هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
599 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنْ أَيُّوبَ ، وَعَبْدِ الحَمِيدِ ، صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ ، قَالَ : خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ رَدْغٍ ، فَلَمَّا بَلَغَ المُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ الصَّلاَةُ فِي الرِّحَالِ ، فَنَظَرَ القَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ، فَقَالَ : فَعَلَ هَذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَإِنَّهَا عَزْمَةٌ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
599 حدثنا مسدد ، قال : حدثنا حماد ، عن أيوب ، وعبد الحميد ، صاحب الزيادي ، وعاصم الأحول ، عن عبد الله بن الحارث ، قال : خطبنا ابن عباس في يوم ردغ ، فلما بلغ المؤذن حي على الصلاة ، فأمره أن ينادي الصلاة في الرحال ، فنظر القوم بعضهم إلى بعض ، فقال : فعل هذا من هو خير منه وإنها عزمة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ ، قَالَ : خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ رَدْغٍ ، فَلَمَّا بَلَغَ المُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ الصَّلاَةُ فِيالرِّحَالِ ، فَنَظَرَ القَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ، فَقَالَ : فَعَلَ هَذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَإِنَّهَا عَزْمَةٌ.

Narrated `Abdullah bin Al-Harith:

Once on a rainy muddy day, Ibn `Abbas delivered a sermon in our presence and when the Mu'adhdhin pronounced the Adhan and said, Haiyi `ala-s-sala(t) (come for the prayer) Ibn `Abbas ordered him to say 'Pray at your homes.' The people began to look at each other (surprisingly). Ibn `Abbas said. It was done by one who was much better than I (i.e. the Prophet (ﷺ) or his Mu'adh-dhin), and it is a license.'

":"ہم سے مسدد بن مسرہد نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے حماد بن زید نے ایوب سختیانی اور عبدالحمید بن دینار صاحب الزیادی اور عاصم احول سے بیان کیا ، انھوں نے عبداللہ بن حارث بصریٰ سے ، انھوں نے کہا کہابن عباس رضی اللہ عنہما نے ایک دن ہم کو جمعہ کا خطبہ دیا ۔ بارش کی وجہ سے اس دن اچھی خاصی کیچڑ ہو رہی تھی ۔ مؤذن جب «حى على الصلاة‏» پر پہنچا تو آپ نے اس سے «الصلاة في الرحال‏» کہنے کے لیے فرمایا کہ لوگ نماز اپنی قیام گاہوں پر پڑھ لیں ۔ اس پر لوگ ایک دوسرے کو دیکھنے لگے ۔ ابن عباس رضی اللہ عنہما نے کہا کہ اسی طرح مجھ سے جو افضل تھے ، انھوں نے بھی کیا تھا اور اس میں شک نہیں کہ جمعہ واجب ہے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [616] .

     قَوْلُهُ  حَمَّادٌ هُوَ بن زيد وَعبد الحميد هُوَ بن دِينَارٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ هُوَ الْبَصْرِيُّ بن عَم بن سِيرِينَ وَزَوْجُ ابْنَتِهِ وَهُوَ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ وَرِوَايَةُ الثَّلَاثَةِ عَنْهُ مِنْ بَابِ رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ وَرِجَالُ الْإِسْنَادِ كُلُّهُمْ بَصْرِيُّونَ وَقَدْ جَمَعَهُمْ حَمَّادٌ كَمُسَدَّدٍ كَمَا هُنَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَنْهُ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَكَانَ حَمَّادُ رُبَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي بَابِ هَلْ يُصَلِّي الْإِمَامُ بِمَنْ حَضَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الحجي عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَنْ عَاصِمٍ فَرَّقَهُمَا وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَيُّوبَ وَعَاصِمٍ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى مِنْهَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ وَحُكِيَ عَنْ وُهَيْبٍ أَنَّ أَيُّوبَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَيُّوبَ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَا سَمِعْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُ وَلِمُسَدَّدٍ فِيهِ شَيْخٌ آخر وَهُوَ بن عُلَيَّةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ إِنْ شَاءَ الله قَوْله خَطَبنَا اسْتدلَّ بِهِ بن الْجَوْزِيِّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَذْكُورَةَ كَانَتِ الْجُمُعَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي رِوَايَة بن عُلَيَّةَ وَلَفْظُهُ أَنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ .

     قَوْلُهُ  فِي يَوْمِ رَزْغٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الزَّايِ بَعْدَهَا غَيْنٌ مُعْجَمَةٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ هُنَا وَلِابْنِ السَّكَنِ وَالْكُشْمِيهَنِيِّ وَأَبِي الْوَقْتِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَدَلَ الزَّايِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ إِنَّهَا أَشْهَرُ.

     وَقَالَ  وَالصَّوَابُ الْفَتْحُ فَإِنَّهُ الِاسْمُ وَبِالسُّكُونِ الْمَصْدَرُ انْتَهَى وَبِالْفَتْحِ رِوَايَةُ الْقَابِسِيِّ قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ الرَّزْغُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ فِي الثِّمَادِ وَقِيلَ إِنَّهُ طِينُ وَحْلٍ وَفِي الْعَيْنِ الرَّدْغَةُ الْوَحْلُ وَالرَّزْغَةُ أَشَدُّ مِنْهَا وَفِي الْجَمْهَرَةِ وَالرَّدْغَةُ وَالرَّزْغَةُ الطِّينُ الْقَلِيلُ مِنْ مَطَرٍ أَوْ غَيْرِهِ تَنْبِيهٌ وَقَعَ هُنَا يَوْمَ رَزْغٍ بِالْإِضَافَة وَفِي رِوَايَة الحجي الْآتِيَةِ فِي يَوْمٍ ذِي رَزْغٍ وَهِيَ أَوْضَحُ وَفِي رِوَايَة بن عُلَيَّةَ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فَأَمَرَهُ كَذَا فِيهِ وَكَأَنَّ هُنَا حَذْفًا تَقْدِيرُهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَهَا فَأمره وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة بن عُلَيَّةَ إِذَا.

.

قُلْتُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله فَلَا تقل حىعلى الصَّلَاة وَبَوَّبَ عَلَيْهِ بن خُزَيْمَة وَتَبعهُ بن حِبَّانَ ثُمَّ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ حَذَفَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الْمَطَرِ وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى الْمَعْنَى لِأَنَّ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَالصَّلَاةَ فِي الرِّحَالِ وَصَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ يُنَاقِضُ ذَلِكَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ بَعْدَ الْأَذَانِ وَآخَرُ أَنَّهُ يَقُولُهُ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ الْحَدِيثُ مَا تَقَدَّمَ وَقَولُهُ الصَّلَاةَ فِي الرِّحَالِ بِنَصْبِ الصَّلَاةِ وَالتَّقْدِيرُ صَلُّوا الصَّلَاةَ وَالرِّحَالُ جَمْعُ رَحْلٍ وَهُوَ مَسْكَنُ الرَّجُلِ وَمَا فِيهِ مِنْ أَثَاثِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ تقال فِي نفس الْأَذَان وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ يَعْنِي الْآتِي فِي بَابِ الْأَذَانِ لِلْمُسَافِرِ أَنَّهَا تُقَالُ بَعْدَهُ قَالَ وَالْأَمْرَانِ جَائِزَانِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ لَكِنْ بَعْدَهُ أَحْسَنُ لِيَتِمَّ نَظْمُ الْأَذَانِ قَالَ وَمِنْ أَصْحَابنَا مَنْ يَقُولُ لَا يَقُولُهُ إِلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ وَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالف لصريح حَدِيث بن عَبَّاسٍ انْتَهَى وَكَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تُزَادُ مُطْلَقًا إِمَّا فِي أَثْنَائِهِ وَإِمَّا بَعْدَهُ لَا أَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَقَدْ تقدم عَن بن خُزَيْمَةَ مَا يُخَالِفُهُ وَقَدْ وَرَدَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِوَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ قَالَ أَذَّنَ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلصُّبْحِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فَتَمَنَّيْتُ لَوْ قَالَ وَمَنْ قَعَدَ فَلَا حَرَجَ فَلَمَّا قَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ قَالَهَا .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ فَعَلَ هَذَا كَأَنَّهُ فَهِمَ مِنْ نَظَرِهِمُ الْإِنْكَارَ وَفِي رِوَايَة الحجي كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَلِك وَفِي رِوَايَة بن عُلَيَّةَ فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  مَنْ هُوَ خير مِنْهُ وللكشميهني مِنْهُم وللحجى مِنِّي يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا فِي أَصْلِ الرِّوَايَةِ وَمَعْنَى رِوَايَةِ الْبَابِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنَ الْمُؤَذِّنِ يَعْنِي فَعَلَهُ مُؤَذِّنُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ هَذَا الْمُؤَذِّنِ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَفِيهَا نَظَرٌ وَلَعَلَّ مَنْ أَذَّنَ كَانُوا جَمَاعَةً إِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً أَوْ أَرَادَ جِنْسَ الْمُؤَذِّنِينَ أَوْ أَرَادَ خَيْرٌ مِنَ الْمُنْكِرِينَ .

