هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
714 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ ، رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا ، وَقَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ ، وَكَانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
714 حدثنا عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة ، وإذا كبر للركوع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، رفعهما كذلك أيضا ، وقال : سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد ، وكان لا يفعل ذلك في السجود
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عبد الله بن عمر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ ، رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا ، وَقَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ ، وَكَانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ .

Narrated Salim bin `Abdullah:

My father said, Allah's Messenger (ﷺ) used to raise both his hands up to the level of his shoulders when opening the prayer; and on saying the Takbir for bowing. And on raising his head from bowing he used to do the same and then say Sami`a l-lahu liman hamidah, Rabbana wa laka l-hamd. And he did not do that (i.e. raising his hands) in prostrations.

":"ہم سے عبداللہ بن مسلمہ قعنبی نے بیان کیا ، انہوں نے امام مالک سے ، انہوں نے ابن شہاب زہری سے ، انہوں نے سالم بن عبداللہ سے ، انہوں نے اپنے باپ ( عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما ) سے کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نماز شروع کرتے وقت اپنے دونوں ہاتھوں کو کندھوں تک اٹھاتے ، اسی طرح جب رکوع کے لیے «الله اكبر» کہتے اور جب اپنا سر رکوع سے اٹھاتے تو دونوں ہاتھ بھی اٹھاتے ( رفع یدین کرتے ) اور رکوع سے سرمبارک اٹھاتے ہوئے «سمع الله لمن حمده ،‏‏‏‏ ‏‏‏‏ ربنا ولك الحمد» کہتے تھے ۔ سجدہ میں جاتے وقت رفع یدین نہیں کرتے تھے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [735] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ هُوَ الْقَعْنَبِيُّ وَفِي رِوَايَتِهِ هَذِهِ عَنْ مَالِكٍ خِلَافُ مَا فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَتِهِ بِلَفْظِ الْمُوَطَّأِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْقَعْنَبِيُّ وَسَرَدَ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ الرَّفْعَ عِنْدَ الرُّكُوعِ قَالَ وَحَدَّثَ بِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأ بن الْمُبَارك وبن مهْدي وَالْقطَّان وَغَيرهم بإثباته.

     وَقَالَ  بن عبد الْبر كل من رَوَاهُ عَن بن شِهَابٍ أَثْبَتَهُ غَيْرُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ خَاصَّةً قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ على اسْتِحْبَابرَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنَ الرَّفْعِ إِلَّا أَنَّهُ حُكِيَ وُجُوبُهُ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَنْ دَاوُدَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ مِنْ أَصْحَابِنَا اه وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ تَنَاقُضٌ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ الْمُعْتَرِضُ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ إِجْمَاعَ مَنْ قَبْلَ الْمَذْكُورِينَ أَوْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ عَنْهُمَا أَوْ لِأَنَّ الِاسْتِحْبَابَ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ وَبِالِاعْتِذَارِ الْأَوَّلِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ مَنْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ إِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ نَقَلَهُ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ مِنْهُمْ وَحَكَاهُ الْبَاجِيُّ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ متقدميهم وَأسلم الْعبارَات قَول بن الْمُنْذِرِ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتتح الصَّلَاة وَقَول بن عَبْدِ الْبَرِّ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَمِمَّنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ أَيْضا الْأَوْزَاعِيّ والْحميدِي شيخ البُخَارِيّ وبن خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْحَاكِمُ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيِّ وَحَكَاهُ الْقَاضِي حسن عَن الإِمَام أَحْمد.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ كُلُّ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ الْإِيجَابُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ بِتَرْكِهِ إِلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحُمَيْدِيِّ.

.

قُلْتُ وَنَقَلَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَأْثَمُ تَارِكُهُ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَجْمَعُوا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَنَقله بن الْمُنْذِرِ وَنَقَلَ الْعَبْدَرِيُّ عَنِ الزَّيْدِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ وَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِمْ وَنَقَلَ الْقَفَّالُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَيَّارٍ أَنَّهُ أَوْجَبَهُ وَإِذَا لَمْ يَرْفَعْ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ وَفِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ نَظَرٌ فَقَدْ نُقِلَ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ عَنْ بَعْضِ مَنْ تَقَدَّمَهُ وَنَقَلَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ أَحْمَدِ بْنِ سَيَّارٍ الَّذِي مَضَى وَنَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي أَوَائِلِ تَفْسِيرِهِ عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ بن خُزَيْمَة إِنَّه ركن وَاحْتج بن حَزْمٍ بِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَسَيَأْتِي مَا يَرُدُّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى نِهَايَة الرّفْع بعد بِبَاب ( قَولُهُ بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِذَا كَبَّرَ وَإِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ) قَدْ صَنَّفَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جُزْءًا مُنْفَرِدًا وَحَكَى فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ وَحُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْحَسَنُ أحدا.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ كُلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ تَرْكُ الرَّفْعِ فِي الرُّكُوعِ وَالرَّفْعُ مِنْهُ رُوِيَ عَنْهُ فعله إِلَّا بن مَسْعُودٍ.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ إِلَّا أهل الْكُوفَة.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ عَنْ مَالِكٍ ترك الرّفْع فيهمَا إِلَّا بن الْقَاسِمِ وَالَّذِي نَأْخُذُ بِهِ الرَّفْعَ عَلَى حَدِيثِ بن عمر وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ بن وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يَحْكِ التِّرْمِذِيُّ عَنْ مَالِكٍ غَيْرَهُ وَنَقَلَ الْخَطَّابِيُّ وَتَبِعَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ أَنَّهُ آخِرُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَأَصَحُّهُمَا وَلَمْ أَرَ لِلْمَالِكِيَّةِ دَلِيلًا عَلَى تَرْكِهِ وَلَا متمسكا إِلَّا بقول بن الْقَاسِمِ.

