هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5299 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي الجُوَيْرِيَةِ ، قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، عَنِ البَاذَقِ فَقَالَ : سَبَقَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَاذَقَ : فَمَا أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ قَالَ : الشَّرَابُ الحَلاَلُ الطَّيِّبُ ، قَالَ : لَيْسَ بَعْدَ الحَلاَلِ الطَّيِّبِ إِلَّا الحَرَامُ الخَبِيثُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5299 حدثنا محمد بن كثير ، أخبرنا سفيان ، عن أبي الجويرية ، قال : سألت ابن عباس ، عن الباذق فقال : سبق محمد صلى الله عليه وسلم الباذق : فما أسكر فهو حرام قال : الشراب الحلال الطيب ، قال : ليس بعد الحلال الطيب إلا الحرام الخبيث
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Al-Juwairiyya:

I asked Ibn `Abbas about Al-Badhaq. He said, Muhammad prohibited alcoholic drinks before It was called Al-Badhaq (by saying), 'Any drink that intoxicates is unlawful.' I said, 'What about good lawful drinks?' He said,'Apart from what is lawful and good, all other things are unlawful and not good (unclean Al-Khabith).

":"ہم سے محمد بن کثیر نے بیان کیا ، کہا ہم کو سفیان ثوری نے خبر دی ، انہیں ابو الجویریہ نے ، کہا کہمیں نے ابن عباس رضی اللہ عنہما سے باذق ( انگور کا شیرہ ہلکی آنچ دیا ہوا ) کے متعلق پوچھا تو انہوں نے کہا کہ حضرت محمد صلی اللہ علیہ وسلم باذق کے وجود سے پہلے ہی دنیا سے رخصت ہو گئے تھے جو چیز بھی نشہ لایے وہ حرام ہے ۔ ابو الجویریہ نے کہا کہ باذق تو حلال و طیب ہے ۔ ابن عباس رضی اللہ عنہما نے کہا کہ انگور حلال طیب تھا جب اس کی شراب بن گئی تو وہ حرام خبیث ہے ۔ ( نہ کہ حلال طیب )

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [5598] .

     قَوْلُهُ  سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ بِالْجِيمِ مُصَغَّرًا اسْمُهُ حِطَّانُ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ حَالِهِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ حَدَّثَنِي أَبُو الْجَوْرِيَةِ .

     قَوْلُهُ  سَبَقَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَاذَقَ مَا أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ قَالَ الْمُهَلَّبُ أَيْ سَبَقَ مُحَمَّدٌبِتَحْرِيم الْخمر تسميتهم لَهَا الباذق قَالَ بن بَطَّالٍ يَعْنِي بِقَوْلِهِ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَالْبَاذَقُ شَرَابُ الْعَسَلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى سَبَقَ حُكْمَ مُحَمَّدٍ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ تَسْمِيَتَهُمْ لَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا وَلَيْسَ تَغْيِيرُهُمْ لِلِاسْمِ بِمُحَلِّلٍ لَهُ إِذَا كَانَ يسكر قَالَ وَكَأن بن عَبَّاسٍ فَهِمَ مِنَ السَّائِلِ أَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْبَاذَقَ حَلَالٌ فَحَسَمَ مَادَّتَهُ وَقَطَعَ رَجَاءَهُ وَبَاعَدَ مِنْهُ أَصْلَهُ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُسْكِرَ حَرَامٌ وَلَا عِبْرَة بِالتَّسْمِيَةِ.

     وَقَالَ  بن التِّينِ يَعْنِي أَنَّ الْبَاذَقَ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

.

قُلْتُ وَسِيَاقُ قِصَّةِ عُمَرَ الْأُولَى يُؤَيِّدُ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ شَارِبُ الْمَطْبُوخِ إِذَا كَانَ يُسْكِرُ أَعْظَمُ ذَنْبًا مِنْ شَارِبِ الْخَمْرِ لِأَنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ يَشْرَبُهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ عَاصٍ بِشُرْبِهَا وَشَارِبُ الْمَطْبُوخِ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ وَيَرَاهُ حَلَالًا وَقَدْ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ قَلِيلَ الْخَمْرِ وَكَثِيرَهُ حَرَامٌ وَثَبَتَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَنِ اسْتَحَلَّ مَا هُوَ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ كَفَرَ.

.

قُلْتُ وَقَدْ سَبَقَ إِلَى نَحْوِ هَذَا بَعْضُ قُدَمَاءِ الشُّعَرَاءِ فِي أَوَّلِ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ فَقَالَ يُعَرِّضُ بِبَعْضِ مَنْ كَانَ يُفْتِي بِإِبَاحَةِ الْمَطْبُوخِ وَأَشْرَبُهَا وَأَزْعُمُهَا حَرَامًا وَأَرْجُو عَفْوَ رَبٍّ ذِي امْتِنَانِ وَيَشْرَبُهَا وَيَزْعُمُهَا حَلَالًا وَتِلْكَ عَلَى الْمُسِيءِ خَطِيئَتَانِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ الشَّرَابُ الْحَلَالُ الطَّيِّبُ قَالَ لَيْسَ بَعْدَ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ إِلَّا الْحَرَامُ الْخَبِيثُ هَكَذَا فِي جَمِيعِ نُسَخِ الصَّحِيحِ وَلَمْ يُعَيِّنِ الْقَائِلَ هَلْ هُوَ بن عَبَّاسٍ أَوْ مَنْ بَعْدَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ قَول بن عَبَّاسٍ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ فِي أَحْكَامِهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ قَالَ الشَّرَابُ الْحَلَالُ الطَّيِّبُ لَا الْحَرَامُ الْخَبِيثُ وَأَخْرَجَهُ أَيْضا من طَرِيق بن أَبِي خَيْثَمَةَ وَهُوَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ قَالَ.

.

قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَفْتِنِي عَن البادق فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْم إِنَّا نعمد إِلَى الْعِنَب فنعصره ثمَّ نَطْبُخَهُ حَتَّى يَكُونَ حَلَالًا طَيِّبًا فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ اشْرَبِ الْحَلَالَ الطَّيِّبَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ إِلَّا الْحَرَامُ الْخَبِيثُ وأجرجه سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ عَن أبي الجويرية قَالَ سَأَلت بن عَبَّاسٍ.

.

قُلْتُ نَأْخُذُ الْعِنَبَ فَنَعْصِرُهُ فَنَشْرَبُ مِنْهُ حُلْوًا حَلَالًا قَالَ اشْرَبِ الْحُلْوَ وَالْبَاقِي مِثْلُهُ وَمعنى هَذَا أَن المشبهات نقع فِي حَيِّزِ الْحَرَامِ وَهُوَ الْخَبِيثُ وَمَا لَا شُبْهَةَ فِيهِ حَلَالٌ طَيِّبٌ قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي أَحْكَام الْقُرْآن هَذَا الْأَثر عَن بن عَبَّاسٍ يُضَعِّفُ الْأَثَرَ الْمَرْوِيَّ عَنْهُ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا الْحَدِيثُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي بَابِ الْخمر من الْعَسَل ثمَّ أسْند عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ أَحَدِ الثِّقَات عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ النَّارَ لَا تُحِلُّ شَيْئًا وَلَا تُحَرِّمُهُ وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ يحيى بن عبيد عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ أَيُسْكِرُ قَالُوا إِذَا أَكْثَرَ مِنْهُ أَسْكَرَ قَالَ فَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثِ عَائِشَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ وَقد تَقَدَّمَ فِي الْأَطْعِمَةِ وَالْحَلْوَاءُ تُعْقَدُ مِنَ السُّكَّرِ وَعَطْفُ الْعَسَلِ عَلَيْهَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَقَدْ تُعْقَدُ الْحَلْوَاءُ مِنَ السُّكَّرِ فَيَتَقَارَبَانِ وَوَجْهُ إِيرَادِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الَّذِي يَحِلُّ مِنَ الْمَطْبُوخِ هُوَ مَا كَانَ فِي مَعْنَى الْحَلْوَاءِ وَالَّذِي يَجُوزُ شُرْبُهُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَب بِغَيْر طبخ هُوَ مَا كَانَ فِي مَعْنَى الْعَسَلِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَمْزُجُونَهُ بِالْمَاءِ ويشربونه من سَاعَته وَالله أعلم( قَولُهُ بَابُ مَنْ رَأَى أَنْ لَا يُخْلَطَ الْبُسْر وَالتَّمْر إِذا كَانَ مُسكرا) قَالَ بن بَطَّالٍ .