     قَوْلُهُ  وَإِنَّهَا أَيِ الْجُمُعَةَ كَمَا تَقَدَّمَ عَزْمَةٌ بِسُكُونِ الزَّاي ضد الرُّخْصَة زَاد بن عُلَيَّةَ وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُونَ فِي الطين وَفِي رِوَايَة الحجي مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ إِنِّي أُؤَثِّمُكُمْ وَهِيَ تُرَجِّحُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أُحْرِجُكُمْ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفِي رِوَايَة جرير عَن عَاصِم عِنْد بن خُزَيْمَةَ أَنْ أُخْرِجَ النَّاسَ وَأُكَلِّفَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا الْخَبَثَ مِنْ طُرُقِهِمْ إِلَى مَسْجِدِكُمْ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِسُقُوطِ الْجُمُعَةِ بِعُذْرِ الْمَطَرِ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنْكَرَهَا الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ لَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى جَوَازِ الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ بَلِ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَذَانِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ وَإِنْ سَاغَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ لَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ الْمَعْهُودِ وَطَرِيقُ بَيَانِ الْمُطَابَقَةِ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَمَّا جَازَتْ زِيَادَتُهُ فِي الْأَذَانِ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ دَلَّ عَلَى جَوَازِ الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ لمن يحْتَاج إِلَيْهِ ( قَولُهُ بَابُ أَذَانِ الْأَعْمَى) أَيْ جَوَازُهُ .

     قَوْلُهُ  إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ أَيْ بِالْوَقْتِ لِأَنَّ الْوَقْتَ فِي الْأَصْلِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاهَدَةِ وعَلى هَذَا الْقَيْد يحمل مَا روى بن أبي شيبَة وبن الْمُنْذر عَن بن مَسْعُود وبن الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُمْ كَرِهُوا أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ أَعْمَى.

