هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
117 حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ ، وَلَوْلاَ آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا ، ثُمَّ يَتْلُو { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى } إِلَى قَوْلِهِ { الرَّحِيمُ } إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ المُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ ، وَإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمُ العَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ ، وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِبَعِ بَطْنِهِ ، وَيَحْضُرُ مَا لاَ يَحْضُرُونَ ، وَيَحْفَظُ مَا لاَ يَحْفَظُونَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
117 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، قال : حدثني مالك ، عن ابن شهاب ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال : إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة ، ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا ، ثم يتلو { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى } إلى قوله { الرحيم } إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق ، وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم ، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشبع بطنه ، ويحضر ما لا يحضرون ، ويحفظ ما لا يحفظون
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ ، وَلَوْلاَ آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا ، ثُمَّ يَتْلُو { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى } إِلَى قَوْلِهِ { الرَّحِيمُ } إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ المُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ ، وَإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمُ العَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ ، وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِبَعِ بَطْنِهِ ، وَيَحْضُرُ مَا لاَ يَحْضُرُونَ ، وَيَحْفَظُ مَا لاَ يَحْفَظُونَ .

Narrated Abu Huraira:

People say that I have narrated many Hadiths (The Prophet's narration). Had it not been for two verses in the Qur'an, I would not have narrated a single Hadith, and the verses are: Verily those who conceal the clear sign and the guidance which We have sent down . . . (up to) Most Merciful. (2:159-160). And no doubt our Muhajir (emigrant) brothers used to be busy in the market with their business (bargains) and our Ansari brothers used to be busy with their property (agriculture). But I (Abu Huraira) used to stick to Allah's Messenger (ﷺ) contented with what will fill my stomach and I used to attend that which they used not to attend and I used to memorize that which they used not to memorize.

0118 Abu Hurayra dit : Les gens disent qu’Abu Hurayra exagère quant au nombre des hadith rapportés. Sachez que je n’aurais rapporté aucun hadith s’il n’y avait pas dans le Livre de Dieu ces deux versets: Ceux qui cachent ce que Nous avons fait descendre de preuves et de guidance, jusqu’à: le Miséricordieux. (sourate 2, verset 159 a 160) Nos frères Muhâjir ont été préoccupés à conclure des affaires de commerce dans les marchés. quant à nos frères Ansâr, ils étaient retenus par le travail de leur domaines; tandis que moi, Abu Hurayra, je restais près du Messager de Dieu en me contentant de rassasier la faim de mon ventre. J’assistais à quoi ils n’assistaient pas et je retenais ce qu’ils ne retenaient pas.

":"عبدالعزیز بن عبداللہ نے ہم سے بیان کیا ، ان سے مالک نے ابن شہاب کے واسطے سے نقل کیا ، انھوں نے اعرج سے ، انھوں نے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے ، وہ کہتے ہیں کہلوگ کہتے ہیں کہ ابوہریرہ رضی اللہ عنہ بہت حدیثیں بیان کرتے ہیں اور ( میں کہتا ہوں ) کہ قرآن میں دو آیتیں نہ ہوتیں تو میں کوئی حدیث بیان نہ کرتا ۔ پھر یہ آیت پڑھی ، ( جس کا ترجمہ یہ ہے ) کہ جو لوگ اللہ کی نازل کی ہوئی دلیلوں اور آیتوں کو چھپاتے ہیں ( آخر آیت ) «رحيم‏» تک ۔ ( واقعہ یہ ہے کہ ) ہمارے مہاجرین بھائی تو بازار کی خریدوفروخت میں لگے رہتے تھے اور انصار بھائی اپنی جائیدادوں میں مشغول رہتے اور ابوہریرہ ، رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کے ساتھ جی بھر کر رہتا ( تاکہ آپ کی رفاقت میں شکم پری سے بھی بےفکری رہے ) اور ( ان مجلسوں میں ) حاضر رہتا جن ( مجلسوں ) میں دوسرے حاضر نہ ہوتے اور وہ ( باتیں ) محفوظ رکھتا جو دوسرے محفوظ نہیں رکھ سکتے تھے ۔

0118 Abu Hurayra dit : Les gens disent qu’Abu Hurayra exagère quant au nombre des hadith rapportés. Sachez que je n’aurais rapporté aucun hadith s’il n’y avait pas dans le Livre de Dieu ces deux versets: Ceux qui cachent ce que Nous avons fait descendre de preuves et de guidance, jusqu’à: le Miséricordieux. (sourate 2, verset 159 a 160) Nos frères Muhâjir ont été préoccupés à conclure des affaires de commerce dans les marchés. quant à nos frères Ansâr, ils étaient retenus par le travail de leur domaines; tandis que moi, Abu Hurayra, je restais près du Messager de Dieu en me contentant de rassasier la faim de mon ventre. J’assistais à quoi ils n’assistaient pas et je retenais ce qu’ils ne retenaient pas.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [118] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ هُوَ الْأُوَيْسِيُّ الْمَدَنِيُّ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَيْ مِنَ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْبُيُوعِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَهُ فِيهِ وَفِي الْمُزَارَعَةِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ هُنَا زِيَادَةٌ وَهِيَ وَيَقُولُونَ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ وَبِهَا تَبِينُ الْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ وَوَضْعِهِ الْمُظْهَرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ عَلَى طَرِيقِ الْحِكَايَةِ حَيْثُ قَالَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَقُلْ أَكْثَرْتُ .

     قَوْلُهُ  وَلَوْلَا آيَتَانِ مَقُولُ قَالَ لَا مَقُولُ يَقُولُونَ وَقَولُهُ ثُمَّ يَتْلُو مَقُولَ الْأَعْرَجِ وَذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ اسْتِحْضَارًا لِصُورَةِ التِّلَاوَةِ وَمَعْنَاهُ لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ ذَمَّ الْكَاتِمِينَ لِلْعِلْمِ مَا حَدَّثَ أَصْلًا لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْكِتْمَانُ حَرَامًا وَجَبَ الْإِظْهَارُ فَلِهَذَا حَصَلَتِ الْكَثْرَةُ لِكَثْرَةِ مَا عِنْدَهُ ثُمَّ ذَكَرَ سَبَبَ الْكَثْرَةِ بِقَوْلِهِ إِنَّ إِخْوَانَنَا وَأَرَادَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ نَفْسَهُ وَأَمْثَالَهُ وَالْمُرَادُ بِالْأُخُوَّةِ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ .

     قَوْلُهُ  يَشْغَلُهُمْ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ وَحُكِيَ ضَمُّهُ وَهُوَ شَاذٌّ .

     قَوْلُهُ  الصَّفْقُ بِإِسْكَانِ الْفَاءِ هُوَ ضَرْبُ الْيَدِ عَلَى الْيَدِ وَجَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ عِنْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ .

     قَوْلُهُ  فِي أَمْوَالِهِمْ أَيِ الْقِيَامِ عَلَى مَصَالِحِ زَرْعِهِمْ وَلِمُسْلِمٍ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَرَضِيهِمْ وَلِابْنِ سَعْدٍ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الْقِيَامُ عَلَى أَرَضِيهِمْ .

     قَوْلُهُ  وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ فِيهِ الْتِفَاتٌ إِذْ كَانَ نَسَقَ الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ وَإِنِّي .

     قَوْلُهُ  لِشِبَعٍ بِلَامِ التَّعْلِيلِ لِلْأَكْثَرِ وَهُوَ الثَّابِتُ فِي غَيْرِ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا وَلِلْأَصِيلِيِّ بِشِبَعِ بِمُوَحَّدَةٍ أَوَّلَهُ وَزَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبُيُوعِ وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا مِنْ مَسَاكِينِ الصُّفَّةِ .