     قَوْلُهُ  إِذَا كَانَ مُسْكِرًا خَطَأٌ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ عَامٌّ وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ كَثِيرُهُمَا لِسُرْعَةِ سَرَيَانِ الْإِسْكَارِ إِلَيْهِمَا مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ صَاحِبُهُ بِهِ فَلَيْسَ النَّهْيُ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ لِأَنَّهُمَا يُسْكِرَانِ حَالًا بَلْ لِأَنَّهُمَا يُسْكِرَانِ مَآلًا فَإِنَّهُمَا إِذَا كَانَا مُسْكِرَيْنِ فِي الْحَالِ لَا خِلَافَ فِي النَّهْيِ عَنْهُمَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ فَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ هُوَ خَطَأٌ بَلْ يَكُونُ أطلق ذَلِك عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ وَهُوَ اسْتِعْمَالُ مَشْهُورٌ وَأَجَابَ بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَرُدُّ عَلَى الْبُخَارِيِّ إِمَّا لِأَنَّهُ يَرَى جَوَازَ الْخَلِيطَيْنِ قَبْلَ الْإِسْكَارِ وَإِمَّا لِأَنَّهُ تَرْجَمَ عَلَى مَا يُطَابِقُ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ وَهُوَ حَدِيثُ أَنَسٍ فَإِنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الَّذِي كَانَ يَسْقِيهِ الْقَوْمَ حِينَئِذٍ كَانَ مُسْكِرًا وَلِهَذَا دَخَلَ عِنْدَهُمْ فِي عُمُومِ النَّهْيِ عَنِ الْخَمْرِ حَتَّى قَالَ أَنَسٌ وَإِنَّا لَنَعُدُّهَا يَوْمئِذٍ الْخَمْرَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُسْكِرًا قَالَ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  وَأَنْ لَا يَجْعَلَ إدَامَيْنِ فِي إِدَامٍ فَيُطَابِقُ حَدِيثَ جَابِرٍ وَأَبِي قَتَادَةَ وَيَكُونُ النَّهْيُ مُعَلَّلًا بِعِلَلٍ مُسْتَقِلَّةٍ إِمَّا تَحْقِيقُ إِسْكَارِ الْكَثِيرِ وَإِمَّا تَوَقُّعُ الْإِسْكَارِ بِالْخَلْطِ سَرِيعًا وَإِمَّا الْإِسْرَافُ وَالشَّرَهُ وَالتَّعْلِيلُ بِالْإِسْرَافِ مُبَيَّنٌ فِي حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ قِرَانِ التَّمْرِ.

.

قُلْتُ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ مُرَادَ الْبُخَارِيِّ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ أَوَّلَ النَّهْيَ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ بِأَحَدِ تَأْوِيلَيْنِ أَحَدُهُمَا حَمْلُ الْخَلِيطِ عَلَى الْمَخْلُوطِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ نَبِيذُ تَمْرٍ وَحْدَهُ مَثَلًا قَدِ اشْتَدَّ وَنَبِيذُ زَبِيبٍ وَحْدَهُ مَثَلًا قَدِ اشْتَدَّ فَيُخْلَطَانِ لِيَصِيرَا خَلًّا فَيَكُونُ النَّهْيُ مِنْ أَجْلِ تَعَمُّدِ التَّخْلِيلِ وَهَذَا مُطَابِقٌ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ ثَانِيهُمَا أَنْ يَكُونَ عِلَّةُ النَّهْيِ عَنِ الْخَلْطِ الْإِسْرَافُ فَيَكُونُ كَالنَّهْيِ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ إدَامَيْنِ وَيُؤَيِّدُ الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  فِي التَّرْجَمَةِ وَأَنْ لَا يَجْعَلُ إدَامَيْنِ فِي إِدَامٍ وَقَدْ حَكَى أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُمْ حَمَلُوا النَّهْيَ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ عَلَى الثَّانِي وَجَعَلُوهُ نَظِيرَ النَّهْيِ عَنِ الْقِرَانِ بَيْنَ التَّمْرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَطْعِمَةِ قَالُوا فَإِذَا وَرَدَ النَّهْيُ عَن الْقُرْآن بَين التمرتين وَهُمَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ فَكَيْفَ إِذَا وَقَعَ الْقِرَانُ بَيْنَ نَوْعَيْنِ وَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مَنْ رَأَى وَلَمْ يَجْزِمْ بِالْحُكْمِ وَقَدْ نَصَرَ الطَّحَاوِيُّ مَنْ حَمَلَ النَّهْيَ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ عَلَى مَنْعِ السَّرَفِ فَقَالَ كَانَ ذَلِكَ لِمَا كَانُوا فِيهِ من ضيق الْعَيْش وسَاق حَدِيث بن عُمَرَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْقِرَانِ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ وَتعقب بِأَن بن عُمَرَ أَحَدُ مَنْ رَوَى النَّهْيَ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ وَكَانَ يَنْبِذُ الْبُسْرَ فَإِذَا نَظَرَ إِلَى بُسْرَةٍ فِي بَعْضِهَا تَرْطِيبٌ قَطَعَهُ كَرَاهَةَ أَنْ يَقَعَ فِي النَّهْيِ وَهَذَا عَلَى قَاعِدَتِهِمْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ فَهِمَ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ كَالنَّهْيِ عَنِ الْقِرَانِ لِمَا خَالَفَهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُ عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ أَنَسٍ الَّذِي تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَفِيهِ أَنَّهُ سَقَاهُ خَلِيطَ بُسْرٍ وَتَمْرٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّهْيِ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ خَلْطِ الْبُسْرِ بِالتَّمْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ عَادَةً يَقْتَضِي إِسْرَاعَ الْإِسْكَارِبِخِلَافِ الْمُنْفَرِدَيْنِ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا فِي الْخَلِيطَيْنِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ صَاحِبُ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ وَحَمْلُ عِلَّةِ النَّهْيِ لِخَوْفِ الْإِسْرَاعِ أَظْهَرُ مِنْ حَمْلِهَا عَلَى الْإِسْرَافِ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ نِصْفِ رِطْلٍ مِنْ تَمْرٍ وَنِصْفِ رِطْلٍ مِنْ بُسْرٍ إِذَا خُلِطَا مَثَلًا وَبَيْنَ رِطْلٍ مِنْ زَبِيبٍ صِرْفٍ بَلْ هُوَ أَوْلَى لِقِلَّةِ الزَّبِيبِ عِنْدَهُمْ إِذْ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى التَّمْرِ وَالرُّطَبِ وَقَدْ وَقَعَ الْإِذْنُ بِأَنْ يُنْبَذَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ فَلَوْ كَانَتِ الْعِلَّةُ الْإِسْرَافَ لَمَا أَطْلَقَ ذَلِكَ وَحَكَى الطَّحَاوِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ عَنِ اللَّيْثِ قَالَ لَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُخْلَطَ نَبِيذُ التَّمْرِ وَنَبِيذُ الزَّبِيبِ ثُمَّ يُشْرَبَانِ جَمِيعًا وَإِنَّمَا جَاءَ النَّهْيُ أَنْ يُنْبَذَا جَمِيعًا ثُمَّ يُشْرَبَانِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَشْتَدُّ بِهِ صَاحِبُهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  قَوْله بَاب الباذق)
ضَبطه بن التِّينِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَنُقِلَ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ يَعْنِي الْقَابِسِيَّ أَنَّهُ حَدَّثَ بِهِ بِكَسْرِ الذَّالِ وَسُئِلَ عَنْ فَتْحِهَا فَقَالَ مَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ قَالَ وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ الْخمر إِذا طبخ.

