هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
56 حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا ، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
56 حدثنا الحكم بن نافع ، قال : أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، قال : حدثني عامر بن سعد ، عن سعد بن أبي وقاص ، أنه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها ، حتى ما تجعل في فم امرأتك
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا ، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ .

Narrated Sa'd bin Abi Waqqas:

Allah's Messenger (ﷺ) said, You will be rewarded for whatever you spend for Allah's sake even if it were a morsel which you put in your wife's mouth.

0056 D’après Âmir ben Sa’d, Sa’d ben Abi Waqqâs l’informa que le Messager de Dieu avait dit : « Pour chaque dépense que tu fais en vue de Dieu, tu auras une récompense, même pour une bouchée que tu mets dans la bouche de ta femme.«   

":"ہم سے حکم بن نافع نے بیان کیا ، کہا ہم کو شعیب نے زہری سے خبر دی ، انھوں نے کہا کہ مجھ سے عامر بن سعد نے سعد بن ابی وقاص سے بیان کیا ، انھوں نے ان کو خبر دی کہآنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا بیشک تو جو کچھ خرچ کرے اور اس سے تیری نیت اللہ کی رضا حاصل کرنی ہو تو تجھ کو اس کا ثواب ملے گا ۔ یہاں تک کہ اس پر بھی جو تو اپنی بیوی کے منہ میں ڈالے ۔

0056 D’après Âmir ben Sa’d, Sa’d ben Abi Waqqâs l’informa que le Messager de Dieu avait dit : « Pour chaque dépense que tu fais en vue de Dieu, tu auras une récompense, même pour une bouchée que tu mets dans la bouche de ta femme.«   

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [56] .

     قَوْلُهُ  إِنَّكَ الْخِطَابُ لِسَعْدٍ وَالْمُرَادُ هُوَ وَمَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْإِنْفَاقُ .

     قَوْلُهُ  وَجْهُ اللَّهِ أَيْ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الثَّوَابِ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا أُجِرْتَ يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقَعُ اسْتِثْنَاءً .

     قَوْلُهُ  حَتَّى هِيَ عَاطِفَةٌ وَمَا بَعْدَهَا مَنْصُوبُ الْمَحَلِّ وَمَا مَوْصُولَةٌ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ .

     قَوْلُهُ  فِي فَمِ امْرَأَتِكِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ فِي فِي امْرَأَتك وَهِي الرِّوَايَة الْأَكْثَرِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ أَصْوَبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ حَذْفُ الْمِيمِ بِدَلِيلِ جَمْعِهِ عَلَى أَفْوَاهٍ وَتَصْغِيرُهُ عَلَى فُوَيْهٍ قَالَ وَإِنَّمَا يَحْسُنُ إِثْبَاتُ الْمِيمِ عِنْدَ الْإِفْرَادِ.

.
وَأَمَّا عِنْدَ الْإِضَافَةِ فَلَا إِلَّا فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ اه وَهَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي مَرَضِهِ بِمَكَّةَ وَعِيَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ وَقَولُهُ أُوصِي بِشَطْرِ مَالِي الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا .

     قَوْلُهُ  تَبْتَغِي أَيْ تَطْلُبُ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْحَظَّ إِذَا وَافَقَ الْحَقَّ لايقدح فِي ثَوَابِهِ لِأَنَّ وَضْعَ اللُّقْمَةِ فِي فِي الزَّوْجَةِ يَقَعُ غَالِبًا فِي حَالَةِ الْمُدَاعَبَةِ وَلِشَهْوَةِ النَّفْسِ فِي ذَلِكَ مَدْخَلٌ ظَاهِرٌ وَمَعَ ذَلِكَ إِذَا وَجَّهَ الْقَصْدُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ إِلَى ابْتِغَاءِ الثَّوَابِ حَصَلَ لَهُ بِفَضْلِ اللَّهِ.

.

قُلْتُ وَجَاءَ مَا هُوَ أَصْرَحُ فِي هَذَا الْمُرَادِ مِنْ وَضْعِ اللُّقْمَةِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيُؤْجَرُ قَالَ نَعَمْ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ الْحَدِيثَ قَالَ وَإِذَا كَانَ هَذَا بِهَذَا الْمحل مَعَ مَا فِيهِ مِنْ حَظِّ النَّفْسِ فَمَا الظَّنُّ بِغَيْرِهِ مِمَّا لاحظ لِلنَّفْسِ فِيهِ قَالَ وَتَمْثِيلُهُ بِاللُّقْمَةِ مُبَالَغَةٌ فِي تَحْقِيقِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ الْأَجْرُ فِي لُقْمَةٍ وَاحِدَةٍ لِزَوْجَةٍ غَيْرِ مُضْطَرَّةٍ فَمَا الظَّنُّ بِمَنْ أَطْعَمَ لُقَمًا لِمُحْتَاجٍ أَوْ عَمِلَ مِنَ الطَّاعَاتِ مَا مَشَقَّتُهُ فَوْقَ مَشَقَّةِ ثَمَنِ اللُّقْمَةِ الَّذِي هُوَ مِنَ الْحَقَارَةِ بِالْمَحَلِّ الْأَدْنَى اه وَتَمَامُ هَذَا أَنْ يُقَالَ وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ مَعَ مُشَارَكَةِ الزَّوْجِ لَهَا فِي النَّفْعِ بِمَا يُطْعِمُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ فِي حُسْنِ بَدَنِهَا وَهُوَ يَنْتَفِعُ مِنْهَا بِذَلِكَ وَأَيْضًا فَالْأَغْلَبُ أَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الزَّوْجَةِ يَقَعُ بِدَاعِيَةِ النَّفْسِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى مجاهدتها وَالله أعلم ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدِّينُ النَّصِيحَةُ) هَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا تَرْجَمَةَ بَابٍ وَلَمْ يُخَرِّجُهُ مُسْنَدًا فِي هَذَا الْكتاب لكَونه علىغير شَرْطِهِ وَنَبَّهَ بِإِيرَادِهِ عَلَى صَلَاحِيَتِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَمَا أَوْرَدَهُ مِنَ الْآيَةِ وَحَدِيثِ جَرِيرٍ يَشْتَمِلُ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ.

.

قُلْتُ لِسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ إِنَّ عَمْرًا حَدَّثَنَا عَنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِيكَ بِحَدِيثٍ وَرَجَوْتُ أَنْ تُسْقِطَ عَنِّي رَجُلًا أَيْ فَتُحَدِّثَنِي بِهِ عَنْ أَبِيكَ قَالَ فَقَالَسَمِعْتُهُ مِنَ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ أَبِي كَانَ صَدِيقًا لَهُ بِالشَّامِ وَهُوَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْحَدِيثَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَهُوَ يُحَدِّثُ أَبَا صَالِحٍ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ عَنْ سُهَيْلٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِحَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا الْحَدِيثَ قَالَ فَقَالَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ سَمِعْتُ تَمِيمًا الدَّارِيَّ يَقُولُ فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّصِيحَةِ وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ النَّصِيحَةِ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ سُهَيْلٍ أَوْ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ لِمَا بَيَّنَّاهُ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ لَا يَصِحُّ إِلَّا عَنْ تَمِيمٍ وَلِهَذَا الِاخْتِلَافِ عَلَى سُهَيْلٍ لَمْ يُخَرِّجْهُ فِي صَحِيحِهِ بَلْ لَمْ يَحْتَجَّ فِيهِ بِسُهَيْلٍ أَصْلًا وَلِلْحَدِيثِ طُرُقٌ دُونَ هَذِهِ فِي الْقُوَّةِ مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو يعلى من حَدِيث بن عَبَّاس وَالْبَزَّار من حَدِيث بن عُمَرَ وَقَدْ بَيَّنْتُ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ .

     قَوْلُهُ  الدِّينُ النَّصِيحَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ أَيْ مُعْظَمُ الدِّينِ النَّصِيحَةُ كَمَا قِيلَ فِي حَدِيثِ الْحَجُّ عَرَفَةُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لَمْ يُرِدْ بِهِ عَامِلُهُ الْإِخْلَاصَ فَلَيْسَ مِنَ الدِّينِ.

     وَقَالَ  الْمَازِرِيُّ النَّصِيحَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ نَصَحْتُ الْعَسَلَ إِذَا صَفَّيْتُهُ يُقَالُ نَصَحَ الشَّيْءَ إِذَا خَلُصَ وَنَصَحَ لَهُ الْقَوْلَ إِذَا أَخْلَصَهُ لَهُ أَوْ مُشْتَقَّة من النصح وَهِي الْخياطَة المنصحة وَهِيَ الْإِبْرَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَلُمُّ شَعَثَ أَخِيهِ بِالنُّصْحِ كَمَا تَلُمُّ الْمِنْصَحَةَ وَمِنْهُ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ كَأَنَّ الذَّنْبَ يُمَزِّقُ الدِّينَ وَالتَّوْبَةُ تَخِيطُهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ النَّصِيحَةُ كِلْمَةٌ جَامِعَةٌ مَعْنَاهَا حِيَازَةُ الْحَظِّ للنصوح لَهُ وَهِيَ مِنْ وَجِيزِ الْكَلَامِ بَلْ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ كِلْمَةٌ مُفْرَدَةٌ تُسْتَوْفَى بِهَا الْعِبَارَةَ عَنْ مَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا إِنَّهَا أَحَدُ أَرْبَاعِ الدِّينِ وَمِمَّنْ عَدَّهُ فِيهَا الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ الطُّوسِيُّ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ بَلْ هُوَ وَحْدَهُ مُحَصِّلٌ لِغَرَضِ الدِّينِ كُلِّهِ لِأَنَّهُ مُنْحَصِرٌ فِي الْأُمُورِ الَّتِي ذَكَرَهَا فَالنَّصِيحَةُ لِلَّهِ وَصْفُهُ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ وَالْخُضُوعُ لَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَالرَّغْبَةُ فِي مَحَابِّهِ بِفِعْلِ طَاعَتِهِ وَالرَّهْبَةُ مِنْ مَسَاخِطِهِ بِتَرْكِ مَعْصِيَتِهِ وَالْجِهَادُ فِي رَدِّ الْعَاصِينَ إِلَيْهِ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي ثُمَامَةَ صَاحِبِ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَا رُوحَ اللَّهِ مَنِ النَّاصِحِ لِلَّهِ قَالَ الَّذِي يُقَدِّمُ حَقَّ اللَّهِ عَلَى حَقِّ النَّاسِ وَالنَّصِيحَةُ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَلُّمُهُ وَتَعْلِيمُهُ وَإِقَامَةُ حُرُوفِهِ فِي التِّلَاوَةِ وَتَحْرِيُرُهَا فِي الْكِتَابَةِ وَتَفَهُّمُ مَعَانِيهِ وَحِفْظُ حُدُودِهِ وَالْعَمَلُ بِمَا فِيهِ وَذَبُّ تَحْرِيفِ الْمُبْطِلِينَ عَنْهُ وَالنَّصِيحَةُ لِرَسُولِهِ تَعْظِيمُهُ وَنَصْرُهُ حَيًّا وَمَيِّتًا وَإِحْيَاءُ سُنَّتِهِ بِتَعَلُّمِهَا وَتَعْلِيمِهَا وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَمَحَبَّتُهُ وَمَحَبَّةُ أَتْبَاعِهِ وَالنَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ إِعَانَتُهُمْ عَلَى مَا حَمَلُوا الْقِيَامِ بِهِ وَتَنْبِيهُهُمْ عِنْدَ الْغَفْلَةِ وَسَدُّ خُلَّتِهِمْ عِنْدَ الْهَفْوَةِ وَجَمْعُ الْكَلِمَةِ عَلَيْهِمْ وَرَدُّ الْقُلُوبِ النَّافِرَةِ إِلَيْهِمْ وَمِنْ أَعْظَمِ نَصِيحَتِهِمْ دَفْعُهُمْ عَنِ الظُّلْمِ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَمِنْ جُمْلَةِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَئِمَّةُ الِاجْتِهَادِ وَتَقَعُ النَّصِيحَةُ لَهُمْ بِبَثِّ عُلُومِهِمْ وَنَشْرِ مَنَاقِبِهِمْ وَتَحْسِينِ الظَّنِّ بِهِمْ وَالنَّصِيحَةُ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ الشَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ وَالسَّعْيُ فِيمَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَيْهِمْ وَتَعْلِيمُهُمْ مَا يَنْفَعُهُمْ وَكَفُّ وُجُوهِ الْأَذَى عَنْهُمْ وَأَنْ يُحِبَّ لَهُمْ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ وَيَكْرَهَ لَهُمْ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ وَفِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ أُخْرَى مِنْهَا أَنَّ الدِّينَ يُطْلَقُ عَلَى الْعَمَلِ لِكَوْنِهِ سَمَّى النَّصِيحَةَ دِينًا وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى بَنَى الْمُصَنِّفُ أَكْثَرَ كِتَابِ الْإِيمَانِ وَمِنْهَا جَوَازُ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ مِنْ قَوْلِهِ قُلْنَا لِمَنْ وَمِنْهَا رَغْبَةُ السَّلَفِ فِي طَلَبِ عُلُوِّ الْإِسْنَادِ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قِصَّةِ سُفْيَانَ مَعَ سُهَيْلٍ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [56] حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ».
[الحديث أطرافه في: 1295، 2742، 2744، 3936، 4409، 5354، 5659، 5668، 6373، 6733] .
وبه قال: ( حدّثنا الحكم) بفتح الكاف هو أبو اليمان ( بن نافع قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة القرشي ( عن الزهري) أبي بكر محمد بن شهاب ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عامر بن سعد) بسكون العين ( عن سعد بن أبي وقاص) المدني أحد العشرة ( أنه أخبره أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) يخاطب سعدًا ومن يصح منه الإنفاق.
( إنك لن تنفق نفقة) قليلة أو كثيرة ( تبتغي) أي تطلب ( بها وجه الله) تعالى هو منع المتشابه وفيه مذهبان التفويض والتأويل.
قال العارف المحقق شمس الدين بن اللبان المصري الشاذلي وقد جاء ذكره في آيات كثيرة: فإذا أردت أن تعلم حقيقة مظهره من الصور فاعلم أن حقيقته من غمام الشريعة بارق نور التوحيد ومظهره من العمل وجه الإخلاص: { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ} [الروم: 43] الآية.
ويدل على أن وجه الإخلاص مظهره قوله تعالى { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52] .
وقوله تعالى: { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} [الإنسان: 9] .
وقوله عز وجل: { إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} [الليل: 20] .
والمراد بذلك كله الثناء بالإخلاص على أهله تعبيرًا بإرادة الوجه عن إخلاص النية وتنبيهًا على أنه مظهر وجهه سبحانه وتعالى.
ويدل على أن حقيقة الوجه هو بارق نور التوحيد.
قوله عز وجل: { وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] أي إلاّ نور توحيده انتهى.
والباء في قوله في الحديث بها للمقابلة أو بمعنى على، ولذا وقع في بعض النسخ عليها بدل بها أو للسببية أي لن تنفق نفقة تبتغي بسببها وجه الله تعالى ( إلا) نفقة ( أجرت عليها) بضم الهمزة وكسر الجيم ولكريمة إلاّ أجرت بها وهي في اليونينية لأبي ذر والأصيلي وابن عساكر لكنه ضرب عليها بالحمرة.
( حتى ما تجعل) أي الذي تجعله ( في فم امرأتك) فأنت مأجور فيه، وعلى هذا فالمرائي بعمل الواجب غير مثاب وإن سقط عقابه بفعله كذا قاله البرماوي كالكرماني.