.
وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَدَاوُدَ أَنَّ أَذَانَ الْأَعْمَى لَا يَصِحُّ فَقَدْ تَعَقَّبَهُ السُّرُوجِيُّ بِأَنَّهُ غَلِطَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ نَعَمْ فِي الْمُحِيطِ لِلْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [616] حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: "خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ رَدْغٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ: الصَّلاَةُ فِي الرِّحَالِ، فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: فَعَلَ هَذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ.
وَإِنَّهَا عَزْمَةٌ".
[الحديث طرفاه 668، 901] .
وبالسند قال ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال حدّثنا حماد) هو ابن يزيد ( عن أيوب) السختياني ( وعبد الحميد) بن دينار ( صاحب الزيادي وعاصم) أي ابن سليمان ( الأحول) ثلاثتهم ( عن عبد الله بن الحارث) البصري ابن عمّ محمد بن سيرين ( قال: خطبنا ابن عباس) رضي الله عنهما يوم جمعة كما لابن علية ( في يوم ردغ.
)
بالإضافة وفتح الراء وسكون الدال المهملة وبالغين المعجمة كذا للكشميهني وأبي الوقت وابن السكن أي يوم ذي طين قليل من مطر ونحوه أو وحل وفي الفرع بتنوين يوم للقابسي والأكثرين رزغ بزاي موضع الدال أي غيم بارد أو ماء قليل في الثماد ( فلما بلغ المؤذن) إلى أن يقول ( حي على الصلاة) أو أراد أن يقولها ( فأمره) ابن عباس ( أن ينادي: الصلاة في الرحال،) بدلها بنصب الصلاة بتقدير صلوا أو أدّوا ويجوز الرفع على الابتداء والرحال بالحاء المهملة جمع رحل وهو مسكن الشخص وما فيه أثاثه أي صلوا في منازلكم ولابن علية إذا قلت أشهد أن محمدًا رسول الله فلا تقل حيّ على الصلاة وفي حديث ابن عمر أنه قالها آخر ندائه والأمران جائزان نص عليهما الشافعي في الأم لكن بعده أحسن لئلا ينخرم نظام الأذان لعبد الرزاق بإسناد صحيح عن نعيم بن النحام قال أذن مؤذن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للصبح في ليلة باردة فتمنيت لو قال ومن قعد فلا حرج فلما قال: الصلاة خير من النوم قالها ففيه الجمع بين الحيعلتين وقوله الصلاة في الرحال ( فنظر القوم بعضهم إلى بعض) كأنهم أنكروا تغير الأذان وتبديل الحيعلتين بذلك ( فقال:) ابن عباس ( فعل هذا) الذي أمرته به ( من هو خير منه) أي الذي هو خير من ابن عباس وهو النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولابن عساكر مني وللكشميهني منهم أي من المؤذن والقوم ( وإنها) أي الجمعة فإن قلت لم يسبق ما يدل على أنها الجمعة أجيب بأنه ليس من شروط معاد الضمير أن يكون مذكورًا بالضمير على أن قوله خطبنا يدل عليه مع ما وقع من التصريح في رواية ابن علية ولفظه أن الجمعة ( عزمة.
)
بسكون الزاي أي واجبة وإني كرهت أن أحرجكم فتمشون في الطين فإن قلت ما وجه المطابقة بين الحديث والترجمة أجيب بأنه لما جازت الزيادة المذكورة في الأذان للحاجة إليها دل على جواز الكلام في الأذان لمن يحتاج إليه لكن نازع في ذلك الداودي بأنه لا حجة فيه على جواز الكلام في الأذان بل القول المذكور مشروع من جملة الأذان في ذلك المحل وقد رخص أحمد الكلام في أثنائه وهو قول عندنا في الطويل لكن قيده في المجموع بما لم يفحش بحيث لا يعد أذانًا ولا يضر اليسير جزمًا ورجح المالكية المنع مطلقًا لكن إن حصل مهمّ ألجأه إلى الكلام ففي الواضحة يتكلم وفي المجموعة عن ابن القاسم نحوه وقال الحنفية فيما نقله العينيّ أنه خلاف الأولى.
ورواة هذا الحديث السبعة بصريون وفيه التحديث والعنعنة والقول وثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض وأخرجه أيضًا في الصلاة والجمعة ومسلم وأبو داود وابن ماجة في الصلاة.
11 - باب أَذَانِ الأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ ( باب) جواز ( أذان الأعمى إذا كان له من يخبره) بدخول الوقت.
617 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ».
ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ رَجُلاً أَعْمَى لاَ يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ.
[الحديث 617 - أطرافه في: 620، 623، 1918، 2656، 7248] .
وبالسند قال ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بفتح اللام القعنبى ( عن مالك) الإمام ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن سالم بن عبد الله عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قال) ( إن بلالاً يؤذن) للصبح ( بليل) أي في ليل ( فكلوا واشربوا حتى) أي إلى أن ( ينادي) أي يؤذن ( ابن أم مكتوم) عمرو أو عبد الله بن قيس بن زائدة القرشي وأم مكتوم اسمها عاتكة بنت عبد الله المخزومية ( قال) ولغير الأربعة ثم قال أي ابن عمر أو ابن شهاب ( وكان) أي ابن أم مكتوم ( رجلاً أعمى) عمي بعد بدر بسنتين أو ولد أعمى فكنيت أمه أم مكتوم لاكتتام نور بصره الأوّل هو المشهور ( لا ينادي) أي لا يؤذن ( حتى يقال له: أصبحت أصبحت.
)
بالتكرار للتأكيد وهي تامةتستغني بمرفوعها والمعنى قاربت الصبح على حد قوله تعالى: { فإذا بلغن أجلهن} أي آخر عدّتهن والأجل يطلق للمدة ولمنتهاها، والبلوغ هو الوصول إلى الشيء وقد يقال: للدنوّ منه وهو المراد في الآية ليصح أن يترتب عليه قوله { فأمسكوهن بمعروف} إذ لا إمساك بعد انقضاء الأجل وحينئذٍ فليس المراد من الحديث ظاهره وهو الإعلام بظهور الفجر بل التحذير من طلوعه والتحضيض له على النداء خيفة ظهوره وإلا لزِم جواز الأكل بعد طلوع الفجر لأنه جعل أذانه غاية للأكل نعم يعكر عليه قوله أن بلالاً يؤذن بليل فإن فيه إشعارًا بأن ابن أم مكتوم بخلافه وأيضًا وقع عند المؤلّف في الصيام من قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر وأجيب بأن أذانه جعل علامة لتحريم الأكل وكأنه كان له من يراعي الوقت بحيث يكون أذانه مقارنًا لابتداء طلوع الفجر وفي هذا الحديث مشروعية الأذان قبل الوقت في الصبح وهل يكتفي به عن الأذان بعد الفجر أم لا ذهب إلى الأوّل الشافعي ومالك وأحمد وأصحابهم وروى الشافعي في القديم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال عجلوا الأذان بالصبح يدلج المدلج وتخرج العاهرة وصحّح في الروضة أن وقته من أوّل نصف الليل الآخر لأن صلاته تدرك الناس وهم نيام فيحتاجون إلى التأهّب لها وهذا مذهب أبي يوسف وابن حبيب من المالكية لكن يعكر على هذا قول القاسم بن محمد المروي عند المؤلّف في الصيام لم يكن بين أذانهما أي بلال وابن أم مكتوم إلاّ أن يرقى ذا وينزل ذا وهو مروي عند النسائي من قوله في روايته عن عائشة وهو ينفي كونه مرسلاً ويقيد إطلاق قوله إن بلالاً يؤذن بليل ومن ثم اختاره السبكي في شرح المنهاج وحكي تصحيحه عن القاضي حسين والمتولي قال وقطع به البغوي وهو أن الوقت الذي يؤذن فيه قبل الفجر هو وقت السحر وهو كما قال في القاموس قبيل الصبح، وقال الإمام أبو حنيفة ومحمد لا يجوز تقديمه على الفجر وإن قدم يعاد في الوقت لأنه عليه الصلاة والسلام قال لمن أذن قبل الوقت لا تؤذن حتى ترى الفجر والمشهور عند المالكية جوازه من السدس الأخير من الليل ونقل الماوردي أنه يؤذن لها إذا صليت العشاء وبقية مباحث الحديث تأتي في محالها إن شاء الله تعالى.
12 - باب الأَذَانِ بَعْدَ الْفَجْرِ ( باب الأذان بعد) طلوع ( الفجر) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [616] حدثنا مسدد: ثنا حماد، عن ايوب وعبد الحميد صاحب الزيادي وعاصم الاحول، عن عبد الله بن الحارث، قال: خطبنا ابن عباس في يوم رزغ، فلما بلغ المؤذن: ((حي على الصلاة)) فأمره ان ينادي ((الصلاة في الرحال)) ، فنظر القوم بعضهم إلى بعض، فقال: فعل هذا من هو خير منه، وانها عزمة.
((الرزغ)) : بالزاي والغين المعجمة، هو: الرحل.
يقال: ارزغت السما إذا بلت الارض.
ويقال له – أيضا -: ((الردغ)) بالدال المهملة.
وقيل: ان الرزغ - بالزاي - اشد من الردغ.
وقيل: هما سواء.
قال الخطأبي: الرزغة: وحل شديد، وكذلك الردغة.
ورزغ الرجل [إذا ارتكم] في الوحل، فهو رزغ.
وقد خرجه البخاري – أيضا - في ((باب: هي يصلي الامام بمنحضر، وهل يخطب يوم الجمعة في المطر؟)) عن عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، عن حماد، عن عبد الحميد وعاصم خاصة، وفصل حديث احدهما من حديث الاخر.
وفي حديث عبد الحميد عنده: قال: كأنكم انكرتم هذا، ان هذا فعله من هو خير مني - يعني: النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وخرجه - أيضا - في ((كتاب الجمعة)) من طريق ابن علية، عن عبد الحميد، قال: انا عبد الله بن الحارث ابن عم محمد بن سيرين: قال ابن عباس كمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت: ((اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله)) ، فلا تقل: ((حي على الصلاة)) .
قل: ((صلوا في بيوتكم)) ، فكأن الناس استنكروا، فقال: قد فعله من هو خير مني.
وفي هذه الرواية: زيادة على ما قبلها من وجهين: احدهما: انه نسب فيها عبد الله بن الحارث هذا: هو الانصاري البصري نسيب ابن سيرين وختنه على اخته.
وكذا وقع في ((سنن أبي داود)) – أيضا.
وفي ((سنن ابن ماجه)) من رواية عباد المهلبي، عن عاصم الاحول، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل.
وابن نوفل هذا، هو: الهاشمي، ويلقب ((ببه)) ، وكلاهما ثقة، مخرج له في ((الصحيحين)) .
فالله اعلم.
والثاني: ان في هذه الرواية: ان ابن عباس نهى المؤذن ان يقول: ((حي على الصلاة)) ، وامره ان يبدلها في قوله: ((صلوا في بيوتكم)) .
وقد خرجهمامسلم – أيضا - كذلك.
وعلى هذه الرواية، فلا يدخل هذا الحديث في هذا الباب، بل هو دليل على ان المؤذن يوم المطر مخير بين ان يقول: ((حي على الصلاة حي على الفلاح)) ، وبين ان يبدل ذلك بقوله: ((صلوا في رحالكم او بيوتكم)) ، ويكون ذلك من جملة كلمات الاذان الاصلية في وقت المطر.
وهذا غريب جداً، اللهم الا ان يحمل على انه امره بتقديم هذه الكلمات على الحيعلتين، وهو بعيد مخالف لقوله: لا تقل: ((حي على الصلاة)) ، بل ((صلوا في بيوتكم)) .
والذي فهمه البخاري: ان هذه الكلمة قالها بعد الحيعلتين او قبلهما، فتكون زيادة كلام في الاذان لمصلحة، وذلك غير مكروه كما سبق ذكره؛ فإن من كره الكلام في اثناء الاذان انما كره ما هو اجنبي منه، ولا مصلحة للاذان فيه.
وكذا فهمه الشافعي؛ فإنه قال في كتابه: إذا كانت ليلة مطيرة، او ذات ريح وظلمة يستحب ان يقول المؤذن إذا فرغ من اذانه: ((الا صلوا في رحالكم)) فإن قاله في اثناء الاذان بعد الحيعلة فلا بأس.
وكذ قال عامة أصحابه، سوى أبي المعالي؛ فإنه استبعد ذلك اثناء الاذان.
وأماابدال الحيعلتين بقوله: ((الا صلوا في الرحال)) ، فانه اغرب واغرب.
وفي الباب – أيضا - عن نعيم بن النهام.
خرجه الامام أحمد: ثنا عبد الرزاق: أبنا معمر، عن عبيد الله بن عمر، عن شيخ قد سماه، عن نعيم بن النحام، قال: سمعت مؤذن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ليلة باردة، وانا في لحافي، فتمنيت ان يقول: ((صلوا في رحالكم) ، فلما بلغ حي على الفلاح، قال: ((صلوا في رحالكم)) ، ثم سألت عنها، فإذا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امره بذلك.
في إسناده مجهول.
وله طريق اخر: خرجه الامام أحمد – أيضا -: ثنا علي بن عياش: ثنا اسماعيل بن عياش: ثنا يحيى بن سعيد: اخبرني محمد بن يحيى بن حبان، عن نعيم بن النحام، قال: نودي بالصبح في يوم بارد، وانا في مرط امراتي، فقلت: ليت المنادي قال: ((ومن قعد فلا حرج عليه)) ، فإذا منادي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في اخر اذانه قال: ((ومن قعد فلا حرج عليه)) .
وخرجه ابو القاسم البغوي في ((معجم الصحابة)) من رواية سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن نعيم، به - بنحوه، ولم يقل: ((في اخر اذانه)) .
وقال: هو مرسل.
يشير إلى ان محمد بن ابراهيم التيمي لم يسمع من نعيم.
ورواية سليمان بن بلال عن يحيى اصح من رواية اسماعيل بن عياش؛ فان اسماعيل لا يضبط حديث الحجازيين، فحديثه عنهم فيه ضعف.
وخرجه البيهقي من رواية عبد الحميد بن أبي العشرين، عن الاوزاعي عن يحيى بن سعيد، ان محمد بن ابراهيم بن الحارث التيمي حدثه، عن نعيم ابن النحام - فذكر الحديث بنحوه، وقال فيه: فلما بلغ: ((الصلاة خير من النوم)) ، قال: ((ومن قعد فلا حرج)) .
وروى سفيان بن عيينة، [عن عمرو بن دينار] ، عن عمرو بن أوس: انبأنا رجل من ثقيف، انه سمع منادي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول – في ليلة مطيرة في السفر -، يقول: ((حي على الصلاة، حي على الفلاح، صلوا في رحالكم)) .
خرجه النسائي.
وقد روى عبيد الله والليث بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر، انه كان ربما زاد في اذانه: ((حي على خير العمل)) .
11 - باب اذان الاعمى إذا كان له من يخبره

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ)
أَيْ فِي أَثْنَائِهِ بِغَيْرِ أَلْفَاظِهِ وَجَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى عَادَتِهِ فِي عَدَمِ الْجَزْمِ بِالْحُكْمِ الَّذِي دَلَالَتُهُ غَيْرُ صَرِيحَةٍ لَكِنَّ الَّذِي أَوْرَدَهُ فِيهِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ يخْتَار الْجَوَاز وَحكى بن الْمُنْذِرِ الْجَوَازَ مُطْلَقًا عَنْ عُرْوَةَ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَة وَبِه قَالَ أَحْمد وَعَن النَّخعِيّ وبن سِيرِينَ وَالْأَوْزَاعِيِّ الْكَرَاهَةُ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ الْمَنْعُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ يُكْرَهُ إِلَّا إِنْ كَانَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَاخْتَارَهُ بن الْمُنْذر لظَاهِر حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَقَدْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ لَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى جَوَازِ الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ بَلِ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ مَشْرُوعٌ مِنْ جُمْلَةِ الْأَذَانِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ .

     قَوْلُهُ  وَتَكَلَّمَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ فِي أَذَانِهِ وَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لَهُ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ عَنْهُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَلَفْظُهُ أَنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ فِي الْعَسْكَرِ فَيَأْمُرُ غُلَامَهُ بِالْحَاجَةِ فِي أَذَانِهِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  الْحَسَنُ لَمْ أَرَهُ مَوْصُولًا وَالَّذِي أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْهُ جَوَازَ الْكَلَامِ بِغَيْرِ قَيْدِ الضَّحِكِ قِيلَ مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الضَّحِكَ إِذَا كَانَ بِصَوْتٍ قَدْ يَظْهَرُ مِنْهُ حَرْفٌ مُفْهِمٌ أَوْ أَكْثَرُ فَتَفْسُدُ الصَّلَاةُ وَمَنْ مَنَعَ الْكَلَامَ فِي الْأَذَانِ أَرَادَ أَنْ يُسَاوِيَهُ بِالصَّلَاةِ وَقَدْ ذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى أَنَّ تَعَمُّدَ الضَّحِكِ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ حَرْفٌ فَاسْتَوَى مَعَ الْكَلَامِ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِعَمْدِهِ

[ قــ :599 ... غــ :616] .

     قَوْلُهُ  حَمَّادٌ هُوَ بن زيد وَعبد الحميد هُوَ بن دِينَارٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ هُوَ الْبَصْرِيُّ بن عَم بن سِيرِينَ وَزَوْجُ ابْنَتِهِ وَهُوَ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ وَرِوَايَةُ الثَّلَاثَةِ عَنْهُ مِنْ بَابِ رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ وَرِجَالُ الْإِسْنَادِ كُلُّهُمْ بَصْرِيُّونَ وَقَدْ جَمَعَهُمْ حَمَّادٌ كَمُسَدَّدٍ كَمَا هُنَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَنْهُ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَكَانَ حَمَّادُ رُبَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي بَابِ هَلْ يُصَلِّي الْإِمَامُ بِمَنْ حَضَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الحجي عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَنْ عَاصِمٍ فَرَّقَهُمَا وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَيُّوبَ وَعَاصِمٍ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى مِنْهَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ وَحُكِيَ عَنْ وُهَيْبٍ أَنَّ أَيُّوبَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَيُّوبَ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَا سَمِعْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُ وَلِمُسَدَّدٍ فِيهِ شَيْخٌ آخر وَهُوَ بن عُلَيَّةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ إِنْ شَاءَ الله قَوْله خَطَبنَا اسْتدلَّ بِهِ بن الْجَوْزِيِّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَذْكُورَةَ كَانَتِ الْجُمُعَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي رِوَايَة بن عُلَيَّةَ وَلَفْظُهُ أَنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ .

     قَوْلُهُ  فِي يَوْمِ رَزْغٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الزَّايِ بَعْدَهَا غَيْنٌ مُعْجَمَةٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ هُنَا وَلِابْنِ السَّكَنِ وَالْكُشْمِيهَنِيِّ وَأَبِي الْوَقْتِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَدَلَ الزَّايِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ إِنَّهَا أَشْهَرُ.

     وَقَالَ  وَالصَّوَابُ الْفَتْحُ فَإِنَّهُ الِاسْمُ وَبِالسُّكُونِ الْمَصْدَرُ انْتَهَى وَبِالْفَتْحِ رِوَايَةُ الْقَابِسِيِّ قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ الرَّزْغُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ فِي الثِّمَادِ وَقِيلَ إِنَّهُ طِينُ وَحْلٍ وَفِي الْعَيْنِ الرَّدْغَةُ الْوَحْلُ وَالرَّزْغَةُ أَشَدُّ مِنْهَا وَفِي الْجَمْهَرَةِ وَالرَّدْغَةُ وَالرَّزْغَةُ الطِّينُ الْقَلِيلُ مِنْ مَطَرٍ أَوْ غَيْرِهِ تَنْبِيهٌ وَقَعَ هُنَا يَوْمَ رَزْغٍ بِالْإِضَافَة وَفِي رِوَايَة الحجي الْآتِيَةِ فِي يَوْمٍ ذِي رَزْغٍ وَهِيَ أَوْضَحُ وَفِي رِوَايَة بن عُلَيَّةَ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فَأَمَرَهُ كَذَا فِيهِ وَكَأَنَّ هُنَا حَذْفًا تَقْدِيرُهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَهَا فَأمره وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة بن عُلَيَّةَ إِذَا.

.

قُلْتُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله فَلَا تقل حىعلى الصَّلَاة وَبَوَّبَ عَلَيْهِ بن خُزَيْمَة وَتَبعهُ بن حِبَّانَ ثُمَّ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ حَذَفَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الْمَطَرِ وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى الْمَعْنَى لِأَنَّ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَالصَّلَاةَ فِي الرِّحَالِ وَصَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ يُنَاقِضُ ذَلِكَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ بَعْدَ الْأَذَانِ وَآخَرُ أَنَّهُ يَقُولُهُ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ الْحَدِيثُ مَا تَقَدَّمَ وَقَولُهُ الصَّلَاةَ فِي الرِّحَالِ بِنَصْبِ الصَّلَاةِ وَالتَّقْدِيرُ صَلُّوا الصَّلَاةَ وَالرِّحَالُ جَمْعُ رَحْلٍ وَهُوَ مَسْكَنُ الرَّجُلِ وَمَا فِيهِ مِنْ أَثَاثِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ تقال فِي نفس الْأَذَان وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ يَعْنِي الْآتِي فِي بَابِ الْأَذَانِ لِلْمُسَافِرِ أَنَّهَا تُقَالُ بَعْدَهُ قَالَ وَالْأَمْرَانِ جَائِزَانِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ لَكِنْ بَعْدَهُ أَحْسَنُ لِيَتِمَّ نَظْمُ الْأَذَانِ قَالَ وَمِنْ أَصْحَابنَا مَنْ يَقُولُ لَا يَقُولُهُ إِلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ وَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالف لصريح حَدِيث بن عَبَّاسٍ انْتَهَى وَكَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تُزَادُ مُطْلَقًا إِمَّا فِي أَثْنَائِهِ وَإِمَّا بَعْدَهُ لَا أَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَقَدْ تقدم عَن بن خُزَيْمَةَ مَا يُخَالِفُهُ وَقَدْ وَرَدَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ قَالَ أَذَّنَ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلصُّبْحِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فَتَمَنَّيْتُ لَوْ قَالَ وَمَنْ قَعَدَ فَلَا حَرَجَ فَلَمَّا قَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ قَالَهَا .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ فَعَلَ هَذَا كَأَنَّهُ فَهِمَ مِنْ نَظَرِهِمُ الْإِنْكَارَ وَفِي رِوَايَة الحجي كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَلِك وَفِي رِوَايَة بن عُلَيَّةَ فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  مَنْ هُوَ خير مِنْهُ وللكشميهني مِنْهُم وللحجى مِنِّي يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا فِي أَصْلِ الرِّوَايَةِ وَمَعْنَى رِوَايَةِ الْبَابِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنَ الْمُؤَذِّنِ يَعْنِي فَعَلَهُ مُؤَذِّنُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ هَذَا الْمُؤَذِّنِ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَفِيهَا نَظَرٌ وَلَعَلَّ مَنْ أَذَّنَ كَانُوا جَمَاعَةً إِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً أَوْ أَرَادَ جِنْسَ الْمُؤَذِّنِينَ أَوْ أَرَادَ خَيْرٌ مِنَ الْمُنْكِرِينَ .

     قَوْلُهُ  وَإِنَّهَا أَيِ الْجُمُعَةَ كَمَا تَقَدَّمَ عَزْمَةٌ بِسُكُونِ الزَّاي ضد الرُّخْصَة زَاد بن عُلَيَّةَ وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُونَ فِي الطين وَفِي رِوَايَة الحجي مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ إِنِّي أُؤَثِّمُكُمْ وَهِيَ تُرَجِّحُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أُحْرِجُكُمْ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفِي رِوَايَة جرير عَن عَاصِم عِنْد بن خُزَيْمَةَ أَنْ أُخْرِجَ النَّاسَ وَأُكَلِّفَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا الْخَبَثَ مِنْ طُرُقِهِمْ إِلَى مَسْجِدِكُمْ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِسُقُوطِ الْجُمُعَةِ بِعُذْرِ الْمَطَرِ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنْكَرَهَا الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ لَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى جَوَازِ الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ بَلِ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَذَانِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ وَإِنْ سَاغَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ لَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ الْمَعْهُودِ وَطَرِيقُ بَيَانِ الْمُطَابَقَةِ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَمَّا جَازَتْ زِيَادَتُهُ فِي الْأَذَانِ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ دَلَّ عَلَى جَوَازِ الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ لمن يحْتَاج إِلَيْهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
الكلام في الاذان
وتكلم سليمان بن صرد في اذانه.