     وَقَالَ  بن التِّينِ هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ.

     وَقَالَ  الْجَوَالِيقِيُّ أَصْلُهُ باذه وَهُوَ الطِّلَاءُ وَهُوَ أَنْ يُطْبَخَ الْعَصِيرُ حَتَّى يصير مثل طلاء الْإِبِل.

     وَقَالَ  بن قُرْقُولٍ الْبَاذَقُ الْمَطْبُوخُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ إِذَا أَسْكَرَ أَوِ إِذَا طُبِخَ بَعْدَ أَنِ اشْتَدَّ وَذكر بن سِيدَهْ فِي الْمُحْكَمِ أَنَّهُ مِنَ أَسْمَاءِ الْخَمْرِ وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ إِنَّهُ يُشْبِهُ الْفُقَّاعَ إِلَّا أَنه رُبمَا أَشْتَدّ وأسكر وَكَلَام من هُوَ أَعْرَفَ مِنْهُ بِذَلِكَ يُخَالِفُهُ وَيُقَالُ لِلْبَاذَقِ أَيْضًا الْمُثَلَّثُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ ذَهَبَ مِنْهُ بِالطَّبْخِ ثُلُثَاهُ وَكَذَلِكَ الْمُنَصَّفُ وَهُوَ مَا ذَهَبَ نِصْفُهُ وَتُسَمِّيهِ الْعَجَمُ مَيْنُخْتَجُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَآخِرُهُ جِيمٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَضُمُّ الْمُثَنَّاةَ وَرِوَايَتُهُ فِي مُصَنف بن أَبِي شَيْبَةَ بِدَالٍ بَدَلَ الْمُثَنَّاةِ وَبِحَذْفِ الْمِيمِ وَالْيَاءِ مِنَ أَوَّلِهِ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ نَهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ مِنَ الْأَشْرِبَةِ كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ فَإِنْ كَانَ يُسْكِرُ جَلَدْتُهُ مَعَ نَقْلِهِ عَنْهُ تَجْوِيزَ شُرْبِ الطِّلَاءِ عَلَى الثُّلُثِ فَكَأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنَ الْخَبَرَيْنِ أَنَّ الَّذِي أَبَاحَهُ مَا لَمْ يُسْكِرِ أَصْلًا.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  مِنَ الْأَشْرِبَةِ فَلِأَنَّ الْآثَارَ الَّتِي أَوْرَدَهَا مَرْفُوعَهَا وَمَوْقُوفَهَا تَتَعَلَّقُ بِمَا يُشْرَبُ وَقَدْ سَبَقَ جَمْعُ طُرُقِ حَدِيثِ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ فِي بَابِ الْخَمْرِ مِنَ الْعَسَلِ .

     قَوْلُهُ  وَرَأَى عُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَمُعَاذٌ شُرْبَ الطِّلَاءِ عَلَى الثُّلُثِ أَيْ رَأَوْا جَوَازَ شُرْبِ الطِّلَاءِ إِذَا طُبِخَ فَصَارَ عَلَى الثُّلُثِ وَنَقَصَ مِنْهُ الثُّلُثَانِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ مِنْ سِيَاقِ أَلْفَاظِ هَذِهِ الْآثَارِ فَأَمَّا أَثَرُ عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ طَرِيقِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ قَدِمَ الشَّامَ شَكَا إِلَيْهِ أَهْلُ الشَّامِ وَبَاءَ الْأَرْضِ وَثِقَلَهَا وَقَالُوا لَا يُصْلِحُنَا إِلَّا هَذَا الشَّرَابُ فَقَالَ عُمَرُ اشْرَبُوا الْعَسَلَ قَالُوا مَا يُصْلِحُنَا الْعَسَلُ فَقَالَ رِجَالٌ مِنَ أَهْلِ الْأَرْضِ هَلْ لَكَ أَنْ تَجْعَلَ لَكَ مِنْ هَذَا الشَّرَابِ شَيْئًا لَا يُسْكِرُ فَقَالَ نَعَمْ فَطَبَخُوهُ حَتَّى ذَهَبَ مِنْهُ ثُلُثَانِ وَبَقِيَ الثُّلُثُ فَأَتَوْا بِهِ عُمَرَ فَأَدْخَلَ فِيهِ إِصْبَعَهُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ فَتَبِعَهَا يَتَمَطَّطُ فَقَالَ هَذَا الطِّلَاءُ مِثْلُ طِلَاءِ الْإِبِلِ فَأَمَرَهُمْ عُمَرُ أَنْ يَشْرَبُوهُ.

     وَقَالَ  عُمَرُ اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أُحِلُّ لَهُمْ شَيْئًا حَرَّمْتَهُ عَلَيْهِمْ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَمَّارٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ جَاءَنِي عِيرٌ تَحْمِلُ شَرَابًا أَسْوَدَ كَأَنَّهُ طِلَاءُ الْإِبِلِ فَذَكَرُوا أَنَّهُمْ يَطْبُخُونَهُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ الْأَخْبَثَانِ ثُلُثٌ بِرِيحِهِ وَثُلُثٌ بِبَغْيِهِ فَمُرْ مَنْ قِبَلَكَ أَنْ يَشْرَبُوهُ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ أَحَلَّ مِنَ الشَّرَابِ مَا طُبِخَ فَذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ اطْبُخُوا شَرَابَكُمْ حَتَّى يَذْهَبَ نَصِيبُ الشَّيْطَانِ مِنْهُ فَإِنَّ لِلشَّيْطَانِ اثْنَيْنِ وَلَكُمْ وَاحِدٌ وَهَذِهِ أَسَانِيدٌ صَحِيحَةٌ وَقَدْ أَفْصَحَ بَعْضُهَا بِأَنَّ الْمَحْذُورَ مِنْهُ السُّكْرُ فَمَتَى أَسْكَرَ لَمْ يَحِلَّ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِنَصِيبِ الشَّيْطَانِ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ بن سِيرِينَ فِي قِصَّةِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لما ركب السَّفِينَة فقد الحبلة فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ إِنَّ الشَّيْطَانَ أَخَذَهَا ثُمَّ أُحْضِرَتْ لَهُ وَمَعَهَا الشَّيْطَانُ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ إِنَّهُ شَرِيكُكَ فِيهَا فَأَحْسِنِ الشَّرِكَةَ قَالَ لَهُ النِّصْفُ قَالَ أَحْسِنْ قَالَ لَهُ الثُّلُثَانِ وَلِيَ الثُّلُثُ قَالَ أَحْسَنْتَ وَأَنْتَ مِحْسَانٌ أَنْ تَأْكُلَهُ عِنَبًا وَتَشْرَبَهُ عَصِيرًا وَمَا طُبِخَ عَلَى الثُّلُثِ فَهُوَ لَكَ وَلِذُرِّيَّتِكَ وَمَا جَازَ عَنِ الثُّلُثِ فَهُوَ مِنْ نَصِيبِ الشَّيْطَانِ وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ وَجه آخر عَن بن سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَذَكَرَهُ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ فَيَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ وَأغْرب بن حَزْمٍ فَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ لَمْ يُدْرِكْ نُوحًا فَيَكُونُ مُنْقَطِعًا.