وتعقبه العيني بأن سقوط العقاب مطلقًا غير صحيح، بل الصحيح التفصيل فيه وهو أن العقاب الذي يترتب على ترك الواجب يسقط لأنه أتى بعين الواجب ولكنه كان مأمورًا أن يأتي بما عليه بالإخلاص وترك الرياء، فينبغي أن يعاقب على ترك الإخلاص لأنه مأمور به وتارك المأمور به يعاقب.
وقال النووي: ما أريد به وجه الله يثبت فيه الأجر وإن حصل لفاعله في ضمنه حظ شهوة من لذة أو غيرها كوضع لقمة في فم الزوجة وهو غالبًا لحظ النفس والشهوة، وإذا ثبت الأجر في هذا ففيما يراد به وجه الله فقط أحرى، وفي رواية الكشميهني في في امرأتك بغير ميم.
قال في الفتح: وهي رواية الأكثر والمستثنى محذوف لأن الفعل لا يقع مستثنى، والتقدير كما قال العيني: لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلاّ نفقة أجرت عليها، ويكون قوله: أجرت عليها صفة للمستثنى، والمعنى على هذا لأن النفقة المأجور فيها هي التي تكون ابتغاء لوجه الله تعالى لأنها لو لم تكن لوجه الله لما كانت مأجورًا فيها، والاستثناء متصل لأنه من الجنس والتنكير في قوله نفقة في سياق النفي يعم القليل والكثير والخطاب في أنك للعموم، إذ ليس المراد سعدًا فقط فهو مثل: { وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ} [السجدة: 12] .
والصارف قرينة عدم اختصاصه، ويحتمل أن يكون بالقياس.
وحتى ابتدائية وما مبتدأ خبره المحذوف المقدر بقوله: ( فأنت مأجور فيه) ، فالنية الصالحة إكسير تقلب العادة عبادة والقبيح جميلاً، فالعاقل لا يتحرك حركة إلاّ لله فينوي بمكثه في المسجد زيارة ربه في انتظار الصلاة واعتكافه على طاعته وبدخوله الأسواق ذكر الله، وليس الجهر بشرط وأمرًا بمعروف ونهيًا عن منكر وينوي عقب كل فريضة انتظار أخرى فأنفاسه إذًا نفائس ونيته خير من عمله.
وهذا الحديث المذكور في الباب قطعة من حديث طويل مشهور أخرجه المؤلف في الجنائز والمغازي والدعوات والهجرة والطب والفرائض، ومسلم في الوصايا، وأبو داود والترمذي فيها أيضًا.
وقال: حسن صحيح،والنسائي فيها وفي عشرة النساء وفي اليوم والليلة، وابن ماجة في الوصايا.
42 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «الدِّينُ النَّصِيحَةُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»، وَقَوْلِهِ تَعَالَى ( إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) هذا ( باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مبتدأ مضاف خبره قوله ( الدين النصيحة) أي قوام الدين وعماده النصيحة ( لله) تعالى بأن يؤمن به ويصفه بما هو أهله ويخضع له ظاهرًا وباطنًا ويركب في محابه بفعل طاعته ويرغب عن مساخطه بترك معصيته ويجاهد في رد العاصين إليه ( و) النصيحة ( لرسوله) عليه الصلاة والسلام بأن يصدق برسالته ويؤمن بجميع ما أتى به ويعظمه وينصره حيًّا وميتًا ويحيي سُنته بتعلمها وتعليمها ويتخلق بأخلاقه ويتأدب بآدابه ويحب أهل بيته وأصحابه وأتباعه وأحبابه، ( و) النصيحة ( لأئمة المسلمين) بإعانتهم على الحق وطاعتهم فيه وتنبيههم عند الغفلة برفق وسد خلتهم عند الهفوة ورد القلوب النافرة اليهم، وأما أئمة الاجتهاد فببث علومهم ونشر مناقبهم وتحسين الظن بهم، ( و) نصيحة ( عامّتهم) بالشفقة عليهم والسعي فيما يعود نفعه عليهم وتعليم ما ينفعهم وكفّ الأذى عنهم إلى غير ذلك.
ويستفاد من هذا الحديث أن الدين يطلق على العمل لأنه سمى النصيحة دينًا، وعلى هذا المعنى بنى المؤلف أكثر كتاب الإيمان، وإنما أورده هنا ترجمة ولم يذكره في الباب مسندًا لكونه ليس على شرطه -كما سيأتي قريبًا- ووصله مسلم عن تميم الداري وزاد فيه: النصيحة لكتاب الله وذلك يقع بتعلمه وتعليمه وإقامة حروفه في التلاوة وتحريرها في الكتابة وبفهم معانيه وحفظ حدوده والعمل بما فيه إلى غير ذلك، وإنما لم يسنده المؤلف لأنه ليس على شرطه لأن راويه تميم، وأشهر طرقه فيه سهيل بن أبي صالح، وقد قال ابن المديني فيما ذكره عنه المؤلف أنه نسي كثيرًا من الأحاديث لموجدته لموت أخيه.
وقال ابن معين: لا يحتج به، ونسبه بعضهم لسوء الحفظ، ومن ثم لم يخرج له البخاري، وقد أخرج له الأئمة كمسلم والأربعة.
وروى عنه مالك ويحيى الأنصاري والثوري وابن عيينة.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه.
وقال ابن عديّ: هو عندي ثبت لا بأس به مقبول الأخبار، ثم إن هذا الحديث قد عدّ من الأحاديث التي عليها مدار الإسلام وهو من بليغ الكلام والنصيحة من نصحت العسل إذا صفّيته من الشمع أو من النصح وهو الخياطة بالمنصحة وهي الإبرة، والمعنى أنه يلم شعثه بالنصح كما تلم المنصحة ومنه التوبة النصوح كأن الذنب يمزق الدين والتوبة تخيطه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله آية يعضد بها الحديث فقال: ( وقوله تعالى) ولأبي الوقت: عز وجل بدل قوله تعالى، ولأبي ذر، وقول الله { إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91] بالإيمان والطاعة في السر والعلانية أو بما قدروا عليه فعلاً أو قولاً يعود على الإسلام والمسلمين بالصلاح.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [56] حدّثنا الحَكَمُ بنُ نافعٍ قَالَ أخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حدّثني عامِرُ بنُ سَعْدٍ عنْ سَعْدِ بنِ أبي وَقاصٍ أنَّهُ أخْبَرَهُ أنّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِها وَجْهَ اللَّهِ إلاَّ أُجِرْتَ عَليْها حتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ.. هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة الثَّالِثَة، كَمَا ذكرنَا، وَهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه قد ذكر فِي بَاب: إِذا لم يكن الْإِسْلَام على الْحَقِيقَة، وَكَانَ على الاستسلام أَو الْخَوْف من الْقَتْل.
وَالْحكم بِفَتْح الْكَاف: هُوَ أَبُو الْيَمَان الْحِمصِي.
وَالزهْرِيّ: هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم.
بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: هَذَا الحَدِيث قِطْعَة من حَدِيث طَوِيل مَشْهُور، أخرجه البُخَارِيّ هَهُنَا كَمَا ترى، وَفِي الْمَغَازِي عَن مُحَمَّد بن يُونُس، وَفِي الدَّعْوَات عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، وَفِي الْهِجْرَة عَن يحيى بن قزعة، ثَلَاثَتهمْ عَن إِبْرَاهِيم بن سعد، وَفِي الْجَنَائِز عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك، وَفِي الطِّبّ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة، وَفِي الْفَرَائِض عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب أَيْضا، وَعَن الْحميدِي عَن سُفْيَان، خمستهم عَنهُ بِهِ.
وَأخرجه مُسلم فِي الْوَصَايَا عَن يحيى بن يحيى عَن إِبْرَاهِيم بن سعد بِهِ، وَعَن قُتَيْبَة وَأبي بكر بن أبي شيبَة كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ، وَعَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح وحرملة بن يحيى كِلَاهُمَا عَنهُ بِهِ.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْوَصَايَا أَيْضا عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن سُفْيَان بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ أَيْضا عَن مُحَمَّد بن يحيى بن أبي عمر عَن سُفْيَان بِهِ،.

