَائِدَةِ مَعْرِفَةِ مَا بَينهم من الْأَحْوَال وَغَيرهَا لِأَن أَصْحَاب بن مَسْعُودٍ مَا عَرَفُوا مُرَادَهُ مِنْ قَوْلِهِ هَمَمْتُ بِأَمْرِ سُوءٍ حَتَّى اسْتَفْهَمُوهُ عَنْهُ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمُ اسْتِفْهَامَهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءَ فِي رَكْعَةٍ وَكَانَ إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ أَوْ سُؤَالٌ سَأَلَ أَوْ تَعَوُّذٌ تَعَوَّذَ ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ ثُمَّ قَامَ نَحْوًا مِمَّا رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ وَهَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي نَحْوٍ مِنْ سَاعَتَيْنِ فَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْيَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ كُلَّهَا.

.
وَأَمَّا مَا يَقْتَضِيهِ حَالُهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَإِنَّ فِي أَخْبَارِ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ قَدْرَ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَفِيهَا أَنَّهُ كَانَ لَا يَزِيدُ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً فَيَقْتَضِي ذَلِكَ تَطْوِيلَ الصَّلَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ تَفَرَّدَ بِرِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ شُعْبَةَ حَكَاهُ عَنْهُ الْبُرْقَانِيُّ وَهُوَ مِنَ الْأَفْرَادِ الْمُقَيَّدَةِ فَإِنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الْأَعْمَشِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْوَاسِطِيُّ وحصين هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَاسِطِيُّ أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ حُذَيْفَة فِي الطَّهَارَة وَاسْتشْكل بن بَطَّالٍ دُخُولَهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ لَا مَدْخَلَ لَهُ هُنَا لِأَنَّ التَّسَوُّكَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ لَا يَدُلُّ عَلَى طُولِ الصَّلَاةِ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ غَلَطِ النَّاسِخِ فَكَتَبَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ أَوْ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَعْجَلَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ تَهْذِيبِ كِتَابِهِ فَإِنَّ فِيهِ مَوَاضِعَ مِثْلَ هَذَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إِلَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ السِّوَاكِ يَدُلُّ عَلَى مَا يُنَاسِبُهُ مِنْ إِكْمَالِ الْهَيْئَةِ وَالتَّأَهُّبِ وَهُوَ دَلِيلُ طُولِ الْقِيَامِ إِذِ التَّخْفِيفُ لَا يَتَهَيَّأُ لَهُ هَذَا التهيؤ الْكَامِل وَقد قَالَ بن رَشِيدٍ الَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ إِنَّمَا أَدْخَلَهُ لِقَوْلِهِ إِذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ أَيْ إِذَا قَامَ لِعَادَتِهِ وَقَدْ تَبَيَّنْتُ عَادَتَهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَلَفْظُ التَّهَجُّدِ مَعَ ذَلِكَ مُشْعِرٌ بِالسَّهَرِ وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي التَّسَوُّكِ عَوْنًا عَلَى دَفْعِ النَّوْمِ فَهُوَ مُشْعِرٌ بِالِاسْتِعْدَادِ لِلْإِطَالَةِ.

     وَقَالَ  الْبَدْرُ بْنُ جَمَاعَةَ يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ بِهَذَا الْحَدِيثِ اسْتِحْضَارَ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ يَعْنِي الْمُشَارَ إِلَيْهِ قَرِيبًا قَالَ وَإِنَّمَا لَمْ يُخْرِجْهُ لِكَوْنِهِ عَلَى غَيْرِ شَرْطِهِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إِلَى أَنَّ اللَّيْلَةَ وَاحِدَةٌ أَوْ نَبَّهَ بِأَحَدِ حَدِيثَيْ حُذَيْفَةَ عَلَى الْآخَرِ وَأقر بهَا تَوْجِيه بن رَشِيدٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَيَّضَ التَّرْجَمَةَ لِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ فَضَمَّ الْكَاتِبُ الْحَدِيثَ إِلَى الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ وَحَذَفَ الْبَيَاضَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب طُولِ الْقِيَامِ فِي صَلاَةِ اللَّيْلِ
( باب طول القيام في صلاة الليل) وللحموي، والمستملي: طول الصلاة في قيام الليل، وهي توافق حديث الباب لأنه يدل بظاهره على طول الصلاة لا على طول القيام بخصوصه، لكنه يلزم من طولها طوله على ما لا يخفى.