.
وَأَمَّا أَثَرُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَهُوَ بن الْجراح ومعاذ وَهُوَ بن جَبَلٍ فَأَخْرَجَهُ أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُور وبن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَأَبَا طَلْحَةَ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنَ الطِّلَاءِ مَا طُبِخَ عَلَى الثُّلُثِ وَذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَالطِّلَاءُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ هُوَ الدِّبْسُ شُبِّهَ بِطِلَاءِ الْإِبِلِ وَهُوَ الْقَطِرَانُ الَّذِي يُدْهَنُ بِهِ فَإِذَا طُبِخَ عَصِيرُ الْعِنَبِ حَتَّى تَمَدَّدَ أَشْبَهَ طِلَاءَ الْإِبِلِ وَهُوَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ غَالِبًا لَا يُسْكِرُ وَقَدْ وَافَقَ عُمَرُ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ عَلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ أَبُو مُوسَى وَأَبُو الدَّرْدَاءِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْهُمَا وَعَلِيٌّ وَأَبُو أُمَامَةَ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَغَيرهم أخرجهَا بن أبي شيبَة وَغَيره وَمن التَّابِعين بن الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ وَمِنَ الْفُقَهَاءِ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ وَشَرْطُ تَنَاوُلِهِ عِنْدَهُمْ مَا لَمْ يُسْكِرْ وَكَرِهَهُ طَائِفَةٌ تَوَرُّعًا .

     قَوْلُهُ  وَشَرِبَ الْبَرَاءُ وَأَبُو جُحَيْفَةَ عَلَى النِّصْفِ أَمَّا أَثَرُ الْبَراء فَأخْرجهُ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ الطِّلَاءَ عَلَى النِّصْفِ أَيْ إِذَا طُبِخَ فَصَارَ عَلَى النِّصْفِ.

.
وَأَمَّا أثر أبي جُحَيْفَة فَأخْرجهُ بن أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ فَذَكَرَ مثله وَوَافَقَ الْبَراء وَأَبُو جُحَيْفَة جرير وَأنس وَمن التَّابِعين بن الْحَنَفِيَّةِ وَشُرَيْحٌ وَأَطْبَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ يُسْكِرُ حَرُمَ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي الْأَشْرِبَةِ بَلَغَنِي أَنَّ النِّصْفِ يُسْكِرُ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ حَرَامٌ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ يخْتَلف باخْتلَاف أعناب الْبِلَاد فقد قَالَ بن حَزْمٍ إِنَّهُ شَاهَدَ مِنَ الْعَصِيرِ مَا إِذَا طُبِخَ إِلَى الثُّلُثِ يَنْعَقِدُ وَلَا يَصِيرُ مُسْكِرًا أَصْلًا وَمِنْهُ مَا إِذَا طُبِخَ إِلَى النِّصْفِ كَذَلِكَ وَمِنْهُ مَا إِذَا طُبِخَ إِلَى الرُّبْعِ كَذَلِكَ بَلْ قَالَ إِنَّهُ شَاهَدَ مِنْهُ مَا يَصِيرُ رُبًّا خَاثِرًا لَا يُسْكِرُ وَمِنْهُ مَا لَوْ طُبِخَ لَا يَبْقَى غَيْرَ رُبُعِهِ لَا يَخْثُرُ وَلَا يَنْفَكُّ السُّكْرُ عَنْهُ قَالَ فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ مَا وَرَدَ عَنِ الصَّحَابَةِ مِنْ أَمْرِ الطِّلَاءِ عَلَى مَا لَا يُسْكِرُ بَعْدَ الطَّبْخ وَقد ثَبت عَن بن عَبَّاسٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّ النَّارَ لَا تُحِلُّ شَيْئًا وَلَا تُحَرِّمُهُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْهُ.

     وَقَالَ  إِنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْهُ فِي الطِّلَاءِ وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ قَالَ هُوَ الَّذِي يَصِيرُ مِثْلَ الْعَسَلِ وَيُؤْكَلُ وَيُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَيُشْرَبَ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ اشْرَبِ الْعَصِيرَ مَا دَامَ طَرِيًّا وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي ثَابِتٍ الثَّعْلَبِيِّ قَالَ كنت عِنْد بن عَبَّاسٍ فَجَاءَهُ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَنِ الْعَصِيرِ فَقَالَ اشْرَبْهُ مَا كَانَ طَرِيًّا قَالَ إِنِّي طَبَخْتُ شَرَابًا وَفِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ أَكُنْتَ شَارِبَهُ قَبْلَ أَنْ تَطْبُخَهُ قَالَ لَا قَالَ فَإِنَّ النَّارَ لَا تُحِلُّ شَيْئًا قَدْ حُرِّمَ وَهَذَا يُقَيِّدُ مَا أُطْلِقَ فِي الْآثَارِ الْمَاضِيَةِ وَهُوَ أَنَّ الَّذِي يُطْبَخُ إِنَّمَا هُوَ الْعَصِيرُ الطَّرِيُّ قَبْلَ أَنْ يَتَخَمَّرَ أَمَّا لَوْ صَارَ خَمْرًا فَطُبِخَ فَإِنَّ الطَّبْخَ لَا يُطَهِّرُهُ وَلَا يُحِلُّهُ إِلَّا عَلَى رَأْي مَنْ يُجِيزُ تَخْلِيلَ الْخَمْرِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ وَحُجَّتُهُمُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي طَلْحَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَخْرَجَ بن أَبِي شَيْبَةَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ اشْرَبِ الْعَصِيرَ مَا لَمْ يَغْلِ وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُ إِذَا بَدَأَ فِيهِ التَّغَيُّرُ يَمْتَنِعُ وَعَلَامَةُ ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْغَلَيَانِ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَقِيلَ إِذَا انْتَهَى غَلَيَانُهُ وَابْتَدَأَ فِي الْهُدُوِّ بَعْدَ الْغَلَيَانِ وَقِيلَ إِذَا سَكَنَ غَلَيَانُهُ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَحْرُمُ عَصِيرُ الْعِنَبِ النِّيءُ حَتَّى يَغْلِيَ وَيَقْذِفَ بِالزَّبَدِ فَإِذَا غَلَى وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ حَرُمَ.

.
وَأَمَّا الْمَطْبُوخُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ وَيَبْقَى ثُلُثُهُ فَلَا يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا وَلَوْ غَلَى وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ بَعْدَ الطَّبْخِ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ يَمْتَنِعُ إِذَا صَارَ مُسْكِرًا شُرْبُ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ سَوَاءٌ غَلَى أَمْ لَمْ يَغْلِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ حَدَّ الْإِسْكَارِ بِأَنْ يَغْلِيَ ثُمَّ يَسْكُنَ غَلَيَانُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ مُرَادُ مَنْ قَالَ حَدُّ مَنْعِ شُرْبِهِ أَنْ يَتَغَيَّرَ وَالله أعلم قَوْله.

