هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
643 حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ ، قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَالَ : ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ بِشْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ : مَالِكُ ابْنُ بُحَيْنَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَثَ بِهِ النَّاسُ ، وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الصُّبْحَ أَرْبَعًا ، الصُّبْحَ أَرْبَعًا تَابَعَهُ غُنْدَرٌ ، وَمُعَاذٌ ، عَنْ شُعْبَةَ فِي مَالِكٍ ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : عَنْ سَعْدٍ ، عَنْ حَفْصٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ ، وَقَالَ حَمَّادٌ : أَخْبَرَنَا سَعْدٌ ، عَنْ حَفْصٍ ، عَنْ مَالِكٍ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
643 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن حفص بن عاصم ، عن عبد الله بن مالك ابن بحينة ، قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل قال : ح وحدثني عبد الرحمن يعني ابن بشر ، قال : حدثنا بهز بن أسد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني سعد بن إبراهيم ، قال : سمعت حفص بن عاصم ، قال : سمعت رجلا من الأزد يقال له : مالك ابن بحينة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا وقد أقيمت الصلاة يصلي ركعتين ، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم لاث به الناس ، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصبح أربعا ، الصبح أربعا تابعه غندر ، ومعاذ ، عن شعبة في مالك ، وقال ابن إسحاق : عن سعد ، عن حفص ، عن عبد الله ابن بحينة ، وقال حماد : أخبرنا سعد ، عن حفص ، عن مالك
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَثَ بِهِ النَّاسُ ، وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الصُّبْحَ أَرْبَعًا ، الصُّبْحَ أَرْبَعًا.

Narrated Malik Ibn Buhaina:

Allah's Messenger (ﷺ) passed by a man praying two rak`at after the Iqama (had been pronounced). When Allah's Messenger (ﷺ) completed the prayer, the people gathered around him (the Prophet) or that man and Allah's Messenger (ﷺ) said to him (protesting), Are there four rak`at in Fajr prayer? Are there four rak`at in Fajr prayer?

":"ہم سے عبدالعزیز بن عبداللہ نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے ابراہیم بن سعد نے اپنے باپ سعد بن ابراہیم سے بیان کیا ، انھوں نے حفص بن عاصم سے ، انھوں نے عبداللہ بن مالک بن بحینہ سے ، کہا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کا گزر ایک شخص پر ہوا ( دوسری سند ) امام بخاری نے کہا کہ مجھ سے عبدالرحمٰن بن بشر نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے بہز بن اسد نے بیان کیا ۔ کہا کہ ہم سے شعبہ نے بیان کیا ، کہا کہ مجھے سعد بن ابراہیم نے خبر دی ، کہا کہ میں نے حفص بن عاصم سے سنا ، کہا کہ میں نے قبیلہ ازد کے ایک صاحب سے جن کا نام مالک بن بحینہ رضی اللہ عنہ تھا ، سنا کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی نظر ایک ایسے نمازی پر پڑی جو تکبیر کے بعد دو رکعت نماز پڑھ رہا تھا ۔ آنحضور صلی اللہ علیہ وسلم جب نماز سے فارغ ہو گئے تو لوگ اس شخص کے اردگرد جمع ہو گئے اور آنحضور صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کیا صبح کی چار رکعتیں پڑھتا ہے ؟ کیا صبح کی چار رکعتیں ہو گئیں ؟ اس حدیث کی متابعت غندر اور معاذ نے شعبہ سے کی ہے جو مالک سے روایت کرتے ہیں ۔ ابن اسحاق نے سعد سے ، انھوں نے حفص سے ، وہ عبداللہ بن بحینہ سے اور حماد نے کہا کہ ہمیں سعد نے حفص کے واسطہ سے خبر دی اور وہ مالک کے واسطہ سے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [663] قَوْله حَدثنِي عبد الرَّحْمَن هُوَ بن بشر بن الحكم كَمَا جزم بِهِ بن عَسَاكِرَ وَأَخْرَجَهُ الْجَوْزَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الْأَزْدِ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ مِنَ الْأَسْدِ بِالْمُهْمَلَةِ السَّاكِنَةِ بَدَلَ الزَّايِ السَّاكِنَةِ وَهِيَ لُغَة صَحِيحَة قَوْله يُقَال لَهُ مَالك بن بُحَيْنَةَ هَكَذَا يَقُولُ شُعْبَةُ فِي هَذَا الصَّحَابِيِّ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو عَوَانَةَ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَحَكَمَ الْحُفَّاظُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ والإسماعيلي وبن الشَّرْقِي وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَأَبُو مَسْعُودٍ وَآخَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْوَهْمِ فِيهِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ بُحَيْنَةَ وَالِدَةُ عَبْدِ اللَّهِ لَا مَالِكٍ وَثَانِيهُمَا أَنَّ الصُّحْبَةَ وَالرِّوَايَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ لَا لِمَالِكٍ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْقِشْبِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَهُوَ لَقَبٌ وَاسْمُهُ جُنْدُبُ بن نَضْلَة بن عبد الله قَالَ بن سَعْدٍ قَدِمَ مَالِكُ بْنُ الْقِشْبِ مَكَّةَ يَعْنِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَحَالَفَ بَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَتَزَوَّجَ بُحَيْنَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِوَاسْمُهَا عَبْدَةُ وَبُحَيْنَةُ لَقَبٌ وَأَدْرَكَتْ بُحَيْنَةُ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَتْ وَصَحِبَتْ وَأَسْلَمَ ابْنُهَا عَبْدُ اللَّهِ قَدِيمًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مَالِكًا فِي الصَّحَابَةِ إِلَّا بَعْضٌ مِمَّنْ تَلَقَّاهُ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ مِمَّنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ وَكَذَا أَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ الشَّارِحُ فَقَالَ هَذَا الِاخْتِلَافُ لَا يَضُرُّ فَأَيُّ الرَّجُلَيْنِ كَانَ فَهُوَ صَاحب وَحكى بن عَبْدِ الْبَرِّ اخْتِلَافًا فِي بُحَيْنَةَ هَلْ هِيَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ أُمُّ مَالِكٍ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ فَيَنْبَغِي أَن يكْتب بن بُحَيْنَةَ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ وَيُعْرَبَ إِعْرَابُ عَبْدِ اللَّهِ كَمَا فِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  رَأَى رَجُلًا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ الرَّاوِي كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ يُصَلِّي وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لَهُ خرج وبن القشب يُصَلِّي وَوَقع لبَعض الروَاة هُنَا بن أَبِي الْقِشْبِ وَهُوَ خَطَأٌ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَوَقَعَ نَحْوُ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَيْضًا لِابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ أُصَلِّي وَأَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ فَجَذَبَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم.

     وَقَالَ  أَتُصَلِّي الصُّبْح أَرْبعا أخرجه بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ وَالْبَزَّارُ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمْ فَيُحْتَمَلُ تَعَدُّدُ الْقِصَّةِ .

     قَوْلُهُ  لَاثَ بِمُثَلَّثَةٍ خَفِيفَةٍ أَيْ أَدَارَ وَأَحَاطَ قَالَ بن قُتَيْبَةَ أَصْلُ اللَّوْثِ الطَّيُّ يُقَالُ لَاثَ عِمَامَتَهُ إِذَا أَدَارَهَا .

     قَوْلُهُ  بِهِ النَّاسُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّ طَرِيقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الْمُتَقَدِّمَةَ تَقْتَضِي أَنَّهُ لِلرَّجُلِ .

     قَوْلُهُ  آلصُّبْحَ أَرْبَعًا بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ فِي أَوَّلِهِ وَيَجُوزُ قَصْرُهَا وَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَأَعَادَهُ تَأْكِيدًا لِلْإِنْكَارِ وَالصُّبْحُ بِالنَّصْبِ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ تَقْدِيرُهُ أَتُصَلِّي الصُّبْحَ وَأَرْبَعًا مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ قَالَهُ بن مَالِكٍ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ قَالَ وَيَجُوزُ رَفْعُ الصُّبْحِ أَيِ الصُّبْحُ تُصَلِّي أَرْبَعًا وَاخْتُلِفَ فِي حِكْمَةِ هَذَا الْإِنْكَارِ فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ لِئَلَّا يَتَطَاوَلَ الزَّمَانُ فَيُظَنَّ وُجُوبُهَا وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ يُوشِكُ أَحَدُكُمْ وَعَلَى هَذَا إِذَا حَصَلَ الْأَمْنُ لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِعُمُومِ حَدِيثِ التَّرْجَمَةِ وَقِيلَ لِئَلَّا تَلْتَبِسَ صَلَاةُ الْفَرْضِ بِالنَّفْلِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنْ يَتَفَرَّغَ لِلْفَرِيضَةِ مِنْ أَوَّلِهَا فَيَشْرَعُ فِيهَا عَقِبَ شُرُوعِ الْإِمَامِ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى مُكَمِّلَاتِ الْفَرِيضَةِ أَوْلَى مِنَ التَّشَاغُلِ بِالنَّافِلَةِ اه وَهَذَا يَلِيقُ بِقَوْلِ مَنْ يَرَى بِقَضَاءِ النَّافِلَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَمِنْ ثُمَّ قَالَ مَنْ لَا يَرَى بِذَلِكَ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ إِنْ كَانَ فِي الْأَخِيرَةِ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ التَّشَاغُلُ بِالنَّافِلَةِ بِشَرْطِ الْأَمْنِ مِنَ الِالْتِبَاسِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْأَوَّلُ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ وَالثَّانِي عَنِ الْحَنَفِيَّةِ وَلَهُم فِي ذَلِك سلف عَن بن مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ وَكَأَنَّهُمْ لَمَّا تَعَارَضَ عِنْدَهُمُ الْأَمْرُ بِتَحْصِيلِ النَّافِلَةِ وَالنَّهْيُ عَنْ إِيقَاعِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ جَمَعُوا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ بِذَلِكَ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ سَبَبَ الْإِنْكَارِ عَدَمُ الْفَصْلِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَا وَإِلَى هَذَا جَنَحَ الطَّحَاوِيُّ وَاحْتَجَّ لَهُ بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِالْأَمْرِ بِذَلِكَ وَمُقْتَضَاهُ أَنه لَو كَانَ فِي زَاوِيَة من الْمَسْجِدِ لَمْ يُكْرَهْ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِمَا ذُكِرَ إِذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ الْفَصْلِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ لَمْ يَحْصُلْ إِنْكَارٌ أَصْلًا لِأَنَّ بن بُحَيْنَةَ سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ قَطْعًا ثُمَّ دَخَلَ فِي الْفَرْضِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَأَلَهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ قَضَاءَهُمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ مُتَّصِلًا بِهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِنْكَارَ عَلَى بن بُحَيْنَةَ إِنَّمَا كَانَ لِلتَّنَفُّلِ حَالَ صَلَاةِ الْفَرْضِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِعُمُومِ حَدِيثِ التَّرْجَمَةِ وَقَدْ فَهِمَ بن عُمَرَ اخْتِصَاصَ الْمَنْعِ بِمَنْ يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لَا خَارِجًا عَنْهُ فَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَحْصِبُ مَنْ يَتَنَفَّلُ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَصَدَ الْمَسْجِدَ فَسَمِعَ الْإِقَامَةَ فَصَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى مَعَ الْإِمَامِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ الْحُجَّةُ عِنْدَ التَّنَازُعِ السُّنَّةُ فَمَنْ أَدْلَى بِهَا فَقَدْ أَفْلَحَ وَتَرْكُ التَّنَفُّلِ عِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَتَدَارُكُهَا بَعْدَقَضَاءِ الْفَرْضِ أَقْرَبُ إِلَى اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَيَتَأَيَّدُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْإِقَامَة حَيّ علىالصلاة مَعْنَاهُ هَلُمُّوا إِلَى الصَّلَاةِ أَيِ الَّتِي يُقَامُ لَهَا فَأَسْعَدُ النَّاسِ بِامْتِثَالِ هَذَا الْأَمْرِ مَنْ لَمْ يَتَشَاغَلْ عَنْهُ بِغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتُدِلَّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ لِمَنْ قَالَ يَقْطَعُ النَّافِلَةَ إِذَا أُقِيمَتِ الْفَرِيضَةُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَخَصَّ آخَرُونَ النَّهْيَ بِمَنْ يُنْشِئُ النَّافِلَةَ عَمَلًا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم وَقِيلَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ يَخْشَى فَوْتَ الْفَرِيضَةِ فِي الْجَمَاعَةِ فَيَقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ الَّتِي أُقِيمَتْ بِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُصَلِّي فَرْضًا وَلَا نَفْلًا خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي فَرْضًا آخَرَ كَالظُّهْرِ مَثَلًا خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَإِنْ جَازَتْ إِعَادَةُ الْفَرْضِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي ذَلِكَ الْفَرْضَ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ غُنْدَرٌ وَمُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَالِكٍ أَيْ تَابَعَا بَهْزَ بْنَ أَسَدٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَا عَنْ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَالِكٍ أَيْ بِإِسْنَادِهِ وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْمُتَابَعَةِ بِقَوْلِهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ فَقَطْ وَالثَّانِي يَشْمَلُ جَمِيعَ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَطَرِيقُ غُنْدَرٍ وَصَلَهَا أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ كَذَلِك وَطَرِيق معَاذ وَهُوَ بن مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ الْبَصْرِيُّ وَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ شُعْبَةَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَحَجَّاجٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ كُلُّهُمْ عَن شُعْبَة كَذَلِك قَوْله.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاقَ أَيْ صَاحِبُ الْمَغَازِي عَنْ سَعْدٍ أَيِ بن إِبْرَاهِيمَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُوَافِقَةٌ لِرِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ وَهِيَ الرَّاجِحَةُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  حَمَّاد يَعْنِي بن سَلَمَةَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمِزِّيُّ وَآخَرُونَ وَكَذَا أخرجه الطَّحَاوِيّ وبن مَنْدَهْ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِهِ وَوَهِمَ الْكِرْمَانِيُّ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ حَمَّادًا وَافَقَ شُعْبَةَ فِي قَوْلِهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ وَقَدْ وَافَقَهُمَا أَبُو عَوَانَةَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْهُ لَكِنْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ فَوَقع فِي روايتهما عَن بن بُحَيْنَةَ مُبْهَمًا وَكَأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْ قُتَيْبَةَ فِي وَقْتٍ عَمْدًا لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى الصَّوَابِ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُحَيْنَةَ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ مَالِكُ بْنُ بُحَيْنَةَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ السَّهْوُ فِيهِ مِنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ بِالْعِرَاقِ وَقَدْ رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ مِنَ الْوَهْمِ قَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِيهِ خَطَأٌ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى أَهْلَ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ عَنْ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ ظَنَّ أَنَّ رِوَايَةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُرْسَلَةٌ فَوَهِمَ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أعلم( قَولُهُ بَابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ) قَالَ بن التِّين تبعا لِابْنِ بطال معنى الْحَد هَا هُنَا الْحِدَّةُ وَقَدْ نَقَلَهُ الْكِسَائِيُّ وَمِثْلُهُ قَوْلُ عُمَرَ فِي أَبِي بَكْرٍ كُنْتُ أَرَى مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ أَيِ الْحِدَّةِ قَالَ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الحض على شُهُود الْجَمَاعَة قَالَ بن التِّينِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ هُنَا جِدٌّ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهُوَ الِاجْتِهَادُ فِي الْأَمْرِ لَكِنْ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا رَوَاهُ بِالْجِيمِ انْتَهَى وَقَدْ أَثْبَتَ بن قرقول رِوَايَة الْجِيم وَعَزاهَا للقابسى.