     قَوْلُهُ  وَيَحْضُرُ أَيْ مِنَ الْأَحْوَالِ وَيَحْفَظُ أَيْ مِنَ الْأَقْوَالِ وَهُمَا مَعْطُوفَانِ عَلَى قَوْلِهِ يَلْزَمُ وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ شَاهِدًا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا وَلَفْظُهُ لَا أَشُكُّ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا نَسْمَعُ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مِسْكِينًا لَا شَيْءَ لَهُ ضَيْفًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ قَعَدَ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ مَشْيَخَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَجَعَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَدِيثِ فَلَا يَعْرِفُهُ بَعْضُهُمْ فَيُرَاجِعُونَ فِيهِ حَتَّى يَعْرِفُوهُ ثُمَّ يُحَدِّثُهُمْ بِالْحَدِيثِ كَذَلِكَ حَتَّى فَعَلَ مِرَارًا فَعَرَفْتُ يَوْمَئِذٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَحْفَظُ النَّاسِ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيّ عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْرَفَنَا بِحَدِيثِهِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ وَاخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الزُّهْرِيِّ فَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْهُ هَكَذَا وَوَافَقَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَرَوَاهُ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كِلَاهُمَاعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَالْإِسْنَادَانِ جَمِيعًا مَحْفُوظَانِ صَحَّحَهُمَا الشَّيْخَانِ وَزَادُوا فِي رِوَايَتِهِمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ شَيْئًا سَنَذْكُرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الثَّانِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [118] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ.
وَلَوْلاَ آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا.
ثُمَّ يَتْلُو { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ -إِلَى قَوْلِهِ تعالى- الرَّحِيمُ} .
إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وِإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الْعَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشِبَعِ بَطْنِهِ، وَيَحْضُرُ مَا لاَ يَحْضُرُونَ، وَيَحْفَظُ مَا لاَ يَحْفَظُونَ.
[الحديث أطرافه في: 119، 2047، 2350، 3648، 7354] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) أي الأويسي المدني ( قال: حدّثني) بالتوحيد ( مالك) هو ابن أنس إمام الأئمة ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( قال) : ( إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة) أي الحديث كما في البيوع وهو حكاية كلام الناس وإلاّ لقال أكثرت.
زاد المصنف في رواية في الزراعة ويقولون ما للمهاجرين والأنصار لا يحدّثون مثل أحاديثه، ( ولولا آيتان) موجودتان ( في كتاب الله) تعالى ( ما) أي لما ( حدّثت حديثًا) .
قال الأعرج ( ثم يتلو) أبو هريرة: { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} إلى قوله تعالى: ( { الرَّحِيمِ} ) [البقرة: 159] وعبّر بالمضارع في قوله: ويتلو استحضارًا لصورة التلاوة، والمعنى لولا أن الله تعالى ذم الكاتمين للعلم لما حدّثتكم أصلاً، لكن لما كان الكتمان حرامًا وجب الإظهار، فلذلك حصلت الكثرة عنده، ثم ذكر سبب الكثرة بقوله: ( إن إخواننا) جمع أخ ولم يقل إخوانه ليعود الضمير على أبي هريرة لغرض الالتفات وعدل عن الإفراد إلى الجمع لقصد نفسه وأمثاله من أهل الصفة وحذف العاطف على جعله جملة استئنافية كالتعليل للإكثار جوابًا للسؤال عنه، والمراد أخوّة الإسلام ( من المهاجرين) الذين هاجروا من مكة إلى المدينة ( كان يشغلهم) بفتح أوّله وثالثه من الثلاثي، وحكي ضم أوّله من الرباعي وهو شاذ ( الصفق بالأسواق) بفتح الصاد وإسكان الفاء كناية عن التبايع لأنهم كانوا يضربون فيه يدًا بيد عند المعاقدة وسميت السوق لقيام الناس فيها على سوقهم، ( وإن إخواننا من الأنصار) الأوس والخزرج ( كان يشغلهم العمل في أموالهم) أي القيام على مصالح زرعهم ( وإن أبا هريرة) عدل عن قوله: وإني لقصد الالتفات ( كان يلزم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بشبع بطنه) كذا للأصيلي بموحدة في أوّله، وفي رواية الأربعة باللام وكلاهما للتعليل أي لأجل شبع بطنه وهو بكسر الشين المعجمة وفتح الموحدة.
وعن ابن دريد إسكانها وعن غيره الإسكان اسم لما أشبعك من الشيء، وفي رواية ابن عساكر في نسخة ليشبع بطنه بلام كي ويشبع بصورة المضارع المنصوب، والمعنى أنه كان يلازم قانعًا بالقوت لا يتجر ولا يزرع، ( ويحضر ما لا يحضرون) من أحوال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنه يشاهد ما لا يشاهدون، ( ويحفظ ما لا يحفظون) من أقواله لأنه يسمع ما لا يسمعون.
119 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَبُو مُصْعَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنْسَاهُ.
قَالَ: ابْسُطْ رِدَاءَكَ.
فَبَسَطْتُهُ.
قَالَ: فَغَرَفَ بِيَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: ضُمُّهُ، فَضَمَمْتُهُ، فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدَهُ».
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ بِهَذَا.
أَوْ قَالَ: غَرَفَ بِيَدِهِ فِيهِ.
وبه قال: ( حدّثنا أحمد بن أبي بكر) زاد في رواية عن أبي ذر وابن عساكر والأصيلي( أبو مصعب) وهو كنية أحمد وهو أشهر بها وسقطت في رواية أبي ذر والأصيلي، واسم أبي بكر القاسم بن الحرث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهري العوفي قاضي المدينة وعالمها صاحب مالك، المتوفى سنة اثنتين وأربعين ومائتين عن اثنتين وتسعين سنة ( قال: حدّثنا محمد بن إبراهيم بن دينار) مفتي المدينة مع إمامها مالك بن أنس، المتوفى سنة اثنتين وثمانين ومائة ( عن ابن أبي ذئب) بكسر الذال المعجمة، وهو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحرث بن أبي ذئب القرشي المدني العامري.
قال الإمام أحمد: كان ابن أبي ذئب أفضل من مالك إلا أن مالكًا أشد تنقية للرجال منه، المتوفى بالكوفة سنة تسع وخمسين ومائة ( عن سعيد) أي ابن أبي سعيد ( المقبري) بفتح الميم وضم الموحدة المدني ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه أنه ( قال: قلت يا رسول الله) وفي رواية ابن عساكر قلت لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( إني أسمع منك حديثًا كثيرًا) صفة لقوله حديثًا لأنه اسم جنس يتناول القليل والكثير ( أنساه) صفة ثانية لحديثًا والنسيان زوال علم سابق عن الحافظة والمدركة والسهو زواله عن الحافظة فقط، ويفرق بينه وبين الخطأ بأن السهو ما ينتبه صاحبه بأدنى تنبيه بخلاف الخطأ.
( قال) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأبي هريرة وفي رواية فقال: ( ابسط رداءك فبسطته) أي لما قال ابسط امتثلت أمره فبسطته، وإلا فيلزم منه عطف الخبر على الإنشاء وهو مختلف فيه.
( قال فغرف) عليه الصلاة والسلام ( بيديه) من فيض فضل الله فجعل الحفظ كالشيء الذي يغرف منه ورمى به في ردائه ومثل بذلك في عالم الحس.
( ثم قال) عليه الصلاة والسلام لأبي هريرة: ( ضمه) بالهاء مع ضم الميم تبعًا للضاد وفتحها وهي رواية أبي ذرّ لأن الفتح أخف الحركات وكسرها لأن الساكن إذا حرك حرك بالكسر وفك الإدغام فيصير اضممه والهاء فيه ترجع إلى الحديث، كما يدل عليه قوله في غير الصحيح فغرف بيده ثم قال: ضم الحديث، وعند المصنف في بعض طرقه: لن يبسط أحدكم ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه ثم يجمعها إلى صدره، وقد وقع في جامع الترمذي وحلية أبي نعيم التصريح بهذه المقالة المبهمة في حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ما من رجل يسمع كلمة أو كلمتين مما فرض الله تعالى عليه فيتعلمهن ويعلمهن إلا دخل الجنة".
ووقع في رواية الكشميهني وعزاها في الفرع للحموي والمستملي ضم بغير هاء.
قال أبو هريرة: ( فضممته فما نسيت شيئًا بعده) أي بعد الضم وفي رواية الأكثر بعد مقطوع عن الإضافة مبني على الضم وتنكير شيئًا بعد النفي ظاهر العموم في عدم النسيان منه لكل شيء في الحديث وغيره لأن النكرة في سياق النفي تدل عليه، لكن وقع في رواية ابن عيينة وغيره عن الزهري في الحديث السابق ما نسيت شيئًا سمعته منه وعند مسلم من رواية يونس فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئًا حدّثني به وهو يقتضي تخصيص عدم النسيان بالحديث، وأخصُّ منه ما جاء في رواية شعيب حيث قال: فما نسيت من مقالته تلك شيئًا، فإنه يفهم تخصيص عدم النسيان بهذه المقالة فقط.
لكن سياق الكلام يقتضي ترجيح رواية يونس ومن وافقه لأن أبا هريرة نبّه به على كثرة محفوظه من الحديث فلا يصح حمله على تلك المقالة وحدها، ويحتمل أن يكون وقعت له قضيتان، فالتي رواها الزهري مختصة بتلك المقالة، والتي رواها سعيد المقبري عامّة، هكذا قرره في فتح الباري وهذا من المعجزات الظاهرات حيث رفع -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أبي هريرة النسيان الذي هو من لوازم الإنسان حتى قيل إنه مشتق منه، وحصول هذا في بسط الرداء الذي ليس للعقل فيه مجال.
وبه قال: ( حدّثنا إبراهيم بن المنذر) بالذال المعجمة وسبق في أوّل كتاب العلم ( قال: أخبرنا ابن أبي فديك) بضم الفاء وفتح الدال المهملة وهو أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل بن أبي فديك واسم أبي فديك دينار المدني الليثي، المتوفى سنة مائتين، وابن أبي فديك يرويه عن ابن أبي ذئب كما عند المؤلف في علامات النبوّة ( بهذا) أي بهذا الحديث ( أو قال) وفي رواية الكشميهني وقال: ( غرف بيده فيه) بالإفراد مع زيادة فيهوالضمير للثوب، وللمستملي وحده يحذف فيه بالحاء المهملة والذال المعجمة والفاء من الحذف وهو الرمي، لكن حديث علامات النبوّة المنبّه عليه فيما سبق ليس فيه إلا الغرف، وبه استوضح الحافظ ابن حجر على أن يحذف تصحيف مع ما استشهد به مما في طبقات ابن سعد عن ابن أبي فديك حيث قال: فغرف.
وتعقبه العيني بأن ما قاله لا يكون دليلاً لما ادّعاه من التصحيف، ولو كان كذلك لنبّه عليه صاحب المطالع، وأجيب بأنه لا يلزم من كون صاحب المطالع لم ينبّه عليه أن لا يكون تصحيفًا انتهى.
لكن يبقى طلب الدليل على كونه تصحيفًا فافهم، وهذا المذكور من قوله: حدّثنا إبراهيم بن المنذر إلى آخر قوله فغرف أو يحذف بيده فيه ساقط في رواية أبي ذر والأصيلي والمستملي وابن عساكر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [118] حدّثنا عَبْدُ العَزِيز بنُ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: حدّثني مَالِكٌ عَن ابنِ شِهَابٍ عَن الأَعْرَجبَيَان الْمعَانِي: قَوْله: ( أَكثر أَبُو هُرَيْرَة) أَي من رِوَايَة الحَدِيث.
وَهُوَ من بَاب حِكَايَة كَلَام النَّاس أَو وضع الْمظهر مَوضِع الْمُضمر، إِذْ حق الظَّاهِر أَن يَقُول: أكثرت، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الْبيُوع من طَرِيق شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ: ( أَكثر أَبُو هُرَيْرَة من الحَدِيث) .