.
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَعَوَّلُوا عَلَى رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ أَنه صلى خلف بن عُمَرَ فَلَمْ يَرَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَأُجِيبُوا بِالطَّعْنِ فِي إِسْنَادِهِ لِأَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ رَاوِيَهُ سَاءَ حِفْظُهُ بِآخِرِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَقَدْ أَثْبَتَ ذَلِكَ سَالِمٌ وَنَافِعٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْهُ وَسَتَأْتِي رِوَايَةُ نَافِعٍ بَعْدَ بَابَيْنِ وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ أولى من وَاحِد لَا سِيمَا وَهْمْ مُثْبِتُونَ وَهُوَ نَافٍ مَعَ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ مُمْكِنٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَاهُ وَاجِبًا فَفَعَلَهُ تَارَةً وَتَرَكَهُ أُخْرَى وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْء رفع الْيَدَيْنِ عَن مَالك أَن بن عُمَرَ كَانَ إِذَا رَأَى رَجُلًا لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذا ركع وَإِذا رفع رَمَاه بالحصا وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِحَدِيث بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ لَا يَعُودُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَرَدَّهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ قَالَ وَلَوْ ثَبَتَ لَكَانَ الْمُثْبِتُ مُقَدَّمًا عَلَى النَّافِي وَقَدْ صَحَّحَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ لَكِنَّهُ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ والطَّحَاوِيُّ إِنَّمَا نَصَبَ الْخِلَافَ مَعَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ كَالْأَوْزَاعِيِّ وَبَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَنَقَلَ الْبُخَارِيُّ عقب حَدِيث بن عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرْفَعُوا أَيْدِيَهُمْ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ لِحَدِيثِ بن عمر هَذَا وَهَذَا فِي رِوَايَة بن عَسَاكِرَ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ وَزَادَ وَكَانَ عَلِيٌّ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَمُقَابِلُ هَذَا قَوْلُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَنَسَبَ بَعْضُ مُتَأَخَّرِي الْمَغَارِبَةِ فَاعِلَهُ إِلَى الْبِدْعَةِ وَلِهَذَا مَالَ بَعْضُ مُحَقِّقِيهِمْ كَمَا حَكَاهُ بن دَقِيقِ الْعِيدِ إِلَى تَرْكِهِ دَرْءًا لِهَذِهِ الْمَفْسَدَةِ وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ فَقَدْ طَعَنَ فِي الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ تَرْكُهُ قَالَ وَلَا أَسَانِيدَ أَصَحُّ مِنْ أَسَانِيدِ الرَّفْعِ انْتَهَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا أَنَّهُ رَوَاهُ سَبْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ وَأَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَنْدَهْ مِمَّنْ رَوَاهُ الْعَشَرَةُ الْمُبَشَّرَةُ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو الْفَضْلِ الْحَافِظُ أَنَّهُ تَتَبَّعَ مَنْ رَوَاهُ مِنَ الصَّحَابَةِ فَبَلَغُوا خَمْسِينَ رَجُلًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى مَعَ الِافْتِتَاحِ)
سَوَاءٌ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ الْآتِيَةِ بَعْدَ بَابِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ فَهَذَا دَلِيلُ الْمُقَارَنَةِ وَقَدْ وَرَدَ تَقْدِيمُ الرَّفْعِ عَلَى التَّكْبِيرِ وَعَكْسُهُ أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ فَفِي حَدِيثِ الْبَابِ عِنْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ بن جريج وَغَيره عَن بن شِهَابٍ بِلَفْظِ رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ كَبَّرَ وَفِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ عِنْدَهُ كَبَّرَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَفِي الْمُقَارَنَةِ وَتَقْدِيمِ الرَّفْعِ عَلَى التَّكْبِيرِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الْمُقَارَنَةُ وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِتَقْدِيمِ التَّكْبِيرِ عَلَى الرَّفْعِ وَيُرَجِّحُ الْأَوَّلَ حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ رَفَعَ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرِ وَقَضِيَّةُ الْمَعِيَّةِ أَنَّهُ يَنْتَهِي بِانْتِهَائِهِ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَنَقَلَهَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَصُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِأَصْلِهَا أَنَّهُ لَا حَدَّ لِانْتِهَائِهِ.

     وَقَالَ  صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ الْأَصَحُّ يَرْفَعُ ثُمَّ يُكَبِّرُ لِأَنَّ الرَّفْعَ نَفْيُ صِفَةِ الْكِبْرِيَاءِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ وَالتَّكْبِيرُ إِثْبَاتُ ذَلِكَ لَهُ وَالنَّفْيُ سَابِقٌ عَلَى الْإِثْبَاتِ كَمَا فِي كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي الرَّفْعِ مَا ذَكَرَ وَقَدْ قَالَ فَرِيقٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحِكْمَةُ فِي اقْتِرَانِهِمَا أَنْ يَرَاهُ الْأَصَمُّ وَيَسْمَعَهُ الْأَعْمَى وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي ذَلِكَ مُنَاسَبَاتٌ أُخَرُ فَقِيلَ مَعْنَاهُ الْإِشَارَةُ إِلَى طَرْحِ الدُّنْيَا وَالْإِقْبَالِ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَقِيلَ إِلَى الِاسْتِسْلَامِ وَالِانْقِيَادِ لِيُنَاسِبَ فِعْلُهُ قَوْلَهُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَقِيلَ إِلَى اسْتِعْظَامِ مَا دَخَلَ فِيهِ وَقِيلَ إِشَارَةٌ إِلَى تَمَامِ الْقِيَامِ وَقِيلَ إِلَى رَفْعِ الْحِجَابِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَعْبُودِ وَقِيلَ لِيَسْتَقْبِلَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا أَنْسَبُهَا وَتُعُقِّبَ.

     وَقَالَ  الرَّبِيعُ.

.

قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ مَا مَعْنَى رَفْعِ الْيَدَيْنِ قَالَ تَعْظِيمُ اللَّهِ وَاتِّبَاعُ سُنَّةِ نبيه وَنقل بن عبد الْبر عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ مِنْ زِينَةِ الصَّلَاةِ وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ بِكُلِّ رَفْعٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ بِكُلِّ إِصْبَعٍ حَسَنَةٌ

[ قــ :714 ... غــ :735] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ هُوَ الْقَعْنَبِيُّ وَفِي رِوَايَتِهِ هَذِهِ عَنْ مَالِكٍ خِلَافُ مَا فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَتِهِ بِلَفْظِ الْمُوَطَّأِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْقَعْنَبِيُّ وَسَرَدَ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ الرَّفْعَ عِنْدَ الرُّكُوعِ قَالَ وَحَدَّثَ بِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأ بن الْمُبَارك وبن مهْدي وَالْقطَّان وَغَيرهم بإثباته.

     وَقَالَ  بن عبد الْبر كل من رَوَاهُ عَن بن شِهَابٍ أَثْبَتَهُ غَيْرُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ خَاصَّةً قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ على اسْتِحْبَاب رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنَ الرَّفْعِ إِلَّا أَنَّهُ حُكِيَ وُجُوبُهُ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَنْ دَاوُدَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ مِنْ أَصْحَابِنَا اه وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ تَنَاقُضٌ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ الْمُعْتَرِضُ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ إِجْمَاعَ مَنْ قَبْلَ الْمَذْكُورِينَ أَوْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ عَنْهُمَا أَوْ لِأَنَّ الِاسْتِحْبَابَ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ وَبِالِاعْتِذَارِ الْأَوَّلِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ مَنْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ إِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ نَقَلَهُ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ مِنْهُمْ وَحَكَاهُ الْبَاجِيُّ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ متقدميهم وَأسلم الْعبارَات قَول بن الْمُنْذِرِ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتتح الصَّلَاة وَقَول بن عَبْدِ الْبَرِّ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَمِمَّنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ أَيْضا الْأَوْزَاعِيّ والْحميدِي شيخ البُخَارِيّ وبن خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْحَاكِمُ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيِّ وَحَكَاهُ الْقَاضِي حسن عَن الإِمَام أَحْمد.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ كُلُّ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ الْإِيجَابُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ بِتَرْكِهِ إِلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحُمَيْدِيِّ.

.