     وَقَالَ  بن رَشِيدٍ إِنَّمَا الْمَعْنَى مَا يُحَدُّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ مَعَهُ الْجَمَاعَةُ فَإِذَا جَاوَزَ ذَلِكَ الْحَدَّ لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ شُهُودُهَا وَمُنَاسَبَةُ ذَلِكَ مِنَ الْحَدِيثِ خُرُوجُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَكِّئًا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ شِدَّةِ الضَّعْفِ فَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ مَنْ بَلَغَ إِلَى تِلْكَ الْحَالِ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ تَكَلُّفُ الْخُرُوجِ لِلْجَمَاعَةِ إِلَّا إِذَا وَجَدَ مَنْ يَتَوَكَّأُ عَلَيْهِ وَأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ الْمَاضِي لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَقَعَ عَلَى طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ ياب الْحَدِّ الَّذِي لِلْمَرِيضِ أَنْ يَأْخُذَ فِيهِ بِالْعَزِيمَةِ فِي شُهُودِ الْجَمَاعَةِ انْتَهَى مُلَخَّصًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [663] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ: "مَرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِرَجُلٍ ...
" قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ مَالِكٌ ابْنُ بُحَيْنَةَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى رَجُلاً وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَثَ بِهِ النَّاسُ، وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصُّبْحَ أَرْبَعًا، الصُّبْحَ أَرْبَعًا" تَابَعَهُ غُنْدَرٌ وَمُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ فِي مَالِكٍ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ سَعْدٍ عَنْ حَفْصٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ.
وَقَالَ حَمَّادٌ: أَخْبَرَنَا سَعْدٌ عَنْ حَفْصٍ عَنْ مَالِكٍ.
وبالسند قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) بن يحيى القرشي المدني ( قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين، الزهري المدني ( عن أبيه) سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ( عن حفص بن عاصم) هو ابن عمر بن الخطاب ( عن عبد الله بن مالك) هو ابن القشب بكسر القاف وسكون المعجمة بعدها موحدة ( ابن بحينة) بضم الموحدة وفتح المهملة وسكون المثناة التحتية وفتح النون آخره هاء تأنيث بنت الحرث بن المطلب بن عبد مناف، وهي أم عبد الله، ويكتب ابن بحينة بزيادة ألف، ويعرب إعراب عبد الله رضي الله عنه ( قال: مر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- برجل) هو عبد الله الراوي، كما عند أحمد من طريق محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عنه بلفظ: أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرّ به وهو يصلّي، ولا يعارضه ما عند ابني حبان وخزيمة: أنه ابن عباس، لأنهما واقعتان ( قال:) أي البخاري ( وحدّثني) بالإفراد ( عبد الرحمن) زاد ابن عساكر: يعني ابن بشر، بكسر الموحدة وسكون المعجمة، أي الحكم النيسابوري ( قال: حدّثنا بهز بن أسد) بفتح الموحدة وسكون الهاء آخره زاي، العمي البصري ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: أخبرني) بالإفراد، وللأصيلي: حدّثني بالإفراد أيضًا ( سعد بن إبراهيم) بسكون العين، ابن عبد الرحمن بن عوف ( قال: سمعت حفص بن عاصم) هو ابن عمر بن الخطاب ( قال: سمعت رجلاً من الأزد) بفتح الهمزة وسكون الزاي، وللأصيلي من الأسد، بالسين بدل الزاى، أي أسد شنوأة ( يقال له: مالك بن بحينة) تابع شعبة على ذلك أبو عوانة وحماد بن سلمة، لكن حكم ابن معين وأحمد والشيخان والنسائي والإسماعيلي والدارقطني وغيرهم من الحفاظ بوهم شعبة في ذلك في موضعين، أحدهما: أن بحينة أم عبد الله لا مالك.
ثانيهما: أن الصحبة والرواية لعبد الله لا لمالك.
ولم يذكر أحد مالكًا في الصحابة.
نعم ذكره بعض من لا تمييز له ممن تلقاه من هذا الإسناد ( أن رسول الله رأى رجلاً وقد أقيمت الصلاة) هو ملتقى الإسنادين، والقدر المشترك بين الطريقين، إذ تقديره: مر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- برجل.
أو قال: قد رأى رجلاً وقد أقيمت الصلاة، أي نودي لها بالألفاظ المخصوصة، حال كونه ( يصلّي ركعتين) نفلاً، ( فلما انصرف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من صلاة الصبح ( لاث به الناس) بالثاء المثلثة أي داروا به وأحاطوا ( فقال) ولغير ابن عساكر وقال ( له) أي لعبد الله المصلي ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) موبخًا بهمزة الاستفهام الإنكاري الممدودة وقد تقصر.
( الصبح) نصب بتقدير أتصلي الصبح حال كونه ( أربعًا الصبح) أي أتصلي الصبح حال كونه ( أربعًا) ورفع بتقدير الصبح تصلي أربعًا مبتدأ أو الجملة التالية خبره، والضمير المنصوب محذوف.
وأعرب البرماوي كالكرماني أربعًا على البدلية من سابقه، إن نصب، أو مفعول مطلق، إن رفع.
وابن مالك على الحال.
والمراد بذلك النهي عن فعله لأنها تصير صلاتين، وربما يتطاول الزمان فيظن وجوبهما.
ولا ريب أن التفرغ للفريضة والشروع فيها تلو شروع الإمام أولى من التشاغل بالنافلة، لأن التشاغل بها يفوّت فضيلة الإحرام مع الإمام.
وقد اختلف في صلاة سنة فريضة الفجر عند إقامتها، فكرهها الشافعي وأحمد وغيرهما وقال الحنفية لا بأس أن يصلّيها خارج المسجد إذا تيقن إدراك الركعة الأخيرة مع الإمام، فيجمع بين فضيلة السُّنَّة وفضيلة الجماعة.
وقيّدوه بباب المسجد لأن فعلها في المسجد يلزم منه تنفله فيه مع إشغال إمامه بالفرض، وهو مكروه لحديث: إذا أقيمت الصلاة.
وقال المالكية لا تبتدأ صلاة بعد الإقامة لا فرضًا ولا نفلاً لحديث: إذا أقيمت الصلاةفلا صلاة إلا المكتوبة، أي الحاضرة.
وإن أقيمت وهو في صلاة قطع إن خشي فوات ركعة.
وإلاّ أتم.
ورواة هذا الحديث ما بين نيسابوري ومدني وواسطي، وفيه التحديث والقول واثنان من التابعين وأخرجه مسلم في الصلاة.
( تابعه) أي تابع بهز بن أسد في روايته عن شعبة بهذا الإسناد ( غندر) بضم الغين المعجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة، محمد بن جعفر ابن زوج شعبة، مما وصله أحمد ( ومعاذ) بالذال المعجمة، ابن معاذ البصري، مما وصله الإسماعيلي ( عن شعبة) بن الحجاج في الرواية ( عن مالك) أي ابن بحينة ولأبوي ذر والوقت ومعاذ عن مالك ( وقال ابن اسحاق) محمد صاحب المغازي ( عن سعد) بسكون العين، ابن إبراهيم ( عن حفص) هو ابن عاصم ( عن عبد الله بن بحينة) وهذه موافقة لرواية إبراهيم بن سعد عن أبيه، وهي الراجحة ( وقال حماد) هو ابن أبي سلمة لا ابن زيد ( أخبرنا سعد عن حفص عن مالك) فوافق شعبة في قوله عن مالك ابن بحينة والأول هو الصواب كما مر.
39 - باب حَدِّ الْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ ( باب) بيان ( حد المريض) بالحاء المهملة أي ما يحدّ للمريض ( أن يشهد الجماعة) حتى إذا جاوز ذلك الحد لم يشرع له شهودها.
وقال ابن بطال وغيره: معنى الحدّ هنا الحدة، كقول عمر في أبي بكر: كنت أداري منه بعض الحد، أي الحدة، والمراد الحض على شهودها.
وقال ابن قرقول، مما عزاه للقابسي: باب جد بالجيم، أي اجتهاد المريض لشهود الجماعة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [663] حدثنا عَبْد العزيز بْن عَبْد الله: ثنا إِبْرَاهِيْم بْن سعد، عَن أبيه، عَن حفص بْن عاصم، عَن عَبْد الله بْن مَالِك ابن بحينة، قَالَ: مر النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - برجل.
وحدثني عَبْد الرحمان - هو: ابن بشر -: ثنا بهز بْن أسد: ثنا شعبة: أخبرني سعد بْن إِبْرَاهِيْم، قَالَ: سَمِعْت [حفص بْن عاصم، قَالَ: سَمِعْت] رجلاً من الأزد، يقال لَهُ: مَالِك ابن بحينة، أن رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأىرجلاً وقد أقيمت الصلاة يصلي ركعتين، فلما انصرف رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لاث بِهِ النَّاس، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( آلصبح أربعاً، آلصبح أربعاً؟) ) .
تابعه: غندر ومعاذ، عَن شعبة، عَن مَالِك.
وَقَالَ ابن إِسْحَاق: عَن سعد، عَن حفصٍ، عَن عَبْد الله ابن بحينة.
وَقَالَ حماد: أنا سعد، عَن حفص، عَن مَالِك.
( ( لاث بِهِ النَّاس) ) - اي: أحدقوا بِهِ، وأحاطوا حوله.
وقوله: ( ( آالصبح أربعاً) ) - مرتين -: إنكار لصلاته وقد أقيمت صلاة الفجر، فكأنه صلى الصبح بعد الإقامة أربعاً.
وخرجه مُسْلِم، ولفظه: مر النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - برجل يصلي وقد أقيمت الصلاة، فكلمه بشيء، لا ندري مَا هُوَ، فلما انصرفنا أحطنا بِهِ، نقول: ماذا قَالَ لَكَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: قَالَ لِي: ( ( يوشك أن يصلي احدكم الصبح أربعاً) ) .
وفي رِوَايَة لَهُ - أيضاً -: أقيمت صلاة الصبح، فرأى رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلا يصلي والمؤذن يقيم، فَقَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( أتصلي الصبح أربعاً؟) ) .
فعلى هذه الرواية ورواية البخاري: الحَدِيْث من رِوَايَة ابن بحينة، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، سمعه مِنْهُ، وعلى الرواية الأول لمسلم: الحَدِيْث من رِوَايَة ابنبحينة، عَن رَجُل غير مسمى من الصَّحَابَة، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
لكن؛ قَدْ روي أن الرَّجُلُ المصلي هُوَ ابن القشب، وَهُوَ ابن بحينة راوي الحَدِيْث.
كذلك رواه جَعْفَر بْن مُحَمَّد، عَن أبيه - مرسلاً.
وروي، عَن جَعْفَر، عَن أَبِيه، عَن عَبْد الله بْن مَالِك بْن بحينة.
والصحيح: المرسل -: قاله أبو حاتم الرَّازِي.
وقد أشار البخاري إلى الاختلاف فِي اسم ( ( ابن بحينة) ) ، فخرجه من طريق إبراهيم بْن سعد، عَن أبيه، وسمى الصحابي: ( ( عَبْد الله بْن مَالِك ابن بحينة) ) ، وذكر أن ابن إسحاق قالَ: عن سعد ( ( عن عبد الله بن بحينة) ) ، وخرجه من طريق شعبة، وسماه: ( ( مَالِك ابن بحينة) ) ، وذكر أن حماداً رواه عَن سعد كذلك، وحماد هُوَ: ابن سَلَمَة.
وكذا رواه أبو عوانة، عَن سعد - أيضاً.
وقيل عَنْهُ: ( ( عَن ابن بحينة) ) غير مسمى.
والصحيح من ذَلِكَ: عَبْد الله بْن مَالِك ابن بحينة -: قاله أبو زُرْعَة والنسائي والترمذي والبيهقي وغيرهم.
وَهُوَ عَبْد الله بْن مَالِكابن القشب من أزد شنوءة، حليف لبني عَبْد المطلب، وبحينة أمه، وهي بحينة بِنْت الحارث بْن عَبْد المطلب -: قاله ابن المديني وابن سعد والترمذي والبيهقي وغيرهم.
وقد رَوَى هَذَا الحَدِيْث القعنبي، عَن إِبْرَاهِيْم بْن سعد، فَقَالَ فِيهِ: عَن عَبْد الله بْن مَالِك ابن بحينة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وقوله: ( ( عَن أَبِيه) ) وهم -: قاله الإمام أحمد وابن معين وسليمان بْن داود الهاشمي ومسلم - ذكره فِي ( ( صحيحه) ) - وغيرهم.
وقد روي مثل هَذَا الحَدِيْث عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من وجوهٍ متعددةٍ.
وخرجه مُسْلِم فِي ( ( صحيحه) ) من حَدِيْث عاصم الأحوال، عَن عَبْد الله بْن سرجس، قَالَ: دَخَلَ رَجُل المسجد ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صلاة الغداة، فصلى ركعتين فِي جانب المسجد، ثُمَّ دَخَلَ مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما سلم رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( ( يَا فلان، بأي الصلاتين اعتددت، أبصلاتك وحدك، أم بصلاتك مَعَنَا؟) ) .
ولا نعلم خلافاً أن إقامة الصلاة تقطع التطوع فيما عدا ركعتي الفجر، واختلفوا فِي ركعتي الفجر: هَلْ تقطعهما الإقامة.
فَقَالَتْ طائفة: تقطعهما الإقامة، لهذه الأحاديث الصحيحة،روي عَن ابن عُمَر وأبي هُرَيْرَةَ.
وروي عَن عُمَر، أنه كَانَ يضرب عَلَى الصلاة بعد الإقامة.
وممن كره ذَلِكَ ونهى عَنْهُ: سَعِيد بْن جبير وميمون بْن مهران وعروة والنخعي.
وَقَالَ ابن سيرين: كانوا يكرهون أن يصلوهما إذا أقيمت الصلاة..
     وَقَالَ  مَا يفوته من المكتوبة أحب إلي منهما.
وروى أبو حَمْزَة، قَالَ: قُلتُ لإبراهيم: لأي شيءٍ كرهت الصلاة عِنْدَ الإقامة؟ قَالَ: مخافة التكبيرة الأولى.
قَالَ وكيع: وتدرك فضيلة التكبيرة الأولى بإدراك التأمين مَعَ الإمام، واستدل بحديث بلال، أَنَّهُ قَالَ للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لا تسبقني بقول آمين.
وروي نحوه عَن أَبِي هُرَيْرَةَ.
ونص أحمد فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيْم بْن الحارث عَلَى أَنَّهُ إذا لَمْ يدرك التكبيرة مَعَ الإمام لَمْ يدرك التكبيرة الأولى.
وممن كره الصلاة بعد الإقامة: الشَّافِعِيّ وابن المبارك وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو خيثمة وسليمان بْن داود الهاشمي.
ولو خالف وصلى بعد الإقامة صلاةً، فهل تنعقد، أم تقع باطلة؟ فِيهِ لأصحابنا وجهان.
واختلفوا: هَلْ يصليهما وَهُوَ فِي البيت إذا سَمِعَ الإقامة؟ فَقَالَتْ طائفة: يصليهما فِي البيت.
وروى عَن ابن عُمَر، أنَّهُ دَخَلَالمسجد والناس يصلون، فدخل بيت حَفْصَةَ فصلى ركعتين، ثُمَّ خرج إلى المسجد.
وروي عَنْهُ مرفوعاً، خرجه ابن عدي.
ورفعه لا يصح.
وروى أبو إِسْحَاق، عَن الحارث، عَن عَلِيّ، ان النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يصلي الركعتين عِنْدَ الإقامة.
خرجه الإمام أحمد وابن ماجه.
والحارث، فِيهِ ضعف.
وأبو إِسْحَاق، لَمْ يسمعه مِنْهُ.
وخرجه يعقوب بْن شيبة، ولفظه: ( ( مَعَ الإقامة) ) .
ورواه الْحَسَن بْن عمارة - وهو متروك -، عَن أَبِي إِسْحَاق، وزاد فِيهِ: أَنَّهُ صلى فِي ناحية المسجد والمؤذن يقيم.
ولم يتابع عَلَى ذَلِكَ.
ورخص مَالِك فِي الصلاة بعد الإقامة خارج المسجد إذا لَمْ يخش أن تفوته الركعة الأولى.
ونقل ابن منصور، عَن أحمد وإسحاق، أنهما رخصا فيهما فِي البيت.
قَالَ أحمد: وقد كرهه قوم، وتركه أحب إلي.
ونقل الشالنجي عَن أحمد: لا يصليهما فِي المسجد، ولا فِي البيت.
وَهُوَ قَوْلِ الشَّافِعِيّ، [.. ..] الهاشمي.
وقالت طائفة: يصليهما فِي المسجد - أيضاً -، وروي ذَلِكَ عَن ابن مَسْعُود، وأنه فعله بمحضرٍ من حذيفةوأبي موسى الأشعري.
وعن أَبِي الدرداء، قَالَ: إني لأوتر وراء عمودٍ والإمام فِي الصلاة.
وعن الْحَسَن ومسروق ومجاهد ومكحول، وَهُوَ قَوْلِ حمادٍ والحسن بْن حي والأوزاعي وسعيد بْن عَبْد العزيز والثوري وأبي حنيفة وأصحابه.
لكن الأوزاعي وسعيد وأبو حنيفة قالوا: إنما يصليهما إذا رجا إدراك الركعة الأخيرة مَعَ الإمام، وإلا فلا يصليهما.
وروى وكيع، عَن سُفْيَان، أَنَّهُ يعتبر أن يرجو إدراك الركعة الأولى.
وروي ذَلِكَ عَن المقدام بْن معدي كرب الصحابي.
خرجه حرب، عَنْهُ بإسناده.
ونقل حرب، عَن إِسْحَاق، قَالَ: إذا دَخَلَ المسجد وقد أخذ المؤذن فِي الإقامة، فإن كَانَ الإمام افتتح الصلاة دخل معه وأن لم يكن افتتح الصلاة فلا بأس.
هَذَا كله حكم ابتداء التطوع بعد إقامة الصلاة، فإن كَانَ قَدْ ابتدأ بالتطوع قَبْلَ الإقامة، ثُمَّ أقيمت الصلاة، ففيه قولان: أحدهما: أَنَّهُ يتم، وَهُوَ قَوْلِ الأكثرين، منهم: النخعي والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق، حملاً للنهي عَلَى الابتداء دون الاستدامة.
والثاني: يقطعها، وَهُوَ قَوْلِ سَعِيد بْن جبير.
وحكي رِوَايَة عَن أحمد، حكاها أبو حفص، وهي غريبة، وحكاها غيره مقيدةً بما إذا خشي فوات الجماعة بإتمام صلاته، وحكي عَن أحمدفِي إتمامها وقطعها روايتان.
وحكي عَن النخعي وأبي حنيفة وإسحاق الإتمام، وعن الشَّافِعِيّ القطع.
وَقَالَ مَالِك: إن أقيمت وَهُوَ راكع [.. ..] ولم يركع لكنه ممن يخف الركعتين قَبْلَ أن يركع الإمام صلاهما، وإلا قطع وصلى مَعَ لإمام؛ لأنه تحصل لَهُ الجماعة فِي جميع الركعات، ولا يبطل عَلِيهِ من التطوع كبير عملٍ.
وَقَالَ الثوري: إذا كَانَ يتطوع فِي المسجد، ثُمَّ أقيمت الصلاة فليسرع الصلاة حَتَّى يلحق الإمام.
قَالَ: وإن دَخَلَ المسجد والمؤذن يقيم، فظن أَنَّهُ يؤذن، فافتتح تطوعاً، فإن تهيأ لَهُ أن يركع ركعتين خفيفتين فعل، وإلا قطع ودخل فِي الصلاة؛ فإن هذه صلاة ابتدأها بعد الإقامة.
هَذَا كله فِي صلاة التطوع حال إقامة الصلاة.
فأما إن كَانَ يصلي فرضاً وحده، ثُمَّ أقيمت تلك الصلاة، ففيه أربعة أقوال: أحدها: أَنَّهُ يجوز لَهُ أن يتمه نفلاً، ثُمَّ يصلي مَعَ الجماعة، وهذا ظاهر مذهب أحمد، وأحد قولي الشَّافِعِيّ، ليحصل فضيلة الجماعة.
وعن أحمد رِوَايَة: أَنَّهُ يقطع صلاته ويصلي مَعَ الجماعة.
والثاني: يتمه فرضاً، وَهُوَ قَوْلِ الْحَسَن، والقول الثاني للشافعي، وَهُوَ رِوَايَة عَن أحمد، نقلها عَنْهُ أبو الحارث،.