     وَقَالَ : حسن صَحِيح.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن عُثْمَان بن سُفْيَان عَن سُفْيَان بِهِ، وَفِي عشرَة النِّسَاء عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن مُحَمَّد بن سَلمَة عَن ابْن الْقَاسِم عَن مَالك بِبَعْضِه.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْوَصَايَا عَن هِشَام بن عمار، وَالْحُسَيْن بن الْحسن الْمروزِي، وَسَهل بن أبي سهل بن سهل الرَّازِيّ، ثَلَاثَتهمْ عَن سُفْيَان بِهِ.
بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله ( إِنَّك) ، إِن: حرف من الْحُرُوف المشبهة بِالْفِعْلِ، فالكاف إسمها و: ( لن تنْفق) ، خَبَرهَا وَكلمَة: لن، حرف نصب، وَنفي واستقبال، وَفِيه ثَلَاثَة مَذَاهِب: الأول: إِنَّه حرف مقتضب بِرَأْسِهِ، وَهَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور.
وَالثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَب الْفراء أَن أَصله: لَا، فابدلت النُّون من الْألف، فَصَارَ: لن.
وَالثَّالِث: وَهُوَ مَذْهَب الْخَلِيل وَالْكسَائِيّ.
أَن أَصله: لَا إِن، فحذفت الْهمزَة تَخْفِيفًا، وَالْألف لالتقاء الساكنين..
     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: إِنَّه يُفِيد توكيد النَّفْي، قَالَه فِي ( الْكَشَّاف) .