قُلْتُ وَنَقَلَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَأْثَمُ تَارِكُهُ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَجْمَعُوا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَنَقله بن الْمُنْذِرِ وَنَقَلَ الْعَبْدَرِيُّ عَنِ الزَّيْدِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ وَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِمْ وَنَقَلَ الْقَفَّالُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَيَّارٍ أَنَّهُ أَوْجَبَهُ وَإِذَا لَمْ يَرْفَعْ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ وَفِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ نَظَرٌ فَقَدْ نُقِلَ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ عَنْ بَعْضِ مَنْ تَقَدَّمَهُ وَنَقَلَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ أَحْمَدِ بْنِ سَيَّارٍ الَّذِي مَضَى وَنَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي أَوَائِلِ تَفْسِيرِهِ عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ بن خُزَيْمَة إِنَّه ركن وَاحْتج بن حَزْمٍ بِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَسَيَأْتِي مَا يَرُدُّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى نِهَايَة الرّفْع بعد بِبَاب

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
رَفعِ اليدَينِ في التَّكبيرَةِ الأُولَى معَ الاِفْتِتَاحِ سَواءً
[ قــ :714 ... غــ :735 ]
- حدثنا عبد الله بنِ مسلمة، عَن مالك، عَن ابن شهاب، عَن سالم بنِ
عبد الله، عَن أبيه، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يرفع حَذو منكبيه إذا افتتحَ الصلاة وإذا كبر للركوع، واذا رفعَ رأسه مِن الركوع رفعهما كذلك أيضاً، وقالَ: ( ( سمع الله لمن حمدهُ، ربنا ولك الحمد) ) ، وكان لا يفعل ذَلِكَ في السجود.

مقصود بهذا الحديث في هَذا الباب مسألتان
إحداهما:
أن رفع اليدين عند افتتاح الصلاة مشروع، وهذا كالمجمع عليهِ.

قالَ ابن المنذر: لَم يختلف أهلُ العلم أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يرفع يديه إذا افتتح الصلاة.

وحكى بعضهم رواية عَن مالك، أنه لا يرفع يديه في الصلاة بحالٍ -: ذكره ابن عبد البر وغيره.

ولعل ذَلِكَ لا يصح عَن مالك، وحديثه هَذا مجمع على صحته لا مطعن لأحد فيهِ.

والرفع في افتتاح الصلاة سنةٌ مسنونة، وليس بركنٍ ولا فرض عند جمهور العلماء، ولا تبطل الصلاة بتركهِ عند أحد مِنهُم.

وحكي عَن الحميدي وداود وأحمد بنِ يسار مِن الشافعية: أنه تبطل الصلاة بتركه.

وروي عن علي بنِ المديني ما يشبهه، وأن الرفع واجب، لا يحل تركه.

ونقل حرب، عَن إسحاق ما يدل على بطلان الصلاة بترك الرفع عند تكبيرة الإحرام، وأنه واجب.

وَهوَ قول أبي بكر بنِ أبي شيبة والجوزجاني.

وقال ابن خزيمة: هوَ ركن مِن أركان الصلاة، حكاه الحاكم في ( ( تاريخ
نيسابور)
)
عَن خاله أبي علي المؤذن - وأثنى عليهِ -، أنَّهُ سمع ابن خزيمة يقوله.

وحكاه ابن بد البر روايةً عَن الأوزاعي؛ لقوله فيمن ترك الرفع: نقصت صلاته.

وهذا لا يدل؛ فإن مراده: لَم يتم سننها، كَما قالَ ابن سيرين: الرفع مِن تمام الصلاة.

ونص أحمد على أن مِن ترك الرفع نقصت صلاته.

وفي تسميته: ( ( مِن تمام الصلاة) ) ، عَنهُ روايتان.

ولا خلاف أنَّهُ لا يبطل تركه عمداً ولا سهواً.

وتوقف إسحاق بنِ راهوية في تسميته: ( ( ناقص الصلاة) ) ، وقال: لا أقول سفيان الثوري ناقص الصلاة.

واستدل الأكثرون على أنَّهُ غير واجب، بأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَم يعلمه المسيء في صلاته، كَما علمه التكبير لافتتاح الصلاة، ولو كانَ حكم الرفع حكم التكبير لعلمه إياه معه.

وقد روى الوليد بنِ مسلم، عَن الأوزاعي: حدثني إسحاق بنِ عبد الله بنِ أبي طلحة، قالَ: بصر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - برجلٍ يسيء في صلاته، فقالَ لَهُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
( ( أحسن صلاتك) ) ، وأمره برفع يديه عند تكبيرة الاستفتاح للصلاة، وبالقراءة، وبرفع يديه إذا كبر للركوع، وبرفع يديه عند تكبيرة السجدة التي بعد الركوع.

خرجه ابن جوصا في ( ( مسند الأوزاعي) ) .

وَهوَ مرسل.

ورواه جماعةٌ عَن الوليد، عَن الأوزاعي، عَن إسحاق، عَن أنس، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يفعل ذلك في صلاته.

وَهوَ أصح.

وفي رواية: أن الوليد لَم يسمعه مِن الأوزاعي.

والوليد مدلس عَن غير الثقات، وقد استنكر الإمام أحمد حديثه هَذا.

المسألة الثانية:
أن الرفع يكون معَ التكبير سواءً؛ ولهذا بوبَ عليهِ: ( ( رفع اليدين في التكبيرة الأولى معَ الافتتاح سواءً) ) .

ومراده بالافتتاح: التكبيرة نفسها؛ فإن هَذهِ التكبيرة هي افتتاح الصلاة، كَما في حديث عائشة: كانَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفتتح الصلاة بالتكبير.
فالصلاة لها مفتاح، وَهوَ الطهور، كَما في حديث علي وأبي سعيد مرفوعاً:
( ( مفتاح الصلاة الطهور) ) .
ولها افتتاح، وَهوَ التكبير , ولها استفتاح، وَهوَ ما يقوله بين التكبير والقراءة مِن الذكر والدعاء.

وممن ذهب إلى أن رفع اليدين معَ تكبيرة الإحرام سواء، فيبدأُ بهِ معَ ابتدائها، وينتهي معَ انتهائها: الإمام أحمد وعلي بنِ المديني، ونص عليهِ الشَافِعي في ( ( الأم) ) ، قالَ: يرفع يديه معَ افتتاح التكبيرة، ويرد يديه عَن الرفع معَ انقضائه، ويثبت يديه

مرفوعتين حتى يفرغ مِن التكبير كله.
وقال: إن أثبت يديه بعد انقضاء التكبير قليلاً لَم يضره، ولا آمره بهِ.

ومن أصحابه مِن قالَ: يرفع يديه ابتداء التكبير، ولا استحباب في انتهائه.

ومنهم مِن قالَ: يرفعهما قبل التكبير، ثُمَّ يرسلهما بعد فراغه مِن التكبير.

وقال إسحاق: إن رفع يديه معَ التكبير أجزأهُ، وأحب إلينا أن يرفع يديه، ثُمَّ يكبر.

وحكاه بعض أصحابنا روايةً عَن أحمد.

ومن أصحابنا مِن قالَ: يخير بين الرفع معَ التكبير وقبله، وهما سواء في الفضيلة وقد استدل البخاري لقوله بحديث ابن عمر، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يرفع يديه إذا افتتح الصلاة.