     وَقَالَ : إذا أتمها فهو مخير، إن شاء صلى مَعَ القوم، وإن شاء لَمْ يدخل معهم.
قَالَ أبو حفص: وعنه رِوَايَة أخرى: أَنَّهُ يجب أن يصلي معهم إذا حضر فِي مسجد أهله يصلون.
قَالَ: وَهُوَ الأكثر فِي مذهبه.
قَالَ: وبه وردت السنة.
قُلتُ: يشير إلى الإعادة مَعَ الجماعة.
وفي وجوب الإعادة واستحبابها عَنْهُ روايتان، وأكثر الأصحاب عَلَى أن الإعادة مستحبة غير واجبة.
قالوا: وسواء كَانَ صلى منفرداً أو فِي جماعة.
قالوا: وإنما تجب الصلاة فِي جماعة لمن لَمْ يصل، فأما من صلى منفرداً فَقَدْ سقط عَنْهُ الفرض، فلا يجب عَلِيهِ إعادته؛ ولهذا إذا أعاده فِي جماعة كَانَتْ المعادةُ نفلاً، وفرضه الأولى -: نَصَّ عَلِيهِ أحمد.
والثالث: إن كَانَ صلى أكثر الفرض أتمه فرضاً، وإلا أتمه نفلاً، ثُمَّ صلى مَعَ الجماعة فرضه، تنزيلاً للأكثر منزلة الكل، وَهُوَ قَوْلِ النخعي ومالك وأبي حنيفة والثوري.
وقالوا: إنَّه يصلي بعد ذَلِكَ مَعَ الجماعة مَا يلحق معهم تطوعاً.
والرابع: أَنَّهُ يحتسب بما صلى فريضة، ثُمَّ يتم باقي صلاته مَعَ الجماعة، ويفارقهم إذا تمت صلاته، وَهُوَ قَوْلِ طائفة من السلف، حكاه عنهم الثوري، ونقله حرب عَن إِسْحَاق، وحكاه إِسْحَاق عَن النخعي.
وهذا مبني عَلَى القول بجواز الانتقال من الإفراد إلى الائتمام، فأما إن أقيمت الصلاة وعليه فائتة، فمن قَالَ: لا يجب الترتيب بَيْن الفائته والحاضرة، فإنه يرى أن يصلي مَعَ الإمام فريضة الوقت الَّتِيْ يصليها الإمام، ثُمَّ يقضي الفائتة بعدها.
وأما من أوجب الترتيب، فاختلفوا: فمنهم من أسقط الترتيب فِي هَذَا الحال لخشية فوات الجماعة؛ فإنها واجبة عندنا، والنصوص بإيجاب الجماعة آكد من النصوص فِي الترتيب، وحكي هَذَا رِوَايَة عَن أحمد، ورجحها بعض المتأخرين من أصحابنا.
والمنصوص عَن أحمد: أَنَّهُ يصلي مَعَ الإمام الحاضرة، ثُمَّ يقضي الفائتة، ثُمَّ يعيد الحاضرة؛ فإنه يحصل لَهُ بعد ذَلِكَ الترتيب، ولا يكون مصلياً بعد إقامة الصلاة غير الصلاة الَّتِيْ أقيمت.
ومن النَّاس من قَالَ: يفعل كذلك إذا خشي أن تفوته الجماعة بالكلية، فإن رجا أن يدرك مَعَ الإمام شيئاً من الصلاة فالأولى أن يشتغل بقضاء الفائتة، ثُمَّ يصلي الحاضرة مَعَ الإمام، ويقضي مَا سبقه بِهِ.
وهذا ضَعِيف؛ فإن الَّتِيْ صلاها فِي جماعة لَمْ يعتد بِهَا، بل قضاها، فَهِيَّ فِي معنى النافلة.
ومن أصحابنا من قَالَ: الأولى أن يشتغل بالقضاء وحده، ثُمَّ إن أدرك مَعَ الإمام الحاضرة، وإلا صلاها وحده.
وفي هَذَا مخالفة لقوله: ( ( فإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا الَّتِيْ أقيمت) ) .
ومن أجاز أن يقتدي من يصلي فرضاً خلف من يصلي فرضاً آخر، أجاز أن يقتدي بالإمام فِي الفائتة، ثُمَّ يصلي الحاضرة بعدها، وأمر بذلك عَطَاء بْن أَبِي رباح.
وخرج البيهقي من رِوَايَة يَحْيَى بْن حَمْزَة: ثنا الوضين بْن عَطَاء، عَن محفوظ بْن علقمة، عَن ابن عائذ، قَالَ: دَخَلَ ثَلاَثَة من أصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والناس فِي صلاة العصر، قَدْ فرغوا من صلاة الظهر، فصلوا مَعَ النَّاس، فلما فرغوا قَالَ بعضهم لبعض: كَيْفَ صنعتم؟ قَالَ أحدهم: جعلتها الظهر، ثُمَّ صليت العصر..
     وَقَالَ  الآخر: جعلتها العصر، ثُمَّ صليت الظهر..
     وَقَالَ  الآخر: جعلتها للمسجد، ثُمَّ جعلتها للظهر والعصر، فَلَمْ يعب بعضهم عَلَى بعضٍ.
وخرجه الجوزجاني: حَدَّثَنَا نعيم بْن حماد: ثنا بقية، عَن الوضين بْن عَطَاء، عَن يزيد بْن مرثد، قَالَ: دَخَلَ مسجد حمص ثَلاَثَة نفر من أصْحَابرَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: شداد بْن أوس وعبادة بْن الصَّامِت وواثلة بْن الأسقع، والإمام فِي صلاة العصر، وهم يرون أنها الظهر، فَقَالَ أحدهم: هِيَ العصر، وأصلي الظهر..
     وَقَالَ  الآخر: هذه لِي الظهر، وأصلي العصر..
     وَقَالَ  الثالث: أصلي الظهر، ثُمَّ العصر، فَلَمْ يعب واحد منهم عَلَى صاحبيه.
39 - بَاب حَدِّ المَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ قوله: ( ( حد المريض) ) ضبطه جماعة بالجيم المكسورة، والمعنى: اجتهاد المريض أن يشهد الجماعة، ومنهم من ضبطه بالحاء المهملة المفتوحة، وفسره بالعزم والحرص.
ابتدأ البخاري - رحمه الله - فِي ذكر الأعذار الَّتِيْ يباح معها التخلف عَن شهود الجماعة، فمنها: المرض، وَهُوَ عذر مبيح لترك الجماعة، ولهذا أمر النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا بَكْر أن يصلي بالناس، وإنما خرج إلى الصلاة لما وجد من نفسه خفة.
وخروج المريض إلى المسجد ومحاملته أفضل، كما خرج النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يهادى بَيْن رجلين.
وقد قَالَ ابن مَسْعُود: ولقد كَانَ الرَّجُلُ يهادي بَيْن رجلين حَتَّى يقام فِي الصف.
ومتى كَانَ المريض لا يقدر عَلَى المشي إلى المسجد، وإنما يقدر أن يخرج محمولاً لَمْ يلزمه الخروج إلى الجماعة.
ولو وجد الزمن من يتطوع بحمله لَمْ تلزمه الجماعة، وفي لزوم الجمعة لَهُ بذلك وجهان لأصحابنا.
قَالَ ابن المنذر: ولا أعلم اختلافاً بَيْن أهل العلم أن للمريض أن يتخلف عَن الجماعات من أجل المرض.
خرج البخاري فِي هَذَا الباب حَدِيْث عَائِشَة فِي مرض النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من طريقين: الأول: قَالَ:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ)
هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لَفْظُ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ مُسلم وَأَصْحَاب السّنَن وبن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاخْتُلِفَ عَلَى عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ هُوَ السَّبَبُ فِي كَوْنِ الْبُخَارِيِّ لَمْ يُخَرِّجْهُ وَلَمَّا كَانَ الْحُكْمُ صَحِيحًا ذَكَرَهُ فِي التَّرْجَمَةِ وَأَخْرَجَ فِي الْبَابِ مَا يُغْنِي عَنْهُ لَكِنَّ حَدِيثَ التَّرْجَمَةِ أَعَمُّ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا وَحَدِيثُ الْبَابِ يَخْتَصُّ بِالصُّبْحِ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ اللَّامُ فِي حَدِيثِ التَّرْجَمَةِ عَهْدِيَّةٌ فَيَتَّفِقَانِ هَذَا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ.

.
وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَالْحُكْمُ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ وَاحِدٌ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الَّتِي أُقِيمَتْ .