     وَقَالَ  فِي ( انموذجه) يُفِيد تأييد النَّفْي، ورد بِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا دَلِيل، وَقَالُوا: لَو كَانَت للتأبيد لِمَ يُقيد منفيها بِالْيَوْمِ فِي: { لن أكلم الْيَوْم إنسياً} ( مَرْيَم: 26) .
ولكان ذكر الْأَبَد فِي: { وَلنْ يَتَمَنَّوْهُ أبدا} ( الْبَقَرَة: 95) تَكْرَارا، وَالْأَصْل عَدمه.
قَوْله ( تنْفق) مَنْصُوب بهَا.
وَقَوله ( نَفَقَة) نصب على أَنه مفعول مُطلق.
قَوْله ( تبتغي) ، جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل، وَقعت حَالا من الضَّمِير الَّذِي فِي: لن تنْفق، وَالْبَاء فِي: بهَا إِمَّا للمقابلة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { ادخُلُوا الْجنَّة بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} ( النَّحْل: 32) وَإِمَّا للسَّبَبِيَّة كَمَا فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( لن يدْخل أحدكُم الْجنَّة بِعَمَلِهِ) وَإِمَّا للظرفية بِمَعْنى: فِيهَا وَإِنَّمَا قُلْنَا هَكَذَا لِأَن تبتغي، متعدٍ يُقَال: ابْتَغَيْت الشَّيْء وتبغيته إِذا طلبته، من: بغيت الشَّيْء: طلبته.
قَوْله: ( وَجه الله) ، كَلَام إضافي مفعول: تبتغي.
قَوْله ( إِلَّا أجرت) ، بِضَم الْهمزَة، على صِيغَة الْمَجْهُول، والمستثنى مَحْذُوف لِأَن الْفِعْل لَا يَقع اسْتثِْنَاء، وَالتَّقْدِير: لن تنْفق نَفَقَة تبتغي بهَا وَجه الله تَعَالَى إلاَّ نَفَقَة أجرت بهَا.
وَيكون قَوْله أجرت بهَا صفة للمستثنى، وَالْمعْنَى على هَذَا، لِأَن النَّفَقَة الْمَأْجُور فِيهَا هِيَ الَّتِي تكون ابْتِغَاء لوجه الله تَعَالَى.
لِأَنَّهَا لَو لم تكن لوجه الله تَعَالَى لما كَانَت مأجوراً فِيهَا..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: التَّقْدِير: إلاَّ فِي حَالَة أجرت بهَا، ثمَّ فسر ذَلِك بقوله: أَي: لن تنْفق نَفَقَة تبتغي بهَا وَجه الله تَعَالَى فِي حَال من الْأَحْوَال إلاَّ وَأَنت فِي حَال مأجوريتك عَلَيْهَا.
قلت: لَو قدر هَكَذَا لن تنْفق نَفَقَة لوجه الله تَعَالَى إلاَّ حَال كونك مأجوراً عَلَيْهَا كَانَ أحسن على مَا لَا يخفى.
فَإِن قلت: الِاسْتِثْنَاء مُتَّصِل أَو مُنْقَطع؟ قلت: مُتَّصِل، لِأَن الْمُسْتَثْنى من جنس الْمُسْتَثْنى مِنْهُ.
قَوْله ( بهَا) ، الْبَاء إِمَّا للسَّبَبِيَّة، وَإِمَّاالْكَلَام، وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب كلمة مُفْردَة تستوفى بهَا الْعبارَة عَن معنى هَذِه الْكَلِمَة، كَمَا قَالُوا فِي الْفَلاح: لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب كلمة مُفْردَة تستوفى بهَا الْعبارَة عَن معنى مَا جمعت من خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
أما النَّصِيحَة لله تَعَالَى: فمعناها يرجع إِلَى الْإِيمَان بِهِ، وَنفي الشّرك عَنهُ، وَترك الْإِلْحَاد فِي صِفَاته، وَوَصفه بِصِفَات الْجلَال والكمال، وتنزيهه تَعَالَى عَن النقائص، وَالْقِيَام بِطَاعَتِهِ وَاجْتنَاب مَعْصِيَته، وموالاة من أطاعه ومعاداة من عَصَاهُ، وَالِاعْتِرَاف بنعمته وشكره عَلَيْهَا وَالْإِخْلَاص فِي جَمِيع الْأُمُور.
قَالَ: وَحَقِيقَة هَذِه الْإِضَافَة رَاجِعَة، إِلَى العَبْد فِي نصيحة نَفسه، فَإِنَّهُ تَعَالَى غَنِي عَن نصح الناصح وَعَن الْعَالمين.
وَأما النَّصِيحَة لكتابة، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: فالإيمان بِأَنَّهُ كَلَام الله تَعَالَى، وتنزيهه بِأَنَّهُ لَا يُشبههُ شَيْء من كَلَام الْخلق، وَلَا يقدر على مثله أحد من الْمَخْلُوقَات، ثمَّ تَعْظِيمه وتلاوته حق تِلَاوَته، وَإِقَامَة حُرُوفه فِي التِّلَاوَة، والتصديق بِمَا فِيهِ، وتفهم علومه، وَالْعَمَل بمحكمه، وَالتَّسْلِيم لمتشابهه، والبحث عَن ناسخه ومنسوخه، وعمومه وخصوصه، وَسَائِر وجوهه، وَنشر علومه، وَالدُّعَاء إِلَيْهِ.
وَأما النَّصِيحَة لرَسُوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: فتصديقه على الرسَالَة وَالْإِيمَان بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ، وطاعته فِي أوامره ونواهيه، ونصرته حَيا وَمَيتًا، وإعظام حَقه وإحياء سنته، والتلطف فِي تعلمهَا وَتَعْلِيمهَا والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه ومحبة أهل بَيته وَأَصْحَابه.
وَأما النَّصِيحَة للأئمة: فمعاونتهم على الْحق وطاعتهم فِيهِ، وتذكيرهم بِرِفْق وَترك الْخُرُوج عَلَيْهِم بِالسَّيْفِ وَنَحْوه، وَالصَّلَاة خَلفهم، وَالْجهَاد مَعَهم وَأَدَاء الصَّدقَات إِلَيْهِم، هَذَا على الْمَشْهُور من أَن المُرَاد من الْأَئِمَّة أَصْحَاب الْحُكُومَة: كالخلفاء والولاة، وَقد يؤول بعلماء الدّين، ونصيحتهم قبُول مَا رَوَوْهُ وتقليدهم فِي الْأَحْكَام وإحسان الظَّن بهم.
وَأما نصيحة الْعَامَّة: فإرشادهم لمصالحهم فِي آخرتهم ودنياهم، وكف الْأَذَى عَنْهُم: وَتَعْلِيم مَا جهلوا، وإعانتهم على الْبر وَالتَّقوى، وَستر عَوْرَاتهمْ والشفقة عَلَيْهِم، وَأَن يحب لَهُم مَا يحب لنَفسِهِ من الْخَيْر.
السَّابِع: فِي الحَدِيث فَوَائِد.
مِنْهَا: مَا قيل: إِن الدّين يُطلق على الْعَمَل لكَونه سمى النَّصِيحَة: دينا.
وَمِنْهَا: إِن النَّصِيحَة فرض على الْكِفَايَة لَازِمَة على قدر الطَّاقَة إِذا علم الناصح أَنه يقبل نصحه، ويطاع أمره وَأمن على نَفسه الْمَكْرُوه، فَإِن خشِي فَهُوَ فِي سَعَة، فَيجب على من علم بِالْمَبِيعِ عَيْبا أَن يُبينهُ بَائِعا كَانَ أَو أَجْنَبِيّا، وَيجب على الْوَكِيل وَالشَّرِيك والخازن النصح.
وَمِنْهَا: أَن النَّصِيحَة كَمَا هِيَ فرض للمذكورين، فَكَذَلِك هِيَ فرض لنَفسِهِ، بِأَن ينصحها بامتثال الْأَوَامِر وَاجْتنَاب المناهي.
الثَّامِن: قَوْله تَعَالَى: { إِذا نصحوا لله وَرَسُوله} ( التَّوْبَة: 91) فِي سُورَة بَرَاءَة وَأول الْآيَة: { لَيْسَ على الضُّعَفَاء وَلَا على المرضى وَلَا على الَّذين لَا يَجدونَ مَا يُنْفقُونَ حرج إِذا نصحوا لله وَرَسُوله} ( التَّوْبَة: 91) الْآيَة.
أكَّد الحَدِيث الْمَذْكُور بِهَذِهِ الْآيَة، وَالْمرَاد بالضعفاء: الزمنى والهرمى، وَالَّذين لَا يَجدونَ: الْفُقَرَاء.
والنصح لله وَرَسُوله: الْإِيمَان بهما وطاعتهما فِي السِّرّ والعلن.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :56 ... غــ :56] .

     قَوْلُهُ  إِنَّكَ الْخِطَابُ لِسَعْدٍ وَالْمُرَادُ هُوَ وَمَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْإِنْفَاقُ .

     قَوْلُهُ  وَجْهُ اللَّهِ أَيْ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الثَّوَابِ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا أُجِرْتَ يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقَعُ اسْتِثْنَاءً .

     قَوْلُهُ  حَتَّى هِيَ عَاطِفَةٌ وَمَا بَعْدَهَا مَنْصُوبُ الْمَحَلِّ وَمَا مَوْصُولَةٌ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ .

     قَوْلُهُ  فِي فَمِ امْرَأَتِكِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ فِي فِي امْرَأَتك وَهِي الرِّوَايَة الْأَكْثَرِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ أَصْوَبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ حَذْفُ الْمِيمِ بِدَلِيلِ جَمْعِهِ عَلَى أَفْوَاهٍ وَتَصْغِيرُهُ عَلَى فُوَيْهٍ قَالَ وَإِنَّمَا يَحْسُنُ إِثْبَاتُ الْمِيمِ عِنْدَ الْإِفْرَادِ.

.
وَأَمَّا عِنْدَ الْإِضَافَةِ فَلَا إِلَّا فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ اه وَهَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي مَرَضِهِ بِمَكَّةَ وَعِيَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ وَقَولُهُ أُوصِي بِشَطْرِ مَالِي الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا .

     قَوْلُهُ  تَبْتَغِي أَيْ تَطْلُبُ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْحَظَّ إِذَا وَافَقَ الْحَقَّ لايقدح فِي ثَوَابِهِ لِأَنَّ وَضْعَ اللُّقْمَةِ فِي فِي الزَّوْجَةِ يَقَعُ غَالِبًا فِي حَالَةِ الْمُدَاعَبَةِ وَلِشَهْوَةِ النَّفْسِ فِي ذَلِكَ مَدْخَلٌ ظَاهِرٌ وَمَعَ ذَلِكَ إِذَا وَجَّهَ الْقَصْدُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ إِلَى ابْتِغَاءِ الثَّوَابِ حَصَلَ لَهُ بِفَضْلِ اللَّهِ.

.