يعني: إذا كبر للافتتاح.

وقد خرجه فيما بعد، ولفظهُ: رأيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - افتتح التكبير في الصلاة، فرفع يديه حين يكبر - وذكر الحديث.

وفي رواية لمسلم مِن طريق ابن جريج ويونس وعقيل، كلهم عَن الزهري بهذا الإسناد، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ إذا قام للصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه، ثُمَّ كبر.

وروى الإمام أحمد، عن سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قالَ: رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرفع يديه مع التكبير معا.

قالَ الدارقطني في ( ( العلل) ) : رواه يونس وعقيل وابن أخي الزهري والنعمان ابن راشد والزبيدي، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يرفع يديه، ثم يكبر.

رواه شعيب بن أبي حمزة وإبراهيم ابن أبي عبلة وابن جريج وفليح وهشيم وإسماعيل بن علية وابن عيينة، عن الزهري، وقالوا: يرفع يديه حين يكبر.

وخرج أبو داود من حديث وائل بن حجر، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه رفع يديه ثم كبر.

وخرج - أيضا - من حديث وائل بن حجر، أنه رأى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرفع يديه مع التكبيرة.

وروى حرب الكرماني: ثنا محمد بن الوزير: ثنا الوليد بن مسلم، قالَ: قالَ أبو عمرو: أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرفعهما مع التكبير.

وقد تقدم ذكر علة هذا الحديث، وأنه روي مر سلا، وأن الوليد لم يسمعه من الأوزاعي، بل دلسه عنه.

وروى - أيضا - من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة، قالَ: ما رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قام إلى الصلاة قط إلا شهر بيديه إلى السماء قبل أن يكبر، ثم يكبر.

وقد حمل بعضهم هذا على أن هذا الرفع كانَ للدعاء قبل الصلاة.

وخرجه البيهقي، ولفظه: ما رأيت رسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قام في صلاة فريضة ولا تطوع إلا شهر يديه إلى السماء يدعوا، ثم يكبر.

وقد روي عن ابن عمر وغيره استحباب رفع رأسه ووجهه إلى السماء _ أيضا _ مع التكبير.

خرجه حرب بإسناده صحيح، عن ابن جريج، قالَ: سألت نافعا، فقلت: أكان ابن عمر إذا كبر بالصلاة يرفع رأسه ووجهه إلى السماء؟ فقالَ: نعم قليلا.

ومن طريق ابن جريج - أيضا -، قالَ: أخبرني ابن سابط، أن وجه التكبير: أن يكبر الرجل بيديه ووجهه وفيه، ويرفع رأسه وفاه شيئا حين يبدىء وحين يرفع رأسه.
وأعلم؛ أن حديث مالك الذي خرجه البخاري في هذا الباب، عن القعنبي، عنه ليس فيهِ ذكر الرفع إذا ركع، إنما فيهِ الرفع افتتح الصلاة، وإذا رفع رأسه من الركوع، وكذا هوَ في ( ( موطأ القعنبي) ) عن مالك، وكذا رواه عامة رواة ( ( الموطأ) ) عن مالك.

ورواه جماعة عن مالك، فذكروا فيهِ الرفع إذا كبر للركوع - أيضاً - منهم: الشافعي وابن وهب ويحيى القطان وابن مهدي وجويرية بن أسماء وإبراهيم بن طهمان ومعن وخالد بن مخلد وبشر بن عمر وغيرهم.

وكذلك رواه عامة أصحاب الزهري، عنه، منهم: يونس وشعيب وعقيل وابن جريج وغيرهم.

وكذلك رواه سليمان الشيباني والعلاء بن عبد الرحمن وغيرهما، عن سالم ابن عبد الله.

ذكر البيهقي وغيره.

وممن رواه عن مالك بذكر الرفع عندَ الركوع: عبد الله بن يوسف التنيسي وابن المبارك وعبد الرحمن بن القاسم وعبد الله بن نافع وإسماعيل بن أبي أويس ويحيى بن يحيى النيسابوري.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأُولَى مَعَ الاِفْتِتَاحِ سَوَاءً
( باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح) بالتكبير أو بالصلاة، وهما متلازمان حال كون رفع اليدين مع الافتتاح ( سواء) .


[ قــ :714 ... غــ : 735 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا.

     وَقَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَكَانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ".
[الحديث 735 - أطرافه في: 736، 738، 739] .

وبالسند قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي ( عن مالك) إمام دار الهجرة ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن سالم بن عبد الله عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يرفع يديه) استحبابًا ( حذو منكبيه) بالحاء المهملة والذال المعجمة، أي إزاءهما ندبًا لا فرضًا، خلافًا لأحمد بن سيار المروزي فيما نقله القفال في فتاويه، وممن قال بالوجوب أيضًا الأوزاعي والحميدي شيخ المؤلّف، وابن خزيمة من أصحابنا، والمراد بحذو منكبيه، كما قاله النووي في شرح مسلم وغيره؛ أن تحاذي أطراف أصابعه أعلى أُذنيه، وإبهاماه شحمتى أُذنيه، وراحتاه منكبيه ( إذا افتتح الصلاة) أي: يرفعهما مع ابتداء التكبير، ويكون انتهاؤه مع انتهائه كما هو الأصح عند الشافعية، ورجحه المالكية، وقيل: يرفع بلا تكبير، ثم يبتدئ التكبير مع إرسال اليدين وقبل أن يركع.

وقال صاحب الهداية من الحنفية: الأصح يرفع ثم يكبر، لأن الرفع صفة نفي الكبرياء عن غير الله، والتكبير إثبات ذلك له، والنفي سابق على الإثبات كما في كلمة الشهادة.


( وإذا كبر للركوع) رفعهما أيضًا ( إذا رفع رأسه) أي أراد رفعها ( من الركوع، رفعهما كذلك) أي حذو منكبيه ( أيضًا) جواب لقوله: وإذا رفع رأسه ( وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، وكان لا يفعل ذلك) أي رفع يديه ( في) ابتداء ( السجود) ولا في الرفع منه.

وهذا مذهب الشافعي، وأحمد، وقال الحنفية لا يرفع إلا في تكبيرة الإحرام، وهو رواية ابن القاسم عن مالك.
قال ابن دقيق العيد وهو المشهور عند أصحاب مالك، والمعمول به عند المتأخرين منهم.
وأجابوا عن هذا الحديث بأنه منسوخ.

وقال أبو العباس القرطبي: مشهور مذهب مالك أن الرفع في المواطن الثلاثة هو آخر أقواله وأصحها، والحكمة في الرفع أن يراه الأصم فيعلم دخوله في الصلاة، كالأعمى يعلم بسماع التكبير، أو إشارة إلى رفع الحجاب بين العبد والمعبود، أو ليستقبل بجميع بدنه.

وقال الشافعي هو تعظيم لله واتباع لسُنّة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة، وأخرجه النسائي في الصلاة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأولَى مَعَ الافْتِتَاحِ سَوَاءً)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان رفع الْمُصَلِّي يَدَيْهِ فِي تَكْبِيرَة الْإِحْرَام مَعَ الِافْتِتَاح، أَي: الشُّرُوع فِي الصَّلَاة.
قَوْله: ( سَوَاء) أَي: حَال كَون رفع الْيَدَيْنِ مَعَ الِافْتِتَاح متساويين.