     وَقَالَ  عمر هُوَ بن الْخَطَّابِ وَجَدْتُ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بِالتَّصْغِيرِ وَهُوَ بن عُمَرَ .

     قَوْلُهُ  رِيحُ شَرَابٍ وَأَنَا سَائِلٌ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ يُسْكِرُ جَلَدْتُهُ وَصَلَهُ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ إِنِّي وَجَدْتُ مِنْ فُلَانٍ رِيحَ شَرَابٍ فَزَعَمَ أَنَّهُ شَرَابُ الطِّلَاءِ وَإِنِّي سَائِلٌ عَمَّا شَرِبَ فَإِنْ كَانَ يُسْكِرُ جَلَدْتُهُ فَجَلَدَهُ عُمَرُ الْحَدَّ تَامًّا وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَفِي السِّيَاقِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَسَأَلَ عَنْهُ فَوَجَدَهُ يُسْكِرُ فَجَلَدَهُ وَأَخْرَجَهُ سَعِيدُ بن مَنْصُور عَن بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ قَامَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ ذُكِرَ لِي أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَأَصْحَابَهُ شَرِبُوا شَرَابًا وَأَنَا سَائِلٌ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ يسكر حددتهم قَالَ بن عُيَيْنَةَ فَأَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ قَالَ فَرَأَيْتُ عُمَرَ يَجْلِدُهُمْ وَهَذَا الْأَثَرُ يُؤَيِّدُ مَا قَدَّمْتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا أَحَلَّهُ عُمَرُ مِنَ الْمَطْبُوخِ الَّذِي يُسَمَّى الطِّلَاءَ مَا لَمْ يَكُنْ بَلَغَ حَدَّ الْإِسْكَارِ فَإِنْ بَلَغَهُ لَمْ يَحِلَّ عِنْدَهُ وَلِذَلِكَ جَلَدَهُمْ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ هَلْ شَرِبُوا مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنِ احْتَجَّ بِعُمَرَ فِي جَوَازِ شُرْبِ الْمَطْبُوخِ إِذَا ذَهَبَ مِنْهُ الثُّلُثَانِ وَلَوِ أَسْكَرَ فَإِنَّ عُمَرَ أَذِنَ فِي شُرْبِهِ وَلَمْ يُفَصِّلْ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَثَرَيْنِ عَنْهُ يَقْتَضِي التَّفْصِيلَ وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ فَاسْتَغْنَى عَنِ التَّفْصِيلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَ ابْنَهُ فَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ شَرِبَ كَذَا فَسَأَلَ غَيْرَهُ عَنْهُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ يُسْكِرُ أَوْ سَأَلَ ابْنَهُ فَاعْتَرَفَ أَنَّ الَّذِي شَرِبَ يُسْكِرُ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَعْمَرٍ فَقَالَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ شَهِدْتُ عُمَرَ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ إِنِّي وَجَدْتُ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رِيحَ شَرَابٍ وَإِنِّي سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ الطِّلَاءُ وَإِنِّي سَائِلٌ عَنِ الشَّرَابِ الَّذِي شَرِبَ فَإِنْ كَانَ مُسْكِرًا جَلَدْتُهُ قَالَ فَشَهِدْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَجْلِدُهُ.

.

قُلْتُ وَهَذَا السِّيَاقُ يُوضح أَن رِوَايَة بن جريج الَّتِي أخرجهَا عبد الرَّزَّاق أَيْضا عَنهُ عَن الزُّهْرِيّ مختصرة مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَلَفْظُهُ عَنِ السَّائِبِ أَنَّهُ حَضَرَ عُمَرُ يَجْلِدُ رَجُلًا وَجَدَ مِنْهُ رِيحَ شَرَابٍ فَجَلَدَهُ الْحَدَّ تَامًّا فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ جَلَدَهُ بِمُجَرَّدِ وُجُودِ الرِّيحِ مِنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَكَذَلِكَ مَا أخرجه بن أبي شيبَة من طَرِيق بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَضْرِبُ فِي الرِّيحِ فَإِنَّهَا أَشَدُّ اخْتِصَارًا وَأَعْظَمُ لَبْسًا وَقَدْ تَبَيَّنَ بِرِوَايَةِ مَعْمَرٍ أَنْ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ يُجَوِّزُ إِقَامَةَ الْحَدِّ بِوُجُودِ الرِّيحِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ النَّسَائِيُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي نُقِلَ عَنْهُ مِنْ أَنَّهُ كَسَرَ النَّبِيذَ بِالْمَاءِ لَمَّا شَرِبَ مِنْهُ فَقَطَّبَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِحُمُوضَتِهِ لَا لِاشْتِدَادِهِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ عَمَّمَ وُجُوبَ الْحَدِّ بِشُرْبِ الْمُسْكِرِ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ مِنْهُ هَلْ شَرِبَ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ النَّبِيذَ الَّذِي قَطَّبَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ بَلَغَ حَدَّ الْإِسْكَارِ أَصْلًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ إقَامَةِ الْحَدِّ بِالرَّائِحَةِ وَقَدْ مَضَى فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ النَّقْلُ عَن بن مَسْعُود أَنه عمل بِهِ وَنقل بن الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَالِكٍ مِثْلَهُ قَالَ مَالِكٌ إِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ مِمَّنْ كَانَ يَشْرَبُ ثُمَّ تَابَا أَنَّهُ رِيحُ خَمْرٍ وَجَبَ الْحَدُّ وَخَالَفَ ذَلِكَ الْجُمْهُورُ فَقَالُوا لَا يَجِبُ الْحَدُّ إِلَّا بِالْإِقْرَارِ أَوِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مُشَاهَدَةِ الشُّرْبِ لِأَنَّ الرَّوَائِحَ قَدْ تَتَّفِقُ وَالْحَدُّ لَا يُقَامُ مَعَ الشُّبْهَةِ وَلَيْسَ فِي قِصَّةِ عُمَرَ التَّصْرِيحُ أَنَّهُ جَلَدَ بِالرَّائِحَةِ بَلْ ظَاهِرُ سِيَاقِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ اعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْلِدْهُمْ حَتَّى سَأَلَ وَفِي قَوْلِ عُمَرَ اللَّهُمَّ لَا أُحِلُّ لَهُمْ شَيْئًا حَرَّمْتَهُ عَلَيْهِمْ رَدٌّ عَلَى مَنِ اسْتَدَلَّ بِإِجَازَتِهِ شُرْبَ الْمَطْبُوخِ أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُ الشُّرْبُ مِنْهُ وَلَوِ أَسْكَرَ شَارِبَهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إِذَا أَسْكَرَ أَوْ لَمْ يُسْكِرْ فَإِنَّ بَقِيَّةَ أَثَرِ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فَصَلَ بِخِلَافِ مَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ

[ قــ :5299 ... غــ :5598] .

     قَوْلُهُ  سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ بِالْجِيمِ مُصَغَّرًا اسْمُهُ حِطَّانُ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ حَالِهِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ حَدَّثَنِي أَبُو الْجَوْرِيَةِ .

     قَوْلُهُ  سَبَقَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَاذَقَ مَا أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ قَالَ الْمُهَلَّبُ أَيْ سَبَقَ مُحَمَّدٌ بِتَحْرِيم الْخمر تسميتهم لَهَا الباذق قَالَ بن بَطَّالٍ يَعْنِي بِقَوْلِهِ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَالْبَاذَقُ شَرَابُ الْعَسَلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى سَبَقَ حُكْمَ مُحَمَّدٍ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ تَسْمِيَتَهُمْ لَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا وَلَيْسَ تَغْيِيرُهُمْ لِلِاسْمِ بِمُحَلِّلٍ لَهُ إِذَا كَانَ يسكر قَالَ وَكَأن بن عَبَّاسٍ فَهِمَ مِنَ السَّائِلِ أَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْبَاذَقَ حَلَالٌ فَحَسَمَ مَادَّتَهُ وَقَطَعَ رَجَاءَهُ وَبَاعَدَ مِنْهُ أَصْلَهُ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُسْكِرَ حَرَامٌ وَلَا عِبْرَة بِالتَّسْمِيَةِ.

     وَقَالَ  بن التِّينِ يَعْنِي أَنَّ الْبَاذَقَ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

.

قُلْتُ وَسِيَاقُ قِصَّةِ عُمَرَ الْأُولَى يُؤَيِّدُ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ شَارِبُ الْمَطْبُوخِ إِذَا كَانَ يُسْكِرُ أَعْظَمُ ذَنْبًا مِنْ شَارِبِ الْخَمْرِ لِأَنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ يَشْرَبُهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ عَاصٍ بِشُرْبِهَا وَشَارِبُ الْمَطْبُوخِ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ وَيَرَاهُ حَلَالًا وَقَدْ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ قَلِيلَ الْخَمْرِ وَكَثِيرَهُ حَرَامٌ وَثَبَتَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَنِ اسْتَحَلَّ مَا هُوَ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ كَفَرَ.

.

قُلْتُ وَقَدْ سَبَقَ إِلَى نَحْوِ هَذَا بَعْضُ قُدَمَاءِ الشُّعَرَاءِ فِي أَوَّلِ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ فَقَالَ يُعَرِّضُ بِبَعْضِ مَنْ كَانَ يُفْتِي بِإِبَاحَةِ الْمَطْبُوخِ وَأَشْرَبُهَا وَأَزْعُمُهَا حَرَامًا وَأَرْجُو عَفْوَ رَبٍّ ذِي امْتِنَانِ وَيَشْرَبُهَا وَيَزْعُمُهَا حَلَالًا وَتِلْكَ عَلَى الْمُسِيءِ خَطِيئَتَانِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ الشَّرَابُ الْحَلَالُ الطَّيِّبُ قَالَ لَيْسَ بَعْدَ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ إِلَّا الْحَرَامُ الْخَبِيثُ هَكَذَا فِي جَمِيعِ نُسَخِ الصَّحِيحِ وَلَمْ يُعَيِّنِ الْقَائِلَ هَلْ هُوَ بن عَبَّاسٍ أَوْ مَنْ بَعْدَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ قَول بن عَبَّاسٍ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ فِي أَحْكَامِهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ قَالَ الشَّرَابُ الْحَلَالُ الطَّيِّبُ لَا الْحَرَامُ الْخَبِيثُ وَأَخْرَجَهُ أَيْضا من طَرِيق بن أَبِي خَيْثَمَةَ وَهُوَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ قَالَ.

.

قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَفْتِنِي عَن البادق فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْم إِنَّا نعمد إِلَى الْعِنَب فنعصره ثمَّ نَطْبُخَهُ حَتَّى يَكُونَ حَلَالًا طَيِّبًا فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ اشْرَبِ الْحَلَالَ الطَّيِّبَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ إِلَّا الْحَرَامُ الْخَبِيثُ وأجرجه سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ عَن أبي الجويرية قَالَ سَأَلت بن عَبَّاسٍ.

.

قُلْتُ نَأْخُذُ الْعِنَبَ فَنَعْصِرُهُ فَنَشْرَبُ مِنْهُ حُلْوًا حَلَالًا قَالَ اشْرَبِ الْحُلْوَ وَالْبَاقِي مِثْلُهُ وَمعنى هَذَا أَن المشبهات نقع فِي حَيِّزِ الْحَرَامِ وَهُوَ الْخَبِيثُ وَمَا لَا شُبْهَةَ فِيهِ حَلَالٌ طَيِّبٌ قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي أَحْكَام الْقُرْآن هَذَا الْأَثر عَن بن عَبَّاسٍ يُضَعِّفُ الْأَثَرَ الْمَرْوِيَّ عَنْهُ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا الْحَدِيثُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي بَابِ الْخمر من الْعَسَل ثمَّ أسْند عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ أَحَدِ الثِّقَات عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ النَّارَ لَا تُحِلُّ شَيْئًا وَلَا تُحَرِّمُهُ وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ يحيى بن عبيد عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ أَيُسْكِرُ قَالُوا إِذَا أَكْثَرَ مِنْهُ أَسْكَرَ قَالَ فَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثِ عَائِشَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ وَقد تَقَدَّمَ فِي الْأَطْعِمَةِ وَالْحَلْوَاءُ تُعْقَدُ مِنَ السُّكَّرِ وَعَطْفُ الْعَسَلِ عَلَيْهَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَقَدْ تُعْقَدُ الْحَلْوَاءُ مِنَ السُّكَّرِ فَيَتَقَارَبَانِ وَوَجْهُ إِيرَادِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الَّذِي يَحِلُّ مِنَ الْمَطْبُوخِ هُوَ مَا كَانَ فِي مَعْنَى الْحَلْوَاءِ وَالَّذِي يَجُوزُ شُرْبُهُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَب بِغَيْر طبخ هُوَ مَا كَانَ فِي مَعْنَى الْعَسَلِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَمْزُجُونَهُ بِالْمَاءِ ويشربونه من سَاعَته وَالله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
الْبَاذَقِ وَمَنْ نَهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ مِنَ الأَشْرِبَةِ، وَرَأَى عُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَمُعَاذٌ شُرْبَ الطِّلاَءِ عَلَى الثُّلُثِ، وَشَرِبَ الْبَرَاءُ وَأَبُو جُحَيْفَةَ عَلَى النِّصْفِ..
     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ: اشْرَبِ الْعَصِيرَ مَا دَامَ طَرِيًّا،.

     وَقَالَ  عُمَرُ: وَجَدْتُ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ رِيحَ شَرَابٍ، وَأَنَا سَائِلٌ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ يُسْكِرُ جَلَدْتُهُ.

( باب الباذق) بفتح الباء والمعجمة بينهما ألف وآخره قاف، وقال في القاموس: بكسر الذال وفتحها ما طبخ من عصير العنب أدنى طبخة فصار شديدًا، وقال الجواليقي: أصله باذه وهو أن يطبخ العصير حتى يصير مثل طلاء الإبل، وقال ابن قرقول: المطبوخ من عصير العنب إذا أسكر أو إذا طبخ بعد أن اشتد وقال في المحكم: هو من أسماء الخمر ( و) ذكر ( من نهى عن كل مسكر من الأشربة) لحديث كل مسكر حرام.

( ورأى عمر) بن الخطاب مما أخرجه مالك في الموطأ ( وأبو عبيدة) بن الجراح ( ومعاذ) هو ابن جبل مما وصله عنهما أبو مسلم الكجي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة ( شرب الطلاء) أي رأوا جواز شربه إذا طبخ فصار ( على الثلث) وذهب ثلثاه وقد صرح بعضهم بأن المحذور منه السكر فمتى أسكر حرم.