وللكشميهني: باب القيام في صلاة الليل.


[ قــ :1096 ... غــ : 1135 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ "صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةً، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ.
قُلْنَا: وَمَا هَمَمْتَ؟ قَالَ: هَمَمْتَ أَنْ أَقْعُدَ وَأَذَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي، الأزدي البصري ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن الأعمش) سليمان بن مهران ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأزدي ( عن عبد الله) بن مسعود ( رضي الله عنه، قال) :
( صليت مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليلة) من الليالي ( فلم يزل قائمًا حتى هممت) قصدت ( بأمر سوء) بفتح السين إضافة أمر إليه.
( قلنا: وما) ولأبي الوقت: ما ( هممت؟ قال: هممت أن أقعد) من طول قيامه ( وأذر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بالمعجمة أي.
أتركه، وإنما جعله سوءًا وإن كان القعود في النفل جائزًا لأن فيه ترك الأدب معه، عليه الصلاة والسلام، وصورة مخالفته.

وقد كان ابن مسعود قويًا محافظًا على الاقتداء به، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلولا أنه طوّل كثيرًا لم يهم بالقعود.


وقد اختلف: هل الأفضل في صلاة النفل كثرة الركوع والسجود؟ أو طول القيام؟ فقال بكل قومٌ.

فأما القائلون بالأول، فتمسكوا بنحو حديث ثوبان، عند مسلم: "أفضل الأعمال كثرة الركوع والسجود".

وتمسك القائلون بالثاني بحديث مسلم أيضًا: "أفضل الصلاة طول القنوت".

والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال.

ورواة هذا الحديث ما بين: بصري وواسطي وكوفي، وفيه: التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه مسلم وابن ماجة في: الصلاة، والترمذي في: الشمائل.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ طُولِ الصَّلاَةِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان طول الصَّلَاة فِي قيام اللَّيْل، هَذِه التَّرْجَمَة على هَذَا الْوَجْه للحموي وَالْمُسْتَمْلِي، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: بابُُ طول الْقيام فِي صَلَاة اللَّيْل، قَالَ بَعضهم: وَفِي حَدِيث الْبابُُ مُوَافق لرِوَايَة الْحَمَوِيّ، لِأَنَّهُ دَال على طول الصَّلَاة لَا على طول الْقيام بِخُصُوصِهِ، إلاّ أَن طول الصَّلَاة يسْتَلْزم طول الْقيام، لِأَن غير الْقيام كالركوع مثلا لَا يكون أطول من الْقيام.
قلت: لَا نسلم أَن طول الصَّلَاة يسْتَلْزم طول الْقيام، فَمن أَيْن الْمُلَازمَة؟ فَرُبمَا يطول الْمُصَلِّي رُكُوعه وَسُجُوده أطول من قِيَامه، وَهُوَ غير مَمْنُوع لَا شرعا وَلَا عقلا، وَقَوله: ( كالركوع) ، مثلا: لَا يكون أطول من الْقيام غير مُسلم، لِأَن عدم كَون الرُّكُوع أطول من الْقيام مَمْنُوع، كَمَا ذكرنَا.