     قَوْلُهُ  إِذَا أُقِيمَتْ أَيْ إِذَا شُرِعَ فِي الْإِقَامَةِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فِيمَا أخرجه بن حِبَّانَ بِلَفْظِ إِذَا أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ وَقَولُهُ فَلَا صَلَاةَ أَيْ صَحِيحَةً أَوْ كَامِلَةً وَالتَّقْدِيرُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى نَفْيِ الْحَقِيقَةِ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَقْطَعِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْمُصَلِّي وَاقْتَصَرَ عَلَى الْإِنْكَارِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الْكَمَالِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّفْيُ بِمَعْنَى النَّهْيِ أَيْ فَلَا تُصَلُّوا حِينَئِذٍ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ وَالْبَزَّارُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا فِي نَحْوِ حَدِيثِ الْبَابِ وَفِيهِ وَنَهَى أَنْ يُصَلِّيَا إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَوَرَدَ بِصِيغَةِ النَّهْيِ أَيْضًا فِيمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ من وَجه آخر عَن بن بُحَيْنَةَ فِي قِصَّتِهِ هَذِهِ فَقَالَ لَا تَجْعَلُوا هَذِهِ الصَّلَاةَ مِثْلَ الظُّهْرِ وَاجْعَلُوا بَيْنَهُمَا فَصْلًا وَالنَّهْيُ الْمَذْكُورُ لِلتَّنْزِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهِ لَمْ يَقْطَعْ صَلَاتَهُ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ فِيهِ مَنْعُ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي إِقَامَةِ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ كَانَتْ رَاتِبَةً أَمْ لَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَكْتُوبَةِ الْمَفْرُوضَةُ وَزَادَ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَالَ وَلَا رَكْعَتي الْفجْر أخرجه بن عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ يَحْيَى بْنِ نَصْرِ بْنِ الْحَاجِبِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَالْمَفْرُوضَةُ تَشْمَلُ الْحَاضِرَةَ وَالْفَائِتَةَ لَكِنَّ الْمُرَادَ الْحَاضِرَةُ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أَحْمَدُ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الَّتِي أُقِيمَتْ .

     قَوْلُهُ  مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ لَمْ يَسُقِ الْبُخَارِيُّ لَفْظَ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ بَلْ تَحَوَّلَ إِلَى رِوَايَةِ شُعْبَةَ فَأَوْهَمَ أَنَّهُمَا مُتَوَافِقَتَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ سَاقَ مُسْلِمٌ رِوَايَةَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ وَلَفْظُهُ مَرَّ بِرَجُلٍ يُصَلِّي وَقَدْ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ فَكَلَّمَهُ بِشَيْءٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَلَمَّا انْصَرَفْنَا أَحَطْنَا بِهِ نَقُولُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ لِي يُوشِكُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ أَرْبَعًا فَفِي هَذَا السِّيَاقِ مُخَالَفَةٌ لِسِيَاقِ شُعْبَةَ فِي كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَّمَ الرَّجُلَ وَهُوَ يُصَلِّي وَرِوَايَةُ شُعْبَةَ تَقْتَضِي أَنَّهُ كَلَّمَهُ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ كَلَّمَهُ أَوَّلًا سِرًّا فَلِهَذَا احْتَاجُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ ثُمَّ كَلَّمَهُ ثَانِيًا جَهْرًا فَسَمِعُوهُ وَفَائِدَةُ التَّكْرَارِ تَأْكِيدُ الْإِنْكَار

[ قــ :643 ... غــ :663] قَوْله حَدثنِي عبد الرَّحْمَن هُوَ بن بشر بن الحكم كَمَا جزم بِهِ بن عَسَاكِرَ وَأَخْرَجَهُ الْجَوْزَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الْأَزْدِ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ مِنَ الْأَسْدِ بِالْمُهْمَلَةِ السَّاكِنَةِ بَدَلَ الزَّايِ السَّاكِنَةِ وَهِيَ لُغَة صَحِيحَة قَوْله يُقَال لَهُ مَالك بن بُحَيْنَةَ هَكَذَا يَقُولُ شُعْبَةُ فِي هَذَا الصَّحَابِيِّ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو عَوَانَةَ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَحَكَمَ الْحُفَّاظُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ والإسماعيلي وبن الشَّرْقِي وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَأَبُو مَسْعُودٍ وَآخَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْوَهْمِ فِيهِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ بُحَيْنَةَ وَالِدَةُ عَبْدِ اللَّهِ لَا مَالِكٍ وَثَانِيهُمَا أَنَّ الصُّحْبَةَ وَالرِّوَايَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ لَا لِمَالِكٍ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْقِشْبِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَهُوَ لَقَبٌ وَاسْمُهُ جُنْدُبُ بن نَضْلَة بن عبد الله قَالَ بن سَعْدٍ قَدِمَ مَالِكُ بْنُ الْقِشْبِ مَكَّةَ يَعْنِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَحَالَفَ بَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَتَزَوَّجَ بُحَيْنَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ وَاسْمُهَا عَبْدَةُ وَبُحَيْنَةُ لَقَبٌ وَأَدْرَكَتْ بُحَيْنَةُ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَتْ وَصَحِبَتْ وَأَسْلَمَ ابْنُهَا عَبْدُ اللَّهِ قَدِيمًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مَالِكًا فِي الصَّحَابَةِ إِلَّا بَعْضٌ مِمَّنْ تَلَقَّاهُ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ مِمَّنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ وَكَذَا أَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ الشَّارِحُ فَقَالَ هَذَا الِاخْتِلَافُ لَا يَضُرُّ فَأَيُّ الرَّجُلَيْنِ كَانَ فَهُوَ صَاحب وَحكى بن عَبْدِ الْبَرِّ اخْتِلَافًا فِي بُحَيْنَةَ هَلْ هِيَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ أُمُّ مَالِكٍ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ فَيَنْبَغِي أَن يكْتب بن بُحَيْنَةَ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ وَيُعْرَبَ إِعْرَابُ عَبْدِ اللَّهِ كَمَا فِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  رَأَى رَجُلًا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ الرَّاوِي كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ يُصَلِّي وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لَهُ خرج وبن القشب يُصَلِّي وَوَقع لبَعض الروَاة هُنَا بن أَبِي الْقِشْبِ وَهُوَ خَطَأٌ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَوَقَعَ نَحْوُ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَيْضًا لِابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ أُصَلِّي وَأَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ فَجَذَبَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم.

     وَقَالَ  أَتُصَلِّي الصُّبْح أَرْبعا أخرجه بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ وَالْبَزَّارُ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمْ فَيُحْتَمَلُ تَعَدُّدُ الْقِصَّةِ .

     قَوْلُهُ  لَاثَ بِمُثَلَّثَةٍ خَفِيفَةٍ أَيْ أَدَارَ وَأَحَاطَ قَالَ بن قُتَيْبَةَ أَصْلُ اللَّوْثِ الطَّيُّ يُقَالُ لَاثَ عِمَامَتَهُ إِذَا أَدَارَهَا .

     قَوْلُهُ  بِهِ النَّاسُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّ طَرِيقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الْمُتَقَدِّمَةَ تَقْتَضِي أَنَّهُ لِلرَّجُلِ .

     قَوْلُهُ  آلصُّبْحَ أَرْبَعًا بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ فِي أَوَّلِهِ وَيَجُوزُ قَصْرُهَا وَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَأَعَادَهُ تَأْكِيدًا لِلْإِنْكَارِ وَالصُّبْحُ بِالنَّصْبِ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ تَقْدِيرُهُ أَتُصَلِّي الصُّبْحَ وَأَرْبَعًا مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ قَالَهُ بن مَالِكٍ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ قَالَ وَيَجُوزُ رَفْعُ الصُّبْحِ أَيِ الصُّبْحُ تُصَلِّي أَرْبَعًا وَاخْتُلِفَ فِي حِكْمَةِ هَذَا الْإِنْكَارِ فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ لِئَلَّا يَتَطَاوَلَ الزَّمَانُ فَيُظَنَّ وُجُوبُهَا وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ يُوشِكُ أَحَدُكُمْ وَعَلَى هَذَا إِذَا حَصَلَ الْأَمْنُ لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِعُمُومِ حَدِيثِ التَّرْجَمَةِ وَقِيلَ لِئَلَّا تَلْتَبِسَ صَلَاةُ الْفَرْضِ بِالنَّفْلِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنْ يَتَفَرَّغَ لِلْفَرِيضَةِ مِنْ أَوَّلِهَا فَيَشْرَعُ فِيهَا عَقِبَ شُرُوعِ الْإِمَامِ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى مُكَمِّلَاتِ الْفَرِيضَةِ أَوْلَى مِنَ التَّشَاغُلِ بِالنَّافِلَةِ اه وَهَذَا يَلِيقُ بِقَوْلِ مَنْ يَرَى بِقَضَاءِ النَّافِلَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَمِنْ ثُمَّ قَالَ مَنْ لَا يَرَى بِذَلِكَ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ إِنْ كَانَ فِي الْأَخِيرَةِ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ التَّشَاغُلُ بِالنَّافِلَةِ بِشَرْطِ الْأَمْنِ مِنَ الِالْتِبَاسِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْأَوَّلُ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ وَالثَّانِي عَنِ الْحَنَفِيَّةِ وَلَهُم فِي ذَلِك سلف عَن بن مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ وَكَأَنَّهُمْ لَمَّا تَعَارَضَ عِنْدَهُمُ الْأَمْرُ بِتَحْصِيلِ النَّافِلَةِ وَالنَّهْيُ عَنْ إِيقَاعِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ جَمَعُوا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ بِذَلِكَ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ سَبَبَ الْإِنْكَارِ عَدَمُ الْفَصْلِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَا وَإِلَى هَذَا جَنَحَ الطَّحَاوِيُّ وَاحْتَجَّ لَهُ بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِالْأَمْرِ بِذَلِكَ وَمُقْتَضَاهُ أَنه لَو كَانَ فِي زَاوِيَة من الْمَسْجِدِ لَمْ يُكْرَهْ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِمَا ذُكِرَ إِذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ الْفَصْلِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ لَمْ يَحْصُلْ إِنْكَارٌ أَصْلًا لِأَنَّ بن بُحَيْنَةَ سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ قَطْعًا ثُمَّ دَخَلَ فِي الْفَرْضِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَأَلَهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ قَضَاءَهُمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ مُتَّصِلًا بِهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِنْكَارَ عَلَى بن بُحَيْنَةَ إِنَّمَا كَانَ لِلتَّنَفُّلِ حَالَ صَلَاةِ الْفَرْضِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِعُمُومِ حَدِيثِ التَّرْجَمَةِ وَقَدْ فَهِمَ بن عُمَرَ اخْتِصَاصَ الْمَنْعِ بِمَنْ يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لَا خَارِجًا عَنْهُ فَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَحْصِبُ مَنْ يَتَنَفَّلُ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَصَدَ الْمَسْجِدَ فَسَمِعَ الْإِقَامَةَ فَصَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى مَعَ الْإِمَامِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ الْحُجَّةُ عِنْدَ التَّنَازُعِ السُّنَّةُ فَمَنْ أَدْلَى بِهَا فَقَدْ أَفْلَحَ وَتَرْكُ التَّنَفُّلِ عِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَتَدَارُكُهَا بَعْدَ قَضَاءِ الْفَرْضِ أَقْرَبُ إِلَى اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَيَتَأَيَّدُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْإِقَامَة حَيّ علىالصلاة مَعْنَاهُ هَلُمُّوا إِلَى الصَّلَاةِ أَيِ الَّتِي يُقَامُ لَهَا فَأَسْعَدُ النَّاسِ بِامْتِثَالِ هَذَا الْأَمْرِ مَنْ لَمْ يَتَشَاغَلْ عَنْهُ بِغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتُدِلَّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ لِمَنْ قَالَ يَقْطَعُ النَّافِلَةَ إِذَا أُقِيمَتِ الْفَرِيضَةُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَخَصَّ آخَرُونَ النَّهْيَ بِمَنْ يُنْشِئُ النَّافِلَةَ عَمَلًا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم وَقِيلَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ يَخْشَى فَوْتَ الْفَرِيضَةِ فِي الْجَمَاعَةِ فَيَقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ الَّتِي أُقِيمَتْ بِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُصَلِّي فَرْضًا وَلَا نَفْلًا خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي فَرْضًا آخَرَ كَالظُّهْرِ مَثَلًا خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَإِنْ جَازَتْ إِعَادَةُ الْفَرْضِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي ذَلِكَ الْفَرْضَ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ غُنْدَرٌ وَمُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَالِكٍ أَيْ تَابَعَا بَهْزَ بْنَ أَسَدٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَا عَنْ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَالِكٍ أَيْ بِإِسْنَادِهِ وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْمُتَابَعَةِ بِقَوْلِهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ فَقَطْ وَالثَّانِي يَشْمَلُ جَمِيعَ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَطَرِيقُ غُنْدَرٍ وَصَلَهَا أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ كَذَلِك وَطَرِيق معَاذ وَهُوَ بن مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ الْبَصْرِيُّ وَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ شُعْبَةَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَحَجَّاجٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ كُلُّهُمْ عَن شُعْبَة كَذَلِك قَوْله.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاقَ أَيْ صَاحِبُ الْمَغَازِي عَنْ سَعْدٍ أَيِ بن إِبْرَاهِيمَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُوَافِقَةٌ لِرِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ وَهِيَ الرَّاجِحَةُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  حَمَّاد يَعْنِي بن سَلَمَةَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمِزِّيُّ وَآخَرُونَ وَكَذَا أخرجه الطَّحَاوِيّ وبن مَنْدَهْ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِهِ وَوَهِمَ الْكِرْمَانِيُّ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ حَمَّادًا وَافَقَ شُعْبَةَ فِي قَوْلِهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ وَقَدْ وَافَقَهُمَا أَبُو عَوَانَةَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْهُ لَكِنْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ فَوَقع فِي روايتهما عَن بن بُحَيْنَةَ مُبْهَمًا وَكَأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْ قُتَيْبَةَ فِي وَقْتٍ عَمْدًا لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى الصَّوَابِ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُحَيْنَةَ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ مَالِكُ بْنُ بُحَيْنَةَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ السَّهْوُ فِيهِ مِنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ بِالْعِرَاقِ وَقَدْ رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ مِنَ الْوَهْمِ قَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِيهِ خَطَأٌ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى أَهْلَ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ عَنْ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ ظَنَّ أَنَّ رِوَايَةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُرْسَلَةٌ فَوَهِمَ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
إذا أُقيمَتِ الصَّلاةُ فَلاَ صَلاةَ إِلاَّ المَكْتُوبَةُ
بوب عَلَى هذه الترجمة، ولم يخرج الحَدِيْث الَّذِي بلفظها، وقد خرجه مُسْلِم من حَدِيْث عَمْرِو بْن دينار، عَن عَطَاء بْن يسار، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) ) .

وخرجه أبو داود موقوفاً.

وقد اختلف فِي رفعه ووقفه، واختلف الأئمة فِي الترجيح، فرجح الترمذي رفعه، وكذلك خرجه مُسْلِم فِي ( ( صحيحه) ) ، وإليه ميل الإمام أحمد، ورجح أبو زُرْعَة وقفه، وتوقف فِيهِ يَحْيَى بْن معين، وإنما لَمْ يخرجه البخاري لتوقفه، أو لترجيحه وقفه.
والله أعلم.
وقد خرجه الطبراني من رِوَايَة زياد بْن عَبْد الله، عَن مُحَمَّد بْن جحادة، عَن عَمْرِو، عَن عَطَاء، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( إذا أخذ المؤذن فِي الإقامة فلا صلاة إلا المكتوبة) ) .

وهذا لفظ غريبٌ.

وقد روي من وجوه أخر عَن أَبِي هُرَيْرَةَ.

وخرجه الإمام أحمد من رِوَايَة ابن لهيعة: ثنا عياش بْن عباسٍ، عَن أَبِي تميم الزُّهْرِيّ، عن أبي هريرة، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا الَّتِيْ أقيمت) ) .

وخرجه الطبراني بهذا اللفظ - أيضا - من رِوَايَة أَبِي صالح: ثنا الليث، عن
عَبْد الله بْن عياش بْن عَبَّاس القتباني، عَن أبيه، عَن أَبِي تميم، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَالَ البخاري:
[ قــ :643 ... غــ :663 ]
- حدثنا عَبْد العزيز بْن عَبْد الله: ثنا إِبْرَاهِيْم بْن سعد، عَن أبيه، عَن حفص بْن عاصم، عَن عَبْد الله بْن مَالِك ابن بحينة، قَالَ: مر النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - برجل.

وحدثني عَبْد الرحمان - هو: ابن بشر -: ثنا بهز بْن أسد: ثنا شعبة: أخبرني سعد بْن إِبْرَاهِيْم، قَالَ: سَمِعْت [حفص بْن عاصم، قَالَ: سَمِعْت] رجلاً من الأزد، يقال لَهُ: مَالِك ابن بحينة، أن رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى رجلاً وقد أقيمت الصلاة يصلي ركعتين، فلما انصرف رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لاث بِهِ النَّاس، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( آلصبح أربعاً، آلصبح أربعاً؟) ) .

تابعه: غندر ومعاذ، عَن شعبة، عَن مَالِك.

وَقَالَ ابن إِسْحَاق: عَن سعد، عَن حفصٍ، عَن عَبْد الله ابن بحينة.

وَقَالَ حماد: أنا سعد، عَن حفص، عَن مَالِك.

( ( لاث بِهِ النَّاس) ) - اي: أحدقوا بِهِ، وأحاطوا حوله.

وقوله: ( ( آالصبح أربعاً) ) - مرتين -: إنكار لصلاته وقد أقيمت صلاة الفجر، فكأنه صلى الصبح بعد الإقامة أربعاً.

وخرجه مُسْلِم، ولفظه: مر النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - برجل يصلي وقد أقيمت الصلاة، فكلمه بشيء، لا ندري مَا هُوَ، فلما انصرفنا أحطنا بِهِ، نقول: ماذا قَالَ لَكَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: قَالَ لِي: ( ( يوشك أن يصلي احدكم الصبح أربعاً) ) .

وفي رِوَايَة لَهُ - أيضاً -: أقيمت صلاة الصبح، فرأى رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلا يصلي والمؤذن يقيم، فَقَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( أتصلي الصبح أربعاً؟) ) .

فعلى هذه الرواية ورواية البخاري: الحَدِيْث من رِوَايَة ابن بحينة، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، سمعه مِنْهُ، وعلى الرواية الأول لمسلم: الحَدِيْث من رِوَايَة ابن بحينة، عَن رَجُل غير مسمى من الصَّحَابَة، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

لكن؛ قَدْ روي أن الرَّجُلُ المصلي هُوَ ابن القشب، وَهُوَ ابن بحينة راوي الحَدِيْث.

كذلك رواه جَعْفَر بْن مُحَمَّد، عَن أبيه - مرسلاً.

وروي، عَن جَعْفَر، عَن أَبِيه، عَن عَبْد الله بْن مَالِك بْن بحينة.

والصحيح: المرسل -: قاله أبو حاتم الرَّازِي.

وقد أشار البخاري إلى الاختلاف فِي اسم ( ( ابن بحينة) ) ، فخرجه من طريق إبراهيم بْن سعد، عَن أبيه، وسمى الصحابي: ( ( عَبْد الله بْن مَالِك ابن بحينة) ) ، وذكر أن ابن إسحاق قالَ: عن سعد ( ( عن عبد الله بن بحينة) ) ، وخرجه من طريق شعبة، وسماه: ( ( مَالِك ابن بحينة) ) ، وذكر أن حماداً رواه عَن سعد كذلك، وحماد هُوَ: ابن سَلَمَة.

وكذا رواه أبو عوانة، عَن سعد - أيضاً.

وقيل عَنْهُ: ( ( عَن ابن بحينة) ) غير مسمى.

والصحيح من ذَلِكَ: عَبْد الله بْن مَالِك ابن بحينة -: قاله أبو زُرْعَة والنسائي والترمذي والبيهقي وغيرهم.

وَهُوَ عَبْد الله بْن مَالِك ابن القشب من أزد شنوءة، حليف لبني عَبْد المطلب، وبحينة أمه، وهي بحينة بِنْت الحارث بْن عَبْد المطلب -: قاله ابن المديني وابن سعد والترمذي والبيهقي وغيرهم.

وقد رَوَى هَذَا الحَدِيْث القعنبي، عَن إِبْرَاهِيْم بْن سعد، فَقَالَ فِيهِ: عَن عَبْد الله بْن مَالِك ابن بحينة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقوله: ( ( عَن أَبِيه) ) وهم -: قاله الإمام أحمد وابن معين وسليمان بْن داود الهاشمي ومسلم - ذكره فِي ( ( صحيحه) ) - وغيرهم.

وقد روي مثل هَذَا الحَدِيْث عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من وجوهٍ متعددةٍ.

وخرجه مُسْلِم فِي ( ( صحيحه) ) من حَدِيْث عاصم الأحوال، عَن عَبْد الله بْن سرجس، قَالَ: دَخَلَ رَجُل المسجد ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صلاة الغداة، فصلى ركعتين فِي جانب المسجد، ثُمَّ دَخَلَ مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما سلم رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( ( يَا فلان، بأي الصلاتين اعتددت، أبصلاتك وحدك، أم بصلاتك مَعَنَا؟) ) .

ولا نعلم خلافاً أن إقامة الصلاة تقطع التطوع فيما عدا ركعتي الفجر، واختلفوا فِي ركعتي الفجر: هَلْ تقطعهما الإقامة.

فَقَالَتْ طائفة: تقطعهما الإقامة، لهذه الأحاديث الصحيحة، روي عَن ابن عُمَر وأبي هُرَيْرَةَ.

وروي عَن عُمَر، أنه كَانَ يضرب عَلَى الصلاة بعد الإقامة.

وممن كره ذَلِكَ ونهى عَنْهُ: سَعِيد بْن جبير وميمون بْن مهران وعروة والنخعي.

وَقَالَ ابن سيرين: كانوا يكرهون أن يصلوهما إذا أقيمت الصلاة..
     وَقَالَ  مَا يفوته من المكتوبة أحب إلي منهما.

وروى أبو حَمْزَة، قَالَ: قُلتُ لإبراهيم: لأي شيءٍ كرهت الصلاة عِنْدَ الإقامة؟ قَالَ: مخافة التكبيرة الأولى.

قَالَ وكيع: وتدرك فضيلة التكبيرة الأولى بإدراك التأمين مَعَ الإمام، واستدل بحديث بلال، أَنَّهُ قَالَ للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لا تسبقني بقول آمين.

وروي نحوه عَن أَبِي هُرَيْرَةَ.

ونص أحمد فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيْم بْن الحارث عَلَى أَنَّهُ إذا لَمْ يدرك التكبيرة مَعَ الإمام لَمْ يدرك التكبيرة الأولى.

وممن كره الصلاة بعد الإقامة: الشَّافِعِيّ وابن المبارك وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو خيثمة وسليمان بْن داود الهاشمي.

ولو خالف وصلى بعد الإقامة صلاةً، فهل تنعقد، أم تقع باطلة؟ فِيهِ لأصحابنا وجهان.

واختلفوا: هَلْ يصليهما وَهُوَ فِي البيت إذا سَمِعَ الإقامة؟
فَقَالَتْ طائفة: يصليهما فِي البيت.

وروى عَن ابن عُمَر، أنَّهُ دَخَلَ المسجد والناس يصلون، فدخل بيت حَفْصَةَ فصلى ركعتين، ثُمَّ خرج إلى المسجد.

وروي عَنْهُ مرفوعاً، خرجه ابن عدي.

ورفعه لا يصح.

وروى أبو إِسْحَاق، عَن الحارث، عَن عَلِيّ، ان النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يصلي الركعتين عِنْدَ الإقامة.

خرجه الإمام أحمد وابن ماجه.

والحارث، فِيهِ ضعف.
وأبو إِسْحَاق، لَمْ يسمعه مِنْهُ.

وخرجه يعقوب بْن شيبة، ولفظه: ( ( مَعَ الإقامة) ) .

ورواه الْحَسَن بْن عمارة - وهو متروك -، عَن أَبِي إِسْحَاق، وزاد فِيهِ: أَنَّهُ صلى فِي ناحية المسجد والمؤذن يقيم.

ولم يتابع عَلَى ذَلِكَ.

ورخص مَالِك فِي الصلاة بعد الإقامة خارج المسجد إذا لَمْ يخش أن تفوته الركعة الأولى.

ونقل ابن منصور، عَن أحمد وإسحاق، أنهما رخصا فيهما فِي البيت.

قَالَ أحمد: وقد كرهه قوم، وتركه أحب إلي.

ونقل الشالنجي عَن أحمد: لا يصليهما فِي المسجد، ولا فِي البيت.

وَهُوَ قَوْلِ الشَّافِعِيّ، [.. ..] الهاشمي.

وقالت طائفة: يصليهما فِي المسجد - أيضاً -، وروي ذَلِكَ عَن ابن مَسْعُود، وأنه فعله بمحضرٍ من حذيفة وأبي موسى الأشعري.

وعن أَبِي الدرداء، قَالَ: إني لأوتر وراء عمودٍ والإمام فِي الصلاة.

وعن الْحَسَن ومسروق ومجاهد ومكحول، وَهُوَ قَوْلِ حمادٍ والحسن بْن حي والأوزاعي وسعيد بْن عَبْد العزيز والثوري وأبي حنيفة وأصحابه.

لكن الأوزاعي وسعيد وأبو حنيفة قالوا: إنما يصليهما إذا رجا إدراك الركعة الأخيرة مَعَ الإمام، وإلا فلا يصليهما.

وروى وكيع، عَن سُفْيَان، أَنَّهُ يعتبر أن يرجو إدراك الركعة الأولى.

وروي ذَلِكَ عَن المقدام بْن معدي كرب الصحابي.

خرجه حرب، عَنْهُ بإسناده.

ونقل حرب، عَن إِسْحَاق، قَالَ: إذا دَخَلَ المسجد وقد أخذ المؤذن فِي الإقامة، فإن كَانَ الإمام افتتح الصلاة دخل معه وأن لم يكن افتتح الصلاة فلا بأس.

هَذَا كله حكم ابتداء التطوع بعد إقامة الصلاة، فإن كَانَ قَدْ ابتدأ بالتطوع قَبْلَ الإقامة، ثُمَّ أقيمت الصلاة، ففيه قولان:
أحدهما: أَنَّهُ يتم، وَهُوَ قَوْلِ الأكثرين، منهم: النخعي والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق، حملاً للنهي عَلَى الابتداء دون الاستدامة.
يقطعها، وَهُوَ قَوْلِ سَعِيد بْن جبير.

وحكي رِوَايَة عَن أحمد، حكاها أبو حفص، وهي غريبة، وحكاها غيره مقيدةً بما إذا خشي فوات الجماعة بإتمام صلاته، وحكي عَن أحمد فِي إتمامها وقطعها روايتان.

وحكي عَن النخعي وأبي حنيفة وإسحاق الإتمام، وعن الشَّافِعِيّ القطع.

وَقَالَ مَالِك: إن أقيمت وَهُوَ راكع [.. ..] ولم يركع لكنه ممن يخف الركعتين قَبْلَ أن يركع الإمام صلاهما، وإلا قطع وصلى مَعَ لإمام؛ لأنه تحصل لَهُ الجماعة فِي جميع الركعات، ولا يبطل عَلِيهِ من التطوع كبير عملٍ.

وَقَالَ الثوري: إذا كَانَ يتطوع فِي المسجد، ثُمَّ أقيمت الصلاة فليسرع الصلاة حَتَّى يلحق الإمام.
قَالَ: وإن دَخَلَ المسجد والمؤذن يقيم، فظن أَنَّهُ يؤذن، فافتتح تطوعاً، فإن تهيأ لَهُ أن يركع ركعتين خفيفتين فعل، وإلا قطع ودخل فِي الصلاة؛ فإن هذه صلاة ابتدأها بعد الإقامة.

هَذَا كله فِي صلاة التطوع حال إقامة الصلاة.

فأما إن كَانَ يصلي فرضاً وحده، ثُمَّ أقيمت تلك الصلاة، ففيه أربعة أقوال:
أحدها: أَنَّهُ يجوز لَهُ أن يتمه نفلاً، ثُمَّ يصلي مَعَ الجماعة، وهذا ظاهر مذهب أحمد، وأحد قولي الشَّافِعِيّ، ليحصل فضيلة الجماعة.

وعن أحمد رِوَايَة: أَنَّهُ يقطع صلاته ويصلي مَعَ الجماعة.
يتمه فرضاً، وَهُوَ قَوْلِ الْحَسَن، والقول الثاني للشافعي، وَهُوَ رِوَايَة عَن أحمد، نقلها عَنْهُ أبو الحارث،.

     وَقَالَ : إذا أتمها فهو مخير، إن شاء صلى مَعَ القوم، وإن شاء لَمْ يدخل معهم.
قَالَ أبو حفص: وعنه رِوَايَة أخرى: أَنَّهُ يجب أن يصلي معهم إذا حضر فِي مسجد أهله يصلون.
قَالَ: وَهُوَ الأكثر فِي مذهبه.
قَالَ: وبه وردت السنة.

قُلتُ: يشير إلى الإعادة مَعَ الجماعة.

وفي وجوب الإعادة واستحبابها عَنْهُ روايتان، وأكثر الأصحاب عَلَى أن الإعادة مستحبة غير واجبة.
قالوا: وسواء كَانَ صلى منفرداً أو فِي جماعة.