( وشرب البراء) بن عازب مما أخرجه ابن أبي شيبة ( وأبو جحيفة) وهب بن عبد الله مما أخرجه ابن أبي شيبة أيضًا الطلاء إذا طبخ فصار ( على النصف.
وقال ابن عباس)
-رضي الله عنهما- فيما وصله النسائي لرجل سأله عن العصير ( اشرب العصير ما دام طريًّا) زاد النسائي قال: إني طبخت شرابًا وفي نفسي منه شيء قال: كنت شاربه قبل أن تطبخه قال: لا، قال: فإن النار لا تحل شيئًا قد حرم وهذا تقييد لما أطلق في الآثار الماضية وهو أن الذي يطبخ إنما هو العصير الطري قبل أن يتخمر أما لو صار خمرًا فطبخ فإن الطبخ لا يطهره ولا يحله إلا على رأي من يجيز تخليل الخمر والجمهور على خلافه: ( وقال عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- مما وصله مالك ( وجت من عبيد الله) بضم العين ابن عمر بن الخطاب ( ريح شراب) فزعم أنه شرب الطلاء ( وأنا سائل عنه فإن كان يسكر جلدته) فسأل عنه فوجدته مسكرًا فجلده بعد أن أقر أو بالبينة.


[ قــ :5299 ... غــ : 5598 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْبَاذَقِ فَقَالَ: سَبَقَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْبَاذَقَ، فَمَا أَسْكَرَ فَهْوَ حَرَامٌ، قَالَ: الشَّرَابُ الْحَلاَلُ الطَّيِّبُ.
قَالَ: لَيْسَ بَعْدَ الْحَلاَلِ الطَّيِّبِ إِلاَّ الْحَرَامُ الْخَبِيثُ.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن كثير) بالمثلثة العبدي البصري قال: ( أخبرنا سفيان) الثوري ( عن أبي الجويرية) بضم الجيم مصغرًا حطان بكسر الحاء وتشديد الطاء المهملتين وبعد الألف نون ابن خفاف بضم الخاء المعجمة وتخفيف الفاء الأولى الجرمي بالجيم والراء ( قال: سألت ابن عباس)
-رضي الله عنهما- ( عن الباذق) قيل: وكان أول من صنعه وسماه بنو أمية لينقلوه عن اسم الخمر ( فقال: سبق محمد الباذق) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

( فما أسكر فهو حرام) والباذق بالنصب على المفعولية أي سبق حكمه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بتحريم الخمر تسميتهم إياها بالباذق حيث قال: "ما أسكر فهو حرام".
فليس التحريم منوطًا بمجرد الاسم حتى يكون تغييره مغيرًا للحكم وإنما الاعتبار بالإسكار فإن وجد فالتحريم ثابت سواء سمي المسكر باسمه الذي كان أو غير إلى اسم آخر، وقال الحافظ أبو ذر مما رأيت في هامش اليونينية: إن الاسم حدث بعد الإسلام، ونقل في الفتح عن أبي الليث السمرقندي أنه قال: شارب المطبوخ إذا كان يسكر أعظم ذنبًا من شارب الخمر لأن شارب الخمر يشربها وهو يعلم أنه عاص بشربها وشارب المطبوخ يشرب المسكر ويراه حلالًا وقد قام الإجماع على أن قليل الخمر وكثيره حرام ومن استحل ما هو حرام بالإجماع كفر.
( قال) أبو الجويرية الباذق هو ( الشراب الحلال الطيب) لأنه عصير العنب الحلال الطيب ( قال) ابن عباس اشرب الحلال الطيب فإنه ( ليس بعد الحلال الطيب إلا الحرام الخبيث) حيث تغير عن حالته الأولى إلى الخمرية.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ الباذَقِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الباذق بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الذَّال الْمُعْجَمَة، وَنقل عَن الْقَابِسِيّ أَنه حدث بِهِ بِكَسْر الذَّال، وَسُئِلَ عَن فتحهَا فَقَالَ: مَا وقفنا عَلَيْهِ،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: هُوَ اسْم فَارسي عربته الْعَرَب،.

     وَقَالَ  الجواليقي: باذه أَي: باذق وَهُوَ الْخمر الْمَطْبُوخ،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: هُوَ يشبه الفقاع إلاَّ أَنه رُبمَا يشْتَد،.

     وَقَالَ  ابْن قرقول: الباذق الْمَطْبُوخ من عصير الْعِنَب إِذا أسكر أَو إِذا طبخ بعد أَن اشْتَدَّ،.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده: إِنَّه من أَسمَاء الْخمر، وَيُقَال: الباذق المثلث وَهُوَ الَّذِي بالطبخ ذهب ثُلُثَاهُ،.

     وَقَالَ  الْقَزاز: هُوَ ضرب من الْأَشْرِبَة، وَيُقَال: هُوَ الطلاء الْمَطْبُوخ من عصير الْعِنَب، كَانَ أول من صنعه وَسَماهُ بَنو أُميَّة لينقلوه عَن اسْم الْخمر، وَكَانَ مُسكرا، وَالِاسْم لَا ينْتَقل عَن مَعْنَاهُ الْمَوْجُود فِيهِ..
     وَقَالَ ت الْحَنَفِيَّة: الْعصير الْمُسَمّى بالطلاء إِذا طبخ فَذهب أقل من ثُلثَيْهِ يحرم شربه، وَقيل: الطلاء هُوَ الَّذِي ذهب ثلثه فَإِن ذهب نصفه فَهُوَ الْمنصف وَإِن طبخ أدنى طبخه فَهُوَ الباذق، وَالْكل حرَام إِذا غلا وَاشْتَدَّ وَقذف بالزبد، وَكَذَا يحرم نَقِيع الرطب، وَهُوَ الْمُسَمّى بالسكر إِذا غلا وَاشْتَدَّ، وَقذف بالزبد وَكَذَا نَقِيع الزَّبِيب إِذا غلا وَاشْتَدَّ وَقذف بالزبد، وَلَكِن حُرْمَة هَذِه الْأَشْيَاء دون حُرْمَة الْخمر حَتَّى لَا يكفر مستحلها وَلَا يجب الْحَد بشربها مَا لم يسكر ونجاستها خَفِيفَة، وَفِي رِوَايَة: غَلِيظَة، وَيجوز بيعهَا عِنْد أبي حنيفَة، وَيضمن قيمتهَا بالاتلاف،.

     وَقَالَ : لَا يحرم بيعهَا وَلَا يضمنهَا بِالْإِتْلَافِ.

{ ومَنْ نَهَى عنْ كلِّ مُسْكِرٍ مِنَ الأشْرِبَةِ}
أَي: وَفِي بَيَان من نهى عَن كل مُسكر من الْأَشْرِبَة بأنواعها لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل مُسكر حرَام، وَيدخل فِيهِ سَائِر مَا يتَّخذ من الْحُبُوب وَمن النَّبَات كالحشيش وَجوز الطّيب وَلبن الخشخاش إِذا أسكر.