[ قــ :1096 ... غــ :1135 ]
- حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنِ الأعْمَشِ عَنْ أبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَةً فَلَمْ يَزَلْ قائِما حَتَّى هَمَمْتُ بِأمْرِ سَوْءٍ قُلْنَا وَمَا هَمَمْتُ أنْ أقْعُدَ وَأذَرَ النبيَصلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة الدّلَالَة.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: سُلَيْمَان بن حَرْب أَبُو أَيُّوب الواشحي، حكى البرقاني عَن الدَّارَقُطْنِيّ أَن سُلَيْمَان بن حَرْب تفرد بِرِوَايَة هَذَا الحَدِيث عَن شُعْبَة.
الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج.
الثَّالِث: سُلَيْمَان الْأَعْمَش.
الرَّابِع: أَبُو وَائِل، اسْمه شَقِيق بن سَلمَة الْأَسدي.
الْخَامِس: عبد الله بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: أَن شَيْخه بَصرِي وَشعْبَة واسطي وَالْأَعْمَش وَأَبُو وَائِل كوفيان.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ.

ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، كِلَاهُمَا عَن جرير وَعَن إِسْمَاعِيل ابْن الْخَلِيل وسُويد بن سعيد، كِلَاهُمَا عَن عَليّ بن مسْهر.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل عَن سُفْيَان بن وَكِيع وَعَن مَحْمُود بن غيلَان عَن سُلَيْمَان بن حَرْب وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الصَّلَاة عَن عبد الله بن عَامر وسُويد بن سعيد.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( حَتَّى هَمَمْت) أَي: قصدت.
قَوْله: ( بِأَمْر سوء) ، يجوز فِيهِ إِضَافَة أَمر إِلَى سوء، وَيجوز أَن يكون: سوء صفة لأمر، وَهَذَا السوء من جِهَة ترك الْأَدَب، وَصُورَة الْمُخَالفَة، وَإِن كَانَ الْقعُود جَائِزا فِي النَّفْل مَعَ الْقُدْرَة على الْقيام.
قَوْله: ( وأذر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: أتركه، أَرَادَ أَن يقْعد لَا أَنه يخرج عَن الصَّلَاة، وَهَذِه اللَّفْظَة أمات الْعَرَب ماضيها كَمَا فِي: يدع.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: قَالَ ابْن بطال، رَحمَه الله، فِيهِ: دَلِيل على طول الْقيام فِي صَلَاة اللَّيْل، لِأَن ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ جلدا قَوِيا محافظا على الِاقْتِدَاء بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمَا هم بالقعود إلاّ عَن طول كثير، وَقد اخْتلف الْعلمَاء: هَل الْأَفْضَل فِي صَلَاة التَّطَوُّع طول الْقيام أَو كَثْرَة الرُّكُوع وَالسُّجُود؟ فَذهب بَعضهم إِلَى أَن كَثْرَة الرُّكُوع وَالسُّجُود أفضل، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ مُسلم عَن ثَوْبَان: أفضل الْأَعْمَال كَثْرَة الرُّكُوع وَالسُّجُود، قَالَه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلما سَأَلَهُ ربيعَة بن كَعْب مرافقته فِي الْجنَّة، قَالَ: ( أَعنِي على نَفسك بِكَثْرَة السُّجُود) ، وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِمَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ( مَا من عبد يسْجد لله سَجْدَة إلاَّ كتب الله، عز وَجل، لَهُ بهَا حَسَنَة ومحا عَنهُ بهَا سَيِّئَة، وَرفع لَهَا بهَا دَرَجَة، فاستكثروا من السُّجُود) .
وروى ابْن مَاجَه أَيْضا من حَدِيث كثير بن مرّة: ( أَن أَبَا فَاطِمَة حَدثهُ، قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله { أَخْبرنِي بِعَمَل أستقيم عَلَيْهِ وأعمله} قَالَ: عَلَيْك بِالسُّجُود فَإنَّك لَا تسْجد لله سَجْدَة إلاَّ رفعك الله بهَا دَرَجَة وَحط عَنْك بهَا خَطِيئَة) وَبِمَا روى الطَّحَاوِيّ، قَالَ: حَدثنَا فَهد، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن عبد الحميد، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص وخديج عَن أبي إِسْحَاق ( عَن الْمخَارِق، قَالَ: خرجنَا حجاجا فمررنا بالربذة، فَوَجَدنَا أَبَا ذَر قَائِما يُصَلِّي، فرأيته لَا يُطِيل الْقيام وَيكثر الرُّكُوع وَالسُّجُود، فَقلت لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ: مَا ألوت أَن أحسن أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من ركع رَكْعَة وَسجد سَجْدَة رَفعه الله بهَا دَرَجَة وَحط عَنهُ بهَا خَطِيئَة) .
وَأخرجه أَحْمد أَيْضا فِي ( مُسْنده) وَالْبَيْهَقِيّ فِي ( سنَنه) .
قلت: أَبُو الْأَحْوَص سَلام بن سليم، وخديج بن مُعَاوِيَة ضعفه النَّسَائِيّ،.