قالوا: وإنما تجب الصلاة فِي جماعة لمن لَمْ يصل، فأما من صلى منفرداً فَقَدْ سقط عَنْهُ الفرض، فلا يجب عَلِيهِ إعادته؛ ولهذا إذا أعاده فِي جماعة كَانَتْ المعادةُ نفلاً، وفرضه الأولى -: نَصَّ عَلِيهِ أحمد.

والثالث: إن كَانَ صلى أكثر الفرض أتمه فرضاً، وإلا أتمه نفلاً، ثُمَّ صلى مَعَ الجماعة فرضه، تنزيلاً للأكثر منزلة الكل، وَهُوَ قَوْلِ النخعي ومالك وأبي حنيفة
والثوري.

وقالوا: إنَّه يصلي بعد ذَلِكَ مَعَ الجماعة مَا يلحق معهم تطوعاً.

والرابع: أَنَّهُ يحتسب بما صلى فريضة، ثُمَّ يتم باقي صلاته مَعَ الجماعة، ويفارقهم إذا تمت صلاته، وَهُوَ قَوْلِ طائفة من السلف، حكاه عنهم الثوري، ونقله حرب عَن إِسْحَاق، وحكاه إِسْحَاق عَن النخعي.

وهذا مبني عَلَى القول بجواز الانتقال من الإفراد إلى الائتمام، فأما إن أقيمت الصلاة وعليه فائتة، فمن قَالَ: لا يجب الترتيب بَيْن الفائته والحاضرة، فإنه يرى أن يصلي مَعَ الإمام فريضة الوقت الَّتِيْ يصليها الإمام، ثُمَّ يقضي الفائتة بعدها.
وأما من أوجب الترتيب، فاختلفوا:
فمنهم من أسقط الترتيب فِي هَذَا الحال لخشية فوات الجماعة؛ فإنها واجبة عندنا، والنصوص بإيجاب الجماعة آكد من النصوص فِي الترتيب، وحكي هَذَا رِوَايَة عَن أحمد، ورجحها بعض المتأخرين من أصحابنا.

والمنصوص عَن أحمد: أَنَّهُ يصلي مَعَ الإمام الحاضرة، ثُمَّ يقضي الفائتة، ثُمَّ يعيد الحاضرة؛ فإنه يحصل لَهُ بعد ذَلِكَ الترتيب، ولا يكون مصلياً بعد إقامة الصلاة غير الصلاة الَّتِيْ أقيمت.

ومن النَّاس من قَالَ: يفعل كذلك إذا خشي أن تفوته الجماعة بالكلية، فإن رجا أن يدرك مَعَ الإمام شيئاً من الصلاة فالأولى أن يشتغل بقضاء الفائتة، ثُمَّ يصلي الحاضرة مَعَ الإمام، ويقضي مَا سبقه بِهِ.

وهذا ضَعِيف؛ فإن الَّتِيْ صلاها فِي جماعة لَمْ يعتد بِهَا، بل قضاها، فَهِيَّ فِي معنى النافلة.

ومن أصحابنا من قَالَ: الأولى أن يشتغل بالقضاء وحده، ثُمَّ إن أدرك مَعَ الإمام الحاضرة، وإلا صلاها وحده.

وفي هَذَا مخالفة لقوله: ( ( فإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا الَّتِيْ أقيمت) ) .

ومن أجاز أن يقتدي من يصلي فرضاً خلف من يصلي فرضاً آخر، أجاز أن يقتدي بالإمام فِي الفائتة، ثُمَّ يصلي الحاضرة بعدها، وأمر بذلك عَطَاء بْن أَبِي رباح.

وخرج البيهقي من رِوَايَة يَحْيَى بْن حَمْزَة: ثنا الوضين بْن عَطَاء، عَن محفوظ بْن علقمة، عَن ابن عائذ، قَالَ: دَخَلَ ثَلاَثَة من أصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والناس فِي صلاة العصر، قَدْ فرغوا من صلاة الظهر، فصلوا مَعَ النَّاس، فلما فرغوا قَالَ بعضهم لبعض: كَيْفَ صنعتم؟ قَالَ أحدهم: جعلتها الظهر، ثُمَّ صليت العصر..
     وَقَالَ  الآخر: جعلتها العصر، ثُمَّ صليت الظهر..
     وَقَالَ  الآخر: جعلتها للمسجد، ثُمَّ جعلتها للظهر والعصر، فَلَمْ يعب بعضهم عَلَى بعضٍ.

وخرجه الجوزجاني: حَدَّثَنَا نعيم بْن حماد: ثنا بقية، عَن الوضين بْن عَطَاء، عَن يزيد بْن مرثد، قَالَ: دَخَلَ مسجد حمص ثَلاَثَة نفر من أصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: شداد بْن أوس وعبادة بْن الصَّامِت وواثلة بْن الأسقع، والإمام فِي صلاة العصر، وهم يرون أنها الظهر، فَقَالَ أحدهم: هِيَ العصر، وأصلي الظهر..
     وَقَالَ  الآخر: هذه لِي الظهر، وأصلي العصر..
     وَقَالَ  الثالث: أصلي الظهر، ثُمَّ العصر، فَلَمْ يعب واحد منهم عَلَى صاحبيه.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةَ
هذا ( باب) بالتنوين ( إذا أقيمت الصلاة) أي إذا شرع في الإقامة لها ( فلا صلاة) كاملة أو لا تصلوا حينئذٍ ( إلا المكتوبة) .

هذا لفظ رواية مسلم والسنن الأربعة وغيرها، ولم يخرجها البخاري لكونه اختلف على عمرو بن دينار في رفعه ووقفه، لكن حكمه صحيح، فذكره ترجمة، وساق لها ما يغني عنه.
لكن حديث الباب مختص بالصبح، وحديث الترجمة أعم لشموله كل الصلوات.


[ قــ :643 ... غــ : 663 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ: "مَرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِرَجُلٍ ... " قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ مَالِكٌ ابْنُ بُحَيْنَةَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى رَجُلاً وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَثَ بِهِ النَّاسُ،.

     وَقَالَ  لَهُ

رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصُّبْحَ أَرْبَعًا، الصُّبْحَ أَرْبَعًا" تَابَعَهُ غُنْدَرٌ وَمُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ فِي مَالِكٍ..
     وَقَالَ  ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ سَعْدٍ عَنْ حَفْصٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ..
     وَقَالَ  حَمَّادٌ: أَخْبَرَنَا سَعْدٌ عَنْ حَفْصٍ عَنْ مَالِكٍ.

وبالسند قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) بن يحيى القرشي المدني ( قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين، الزهري المدني ( عن أبيه) سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ( عن حفص بن عاصم) هو ابن عمر بن الخطاب ( عن عبد الله بن مالك) هو ابن القشب بكسر القاف وسكون المعجمة بعدها موحدة ( ابن بحينة) بضم الموحدة وفتح المهملة وسكون المثناة التحتية وفتح النون آخره هاء تأنيث بنت الحرث بن المطلب بن عبد مناف، وهي أم عبد الله، ويكتب ابن بحينة بزيادة ألف، ويعرب إعراب عبد الله رضي الله عنه ( قال: مر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- برجل) هو عبد الله الراوي، كما عند أحمد من طريق محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عنه بلفظ: أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرّ به وهو يصلّي، ولا يعارضه ما عند ابني حبان وخزيمة: أنه ابن عباس، لأنهما واقعتان ( قال:) أي البخاري ( وحدّثني) بالإفراد ( عبد الرحمن) زاد ابن عساكر: يعني ابن بشر، بكسر الموحدة وسكون المعجمة، أي الحكم النيسابوري ( قال: حدّثنا بهز بن أسد) بفتح الموحدة وسكون الهاء آخره زاي، العمي البصري ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: أخبرني) بالإفراد، وللأصيلي: حدّثني بالإفراد أيضًا ( سعد بن إبراهيم) بسكون العين، ابن عبد الرحمن بن عوف ( قال: سمعت حفص بن عاصم) هو ابن عمر بن الخطاب ( قال: سمعت رجلاً من الأزد) بفتح الهمزة وسكون الزاي، وللأصيلي من الأسد، بالسين بدل الزاى، أي أسد شنوأة ( يقال له: مالك بن بحينة) تابع شعبة على ذلك أبو عوانة وحماد بن سلمة، لكن حكم ابن معين وأحمد والشيخان والنسائي والإسماعيلي والدارقطني وغيرهم من الحفاظ بوهم شعبة في ذلك في موضعين، أحدهما: أن بحينة أم عبد الله لا مالك.
ثانيهما: أن الصحبة والرواية لعبد الله لا لمالك.

ولم يذكر أحد مالكًا في الصحابة.
نعم ذكره بعض من لا تمييز له ممن تلقاه من هذا الإسناد ( أن رسول الله رأى رجلاً وقد أقيمت الصلاة) هو ملتقى الإسنادين، والقدر المشترك بين الطريقين، إذ تقديره: مر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- برجل.
أو قال: قد رأى رجلاً وقد أقيمت الصلاة، أي نودي لها بالألفاظ المخصوصة، حال كونه ( يصلّي ركعتين) نفلاً، ( فلما انصرف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من صلاة الصبح ( لاث به الناس) بالثاء المثلثة أي داروا به وأحاطوا ( فقال) ولغير ابن عساكر وقال ( له) أي لعبد الله المصلي ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) موبخًا بهمزة الاستفهام الإنكاري الممدودة وقد تقصر.

( الصبح) نصب بتقدير أتصلي الصبح حال كونه ( أربعًا الصبح) أي أتصلي الصبح حال كونه ( أربعًا) ورفع بتقدير الصبح تصلي أربعًا مبتدأ أو الجملة التالية خبره، والضمير المنصوب محذوف.

وأعرب البرماوي كالكرماني أربعًا على البدلية من سابقه، إن نصب، أو مفعول مطلق، إن رفع.

وابن مالك على الحال.


والمراد بذلك النهي عن فعله لأنها تصير صلاتين، وربما يتطاول الزمان فيظن وجوبهما.

ولا ريب أن التفرغ للفريضة والشروع فيها تلو شروع الإمام أولى من التشاغل بالنافلة، لأن التشاغل بها يفوّت فضيلة الإحرام مع الإمام.
وقد اختلف في صلاة سنة فريضة الفجر عند إقامتها، فكرهها الشافعي وأحمد وغيرهما وقال الحنفية لا بأس أن يصلّيها خارج المسجد إذا تيقن إدراك الركعة الأخيرة مع الإمام، فيجمع بين فضيلة السُّنَّة وفضيلة الجماعة.
وقيّدوه بباب المسجد لأن فعلها في المسجد يلزم منه تنفله فيه مع إشغال إمامه بالفرض، وهو مكروه لحديث: إذا أقيمت الصلاة.

وقال المالكية لا تبتدأ صلاة بعد الإقامة لا فرضًا ولا نفلاً لحديث: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، أي الحاضرة.
وإن أقيمت وهو في صلاة قطع إن خشي فوات ركعة.
وإلاّ أتم.

ورواة هذا الحديث ما بين نيسابوري ومدني وواسطي، وفيه التحديث والقول واثنان من التابعين وأخرجه مسلم في الصلاة.

( تابعه) أي تابع بهز بن أسد في روايته عن شعبة بهذا الإسناد ( غندر) بضم الغين المعجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة، محمد بن جعفر ابن زوج شعبة، مما وصله أحمد ( ومعاذ) بالذال المعجمة، ابن معاذ البصري، مما وصله الإسماعيلي ( عن شعبة) بن الحجاج في الرواية ( عن مالك) أي ابن بحينة ولأبوي ذر والوقت ومعاذ عن مالك ( وقال ابن اسحاق) محمد صاحب المغازي ( عن سعد) بسكون العين، ابن إبراهيم ( عن حفص) هو ابن عاصم ( عن عبد الله بن بحينة) وهذه موافقة لرواية إبراهيم بن سعد عن أبيه، وهي الراجحة ( وقال حماد) هو ابن أبي سلمة لا ابن زيد ( أخبرنا سعد عن حفص عن مالك) فوافق شعبة في قوله عن مالك ابن بحينة والأول هو الصواب كما مر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ إذَا أُقِيمَتِ الصلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إلاَّ المَكْتُوبَةُ)

أَي: هَذَا بابُُ تَرْجَمته: إِذا أُقِيمَت ... إِلَى آخِره، وَهَذِه التَّرْجَمَة بِعَينهَا لفظ حَدِيث أخرجه مُسلم فِي: كتاب الصَّلَاة، من طرق كَثِيرَة عَن عَمْرو بن دِينَار الْمَكِّيّ عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن أَحْمد بن حَنْبَل، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن أَحْمد بن منيع.
وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن أَحْمد بن عبد الله بن الحكم.
وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن أبي بشر بن خلف.
فَإِن قلت: مَا كَانَ الْمَانِع للْبُخَارِيّ جعل هَذَا تَرْجَمَة وَلم يُخرجهُ؟ قلت: اخْتلف هَذَا على عَمْرو بن دِينَار فِي رَفعه وَوَقفه، فَلذَلِك لم يُخرجهُ، وَلَكِن الحَدِيث الَّذِي ذكره فِي الْبابُُ يُغني عَن ذَلِك، كَمَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى.


[ قــ :643 ... غــ :663 ]
- ( حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه عَن حَفْص بن عَاصِم عَن عبد الله بن مَالك بن بُحَيْنَة قَالَ مر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِرَجُل.
قَالَ وحَدثني عبد الرَّحْمَن قَالَ حَدثنَا بهز بن أَسد قَالَ حَدثنَا شُعْبَة قَالَ أَخْبرنِي سعد بن إِبْرَاهِيم قَالَ سَمِعت حَفْص بن عَاصِم قَالَ سَمِعت رجلا من الأزد يُقَال لَهُ مَالك بن بُحَيْنَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى رجلا وَقد أُقِيمَت الصَّلَاة يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا انْصَرف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لاث بِهِ النَّاس فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آلصبح أَرْبعا آلصبح أَرْبعا)
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " آلصبح أَرْبعا " حَيْثُ أنكر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الرجل الَّذِي كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بعد أَن أُقِيمَت صَلَاة الصُّبْح فَقَالَ " آلصبح أَرْبعا " أَي الصُّبْح تصلى أَرْبعا لِأَنَّهُ إِذا صلى رَكْعَتَيْنِ بعد أَن أُقِيمَت الصَّلَاة ثمَّ يُصَلِّي مَعَ الإِمَام رَكْعَتَيْنِ صَلَاة الصُّبْح فَيكون فِي معنى من صلى الصُّبْح أَرْبعا فَدلَّ هَذَا على أَن لَا صَلَاة بعد الْإِقَامَة إِلَّا الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة ( فَإِن قلت) حَدِيث التَّرْجَمَة أَعم لِأَنَّهُ يَشْمَل سَائِر الصَّلَوَات وَحَدِيث الْبابُُ فِي صَلَاة الصُّبْح ( قلت) كِلَاهُمَا فِي الْمَعْنى وَاحِد لِأَن الحكم فِي الْإِنْكَار فِيهِ أَن يتفرغ الْمُصَلِّي للفريضة من أَولهَا حَتَّى لَا تفوته فَضِيلَة الْإِحْرَام مَعَ الإِمَام فَهَذَا يعم الْكل فِي الْحَقِيقَة.