[ قــ :714 ... غــ :735 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مَالِكٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بنِ عَبْدِ الله عنْ أبِيهِ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ وإذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ وإذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضا.

     وَقَالَ  سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا ولَكَ الحَمْدُ وكانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي قَوْله: ( يرفع يَدَيْهِ إِذا افْتتح الصَّلَاة) .

وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَعبد الله بن مسلمة هُوَ القعْنبِي، وَابْن شهَاب مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَسَالم بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب.

وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد وَالْبَاقِي عنعنة.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة عَن قُتَيْبَة، وَعَن عَمْرو بن عَليّ، وَعَن سُوَيْد بن نصر عَن ابْن الْمُبَارك.

قَوْله: ( حَذْو مَنْكِبَيْه) أَي ازاء مَنْكِبَيْه الحذو والحذاء الازاء والمقابل قَوْله ( رفعهما) جَوَاب لقَوْله: ( وَإِذا رفع) .
قَوْله: ( كَذَلِك) أَي: حَذْو مَنْكِبَيْه.
قَوْله: ( وَكَانَ لَا يفعل ذَلِك فِي السُّجُود) أَي: لَا يرفع يَدَيْهِ فِي ابْتِدَاء السُّجُود وَالرَّفْع مِنْهُ.

ذكر مَا يستنبط مِنْهُ: وَهُوَ على وُجُوه: الأول: فِيهِ رفع الْيَدَيْنِ عِنْد افْتِتَاح الصَّلَاة..
     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: وَلم يَخْتَلِفُوا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرفع يَدَيْهِ إِذا افْتتح الصَّلَاة.
وَفِي ( شرح الْمُهَذّب) : أَجمعت الْأمة على اسْتِحْبابُُ رفع الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِيرَة الْإِحْرَام، وَنقل ابْن الْمُنْذر وَغَيره الْإِجْمَاع فِيهِ، وَنقل الْعَبدَرِي عَن الزيدية، وَلَا يعْتد بهم أَنه لَا يرفع يَدَيْهِ عِنْد الْإِحْرَام، وَفِي ( فتاوي الْقفال) : إِن أَبَا الْحسن أَحْمد بن سيار الْمروزِي قَالَ: إِذا لم يرفع يَدَيْهِ لم تصح صلَاته لِأَنَّهَا وَاجِبَة، فَوَجَبَ الرّفْع لَهَا، بِخِلَاف بَاقِي التَّكْبِيرَات، لَا يجب الرّفْع لَهَا، لِأَنَّهَا غير وَاجِبَة.
قَالَ النَّوَوِيّ: وَهَذَا مَرْدُود بِإِجْمَاع من قبله..
     وَقَالَ  ابْن حزم: رفع الْيَدَيْنِ فِي أول الصَّلَاة فرض لَا تجزىء الصَّلَاة إلاّ بِهِ.
وَقد رُوِيَ ذَلِك عَن الْأَوْزَاعِيّ.
قلت: وَمِمَّنْ قَالَ بِالْوُجُوب: الْحميدِي وَابْن خُزَيْمَة، نَقله عَنهُ الْحَاكِم، وَحَكَاهُ القَاضِي حُسَيْن عَن أَحْمد،.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: كل من نقل عَنهُ الْإِيجَاب لَا تبطل الصَّلَاة بِتَرْكِهِ إلاّ رِوَايَة عَن الْأَوْزَاعِيّ والْحميدِي، وَنَقله الْقُرْطُبِيّ عَن بعض الْمَالِكِيَّة.

وَاخْتلفُوا فِي كَيْفيَّة الرّفْع، فَقَالَ الطَّحَاوِيّ: يرفع ناشرا أَصَابِعه مُسْتَقْبلا بباطن كفيه الْقبْلَة، كَأَنَّهُ لمح مَا فِي ( الْأَوْسَط) للطبراني من حَدِيثه عَن مُحَمَّد بن حزم، حَدثنَا عمر بن عمرَان عَن ابْن جريج عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا: إِذا استفتح أحدكُم الصَّلَاة فَليرْفَعْ يَدَيْهِ وليستقبل بباطنهما الْقبْلَة، فَإِن الله تَعَالَى، عز وَجل، أَمَامه.
وَفِي ( الْمُحِيط) : وَلَا يفرج بَين الْأَصَابِع تفريجا، كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث سعيد بن سمْعَان: ( دخل علينا أَبُو هُرَيْرَة مَسْجِد بني زُرَيْق، فَقَالَ: ثَلَاث كَانَ يعْمل بِهن فَتَرَكَهُنَّ النَّاس؛ كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة قَالَ هَكَذَا، وَأَشَارَ أَبُو عَامر الْعَقدي بيدَيْهِ، وَلم يفرج بَين أَصَابِعه وَلم يضمها) .
وَضَعفه.
وَفِي ( الْحَاوِي) للماوردي: يَجْعَل بَاطِن كل كف إِلَى الْأُخْرَى، وَعَن سَحْنُون: ظهورهما إِلَى السَّمَاء وبطونهما إِلَى الأَرْض.
وَعَن القَاضِي: يقيمهما محنيتين شَيْئا يَسِيرا.
وَنقل الْمحَامِلِي عَن أَصْحَابهم: يسْتَحبّ تَفْرِيق الْأَصَابِع..
     وَقَالَ  الْغَزالِيّ: لَا يتَكَلَّف ضما وَلَا تفريقا، بل يتركهما على هيئتهما..
     وَقَالَ  الرَّافِعِيّ: يفرق تفريقا وسطا.
وَفِي ( الْمُغنِي) لِابْنِ قدامَة: يسْتَحبّ أَن يمد أَصَابِعه وَيضم بَعْضهَا إِلَى بعض.