     وَقَالَ  أَحْمد: لَا أعلم إلاَّ هيرا.
وَاسم أبي إِسْحَاق: عَمْرو ابْن عبد الله السبيعِي، والمخارق، بِضَم الْمِيم: غير مَنْسُوب، قَالَ الذَّهَبِيّ: مَجْهُول.
وَفِي ( التَّكْمِيل) ؛ وَثَّقَهُ ابْن حبَان، والربذة: قَرْيَة من قرى الْمَدِينَة بهَا قبر أبي ذَر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَاسم أبي ذَر: جُنْدُب بن جُنَادَة الْغِفَارِيّ.
قَوْله: ( مَا ألوت) أَي: مَا قصرت، وروى الطَّحَاوِيّ أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنه: ( رأى فَتى وَهُوَ يُصَلِّي وَقد أَطَالَ صلَاته، فَلَمَّا انْصَرف مِنْهَا قَالَ: من يعرف هَذَا؟ قَالَ رجل: أَنا.
فَقَالَ عبد الله: لَو كنت أعرفهُ لأمرته أَن يُطِيل الرُّكُوع وَالسُّجُود، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا قَامَ العَبْد يُصَلِّي أَتَى بذنوبه فَجعلت على رَأسه وعاتقه، فَكلما ركع أَو سجد تساقطت عَنهُ)
.
وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ أَيْضا، وَيَقُول أهل هَذِه الْمقَالة: قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ: فِي قَول، وَأحمد فِي رِوَايَة، وَمُحَمّد بن الْحسن، ويحكى ذَلِك عَن ابْن عمر، وَذهب قوم إِلَى أَن طول الْقيام أفضل، وَبِه قَالَ الْجُمْهُور من التَّابِعين وَغَيرهم، وَمِنْهُم مَسْرُوق وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَأَبُو حنيفَة.
وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ أَبُو يُوسُف وَالشَّافِعِيّ فِي قَول، وَأحمد فِي رِوَايَة،.

     وَقَالَ  أَشهب: هُوَ أحب إِلَيّ لِكَثْرَة الْقِرَاءَة، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِحَدِيث الْبابُُ، وَبِمَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث جَابر: ( سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَي الصَّلَاة أفضل؟ قَالَ: طول الْقُنُوت) .
وَأَرَادَ بِهِ طول الْقيام، وَبِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث عبد الله بن حبش الْخَثْعَمِي: ( إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ: أَي الصَّلَاة أفضل؟ فَقَالَ: طول الْقيام) .
وَهَذَا يُفَسر قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( طول الْقُنُوت) وَإِن كَانَ الْقُنُوت يَأْتِي بِمَعْنى: الْخُشُوع وَغَيره.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد من الحَدِيث الْمَذْكُور أَنه يَنْبَغِي الْأَدَب مَعَ الْأَئِمَّة الْكِبَار، وَأَن مُخَالفَة الإِمَام أَمر سوء، قَالَ تَعَالَى: { فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره} ( النُّور:) .
الْآيَة.