     وَقَالَ  بَعضهم يحْتَمل أَن تكون اللَّام فِي حَدِيث التَّرْجَمَة عهدية فيتفقان ( قلت) لَا حَاجَة إِلَى ذكر الِاحْتِمَال لِأَن الأَصْل فِي اللَّام أَن تكون للْعهد فِي الأَصْل فحين قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة " لَا نزاع أَنه كَانَ ذَلِك فِي وَقت صَلَاة من الصَّلَوَات ( ذكر رِجَاله) وهم تِسْعَة.
الأول عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى أَبُو الْقَاسِم الْقرشِي العامري الأوسي الْمدنِي.
الثَّانِي إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَبُو اسحق الزُّهْرِيّ الْمدنِي.
الثَّالِث أَبوهُ سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.
الرَّابِع حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب.
الْخَامِس عبد الله بن مَالك بن بُحَيْنَة وبحينة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح النُّون وَفِي آخِره هَاء وَهِي بنت الْحَارِث بن عبد الْمطلب بن عبد منَاف وَهُوَ اسْم أم عبد الله.

     وَقَالَ  أَبُو نعيم الْأَصْفَهَانِي بُحَيْنَة أم أَبِيه مَالك ابْن القشب بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة وَهُوَ لقب واسْمه جُنْدُب بن نَضْلَة بن عبد الله بن رَافع الْأَزْدِيّ.

     وَقَالَ  ابْن سعد بُحَيْنَة عَبدة بنت الْحَارِث لَهَا صُحْبَة.

     وَقَالَ  قدم مَالك بن القشب مَكَّة فِي الْجَاهِلِيَّة فحالف بني الْمطلب بن عبد منَاف وَتزَوج بُحَيْنَة بنت الْحَارِث بن الْمطلب وَأدْركت بُحَيْنَة الْإِسْلَام فَأسْلمت وصحبت وَأسلم ابْنهَا عبد الله قَدِيما وَحكى ابْن عبد الْبر خلافًا لبحينة هَل هِيَ أم عبد الله أَو أم مَالك وَالصَّوَاب أَنَّهَا أم عبد الله كَمَا قُلْنَا.
السَّادِس عبد الرَّحْمَن بن بشر بن الحكم بن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي مَاتَ فِي سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ.
السَّابِع بهز بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْهَاء وَفِي آخِره زَاي بن أَسد الْعمي أَبُو الْأسود الْبَصْرِيّ.
الثَّامِن شُعْبَة بن الْحجَّاج.
التَّاسِع مَالك بن بُحَيْنَة قَالَ ابْن الْأَثِير لَهُ صُحْبَة.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ فِي تَجْرِيد الصَّحَابَة مَالك بن بُحَيْنَة وَالِد عبد الله ورد عَنهُ حَدِيث وَصَوَابه لعبد الله.

     وَقَالَ  ابْن عَسَاكِر فِي تَرْجَمته مَالك بن بُحَيْنَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهَا وهم.

     وَقَالَ  ابْن معِين عبد الله هُوَ الَّذِي روى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَيْسَ يروي أَبوهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا نَقله عَنهُ الغسائي ( ذكر لطائف إِسْنَاده) هُنَا إسنادان الأول عَن عبد الْعَزِيز عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه عَن حَفْص بن عَاصِم عَن عَمْرو بن مَالك.
الْإِسْنَاد الثَّانِي عَن عبد الرَّحْمَن عَن بهز عَن شُعْبَة عَن سعد عَن حَفْص عَن مَالك بن بُحَيْنَة هَكَذَا يَقُول شُعْبَة فِي هَذَا الصَّحَابِيّ وَتَابعه على ذَلِك أَبُو عوَانَة وَحَمَّاد بن سَلمَة وَحكم الْحفاظ يحيى بن معِين وَأحمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ والإسماعيلي وَالدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو مَسْعُود وَآخَرُونَ عَلَيْهِم بالوهم فِي موضِعين أَحدهمَا أَن بُحَيْنَة وَالِدَة عبد الله لَا وَالِدَة مَالك.
والآخران الصُّحْبَة وَالرِّوَايَة لعبد الله لَا لمَالِك وجنح الدَّاودِيّ إِلَى أَن مَالِكًا لَهُ صُحْبَة حَيْثُ قَالَ وَهَذَا الِاخْتِلَاف لَا يضر فَأَي الرجلَيْن كَانَ فَهُوَ صَاحب ( فَإِن قلت) لم لم يسق البُخَارِيّ لفظ رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سعد وتحول إِلَى رِوَايَة شُعْبَة ( قلت) كَأَنَّهُ أوهم أَنَّهُمَا متوافقتان وَلَيْسَ كَذَلِك وَقد سَاق مُسلم رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سعد بالسند الْمَذْكُور وَلَفظه " مر بِرَجُل يُصَلِّي وَقد أُقِيمَت صَلَاة الصُّبْح فكلمة بِشَيْء لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَلَمَّا انصرفنا أحطنا نقُول مَاذَا قَالَ لَك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ قَالَ لي يُوشك أحدكُم أَن يُصَلِّي الصُّبْح أَرْبعا " فَفِي هَذَا السِّيَاق مُخَالفَة لسياق شُعْبَة فِي كَونه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كلم الرجل وَهُوَ يُصَلِّي وَرِوَايَة شُعْبَة تَقْتَضِي أَنه كَلمه بَعْدَمَا فرغ ( قلت) يُمكن الْجمع بَينهمَا أَنه كَلمه أَولا سرا وَلِهَذَا احتاجوا أَن يسألوه ثمَّ كَلمه ثَانِيًا جَهرا فسمعوه وَفَائِدَة التّكْرَار تَقْرِير الْإِنْكَار وَفِيه التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه السماع فِي موضِعين وَفِيه القَوْل فِي سَبْعَة مَوَاضِع وَفِيه أَن رُوَاته مَا بَين نيسابوري وبصري ومدني وواسطي وَفِيه أَن شَيْخه عبد الْعَزِيز من أَفْرَاده وَفِيه اثْنَان من الصَّحَابَة على قَول من يَقُول مَالك بن بُحَيْنَة من الصَّحَابَة وَفِيه اثْنَان من التَّابِعين أَحدهمَا سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف كَانَ من أجلة التَّابِعين وَالْآخر حَفْص بن عَاصِم ( ذكر من أخرجه غَيره) أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن القعْنبِي عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه وَعَن قُتَيْبَة عَن أبي عوَانَة عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن حَفْص بن عَاصِم عَن ابْن بُحَيْنَة بِهِ قَالَ وَقَوله عَن أَبِيه خطأ بُحَيْنَة هِيَ أم عبد الله قَالَ أَبُو مَسْعُود وَهَذَا يخطيء فِيهِ القعْنبِي بقوله عَن أَبِيه وَأسْقط مُسلم من أَوله عَن أَبِيه ثمَّ قَالَ فِي عقبه.

     وَقَالَ  القعْنبِي عَن أَبِيه وَأهل الْعرَاق مِنْهُم شُعْبَة وَحَمَّاد بن سَلمَة وَأَبُو عوَانَة يَقُولُونَ عَن سعد عَن حَفْص عَن مَالك بن بُحَيْنَة وَأهل الْحجاز قَالُوا فِي نِسْبَة عبد الله بن مَالك بن بُحَيْنَة وَهُوَ الْأَصَح وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن مَحْمُود بن غيلَان عَن وهب بن جرير عَن شُعْبَة بِإِسْنَاد نَحوه.

     وَقَالَ  هَذَا خطأ وَالصَّوَاب عبد الله بن بُحَيْنَة وَأخرجه ابْن ماجة فِيهِ عَن أبي مَرْوَان مُحَمَّد بن عُثْمَان العثماني عَن إِبْرَاهِيم بن سعد بِهِ ( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " من الأزد " بِسُكُون الزَّاي وَيُقَال لَهُ الْأسد أَيْضا وهم أَزْد شنُوءَة وبالسين رِوَايَة الْأصيلِيّ قَوْله " رأى رجلا " هُوَ عبد الله الرَّاوِي كَمَا رَوَاهُ أَحْمد من طَرِيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان عَنهُ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر بِهِ وَهُوَ يُصَلِّي " وَفِي رِوَايَة " خرج وَابْن القشب يُصَلِّي " وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَغَيرهم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ " كنت أُصَلِّي وَأخذ الْمُؤَذّن بِالْإِقَامَةِ فجذبني النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

     وَقَالَ  أَتُصَلِّي الصُّبْح أَرْبعا " ( فَإِن قلت) يحْتَمل أَن يكون الرجل هُوَ ابْن عَبَّاس ( قلت) لَا بل هما قضيتان قَوْله " وَقد أُقِيمَت " هُوَ ملتقى الإسنادين وَالْقدر الْمُشْتَرك بَين الطَّرِيقَيْنِ إِذْ تَقْدِيره مر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِرَجُل وَقد أُقِيمَت وَمَعْنَاهُ وَقد نُودي للصَّلَاة بالألفاظ الْمَخْصُوصَة قَوْله " فَلَمَّا انْصَرف " أَي من الصَّلَاة قَوْله " لاث بِهِ النَّاس " بالثاء الْمُثَلَّثَة الْخَفِيفَة أَي دَار وأحاط.

     وَقَالَ  ابْن قُتَيْبَة أصل اللوث الطي وَيُقَال لاث عمَامَته أَي أدارها وَيُقَال فلَان يلوث بِي أَي يلوذ بِي وَالْمَقْصُود أَن النَّاس أحاطوا بِهِ والتفوا حوله وَالضَّمِير فِي بِهِ يرجع إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَكِن طَرِيق إِبْرَاهِيم بن سعد الْمُتَقَدّمَة تَقْتَضِي أَنه يرجع إِلَى الرجل قَوْله " آلصبح أَرْبعا " بِهَمْزَة ممدودة فِي أَوله وَيجوز قصرهَا وَهُوَ اسْتِفْهَام للإنكار التوبيخي وَالصُّبْح مَنْصُوب بإضمار فعل مُقَدّر تَقْدِيره أَتُصَلِّي الصُّبْح.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي وَيجوز الصُّبْح بِالرَّفْع أَي الصُّبْح تصلى أَرْبعا ( قلت) يكون الصُّبْح على هَذَا التَّقْدِير مُبْتَدأ وَقَوله تصلي أَرْبعا جملَة وَقعت خَبرا وَالضَّمِير مَحْذُوف لِأَن تَقْدِيره تصليه أَرْبعا وَالضَّمِير الَّذِي يَقع مَفْعُولا حذفه شَائِع ذائع وانتصاب أَرْبعا على الْحَال قَالَه ابْن مَالك.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي على الْبَدَلِيَّة ( قلت) يكون بدل الْكل من الْكل لِأَن الصُّبْح صَار فِي معنى الْأَرْبَع وَيجوز أَن يكون بدل الْكل من الْبَعْض لِأَن الْأَرْبَع ضعف صَلَاة الصُّبْح وَيجوز أَن يكون بدل الاشتمال لِأَن الَّذِي صلاهَا الرجل أَربع رَكْعَات فِي الْمَعْنى ( ذكر مَا يستنبط مِنْهُ) وَهُوَ على وُجُوه.
الأول اخْتلف الْعلمَاء فِيمَن دخل الْمَسْجِد لصَلَاة الصُّبْح فأقيمت الصَّلَاة هَل يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر أم لَا فَكرِهت طَائِفَة أَن يرْكَع رَكْعَتي الْفجْر فِي الْمَسْجِد وَالْإِمَام فِي صَلَاة الْفجْر محتجين بِهَذَا الحَدِيث وروى ذَلِك عَن ابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة وَسَعِيد بن جُبَير وَعُرْوَة وَابْن سِيرِين وَإِبْرَاهِيم وَعَطَاء وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأبي ثَوْر.

     وَقَالَ ت طَائِفَة لَا بَأْس أَن يُصَلِّيهمَا خَارج الْمَسْجِد إِذا تَيَقّن أَنه يدْرك الرَّكْعَة الْأَخِيرَة مَعَ الإِمَام وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَالْأَوْزَاعِيّ إِلَّا أَن الْأَوْزَاعِيّ أجَاز أَن يركعهما فِي الْمَسْجِد.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ إِن خشِي فَوت رَكْعَة دخل مَعَه وَلم يصلهمَا وَإِلَّا صلاهما فِي الْمَسْجِد.