الْوَجْه الثَّانِي: فِي وَقت الرّفْع، فَظَاهر رِوَايَة البُخَارِيّ أَنه يبتدىء الرّفْع مَعَ ابْتِدَاء التَّكْبِير، وَفِي رِوَايَة لمُسلم: أَنه رفعهما ثمَّ كبر، وَفِي رِوَايَة لَهُ: ثمَّ رفع يَدَيْهِ، فَهَذِهِ حالات فعلت لبَيَان جَوَاز كل مِنْهَا..
     وَقَالَ  صَاحب ( التَّوْضِيح) : وَهِي أوجه لِأَصْحَابِنَا أَصَحهَا الِابْتِدَاء بِالرَّفْع مَعَ ابْتِدَاء التَّكْبِير، وَبِه قَالَ أَحْمد، وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب مَالك، وَنسبَة الْغَزالِيّ إِلَى الْمُحَقِّقين وَفِي ( شرح الْهِدَايَة) : يرفع ثمَّ يكبر..
     وَقَالَ  صَاحب ( الْمَبْسُوط) : وَعَلِيهِ أَكثر مَشَايِخنَا..
     وَقَالَ  خُوَاهَر زادة: يرفع مُقَارنًا للتكبير، وَبِه قَالَ أَحْمد، وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب مَالك.
وَفِي ( شرح الْمُهَذّب) : الصَّحِيح أَن يكون ابْتِدَاء الرّفْع مَعَ التَّكْبِير وانتهاؤه مَعَ انتهائه، وَهُوَ الْمَنْصُوص.
وَقيل: يرفع بِلَا تَكْبِير ثمَّ يبتدىء التَّكْبِير مَعَ إرْسَال الْيَدَيْنِ، وَقيل: يرفع بِلَا تَكْبِير ثمَّ يرسلهما بعد فرَاغ التَّكْبِير، وَهَذَا مصحح عِنْد الْبَغَوِيّ.
وَقيل: يبتدىء بهما مَعًا وَيَنْتَهِي التَّكْبِير مَعَ انْتِهَاء الْإِرْسَال.
وَقيل: يبتدىء الرّفْع مَعَ ابْتِدَاء التَّكْبِير، وَلَا اسْتِحْبابُُ فِي الِانْتِهَاء، وَهَذَا مصحح عِنْد الرَّافِعِيّ..
     وَقَالَ  ابْن بطال: ورفعهما تعبد، وَقيل: إِشَارَة إِلَى التَّوْحِيد.
وَقيل: حكمته أَن يرَاهُ الْأَصَم فَيعلم دُخُوله فِي الصَّلَاة، وَالتَّكْبِير لإسماع الْأَعْمَى فَيعلم دُخُوله فِي الصَّلَاة.
وَقيل: انقياد.
وَقيل: إِشَارَة إِلَى طرح أُمُور الدُّنْيَا والإقبال بِالْكُلِّيَّةِ إِلَى الصَّلَاة.
وَقيل: استعظام مَا دخل فِيهِ.
وَقيل: إِشَارَة إِلَى تَمام الْقيام.
وَقيل: إِلَى رفع الْحجاب بَين العَبْد والمعبود.
وَقيل: ليستقبل بِجَمِيعِ بدنه..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: هَذَا أنسبها..
     وَقَالَ  الرّبيع: قلت للشَّافِعِيّ: مَا معنى رفع الْيَدَيْنِ؟ قَالَ: تَعْظِيم الله وَاتِّبَاع سنة نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَنقل عَن عبد الْبر عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: رفع الْيَدَيْنِ من زِينَة الصَّلَاة، بِكُل رفع عشر حَسَنَات، بِكُل أصْبع حَسَنَة.

الْوَجْه الثَّالِث: إِلَى أَيْن يرفع؟ فَظَاهر الحَدِيث، يرفع حَذْو مَنْكِبَيْه، وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: هَذَا أصح قولي مَالك، وَفِي رِوَايَة عَنهُ: إِلَى صَدره، لما روى مُسلم عَن مَالك بن الْحُوَيْرِث: ( كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كبر رفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بهما أُذُنَيْهِ) .
وَفِي لفظ: ( حَتَّى يُحَاذِي بهما فروع أُذُنَيْهِ) .
وَعَن أنس مثله عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، وَسَنَده صَحِيح.
وَعَن الْبَراء من عِنْد الطَّحَاوِيّ: ( يرفع يَدَيْهِ حَتَّى يكون إبهاماه قَرِيبا من شحمتي أُذُنَيْهِ) ، وَذهب ابْن حبيب إِلَى رفعهما إِلَى حَذْو أُذُنَيْهِ.
وَفِي رِوَايَة: فَوق رَأسه،..
     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرّفْع مدا مَعَ الرَّأْس، وَرُوِيَ أَنه كَانَ يرفعهما حذاء أُذُنَيْهِ، وَرُوِيَ: إِلَى صَدره، وَرُوِيَ: حَذْو مَنْكِبَيْه، وَكلهَا آثَار مَحْفُوظَة مَشْهُورَة دَالَّة على التَّوسعَة.
وَعَن ابْن طَاوُوس، عَن طَاوُوس: أَنه كَانَ يرفع يَدَيْهِ حَتَّى يُجَاوز بهما رَأسه،.

     وَقَالَ : رَأَيْت ابْن عَبَّاس يصنعه، وَلَا أعلم إلاّ أَنه قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يصنعه.
وَصَححهُ ابْن الْقطَّان فِي كِتَابه ( الْوَهم وَالْإِيهَام) : وَيكبر مرّة وَاحِدَة.
وَعند الرافضة: ثَلَاثًا.
وَأخرج ابْن مَاجَه: ( كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفع يَدَيْهِ عِنْد كل تَكْبِيرَة) .
وَزعم النَّوَوِيّ: أَن هَذَا الحَدِيث بَاطِل لَا أصل لَهُ.

الْوَجْه الرَّابِع فِيهِ: رفع الْيَدَيْنِ عِنْد تَكْبِير الرُّكُوع وَعند رفع رَأسه من الرُّكُوع، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق وَأبي ثَوْر وَابْن جرير الطَّبَرِيّ، وَرِوَايَة عَن مَالك، وَإِلَيْهِ ذهب الْحسن الْبَصْرِيّ وَابْن سِيرِين وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وطاووس وَمُجاهد وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وَسَالم وَقَتَادَة وَمَكْحُول وَسَعِيد بن جُبَير وعبد الله بن الْمُبَارك وسُفْيَان بن عُيَيْنَة..
     وَقَالَ  البُخَارِيّ فِي كِتَابه ( رفع الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة) بعد أَن أخرجه من طَرِيق عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن تِسْعَة عشر رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم كَانُوا يرفعون أَيْديهم عِنْد الرُّكُوع، وَعدد أَكْثَرهم، وَزَاد الْبَيْهَقِيّ جماعات، وَذكر ابْن الْأَثِير فِي ( شَرحه) : أَن ذَلِك رُوِيَ عَن أَكثر من عشْرين نَفرا، وَزَاد فيهم الْخُدْرِيّ،.

     وَقَالَ  الْحَاكِم: من جُمْلَتهمْ الْعشْرَة الْمَشْهُود لَهُم بِالْجنَّةِ..
     وَقَالَ  القَاضِي أَبُو الطّيب: قَالَ أَبُو عَليّ: روى الرّفْع عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَيف وَثَلَاثُونَ من الصَّحَابَة، وَفِي ( التَّوْضِيح) : ثمَّ الْمَشْهُور أَنه لَا يجب شَيْء من الرّفْع، وَحكى الْإِجْمَاع عَلَيْهِ، وَحكى عَن دَاوُد إِيجَابه فِي تَكْبِيرَة الْإِحْرَام، وَبِه قَالَ ابْن سيار من أَصْحَابنَا، وَحكي عَن بعض الْمَالِكِيَّة، وَحكي عَن أبي حنيفَة مَا يَقْتَضِي الْإِثْم بِتَرْكِهِ..
     وَقَالَ  ابْن خُزَيْمَة: من ترك الرّفْع فِي الصَّلَاة فقد ترك ركنا من أَرْكَانهَا.
وَفِي ( قَوَاعِد) ابْن رشد: عَن بَعضهم وُجُوبه أَيْضا عِنْد السُّجُود، وَعند أبي حنيفَة وَأَصْحَابه: لَا يرفع يَدَيْهِ إِلَّا فِي التَّكْبِيرَة الأولى، وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَالنَّخَعِيّ وَابْن أبي ليلى وعلقمة بن قيس وَالْأسود بن يزِيد وعامر الشّعبِيّ وَأَبُو إِسْحَاق السبيعِي وخيثمة والمغيرة ووكيع وَعَاصِم بن كُلَيْب وَزفر، وَهُوَ رِوَايَة ابْن الْقَاسِم عَن مَالك، وَهُوَ الْمَشْهُور من مذْهبه والمعمول عِنْد أَصْحَابه،.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: وَبِه يَقُول غير وَاحِد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالتَّابِعِينَ، وَهُوَ قَول سُفْيَان وَأهل الْكُوفَة.
وَفِي ( الْبَدَائِع) : رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: الْعشْرَة الَّذين شهد لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجنَّةِ مَا كَانُوا يرفعون أَيْديهم إلاّ فِي افْتِتَاح الصَّلَاة وَذكر غَيره عَن عبد الله بن مَسْعُود أَيْضا وَجَابِر بن سَمُرَة والبراء بن عَازِب وَعبد الله بن عمر وَأَبا سعيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَاحْتج أَصْحَابنَا بِحَدِيث الْبَراء بن عَازِب، قَالَ: ( كَانَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذا كبر لافتتاح الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ حَتَّى يكون إبهاماه قَرِيبا من شحمتي أُذُنَيْهِ ثمَّ لَا يعود) .
أخرجه أَبُو دَاوُد والطَّحَاوِي من ثَلَاث طرق وَابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) : فَإِن قَالُوا: فِي حَدِيث الْبَراء قَالَ أَبُو دَاوُد: روى هَذَا الحَدِيث هشيم وخَالِد وَابْن إِدْرِيس عَن يزِيد ابْن أبي زِيَاد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن الْبَراء، وَلم يذكرُوا: ثمَّ لَا يعود..
     وَقَالَ  الْخطابِيّ: لم يقل أحد فِي هَذَا: ثمَّ لَا يعود، غير شريك..
     وَقَالَ  أَبُو عمر: تفرد بِهِ يزِيد، وَرَوَاهُ عَنهُ الْحفاظ فَلم يذكر وَاحِد مِنْهُم.
قَوْله: ( ثمَّ لَا يعود) ..
     وَقَالَ  الْبَزَّار: لَا يَصح حَدِيث يزِيد فِي رفع الْيَدَيْنِ ثمَّ لَا يعود..
     وَقَالَ  عَبَّاس الدوري عَن يحيى بن معِين: لَيْسَ هُوَ بِصَحِيح الْإِسْنَاد.

     وَقَالَ  أَحْمد: هَذَا حَدِيث واه، قد كَانَ يزِيد يحدث بِهِ لَا يذكر: ثمَّ لَا يعود، فَلَمَّا لقن أَخذ يذكرهُ فِيهِ..
     وَقَالَ  جمَاعَة: إِن يزِيد كَانَ يُغير بِآخِرهِ، فَصَارَ يَتَلَقَّن.
قُلْنَا: يُعَارض قَول أبي دَاوُد قَول ابْن عدي فِي ( الْكَامِل) رَوَاهُ هشيم وَشريك وَجَمَاعَة مَعَهُمَا: عَن يزِيد بِإِسْنَادِهِ، وَقَالُوا فِيهِ: ثمَّ لم يعد، فَظهر أَن شَرِيكا لم ينْفَرد بِرِوَايَة هَذِه الزِّيَادَة، فَسقط بذلك أَيْضا كَلَام الْخطابِيّ: لم يقل فِي هَذَا: ثمَّ لَا يعود غير شريك.
فَإِن قلت: يزِيد ضَعِيف وَقد تفرد بِهِ؟ قلت: لَا نسلم ذَلِك، لِأَن عِيسَى بن عبد الرَّحْمَن رَوَاهُ أَيْضا عَن ابْن أبي ليلى، فَكَذَلِك أخرجه الطَّحَاوِيّ، إِشَارَة إِلَى أَن يزِيد قد توبع فِي هَذَا.
وَأما يزِيد فِي نَفسه فَإِنَّهُ ثِقَة.
فَقَالَ الْعجلِيّ: هُوَ جَائِز الحَدِيث.

     وَقَالَ  يَعْقُوب بن سُفْيَان: هُوَ، وَإِن تكلم فِيهِ لتغيره، فَهُوَ مَقْبُول القَوْل عدل ثِقَة..
     وَقَالَ  أَبُو دَاوُد: لَا أعلم أحدا ترك حَدِيثه، وَغَيره أحب إِلَى مِنْهُ..
     وَقَالَ  ابْن شاهين فِي كتاب ( الثِّقَات) : قَالَ أَحْمد بن صَالح: يزِيد ثِقَة، وَلَا يُعجبنِي قَول من يتَكَلَّم فِيهِ.
وَخرج حَدِيثه ابْن خُزَيْمَة فِي ( صَحِيحه) ..
     وَقَالَ  السَّاجِي: صَدُوق، وَكَذَا قَالَ ابْن حبَان وَخرج مُسلم حَدِيثه، وَاسْتشْهدَ بِهِ البُخَارِيّ، فَإِذا كَانَ كَذَلِك جَازَ أَن يحمل أمره على أَنه حدث بِبَعْض الحَدِيث تَارَة، وبجملته أُخْرَى، أَو يكون قد نسي أَولا ثمَّ تذكر.
وَقد اتقنا الْكَلَام فِيهِ فِي ( شرحنا للهداية) وَالَّذِي يحْتَج بِهِ الْخصم من الرّفْع مَحْمُول على أَنه كَانَ فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام، ثمَّ نسخ.
وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن عبد الله بن الزبير رأى رجلا يرفع يَدَيْهِ فِي الصَّلَاة عِنْد الرُّكُوع وَعند رفع رَأسه من الرُّكُوع، فَقَالَ لَهُ: لَا تفعل، فَإِن هَذَا شَيْء فعله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ تَركه، وَيُؤَيّد النّسخ مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح: حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد، قَالَ: أخبرنَا أَحْمد بن عبد الله ابْن يُونُس، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش عَن حُصَيْن عَن مُجَاهِد، قَالَ: صليت خلف ابْن عمر فَلم يكن يرفع يَدَيْهِ إلاّ فِي التَّكْبِيرَة الأولى من الصَّلَاة.
قَالَ الطَّحَاوِيّ: فَهَذَا ابْن عمر قد رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعله.

وَأخرجه أَيْضا ابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) : حَدثنَا أَبُو بكر بن عِيَاض عَن حُصَيْن عَن مُجَاهِد، قَالَ: مَا رَأَيْت ابْن عمر يرفع يَدَيْهِ إلاّ فِي أول مَا يفْتَتح، فَقَالَ الْخصم: هَذَا حَدِيث مُنكر، لِأَن طاووسا قد ذكر إِنَّه رأى ابْن عمر يفعل مَا يُوَافق مَا روى عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك، قُلْنَا: يجوز أَن يكون ابْن عمر فعل مَا رَوَاهُ طَاوُوس يَفْعَله قبل أَن تقوم الْحجَّة عِنْده بنسخة، ثمَّ قَامَت الْحجَّة عِنْده بنسخة فَتَركه، وَفعل مَا ذكره عَنهُ مُجَاهِد، فَإِن احْتج الْخصم بِحَدِيث أبي حميد السَّاعِدِيّ، فَجَوَابه أَن أَبَا دَاوُد قد أخرجه من وُجُوه كَثِيرَة: أَحدهَا عَن أَحْمد بن حَنْبَل وَلَيْسَ فِيهِ ذكر رفع الْيَدَيْنِ عِنْد الرُّكُوع، وَالطَّرِيق الَّذِي فِيهِ ذَلِك فَهُوَ عَن عبد الحميد بن جَعْفَر، فَهُوَ ضَعِيف.
قَالُوا: إِنَّه مطعون فِي حَدِيثه فَكيف يحتجون بِهِ على الْخصم؟ فَإِن قلت: هُوَ من رجال مُسلم قلت: لَا يلْزم من ذَلِك أَن لَا يكون ضَعِيفا عِنْد غَيره، وَلَئِن سلمنَا ذَلِك فَالْحَدِيث مَعْلُول بِجِهَة أُخْرَى، وَهُوَ أَن مُحَمَّد بن عمر وَابْن عَطاء لم يسمع هَذَا الحَدِيث من أبي حميد وَلَا مِمَّن ذكر مَعَه فِي هَذَا الحَدِيث مثل أبي قَتَادَة وَغَيره فَإِنَّهُ توفّي فِي خلَافَة الْوَلِيد بن يزِيد بن عبد الْملك، وَكَانَت خِلَافَته فِي سنة خمس وَعشْرين وَمِائَة، وَلِهَذَا قَالَ ابْن حزم: وَلَعَلَّ عبد الحميد ابْن جَعْفَر وهم فِيهِ، يَعْنِي فِي رِوَايَته عَن مُحَمَّد بن عمر وَابْن عَطاء.
فَإِن قَالَ الْخصم: قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي ( الْمعرفَة) : حكم البُخَارِيّ فِي ( تَارِيخه) : بِأَنَّهُ سمع أَبَا حميد، قُلْنَا: الْقَائِل بِأَنَّهُ لم يسمع من أبي حميد هُوَ الشّعبِيّ، وَهُوَ حجَّة فِي هَذَا الْبابُُ، وَإِن احْتج الْخصم بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة الَّذِي أخرجه ابْن مَاجَه، قَالَ: ( رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفع يَدَيْهِ فِي الصَّلَاة حَذْو مَنْكِبَيْه حِين يفْتَتح الصَّلَاة وَحين يرْكَع وَحين يسْجد) ، فَجَوَابه أَنه من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن صَالح بن كيسَان، وهم لَا يجْعَلُونَ إِسْمَاعِيل فِيمَا يرْوى عَن غير الشاميين حجَّة، فَكيف يحتجون بِمَا لَو احْتج بِمثلِهِ عَلَيْهِم لم يسوغوه إِيَّاه؟.

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ: إِسْمَاعِيل ضَعِيف.
وَقَالَ ابْن حبَان: كثير الْخَطَأ فِي حَدِيثه، فَخرج عَن حد الِاحْتِجَاج بِهِ..
     وَقَالَ  ابْن خُزَيْمَة: لَا يحْتَج بِهِ.

فَإِن احْتج الْخصم بِحَدِيث وَائِل بن حجر قَالَ: ( رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفع يَدَيْهِ حِين يكبر للصَّلَاة وَحين يرْكَع وَحين يرفع رَأسه من الرُّكُوع يرفع يَدَيْهِ حِيَال أُذُنَيْهِ) أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ، فَجَوَابه أَنه ضاده مَا رَوَاهُ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه لم يكن رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعل مَا ذكر من رفع الْيَدَيْنِ فِي غير تَكْبِيرَة الْإِحْرَام، فعبد الله أقدم صُحْبَة لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأفهم بأفعاله من وَائِل، وَقد كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحب أَن يَلِيهِ الْمُهَاجِرُونَ ليحفظوا عَنهُ، وَكَانَ عبد الله كثير الولوج على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَوَائِل بن حجر أسلم فِي الْمَدِينَة فِي سنة تسع من الْهِجْرَة، وَبَين إسلاميهما اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ سنة، وَلِهَذَا قَالَ إِبْرَاهِيم للْمُغِيرَة، حِين قَالَ: إِن وائلاً حدث أَنه رأى ( رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفع يَدَيْهِ إِذا افْتتح الصَّلَاة وَإِذا ركع وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع) : إِن كَانَ وَائِل رَآهُ مرّة يفعل ذَلِك، فقد رَآهُ عبد الله خمسين مرّة لَا يفعل ذَلِك، فَإِن قلت: خبر إِبْرَاهِيم غير مُتَّصِل لِأَنَّهُ لم يدْرك عبد الله، لِأَنَّهُ مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بِالْمَدِينَةِ، وَقيل: بِالْكُوفَةِ، ومولد إِبْرَاهِيم سنة خمسين، كَمَا صرح بِهِ ابْن حبَان قلت: عَادَة إِبْرَاهِيم إِذا أرسل حَدِيثا عَن عبد الله لم يُرْسِلهُ ألاّ بعد صِحَّته عِنْده من الروَاة عَنهُ، وَبعد تكاثر الرِّوَايَات عَنهُ، وَلَا شكّ أَن خبر الْجَمَاعَة أقوى من خبر الْوَاحِد وَأولى.

فَإِن احْتج الْخصم بِحَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه الْأَرْبَعَة، وَفِيه: رفع يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه، ويصنع مثل ذَلِك، إِذا قضى قِرَاءَته إِذا أَرَادَ أَن يرْكَع، ويصنعه إِذا ركع وَرفع من الرُّكُوع، فَجَوَابه أَنه رُوِيَ عَنهُ أَيْضا مَا يُنَافِيهِ ويعارضه، فَإِن عَاصِم ابْن كُلَيْب روى عَن أَبِيه أَن عليا كَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي أول تَكْبِيرَة من الصَّلَاة ثمَّ لَا يرفع بعد، رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) ، وَلَا يجوز لعَلي أَن يرى ذَلِك من النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ يتْرك هُوَ ذَلِك إلاّ وَقد ثَبت نسخ الرّفْع فِي غير تَكْبِيرَة الْإِحْرَام، وَإسْنَاد حَدِيث عَاصِم بن كُلَيْب صَحِيح على شَرط مُسلم.

الْوَجْه الْخَامِس: فِيهِ أَنه قَالَ: سمع الله لمن حَمده رَبنَا وَلَك الْحَمد، وَبِه اسْتدلَّ الشَّافِعِي أَن الإِمَام يجمع بَين التسميع والتحميد، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى عَن قريب.

الْوَجْه السَّادِس: فِيهِ أَنه لَا يرفع يَدَيْهِ فِي ابْتِدَاء السُّجُود وَلَا فِي الرّفْع مِنْهُ، كَمَا صرح بِهِ فِيمَا يَأْتِي، وَبِه قَالَ أَكثر الْفُقَهَاء، وَخَالف فِيهِ بَعضهم.