4569 حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ لَهُ : مَهْ ، قَالَتْ : هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ ، قَالَ : أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ، قَالَتْ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ : فَذَاكِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ } حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي أَبُو الحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ } ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي المُزَرَّدِ بِهَذَا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ } |
4569 حدثنا خالد بن مخلد ، حدثنا سليمان ، قال : حدثني معاوية بن أبي مزرد ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خلق الله الخلق ، فلما فرغ منه قامت الرحم ، فأخذت بحقو الرحمن ، فقال له : مه ، قالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة ، قال : ألا ترضين أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك ، قالت : بلى يا رب ، قال : فذاك قال أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم : { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم } حدثنا إبراهيم بن حمزة ، حدثنا حاتم ، عن معاوية ، قال : حدثني عمي أبو الحباب سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة بهذا ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرءوا إن شئتم : { فهل عسيتم } ، حدثنا بشر بن محمد ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا معاوية بن أبي المزرد بهذا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : واقرءوا إن شئتم : { فهل عسيتم } |
شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر
قَوْله بَاب وتقطعوا أَرْحَامكُم)
قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِالتَّشْدِيدِ وَيَعْقُوبُ بِالتَّخْفِيفِ
[ قــ :4569 ... غــ :4830] .
قَوْلُهُ خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ أَيْ قَضَاهُ وَأَتَمَّهُ .
قَوْلُهُ قَامَتِ الرَّحِمُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْأَعْرَاضُ يَجُوزُ أَنْ تَتَجَسَّدَ وَتَتَكَلَّمُ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفٍ أَيْ قَامَ مَلَكٌ فَتَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ ضَرْبِ الْمَثَلِ وَالِاسْتِعَارَةِ وَالْمُرَادُ تَعْظِيمُ شَأْنِهَا وَفَضْلُ وَاصِلِهَا وَإِثْمُ قَاطِعِهَا .
قَوْلُهُ فَأَخَذَتْ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِحَذْفِ مَفْعُولِ أخذت وَفِي رِوَايَة بن السَّكَنِ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ بِحَقْوَيِ الرَّحْمَنِ بِالتَّثْنِيَةِ قَالَ الْقَابِسِيُّ أَبَى أَبُو زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ أَنْ يَقْرَأَ لَنَا هَذَا الْحَرْفَ لِإِشْكَالِهِ وَمَشَى بَعْضُ الشُّرَّاحِ عَلَى الْحَذْفِ فَقَالَ أَخَذَتْ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ.
وَقَالَ عِيَاضٌ الْحَقْوُ مَعْقِدُ الْإِزَارِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُسْتَجَارُ بِهِ وَيُحْتَزَمُ بِهِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ لِأَنَّهُ مِنْ أَحَقِّ مَا يُحَامَى عَنْهُ وَيُدْفَعُ كَمَا قَالُوا نَمْنَعُهُ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنَا فَاسْتُعِيرَ ذَلِكَ مَجَازًا لِلرَّحِمِ فِي اسْتِعَاذَتِهَا بِاللَّهِ مِنَ الْقَطِيعَةِ انْتَهَى وَقَدْ يُطْلَقُ الْحَقْوُ عَلَى الْإِزَارِ نَفْسِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ فَأَعْطَاهَا حَقْوَهُ فَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ يَعْنِي إِزَارَهُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَهُوَ الَّذِي جَرَتِ الْعَادَةُ بِالتَّمَسُّكِ بِهِ عِنْدَ الْإِلْحَاحِ فِي الِاسْتِجَارَةِ وَالطَّلَبِ وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا صَحِيحٌ مَعَ اعْتِقَادِ تَنْزِيهِ اللَّهِ عَنِ الْجَارِحَةِ قَالَ الطِّيبِيُّ هَذَا الْقَوْلُ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ التَّمْثِيلِيَّةِ كَأَنَّهُ شَبَّهَ حَالَةَ الرَّحِمِ وَمَا هِيَ عَلَيْهِ مِنَ الِافْتِقَارِ إِلَى الصِّلَةِ وَالذَّبِّ عَنْهَا بِحَالِ مُسْتَجِيرٍ يَأْخُذُ بِحَقْوِ الْمُسْتَجَارِ بِهِ ثُمَّ أَسْنَدَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ التَّخْيِيلِيَّةِ مَا هُوَ لَازِمٌ لِلْمُشَبَّهِ بِهِ مِنَ الْقِيَامِ فَيَكُونُ قَرِينَةً مَانِعَةً مِنْ إِرَادَةِ الْحَقِيقَةِ ثُمَّ رُشِّحَتْ الِاسْتِعَارَةُ بِالْقَوْلِ وَالْأَخْذِ وَبِلَفْظِ الْحَقْوِ فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ أُخْرَى وَالتَّثْنِيَةُ فِيهِ لِلتَّأْكِيدِ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالْيَدَيْنِ آكَدُ فِي الِاسْتِجَارَةِ مِنَ الْأَخْذِ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ .
قَوْلُهُ فَقَالَ لَهُ مَهْ هُوَ اسْمُ فعل مَعْنَاهُ الزّجر أَي اكفف.
وَقَالَ بن مَالِكٍ هِيَ هُنَا مَا الِاسْتِفْهَامِيَّةُ حُذِفَتْ أَلِفُهَا وَوُقِفَ عَلَيْهَا بِهَاءِ السَّكْتِ وَالشَّائِعُ أَنْ لَا يُفْعَلَ ذَلِكَ إِلَّا وَهِيَ مَجْرُورَةٌ لَكِنْ قَدْ سُمِعَ مِثْلُ ذَلِكَ فَجَاءَ عَنْ أَبِي ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيِّ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَلِأَهْلِهَا ضَجِيجٌ بِالْبُكَاءِ كَضَجِيجِ الْحَجِيجِ فَقُلْتُ مَهْ فَقَالُوا قُبِضَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَوْلُهُ فِي الْإِسْنَاد حَدثنَا سُلَيْمَان هُوَ بن بِلَالٍ .
قَوْلُهُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ هَذِهِ الْإِشَارَةُ إِلَى الْمَقَامِ أَيْ قِيَامِي فِي هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِقَطِيعَةِ الرَّحِمِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ هَذَا مَقَامُ عَائِذٍ مِنَ الْقَطِيعَةِ وَالْعَائِذُ الْمُسْتَعِيذُ وَهُوَ الْمُعْتَصِمُ بِالشَّيْءِ الْمُسْتَجِيرُ بِهِ قَوْله قَالَ أَبُو هُرَيْرَة اقرؤوا إِن شِئْتُم فَهَل عسيتم هَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّ الِاسْتِشْهَادَ مَوْقُوفٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُ من رَفعه وَكَذَا فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ .
قَوْلُهُ حَدثنَا حَاتِم هُوَ بن إِسْمَاعِيل الْكُوفِي نزيل الْمَدِينَة وَمُعَاوِيَة هُوَ بن أَبِي مُزَرِّدٍ الْمَذْكُورُ فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ .
قَوْلُهُ بِهَذَا يَعْنِي الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِلَفْظِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ وَلَمْ يَذْكُرِ الزِّيَادَةَ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَذَلِكَ لَكِ .
قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ حَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي وَقَفَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ الْمَذْكُورَة قَوْله أخبرنَا عبد الله هُوَ بن الْمُبَارَكِ .
قَوْلُهُ بِهَذَا أَيْ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ وَوَافَقَ حَاتِمًا عَلَى رَفْعِ هَذَا الْكَلَامِ الْأَخِيرِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ حِبَّانَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ تَنْبِيهٌ اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا مِنَ الْوِلَايَةِ وَالْمَعْنَى إِنْ وُلِّيتُمُ الْحُكْمَ وَقِيلَ بِمَعْنَى الْإِعْرَاضِ وَالْمَعْنَى لَعَلَّكُمْ إِنْ أعرضتم عَن قبُول الْحق أَنْ يَقَعَ مِنْكُمْ مَا ذُكِرَ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْض قَالَ هُمْ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ إِنْ وُلُّوا النَّاسَ أَنْ لَا يفسدوا فِي الأَرْض وَلَا يقطعوا أرحامهم قَوْله آسن متغير وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِثْلَهُ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ غَيْرُ مُنْتِنٍ وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقٍ مُرْسَلٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاذٍ الْبَصْرِيِّ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا مَرْفُوعا فِيهِ ذكر الْجنَّة قَالَ وأنهار من مَاء غير آسن قَالَ صَافٍ لَا كَدَرَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