{ وَرَأى عُمَرُ وأبُو عُبَيْدَةَ ومُعاذٌ شُرْبَ الطِّلاَءِ عَلى الثُّلُثِ}
أَي: رأى عمر بن الْخطاب وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح ومعاذ بن جبل رَضِي الله عَنْهُم جَوَاز شرب الطلاء إِذا طبخ فَصَارَ على الثُّلُث، وَنقص مِنْهُ الثُّلُثَانِ، أما أثر عمر، رَضِي الله عَنهُ فَأخْرجهُ مَالك فِي ( الْمُوَطَّأ) من طَرِيق مَحْمُود بن لبيد الْأنْصَارِيّ أَن عمر بن الْخطاب حِين قدم الشَّام شكى إِلَيْهِ أهل الشَّام وباء الأَرْض وثقلها، وَقَالُوا: لَا يُصْلِحنَا إلاَّ هَذَا الشَّرَاب، فَقَالَ: اشربوا الْعَسَل، قَالُوا: لَا يُصْلِحنَا، فَقَالَ رجل من أهل الأَرْض: هَل لَك أَن نجْعَل لَك من هَذَا الشَّرَاب شَيْئا لَا يسكر؟ فَقَالَ: نعم، فطبخوه حَتَّى ذهب مِنْهُ الثُّلُثَانِ وَبَقِي الثُّلُث وَأتوا بِهِ عمر فَأدْخل فِيهِ إصبعه ثمَّ رفع يَده فتبعها يتمطط، فَقَالَ: هَذَا الطلاء مثل طلاء الْإِبِل، فَأَمرهمْ عمر أَن يشربوه،.

     وَقَالَ  عمر رَضِي الله عَنهُ: لَا أحل لَهُم شَيْئا حرم عَلَيْهِم، وَأما أثر أبي عُبَيْدَة ومعاذ فَأخْرجهُ أَبُو مُسلم الْكَجِّي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة من طَرِيق قَتَادَة عَن أنس أَن أَبَا عُبَيْدَة ومعاذ بن جبل، وَأَبا طَلْحَة كَانُوا يشربون من الطلاء مَا طبخ على الثُّلُث وَذهب ثُلُثَاهُ.

{ وشَرِبَ البرَاءُ وأبُو جُحَيْفَةَ عَلى النِّصْفِ}
أَي: شرب الْبَراء بن عَازِب وَأَبُو جُحَيْفَة وهب بن عبد الله على النّصْف أَي: إِذا طبخ فَصَارَ على النّصْف وَأثر الْبَراء أخرجه ابْن أبي شيبَة من رِوَايَة عدي بن ثَابت عَنهُ أَنه كَانَ يشرب الطلاء على النّصْف وَأثر أبي جُحَيْفَة أخرجه ابْن أبي شيبَة أَيْضا من طَرِيق حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: رَأَيْت أَبَا جُحَيْفَة ... فَذكر مثله.

{.

     وَقَالَ  ابنُ عبَّاسٍ: اشْرَبِ العَصِيرَ مَا دامَ طَرِيًّا}

هَذَا وَصله النَّسَائِيّ من طَرِيق أبي ثَابت الثَّعْلَبِيّ، قَالَ: كنت عِنْد ابْن عَبَّاس فَجَاءَهُ رجل يسْأَله عَن عصير؟ فَقَالَ: اشربه مَا كَانَ طرياً قَالَ: إِنِّي طبخت شرابًا، وَفِي نَفسِي مِنْهُ شَيْء، قَالَ: أَكنت شَاربه قبل أَن تطبخه؟ قَالَ: لَا قَالَ: فَإِن النَّار لَا تحل شَيْئا قد حرم.

{.

     وَقَالَ  عُمَرُ: وجَدْتُ مِنْ عُبَيْدِ الله رِيحَ شَرَابٍ وَأَنا سائِلٌ عنْهُ، فإنْ كانَ يُسْكِرُ جَلَدْتُهُ}
.

أَي: قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إِلَى آخِره، وَعبيد الله بِالتَّصْغِيرِ هُوَ ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ وَوَصله مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد أَنه أخبرهُ أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ خرج عَلَيْهِم فَقَالَ: إِنِّي وجدت من فلَان ريح شراب فَزعم أَنه شرب الطلاء، وَإِنِّي سَائل عَمَّا يشرب فَإِن كَانَ يسكر جلدته، فجلده عمر الْحَد تَاما، وَسَنَده صَحِيح وَفِيه حذف تَقْدِيره: فَسَأَلَ عَنهُ فَوَجَدَهُ يسكر فجلده، وَأخرجه سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ: سمع السَّائِب بن يزِيد يَقُول: قَامَ عمر رَضِي الله عَنهُ على الْمِنْبَر فَقَالَ: ذكر لي أَن عبيد الله بن عمر وَأَصْحَابه شربوا شرابًا، وَأَنا سَائل عَنهُ، فَإِن كَانَ يسكر جلدته، قَالَ ابْن عُيَيْنَة: فَأَخْبرنِي معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب قَالَ: رَأَيْت عمر يجلدهم.
وَاخْتلف فِي جَوَاز الْحَد بِمُجَرَّد وجدان الرّيح، وَالأَصَح لَا، وَاخْتلف فِي السَّكْرَان فَقيل: من اخْتَلَط كَلَامه المنظوم وانكشف ستره المكتوم، وَقيل: من لَا يعرف السَّمَاء من الأَرْض وَلَا الطول من الْعرض.



[ قــ :5299 ... غــ :5598 ]
- حدّثنامُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ أخبرَنا سُفْيانُ عنْ أبي الجُوَيْرِيَةِ قَالَ: سألْتُ ابنَ عَبَّاسٍ عنِ الباذَقِ، فَقَالَ: سَبَقَ مُحَمَّدٌ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الباذَقَ، فَما أسْكَرَ فَهْوَ حَرَامٌ.
قَالَ: الشَّرَابُ الحَلاَلُ الطَّيِّبُ؟ قَالَ: لَيْسَ بَعْدَ الحَلاَلِ الطَّيِّبِ إلاَّ الحَرَامُ الخَبِيثُ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَأَبُو الجويرية بِالْجِيم مصغر واسْمه حطَّان بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الطَّاء وبالنون ابْن خفاف بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْفَاء الأولى الْجرْمِي بِفَتْح الْجِيم وَالرَّاء.

قَوْله: ( سبق مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: سبق حكمه بِتَحْرِيمِهِ حَيْثُ قَالَ: كل مَا أسكر فَهُوَ حرَام..
     وَقَالَ  ابْن بطال: أَي سبق مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالتَّحْرِيمِ للخمر قبل تسميتهم لَهَا بالباذق وَهُوَ من شراب الْعَسَل، وَلَيْسَ تسميتهم لَهَا بِغَيْر اسْمهَا بِنَافِع إِذا أسكرت، وَرَأى ابْن عَبَّاس أَن سائله أَرَادَ استحلال الشَّرَاب الْمحرم بِهَذَا الِاسْم فَمَنعه بقوله: ( فَمَا أسكر فَهُوَ حرَام) وَأما معنى: ( لَيْسَ بعد الْحَلَال الطّيب إِلَّا الْحَرَام الْخَبيث) فَهُوَ أَن الشُّبُهَات تقع فِي حيّز الْحَرَام وَهِي الْخَبَائِث، وَقيل: قَوْله: ( الشَّرَاب الطّيب) إِلَى آخِره، هَكَذَا وَقع فِي جَمِيع النّسخ الْمَشْهُورَة بَين النَّاس وَلم يعين الْقَائِل هَل هُوَ قَول ابْن عَبَّاس أَو قَول غَيره من بعده، وَالظَّاهِر أَنه من قَول ابْن عَبَّاس، وَبِذَلِك جزم القَاضِي إِسْمَاعِيل فِي أَحْكَامه فِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق.