هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
311 حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ ، عَنْ أُمِّهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ أَغْتَسِلُ مِنَ المَحِيضِ ؟ قَالَ : خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً ، فَتَوَضَّئِي ثَلاَثًا ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَحْيَا ، فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ ، أَوْ قَالَ : تَوَضَّئِي بِهَا فَأَخَذْتُهَا فَجَذَبْتُهَا ، فَأَخْبَرْتُهَا بِمَا يُرِيدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
311 حدثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا وهيب ، حدثنا منصور ، عن أمه ، عن عائشة ، أن امرأة من الأنصار قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : كيف أغتسل من المحيض ؟ قال : خذي فرصة ممسكة ، فتوضئي ثلاثا ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم استحيا ، فأعرض بوجهه ، أو قال : توضئي بها فأخذتها فجذبتها ، فأخبرتها بما يريد النبي صلى الله عليه وسلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ أَغْتَسِلُ مِنَ المَحِيضِ ؟ قَالَ : خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً ، فَتَوَضَّئِي ثَلاَثًا ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَحْيَا ، فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ ، أَوْ قَالَ : تَوَضَّئِي بِهَا فَأَخَذْتُهَا فَجَذَبْتُهَا ، فَأَخْبَرْتُهَا بِمَا يُرِيدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

Narrated `Aisha:

An Ansari woman asked the Prophet (ﷺ) how to take a bath after finishing from the menses. He replied, Take a piece a cloth perfumed with musk and clean the private parts with it thrice. The Prophet (ﷺ) felt shy and turned his face. So pulled her to me and told her what the Prophet (ﷺ) meant.

0315 Aicha dit : Une femme des Ansar dit au Prophète : « Comment dois-je faire des ablutions majeures à cause des menstrues ? » « Prends un morceau de laine parfumé de musc« , répondit le Prophète par trois fois, « Puis fais des ablutions mineures (peut-être qu’il ajouta : en en faisant usage) ! » Après cela, pris d’un sentiment de pudeur, il détourna son visage. Et moi (Aicha) de tirer cette femme vers moi pour lui expliquer ce que le Prophète voulait dire.  

":"ہم سے مسلم بن ابراہیم نے بیان کیا ، کہا ہم سے وہیب بن خالد نے ، کہا ہم سے منصور بن عبدالرحمٰن نے اپنی والدہ صفیہ سے ، وہ عائشہ سے کہانصاریہ عورت نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم سے پوچھا کہ میں حیض کا غسل کیسے کروں ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ ایک مشک میں بسا ہوا کپڑا لے اور پاکی حاصل کر ، یہ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے تین دفعہ فرمایا ۔ پھر آنحضور صلی اللہ علیہ وسلم شرمائے اور آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے اپنا چہرہ مبارک پھیر لیا ، یا فرمایا کہ اس سے پاکی حاصل کر ۔ پھر میں نے انہیں پکڑ کر کھینچ لیا اور نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم جو بات کہنی چاہتے تھے وہ میں نے اسے سمجھائی ۔

0315 Aicha dit : Une femme des Ansar dit au Prophète : « Comment dois-je faire des ablutions majeures à cause des menstrues ? » « Prends un morceau de laine parfumé de musc« , répondit le Prophète par trois fois, « Puis fais des ablutions mineures (peut-être qu’il ajouta : en en faisant usage) ! » Après cela, pris d’un sentiment de pudeur, il détourna son visage. Et moi (Aicha) de tirer cette femme vers moi pour lui expliquer ce que le Prophète voulait dire.  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [315] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ هُوَ بن إِبْرَاهِيم وَمَنْصُور هُوَ بن صَفِيَّةَ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ قَبْلَهُ .

     قَوْلُهُ  وَتَوَضَّئِي ثَلَاثًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ .

     قَوْلُهُ  ثَلَاثًا بِتَوَضَّئِي أَيْ كَرِّرِي الْوُضُوءَ ثَلَاثًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَالَ وَيُؤَيِّدُهُ السِّيَاقُ الْمُتَقَدِّمُ أَيْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .

     قَوْلُهُ  أَوْ قَالَ كَذَا وَقَعَ بِالشَّكِّ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة بن عَسَاكِرَ.

     وَقَالَ  بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ وَالْأُولَى أَظْهَرُ وَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ فِي لَفْظِ بِهَا هَلْ هُوَ ثَابِتٌ أَمْ لَا أَوِ التَّرَدُّدُ وَاقِعٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لفظ ثَلَاثًا وَالله أعلم ( قَولُهُ بَابُ امْتِشَاطِ الْمَرْأَةِ)

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [315] حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قال: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كَيْفَ أَغْتَسِلُ مِنَ الْمَحِيضِ؟ قَالَ: «خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَوَضَّئِي ثَلاَثًا» ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَحْيَا فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ أَوْ قَالَ: تَوَضَّئِي بِهَا.
فَأَخَذْتُهَا فَجَذَبْتُهَا فَأَخْبَرْتُهَا بِمَا يُرِيدُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وبه قال: ( حدّثنا مسلم) زاد الأصيلي ابن إبراهيم ( قال: حدّثنا وهيب) تصغير وهب ابن خالد ( قال: حدّثنا منصور) هو ابن عبد الرحمن ( عن أمه) صفية بنت شيبة ( عن عائشة) رضي الله عنها.
( أن امرأة من الأنصار) هي أسماء بنت شكل ( قالت للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كيف أغتسل من المحيض؟ قال) عليه الصلاة والسلام: ( خذي) أي بعد إيصال الماء لشعرك وبشرتك ( فرصة ممسكة) بضم الميم الأولى وفتح الثانية ثم مهملة مشددة مفتوحة أي قطعة من صوف أو قطن مطيبة بالمسك ( فتوضئي) الوضوء اللغوي وهو التنظيف، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: وتوضئي وفي رواية فتوضئي بها قال لها ذلك ( ثلاثًا) أي ثلاث مرات.
قالت عائشة: ( ثم إن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استحيا فأعرض) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر وأعرض ( بوجهه) الكريم ( أو قال) شك من عائشة ( توضئي بها) ولابن عساكر وقال: فزاد في هذه كالرواية السابقة لفظة بها أي بالفرصة.
قالت عائشة: ( فأخذتها فجذبتها فأخبرتها بما يريد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من التتبع وإزالة الرائحة الكريهة.
والمطابقة بين الحديث والترجمة على رواية فتح غين غسل وتفسير المحيض باسم المكان ظاهرة، وعلى رواية ضم الغين والمحيض بمعنى الحيض فالإضافة بمعنى اللام الاختصاصية لأنه ذكر لها خاصة هذا الغسل.
15 - باب امْتِشَاطِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ ( باب امتشاط المرأة) أي تسريح شعر رأسها ( عند غسلها) بفتح الغين وضمها ( من المحيض) أي الحيض.
316 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ.
فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ، وَإِنَّمَا كُنْتُ تَمَتَّعْتُ بِعُمْرَةٍ.
فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَمْسِكِي عَنْ عُمْرَتِكِ».
فَفَعَلْتُ.
فَلَمَّا قَضَيْتُ الْحَجَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ فَأَعْمَرَنِي مِنَ التَّنْعِيمِ، مَكَانَ عُمْرَتِي الَّتِي نَسَكْتُ.
وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي ( قال: حدّثنا إبراهيم) بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف المدني نزيل بغداد ( قال: حدّثنا ابن شهاب) الزهري ( عن عروة) بن الزبير بن العوّام ( أن عائشة) رضي الله عنها ( قالت) : ( أهللت) أي أحرمت ورفعت صوتي بالتلبية ( مع رسول الله) وللأصيلي مع النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حجة الوداع، فكنت ممن تمتع ولم يسق الهدي) بفتح الهاء وسكون المهملة وتخفيف الياء أو كسر المهملة مع تشديد الياء اسم لما يهدى بمكة من الأنعام، وفيه التفات من المتكلم إلى الغائب، لأن الأصل أن تقول ممن تمتعت لكن ذكر باعتبار لفظ من ( فزعمت أنها حاضت ولم تطهر) من حيضها ( حتى دخلت ليلة عرفة) فيه دلالة على أن حيضها كان ثلاثة أيام خاصة لأن دخوله عليه الصلاة والسلام مكة كان في الخامس من الحجة، فحاضت يومئذٍ فطهرت يوم عرفة، ويدل على أنها حاضت يومئذٍ قوله عليه الصلاة والسلام في باب كيف تهلّ الحائض بالحج والعمرة من أحرم بعمرة الحديث.
قالت: فحضت ففيه دليل على أنحيضها كان يوم القدوم إلى مكة.
قالت: فلم أزل حائضًا حتى كان يوم عرفة قاله البدر.
( فقالت) وللأصيلي وابن عساكر قالت: ( يا رسول الله هذه ليلة عرفة) وفي بعض النسخ هذا ليلة عرفة.
قال البدر أي هذا الوقت، ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر والأصيلي يوم عرفة ( وإنما كنت تمتعت بعمرة) أي وأنا حائض وفيه تصريح بما تضمنه التمتع لأنه إحرام بعمرة في أشهر الحج ممن على مسافة القصر من الحرم ثم يحج من سنته ( فقال لها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: انقضي رأسك) بضم القاف أي حلّي شعرك ( وامتشطي وأمسكي) بهمزة قطع ( عن عمرتك) أي اتركي العمل في العمرة وإتمامها، فليس المراد الخروج منها فإن الحج والعمرة لا يخرج منهما إلا بالتحلل وحينئذٍ فتكون قارنة، ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام: "يكفيك طوافك لحجك وعمرتك" ولا يلزم من نقض الرأس والامتشاط إبطالها لجوازهما عندنا حال الإحرام، لكن يكرهان خوف نتف الشعر، وقد حملوا فعلها ذلك على أنه كان برأسها أذى، وقيل: المراد أبطلي عمرتك، ويؤيده قولها في العمرة وأرجع بحجة واحدة وقولها ترجع صواحبي بحج وعمرة وأرجع أنا بالحج، وقوله عليه الصلاة والسلام "هذه مكان عمرتك" قالت عائشة: ( ففعلت) النقض والامتشاط والإمساك ( فلما قضيت) أي أدّيت ( الحج) بعد إحرامي به ( أمر) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخي ( عبد الرحمن) بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ( ليلة الحصبة) بفتح الحاء وسكون الصاد المهملتين وفتح الموحدة التي نزلوا فيها بالمحصب موضع بين مكة ومنى يبيتون فيه إذا نفروا منها ( فأعمرني) أي اعتمر بي ( من التنعيم) موضع على فرسخ من مكة فيه مسجد عائشة ( مكان عمرتي التي نسكت) من النسك أي التي أحرمت بها وأردت أوّلاً حصولها منفردة غير مندرجة ومنعني الحيض، وفي رواية أبي زيد المروزي أي سكت بلفظ التكلم من السكوت أي التي تركت أعمالها وسكت عنها، وللقابسي شكت بالشين المعجمة والتخفيف والضمير فيه راجع إلى عائشة على سبيل الالتفات من التكلم للغيبة أو المعنى شكت العمرة من الحيض وإطلاق الشكاية عليها كناية عن اختلالها وعدم بقاء استقلالها، وإنما أمرها بالعمرة بعد الفراغ وهي قد كانت حصلت لها مندرجة مع الحج لقصدها عمرة منفردة كما حصل لسائر أزواجه عليه الصلاة والسلام حيث اعتمرن بعد الفراغ من حجهنّ المفرد عمرة منفردة عن حجهن حرصًا منها على كثرة العبادة.
وتمام مباحث الحديث يأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الحج بعون الله وقوّته.
ورواته الخمسة ما بين بصري ومدني وفيه التحديث والعنعنة.
16 - باب نَقْضِ الْمَرْأَةِ شَعَرَهَا عِنْدَ غُسْلِ الْمَحِيضِ ( باب) حكم ( نقض المرأة شعرها) أي شعر رأسها ( عند غسل المحيض) هل هو واجب أم لا ولابن عساكر باب من رأى نقض المرأة الخ.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [315] حدّثنا مُسْلِمٌ قالَ حدّثنا وُهَيْبٌ حدّثنا مَنْصُورٌ عَنْ أُمَّهِ عَنْ عائِشَةَ أنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قالَتْ ل لنَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيْفَ اغْتَسِلُ مِنَ المَحيضِ قالَ خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةٌ فَتَوَضَئِي ثَلَاثًا ثُمَّ أنَّ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَحْيَا فاعْرِضَ بِوَجْهِهِ أَو قالَ تَوَضَئِي بِهَا فَاخَذْتُهَا فَجَذِبْتَها فأخْبَرْتُها بِمَا يُرِيدُ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
( انْظُر الحَدِيث 314 وطرفه) [/ ح.
قيل: التَّرْجَمَة لغسل الْمَحِيض، والْحَدِيث لم يدل عَلَيْهَا فَلَا مُطَابقَة.
قلت: إِن كَانَ لفظ الْغسْل فِي التَّرْجَمَة بِفَتْح الْغَيْن، والمحيض اسْم مَكَان، فَالْمَعْنى ظَاهر، وَإِن كَانَ بِضَم الْغَيْن والمحيض مصدر فالإضافة بِمَعْنى اللَّام الاختصاصية، فَلهَذَا ذكر خَاصَّة هَذَا الْغسْل وَمَا بِهِ يمتاز عَن سَائِر الِاغْتِسَال.
الْكَلَام فِيمَا يتَعَلَّق بِهِ قد مضى فِي الْبَاب الَّذِي قبله.
قَوْله: ( وتوضئي ثَلَاثًا) وَفِي بَعْضهَا: فتوضئي.
قَوْله: ( ثَلَاثًا) يتَعَلَّق: يُقَال، أَي: يُقَال ثَلَاث مَرَّات لَا تتوضئي، وَيحْتَمل تعلقه بقالت أَيْضا بِدَلِيل الحَدِيث الْمُتَقَدّم.
قَوْله: ( أَو قَالَ) شكّ من عَائِشَة، وَالْفرق بَين الرِّوَايَتَيْنِ زِيَادَة لَفظه بهَا يَعْنِي: تطهري بالفرصة، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر بِالْوَاو من غير شكّ.
قَوْله: ( مِمَّا يُرِيد) أَي: يتتبع أثر الدَّم وَإِزَالَة الرَّائِحَة الكريهة من الْفرج.
15 - ( بابُ امْتِشاطِ المَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِها مِنَ المَحِيضِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان امتشاط الْمَرْأَة، وَهُوَ تَسْرِيح رَأسهَا عِنْد غسلهَا من الْمَحِيض أَي: الْحيض.
وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن فِي كل مِنْهُمَا مَا يشْعر بِزِيَادَة التَّنْظِيف والنقاء، وَلَا يحفى ذَلِك على المتأمل.
316 - حدّثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ قالَ حدّثنا إبْرَاهِيمُ قالَ حدّثنا ابْنُ شِهابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَن عائِشَةَ قالَتْ أهْلْلتُ مَعَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَسُقِ الهَدْيَ فَزَعَمَتْ أنَّها حاضَتْ وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ فقالَتْ يَا رسولَ اللَّهِ هاذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ وَإنَّما كُنْتُ تَمَتَّعْتُ فَقَالَ لَها رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِيبالامتشاط حَقِيقَته، بل تَسْرِيح الشّعْر بالأصابع للْغسْل لإحرامها بِالْحَجِّ، لَا سِيمَا إِن كَانَت لبدت رَأسهَا فَلَا يَصح غسلهَا إِلَّا بإيصال المَاء إِلَى جَمِيع شعرهَا، وَيلْزم مِنْهُ نقضه، فَإِن قلت: اذا كَانَت قارنة فَلم امرها بِالْعُمْرَةِ بعد الْفَرَاغ من الْحَج ( قلت) مَعْنَاهُ أَرَادَت أَن يكون لَهَا عمْرَة مُنْفَرِدَة عَن الْحَج كَمَا حصل لسَائِر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وغيرهن من الصَّحَابَة الَّذِي فسخوا الْحَج إِلَى الْعمرَة، وَأَتمُّوا الْعمرَة ثمَّ أَحْرمُوا بِالْحَجِّ، فَحصل لَهُم عمْرَة مُنْفَرِدَة وَحج مُنْفَرد فَلم يحصل لَهَا إلاَّ عمْرَة مندرجة فِي حجَّة الْقُرْآن فاعتمرت بعد ذَلِك مَكَان عمرتها الَّتِي كَانَت أَرَادَت أَولا حُصُولهَا مُنْفَرِدَة غير مندرجة، ومنعها الْحيض عَنهُ، وَإِنَّمَا فعلت كَذَلِك حرصاً على كَثْرَة الْعِبَادَات انْتهى.
قلت: الْمَشْهُور الثَّابِت أَن عَائِشَة كَانَت مُنْفَرِدَة بِالْحَجِّ وَأَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أمرهَا برفض الْعمرَة، وَقَوْلها فِي الحَدِيث وأرجع بِحجَّة وَاحِدَة، دَلِيل وَاضح على ذَلِك، وَقَوْلها: ترجع صواحبي بِحَجّ وَعمرَة، وأرجع أَنا بِالْحَجِّ، صَرِيح فِي رفض الْعمرَة، إِذْ لَو دخل الْحَج على الْعمرَة لكَانَتْ هِيَ وَغَيرهَا سَوَاء، وَلما احْتَاجَت إِلَى عمْرَة أُخْرَى بعد الْعمرَة وَالْحج الَّذِي فعلتهما وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد عمرتها الْأَخِيرَة: ( هَذِه مَكَان عمرتك) صَرِيح فِي أَنَّهَا خرجت من عمرتها الأولى ورفضتها إِذْ لَا تكون الثَّانِيَة مَكَان الأولى، وَالْأولَى مُنْفَرِدَة وَفِي بعض الرِّوَايَات هَذِه قَضَاء من عمرتك.
فَإِن قلت: قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي ( الْمعرفَة) يَعْنِي قَوْله: ودعي الْعمرَة أمسكي عَن أفعالها، وأدخلي عَلَيْهَا الْحَج قلت: هَذَا خلاف حَقِيقَة قَوْله: دعِي الْعمرَة: بل حَقِيقَته أَنه أمرهَا برفض الْعمرَة بِالْحَجِّ، وَقَوْلها: انقضي رَأسك وامتشطي، يدل على ذَلِك، وَيدْفَع تَأْوِيل الْبَيْهَقِيّ بالإمساك عَن أَفعَال الْعمرَة، إِذا الْمحرم لَيْسَ لَهُ أَن يعفل ذَلِك.
فَإِن قلت: قَالَ الشَّافِعِي: لَا يعرف فِي الشَّرْع رفض الْعمرَة بِالْحيضِ.
قلت: قَالَ الْقَدُورِيّ فِي ( التَّجْرِيد) مَا رفضتها بِالْحيضِ، لَكِن تَعَذَّرَتْ أفعالها، وَكَانَت ترفضها بِالْوُقُوفِ، فَأَمرهمْ بتعجيل الرَّفْض.
16 - ( بابُ نَقْضِ المَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسَلِ المَحِيضِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان نقض الْمَرْأَة شعر رَأسهَا، عِنْد غسل الْمَحِيض أَي: الْحيض، وَجَوَابه مُقَدّر أَي: هَل يجب أم لَا؟ وَظَاهر الحَدِيث الْوُجُوب، وَقد ذكرنَا الِاخْتِلَاف فِي الْبَاب السَّابِق.
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة لِأَن النَّقْض والامتشاط من جنس وَاحِد وَحكم وَاحِد.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [315] حدثنا مسلم: ثنا وهيب: ثنا منصور، عَن أمه، عَن عائشة، أن امرأة مِن الأنصار قالت للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كيف أغتسل مِن المحيض؟ قالَ: ( ( خذي فرصة ممسكة وتوضئي) ) - ثلاثاً -، ثُمَّ إن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استحيا وأعرض بوجهه - أو قالَ: ( ( توضئي بها) ) ، فأخذتها فجذبتها، فأخبرتها بما يريد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
بوب البخاري في هذين البابين على ثلاثة أشياء: أحدها: دلك المرأة نفسها، عند غسل المحيض.
والثاني: أخذها الفرصة الممسكة.
والثالث: صفة غسل المحيض.
وخرج في الباب حديث منصور بنِ صفية بنت شيبة، عَن أمه، [وليس] في حديثه سوى ذكر الفرصة الممسكة.
ولكنه أشار إلى أن [الحكمين] الآخرين قَد رويا في حديث صفية، عَن عائشة مِن وجه [آخر] ، لكن ليسَ هوَ على شرطه، فخرج الحديث الأول بالإسناد الذي على شرطه، ونبه بذلك على الباقي.
وهذا الذِي لَم يخرجه، قَد خرجه مسلم في ( ( صحيحه) ) مِن حديث شعبة، عَن إبراهيم بنِ المهاجر، قالَ: سمعت صفية تحدث عَن عائشة، أنأسماء سألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَن غسل المحيض.
قالَ: ( ( تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور، ثُمَّ تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً، حتَّى تبلغ شئون رأسها، ثُمَّ تصب عليهِ الماء، ثُمَّ تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها) ) قالت أسماء: وكيف أتطهر بها؟ فقالَ: ( ( سبحان الله، تطهري بها) ) .
فقالت عائشة - كأنها تخفي ذَلِكَ -: تتبعين بها أثر الدم.
وسألته عَن غسل الجنابة.
فقالَ: ( ( تأخذ ماءً فتطهر بهِ، فتحسن الطهور - أو تبلغ الطهور -، ثُمَّ تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شئون رأسها، ثُمَّ تفيض عليهِ الماء) ) .
فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار، لَم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدِّين.
وفي رواية لَهُ - أيضاً -: قالَ: ( ( سبحان الله، تطهري بها) ) ، واستتر.
وخرجه مسلم - أيضاً - من طريق أبي الأحوص، عَن إبراهيم بنِ مهاجر، وفي حديثه: قالَ: دخلت أسماء بنت شكل على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكره، ولم يذكر فيهِ غسل الجنابة.
وخرجه أبو داود.
مِن طريق أبي الأحوص، ولفظه: ( ( تأخذ ماءها وسدرتها فتوضأ، وتغسل رأسها وتدلكه) ) - وذكر الحديث، وزاد فيهِ: ( ( الوضوء) ) .
ورواه أبو داود الطيالسي، عَن قيس بنِ الربيع، عَن إبراهيم بنِ المهاجر، عَن صفية، عَن عائشة، قالت: أتت فلانة بنت فلان الأنصارية، فقالت: يا رسول الله، كيف الغسل مِن الجنابة، فقالَ: ( ( تبدأ إحداكنفتوضأ، فتبدأ بشق رأسها الأيمن، ثُمَّ الأيسر حتى تنقي شئون رأسها) ) .
ثُمَّ قالَ: ( ( أتدرون ما شئون الرأس؟) ) قالت: البشرة.
قالَ: ( ( صدقت، ثُمَّ تفيض على بقية جسدها) ) .
قالت: يا رسول الله، فكيف الغسل مِن المحيض؟ قالَ: ( ( تأخذ إحداكن سدرتها وماءها، فتطهر فتحسن الطهور، ثُمَّ تبدأ بشق رأسها الأيمن، ثُمَّ الأيسر حتى تنقي شئون رأسها، ثُمَّ تفيض على سائر جسدها، ثُمَّ تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها) ) .
قالت: يا رسول الله، كيف أتطهر بها؟ فقلت: سبحان الله، تتبعي بها آثار الدم.
وإبراهيم بن المهاجر، لَم يخرج لَهُ البخاري.
و ( ( الفرصة) ) - بكسر الفاء، وسكون الراء، وبالصاد المهملة -، وهي القطعة.
قالَ أبو عبيد: هي القطعة من الصوف أو القطن أو غيره، مأخوذ مِن فرصت الشيء: أي قطعته.
و ( ( المسك) ) : هوَ الطيب المعروف.
هَذا هوَ الصحيح الذِي عليهِ الجمهور، والمراد: أن هَذهِ القطعة يكون فيها شيء مِن مسك، كَما في الرواية الثانية: ( ( فرصة ممسكة) ) .
وزعم ابن قتيبة والخطابي أن الرواية: ( ( مسك) ) بفتح الميم، والمراد بهِ: الجلد الذِي عليهِ صوف، وأنه أمرها أن تدلك بهِ مواضع الدم.
ولعل البخاري ذهب إلى مثل ذَلِكَ، ولذلك بوب عليهِ: ( ( دلك المرأة نفسها إذا تطهرت مِن المحيض) ) ، ويعضد ذَلِكَ: أنَّهُ في ( ( كِتابِ الزينةوالترجل) ) قالَ: ( ( باب: ما يذكر في المسك) ) ، ولم يذكر فيه إلا حديث: ( ( لخلوف فم الصائم أطيب عند الله مِن ريح المسك) ) .
ولذلك - والله أعلم - لَم يخرج البخاري هَذا الحديث في ( ( باب: الطيب للمرأة عند غسل الحيض) ) .
والصحيح الذِي عليهِ جمهور الأئمة العلماء بالحديث والفقه: أن غسل المحيض يستحب فيهِ استعمال المسك، بخلاف غسل الجنابة، والنفاس كالحيض في ذلك، وقد نص على ذَلِكَ الشَافِعي وأحمد، وهما أعلم بالسنة واللغة وبألفاظ الحديث ورواياته مِن مثل ابن قتيبة والخطابي ومن حذا حذوهما ممن يفسر اللفظ بمحتملات اللغة البعيدة.
ومعلوم أن ذكر المسك في غسل الجنابة لَم يرو في غير هَذا الحديث، فعلم أنهم فسروا فيهِ بالطيب.
وزعم الخطابي: أن قولُهُ: ( ( خذي فرصة مِن مسك) ) : يدل على أن الفرصة نفسها هي المسك.
قالَ: وهذا إنما يصح إذا كانت مِن جلد، أمَّا لو كانت قطعة مِن صوف أو قطن لَم تكن مِن مسك.
وهذا ليسَ بشيء؛ فإن المراد خذي نبذة يسيرة مِن مسك، سواء كانت منفردة أو في شيء، كَما في الرواية الثانية: ( ( خذي فرصة ممسكة) ) .
قالَ الإمام أحمد في رواية حنبل: يستحب للمرأة إذا هي خرجت مِن حيضها أن تمسك معَ القطنة شيئاً مِن المسك، ليقطع عنهارائحة الدم وزفرته، تتبع بهِ مجاري الدم.
ونقل عَنهُ - أيضاً - قالَ: يستحب للمرأة إذا طهرت مِن الحيض أن تمس طيباً، وتمسكه معَ القطنة، ليقطع عنها رائحة الدم وزفورته؛ لأن دم الحيض دم لَهُ رائحة.
وقال جعفر بن محمد: سألت أحمد عَن غسل الحائض، فذهب إلى حديث إبراهيم بن المهاجر، عَن صفية بنت شيبة، وقال: تدلك شئون رأسها.
وقال يعقوب بنِ بختان: سألت أحمد عَن النفساء والحائض، كم مرة يغتسلان؟ قالَ: كَما تغسل الميتة.
قالَ: وسألته عَن الحائض متى توضأ؟ قالَ: إن شاءت توضأت إذا بدأت واغتسلت، وإن شاءت اغتسلت ثُمَّ توضأت.
وظاهر هَذا: أنها مخيرة بين تقديم الوضوء وتأخيره؛ فإنه لَم يرد في السنة تقديمه كَما في غسل الجنابة، وإنما ورد في حديث أبي الأحوص، عَن إبراهيم ابن المهاجر: ( ( توضأ وتغسل رأسها وتدلكه) ) - بالواو، وهي لا تقتضي ترتيباً.
فتحصل مِن هَذا: أن غسل الحيض والنفاس يفارق غسل الجنابة مِن وجوه: أحدها: أن الوضوء في غسل الحيض لا فرق بين تقديمه وتأخيره، وغسل الجنابة السنة تقديم الوضوء فيهِ على الغسل.
والثاني: أن غسل الحيض يستحب أن يكون بماء وسدر، ويتأكد استعمال السدر فيهِ، بخلاف غسل الجنابة؛ لحديث إبراهيم بن المهاجر.
قالَ الميموني: قرأت على ابن حنبل: أيجزئ الحائض الغسل بالماء؟ فأملى عليّ: إذا لم تجد إلاّ وحده اغتسلت به، قالَ النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( ماءك وسدرتك) ) ، وهو أكثر من غسل الجنابة.
قلت: فإن كانت قد اغتسلت بالماء، ثُمَّ وجدته؟ قالَ: أحب إلي أن تعود؛ لما قالَ.
الثالث: أن غسل الحيض يستحب تكراره كغسل الميتة، بخلاف غسل الجنابة، وهذا ظاهر كلام أحمد، ولا فرق في غسل الجنابة بين المرأة والرجل، نص عليهِ أحمد في رواية مهنا.
والرابع: أن غسل الحيض يستحب أن يستعمل فيهِ شيء من الطيب، وفي خرقة أو قطنة أو نحوهما، يتبع به مجاري الدم.
وقد علل أحمد ذَلِكَ بأنه يقطع زفورة الدم، وهذا هوَ المأخذ الصحيح عندَ أصحاب الشافعي - أيضاً -.
وشذ الماوردي، فحكى في ذَلِكَ وجهين: أحدهما: أن المقصود بالطيب تطييب المحل، ليكمل استمتاع الزوج بإثارة الشهوة، وكمال اللذة.
والثاني: لكونه أسرع إلى علوق الولد.
قال: فإن فقدت المسك - وقلنا بالأول - أتت بما يقوم مقامه في دفع الرائحة، وإن قلنا بالثاني فما يسرع إلى العلوق كالقسط والأظفار ونحوهما.
قالَ: واختلف الأصحاب في وقت استعماله، فمن قالَ بالأول، قالَ: بعد الغسل، ومن قالَ بالثاني، فَقَبْله.
قالَ صاحب ( ( شرح المهذب) ) : وهذا الوجه الثاني ليس بشيء، وما يفرع عليهِ - أيضاً - ليس بشيء، وهو خلاف ما عليهِ الجمهور، والصواب: أن المقصود به تطييب المحل، وأنها تستعمله بعد الغسل.
ثُمَّ ذكر حديث عائشة، أن أسماء بنت شكل سألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَن غسل المحيض، فقالَ: ( ( تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها، فتظهر فتحسن الطهور، ثُمَّ تصب على رأسها فتدلكه، ثُمَّ تصب عليها الماء، ثُمَّ تأخذ فرصة ممسكة فتظهر بها) ) .
خرجه مسلم.
قالَ: وقد نصوا على استحبابه للزوجة وغيرها، والبكر والثيب.
والله أعلم.
قالَ: واستعمال الطيب سنة متأكدة، يكره تركه بلا عذر.
انتهى.
وقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( خذي فرصة ممسكة فتطهري بها) ) ، وفي رواية: ( ( توضئي بها) ) يدل على أن المراد بهِ التنظيف والتطييب والتطهير، وكذلك سماه: تطهيراً، وتوضؤا، والمراد: الوضوء اللغوي، الذي هوَ النظافة.
وقول عائشة: ( ( تتبعي بها مجاري الدم) ) إشارة إلى إدخاله الفرج.
واستحب بعض الشافعية استعمال الطيب في كل ما أصابه دم الحيض مِن [الجسد] - أيضاً -؛ لأن المقصود قطع رائحة الدم حيث كانَ.
ونص أحمد على أنَّهُ [لا يجب] غسل باطن الفرج مِن حيض، ولاجنابة، ولا استنجاء.
قالَ جعفر بنِ محمد: قلت لأحمد: إذا اغتسلت مِن المحيض تدخل يدها؟ قالَ: لا، إلا ما ظهر، [ولم] ير عليها أن تدخل أُصبعها ولا يدها في فرجها، في غسل ولا وضوء.
ولأصحابنا وجه: بوجوب ذَلِكَ في الغسل والاستنجاء، ومنهم مِن قالَ: إن كانت [ثيباً] وخرج البول بحدة ولم يسترسل لَم يجب سوى الاستنجاء في موضع خروج البول، وإن استرسل فدخل منهُ شيء الفرج وجب غسله.
ومذهب الشَافِعي: أن الثيب يجب [عليها] إيصال الماء إلى ما يظهر في حال قعودها لقضاء الحاجة؛ لأنه صار حكم الظاهر، نص على ذَلِكَ الشَافِعي، وشبهه بما بين الأصابع، وعليه جمهور أصحابه، وما وراء ذَلِكَ على ذَلِكَ فَهوَ عندهم في حكم الباطن على الصحيح.
ولهم وجه آخر: أنَّهُ يجب عليها إيصال الماء إلى داخل فرجها، بناء على القول بنجاسته.
ووجه آخر: أنَّهُ يجب في غسل الحيض والنفاس؛ لإزالة النجاسة، ولا يجب في الجنابة.
ومنهم مِن قالَ: لا يجب إيصاله إلى شيء مِن داخل الفرج بالكلية، كَما لا يجب إيصاله إلى داخل الفم عندهم.
والخامس: أن غسل الحيض تنقض فيهِ شعرها إذا كانَ مضفوراً، بخلاف غسل الجنابة عند أحمد، وهوَ قول طاوس والحسن.
وسيأتي ذكر ذَلِكَ مستوفي - إن شاء الله تعالى.
* * *15 - باب امتشاط المرأة عند غسلها مِن المحيض خرج فيهِ:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ غُسْلِ الْمَحِيضِ)
تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ فِي التَّرْجَمَةِ الَّتِي قَبْلَهُ

[ قــ :311 ... غــ :315] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ هُوَ بن إِبْرَاهِيم وَمَنْصُور هُوَ بن صَفِيَّةَ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ قَبْلَهُ .

     قَوْلُهُ  وَتَوَضَّئِي ثَلَاثًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ .

     قَوْلُهُ  ثَلَاثًا بِتَوَضَّئِي أَيْ كَرِّرِي الْوُضُوءَ ثَلَاثًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَالَ وَيُؤَيِّدُهُ السِّيَاقُ الْمُتَقَدِّمُ أَيْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .

     قَوْلُهُ  أَوْ قَالَ كَذَا وَقَعَ بِالشَّكِّ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة بن عَسَاكِرَ.

     وَقَالَ  بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ وَالْأُولَى أَظْهَرُ وَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ فِي لَفْظِ بِهَا هَلْ هُوَ ثَابِتٌ أَمْ لَا أَوِ التَّرَدُّدُ وَاقِعٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لفظ ثَلَاثًا وَالله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
غسل المحيض
[ قــ :311 ... غــ :315 ]
- حدثنا مسلم: ثنا وهيب: ثنا منصور، عَن أمه، عَن عائشة، أن امرأة مِن الأنصار قالت للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كيف أغتسل مِن المحيض؟ قالَ: ( ( خذي فرصة ممسكة وتوضئي) ) - ثلاثاً -، ثُمَّ إن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استحيا وأعرض بوجهه - أو قالَ: ( ( توضئي
بها)
)
، فأخذتها فجذبتها، فأخبرتها بما يريد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

بوب البخاري في هذين البابين على ثلاثة أشياء:
أحدها: دلك المرأة نفسها، عند غسل المحيض.

والثاني: أخذها الفرصة الممسكة.

والثالث: صفة غسل المحيض.

وخرج في الباب حديث منصور بنِ صفية بنت شيبة، عَن أمه، [وليس] في حديثه سوى ذكر الفرصة الممسكة.
ولكنه أشار إلى أن [الحكمين] الآخرين قَد رويا في حديث صفية، عَن عائشة مِن وجه [آخر] ، لكن ليسَ هوَ على شرطه، فخرج الحديث الأول بالإسناد الذي على شرطه، ونبه بذلك على الباقي.

وهذا الذِي لَم يخرجه، قَد خرجه مسلم في ( ( صحيحه) ) مِن حديث شعبة، عَن إبراهيم بنِ المهاجر، قالَ: سمعت صفية تحدث عَن عائشة، أن أسماء سألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَن غسل المحيض.
قالَ: ( ( تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور، ثُمَّ تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً، حتَّى تبلغ شئون رأسها، ثُمَّ تصب عليهِ الماء، ثُمَّ تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها) ) قالت أسماء: وكيف أتطهر بها؟ فقالَ:
( ( سبحان الله، تطهري بها) ) .
فقالت عائشة - كأنها تخفي ذَلِكَ -: تتبعين بها أثر
الدم.
وسألته عَن غسل الجنابة.
فقالَ: ( ( تأخذ ماءً فتطهر بهِ، فتحسن الطهور - أو تبلغ الطهور -، ثُمَّ تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شئون رأسها، ثُمَّ تفيض عليهِ الماء) ) .
فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار، لَم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدِّين.

وفي رواية لَهُ - أيضاً -: قالَ: ( ( سبحان الله، تطهري بها) ) ، واستتر.

وخرجه مسلم - أيضاً - من طريق أبي الأحوص، عَن إبراهيم بنِ مهاجر، وفي حديثه: قالَ: دخلت أسماء بنت شكل على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكره، ولم يذكر فيهِ غسل الجنابة.

وخرجه أبو داود.
مِن طريق أبي الأحوص، ولفظه: ( ( تأخذ ماءها وسدرتها فتوضأ، وتغسل رأسها وتدلكه) ) - وذكر الحديث، وزاد فيهِ: ( ( الوضوء) ) .

ورواه أبو داود الطيالسي، عَن قيس بنِ الربيع، عَن إبراهيم بنِ المهاجر، عَن
صفية، عَن عائشة، قالت: أتت فلانة بنت فلان الأنصارية، فقالت: يا رسول الله، كيف الغسل مِن الجنابة، فقالَ: ( ( تبدأ إحداكن فتوضأ، فتبدأ بشق رأسها الأيمن، ثُمَّ الأيسر حتى تنقي شئون رأسها) ) .
ثُمَّ قالَ: ( ( أتدرون ما شئون الرأس؟) ) قالت: البشرة.
قالَ: ( ( صدقت، ثُمَّ تفيض على بقية جسدها) ) .

قالت: يا رسول الله، فكيف الغسل مِن المحيض؟ قالَ: ( ( تأخذ إحداكن سدرتها وماءها، فتطهر فتحسن الطهور، ثُمَّ تبدأ بشق رأسها الأيمن، ثُمَّ الأيسر حتى تنقي شئون رأسها، ثُمَّ تفيض على سائر جسدها، ثُمَّ تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها) ) .
قالت: يا رسول الله، كيف أتطهر بها؟ فقلت: سبحان الله، تتبعي بها آثار الدم.

وإبراهيم بن المهاجر، لَم يخرج لَهُ البخاري.

و ( ( الفرصة) ) - بكسر الفاء، وسكون الراء، وبالصاد المهملة -، وهي القطعة.

قالَ أبو عبيد: هي القطعة من الصوف أو القطن أو غيره، مأخوذ مِن فرصت الشيء: أي قطعته.

و ( ( المسك) ) : هوَ الطيب المعروف.

هَذا هوَ الصحيح الذِي عليهِ الجمهور، والمراد: أن هَذهِ القطعة يكون فيها شيء مِن مسك، كَما في الرواية الثانية: ( ( فرصة ممسكة) ) .

وزعم ابن قتيبة والخطابي أن الرواية: ( ( مسك) ) بفتح الميم، والمراد بهِ: الجلد الذِي عليهِ صوف، وأنه أمرها أن تدلك بهِ مواضع الدم.

ولعل البخاري ذهب إلى مثل ذَلِكَ، ولذلك بوب عليهِ: ( ( دلك المرأة نفسها إذا تطهرت مِن المحيض) ) ، ويعضد ذَلِكَ: أنَّهُ في ( ( كِتابِ الزينة والترجل) ) قالَ: ( ( باب: ما يذكر في المسك) ) ، ولم يذكر فيه إلا حديث: ( ( لخلوف فم الصائم أطيب عند الله مِن ريح المسك) ) .
ولذلك - والله أعلم - لَم يخرج البخاري هَذا الحديث في
( ( باب: الطيب للمرأة عند غسل الحيض) ) .

والصحيح الذِي عليهِ جمهور الأئمة العلماء بالحديث والفقه: أن غسل المحيض يستحب فيهِ استعمال المسك، بخلاف غسل الجنابة، والنفاس كالحيض في ذلك، وقد نص على ذَلِكَ الشَافِعي وأحمد، وهما أعلم بالسنة واللغة وبألفاظ الحديث ورواياته مِن مثل ابن قتيبة والخطابي ومن حذا حذوهما ممن يفسر اللفظ بمحتملات اللغة البعيدة.

ومعلوم أن ذكر المسك في غسل الجنابة لَم يرو في غير هَذا الحديث، فعلم أنهم فسروا فيهِ بالطيب.

وزعم الخطابي: أن قولُهُ: ( ( خذي فرصة مِن مسك) ) : يدل على أن الفرصة نفسها هي المسك.
قالَ: وهذا إنما يصح إذا كانت مِن جلد، أمَّا لو كانت قطعة مِن صوف أو قطن لَم تكن مِن مسك.

وهذا ليسَ بشيء؛ فإن المراد خذي نبذة يسيرة مِن مسك، سواء كانت منفردة أو في شيء، كَما في الرواية الثانية: ( ( خذي فرصة ممسكة) ) .

قالَ الإمام أحمد في رواية حنبل: يستحب للمرأة إذا هي خرجت مِن حيضها أن تمسك معَ القطنة شيئاً مِن المسك، ليقطع عنها رائحة الدم وزفرته، تتبع بهِ مجاري
الدم.

ونقل عَنهُ - أيضاً - قالَ: يستحب للمرأة إذا طهرت مِن الحيض أن تمس طيباً، وتمسكه معَ القطنة، ليقطع عنها رائحة الدم وزفورته؛ لأن دم الحيض دم لَهُ رائحة.

وقال جعفر بن محمد: سألت أحمد عَن غسل الحائض، فذهب إلى حديث إبراهيم بن المهاجر، عَن صفية بنت شيبة، وقال: تدلك شئون رأسها.

وقال يعقوب بنِ بختان: سألت أحمد عَن النفساء والحائض، كم مرة يغتسلان؟ قالَ: كَما تغسل الميتة.
قالَ: وسألته عَن الحائض متى توضأ؟ قالَ: إن شاءت توضأت إذا بدأت واغتسلت، وإن شاءت اغتسلت ثُمَّ توضأت.

وظاهر هَذا: أنها مخيرة بين تقديم الوضوء وتأخيره؛ فإنه لَم يرد في السنة تقديمه كَما في غسل الجنابة، وإنما ورد في حديث أبي الأحوص، عَن إبراهيم ابن المهاجر: ( ( توضأ وتغسل رأسها وتدلكه) ) - بالواو، وهي لا تقتضي ترتيباً.

فتحصل مِن هَذا: أن غسل الحيض والنفاس يفارق غسل الجنابة مِن وجوه:
أحدها: أن الوضوء في غسل الحيض لا فرق بين تقديمه وتأخيره، وغسل الجنابة السنة تقديم الوضوء فيهِ على الغسل.
والثاني: أن غسل الحيض يستحب أن يكون بماء وسدر، ويتأكد استعمال السدر فيهِ، بخلاف غسل الجنابة؛ لحديث إبراهيم بن المهاجر.

قالَ الميموني: قرأت على ابن حنبل: أيجزئ الحائض الغسل بالماء؟ فأملى عليّ: إذا لم تجد إلاّ وحده اغتسلت به، قالَ النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( ماءك وسدرتك) ) ، وهو أكثر من غسل الجنابة.
قلت: فإن كانت قد اغتسلت بالماء، ثُمَّ وجدته؟ قالَ: أحب إلي أن تعود؛ لما قالَ.

الثالث: أن غسل الحيض يستحب تكراره كغسل الميتة، بخلاف غسل الجنابة، وهذا ظاهر كلام أحمد، ولا فرق في غسل الجنابة بين المرأة والرجل، نص عليهِ أحمد في رواية مهنا.

والرابع: أن غسل الحيض يستحب أن يستعمل فيهِ شيء من الطيب، وفي خرقة أو قطنة أو نحوهما، يتبع به مجاري الدم.

وقد علل أحمد ذَلِكَ بأنه يقطع زفورة الدم، وهذا هوَ المأخذ الصحيح عندَ أصحاب الشافعي - أيضاً -.

وشذ الماوردي، فحكى في ذَلِكَ وجهين:
أحدهما: أن المقصود بالطيب تطييب المحل، ليكمل استمتاع الزوج بإثارة الشهوة، وكمال اللذة.

والثاني: لكونه أسرع إلى علوق الولد.

قال: فإن فقدت المسك - وقلنا بالأول - أتت بما يقوم مقامه في دفع الرائحة، وإن قلنا بالثاني فما يسرع إلى العلوق كالقسط والأظفار ونحوهما.

قالَ: واختلف الأصحاب في وقت استعماله، فمن قالَ بالأول، قالَ: بعد
الغسل، ومن قالَ بالثاني، فَقَبْله.
قالَ صاحب ( ( شرح المهذب) ) : وهذا الوجه الثاني ليس بشيء، وما يفرع عليهِ - أيضاً - ليس بشيء، وهو خلاف ما عليهِ الجمهور، والصواب: أن المقصود به تطييب المحل، وأنها تستعمله بعد الغسل.

ثُمَّ ذكر حديث عائشة، أن أسماء بنت شكل سألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَن غسل المحيض، فقالَ: ( ( تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها، فتظهر فتحسن الطهور، ثُمَّ تصب على رأسها فتدلكه، ثُمَّ تصب عليها الماء، ثُمَّ تأخذ فرصة ممسكة فتظهر بها) ) .

خرجه مسلم.

قالَ: وقد نصوا على استحبابه للزوجة وغيرها، والبكر والثيب.
والله أعلم.

قالَ: واستعمال الطيب سنة متأكدة، يكره تركه بلا عذر.
انتهى.

وقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( خذي فرصة ممسكة فتطهري بها) ) ، وفي رواية: ( ( توضئي
بها)
)
يدل على أن المراد بهِ التنظيف والتطييب والتطهير، وكذلك سماه: تطهيراً، وتوضؤا، والمراد: الوضوء اللغوي، الذي هوَ النظافة.

وقول عائشة: ( ( تتبعي بها مجاري الدم) ) إشارة إلى إدخاله الفرج.

واستحب بعض الشافعية استعمال الطيب في كل ما أصابه دم الحيض مِن [الجسد] - أيضاً -؛ لأن المقصود قطع رائحة الدم حيث كانَ.

ونص أحمد على أنَّهُ [لا يجب] غسل باطن الفرج مِن حيض، ولا جنابة، ولا استنجاء.

قالَ جعفر بنِ محمد: قلت لأحمد: إذا اغتسلت مِن المحيض تدخل يدها؟ قالَ: لا، إلا ما ظهر، [ولم] ير عليها أن تدخل أُصبعها ولا يدها في فرجها، في غسل ولا وضوء.

ولأصحابنا وجه: بوجوب ذَلِكَ في الغسل والاستنجاء، ومنهم مِن قالَ: إن كانت [ثيباً] وخرج البول بحدة ولم يسترسل لَم يجب سوى الاستنجاء في موضع خروج
البول، وإن استرسل فدخل منهُ شيء الفرج وجب غسله.

ومذهب الشَافِعي: أن الثيب يجب [عليها] إيصال الماء إلى ما يظهر في حال قعودها لقضاء الحاجة؛ لأنه صار حكم الظاهر، نص على ذَلِكَ الشَافِعي، وشبهه بما بين الأصابع، وعليه جمهور أصحابه، وما وراء ذَلِكَ على ذَلِكَ فَهوَ عندهم في حكم الباطن على الصحيح.

ولهم وجه آخر: أنَّهُ يجب عليها إيصال الماء إلى داخل فرجها، بناء على القول بنجاسته.

ووجه آخر: أنَّهُ يجب في غسل الحيض والنفاس؛ لإزالة النجاسة، ولا يجب في الجنابة.

ومنهم مِن قالَ: لا يجب إيصاله إلى شيء مِن داخل الفرج بالكلية، كَما لا يجب إيصاله إلى داخل الفم عندهم.

والخامس: أن غسل الحيض تنقض فيهِ شعرها إذا كانَ مضفوراً، بخلاف غسل الجنابة عند أحمد، وهوَ قول طاوس والحسن.

وسيأتي ذكر ذَلِكَ مستوفي - إن شاء الله تعالى.

* * *

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب غُسْلِ الْمَحِيضِ
( باب غسل) المرأة من ( المحيض) بفتح الغين وضمها كما في الفرع.


[ قــ :311 ... غــ : 315 ]
- حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قال: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كَيْفَ أَغْتَسِلُ مِنَ الْمَحِيضِ؟ قَالَ: «خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَوَضَّئِي ثَلاَثًا» ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَحْيَا فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ أَوْ قَالَ: تَوَضَّئِي بِهَا.
فَأَخَذْتُهَا فَجَذَبْتُهَا فَأَخْبَرْتُهَا بِمَا يُرِيدُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا مسلم) زاد الأصيلي ابن إبراهيم ( قال: حدّثنا وهيب) تصغير وهب ابن خالد ( قال: حدّثنا منصور) هو ابن عبد الرحمن ( عن أمه) صفية بنت شيبة ( عن عائشة) رضي الله عنها.


( أن امرأة من الأنصار) هي أسماء بنت شكل ( قالت للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كيف أغتسل من المحيض؟ قال) عليه الصلاة والسلام: ( خذي) أي بعد إيصال الماء لشعرك وبشرتك ( فرصة ممسكة) بضم الميم الأولى وفتح الثانية ثم مهملة مشددة مفتوحة أي قطعة من صوف أو قطن مطيبة بالمسك ( فتوضئي) الوضوء اللغوي وهو التنظيف، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: وتوضئي وفي رواية فتوضئي بها قال لها ذلك ( ثلاثًا) أي ثلاث مرات.
قالت عائشة: ( ثم إن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استحيا فأعرض) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر وأعرض ( بوجهه) الكريم ( أو قال) شك من عائشة ( توضئي بها) ولابن عساكر وقال: فزاد في هذه كالرواية السابقة لفظة بها أي بالفرصة.
قالت عائشة: ( فأخذتها فجذبتها فأخبرتها بما يريد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من التتبع وإزالة الرائحة الكريهة.
والمطابقة بين الحديث والترجمة على رواية فتح غين غسل وتفسير المحيض باسم المكان ظاهرة، وعلى رواية ضم الغين والمحيض بمعنى الحيض فالإضافة بمعنى اللام الاختصاصية لأنه ذكر لها خاصة هذا الغسل.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ غُسْلِ المَحِيضِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الْغسْل من الْحيض، وَغسل الْمَرْأَة من الْحيض كغسلها من الْجَنَابَة سَوَاء، غير أَنَّهَا تزيد على ذَلِك اسْتِعْمَال الطّيب، وَهَذَا الْبابُُ فِي الْحَقِيقَة لَا فَائِدَة فِي ذكره، لِأَن الحَدِيث الَّذِي فِيهِ هُوَ الحَدِيث الْمَذْكُور فِي الْبابُُ الَّذِي قبله، غير أَن ذَلِك عَن يحيى عَن ابْن عُيَيْنَة عَن مَنْصُور، وَهَذَا عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن وهيب بن خَالِد عَن مَنْصُور.



[ قــ :311 ... غــ :315 ]
- حدّثنا مُسْلِمٌ قالَ حدّثنا وُهَيْبٌ حدّثنا مَنْصُورٌ عَنْ أُمَّهِ عَنْ عائِشَةَ أنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قالَتْ ل لنَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيْفَ اغْتَسِلُ مِنَ المَحيضِ قالَ خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةٌ فَتَوَضَئِي ثَلَاثًا ثُمَّ أنَّ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَحْيَا فاعْرِضَ بِوَجْهِهِ أَو قالَ تَوَضَئِي بِهَا فَاخَذْتُهَا فَجَذِبْتَها فأخْبَرْتُها بِمَا يُرِيدُ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

( انْظُر الحَدِيث 314 وطرفه) [/ ح.


قيل: التَّرْجَمَة لغسل الْمَحِيض، والْحَدِيث لم يدل عَلَيْهَا فَلَا مُطَابقَة.
قلت: إِن كَانَ لفظ الْغسْل فِي التَّرْجَمَة بِفَتْح الْغَيْن، والمحيض اسْم مَكَان، فَالْمَعْنى ظَاهر، وَإِن كَانَ بِضَم الْغَيْن والمحيض مصدر فالإضافة بِمَعْنى اللَّام الاختصاصية، فَلهَذَا ذكر خَاصَّة هَذَا الْغسْل وَمَا بِهِ يمتاز عَن سَائِر الِاغْتِسَال.

الْكَلَام فِيمَا يتَعَلَّق بِهِ قد مضى فِي الْبابُُ الَّذِي قبله.
قَوْله: ( وتوضئي ثَلَاثًا) وَفِي بَعْضهَا: فتوضئي.
قَوْله: ( ثَلَاثًا) يتَعَلَّق: يُقَال، أَي: يُقَال ثَلَاث مَرَّات لَا تتوضئي، وَيحْتَمل تعلقه بقالت أَيْضا بِدَلِيل الحَدِيث الْمُتَقَدّم.
قَوْله: ( أَو قَالَ) شكّ من عَائِشَة، وَالْفرق بَين الرِّوَايَتَيْنِ زِيَادَة لَفظه بهَا يَعْنِي: تطهري بالفرصة، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر بِالْوَاو من غير شكّ.
قَوْله: ( مِمَّا يُرِيد) أَي: يتتبع أثر الدَّم وَإِزَالَة الرَّائِحَة الكريهة من الْفرج.