     وَقَالَ  صَاحب الْهِدَايَة وَمن انْتهى إِلَى الإِمَام فِي صَلَاة الْفجْر وَهُوَ لم يصل رَكْعَتي الْفجْر إِن خشِي أَن تفوته رَكْعَة يَعْنِي من صَلَاة الْفجْر لاشتغاله بِالسنةِ وَيدْرك الرَّكْعَة الْأُخْرَى وَهِي الثَّانِيَة يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر عِنْد بابُُ الْمَسْجِد ثمَّ يدْخل الْمَسْجِد لِأَنَّهُ أمكنه الْجمع بَين الفضيلتين يَعْنِي فَضِيلَة السّنة وفضيلة الْجَمَاعَة وَإِنَّمَا قيد بقوله عِنْد بابُُ الْمَسْجِد لِأَنَّهُ لَو صلاهما فِي الْمَسْجِد كَانَ متنفلا فِيهِ مَعَ اشْتِغَال الإِمَام بِالْفَرْضِ وَإنَّهُ مَكْرُوه لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا صَلَاة إِلَّا الْمَكْتُوبَة " وخصت سنة الْفجْر بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا تدعوهما وَإِن طردتكم الْخَيل " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة هَذَا إِذا كَانَ عِنْد بابُُ الْمَسْجِد مَوضِع لذَلِك وَإِن لم يكن يُصَلِّيهمَا فِي الْمَسْجِد خلف سَارِيَة من سواريه خلف الصُّفُوف وَذكر فَخر الْإِسْلَام وأشدها كَرَاهَة أَن يُصَلِّي مخالطا للصف مُخَالفا للْجَمَاعَة وَالَّذِي يَلِي ذَلِك خلف الصَّفّ من غير حَائِل بَينه وَبَين الصَّفّ وَفِي الذَّخِيرَة السّنة فِي سنة الْفجْر يَعْنِي رَكْعَتي الْفجْر أَن يَأْتِي بهما فِي بَيته فَإِن لم يفعل فَعِنْدَ بابُُ الْمَسْجِد إِذا كَانَ الإِمَام يُصَلِّي فِيهِ فَإِن لم يُمكنهُ فَفِي الْمَسْجِد الْخَارِج إِذا كَانَ الإِمَام فِي الْمَسْجِد الدَّاخِل وَفِي الدَّاخِل إِذا كَانَ الإِمَام فِي الْخَارِج وَفِي الْمُحِيط وَقيل يكره ذَلِك كُله لِأَن ذَلِك بِمَنْزِلَة مَسْجِد وَاحِد وَعند الظَّاهِرِيَّة أَنه يقطع الصَّلَاة إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة وَفِي الْجلاب يُصَلِّيهمَا وَإِن فَاتَتْهُ الصَّلَاة مَعَ الإِمَام إِذا كَانَ الْوَقْت وَاسِعًا وَاسْتدلَّ من كره صلاتهما بِحَدِيث الْبابُُ وَبِمَا فِي مُسلم من حَدِيث عبد الله بن سرجس " جَاءَ رجل وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي الصُّبْح فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ دخل مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة فَلَمَّا انْصَرف قَالَ لَهُ يَا فلَان أَيَّتهمَا صَلَاتك الَّتِي صليتها وَحدك أَو الَّتِي صليت مَعنا " وَبِمَا ذكره ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ " كنت أُصَلِّي " الحَدِيث وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب وَعند ابْن خُزَيْمَة عَن أنس " خرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين أُقِيمَت الصَّلَاة فَرَأى نَاسا يصلونَ رَكْعَتَيْنِ بالعجلة فَقَالَ صلاتان مَعًا فَنهى أَن تصليا فِي الْمَسْجِد إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة ( فَإِن قلت) قد روى ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي عِنْد الْإِقَامَة فِي بَيت مَيْمُونَة ( قلت) هَذَا الحَدِيث وهاه ابْن الْقطَّان وَغَيره فِي كتاب الصَّلَاة للدكيني عَن سُوَيْد بن غَفلَة كَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يضْرب على الصَّلَاة قبل الْإِقَامَة وَرَأى ابْن جُبَير رجلا يُصَلِّي حِين أُقِيمَت الصَّلَاة فَقَالَ لَيست هَذِه سَاعَة صَلَاة وَعَن صَفْوَان بن موهب أَنه سمع مُسلم بن عقيل يَقُول للنَّاس وهم يصلونَ وَقد أُقِيمَت الصَّلَاة وَيْلكُمْ إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا صَلَاة إِلَّا الْمَكْتُوبَة وَعند الْبَيْهَقِيّ رأى ابْن عمر رجلا يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ والمؤذن يُقيم فَحَصَبه.

     وَقَالَ  أَتُصَلِّي الصُّبْح أَرْبعا وَذكر أَبُو أُميَّة مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الطرسوسي فِي كِتَابه مُسْند ابْن عمر رَفعه من حَدِيث قدامَة بن مُوسَى عَن رجل من بني حَنْظَلَة عَن أبي عَلْقَمَة عَن يسَار بن نمير مولى ابْن عمر قَالَ " رَآنِي ابْن عمر وَأَنا أُصَلِّي الْفجْر فَقَالَ يَا يسَار إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج علينا وَنحن نصلي هَذِه الصَّلَاة فتغيظ علينا.

     وَقَالَ  ليبلغ شاهدكم غائبكم لَا صَلَاة بعد الْفجْر إِلَّا رَكْعَتَيْنِ " وَذكر ابْن حزم نَحوه عَن ابْن سِيرِين وَإِبْرَاهِيم وَعند أبي نعيم الْفضل عَن طَاوس " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة وَأَنت فِي الصَّلَاة فدعها " وَعند عبد الرَّزَّاق قَالَ سعيد بن جُبَير " إقطع صَلَاتك عِنْد الْإِقَامَة " وَعند ابْن أبي شيبَة قَالَ سُفْيَان كَانَ قيس بن أبي حَازِم يأمنا فَأَقَامَ الْمُؤَذّن الصَّلَاة وَقد صلى رَكْعَة فَتَركهَا ثمَّ تقدم فصلى بِنَا وَكَذَا قَالَه الشّعبِيّ وَاسْتدلَّ من أجَاز ذَلِك بقوله تَعَالَى { وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} وَبِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق حجاج بن نصير عَن عباد بن كثير عَن لَيْث عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا صَلَاة إِلَّا الْمَكْتُوبَة إِلَّا رَكْعَتي الْفجْر " قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذِه الزِّيَادَة لَا أصل لَهَا وحجاج وَعباد ضعيفان ( قلت) قَالَ يَعْقُوب بن شيبَة سَأَلت ابْن معِين عَن حجاج بن نصير الفساطيطي الْبَصْرِيّ فَقَالَ صَدُوق وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَعباد بن كثير كَانَ من الصَّالِحين وَعَن ابْن مَسْعُود أَنه دخل الْمَسْجِد وَقد أُقِيمَت صَلَاة الصُّبْح فَرَكَعَ رَكْعَتي الْفجْر إِلَى أسطوانة بِمحضر حُذَيْفَة وَأبي مُوسَى قَالَ ابْن بطال وروى مثله عَن عمر بن الْخطاب وَأبي الدَّرْدَاء وَابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَعَن ابْن عمر أَنه أَتَى الْمَسْجِد لصَلَاة الصُّبْح فَوجدَ الإِمَام يُصَلِّي فَدخل بَيت حَفْصَة فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ دخل فِي صَلَاة الإِمَام وَعند ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم كَانَ يَقُول إِن بَقِي من صَلَاتك شَيْء فأتممه وَعنهُ إِذا افتتحت الصَّلَاة تَطَوّعا وأقيمت الصَّلَاة فَأَتمَّ الثَّانِي من الْوُجُوه فِي حِكْمَة إِنْكَار النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّلَاة عِنْد إِقَامَة الْفَرْض فَقَالَ عِيَاض لِئَلَّا يَتَطَاوَل الزَّمَان فيظن وُجُوبهَا وَيُؤَيِّدهُ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن سعد " يُوشك أحدكُم أَن يُصَلِّي الصُّبْح أَرْبعا " وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب وعَلى هَذَا إِذا حصل الْأَمْن لَا يكره ذَلِك.

     وَقَالَ  بَعضهم وَهُوَ متعقب بِعُمُوم حَدِيث التَّرْجَمَة ( قلت) قَوْله تَعَالَى { وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} يخص هَذَا الْعَام مَعَ مَا روى عَن هَؤُلَاءِ الصَّحَابَة الْمَذْكُورين آنِفا.

     وَقَالَ  هَذَا الْقَائِل أَيْضا وَقيل لِئَلَّا تَلْتَبِس صَلَاة الْفَرْض بالنفل وَإِلَى هَذَا جنح الطَّحَاوِيّ وَاحْتج لَهُ وَمُقْتَضَاهُ أَنه لَو كَانَ خَارج الْمَسْجِد أَو فِي زَاوِيَة مِنْهُ لم يكره وَهُوَ متعقب أَيْضا بِمَا ذكر انْتهى ( قلت) دَعْوَاهُ التعقب متعقبة لِأَن الأَصْل فِي النُّصُوص التَّعْلِيل وَهُوَ وَجه الْحِكْمَة فالعلة فِي حَدِيث التَّرْجَمَة هِيَ كَونه جَامعا بَين الْفَرْض وَالنَّفْل فِي مَكَان وَاحِد فَإِذا صلى خَارج الْمَسْجِد أَو فِي زَاوِيَة مِنْهُ لَا يلْزم ذَلِك وَهُوَ كنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من صلى الْجُمُعَة أَن يُصَلِّي بعْدهَا تَطَوّعا فِي مَكَان وَاحِد كَمَا نهى من صلى الْجُمُعَة أَن يتَكَلَّم أَو يتَقَدَّم.

     وَقَالَ  هَذَا الْقَائِل هَذَا أَيْضا وَذهب بَعضهم إِلَى أَن سَبَب الْإِنْكَار عدم الْفَصْل بَين الْفَرْض وَالنَّفْل لِئَلَّا يلتبسا وَإِلَى هَذَا جنح الطَّحَاوِيّ وَاحْتج لَهُ بالأحاديث الْوَارِدَة بِالْأَمر بذلك وَمُقْتَضَاهُ أَنه لَو كَانَ فِي زَاوِيَة من الْمَسْجِد لم يكره وَهُوَ متعقب بِمَا ذكره.
إِذْ لَو كَانَ المُرَاد مُجَرّد الْفَصْل بَين الْفَرْض وَالنَّفْل لم يحصل إِنْكَار أصلا لِأَن ابْن بُحَيْنَة سلم من صلَاته قطعا ثمَّ دخل فِي الْفَرْض انْتهى ( قلت) ذكر شَيْئا لَا يجدي لرده مَا قَالَه الطَّحَاوِيّ فَلَو نقل مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ أَيْضا لَكَانَ علم أَن رده لَيْسَ بِشَيْء وَهُوَ أَنه روى بِسَنَدِهِ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر بِابْن بُحَيْنَة وَهُوَ يُصَلِّي بَين يَدي نِدَاء الصُّبْح فَقَالَ لَا تجْعَلُوا هَذِه الصَّلَاة كَصَلَاة الظّهْر وَاجْعَلُوا بَينهمَا فصلا " فَبَان بِهَذَا أَن الَّذِي كرهه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِابْنِ بُحَيْنَة وَصله إِيَّاهَا بالفريضة فِي مَكَان وَاحِد دون أَن يفصل بَينهمَا بِشَيْء يسير ( قلت) فَعلم بذلك أَنه مَا اعْتبر الْفَصْل الْيَسِير وَالسَّلَام مِنْهُ وَكَانَ سَبَب الْكَرَاهَة الْوَصْل بَين الْفَرْض وَالنَّفْل فِي مَكَان وَاحِد وَلَا اعْتِبَار بِالْفَصْلِ بِالسَّلَامِ فَمُقْتَضى ذَلِك أَن لَا يكره خَارج الْمَسْجِد وَلَا فِي زَاوِيَة مِنْهُ وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيق فِي استنباط الْأَحْكَام من النُّصُوص وَلَيْسَ ذَلِك بالتحسيس من الْخَارِج.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ الْحِكْمَة فِي الْإِنْكَار الْمَذْكُور أَن يتفرغ للفضيلة من أَولهَا فيشرع فِيهَا عقيب شُرُوع الإِمَام والمحافظة على مكملات الْفَرِيضَة أولى من التشاغل بالنافلة ( قلت) الِاشْتِغَال بِسنة الْفجْر الَّذِي ورد فِيهِ التَّأْكِيد بالمحافظة عَلَيْهَا مَعَ الْعلم بإدراكه الْفَرِيضَة أولى ( فَإِن قلت) فِي حَدِيث التَّرْجَمَة منع عَن التَّنَفُّل بعد الشُّرُوع فِي إِقَامَة الصَّلَاة سَوَاء كَانَ من الرَّوَاتِب أَو لَا لما روى مُسلم بن خَالِد عَن عَمْرو بن دِينَار فِي هَذَا الحَدِيث " قيل يَا رَسُول الله وَلَا رَكْعَتي الْفجْر قَالَ وَلَا رَكْعَتي الْفجْر " أخرجه ابْن عدي فِي تَرْجَمَة يحيى بن نصر ابْن حَاجِب ( قلت) روى البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يكن على شَيْء من النَّوَافِل أَشد تعاهدا مِنْهُ على رَكْعَتَيْنِ قبل الصُّبْح " وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا تدعوهما وَإِن طردتكم الْخَيل " أَي لَا تتركوهما وَإِن طردتكم الفرسان فَهَذَا كِنَايَة عَن الْمُبَالغَة وحث عَظِيم على مواظبتهما وَعَن هَذَا أَصْحَابنَا ذَهَبُوا فِيهِ إِلَى مَا ذكرنَا عَنْهُم على أَن فِيهِ الْجمع بَين الْأَمريْنِ فَافْهَم.
الْوَجْه الثَّالِث أَن قَوْله فِي التَّرْجَمَة إِلَّا الْمَكْتُوبَة أَي الْمَفْرُوضَة يَشْمَل الْحَاضِرَة والفائتة وَلَكِن المُرَاد الْحَاضِرَة وَصرح بذلك أَحْمد والطَّحَاوِي من طَرِيق أُخْرَى عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا صَلَاة إِلَّا الَّتِي أُقِيمَت " وَقد مر وَجه الْإِنْكَار فِيهِ مستقصى
( تَابعه غنْدر ومعاذ عَن شُعْبَة عَن مَالك) أَي تَابع بِهَذَا غنْدر وَهُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر أَبُو عبد الله بن امْرَأَة شُعْبَة وغندر بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وَقد تقدم غير مرّة وَقد وصل أَحْمد طَرِيق غنْدر عَنهُ كَذَلِك قَوْله " ومعاذ " أَي وَتَابعه معَاذ أَيْضا وَهُوَ معَاذ ابْن معَاذ أَبُو الْمثنى الْبَصْرِيّ قاضيها وَوصل طَرِيقه الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة عبيد الله بن معَاذ عَن أَبِيه قَوْله " فِي مَالك " أَي فِي الرِّوَايَة عَن مَالك بن بُحَيْنَة.
ويروى عَن مَالك وَهِي أوضح وَفِي رِوَايَة الْكشميهني
(.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق عَن سعد عَن حَفْص عَن عبد الله بن بُحَيْنَة)
ابْن إِسْحَاق هُوَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق صَاحب الْمَغَازِي عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن حَفْص بن عَاصِم وَهَذِه الرِّوَايَة مُوَافقَة لرِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه وَهِي الراجحة.

     وَقَالَ  أَبُو مَسْعُود أهل الْمَدِينَة يَقُولُونَ عبد الله بن بُحَيْنَة وَأهل الْعرَاق يَقُولُونَ مَالك بن بُحَيْنَة وَالْأول هُوَ الصَّوَاب وَرَوَاهُ القعْنبِي عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن عبد الله بن مَالك بن بُحَيْنَة عَن أَبِيه قَالَ مُسلم فِي صَحِيحه قَوْله عَن أَبِيه خطأ وَأسْقط مُسلم فِي كِتَابه من هَذَا الْإِسْنَاد قَوْله عَن أَبِيه من رِوَايَة القعْنبِي وَلم يذكرهُ لكنه نبه عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  يحيى بن معِين ذكر أَبِيه خطأ لَيْسَ يروي أَبوهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا
(.

     وَقَالَ  حَمَّاد أخبرنَا سعد عَن حَفْص عَن مَالك)
حَمَّاد هُوَ ابْن سَلمَة جزم بِهِ الْمزي وَجَمَاعَة آخَرُونَ وَكَذَا أخرجه الطَّحَاوِيّ وَابْن مندة مَوْصُولا من طَرِيقه..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي حَمَّاد أَي ابْن زيد وَهُوَ وهم مِنْهُ وَالْمرَاد أَن حَمَّاد بن سَلمَة وَافق شُعْبَة فِي قَوْله عَن مَالك بن بُحَيْنَة فَافْهَم -