قُلْتُ وَجَاءَ مَا هُوَ أَصْرَحُ فِي هَذَا الْمُرَادِ مِنْ وَضْعِ اللُّقْمَةِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيُؤْجَرُ قَالَ نَعَمْ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ الْحَدِيثَ قَالَ وَإِذَا كَانَ هَذَا بِهَذَا الْمحل مَعَ مَا فِيهِ مِنْ حَظِّ النَّفْسِ فَمَا الظَّنُّ بِغَيْرِهِ مِمَّا لاحظ لِلنَّفْسِ فِيهِ قَالَ وَتَمْثِيلُهُ بِاللُّقْمَةِ مُبَالَغَةٌ فِي تَحْقِيقِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ الْأَجْرُ فِي لُقْمَةٍ وَاحِدَةٍ لِزَوْجَةٍ غَيْرِ مُضْطَرَّةٍ فَمَا الظَّنُّ بِمَنْ أَطْعَمَ لُقَمًا لِمُحْتَاجٍ أَوْ عَمِلَ مِنَ الطَّاعَاتِ مَا مَشَقَّتُهُ فَوْقَ مَشَقَّةِ ثَمَنِ اللُّقْمَةِ الَّذِي هُوَ مِنَ الْحَقَارَةِ بِالْمَحَلِّ الْأَدْنَى اه وَتَمَامُ هَذَا أَنْ يُقَالَ وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ مَعَ مُشَارَكَةِ الزَّوْجِ لَهَا فِي النَّفْعِ بِمَا يُطْعِمُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ فِي حُسْنِ بَدَنِهَا وَهُوَ يَنْتَفِعُ مِنْهَا بِذَلِكَ وَأَيْضًا فَالْأَغْلَبُ أَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الزَّوْجَةِ يَقَعُ بِدَاعِيَةِ النَّفْسِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى مجاهدتها وَالله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :56 ... غــ : 56 ]
- حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ».
[الحديث 56 - أطرافه في: 1295، 2742، 2744، 3936، 4409، 5354، 5659، 5668، 6373، 6733] .

وبه قال: ( حدّثنا الحكم) بفتح الكاف هو أبو اليمان ( بن نافع قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي
حمزة القرشي ( عن الزهري) أبي بكر محمد بن شهاب ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عامر بن سعد) بسكون
العين ( عن سعد بن أبي وقاص) المدني أحد العشرة ( أنه أخبره أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) يخاطب سعدًا ومن يصح منه الإنفاق.

( إنك لن تنفق نفقة) قليلة أو كثيرة ( تبتغي) أي تطلب ( بها وجه الله) تعالى هو منع المتشابه وفيه مذهبان التفويض والتأويل.

قال العارف المحقق شمس الدين بن اللبان المصري الشاذلي وقد جاء ذكره في آيات كثيرة: فإذا أردت أن تعلم حقيقة مظهره من الصور فاعلم أن حقيقته من غمام الشريعة بارق نور التوحيد ومظهره من العمل وجه الإخلاص: { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ} [الروم: 43] الآية.
ويدل على أن وجه الإخلاص مظهره قوله تعالى { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52] .
وقوله تعالى: { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} [الإنسان: 9] .
وقوله عز وجل: { إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} [الليل: 20] .
والمراد بذلك كله الثناء بالإخلاص على أهله تعبيرًا بإرادة الوجه عن إخلاص النية وتنبيهًا على أنه مظهر وجهه سبحانه وتعالى.
ويدل على أن حقيقة الوجه هو بارق نور التوحيد.
قوله عز وجل: { وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] أي إلاّ نور توحيده انتهى.


والباء في قوله في الحديث بها للمقابلة أو بمعنى على، ولذا وقع في بعض النسخ عليها بدل بها أو للسببية أي لن تنفق نفقة تبتغي بسببها وجه الله تعالى ( إلا) نفقة ( أجرت عليها) بضم الهمزة وكسر الجيم ولكريمة إلاّ أجرت بها وهي في اليونينية لأبي ذر والأصيلي وابن عساكر لكنه ضرب عليها بالحمرة.
( حتى ما تجعل) أي الذي تجعله ( في فم امرأتك) فأنت مأجور فيه، وعلى هذا فالمرائي بعمل الواجب غير مثاب وإن سقط عقابه بفعله كذا قاله البرماوي كالكرماني.
وتعقبه العيني بأن سقوط العقاب مطلقًا غير صحيح، بل الصحيح التفصيل فيه وهو أن العقاب الذي يترتب على ترك الواجب يسقط لأنه أتى بعين الواجب ولكنه كان مأمورًا أن يأتي بما عليه بالإخلاص وترك الرياء،
فينبغي أن يعاقب على ترك الإخلاص لأنه مأمور به وتارك المأمور به يعاقب.
وقال النووي: ما أريد به وجه الله يثبت فيه الأجر وإن حصل لفاعله في ضمنه حظ شهوة من لذة أو غيرها كوضع لقمة

في فم الزوجة وهو غالبًا لحظ النفس والشهوة، وإذا ثبت الأجر في هذا ففيما يراد به وجه الله فقط أحرى، وفي رواية الكشميهني في في امرأتك بغير ميم.
قال في الفتح: وهي رواية الأكثر والمستثنى محذوف لأن الفعل لا يقع مستثنى، والتقدير كما قال العيني: لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلاّ نفقة أجرت عليها، ويكون قوله: أجرت عليها صفة للمستثنى، والمعنى على هذا لأن النفقة المأجور فيها هي التي تكون ابتغاء لوجه الله تعالى لأنها لو لم تكن لوجه الله لما كانت مأجورًا فيها، والاستثناء متصل لأنه من الجنس والتنكير في قوله نفقة في سياق النفي يعم القليل والكثير والخطاب في أنك للعموم، إذ ليس المراد سعدًا فقط فهو مثل: { وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ} [السجدة: 12] .
والصارف قرينة عدم اختصاصه، ويحتمل أن يكون بالقياس.
وحتى ابتدائية وما مبتدأ خبره المحذوف المقدر بقوله: ( فأنت مأجور فيه) ، فالنية الصالحة إكسير تقلب العادة عبادة والقبيح جميلاً، فالعاقل لا يتحرك حركة إلاّ لله فينوي بمكثه في المسجد زيارة ربه في انتظار الصلاة واعتكافه على طاعته وبدخوله الأسواق ذكر الله، وليس الجهر بشرط وأمرًا بمعروف ونهيًا عن منكر وينوي عقب كل فريضة انتظار أخرى فأنفاسه إذًا نفائس ونيته خير من عمله.

وهذا الحديث المذكور في الباب قطعة من حديث طويل مشهور أخرجه المؤلف في الجنائز والمغازي والدعوات والهجرة والطب والفرائض، ومسلم في الوصايا، وأبو داود والترمذي فيها أيضًا.
وقال: حسن صحيح، والنسائي فيها وفي عشرة النساء وفي اليوم والليلة، وابن ماجة في الوصايا.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :56 ... غــ :56 ]
- حدّثنا الحَكَمُ بنُ نافعٍ قَالَ أخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حدّثني عامِرُ بنُ سَعْدٍ عنْ سَعْدِ بنِ أبي وَقاصٍ أنَّهُ أخْبَرَهُ أنّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِها وَجْهَ اللَّهِ إلاَّ أُجِرْتَ عَليْها حتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ..
هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة الثَّالِثَة، كَمَا ذكرنَا، وَهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه قد ذكر فِي بابُُ: إِذا لم يكن الْإِسْلَام على الْحَقِيقَة، وَكَانَ على الاستسلام أَو الْخَوْف من الْقَتْل.

