137 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسًا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : آيَةُ الْمُنَافِقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ ، وَآيَةُ الْمُؤْمِنِ حُبُّ الْأَنْصَارِ |
137 حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن شعبة ، عن عبد الله بن عبد الله بن جبر ، قال : سمعت أنسا ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : آية المنافق بغض الأنصار ، وآية المؤمن حب الأنصار |
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ حُبَّ الْأَنْصَارِ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ الْإِيمَانِ وَعَلَامَاتِهِ وَبُغْضِهِمْ مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ
[ سـ :137 ... بـ :74]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةُ الْمُنَافِقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ وَآيَةُ الْمُؤْمِنِ حُبُّ الْأَنْصَارِ
قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( آيَةُ الْمُنَافِقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ وَآيَةُ الْمُؤْمِنِ حُبُّ الْأَنْصَارِ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : حُبُّ الْأَنْصَارِ آيَةُ الْإِيمَانِ وَبُغْضُهُمْ آيَةُ النِّفَاقِ وَفِي الْأُخْرَى : لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ ، وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ مَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ وَفِي الْأُخْرَى : لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيَّ أَنْ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ ، وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ .
قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْآيَةَ هِيَ الْعَلَامَةُ ، وَمَعْنَى هَذَهِ الْأَحَادِيثِ : أَنَّ مَنْ عَرَفَ مَرْتَبَةَ الْأَنْصَارِ وَمَا كَانَ مِنْهُمْ فِي نُصْرَةِ دِينِ الْإِسْلَامِ ، وَالسَّعْيِ فِي إِظْهَارِهِ وَإِيوَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَقِيَامِهِمْ فِي مُهِمَّاتِ دِينِ الْإِسْلَامِ حَقَّ الْقِيَامِ ، وَحُبِّهِمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحُبِّهِ إِيَّاهُمْ ، وَبَذْلِهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَقِتَالِهِمْ وَمُعَادَاتِهِمْ سَائِرَ النَّاسِ إِيثَارًا لِلْإِسْلَامِ .
وَعَرَفَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قُرْبَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَحُبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ ، وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي نُصْرَةِ الْإِسْلَامِ وَسَوَابِقِهِ فِيهِ ، ثُمَّ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ وَعَلِيًّا لِهَذَا ، كَانَ ذَلِكَ مِنْ دَلَائِلِ صِحَّةِ إِيمَانِهِ وَصِدْقِهِ فِي إِسْلَامِهِ لِسُرُورِهِ بِظُهُورِ الْإِسْلَامِ وَالْقِيَامِ بِمَا يُرْضِي اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَرَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ كَانَ بِضِدِّ ذَلِكَ ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى نِفَاقِهِ وَفَسَادِ سَرِيرَتِهِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( فَلَقَ الْحَبَّةَ ) فَمَعْنَاهُ شَقَّهَا بِالنَّبَاتِ .
وَقَوْلُهُ ( وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ) هُوَ بِالْهَمْزَةِ أَيْ خَلَقَ النَّسَمَةَ وَهِيَ بِفَتْحِ النُّونِ وَالسِّينِ .
وَهِيَ الْإِنْسَانُ ، وَقِيلَ : النَّفْسُ .
وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ أَنَّ النَّسَمَةَ هِيَ النَّفْسُ ، وَأَنَّ كُلَّ دَابَّةