هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1199 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ المُنْكَدِرِ ، قَالَ : سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : لَمَّا قُتِلَ أَبِي جَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ أَبْكِي ، وَيَنْهَوْنِي عَنْهُ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَنْهَانِي ، فَجَعَلَتْ عَمَّتِي فَاطِمَةُ تَبْكِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَبْكِينَ أَوْ لاَ تَبْكِينَ مَا زَالَتِ المَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ تَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ ، سَمِعَ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1199 حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا غندر ، حدثنا شعبة ، قال : سمعت محمد بن المنكدر ، قال : سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، قال : لما قتل أبي جعلت أكشف الثوب عن وجهه أبكي ، وينهوني عنه ، والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينهاني ، فجعلت عمتي فاطمة تبكي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تبكين أو لا تبكين ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه تابعه ابن جريج ، أخبرني محمد بن المنكدر ، سمع جابرا رضي الله عنه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : لَمَّا قُتِلَ أَبِي جَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ أَبْكِي ، وَيَنْهَوْنِي عَنْهُ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَنْهَانِي ، فَجَعَلَتْ عَمَّتِي فَاطِمَةُ تَبْكِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَبْكِينَ أَوْ لاَ تَبْكِينَ مَا زَالَتِ المَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ.

Narrated Jabir bin `Abdullah:

When my father was martyred, I lifted the sheet from his face and wept and the people forbade me to do so but the Prophet (ﷺ) did not forbid me. Then my aunt Fatima began weeping and the Prophet (ﷺ) said, It is all the same whether you weep or not. The angels were shading him continuously with their wings till you shifted him (from the field).

Jâbir ben 'AbdulLâh () dit: «Après que mon père fut tué, je me mis à écarter le voile de son visage et à pleurer.

":"ہم سے محمد بن بشار نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم سے غندر نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہم سے شعبہ نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ میں نے محمد بن منکدر سے سنا ، انہوں نے کہا کہ میں نے جابر بن عبداللہ رضی اللہ عنہما سے سنا ، انہوں نے کہا کہجب میرے والد شہید کر دیئے گئے تو میں ان کے چہرے پر پڑا ہو کپڑا کھولتا اور روتا تھا ۔ دوسرے لوگ تو مجھے اس سے روکتے تھے لیکن نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کچھ نہیں کہہ رہے تھے ۔ آخر میری چچی فاطمہ رضی اللہ عنہا بھی رونے لگیں تو نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ تم لوگ روؤ یا چپ رہو ۔ جب تک تم لوگ میت کو اٹھاتے نہیں ملائکہ تو برابر اس پر اپنے پروں کا سایہ کئے ہوئے ہیں ۔ اس روایت کی متابعت شعبہ کے ساتھ ابن جریج نے کی ، انہیں ابن منکدر نے خبر دی اور انہوں نے جابر رضی اللہ عنہ سے سنا ۔

Jâbir ben 'AbdulLâh () dit: «Après que mon père fut tué, je me mis à écarter le voile de son visage et à pleurer.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1244] .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ جابرٍ وَيَنْهَوْنِي فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَيَنْهَوْنَنِي وَهُوَ أَوْجَهُ وَفَاطِمَةُ عَمَّةُ جَابِرٍ وَهِيَ شَقِيقَةُ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرو وأو فِي قَوْلِهِ تَبْكِينَ أَوْ لَا تَبْكِينَ لِلتَّخْيِيرِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مُكَرَّمٌ بِصَنِيعِ الْمَلَائِكَةِ وَتَزَاحُمِهِمْ عَلَيْهِ لِصُعُودِهِمْ بِرُوحِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَكًّا مِنَ الرَّاوِي وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ قَوْله تَابعه بن جُرَيْجٍ إِلَخْ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ وَأَوَّلُهُ جَاءَ قَوْمِي بِأَبِي قَتِيلًا يَوْم أحد ( قَولُهُ بَابُ الرَّجُلُ يَنْعَى إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ بِنَفسِهِ) كَذَا فِي أَكثر الرِّوَايَات وَوَقع للشكميهني بِحَذْفِ الْمُوَحَّدَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ بِحَذْفِ أَهْلِ فَعَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ يَكُونُ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفًا وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بِنَفْسِهِ لِلرَّجِلِ الَّذِي يَنْعَى الْمَيِّتَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ.

     وَقَالَ  الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ الضَّمِيرُ لِلْمَيِّتِ لِأَنَّ الَّذِي يُنْكَرُ عَادَةً هُوَ نَعْيُ النَّفْسِ لِمَا يَدْخُلُ عَلَى الْقَلْبِ مِنْ هَوْلِ الْمَوْتِ انْتَهَى وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَأَشَارَ الْمُهَلَّبُ إِلَى أَنَّ فِي التَّرْجَمَةِ خَلَلًا قَالَ وَالصَّوَابُ الرَّجُلُ يَنْعَى إِلَى النَّاسِ الْمَيِّتَ بِنَفْسِهِ كَذَا قَالَ وَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا إِلَّا أَنَّهُ أَبْدَلَ لَفْظَ الْأَهْلِ بِالنَّاسِ وَأَثْبَتَ الْمَفْعُولَ الْمَحْذُوفَ وَلَعَلَّهُ كَانَ ثَابِتًا فِي الْأَصْلِ فَسَقَطَ أَوْ حُذِفَ عَمْدًا لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ أَوْ لَفْظُ يُنْعَى بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ الْمَيِّتُ وَالضَّمِيرُ حِينَئِذٍ لَهُ كَمَا قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَيَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْكُشْمِيهَنِيِّ.

.
وَأَمَّا التَّعبِيرُ بِالْأَهْلِ فَلَا خَلَلَ فِيهِ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِهِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْقَرَابَةِ وَهُوَ أُخُوَّةُ الدِّينِ وَهُوَ أَوْلَى مِنَ التَّعْبِيرِ بِالنَّاسِ لِأَنَّهُ يُخْرِجُ مَنْ لَيْسَ لَهُ بِهِ أَهْلِيَّةٌ كَالْكُفَّارِ.

.
وَأَمَّا رِوَايَة الْأصيلِيّ فَقَالَ بن رَشِيدٍ إِنَّهَا فَاسِدَةٌ قَالَ وَفَائِدَةُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ النَّعْيَ لَيْسَ مَمْنُوعًا كُلُّهُ وَإِنَّمَا نُهِيَ عَمَّا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَصْنَعُونَهُ فَكَانُوا يُرْسِلُونَ مَنْ يُعْلِنُ بِخَبَرِ مَوْتِ الْمَيِّتِ على أَبْوَاب الدّور والأسواق.

     وَقَالَ  بن الْمُرَابِطِ مُرَادُهُ أَنَّ النَّعْيَ الَّذِي هُوَ إِعْلَامُ النَّاسِ بِمَوْتِ قَرِيبِهِمْ مُبَاحٌ وَإِنْفَالشَّجَرَةُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ.

.
وَأَمَّا الْبَيْدَاءُ فَهِيَ بِطَرَفِ ذي الحليفة قال القاضي يحمل أَنَّهَا نَزَلَتْ بِطَرَفِ الْبَيْدَاءِ لِتَبْعُدَ عَنِ النَّاسِ وَكَانَ مَنْزِلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ حَقِيقَةً وَهُنَاكَ بَاتَ وَأَحْرَمَ فَسُمِّيَ مَنْزِلُ النَّاسِ كُلِّهِمْ بِاسْمِ مَنْزِلِ إِمَامِهِمْ ( بَابُ بَيَانِ وُجُوهِ الْإِحْرَامِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ إِفْرَادُ الْحَجِّ وَالتَّمَتُّعِ) ( وَالْقِرَانِ وَجَوَازِ إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ ومتى يحل للقارن مِنْ نُسُكِهِ) .

     قَوْلُهُ مْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَّعَ النَّاسَ فِيهَا وَلَمْ يَحُجَّ بَعْدَ الْهِجْرَةِ غَيْرَهَا وَكَانَتْ سَنَةَ عَشْرٍ مِنَ الْهِجْرَةِ.

.
اعْلَمْ أَنَّ أَحَادِيثَ الْبَابِ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى جَوَازِ إِفْرَادِ الْحَجِّ عَنِ الْعُمْرَةِ وَجَوَازِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ.

.
وَأَمَّا النَّهْيُ الْوَارِدُ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَسَنُوَضِّحُ مَعْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْإِفْرَادُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ وَيَفْرُغَ مِنْهُ ثُمَّ يَعْتَمِرَ وَالتَّمَتُّعُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَفْرُغَ مِنْهُ ثُمَّ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ وَالْقِرَانُ أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا جَمِيعًا وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ طَوَافِهَا صَحَّ وَصَارَ قَارِنًا فَلَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فَقَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا لَا يَصِحُّ إِحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيَصِيرُ قَارِنًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ مِنَ الْحَجِّ وَقِيلَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ وَقِيلَ قَبْلَ فِعْلِ فَرْضٍ وَقِيلَ قَبْلَ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ غَيْرِهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ أَيُّهَا أَفْضَلُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَكَثِيرُونَ أَفْضَلُهَا الْإِفْرَادُ ثُمَّ التَّمَتُّعُ ثُمَّ الْقِرَانُ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ وَآخَرُونَ أَفْضَلُهَاالتَّمَتُّعُ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَآخَرُونَ أَفْضَلُهَا الْقِرَانُ وَهَذَانِ الْمَذْهَبَانِ قَوْلَانِ آخَرَانِ لِلشَّافِعِيِّ وَالصَّحِيحُ تَفْضِيلُ الْإِفْرَادِ ثُمَّ التَّمَتُّعِ ثُمَّ الْقِرَانِ.

.
وَأَمَّا حَجَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْتَلَفُوا فِيهَا هَلْ كَانَ مُفْرِدًا أَمْ مُتَمَتِّعًا أَمْ قَارِنًا وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْعُلَمَاءِ بِحَسَبِ مَذَاهِبهِمُ السَّابِقَةِ وَكُلُّ طَائِفَةٌ رَجَّحَتْ نَوْعًا وَادَّعَتْ أَنَّ حَجَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ كَذَلِكَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوَّلًا مُفْرِدًا ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَدْخَلَهَا عَلَى الْحَجِّ فَصَارَ قَارِنًا وَقَدِ اخْتَلَفَتْ رِوَايَاتُ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي صِفَةِ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ هَلْ كَانَ قَارِنًا أَمْ مُفْرِدًا أَمْ مُتَمَتِّعًا وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ رِوَايَاتِهِمْ كَذَلِكَ وَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَهَا مَا ذَكَرْتُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوَّلًا مُفْرِدًا ثُمَّ صَارَ قَارِنًا فَمَنْ رَوَى الْإِفْرَادَ هُوَ الْأَصْلُ وَمَنْ رَوَى الْقِرَانَ اعْتَمَدَ آخِرَ الْأَمْرِ وَمَنْ رَوَى التَّمَتُّعَ أَرَادَ التَّمَتُّعَ اللُّغَوِيَّ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ وَالِارْتِفَاقُ وَقَدِ ارْتَفَقَ بِالْقِرَانِ كَارْتِفَاقِ الْمُتَمَتِّعِ وَزِيَادَةٌ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ وَبِهَذَا الْجَمْعِ تَنْتَظِمُ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ فِي كِتَابٍ صَنَّفَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ خَاصَّةً وَادَّعَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَارِنًا وَتَأَوَّلَ بَاقِي الْأَحَادِيثِ وَالصَّحِيحُ مَا سَبَقَ وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَدِلَّتِهِ وَجَمِيعِ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَكَلَامِ الْعُلَمَاءِ الْمُتَعَلَّقِ بِهَا وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ فِي تَرْجِيحِ الْإِفْرَادِ بِأَنَّهُ صَحَّ ذَلِكَ مِنْ رواية جابر وبن عمر وبن عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ مَزِيَّةٌ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى غَيْرِهِمْ فَأَمَّا جَابِرٌ فَهُوَ أَحْسَنُ الصَّحَابَةِ سِيَاقَةً لِرِوَايَةِ حَدِيثِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَإِنَّهُ ذَكَرَهَا مِنْ حِينِ خُرُوجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى آخِرِهَا فَهُوَ أضبط لها من غيره وأما بن عُمَرَ فَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ آخِذًا بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ رَجَّحَ قَوْلَ أَنَسٍ عَلَى قَوْلِهِ.

     وَقَالَ  كَانَ أَنَسٌ يَدْخُلُ عَلَى النِّسَاءِ وَهُنَّ مُكْشِفَاتٌ الرُّءُوسَ وَإِنِّي كُنْتُ تَحْتَ نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّنِي لُعَابُهَا أَسْمَعُهُ يُلَبِّي بِالْحَجِّ.

.
وَأَمَّا عَائِشَةُ فَقُرْبُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْرُوفٌ وَكَذَلِكَ اطِّلَاعُهَا عَلَى بَاطِنِ أَمْرِهِ وَظَاهِرِهِ وَفِعْلِهِ فِي خَلْوَتِهِ وَعَلَانِيَتِهِ مَعَ كَثْرَةِ فقهها وعظم فطنتها وأما بن عَبَّاسٍ فَمَحَلُّهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ فِي الدِّينِ وَالْفَهْمِ الثَّاقِبِ مَعْرُوفٌ مَعَ كَثْرَةِ بَحْثِهِ وَتَحَفُّظِهِ أَحْوَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي لَمْ يَحْفَظْهَا غَيْرُهُ وَأَخْذُهُ إِيَّاهَا مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَمِنْ دَلَائِلِ تَرْجِيحِ الْإِفْرَادِ أَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدُوا الْحَجَّ وَوَاظَبُواعَلَى إِفْرَادِهِ كَذَلِكَ فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَاخْتَلَفَ فِعْلُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْإِفْرَادُ أَفْضَلَ وَعَلِمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّ مُفْرِدًا لَمْ يُوَاظِبُوا عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُمُ الْأَئِمَّةُ الْأَعْلَامُ وَقَادَةُ الْإِسْلَامِ وَيُقْتَدَى بِهِمْ فِي عَصْرِهِمْ وَبَعْدَهُمْ فَكَيْفَ يَلِيقُ بِهِمُ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى خِلَافِ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

.
وَأَمَّا الْخِلَافُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرِهِ فَإِنَّمَا فَعَلُوهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مَا يُوَضِّحُ ذَلِكَ وَمِنْهَا أَنَّ الْإِفْرَادَ لَا يَجِبُ فِيهِ دَمٌ بِالْإِجْمَاعِ وَذَلِكَ لِكَمَالِهِ وَيَجِبُ الدَّمُ فِي التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَهُوَ دَمُ جُبْرَانٍ لِفَوَاتِ الْمِيقَاتِ وَغَيْرِهِ فكان مالا يَحْتَاجُ إِلَى جَبْرٍ أَفْضَلَ وَمِنْهَا أَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعَتْ عَلَى جَوَازِ الْإِفْرَادِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَكَرِهَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَغَيْرُهُمَا التَّمَتُّعَ وَبَعْضُهُمُ التَّمَتُّعَ وَالْقِرَانَ فَكَانَ الْإِفْرَادُ أَفْضَلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي صِفَةِ حَجَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُخْبِرُ عَنْ مُشَاهَدَةٍ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَمِنْ مُجِيدٍ مُنْصِفٍ وَمِنْ مُقَصِّرٍ مُتَكَلِّفٍ وَمِنْ مُطِيلٍ مُكْثِرٍ وَمِنْ مُقْتَصِرٍ مُخْتَصِرٍ قَالَ وَأَوْسَعُهُمْ فِي ذَلِكَ نَفَسًا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ الْحَنَفِيُّ فَإِنَّهُ تَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ فِي زِيَادَةٍ عَلَى أَلْفِ وَرَقَةٍ وَتَكَلَّمَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ ثُمَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ ثُمَّ الْمُهَلَّبُ وَالْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْمُرَابِطِ وَالْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَصَّارِ الْبَغْدَادِيُّ وَالْحَافِظُ أَبُو عَمْرِو بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُمْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَأَوْلَى مَا يُقَالُ فِي هَذَا عَلَى مَا فَحَصْنَاهُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاخْتَرْنَاهُ مِنَ اخْتِيَارَاتِهِمْ مِمَّا هُوَ أَجْمَعُ لِلرِّوَايَاتِ وَأَشْبَهُ بِمَسَاقِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ لِلنَّاسِ فِعْلَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ لِيَدُلَّ عَلَى جَوَازِ جَمِيعِهَا وَلَوْ أَمَرَ بِوَاحِدٍ لَكَانَ غَيْرُهُ يظن انه لا يجزئ فَأُضِيفَ الْجَمِيعُ إِلَيْهِ وَأَخْبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ وَأَبَاحَهُ لَهُ وَنَسَبَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَّا لِأَمْرِهِ بِهِ وَإِمَّا لِتَأْوِيلِهِ عَلَيْهِ.

.
وَأَمَّا إِحْرَامُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ فَأَخْذَ بِالْأَفْضَلِ فَأَحْرَمَ مُفْرِدًا لِلْحَجِّ وَبِهِ تَظَاهَرَتِ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ.

.
وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ بِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَتِّعًا فَمَعْنَاهَا أَمَرَ بِهِ.

.
وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ بِأَنَّهُ كَانَ قَارِنًا فَإِخْبَارٌ عَنْ حَالَتِهِ الثَّانِيَةِ لَا عَنِ ابْتِدَاءِ إِحْرَامِهِ بَلْ إِخْبَارٌ عَنْ حَالِهِ حِينَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالتَّحَلُّلِ مِنْ حَجِّهِمْ وَقَلَبَهُ إِلَى عُمْرَةٍ لِمُخَالَفَةِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ وَكَانَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ فِي آخِرِ إِحْرَامِهِمْ قَارِنِينَ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ أَدْخَلُوا الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ وَفَعَلَ ذَلِكَ مُوَاسَاةً لِأَصْحَابِهِ وَتَأْنِيسًا لَهُمْ فِي فِعْلِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِكَوْنِهَا كَانَتْ مُنْكَرَةً عِنْدَهُمْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَلَمْ يمكنهالتَّحَلُّلُ مَعَهُمْ بِسَبَبِ الْهَدْيِ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ فِي تَرْكِ مُوَاسَاتِهِمْ فَصَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَارِنًا فِي آخِرِ أَمْرِهِ وَقَدِ اتَّفَقَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَشَذَّ بَعْضُ النَّاسِ فَمَنَعَهُ.

     وَقَالَ  لَا يَدْخُلُ إِحْرَامٌ عَلَى إِحْرَامٍ كَمَا لَا تَدْخُلُ صَلَاةٌ عَلَى صَلَاةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي إِدْخَالِ الْعُمْرَةِ على الحج فجوزه أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَمَنَعَهُ آخَرُونَ وَجَعَلُوا هَذَا خَاصًّا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِضَرُورَةِ الِاعْتِمَارِ حِينَئِذٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَالَ وَكَذَلِكَ يُتَأَوَّلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ كَانَ مُتَمَتِّعًا أَيْ تَمَتَّعَ بِفِعْلِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَفَعَلَهَا مَعَ الْحَجِّ لِأَنَّ لَفْظَ التَّمَتُّعِ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ فَانْتَظَمَتِ الْأَحَادِيثُ وَاتَّفَقَتْ قَالَ وَلَا يَبْعُدُ رَدُّ مَا وَرَدَ عَنِ الصَّحَابَةِ مِنْ فِعْلِ مِثْلِ ذَلِكَ إِلَى مِثْلِ هَذَا مَعَ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهُمْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ مُفْرَدًا فَيَكُونُ الْإِفْرَادُ إِخْبَارًا عَنْ فِعْلِهِمْ أَوَّلًا وَالْقِرَانُ إِخْبَارًا عَنْ إِحْرَامِ الَّذِينَ مَعَهُمْ هَدْيٌ بِالْعُمْرَةِ ثَانِيًا وَالتَّمَتُّعُ لِفَسْخِهِمُ الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ ثُمَّ إِهْلَالِهِمْ بِالْحَجِّ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْهَا كَمَا فَعَلَ كُلُّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا إِنَّهُ أَحْرَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْرَامًا مُطْلَقًا مُنْتَظِرًا مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ إِفْرَادٍ أَوْ تَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ ثُمَّ أُمِرَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أُمِرَ بِالْعُمْرَةِ مَعَهُ فِي وَادِي الْعَقِيقِ بِقَوْلِهِ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ قَالَ الْقَاضِي وَالَّذِي سَبَقَ أَبْيَنُ وَأَحْسَنُ فِي التَّأْوِيلِ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي عِيَاضٍ ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بَعْدَهُ لَا يَصِحُّ قَوْلُ مَنْ قَالَ أَحْرَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْرَامًا مُطْلَقًا مُبْهَمًا لِأَنَّ رِوَايَةَ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مُصَرِّحَةٌ بِخِلَافِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَدْ أَنْعَمَ الشَّافِعِيُّ بِبَيَانِ هَذَا فِي كِتَابِهِ اخْتِلَافُ الْحَدِيثِ وَجودُ الْكَلَامِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَفِي اقْتِصَاصِ كُلِّ مَا قَالَهُ تَطْوِيلٌ وَلَكِنَّ الْوَجِيهَ وَالْمُخْتَصَرَ مِنْ جَوَامِعِ مَا قَالَ أَنَّ مَعْلُومًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ جَوَازُ إِضَافَةِ الْفِعْلِ إِلَى الْأَمْرِ كَجَوَازِ إِضَافَتِهِ إِلَى الْفَاعِلِ كَقَوْلِكَ بَنَى فُلَانٌ دَارًا إِذَا أَمَرَ بِبِنَائِهَا وَضَرَبَ الْأَمِيرُ فُلَانًا إِذَا أَمَرَ بِضَرْبِهِ وَرَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاعِزًا وَقَطَعَ سَارِقَ رداء صَفْوَانَ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِذَلِكَ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمُ الْمُفْرِدُ وَالْمُتَمَتِّعُ وَالْقَارِنُ كُلٌّ مِنْهُمْ يَأْخُذُ عَنْهُ أَمْرَ نُسُكِهِ وَيَصْدُرُ عَنْ تَعْلِيمِهِ فَجَازَ أَنْ تُضَافَ كُلُّهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ أَمَرَ بِهَا وَأَذِنَ فِيهَا قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ سَمِعَهُ يَقُولُ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ فَحَكَى عَنْهُ أَنَّهُ أَفْرَدَ وَخَفِيَ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  وَعُمْرَةٍ فَلَمْ يَحْكِ إِلَّا مَا سَمِعَ وَسَمِعَ أَنَسٌ وَغَيْرُهُ الزِّيَادَةَ وَهِيَ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَلَا يُنْكَرُ قَبُولُ الزِّيَادَةِ وَإِنَّمَايَحْصُلُ التَّنَاقُضُ لَوْ كَانَ الزَّائِدُ نَافِيًا لِقَوْلِ صَاحِبِهِ فَأَمَّا إِذَا كَانَ مُثْبِتًا لَهُ وَزَائِدًا عَلَيْهِ فَلَيْسَ فِيهِ تَنَاقُضٌ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الرَّاوِي سَمِعَهُ يَقُولُ لِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ فَيَقُولُ لَهُ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ عَلَى سَبِيلِ التَّلْقِينِ فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ الْمُخْتَلِفَةُ ظَاهِرًا لَيْسَ فِيهَا تَنَاقُضٌ وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا سَهْلٌ كَمَا ذَكَرْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( من كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ) يُقَالُ هَدْيٌ بِإِسْكَانِ الدَّالِ وتخفيف الياء وهدي بِكَسْرِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ الْأُولَى أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُهْدَى إِلَى الحرم من الأنعام وسوق الهدي سنة لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ قَالَتْ وَلَمْ أُهِلَّ إِلَّا بِعُمْرَةٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْ عَائِشَةَ فِيمَا أَحْرَمَتْ بِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَذَكَرَ مُسْلِمٌ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَيْضًا عَنْهَا خَرَجْنَا لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ وَفِي رِوَايَةِ الْقَاسِمِ عَنْهَا خَرَجْنَا مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ وَفِي رِوَايَةٍ لَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ وَكُلُّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهَا أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ وَفِي رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ عَنْهَا نُلَبِّي لَا نَذْكُرُ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً قَالَ الْقَاضِي وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ فَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَنَا قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ يَتَرَجَّحُ أَنَّهَا كَانَتْ مُحْرِمَةً بِحَجٍّ لِأَنَّهَا رِوَايَةُ عَمْرَةَ وَالْأَسْوَدِ وَالْقَاسِمِ وَغَلَّطُوا عُرْوَةَ فِي الْعُمْرَةِ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ وَرَجَّحُوا رِوَايَةَ غَيْرِ عُرْوَةَ عَلَى رِوَايَتِهِ لِأَنَّ عُرْوَةَ قَالَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زيد عن هاشم عَنْهُ حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا دَعِي عُمْرَتَكِ فَقَدْ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعِ الْحَدِيثَ مِنْهَا قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَيْسَ هَذَا بِوَاضِحٍ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا مِمَّنْ حَدَّثَهُ ذَلِكَ قَالُوا أَيْضًا وَلِأَنَّ رِوَايَةَ عَمْرَةَوَالْقَاسِمِ نَسَّقَتْ عَمَلَ عَائِشَةَ فِي الْحَجِّ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَلِهَذَا قَالَ الْقَاسِمُ عَنْ رِوَايَةِ عَمْرَةَ أَنْبَأَتْكَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ قَالُوا وَلِأَنَّ رِوَايَةَ عُرْوَةَ إِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ إِحْرَامِ عَائِشَةَ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ مُمْكِنٌ فَأَحْرَمَتْ أَوَّلًا بِالْحَجِّ كَمَا صَحَّ عَنْهَا فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ وَكَمَا هُوَ الْأَصَحُّ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ أَحْرَمَتْ بِالْعُمْرَةِ حِينَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ وَهَكَذَا فسره الْقَاسِمُ فِي حَدِيثِهِ فَأَخْبَرَ عُرْوَةُ عَنْهَا بِاعْتِمَارِهَا فِي آخِرِ الْأَمْرِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَوَّلَ أَمْرِهَا قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ تَعَارَضَ هَذَا بِمَا صَحَّ عَنْهَا فِي إِخْبَارِهَا عَنْ فِعْلِ الصَّحَابَةِ وَاخْتِلَافِهِمْ فِي الْإِحْرَامِ وَأَنَّهَا أَحْرَمَتْ هِيَ بِعُمْرَةٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ ثُمَّ فَسَخَتْهُ إِلَى عُمْرَةٍ حِينَ أَمَرَ النَّاسَ بِالْفَسْخِ فَلَمَّا حَاضَتْ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهَا إِتْمَامُ الْعُمْرَةِ وَالتَّحَلُّلُ مِنْهَا وَإِدْرَاكُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ أَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فَأَحْرَمَتْ فَصَارَتْ مُدْخِلَةً لِلْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَقَارِنَةً وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْفُضِي عُمْرَتَكِ لَيْسَ مَعْنَاهُ إِبْطَالُهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَالْخُرُوجُ مِنْهَا فَإِنَّ الْعُمْرَةَ وَالْحَجَّ لَا يَصِحُّ الْخُرُوجُ مِنْهُمَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِالتَّحَلُّلِ بَعْدَ فَرَاغِهَا بَلْ مَعْنَاهُ ارْفُضِي الْعَمَلَ فِيهَا وَإِتْمَامَ أَفْعَالِهَا الَّتِي هِيَ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَتَقْصِيرُ شَعْرِ الرَّأْسِ فَأَمَرَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ وَأَنْ تُحْرِمَ بِالْحَجِّ فَتَصِيرَ قَارِنَةً وَتَقِفَ بِعَرَفَاتٍ وَتَفْعَلَ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَّا الطَّوَافَ فَتُؤَخِّرَهُ حَتَّى تَطْهُرَ وَكَذَلِكَ فَعَلَتْ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَأَمْسِكِي عَنِ الْعُمْرَةِ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِهَذَا التَّأْوِيلِ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ بَعْدَ هَذَا فِي آخِرِ رِوَايَاتِ عَائِشَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ بَهْزٍ عَنْ وُهَيْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا أَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ فَقَدِمَتْ وَلَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى حَاضَتْ فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا وَقَدْ أَهَلَّتْ بِالْحَجِّ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّفْرِ يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ فَأَبَتْ فَبَعَثَ بِهَا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ هَذَا لَفْظُهُ فَ.

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ عُمْرَتَهَا بَاقِيَةٌ صَحِيحَةٌ مُجْزِئَةٌ وَأَنَّهَا لَمْ تُلْغِهَاكَانَ فِيهِ إِدْخَالُ الْكَرْبِ وَالْمَصَائِبِ عَلَى أَهْلِهِ لَكِنْ فِي تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ مَصَالِحٌ جَمَّةٌ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِنَ الْمُبَادَرَةِ لِشُهُودِ جِنَازَتِهِ وَتَهْيِئَةِ أَمْرِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ وَالِاسْتِغْفَارِ وَتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ.

.
وَأَمَّا نَعْيُ الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ سَعِيدُ بن مَنْصُور أخبرنَا بن علية عَن بن عَوْنٍ قَالَ.

.

قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ أَكَانُوا يَكْرَهُونَ النَّعْيَ قَالَ نعم قَالَ بن عَوْنٍ كَانُوا إِذَا تُوُفِّيَ الرَّجُلُ رَكِبَ رَجُلٌ دَابَّةً ثُمَّ صَاحَ فِي النَّاسِ أَنْعِي فُلَانًا وَبِه إِلَى بن عون قَالَ قَالَ بن سِيرِينَ لَا أَعْلَمُ بَأْسًا أَنْ يُؤْذِنَ الرَّجُلُ صَدِيقَهُ وَحَمِيمَهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحْضَ الْإِعْلَامِ بِذَلِكَ لَا يُكْرَهُ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا وَقَدْ كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُشَدِّدُ فِي ذَلِكَ حَتَّى كَانَ حُذَيْفَةُ إِذَا مَاتَ لَهُ الْمَيِّتُ يَقُولُ لَا تُؤْذِنُوا بِهِ أَحَدًا إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ نَعْيًا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ يَنْهَى عَن النعي أخرجه التِّرْمِذِيّ وبن ماجة بِإِسْنَاد حسن قَالَ بن الْعَرَبِيِّ يُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ الْأُولَى إِعْلَامُ الْأَهْلِ وَالْأَصْحَابِ وَأَهْلِ الصَّلَاحِ فَهَذَا سُنَّةٌ الثَّانِيَةُ دَعْوَةُ الْحَفْلِ لِلْمُفَاخَرَةِ فَهَذِهِ تُكْرَهُ الثَّالِثَةُ الْإِعْلَامُ بِنَوْعٍ آخَرَ كَالنِّيَاحَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا يَحْرُمُ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ ثَانِيهِمَا حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ قَتْلِ الْأُمَرَاءِ بِمُؤْتَةَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْمَغَازِي وَوَرَدَ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى زَيْدًا وَجَعْفَرًا الْحَدِيثَ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَجْهُ دُخُولِ قِصَّةِ الْأُمَرَاءِ فِي التَّرْجَمَةِ أَنَّ نَعْيَهُمْ كَانَ لِأَقَارِبِهِمْ وَلِلْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهُمْ مِنْ جِهَةِ الدِّينِ وَوَجْهُ دُخُولِ قِصَّةِ النَّجَاشِيِّ كَوْنُهُ كَانَ غَرِيبًا فِي دِيَارِ قَوْمِهِ فَكَانَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ حَيْثُ الْإِسْلَامِ أَخًا فَكَانُوا أَخَصَّ بِهِ مِنْ قَرَابَتِهِ.

.

قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أَقْرِبَاءِ النَّجَاشِيِّ كَانَ بِالْمَدِينَةِ حِينَئِذٍ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنَ الْحَبَشَةِ كذي مخمر بن أَخِي النَّجَاشِيِّ فَيَسْتَوِي الْحَدِيثَانِ فِي إِعْلَامِ أَهْلِ كل مِنْهُمَا حَقِيقَة ومجازا ( قَوْله بَاب الْإِذْن بالجنازة) قَالَ بن رَشِيدٍ ضَبَطْنَاهُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَضَبَطَهُ بن الْمُرَابِطِ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الذَّالِ عَلَى وَزْنِ الْفَاعِلِ.

.

قُلْتُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَالْمَعْنَى الْإِعْلَامُ بِالْجِنَازَةِ إِذَا انْتَهَى أَمْرُهَا لِيُصَلَّى عَلَيْهَا قِيلَ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ تُغَايِرُ الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْإِعْلَامُ بِالنَّفْسِ وَبِالْغَيْرِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ هِيَ مُرَتَّبَةٌ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّ النَّعْيَ إِعْلَامُ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ عِلْمٌ بِالْمَيِّتِ وَالْإِذْنَ إِعْلَامُ مَنْ عَلِمَ بِتَهْيِئَةِ أَمْرِهِ وَهُوَ حَسَنٌ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ كَنْسِ الْمَسْجِدِ وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ وَاضِحَةٌ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1244] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: "لَمَّا قُتِلَ أَبِي جَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ أَبْكِي، وَيَنْهَوْنِي عَنْهُ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يَنْهَانِي، فَجَعَلَتْ عَمَّتِي فَاطِمَةُ تَبْكِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: تَبْكِينَ أَوْ لاَ تَبْكِينَ، مَا زَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ" تَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرًا -رضي الله عنه-.
[الحديث أطرافه في: 1293، 2816، 4080] .
وبه قال: ( حدّثنا محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة ( قال: حدّثنا غندر) بضم الغين المعجمة، محمد بن جعفر البصري، ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: سمعت محمد بن المنكدر، قال: سمعت جابر بن عبد الله) الأنصاري ( رضي الله عنهما، قال) : ( لما قتل أبي) عبد الله بن عمرو يوم أحد، في شوال سنة ثلاث من الهجرة، وكان المشركون مثلوا به، جدعوا أنفه وأذنيه ( جعلت أكشف الثوب عن وجهه) حال كوني ( أبكي) عليه ( وينهوني) وللكشميهني والأصيلي، وأبي الوقت: ينهونني، بزيادة نون ثانية بعد الواو على الأصل ( عنه) أي: عن البكاء، ولفظة عنه، ساقطة لأبي ذر، ( والنبي، -صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا ينهاني) عنه ( فجعلت عمتي) شقيقة أبي عبد الله بن عمرو ( فاطمة تبكي، فقال النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،) معزيًا لها، ومخبرًا لها بما آل إليه من الخير.
( تبكين أو لا تبكين، ما) ولأبوي: ذر والوقت، والأصيلي: فما ( زالت الملائكة تظله بأجنحتها) مجتمعين عليه، متزاحمين على المبادرة لصعودهم بروحه، وتبشيره بما أعد الله له من الكرامة، أو: أظلوه من الحر لئلا يتغير، أو: لأنه من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: و: أو، ليست للشك، بل من كلامه عليه الصلاة والسلام، للتسوية بين البكاء وعدمه.
أي: فوالله إن الملائكة تظله، سواء تبكين أم لا.
( حتى رفعتموه) من مقتله، وهذا قاله عليه الصلاة والسلام بطريق الوحي، فلا يعارضه ما في حديث أم العلاء السابق، لأنه أنكر عليها قطعها، إذ لم تعلم هي من أمره شيئًا.
وقد أخرج هذا الحديث المؤلّف أيضًا في: الفضائل، والنسائي في الجنائز، والمناقب.
ومطابقته للترجمة في قوله: اجعلت أكشف الثوب عن وجهه، لأن الثوب أعم من أن يكون الذي سجوه به ومن الكفن.
( تابعه) أي تابع شعبة ( ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز، قال: ( أخبرني) بالإفراد ( ابن المنكدر) ولأبوي: ذر، والوقت، وابن عساكر في نسخة: أخبرني محمد بن المنكدر أنه ( سمع جابرًا، رضي الله عنه) .
وهذا وصله مسلم من طريق عبد الرزاق عنه، وأوله: جاء قومي بأبي قتيلاً يوم أحد ...
وذكر المؤلّف هذه المتابعة لينفي ما وقع في ابن ماهان، من صحيح مسلم، عن عبد الكريم، عن محمد بن علي بن حسين، عن جابر: فجعل محمد بن علي، بدل: محمد بن المنكدر، فبين البخاري أن الصواب: محمد بن المنكدر، كما رواه شعبة.
4 - باب الرَّجُلِ يَنْعَى إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ ( باب الرجل ينعى) الميت، حذف مفعول ينعى: وهو الميت، لدلالة الكلام عليه.
وذكر المفعول الآخر الذي عدي له بحرف الجر.
أي: يظهر خبر موته ( إلى أهل الميت بنفسه) ولا يستنيب فيه أحدًا، ولو كان رفيعًا.
والتأكيد، أي في قوله: بنفسه، للضمير المستكن في ينعى، فهو عائد إلى الناعي لا المنعي، أو يرجع الضمير إلى المنعي وهو الميت، أي ينعى إلى أهل الميت نفس الميت، أو بسبب ذهاب نفسه.
وفائدة الترجمة بذلك دفع توهم أن هذا من إيذاء أهل الميت، وإدخال المساءة عليهم، والإشارة إلى أنه مباح.
بل صرح النووي، في: المجموع، باستحبابه، لحديث الباب.
ولنعيه جعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة، ولما يترتب عليه من المبادرة لشهود جنازته، وتهيئة أمره للصلاة عليه، والدعاء والاستغفار له، وتنفيذ وصاياه، وغير ذلك.
نعم، يكره نعي الجاهلية للنهي عنه، رواه الترمذي، وحسنه وصححه، وهو: النداء بموت الشخص، وذكر مآثره ومفاخره.
قال المتولي وغيره: ويكره مرثية الميت، وهي: عدّ محاسنه، للنهي عن المراثي.
انتهى.
والوجه حمل تفسيرها بذلك على غير صيغة الندب الآتي بيانها إن شاء الله تعالى، وإلا فيلزم اتحادها معه.
وقد أطلقها الجوهري على عدّ محاسنه مع البكاء وعلى نظم الشعر فيه، فيكره كل منهما لعموم النهي عن ذلك، والأوجه حمل النهي عن ذلك، على ما يظهر فيه تبرم، أو: على فعله مع الاجتماع له، أو: على الإكثار منه، أو: على ما يجدد الحزن دون ما عدا ذلك، فما زال كثير من الصحابة وغيرهم من العلماء يفعلونه.
وقد قالت فاطمة بنت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيه: ماذا على من شم تربة أحمد ...
أن لا يشم مدى الزمان غواليا صبت عليّ مصائب لو أنها ...
صبت على الأيام عدن لياليا وللكشميهني: نفسه، بحذف حرف الجر أي: ينعي نفس الميت، إلى أهله.
وللأصيلي، حذف لفظ أهله وليس له وجه.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :1199 ... غــ :1244] .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ جابرٍ وَيَنْهَوْنِي فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَيَنْهَوْنَنِي وَهُوَ أَوْجَهُ وَفَاطِمَةُ عَمَّةُ جَابِرٍ وَهِيَ شَقِيقَةُ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرو وأو فِي قَوْلِهِ تَبْكِينَ أَوْ لَا تَبْكِينَ لِلتَّخْيِيرِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مُكَرَّمٌ بِصَنِيعِ الْمَلَائِكَةِ وَتَزَاحُمِهِمْ عَلَيْهِ لِصُعُودِهِمْ بِرُوحِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَكًّا مِنَ الرَّاوِي وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ قَوْله تَابعه بن جُرَيْجٍ إِلَخْ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ وَأَوَّلُهُ جَاءَ قَوْمِي بِأَبِي قَتِيلًا يَوْم أحد

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1199 ... غــ : 1244 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: "لَمَّا قُتِلَ أَبِي جَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ أَبْكِي، وَيَنْهَوْنِي عَنْهُ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يَنْهَانِي، فَجَعَلَتْ عَمَّتِي فَاطِمَةُ تَبْكِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: تَبْكِينَ أَوْ لاَ تَبْكِينَ، مَا زَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ" تَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرًا -رضي الله عنه-.
[الحديث 1244 - أطرافه في: 1293، 2816، 4080] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة ( قال: حدّثنا غندر) بضم الغين المعجمة، محمد بن جعفر البصري، ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: سمعت محمد بن المنكدر، قال: سمعت جابر بن عبد الله) الأنصاري ( رضي الله عنهما، قال) :
( لما قتل أبي) عبد الله بن عمرو يوم أحد، في شوال سنة ثلاث من الهجرة، وكان المشركون مثلوا به، جدعوا أنفه وأذنيه ( جعلت أكشف الثوب عن وجهه) حال كوني ( أبكي) عليه ( وينهوني) وللكشميهني والأصيلي، وأبي الوقت: ينهونني، بزيادة نون ثانية بعد الواو على الأصل ( عنه) أي: عن البكاء، ولفظة عنه، ساقطة لأبي ذر، ( والنبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا ينهاني) عنه ( فجعلت عمتي) شقيقة أبي عبد الله بن عمرو ( فاطمة تبكي، فقال النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،) معزيًا لها، ومخبرًا لها بما آل إليه من الخير.

( تبكين أو لا تبكين، ما) ولأبوي: ذر والوقت، والأصيلي: فما ( زالت الملائكة تظله بأجنحتها) مجتمعين عليه، متزاحمين على المبادرة لصعودهم بروحه، وتبشيره بما أعد الله له من الكرامة، أو: أظلوه من الحر لئلا يتغير، أو: لأنه من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: و: أو، ليست للشك، بل من كلامه عليه الصلاة والسلام، للتسوية بين البكاء وعدمه.
أي: فوالله إن الملائكة تظله، سواء تبكين أم لا.

( حتى رفعتموه) من مقتله، وهذا قاله عليه الصلاة والسلام بطريق الوحي، فلا يعارضه ما في حديث أم العلاء السابق، لأنه أنكر عليها قطعها، إذ لم تعلم هي من أمره شيئًا.

وقد أخرج هذا الحديث المؤلّف أيضًا في: الفضائل، والنسائي في الجنائز، والمناقب.
ومطابقته للترجمة في قوله: اجعلت أكشف الثوب عن وجهه، لأن الثوب أعم من أن يكون الذي سجوه به ومن الكفن.

( تابعه) أي تابع شعبة ( ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز، قال: ( أخبرني) بالإفراد ( ابن المنكدر) ولأبوي: ذر، والوقت، وابن عساكر في نسخة: أخبرني محمد بن المنكدر أنه ( سمع جابرًا، رضي الله عنه) .

وهذا وصله مسلم من طريق عبد الرزاق عنه، وأوله: جاء قومي بأبي قتيلاً يوم أحد ...
وذكر المؤلّف هذه المتابعة لينفي ما وقع في ابن ماهان، من صحيح مسلم، عن عبد الكريم، عن محمد بن علي بن حسين، عن جابر: فجعل محمد بن علي، بدل: محمد بن المنكدر، فبين البخاري أن الصواب: محمد بن المنكدر، كما رواه شعبة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1199 ... غــ :1244 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جابِرَ بنَ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا قُتِلَ أبي جَعَلْتُ أكْشِفُ الثَّوْبَ عنْ وَجْهِهِ أبْكِي ويَنْهَوْنِي عَنْهُ والنبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاَ يَنْهَانِي فَجَعَلَتْ عَمَّتِي فاطِمةُ تَبْكِي فقالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَبْكِينَ أوْ لاَ تَبْكِينَ مَا زَالَتِ المَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (جعلت أكشف الثَّوْب عَن وَجهه) ، وَالثَّوْب أَعم من أَن يكون الثَّوْب الَّذِي سجوه بِهِ أَو من الْكَفَن.

وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وغندر، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة: مُحَمَّد بن جَعْفَر الْبَصْرِيّ.

وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن أبي الْوَلِيد.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن مُحَمَّد بن الْمثنى.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْجَنَائِز عَن عَمْرو بن يزِيد وَفِي المناقب عَن أبي كريب.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لما قتل أبي) ، وَكَانَ قتل أَبِيه عبد الله يَوْم أحد، وَكَانَ الْمُشْركُونَ مثلُوا بِهِ، جدعوا أَنفه وَأُذُنَيْهِ، وَكَانَت غَزْوَة أحد فِي سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة فِي شَوَّال.
قَوْله: (أبْكِي) جملَة وَقعت حَالا.
قَوْله: (وينهوني) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (وينهونني) على الأَصْل.
قَوْله: (عَمَّتي فَاطِمَة) ، عمَّة جَابر هِيَ شَقِيقَة أَبِيه عبد الله بن عَمْرو.
قَوْله: (تبكين أَو لَا تبكين) ، كلمة: أَو، لَيست هِيَ للشَّكّ من الرَّاوِي، بل هِيَ من كَلَام الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للتسوية بَين الْبكاء وَعَدَمه، أَي: فوَاللَّه إِن الْمَلَائِكَة تظله سَوَاء تبكين أم لَا.
وَفِي (التَّلْوِيح) فِي مَوضِع آخر: (لِمَ تبْكي) قَالَ الْقُرْطُبِيّ: كَذَا صحت الرِّوَايَة بِلِمَ، الَّتِي للاستفهام وَفِي مُسلم: (تبْكي) بِغَيْر نون لِأَنَّهُ اسْتِفْهَام لمخاطب عَن فعل غَائِبَة.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَلَو خاطبها بالاستفهام خطاب الْحَاضِرَة قَالَ: لِمَ تبكين، بالنُّون.
وَفِي رِوَايَة: (تبكيه أَو لَا تبكيه) .
وَهُوَ إِخْبَار عَن غَائِبَة، وَلَو كَانَ خطاب الْحَاضِرَة لقَالَ: تبكينه أَو لَا تبكينه، بنُون فعل الْوَاحِدَة الْحَاضِرَة، ثمَّ معنى هَذَا: أَن عبد الله مكرم عِنْد الْمَلَائِكَة، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قَوْله: (تبكين.
.
) إِلَى آخِره، يعزيها بذلك ويخبرها بِمَا صَار إِلَيْهِ من الْفضل.
قَوْله: (حَتَّى رفعتموه) ، أَي: من مغسلة، لِأَنَّهُ نسب الْفِعْل إِلَى أَصله قَالَه الدَّاودِيّ، وإظلاله بأجنحتها لِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَيْهِ وتزاحمهم على الْمُبَادرَة بصعود روحه، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وتبشيره بِمَا أعد الله لَهُ من الْكَرَامَة، أَو أَنهم أظلوه من الْحر لِئَلَّا يتَغَيَّر أَو لِأَنَّهُ من السَّبْعَة الَّذين يظلهم الله فِي ظله يَوْم لَا ظلّ إلاَّ ظله، وروى بَقِي بن مخلد (عَن جَابر: لَقِيَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَلا أُبَشِّرك أَن الله أَحَي أَبَاك وَكلمَة كفاحا وَمَا كلم أحدا قطّ إلاَّ من وَرَاء حجاب؟ .

وَفِيه: فَضِيلَة عَظِيمَة لم تسمع لغيره من الشُّهَدَاء فِي دَار الدُّنْيَا.
وَفِيه: جَوَاز الْبكاء على الْمَيِّت كَمَا مضى، وَنهى أهل الْمَيِّت بَعضهم بَعْضًا عَن الْبكاء للرفق بالباكي.

تابَعَهُ ابنُ جُرَيْجَ قَالَ أَخْبرنِي ابنُ المُنْكَدِرِ سَمِعَ جابِرا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
يَعْنِي: تَابع شُعْبَة عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج ذكر هَذِه الْمُتَابَعَة لينفي مَا وَقع فِي نُسْخَة ابْن ماهان فِي (صَحِيح مُسلم) عَن عبد الْكَرِيم عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن عَن جَابر جعل بدل مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، فَبين البُخَارِيّ أَن الصَّوَاب: ابْن الْمُنْكَدر، كَمَا رَوَاهُ شُعْبَة، وشده بِرِوَايَة ابْن جريج، وَوصل مُسلم هَذِه الْمُتَابَعَة: حَدثنَا عبد بن حميد حَدثنَا روح بن عبَادَة حَدثنَا ابْن جريج عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر.

وَأخرج مُسلم هَذَا الحَدِيث من خَمْسَة طرق.
الأول: من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر (عَن جَابر يَقُول: لما كَانَ يَوْم أحد جِيءَ بِأبي مسجى، وَقد مثل بِهِ) الحَدِيث.
الثَّانِي: من طَرِيق شُعْبَة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر.
الثَّالِث: من طَرِيق ابْن جريج عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر.
الرَّابِع: من طَرِيق معمر عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر.
الْخَامِس: من طَرِيق مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن جَابر، وَهَذَا فِي نُسْخَة ابْن ماهان.