وَالْحكم بِفَتْح الْكَاف: هُوَ أَبُو الْيَمَان الْحِمصِي.
وَالزهْرِيّ: هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: هَذَا الحَدِيث قِطْعَة من حَدِيث طَوِيل مَشْهُور، أخرجه البُخَارِيّ هَهُنَا كَمَا ترى، وَفِي الْمَغَازِي عَن مُحَمَّد بن يُونُس، وَفِي الدَّعْوَات عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، وَفِي الْهِجْرَة عَن يحيى بن قزعة، ثَلَاثَتهمْ عَن إِبْرَاهِيم بن سعد، وَفِي الْجَنَائِز عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك، وَفِي الطِّبّ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة، وَفِي الْفَرَائِض عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب أَيْضا، وَعَن الْحميدِي عَن سُفْيَان، خمستهم عَنهُ بِهِ.
وَأخرجه مُسلم فِي الْوَصَايَا عَن يحيى بن يحيى عَن إِبْرَاهِيم بن سعد بِهِ، وَعَن قُتَيْبَة وَأبي بكر بن أبي شيبَة كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ، وَعَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح وحرملة بن يحيى كِلَاهُمَا عَنهُ بِهِ.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْوَصَايَا أَيْضا عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن سُفْيَان بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ أَيْضا عَن مُحَمَّد بن يحيى بن أبي عمر عَن سُفْيَان بِهِ،.

     وَقَالَ : حسن صَحِيح.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن عُثْمَان بن سُفْيَان عَن سُفْيَان بِهِ، وَفِي عشرَة النِّسَاء عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن مُحَمَّد بن سَلمَة عَن ابْن الْقَاسِم عَن مَالك بِبَعْضِه.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْوَصَايَا عَن هِشَام بن عمار، وَالْحُسَيْن بن الْحسن الْمروزِي، وَسَهل بن أبي سهل بن سهل الرَّازِيّ، ثَلَاثَتهمْ عَن سُفْيَان بِهِ.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله ( إِنَّك) ، إِن: حرف من الْحُرُوف المشبهة بِالْفِعْلِ، فالكاف إسمها و: ( لن تنْفق) ، خَبَرهَا وَكلمَة: لن، حرف نصب، وَنفي واستقبال، وَفِيه ثَلَاثَة مَذَاهِب: الأول: إِنَّه حرف مقتضب بِرَأْسِهِ، وَهَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور.
وَالثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَب الْفراء أَن أَصله: لَا، فابدلت النُّون من الْألف، فَصَارَ: لن.
وَالثَّالِث: وَهُوَ مَذْهَب الْخَلِيل وَالْكسَائِيّ.
أَن أَصله: لَا إِن، فحذفت الْهمزَة تَخْفِيفًا، وَالْألف لالتقاء الساكنين..
     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: إِنَّه يُفِيد توكيد النَّفْي، قَالَه فِي ( الْكَشَّاف) .

     وَقَالَ  فِي ( انموذجه) يُفِيد تأييد النَّفْي، ورد بِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا دَلِيل، وَقَالُوا: لَو كَانَت للتأبيد لِمَ يُقيد منفيها بِالْيَوْمِ فِي: { لن أكلم الْيَوْم إنسياً} ( مَرْيَم: 26) .
ولكان ذكر الْأَبَد فِي: { وَلنْ يَتَمَنَّوْهُ أبدا} ( الْبَقَرَة: 95) تَكْرَارا، وَالْأَصْل عَدمه.
قَوْله ( تنْفق) مَنْصُوب بهَا.
وَقَوله ( نَفَقَة) نصب على أَنه مفعول مُطلق.
قَوْله ( تبتغي) ، جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل، وَقعت حَالا من الضَّمِير الَّذِي فِي: لن تنْفق، وَالْبَاء فِي: بهَا إِمَّا للمقابلة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { ادخُلُوا الْجنَّة بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} ( النَّحْل: 32) وَإِمَّا للسَّبَبِيَّة كَمَا فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( لن يدْخل أحدكُم الْجنَّة بِعَمَلِهِ) وَإِمَّا للظرفية بِمَعْنى: فِيهَا وَإِنَّمَا قُلْنَا هَكَذَا لِأَن تبتغي، متعدٍ يُقَال: ابْتَغَيْت الشَّيْء وتبغيته إِذا طلبته، من: بغيت الشَّيْء: طلبته.
قَوْله: ( وَجه الله) ، كَلَام إضافي مفعول: تبتغي.
قَوْله ( إِلَّا أجرت) ، بِضَم الْهمزَة، على صِيغَة الْمَجْهُول، والمستثنى مَحْذُوف لِأَن الْفِعْل لَا يَقع اسْتثِْنَاء، وَالتَّقْدِير: لن تنْفق نَفَقَة تبتغي بهَا وَجه الله تَعَالَى إلاَّ نَفَقَة أجرت بهَا.
وَيكون قَوْله أجرت بهَا صفة للمستثنى، وَالْمعْنَى على هَذَا، لِأَن النَّفَقَة الْمَأْجُور فِيهَا هِيَ الَّتِي تكون ابْتِغَاء لوجه الله تَعَالَى.
لِأَنَّهَا لَو لم تكن لوجه الله تَعَالَى لما كَانَت مأجوراً فِيهَا..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: التَّقْدِير: إلاَّ فِي حَالَة أجرت بهَا، ثمَّ فسر ذَلِك بقوله: أَي: لن تنْفق نَفَقَة تبتغي بهَا وَجه الله تَعَالَى فِي حَال من الْأَحْوَال إلاَّ وَأَنت فِي حَال مأجوريتك عَلَيْهَا.
قلت: لَو قدر هَكَذَا لن تنْفق نَفَقَة لوجه الله تَعَالَى إلاَّ حَال كونك مأجوراً عَلَيْهَا كَانَ أحسن على مَا لَا يخفى.
فَإِن قلت: الِاسْتِثْنَاء مُتَّصِل أَو مُنْقَطع؟ قلت: مُتَّصِل، لِأَن الْمُسْتَثْنى من جنس الْمُسْتَثْنى مِنْهُ.
قَوْله ( بهَا) ، الْبَاء إِمَّا للسَّبَبِيَّة، وَإِمَّا للمقابلة، وَإِمَّا بِمَعْنى: على، وَلِهَذَا فِي بعض النّسخ، عَلَيْهَا، بدل: بهَا، وَالْبَاء تَجِيء بِمَعْنى: على كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { مَن إِن تأمنه بقنطار} ( آل عمرَان: 75) قَوْله ( حَتَّى) ، قَالَ الْكرْمَانِي: هِيَ العاطفة لَا الجارة، وَمَا بعْدهَا مَنْصُوب الْمحل، وَبَعْضهمْ تبعه على هَذَا.
قلت: حَتَّى، هَذِه ابتدائية، أَعنِي؛ حرف تبتدأه بعده الْجمل، أَي: تسْتَأْنف فَتدخل على الْجُمْلَة الإسمية وَالْجُمْلَة الفعلية، وَذَلِكَ لِأَن: حَتَّى، العاطفة لَهَا شُرُوط مِنْهَا: أَنَّهَا لَا تعطف الْجمل، لِأَن شَرط معطوفها أَن يكون جزأ مِمَّا قبلهَا، أَو جُزْء مِنْهُ، وَلَا يتأتي ذَلِك إلاَّ فِي الْمُفْردَات، على أَن الْعَطف بحتى قَلِيل، وَأهل الْكُوفَة ينكرونه الْبَتَّةَ، وَمَا بعد حَتَّى هَهُنَا جملَة، لِأَن قَوْله ( مَا) ، مَوْصُولَة مُبْتَدأ، وَخَبره مَحْذُوف، وَكَذَا الْعَائِد إِلَى الْمَوْصُول، تَقْدِيره؛ حَتَّى الَّذِي تجْعَل فِي فَم امْرَأَتك فَأَنت مأجور فِيهِ، وَوجه آخر يمْنَع من كَون: حَتَّى، عاطفة، هُوَ: أَن الْمَعْطُوف غير الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، فَإِذا جعلت: حَتَّى، عاطفة لَا يُسْتَفَاد أَن: مَا يَجْعَل فِي فَم امْرَأَته مأجور فِيهِ.
فَإِن قلت: قَالَ الْكرْمَانِي: يُسْتَفَاد ذَلِك من حَيْثُ إِن قيد الْمَعْطُوف عَلَيْهِ قيد فِي الْمَعْطُوف.
قلت: الْقَيْد فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ هُوَ الابتغاء لوجه الله تَعَالَى والآجر لَيْسَ بِقَيْد فِيهِ، لِأَنَّهُ أصل الْكَلَام، وَالْمَقْصُود فِي الْمَعْطُوف حُصُول الْأجر بالانفاق الْمُقَيد بالابتغاء.
فَافْهَم.

بَيَان الْمعَانِي:.
فِيهِ تَمْثِيل باللقمة مُبَالغَة فِي حُصُول الْأجر، لِأَن الْأجر إِذا ثَبت فِي لقْمَة زَوْجَة غير مضطرة، ثَبت فِيمَن أطْعم الْمُحْتَاج كسرة، أَو رغيفاً بِالطَّرِيقِ الأولى،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: هَذَا بَيَان لقاعدة مهمة، وَهِي: أَن مَا أُرِيد بِهِ وَجه الله تَعَالَى ثَبت فِيهِ الْأجر، وَإِن حصل لفَاعِله فِي ضمنه حَظّ نفس من لَذَّة أَو غَيرهَا، فَلهَذَا مثل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوَضْع اللُّقْمَة فِي فَم الزَّوْجَة، وَمَعْلُوم أَنه غَالِبا يكون بحظ النَّفس والشهوة واستمالة قَلبهَا، فَإِذا كَانَ الَّذِي هُوَ من حظوظ النَّفس بِالْمحل الْمَذْكُور من ثُبُوت الْأجر فِيهِ، وَكَونه طَاعَة وَعَملا أخروياً إِذا أُرِيد بِهِ وَجه الله تَعَالَى، فَكيف الظَّن بِغَيْرِهِ مِمَّا يُرَاد بِهِ وَجه الله تَعَالَى وَهُوَ مباعد للحظوظ النفسانية؟ قَوْله ( تبتغي بهَا وَجه الله) ، أَي: ذَاته، عز وَجل.
الْمَعْنى: أَنه لَا يطْلب غير الله تَعَالَى..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الْوَجْه والجهة بِمَعْنى، يُقَال: هَذَا وَجه الرَّائِي، أَي: هُوَ الرَّائِي نَفسه.
قلت: هَذَا كَلَام الْجَوْهَرِي، فَإِن أَرَادَ بِذكرِهِ أَن الْوَجْه هَهُنَا بِمَعْنى الْجِهَة فَلَا وَجه لَهُ، وَإِن أَرَادَ أَنه من قبيل هَذَا وَجه الرَّائِي فَلَا وَجه لَهُ أَيْضا، لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَن تكون لَفْظَة: وَجه، زَائِدَة.
وَحمل الْكَلَام على الْفَائِدَة أولى..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي هُنَا أَيْضا، فَإِن قلت: مَفْهُومه أَن الْآتِي بِالْوَاجِبِ إِذا كَانَ مرائياً فِيهِ لَا يُؤجر عَلَيْهِ.
قلت: هُوَ حق، نعم يسْقط عَنهُ الْعقَاب لَكِن لَا يحصل لَهُ الثَّوَاب.
قلت: حكمه بِسُقُوط الْعقَاب مُطلقًا غير صَحِيح، بل الصَّحِيح التَّفْصِيل فِيهِ، وَهُوَ أَن الْعقَاب الَّذِي يَتَرَتَّب على ترك الْوَاجِب يسْقط لِأَنَّهُ أَتَى بِعَين الْوَاجِب، وَلكنه كَانَ مَأْمُورا أَن يَأْتِي بِمَا عَلَيْهِ بالإخلاص وَترك الرِّيَاء، فَيَنْبَغِي أَن يُعَاقب على ترك الْإِخْلَاص.
لِأَنَّهُ مَأْمُور بِهِ، وتارك الْمَأْمُور بِهِ يُعَاقب.
قَوْله ( فِي فَم امْرَأَتك) .
وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( فِي فِي امْرَأَتك) ، وَهُوَ رِوَايَة الْأَكْثَرين،.

     وَقَالَ  القَاضِي عِيَاض: حذف الْمِيم أصوب، وبالميم لُغَة قَليلَة.
قلت: لِأَن أصل فَم: فوه على وزن فعل، بِدَلِيل قَوْلهم: أَفْوَاه، وَهُوَ جمع مَا كَانَ على: فَعْلٍ سَاكن الْعين مُعْتَلًّا كَقَوْلِهِم: ثوب واثواب، وحوض وأحواض، فَإِذا أفردت عوضت من واوها، مِيم، لتثبت، وَلَا تعوض فِي حَال الْإِضَافَة إلاَّ شاذاً، وَإِعْرَابه فِي الْمِيم مَعَ فتح الْفَاء فِي الْأَحْوَال الثَّلَاث، تَقول: هَذَا فَم، وَرَأَيْت فَمَا، وانتفعت بِفَم.
وَمِنْهُم من يكسر الْفَاء على كل حَال، وَمِنْهُم من يرفع على كل حَال، وَمِنْهُم من يعربه من مكانين.
فَإِن قلت: لم خص الْمَرْأَة بِالذكر؟ قلت: لِأَن عود مَنْفَعَتهَا إِلَى الْمُنفق، فَإِنَّهَا تؤتر فِي حسن بدنهَا ولباسها، وَالزَّوْجَة من أحظ حظوظه الدُّنْيَوِيَّة وملاذه، وَالْغَالِب من النَّاس النَّفَقَة على الزَّوْجَة لحُصُول شَهْوَته وَقَضَاء وطره، بِخِلَاف الْأَبَوَيْنِ، فَإِنَّهَا رُبمَا تخرج بكلفة ومشقة، فَأخْبر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه إِذا قصد باللقمة الَّتِي يَضَعهَا فِي فَم الزَّوْجَة وَجه الله تَعَالَى، وَجعل لَهُ الْأجر مَعَ الداعية، فَمَعَ غير الداعية وتكلف الْمَشَقَّة أولى.