وقال الحسن: لا بأس ان يضحك وهو يؤذن ويقيم.

روى وكيع في ((كتابه)) عن محمد بن طلحة، عن جامع بن شداد، عن موسى بن عبد الله بن يزيد الخطمي، عن سليمان بن صرد - وكانت له صحبة -، انه كان يؤذن في العسكر، وكان يأمر غلامه في أذانه بالحاجة.

وعن الربيع بن صبيح، عن الحسن، قال: لا بأس أن يتكلم في أذانه بالحاجة.

وروى ابن أبي شيبة من طرق [عن] الحسن، أنه لا بأس أن يتكلم في أذانه بالحاجة، وإقامته.

وأختلف العلماء في الكلام في الأذان والاقامة على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لا بأس به فيهما، وهو قول الحسن والاوزاعي.

والثاني: يكره فيهما، وهو قول ابن سيرين والشعبي والنخعي وأبي حنيفة ومالك والثوري والشافعي، ورواية عن أحمد.

وكلهم جعل كراهة الكلام في الاقامة اشد.

وعلى هذا، فلو تكلم لمصلحة، كرد السلام وتشميت العاطس، فقال الثوري وبعض أصحابنا: لا يكره.

والمنصوص عن أحمد في رواية على بن سعد أنه يكره، وهو قول مالك وأبي حنيفة.

وقال أصحاب الشافعي: لا يكره، وتركه أولى.

وكذلك الكلام لمصلحة، فإن كان لغير مصلحة كره.

وقال إسحاق: إن كان لمصلحة غير دنيوية كرد السلام والامر بالمعروف فلا يكره، والا كره، وعليه حمل ما فعله سليمان بن صرد.

ووافق ابن بطة من أصحابنا قول إسحاق، إن كان لمصلحة.

ورخص في الكلام في الأذان عطاء وعروة.
والقول الثالث: يكره في الاقامة دون الاذان، وهو المشهور عن أحمد، والذي نقله عنه عامة أصحابه، واستدل بفعل سليمان بن صرد.

وقال الاوزاعي: يرد السلام في الاذان، ولم يرده في الاقامة.

وقال الزهري: إذا تكلم في اقامته يعيد.

الفرق بينهما: ان مبنى الاقامة على الحدر والاسراع، فالكلام ينافي ذلك.
ومتى كان الكلام يسيرا بنى عليه ما مضى من الاذان والاقامة عند جمهور العلماء، الا ماسبق عن الزهري في الاقامة.
وروي عنه مثله في الاذان - أيضا.

ووافقه بعض أصحابنا في الكلام المحرم خاصة، الاذان والاقامة.

وان طال الكلام بطل ما مضى، ووجب عليه الاستئناف عند الاكثرين؛ لانه يخل بالمولاة في الاذان، ولا يحصل به الاعلام؛ لانه يظن متلاعباً.

وللشافعي قولان في ذلك.

وحاصل الامر: ان الكلام في الاذان شبيه بكلام الخاطب في خطبته.

والمشهور عن الامام أحمد، انه لا يكره الكلام للخاطب، وانما الكراهة للسامع.

وذهب كثير من العلماء إلى التسوية بينهما.

وأماما حكاه البخاري عن الحسن من الضحك في الاذان والاقامة، فمراره: ان الضحك في الاذان والاقامة لا يبطلهما، كما يبطل الصلاة، ولا باس بالاذان والاقامة وان وقع في اثنائها ضحك، غلب عليه صاحبه، ولم يرد انه لاباس ان يتعمد المؤذن الضحك في اذانه واقامته؛ فان ذلك غفلة عظيمة منه عن تدبر ما هو فيه من ذكر الله، وقد كان حال الحسن على غير ذلك من شدة تعظيم ذكر الله في الاذان وغيره والخشوع عند سماعه.

وقد روى ابن أبي الدنيا في "كتاب الرقة والبكاء" بإسناده، عن يحيى البكاء، عن الحسن، قال: إذا اذن المؤذن لم تبق دابة بر ولا بحر الا اصغت واستعمت.
قال: ثم بكى الحسن بكاء شديداً.

وبإسناده، عن أبي عمران الجوني، انه كان إذا سمع الاذان تغير لونه، وفاضت عيناه.

وعن أبي بكر النهشلي نحو – أيضا -، وانه سئل عن ذلك، فقال: اشبهه بالصريخ يوم العرض، ثم غشى عليه.

وحكى مثل ذلك من غيره من الصالحين - أيضا.

وعن الفضيل بن عياض، أنه كان في المسجد، فأذن المؤذن، فبكى حتى بل الحصى، ثم قال: شبهته بالنداء، ثم بكى.

ولكن إذا غلب الضحك على المؤذن في اذانه بسبب عرض له لم يلم على ذلك، ولم يبطل اذانه.

وقد روى عن علي، انه كان يوماً على المنبر، فضحك ضحكاً ما رئي ضحك اكثر منه، حتى بدت نواجذه، ثم قال: ذكرت قول أبي طالب لما ظهر علينا، وانا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونحن نصلي معه ببطن نخلة، فقال: مإذا تصنعان يا بن اخي؟ فدعاه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الاسلام، فقال: ما بالذي تصنعان بأس، ولكن والله لا تعلوني استي ابداً، فضحك تعجباً لقول أبيه.

خرجه الامام أحمد بإسناد فيه ضعيف.

قال البخاري – رحمه الله -:
[ قــ :599 ... غــ :616 ]
- حدثنا مسدد: ثنا حماد، عن ايوب وعبد الحميد صاحب الزيادي وعاصم الاحول، عن عبد الله بن الحارث، قال: خطبنا ابن عباس في يوم رزغ، فلما بلغ المؤذن: ((حي على الصلاة)) فأمره ان ينادي ((الصلاة في الرحال)) ، فنظر القوم بعضهم إلى بعض، فقال: فعل هذا من هو خير منه، وانها عزمة.

((الرزغ)) : بالزاي والغين المعجمة، هو: الرحل.
يقال: ارزغت السما إذا بلت الارض.
ويقال له – أيضا -: ((الردغ)) بالدال المهملة.

وقيل: ان الرزغ - بالزاي - اشد من الردغ.
وقيل: هما سواء.

قال الخطأبي: الرزغة: وحل شديد، وكذلك الردغة.
ورزغ الرجل [إذا ارتكم] في الوحل، فهو رزغ.

وقد خرجه البخاري – أيضا - في ((باب: هي يصلي الامام بمن حضر، وهل يخطب يوم الجمعة في المطر؟)) عن عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، عن حماد، عن عبد الحميد وعاصم خاصة، وفصل حديث احدهما من حديث الاخر.

وفي حديث عبد الحميد عنده: قال: كأنكم انكرتم هذا، ان هذا فعله من هو خير مني - يعني: النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وخرجه - أيضا - في ((كتاب الجمعة)) من طريق ابن علية، عن عبد الحميد، قال: انا عبد الله بن الحارث ابن عم محمد بن سيرين: قال ابن عباس كمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت: ((اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله)) ، فلا تقل: ((حي على الصلاة)) .
قل: ((صلوا في بيوتكم)) ، فكأن الناس استنكروا، فقال: قد فعله من هو خير مني.

وفي هذه الرواية: زيادة على ما قبلها من وجهين:
احدهما: انه نسب فيها عبد الله بن الحارث هذا: هو الانصاري البصري نسيب ابن سيرين وختنه على اخته.

وكذا وقع في ((سنن أبي داود)) – أيضا.

وفي ((سنن ابن ماجه)) من رواية عباد المهلبي، عن عاصم الاحول، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل.

وابن نوفل هذا، هو: الهاشمي، ويلقب ((ببه)) ، وكلاهما ثقة، مخرج له في ((الصحيحين)) .
فالله اعلم.
ان في هذه الرواية: ان ابن عباس نهى المؤذن ان يقول: ((حي على الصلاة)) ، وامره ان يبدلها في قوله: ((صلوا في بيوتكم)) .

وقد خرجهما مسلم – أيضا - كذلك.

وعلى هذه الرواية، فلا يدخل هذا الحديث في هذا الباب، بل هو دليل على ان المؤذن يوم المطر مخير بين ان يقول: ((حي على الصلاة حي على الفلاح)) ، وبين ان يبدل ذلك بقوله: ((صلوا في رحالكم او بيوتكم)) ، ويكون ذلك من جملة كلمات الاذان الاصلية في وقت المطر.

وهذا غريب جداً، اللهم الا ان يحمل على انه امره بتقديم هذه الكلمات على الحيعلتين، وهو بعيد مخالف لقوله: لا تقل: ((حي على الصلاة)) ، بل ((صلوا في بيوتكم)) .

والذي فهمه البخاري: ان هذه الكلمة قالها بعد الحيعلتين او قبلهما، فتكون زيادة كلام في الاذان لمصلحة، وذلك غير مكروه كما سبق ذكره؛ فإن من كره الكلام في اثناء الاذان انما كره ما هو اجنبي منه، ولا مصلحة للاذان فيه.

وكذا فهمه الشافعي؛ فإنه قال في كتابه: إذا كانت ليلة مطيرة، او ذات ريح وظلمة يستحب ان يقول المؤذن إذا فرغ من اذانه: ((الا صلوا في رحالكم)) فإن قاله في اثناء الاذان بعد الحيعلة فلا بأس.

وكذ قال عامة أصحابه، سوى أبي المعالي؛ فإنه استبعد ذلك اثناء الاذان.

وأماابدال الحيعلتين بقوله: ((الا صلوا في الرحال)) ، فانه اغرب واغرب.
وفي الباب – أيضا - عن نعيم بن النهام.

خرجه الامام أحمد: ثنا عبد الرزاق: أبنا معمر، عن عبيد الله بن عمر، عن شيخ قد سماه، عن نعيم بن النحام، قال: سمعت مؤذن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ليلة باردة، وانا في لحافي، فتمنيت ان يقول: ((صلوا في رحالكم) ، فلما بلغ حي على الفلاح، قال: ((صلوا في رحالكم)) ، ثم سألت عنها، فإذا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امره بذلك.

في إسناده مجهول.

وله طريق اخر: خرجه الامام أحمد – أيضا -: ثنا علي بن عياش: ثنا اسماعيل بن عياش: ثنا يحيى بن سعيد: اخبرني محمد بن يحيى بن حبان، عن نعيم بن النحام، قال: نودي بالصبح في يوم بارد، وانا في مرط امراتي، فقلت: ليت المنادي قال: ((ومن قعد فلا حرج عليه)) ، فإذا منادي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في اخر اذانه قال: ((ومن قعد فلا حرج عليه)) .

وخرجه ابو القاسم البغوي في ((معجم الصحابة)) من رواية سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن نعيم، به - بنحوه، ولم يقل: ((في اخر اذانه)) .

وقال: هو مرسل.
يشير إلى ان محمد بن ابراهيم التيمي لم يسمع من نعيم.

ورواية سليمان بن بلال عن يحيى اصح من رواية اسماعيل بن عياش؛ فان اسماعيل لا يضبط حديث الحجازيين، فحديثه عنهم فيه ضعف.

وخرجه البيهقي من رواية عبد الحميد بن أبي العشرين، عن الاوزاعي عن يحيى بن سعيد، ان محمد بن ابراهيم بن الحارث التيمي حدثه، عن نعيم ابن النحام - فذكر الحديث بنحوه، وقال فيه: فلما بلغ: ((الصلاة خير من النوم)) ، قال: ((ومن قعد فلا حرج)) .

وروى سفيان بن عيينة، [عن عمرو بن دينار] ، عن عمرو بن أوس: انبأنا رجل من ثقيف، انه سمع منادي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول – في ليلة مطيرة في السفر -، يقول: ((حي على الصلاة، حي على الفلاح، صلوا في رحالكم)) .

خرجه النسائي.

وقد روى عبيد الله والليث بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر، انه كان ربما زاد في اذانه: ((حي على خير العمل)) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْكَلاَمِ فِي الأَذَانِ
وَتَكَلَّمَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ فِي أَذَانِهِ..
     وَقَالَ  الْحَسَنُ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَضْحَكَ وَهْوَ يُؤَذِّنُ أَوْ يُقِيمُ.

( باب) جواز ( الكلام في) أثناء ( الأذان) بغير ألفاظه ( وتكلم سليمان بن صرد) بضم الصاد المهملة وفتح الراء وفي آخره دال مهملة ابن أبي الجون الخزاعي الصحابي ( في أذانه) كما وصله المؤلّف في تاريخه عن أبي نعيم مما وصله في كتاب الصلاة بإسناد صحيح بلفظ أنه كان يؤذن في العسكر فيأمر بالحاجة في أذانه ( وقال الحسن) البصري ( لا بأس أن يضحك) المؤذن ( وهو يؤذن أو يقيم) .


[ قــ :599 ... غــ : 616 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: "خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ رَدْغٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ: الصَّلاَةُ فِي الرِّحَالِ، فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: فَعَلَ هَذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ.
وَإِنَّهَا عَزْمَةٌ".
[الحديث 616 - طرفاه 668، 901] .

وبالسند قال ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال حدّثنا حماد) هو ابن يزيد ( عن أيوب) السختياني ( وعبد الحميد) بن دينار ( صاحب الزيادي وعاصم) أي ابن سليمان ( الأحول) ثلاثتهم ( عن عبد الله بن الحارث) البصري ابن عمّ محمد بن سيرين ( قال: خطبنا ابن عباس) رضي الله عنهما يوم جمعة كما لابن علية ( في يوم ردغ.
)
بالإضافة وفتح الراء وسكون الدال المهملة وبالغين المعجمة كذا للكشميهني وأبي الوقت وابن السكن أي يوم ذي طين قليل من مطر ونحوه أو وحل وفي الفرع بتنوين يوم للقابسي والأكثرين رزغ بزاي موضع الدال أي غيم بارد أو ماء قليل في الثماد ( فلما بلغ المؤذن) إلى أن يقول ( حي على الصلاة) أو أراد أن يقولها ( فأمره) ابن عباس ( أن ينادي: الصلاة في الرحال،) بدلها بنصب الصلاة بتقدير صلوا أو أدّوا ويجوز الرفع على الابتداء والرحال بالحاء المهملة جمع رحل وهو مسكن الشخص وما فيه أثاثه أي صلوا في منازلكم ولابن علية إذا قلت أشهد أن محمدًا رسول الله فلا تقل حيّ على الصلاة وفي حديث ابن عمر أنه قالها آخر ندائه والأمران جائزان نص عليهما الشافعي في الأم لكن بعده أحسن لئلا ينخرم نظام الأذان لعبد الرزاق بإسناد صحيح عن نعيم بن النحام قال أذن مؤذن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للصبح في ليلة باردة فتمنيت لو قال ومن قعد فلا حرج فلما قال: الصلاة خير من النوم قالها ففيه الجمع بين الحيعلتين وقوله الصلاة في الرحال ( فنظر القوم بعضهم إلى بعض) كأنهم أنكروا تغير الأذان وتبديل الحيعلتين بذلك ( فقال:) ابن عباس ( فعل هذا) الذي أمرته به ( من هو خير منه) أي الذي هو خير من ابن عباس وهو النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولابن عساكر مني وللكشميهني منهم أي من المؤذن والقوم ( وإنها) أي الجمعة فإن قلت لم يسبق ما يدل على أنها الجمعة أجيب بأنه ليس من شروط معاد الضمير أن يكون مذكورًا بالضمير على أن قوله خطبنا يدل عليه مع ما وقع من التصريح في رواية ابن علية ولفظه أن الجمعة ( عزمة.
)
بسكون الزاي أي واجبة وإني كرهت أن أحرجكم فتمشون في الطين فإن قلت ما وجه المطابقة بين الحديث والترجمة أجيب بأنه لما جازت الزيادة المذكورة في الأذان للحاجة إليها دل على جواز الكلام في الأذان لمن يحتاج إليه
لكن نازع في ذلك الداودي بأنه لا حجة فيه على جواز الكلام في الأذان بل القول المذكور مشروع من جملة الأذان في ذلك المحل وقد رخص أحمد الكلام في أثنائه وهو قول عندنا في الطويل لكن قيده في المجموع بما لم يفحش بحيث لا يعد أذانًا ولا يضر اليسير جزمًا ورجح المالكية المنع مطلقًا لكن إن حصل مهمّ ألجأه إلى الكلام ففي الواضحة يتكلم وفي المجموعة عن ابن القاسم نحوه وقال الحنفية فيما نقله العينيّ أنه خلاف الأولى.

ورواة هذا الحديث السبعة بصريون وفيه التحديث والعنعنة والقول وثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض وأخرجه أيضًا في الصلاة والجمعة ومسلم وأبو داود وابن ماجة في الصلاة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ الكَلاَمِ فِي الأذَانِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْكَلَام فِي أثْنَاء الْأَذَان بِغَيْر أَلْفَاظه، وَلكنه مَا صرح بالحكم كَيفَ هُوَ أجائز أم غير جَائِز؟ لَكِن إِيرَاده الأثرين الْمَذْكُورين فِيهِ، وإيراده حَدِيث ابْن عَبَّاس يُشِير إِلَى أَنه اخْتَار الْجَوَاز، كَمَا ذهبت إِلَيْهِ طَائِفَة، على مَا نذكرهُ عَن قريب إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

وَتَكَلّمَ سُلَيْمَانُ بنُ صْرَدٍ فِي أذَانِهِ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وصرد، بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء وَفِي آخِره دَال مُهْملَة: وَهُوَ سُلَيْمَان بن صرد بن أبي الجون الْخُزَاعِيّ الصَّحَابِيّ، وَكَانَ اسْمه فِي الْجَاهِلِيَّة: يسارا فَسَماهُ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سُلَيْمَان، وكنيته أَبُو الطّرف، وَكَانَ خيّرا عابدا، نزل الْكُوفَة،.

     وَقَالَ  ابْن سعد: قتل بالجزيرة بِعَين الوردة فِي شهر ربيع الآخر سنة خمس وَسِتِّينَ، وَكَانَ أَمِيرا على البوابين، أَرْبَعَة آلَاف يطْلبُونَ بِدَم الْحُسَيْن بن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وعلق البُخَارِيّ مَا روى عَنهُ، وَأخرجه ابْن أبي شيبَة من حَدِيث مُوسَى بن عبد الله بن يزِيد بن سُلَيْمَان بن صرد، وَكَانَت لَهُ صُحْبَة، كَانَ يُؤذن فِي الْعَسْكَر وَكَانَ يَأْمر غُلَامه بِالْحَاجةِ فِي أَذَانه، وَوَصله أَبُو نعيم شيخ البُخَارِيّ فِي كتاب الصَّلَاة لَهُ، وَأخرجه البُخَارِيّ عَنهُ فِي ( التَّارِيخ) بِإِسْنَاد صَحِيح، وَلَفظه مثل لفظ ابْن أبي شيبَة.

وَقَالَ الحَسَنُ لَا بَأسَ أَن يَضْحَكَ وهْوَ يُؤَذِّنُ أوْ يُقِيمُ
الْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ، وَهَذَا الْأَثر الْمُعَلق غير مُطَابق للتَّرْجَمَة لِأَنَّهَا فِي الْكَلَام فِي الْأَذَان، والضحك لَيْسَ بِكَلَام، لِأَنَّهُ صَوت يسمعهُ نفس الضاحك، وَلَا يسمع غَيره، وَلَو علق عَنهُ مَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه: حَدثنَا ابْن علية، قَالَ: سَأَلت يُونُس عَن الْكَلَام فِي الْأَذَان وَالْإِقَامَة، فَقَالَ: حَدثنِي عبيد الله بن غلاب عَن الْحسن أَنه لم يكن يرى بذلك بَأْسا، لَكَانَ أولى وأوفق للمطابقة.



[ قــ :599 ... غــ :616 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا حَمَادٌ عنْ أيُّوبَ وعَبْدِ الحَمِيدَ صاحِبِ الزِّيادِي وعَاصِمٍ الأَحْوَلِ عنْ عَبْد الله بنِ الحارِثِ قَالَ خَطَبَنا ابنُ عَبَّاسِ فِي يَوْمِ رَدْغٍ فَلَمَّا بَلَغَ المُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ فَأمَرَهُ أنْ يُنَادِيَ الصَّلاَةَ فِي الرِّحَالِ فَنَظَرَ القَوْمُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ فَقَالَ فَعَلَ هَذا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَإنَّهَا عَزْمَةٌ.
هَذَا الحَدِيث غير مُطَابق للتَّرْجَمَة على مَا زَعمه الدَّاودِيّ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا حجَّة فِيهِ على جَوَاز الْكَلَام فِي الْأَذَان، بل القَوْل الْمَذْكُور مَشْرُوع من جملَة الْأَذَان فِي ذَلِك الْمحل.
قلت: سلمنَا أَنه مَشْرُوع فِي مثل هَذَا الْموضع، ولكننا لَا نسلم أَنه من جملَة أَلْفَاظ الْأَذَان الْمَعْهُودَة، بل يحْتَمل أَن يكون هَذَا حجَّة لمن يجوز الْكَلَام فِي الْأَذَان من السَّامع عِنْد ظُهُور مصلحَة، وَإِن كَانَت الْإِجَابَة وَاجِبَة فعلى هَذَا أَمر ابْن عَبَّاس للمؤذن بِهَذَا الْكَلَام يدل على أَنه لم ير بَأْسا بالْكلَام فِي الْأَذَان، فَمن هَذَا الْوَجْه يحصل التطابق بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث.
فَافْهَم.

ذكر رِجَاله: وهم سَبْعَة: الأول: مُسَدّد بن مسرهد.
الثَّانِي: خماد هُوَ ابْن زيد.
الثَّالِث: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ.
الرَّابِع: عبد الحميد هُوَ ابْن دِينَار صَاحب الزيَادي.
الْخَامِس: عَاصِم بن سُلَيْمَان الْأَحول.
السَّادِس: عبد الله ابْن الْحَارِث ابْن عَم مُحَمَّد بن سِيرِين وَزوج ابْنَته.
السَّابِع: عبد الله بن عَبَّاس.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين وَرِجَال الْإِسْنَاد كلهم بصريون.
وَفِيه: رِوَايَة أَيُّوب عَن ثَلَاثَة أنفس.
وَفِيه: عبد الله بن الْحَارِث تَابِعِيّ صَغِير، وَرِوَايَة الثَّلَاثَة عَنهُ من رِوَايَة الأقران، لِأَن الثَّلَاثَة من صغَار التَّابِعين، فَيكون فِيهِ أَرْبَعَة أنفس من التَّابِعين، وهم أَيُّوب فَإِنَّهُ رأى أنس بن مَالك، وَعبد الحميد.
سمع أنس بن مَالك، وَكَذَلِكَ عَاصِم بن سُلَيْمَان سمع أنس بن مَالك.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن عبد الله بن عبد الْوَهَّاب الحَجبي، فرقهما، كِلَاهُمَا عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب، وَفِي الْجُمُعَة عَن مُسَدّد عَن إِسْمَاعِيل بن علية عَن عبد الحميد بِهِ.
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن عَليّ بن حجر عَن إِسْمَاعِيل بِهِ، وَأخرجه عَن أبي كَامِل الجحدري عَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي عَن حَمَّاد وَعَن إِسْحَاق بن مَنْصُور عَن النَّضر بن شُمَيْل عَن شُعْبَة عَن عبد الحميد بِهِ، وَعَن عبد بن حميد عَن سعيد بن عَامر عَن شُعْبَة، وَعَن عبد بن حميد عَن أَحْمد بن إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ عَن وهب عَن أَيُّوب، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسَدّد عَن أسماعيل بِهِ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن أَحْمد بن عَبدة الضَّبِّيّ عَن عباد بن عباد المهلبي عَن عَاصِم بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( فِي يَوْم ردغ) ، بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة وبالغين الْمُعْجَمَة: وَهَذِه رِوَايَة ابْن السكن والكشميهني وَأبي الْوَقْت.
وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: ( رزغ) ، بالزاي مَوضِع الدَّال..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: وَالْأول أشهر..
     وَقَالَ  أَيْضا: وَالصَّوَاب الْفَتْح، يَعْنِي فتح الدَّال، فَإِنَّهُ اسْم، وبالسكون مصدر..
     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) : الردغ، بدال مُهْملَة سَاكِنة وغين مُعْجمَة، رَوَاهُ العذري، وَبَعض رُوَاة مُسلم، وَكَذَا لِابْنِ السكن والقابسي إلاَّ أَنَّهُمَا فتحا الدَّال: وَهِي روايتنا من طَرِيق أبي الْوَقْت، وَرِوَايَة الْأصيلِيّ والسمرقندي: رزغ، بزاي مَفْتُوحَة بعْدهَا غين مُعْجمَة..
     وَقَالَ  السفاقسي: روينَاهُ بِفَتْح الزَّاي وَهُوَ فِي اللُّغَة بسكونها.
قَالَ الدَّاودِيّ: الرزغ: الْغَيْم الْبَارِد وَفِي ( الْمُحكم) : الرزغ المَاء الْقَلِيل فِي الثماد، والرزغة أقل من الردغة، والرزغة بِالْفَتْح: الطين الرَّقِيق.
وَفِي ( الصِّحَاح) : الرزغة، بِالتَّحْرِيكِ: الوحل، وَكَذَلِكَ: الردغة بِالتَّحْرِيكِ، وَفِي كتاب ابي مُوسَى: الردغة، بِسُكُون الدَّال وَفتحهَا: طين ووحل كثير، وَالْجمع: رداغ، وَقد يُقَال: ارتدع، بِالْعينِ الْمُهْملَة تلطخ، وَالصَّحِيح الأول.
وَقَوله: ( فِي يَوْم ردغ) بِالْإِضَافَة، وَفِي رِوَايَة: ( فِي يَوْم ذِي ردغ) ، وَفِي رِوَايَة ابْن علية: ( فِي يَوْم مطير) ،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: الْيَوْم أهوَ بِالْإِضَافَة إِلَى الردغ أَو بِالتَّنْوِينِ على أَنه مَوْصُوف؟ قلت: الْإِضَافَة ظَاهِرَة، وَيحْتَمل الْوَصْف بِأَن يكون أَصله يَوْم ذِي ردغ قلت: لم يقف على الرِّوَايَة الَّتِي ذَكرنَاهَا حَتَّى تصرف بذلك.
قَوْله: ( فَأمره) أَي: أَمر ابْن عَبَّاس الْمُؤَذّن، وَهَذَا عطف على مُقَدّر، وَهُوَ جَوَاب لما تَقْدِيره: لما بلغ الْمُؤَذّن إِلَى أَن يَقُول: حَيّ على الصَّلَاة، أَرَادَ أَن يَقُولهَا فَأمره ابْن عَبَّاس إِن ( يُنَادي: الصَّلَاة فِي الرّحال) ويوضح ذَلِك فِي رِوَايَة ابْن علية: ( إِذا قلت: أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، فَلَا تقل: حَيّ على الصَّلَاة) ، وَابْن علية هُوَ إِسْمَاعِيل، روى أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد عَن إِسْمَاعِيل أَخْبرنِي عبد الحميد صَاحب الزيَادي، حَدثنَا عبد الله بن الْحَارِث ابْن عَم مُحَمَّد بن سِيرِين: ( أَن ابْن عَبَّاس قَالَ لمؤذنه فِي يَوْم مطير: إِذا قلت: أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، فَلَا تقل: حَيّ على الصَّلَاة، قل: صلوا فِي بُيُوتكُمْ، قَالَ: فَكَأَن النَّاس استنكروا ذَلِك، فَقَالَ: قد فعل ذَا من هُوَ خير مني، إِن الْجُمُعَة عَزمَة، وَإِنِّي كرهت أَن أحرجكم فتمشون فِي الطين والمطر) .
وَقَوله: ( الصَّلَاة) ، مَنْصُوب بعامل مَحْذُوف تَقْدِيره: صلوا الصَّلَاة وأدوها فِي الرّحال، وَهُوَ جمع: رَحل، وَهُوَ مسكن الرجل وَمَا يستصحبه من الأناث.
أَي: صلوها فِي مَنَازِلكُمْ.
قَوْله: ( فَنظر الْقَوْم) أَي: نظر إِنْكَار على تَغْيِير وضع الْأَذَان وتبديل الحيعلة بذلك، وَفِي رِوَايَة الحَجبي: كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَلِك، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: ( استنكروا ذَلِك) ، على مَا ذَكرنَاهَا آنِفا.
قَوْله: ( فَقَالَ) أَي: ابْن عَبَّاس، فعل هَذَا أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا أَمر الْمُؤَذّن أَن يَقُول: الصَّلَاة فِي الرّحال، مَوضِع: حَيّ على الصَّلَاة.
قَوْله: ( من هُوَ خير مِنْهُ) كلمة: من، فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهُ فَاعل قَوْله: ( فعل) ، وَالضَّمِير فِي: مِنْهُ، يرجع إِلَى ابْن عَبَّاس، وَمَعْنَاهُ: أَمر بِهِ من هُوَ خير من ابْن عَبَّاس.
وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: مِنْهُم، وَوَجهه أَن يرجع الضَّمِير فِيهِ إِلَى الْمُؤَذّن وَالْقَوْم جَمِيعًا..
     وَقَالَ  بَعضهم: وَأما رِوَايَة الْكشميهني فَفِيهَا نظر، وَلَعَلَّ من أذن كَانُوا جمَاعَة، أَو أَرَادَ جنس المؤذنين.
قلت: فِي نظره نظر، وتأويله بِالْوَجْهَيْنِ غير صَحِيح.
أما الأول: فَلم يثبت أَن من أذن كَانُوا جمَاعَة، وَهَذَا احْتِمَال بعيد، لِأَن الْأَذَان بِالْجَمَاعَة مُحدث.
وَأما الثَّانِي، فَلِأَن الْألف وَاللَّام فِي: الْمُؤَذّن، للْعهد، فَكيف يجوز أَن يُرَاد الْجِنْس وَفِي رِوَايَة الحَجبي: ( من هُوَ خير مني) ، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة مُسلم وَأبي دَاوُد.
قَوْله: ( وَإِنَّهَا عَزمَة) أَي: إِن الْجُمُعَة عَزمَة، بِسُكُون الزَّاي، أَي: وَاجِبَة متحتمة، وَجَاء فِي بعض طرقه: إِن الْجُمُعَة عَزمَة.
فَإِن قلت: لَمْ يسْبق ذكر الْجُمُعَة فَكيف يُعِيدهُ إِلَيْهَا؟ قلت: قَوْله: ( خَطَبنَا) ، يدل على أَنهم كَانُوا فِي الْجُمُعَة، وَقد صرح بذلك فِي رِوَايَة أبي دَاوُد، حَيْثُ قَالَ: ( إِن الْجُمُعَة عَزمَة) ، قَوْله فِي رِوَايَة أبي دَاوُد: ( أَن أحرجكم) ، بِالْحَاء الْمُهْملَة أَي: كرهت أَن أشق عَلَيْكُم بإلزامكم السَّعْي إِلَى الْجُمُعَة فِي الطين والمطر، ويروى: ( أَن أخرجكم) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة من الْإِخْرَاج، ويروى: ( كرهت أَن أؤثمكم) أَي: أكون سَببا لاكتسابكم الْإِثْم عِنْد ضيق صدوركم.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: قَالَ التَّيْمِيّ: رخص الْكَلَام فِي الْأَذَان جمَاعَة مستدلين بِهَذَا الحَدِيث مِنْهُم: أَحْمد بن حَنْبَل.
وَحكى ابْن الْمُنْذر الْجَوَاز مُطلقًا عَن عُرْوَة وَعَطَاء وَالْحسن وَقَتَادَة، وَعَن النَّخعِيّ وَابْن سِيرِين وَالْأَوْزَاعِيّ الْكَرَاهَة، وَعَن الثَّوْريّ الْمَنْع، وَعَن أبي حنيفَة وصاحبيه خلاف الأولى، وَعَلِيهِ يدل كَلَام الشَّافِعِي وَمَالك.
وَعَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه: يكره إلاَّ أَن كَانَ يتَعَلَّق بِالصَّلَاةِ، وَاخْتَارَهُ ابْن الْمُنْذر وَفِيه: دلَالَة على فَرضِيَّة الْجُمُعَة، وَأبْعد بعض الْمَالِكِيَّة حَيْثُ قَالَ: إِن الْجُمُعَة لَيست بِفَرْض، وَإِنَّمَا الْفَرْض الظّهْر أَو مَا يَنُوب مَنَابه، وَالْجَمَاعَة على خِلَافه،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: وَحكى ابْن أبي صفرَة عَن ( موطأ ابْن وهب) عَن مَالك: إِن الْجُمُعَة سنة.
قَالَ: وَلَعَلَّه يُرِيد فِي السّفر، وَلَا يحْتَج بِهِ.
وَفِيه: تَخْفيف أَمر الْجَمَاعَة فِي الْمَطَر وَنَحْوه من الْأَعْذَار وَإِنَّهَا متأكدة إِذا لم يكن عذر،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَفِيه: أَن يُقَال: هَذِه الْكَلِمَة يَعْنِي: الصَّلَاة فِي الرّحال.
فِي نفس الْأَذَان.
قلت: أَخذه من كَلَام النَّوَوِيّ، فَإِنَّهُ قَالَ: هَذِه الْكَلِمَة تقال فِي نفس الْأَذَان، وَيرد عَلَيْهِ حَدِيث ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، الْآتِي فِي بابُُ الْأَذَان للْمُسَافِر: إِنَّهَا تقال بعده، وَنَصّ الشَّافِعِي على أَن الْأَمريْنِ جائزان، وَلَكِن بعده أحسن لِئَلَّا ينخرم نظم الْأَذَان..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: وَمن أَصْحَابنَا من قَالَ: لَا يَقُول إلاَّ بعد الْفَرَاغ.
قَالَ: وَهُوَ ضَعِيف مُخَالف لصريح حَدِيث ابْن عَبَّاس.
قلت: الْأَمْرَانِ جائزان، وَبعد الْفَرَاغ أحسن كَمَا ذكرنَا، وَكَلَام النَّوَوِيّ يدل على أَنَّهَا تزاد مُطلقًا إِمَّا فِي أَثْنَائِهِ وَإِمَّا بعده، لَا أَنَّهَا بدل من الحيعلة.
قلت: حَدِيث ابْن عَبَّاس لم يسْلك مَسْلَك الْأَذَان، أَلا ترى أَنه قَالَ: فَلَا تقل: حَيّ على الصَّلَاة، قل: صلوا فِي بُيُوتكُمْ، وَإِنَّمَا أَرَادَ إِشْعَار النَّاس بِالتَّخْفِيفِ عَنْهُم للْعُذْر، كَمَا فعل فِي التثويب لِلْأُمَرَاءِ وَأَصْحَاب الولايات، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ورد فِي حَدِيث ابْن عمر: أخرجه البُخَارِيّ، وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة أخرجه ابْن عدي فِي ( الْكَامِل) أَنه إِنَّمَا يُقَال بعد فرَاغ الْأَذَان.