وَفِي رِوَايَته وَفِي الْمُزَارعَة من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن سعد عَن الزُّهْرِيّ هُنَا، زِيَادَة وَهِي: ( وَيَقُولُونَ مَا للمهاجرين وَالْأَنْصَار لَا يحدثُونَ مثل أَحَادِيثه؟) وَهَذِه الزِّيَادَة تدلك على النُّكْتَة فِي ذكر أبي هُرَيْرَة الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار.
قَوْله: ( لَوْلَا آيتان) المُرَاد من الْآيَتَيْنِ { إِن الَّذين يكتمون} ( الْبَقَرَة: 159 و 174) إِلَى آخر الْآيَتَيْنِ، وَالْمعْنَى: لَوْلَا أَن الله تَعَالَى ذمّ الكاتمين للْعلم لما حدثتكم أصلا، لَكِن لما كَانَ الكتمان حَرَامًا وَجب الْإِظْهَار والتبليغ، فَلهَذَا حصل مني الْإِكْثَار لِكَثْرَة مَا عِنْدِي مِنْهُ.
ثمَّ ذكر سَبَب الْكَثْرَة بقوله: ( إِن إِخْوَاننَا) إِلَى آخِره.
قَوْله: ( ثمَّ يَتْلُو) أَي: قَالَ الْأَعْرَج: ثمَّ يَتْلُو أَبُو هُرَيْرَة، وَذكر بِلَفْظ الْمُضَارع استحضارا لصورة التِّلَاوَة كَأَنَّهُ فِيهَا.
قَوْله: ( إِن إِخْوَاننَا) : الإخوان جمع أَخ، هَذَا يدل على أَن أصل أَخ: أَخُو، بِالتَّحْرِيكِ، وَيجمع أَيْضا على: آخاء، مثل: آبَاء.
والذاهب مِنْهُ وَاو.
وعَلى: إخْوَة بِالضَّمِّ عَن الْفراء، وَفِيه سؤالان: الأول: كَانَ حق الظَّاهِر أَن يَقُول: إِن إخوانه، ليرْجع الضَّمِير إِلَى أبي هُرَيْرَة.
وَأجِيب: بِأَنَّهُ عدل عَنهُ لغَرَض الِالْتِفَات، وَهُوَ فن من محَاسِن الْكَلَام.
الثَّانِي: قَالَ: إِخْوَاننَا، وَلم يقل: إخْوَانِي.
وَأجِيب: لِأَنَّهُ قصد نَفسه وَأَمْثَاله من أهل الصّفة، وَالْمرَاد الإخوان فِي الْإِسْلَام لَا فِي النّسَب، وَالْمرَاد من: ( الْمُهَاجِرين) ، الَّذين هَاجرُوا من مَكَّة إِلَى رَسُول الله، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، وَمن ( الْأَنْصَار) أَصْحَاب الْمَدِينَة الَّذين آووا رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، ونصروه بِأَنْفسِهِم وَأَمْوَالهمْ.
قَوْله: ( الْعَمَل فِي أَمْوَالهم) يُرِيد بِهِ: الزِّرَاعَة وَالْعَمَل فِي الْغِيطَان.
وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( كَانَ يشغلهم عمل أَرضهم) .
وَفِي رِوَايَة ابْن سعد: ( كَانَ يشغلهم الْقيام على أراضيهم) .
قَوْله: ( وَإِن أَبَا هُرَيْرَة) فِيهِ الْتِفَات أَيْضا، لِأَن حق الظَّاهِر أَن يَقُول: وَإِنِّي.
قَوْله: ( بشبع بَطْنه) يَعْنِي أَنه كَانَ يلازم قانعا بالقوت لَا مشتغلاً بِالتِّجَارَة وَلَا بالزارعة، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الْبيُوع: ( كنت امْرأ مِسْكينا من مَسَاكِين الصّفة) .
قَوْله: ( ويحضر) بِالرَّفْع عطفا على قَوْله: ( يلْزم) ، وَيجوز بِالنّصب أَيْضا على رِوَايَة من روى: ليشبع بَطْنه، بلام كي، و: يشْبع، بِصُورَة الْمُضَارع إِن صحت هَذِه الرِّوَايَة.
قَوْله: ( مَا لَا يحْضرُون) أَي: من أَحْوَال الرَّسُول، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، و ( يحفظ مَا لَا يحفظون) من أَقْوَاله، وَهَذَا إِشَارَة إِلَى المسموعات وَذَاكَ إِشَارَة إِلَى المشاهدات.
لَا يُقَال: هَذَا الحَدِيث يُعَارضهُ مَا تقدم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: ( مَا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحد أَكثر حَدِيثا عَنهُ مني إِلَّا مَا كَانَ من عبد الله بن عَمْرو فَإِنَّهُ كَانَ يكْتب وَلَا أكتب) ، لأَنا نقُول: إِن عبد الله كَانَ أَكثر تحملاً، وَأَبُو هُرَيْرَة كَانَ أَكثر رِوَايَة.
فَإِن قلت: كَيفَ يكون الْأَكْثَر تحملاً وَهُوَ دَاخل تَحت عُمُوم الْمُهَاجِرين؟ قلت: هُوَ أَكثر من جِهَة ضَبطه بِالْكِتَابَةِ وتقييده بهَا، وَأَبُو هُرَيْرَة أَكثر من جِهَة مُطلق السماع.
بَيَان استنباط الْأَحْكَام: فِيهِ: حفظ الْعلم والمواظبة على طلبه.
وَفِيه: فَضِيلَة أبي هُرَيْرَة وَفضل التقلل من الدُّنْيَا وإيثار طلب الْعلم على طلب المَال.
وَفِيه: جَوَاز الْإِخْبَار عَن نَفسه بفضيلته إِذا اضْطر إِلَى ذَلِك وَأمن الْإِعْجَاب.
وَفِيه: جَوَاز إكثار الْأَحَادِيث وَجَوَاز التِّجَارَة وَالْعَمَل وَجَوَاز الِاقْتِصَار على الشِّبَع، وَقد تكون مندوبات، وَقد تكون وَاجِبَات بِحَسب الْأَشْخَاص والأوقات.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ حِفْظِ الْعِلْمِ)
لَمْ يَذْكُرْ فِي الْبَابِ شَيْئًا عَنْ غَيْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ أَحْفَظَ الصَّحَابَةِ لِلْحَدِيثِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَحْفَظُ مَنْ روى الحَدِيث فِي عصره وَقد كَانَ بن عُمَرَ يَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ فِي جِنَازَتِهِ وَيَقُولُ كَانَ يَحْفَظُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم رَوَاهُ بن سَعْدٍ وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ مِنَ الْبَابِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْ بِجَمِيعِ مَحْفُوظِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمَوْجُودُ مِنْ حَدِيثِهِ أَكْثَرُ مِنَ الْمَوْجُودِ مِنْ حَدِيثِ غَيْرِهِ مِنَ الْمُكْثِرِينَ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَقْدِيمِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَلَى نَفْسِهِ فِي كَثْرَةِ الْحَدِيثِ لِأَنَّا قَدَّمْنَا الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ الثَّانِيَ مِنَ الْبَابِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْسَ شَيْئًا سَمِعَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ مِثْلُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ

[ قــ :117 ... غــ :118] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ هُوَ الْأُوَيْسِيُّ الْمَدَنِيُّ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَيْ مِنَ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْبُيُوعِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَهُ فِيهِ وَفِي الْمُزَارَعَةِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ هُنَا زِيَادَةٌ وَهِيَ وَيَقُولُونَ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ وَبِهَا تَبِينُ الْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ وَوَضْعِهِ الْمُظْهَرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ عَلَى طَرِيقِ الْحِكَايَةِ حَيْثُ قَالَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَقُلْ أَكْثَرْتُ .

     قَوْلُهُ  وَلَوْلَا آيَتَانِ مَقُولُ قَالَ لَا مَقُولُ يَقُولُونَ وَقَولُهُ ثُمَّ يَتْلُو مَقُولَ الْأَعْرَجِ وَذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ اسْتِحْضَارًا لِصُورَةِ التِّلَاوَةِ وَمَعْنَاهُ لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ ذَمَّ الْكَاتِمِينَ لِلْعِلْمِ مَا حَدَّثَ أَصْلًا لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْكِتْمَانُ حَرَامًا وَجَبَ الْإِظْهَارُ فَلِهَذَا حَصَلَتِ الْكَثْرَةُ لِكَثْرَةِ مَا عِنْدَهُ ثُمَّ ذَكَرَ سَبَبَ الْكَثْرَةِ بِقَوْلِهِ إِنَّ إِخْوَانَنَا وَأَرَادَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ نَفْسَهُ وَأَمْثَالَهُ وَالْمُرَادُ بِالْأُخُوَّةِ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ .

     قَوْلُهُ  يَشْغَلُهُمْ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ وَحُكِيَ ضَمُّهُ وَهُوَ شَاذٌّ .

     قَوْلُهُ  الصَّفْقُ بِإِسْكَانِ الْفَاءِ هُوَ ضَرْبُ الْيَدِ عَلَى الْيَدِ وَجَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ عِنْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ .

     قَوْلُهُ  فِي أَمْوَالِهِمْ أَيِ الْقِيَامِ عَلَى مَصَالِحِ زَرْعِهِمْ وَلِمُسْلِمٍ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَرَضِيهِمْ وَلِابْنِ سَعْدٍ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الْقِيَامُ عَلَى أَرَضِيهِمْ .

     قَوْلُهُ  وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ فِيهِ الْتِفَاتٌ إِذْ كَانَ نَسَقَ الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ وَإِنِّي .

     قَوْلُهُ  لِشِبَعٍ بِلَامِ التَّعْلِيلِ لِلْأَكْثَرِ وَهُوَ الثَّابِتُ فِي غَيْرِ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا وَلِلْأَصِيلِيِّ بِشِبَعِ بِمُوَحَّدَةٍ أَوَّلَهُ وَزَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبُيُوعِ وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا مِنْ مَسَاكِينِ الصُّفَّةِ .

     قَوْلُهُ  وَيَحْضُرُ أَيْ مِنَ الْأَحْوَالِ وَيَحْفَظُ أَيْ مِنَ الْأَقْوَالِ وَهُمَا مَعْطُوفَانِ عَلَى قَوْلِهِ يَلْزَمُ وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ شَاهِدًا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا وَلَفْظُهُ لَا أَشُكُّ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا نَسْمَعُ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مِسْكِينًا لَا شَيْءَ لَهُ ضَيْفًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ قَعَدَ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ مَشْيَخَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَجَعَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَدِيثِ فَلَا يَعْرِفُهُ بَعْضُهُمْ فَيُرَاجِعُونَ فِيهِ حَتَّى يَعْرِفُوهُ ثُمَّ يُحَدِّثُهُمْ بِالْحَدِيثِ كَذَلِكَ حَتَّى فَعَلَ مِرَارًا فَعَرَفْتُ يَوْمَئِذٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَحْفَظُ النَّاسِ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيّ عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْرَفَنَا بِحَدِيثِهِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ وَاخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الزُّهْرِيِّ فَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْهُ هَكَذَا وَوَافَقَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَرَوَاهُ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَالْإِسْنَادَانِ جَمِيعًا مَحْفُوظَانِ صَحَّحَهُمَا الشَّيْخَانِ وَزَادُوا فِي رِوَايَتِهِمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ شَيْئًا سَنَذْكُرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الثَّانِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب حِفْظِ الْعِلْمِ
هذا( باب حفظ العلم) وسقط لفظ باب للأصيلي.



[ قــ :117 ... غــ : 118 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ.
وَلَوْلاَ آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا.
ثُمَّ يَتْلُو { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ -إِلَى قَوْلِهِ تعالى- الرَّحِيمُ} .
إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وِإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الْعَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشِبَعِ بَطْنِهِ، وَيَحْضُرُ مَا لاَ يَحْضُرُونَ، وَيَحْفَظُ مَا لاَ يَحْفَظُونَ.
[الحديث 118 - أطرافه في: 119، 2047، 2350، 3648، 7354] .

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) أي الأويسي المدني ( قال: حدّثني) بالتوحيد ( مالك) هو ابن أنس إمام الأئمة ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( قال) :
( إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة) أي الحديث كما في البيوع وهو حكاية كلام الناس وإلاّ لقال أكثرت.
زاد المصنف في رواية في الزراعة ويقولون ما للمهاجرين والأنصار لا يحدّثون مثل أحاديثه، ( ولولا آيتان) موجودتان ( في كتاب الله) تعالى ( ما) أي لما ( حدّثت حديثًا) .
قال الأعرج ( ثم يتلو) أبو هريرة: { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} إلى قوله تعالى: ( { الرَّحِيمِ} )

[البقرة: 159] وعبّر بالمضارع في قوله: ويتلو استحضارًا لصورة التلاوة، والمعنى لولا أن الله تعالى ذم الكاتمين للعلم لما حدّثتكم أصلاً، لكن لما كان الكتمان حرامًا وجب الإظهار، فلذلك حصلت الكثرة عنده، ثم ذكر سبب الكثرة بقوله: ( إن إخواننا) جمع أخ ولم يقل إخوانه ليعود الضمير على أبي هريرة لغرض الالتفات وعدل عن الإفراد إلى الجمع لقصد نفسه وأمثاله من أهل الصفة وحذف العاطف على جعله جملة استئنافية كالتعليل للإكثار جوابًا للسؤال عنه، والمراد أخوّة الإسلام ( من المهاجرين) الذين هاجروا من مكة إلى المدينة ( كان يشغلهم) بفتح أوّله وثالثه من الثلاثي، وحكي ضم أوّله من الرباعي وهو شاذ ( الصفق بالأسواق) بفتح الصاد وإسكان الفاء كناية عن التبايع لأنهم
كانوا يضربون فيه يدًا بيد عند المعاقدة وسميت السوق لقيام الناس فيها على سوقهم، ( وإن إخواننا من الأنصار) الأوس والخزرج ( كان يشغلهم العمل في أموالهم) أي القيام على مصالح زرعهم ( وإن أبا هريرة) عدل عن قوله: وإني لقصد الالتفات ( كان يلزم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بشبع بطنه) كذا للأصيلي بموحدة في أوّله، وفي رواية الأربعة باللام وكلاهما للتعليل أي لأجل شبع بطنه وهو بكسر الشين المعجمة وفتح الموحدة.
وعن ابن دريد إسكانها وعن غيره الإسكان اسم لما أشبعك من الشيء، وفي رواية ابن عساكر في نسخة ليشبع بطنه بلام كي ويشبع بصورة المضارع المنصوب، والمعنى أنه كان يلازم قانعًا بالقوت لا يتجر ولا يزرع، ( ويحضر ما لا يحضرون) من أحوال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنه يشاهد ما لا يشاهدون، ( ويحفظ ما لا يحفظون) من أقواله لأنه يسمع ما لا يسمعون.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ حِفْظِ العِلْمِ)

أَي هَذَا بابُُ فِي بَيَان حفظ الْعلم.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن من يسمر بِالْعلمِ فَمَا يسمر لأجل الْحِفْظ غَالِبا، وَذكر هَذَا الْبابُُ عقيب ذَلِك مُنَاسِب.



[ قــ :117 ... غــ :118 ]
- حدّثنا عَبْدُ العَزِيز بنُ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: حدّثني مَالِكٌ عَن ابنِ شِهَابٍ عَن الأَعْرَج ِ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: إنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: أكْثَرَ أبُو هُرَيْرَةَ، ولوْلاَ آيَتَانِ فِي كِتابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثا، ثُمَّ يَتْلُو: { إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ والهُدَى إلَى قَوْلهِ الرَّحْيمُ} ( الْبَقَرَة: 159 و 174) إنَّ إخْوَانَنَا مِنَ المُهَاجِرينَ كانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بالأَسْوَاقِ، وإنَّ إخْوَانَنَا مِنَ الأَنْصَارِ كانَ يَشْغَلُهُمُ العَمَلُ فِي أمْوَالِهِمْ وإنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كانَ يَلْزِمُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بشبَعِ بَطْنِهِ وَيَحْضُرُ مَا لَا يَحْضُرُونَ ويَحْفَظُ مَا لَا يَحْفَظُونَ..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( ويحفظ مَا لَا يحفظون) .
وَقَوله: ( أَكثر أَبُو هُرَيْرَة) لِأَن الْإِكْثَار لَا يكون إلاَّ عَن حفظ.

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة قد ذكرُوا كلهم، وَابْن شهَاب: هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، والأعرج: هُوَ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.
وَقَالُوا: يجوز ذكر الرَّاوِي بلقبه أَو صفته الَّتِي يكرهها إِذا كَانَ المُرَاد تَعْرِيفه لَا نَقصه، كَمَا يجوز جرحهم للْحَاجة.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: وَمِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْإِفْرَاد والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم مدنيون.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمُزَارعَة عَن إِبْرَاهِيم، وَفِي الِاعْتِصَام عَن عَليّ عَن سُفْيَان.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن قُتَيْبَة وَأبي بكر وَزُهَيْر عَن سُفْيَان، وَعَن عبد الله بن جَعْفَر عَن يحيى عَن مَالك، وَعَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر، كلهم عَن الزُّهْرِيّ وَله طرق من غير رِوَايَة الْأَعْرَج.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور عَن سُفْيَان بِهِ، وَعَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم عَن إِسْحَاق بن عِيسَى عَن مَالك بِهِ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي السّنة عَن أبي مَرْوَان العثماني عَن إِبْرَاهِيم بن سعد بِهِ مُخْتَصرا.

بَيَان اللُّغَات وَالْإِعْرَاب: قَوْله: ( إِن النَّاس) مقول: قَالَ.
وَقَوله: ( يَقُولُونَ) جملَة فِي مَحل الرّفْع خبر: إِن، قَوْله: ( أَكثر أَبُو هُرَيْرَة) جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل مقول يَقُولُونَ.
قَوْله: ( وَلَوْلَا آيتان) مقول.
قَالَ، لَا مقول: يَقُولُونَ.
وَحذف اللَّام من جَوَاب لَوْلَا وَهُوَ جَائِز، وَالْأَصْل: لَوْلَا آيتان موجودتان فِي كتاب الله لما حدثت.
قَوْله: ( حَدِيثا) نصب على المفعولية.
قَوْله: ( ثمَّ يَتْلُو) مقول: الْأَعْرَج، وَفِي بعض النّسخ: ( ثمَّ تَلا) .
قَوْله: ( إِن إِخْوَاننَا) اسْتِئْنَاف كالتعليل للإكثار، كأنّ سَائِلًا سَأَلَ: لم كَانَ أَبُو هُرَيْرَة مكثرا دون غَيره من الصَّحَابَة؟ فَأجَاب بقوله: ( لِأَن إِخْوَاننَا) كَذَا وَكَذَا، فلأجل ذَلِك ترك العاطف بَين الجملتين.
قَوْله: ( من الْمُهَاجِرين) كلمة: من، بَيَانِيَّة.
قَوْله: ( كَانَ يشغلهم الصفق) جملَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر: إِن.
وَقَوله: ( يشغلهم) من بابُُ: شغل يشغل كفتح يفتح بِفَتْح، عين الْفِعْل فيهمَا من الشّغل، وَيُقَال بِضَم حرف المضارعة من الإشغال، وَهُوَ غَرِيب.
وَفِي ( الْعبابُ) يُقَال شغلته أشغله..
     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: لَا يُقَال أشغلته..
     وَقَالَ  ابْن فَارس: لَا يكادون يَقُولُونَ: أشغلت، وَهُوَ جَائِز..
     وَقَالَ  اللَّيْث: اشتغلت أَنا، وَالْفِعْل اللَّازِم: اشْتغل..
     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم وَابْن دُرَيْد: لَا يُقَال: اشْتغل..
     وَقَالَ  ابْن فَارس فِي ( المقاييس) : جَاءَ عَنْهُم: اشْتغل فلَان بالشَّيْء وَهُوَ مشتغل.
وَقَوله: ( الصفق) بِالرَّفْع فَاعل: يشغل، وَهُوَ بِفَتْح الصَّاد كِنَايَة عَن التبايع.
يُقَال: صفقت لَهُ بِالْبيعِ صفقا، أَي: ضربت يَدي على يَده للْعقد.
قَالَ الْهَرَوِيّ: يُقَال: أصفق الْقَوْم على الْأَمر، وصفقوا بِالْبيعِ والبيعة..
     وَقَالَ  غَيره: أَصله من تصفيق الْأَيْدِي بَعْضهَا على بعض من المتابعين، أَي: عاقدي الْبيعَة عِنْد عقدهم، والسوق يؤنث وَيذكر، سميت بِهِ لقِيَام النَّاس فِيهَا على سوقهم.
قَوْله: ( بشبع بَطْنه) بِالْبَاء الْمُوَحدَة فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، وَفِي رِوَايَة غَيره: ( لشبع بَطْنه) بِاللَّامِ، وَهُوَ الثَّابِت فِي غير البُخَارِيّ أَيْضا، وَكِلَاهُمَا للتَّعْلِيل، أَي: لأجل شبع بَطْنه، وَرُوِيَ: ليشبع بَطْنه، بلام كي، ويشبع، يصيغة الْمُضَارع الْمَنْصُوب، والشبع، بِكَسْر الشين وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة.
وَفِي ( الْعبابُ) : الشِّبَع مِثَال عِنَب، والشبع بِالْفَتْح، وَهَذِه عَن ابْن عباد، نقيض الْجُوع.
يُقَال: شبعت خبْزًا وَلَحْمًا، وَمن خبز وَلحم شبعاً، وَهُوَ من مصَادر الطبائع..
     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: الشِّبَع والشبع بِإِسْكَان الْبَاء وتحريكها..
     وَقَالَ  غَيره: الشِّبَع بالإسكان اسْم مَا أشبعك من شَيْء.
وَفِي الحَدِيث: ( آجر مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَفسه من شُعَيْب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بشبع بَطْنه وعفة فرجه) .
قَوْله: ( مَا لَا يحْضرُون) ، فِي مَحل النصب على أَنه مفعول: ( يحضر) وَكَذَلِكَ قَوْله ( مَا لَا يحفظون) مفعول ( يحفظ) .
بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: ( أَكثر أَبُو هُرَيْرَة) أَي من رِوَايَة الحَدِيث.
وَهُوَ من بابُُ حِكَايَة كَلَام النَّاس أَو وضع الْمظهر مَوضِع الْمُضمر، إِذْ حق الظَّاهِر أَن يَقُول: أكثرت، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الْبيُوع من طَرِيق شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ: ( أَكثر أَبُو هُرَيْرَة من الحَدِيث) .
وَفِي رِوَايَته وَفِي الْمُزَارعَة من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن سعد عَن الزُّهْرِيّ هُنَا، زِيَادَة وَهِي: ( وَيَقُولُونَ مَا للمهاجرين وَالْأَنْصَار لَا يحدثُونَ مثل أَحَادِيثه؟) وَهَذِه الزِّيَادَة تدلك على النُّكْتَة فِي ذكر أبي هُرَيْرَة الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار.
قَوْله: ( لَوْلَا آيتان) المُرَاد من الْآيَتَيْنِ { إِن الَّذين يكتمون} ( الْبَقَرَة: 159 و 174) إِلَى آخر الْآيَتَيْنِ، وَالْمعْنَى: لَوْلَا أَن الله تَعَالَى ذمّ الكاتمين للْعلم لما حدثتكم أصلا، لَكِن لما كَانَ الكتمان حَرَامًا وَجب الْإِظْهَار والتبليغ، فَلهَذَا حصل مني الْإِكْثَار لِكَثْرَة مَا عِنْدِي مِنْهُ.
ثمَّ ذكر سَبَب الْكَثْرَة بقوله: ( إِن إِخْوَاننَا) إِلَى آخِره.
قَوْله: ( ثمَّ يَتْلُو) أَي: قَالَ الْأَعْرَج: ثمَّ يَتْلُو أَبُو هُرَيْرَة، وَذكر بِلَفْظ الْمُضَارع استحضارا لصورة التِّلَاوَة كَأَنَّهُ فِيهَا.
قَوْله: ( إِن إِخْوَاننَا) : الإخوان جمع أَخ، هَذَا يدل على أَن أصل أَخ: أَخُو، بِالتَّحْرِيكِ، وَيجمع أَيْضا على: آخاء، مثل: آبَاء.
والذاهب مِنْهُ وَاو.
وعَلى: إخْوَة بِالضَّمِّ عَن الْفراء، وَفِيه سؤالان: الأول: كَانَ حق الظَّاهِر أَن يَقُول: إِن إخوانه، ليرْجع الضَّمِير إِلَى أبي هُرَيْرَة.
وَأجِيب: بِأَنَّهُ عدل عَنهُ لغَرَض الِالْتِفَات، وَهُوَ فن من محَاسِن الْكَلَام.
الثَّانِي: قَالَ: إِخْوَاننَا، وَلم يقل: إخْوَانِي.
وَأجِيب: لِأَنَّهُ قصد نَفسه وَأَمْثَاله من أهل الصّفة، وَالْمرَاد الإخوان فِي الْإِسْلَام لَا فِي النّسَب، وَالْمرَاد من: ( الْمُهَاجِرين) ، الَّذين هَاجرُوا من مَكَّة إِلَى رَسُول الله، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، وَمن ( الْأَنْصَار) أَصْحَاب الْمَدِينَة الَّذين آووا رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، ونصروه بِأَنْفسِهِم وَأَمْوَالهمْ.
قَوْله: ( الْعَمَل فِي أَمْوَالهم) يُرِيد بِهِ: الزِّرَاعَة وَالْعَمَل فِي الْغِيطَان.
وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( كَانَ يشغلهم عمل أَرضهم) .
وَفِي رِوَايَة ابْن سعد: ( كَانَ يشغلهم الْقيام على أراضيهم) .
قَوْله: ( وَإِن أَبَا هُرَيْرَة) فِيهِ الْتِفَات أَيْضا، لِأَن حق الظَّاهِر أَن يَقُول: وَإِنِّي.
قَوْله: ( بشبع بَطْنه) يَعْنِي أَنه كَانَ يلازم قانعا بالقوت لَا مشتغلاً بِالتِّجَارَة وَلَا بالزارعة، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الْبيُوع: ( كنت امْرأ مِسْكينا من مَسَاكِين الصّفة) .
قَوْله: ( ويحضر) بِالرَّفْع عطفا على قَوْله: ( يلْزم) ، وَيجوز بِالنّصب أَيْضا على رِوَايَة من روى: ليشبع بَطْنه، بلام كي، و: يشْبع، بِصُورَة الْمُضَارع إِن صحت هَذِه الرِّوَايَة.
قَوْله: ( مَا لَا يحْضرُون) أَي: من أَحْوَال الرَّسُول، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، و ( يحفظ مَا لَا يحفظون) من أَقْوَاله، وَهَذَا إِشَارَة إِلَى المسموعات وَذَاكَ إِشَارَة إِلَى المشاهدات.
لَا يُقَال: هَذَا الحَدِيث يُعَارضهُ مَا تقدم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: ( مَا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحد أَكثر حَدِيثا عَنهُ مني إِلَّا مَا كَانَ من عبد الله بن عَمْرو فَإِنَّهُ كَانَ يكْتب وَلَا أكتب) ، لأَنا نقُول: إِن عبد الله كَانَ أَكثر تحملاً، وَأَبُو هُرَيْرَة كَانَ أَكثر رِوَايَة.
فَإِن قلت: كَيفَ يكون الْأَكْثَر تحملاً وَهُوَ دَاخل تَحت عُمُوم الْمُهَاجِرين؟ قلت: هُوَ أَكثر من جِهَة ضَبطه بِالْكِتَابَةِ وتقييده بهَا، وَأَبُو هُرَيْرَة أَكثر من جِهَة مُطلق السماع.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام: فِيهِ: حفظ الْعلم والمواظبة على طلبه.
وَفِيه: فَضِيلَة أبي هُرَيْرَة وَفضل التقلل من الدُّنْيَا وإيثار طلب الْعلم على طلب المَال.
وَفِيه: جَوَاز الْإِخْبَار عَن نَفسه بفضيلته إِذا اضْطر إِلَى ذَلِك وَأمن الْإِعْجَاب.
وَفِيه: جَوَاز إكثار الْأَحَادِيث وَجَوَاز التِّجَارَة وَالْعَمَل وَجَوَاز الِاقْتِصَار على الشِّبَع، وَقد تكون مندوبات، وَقد تكون وَاجِبَات بِحَسب الْأَشْخَاص والأوقات.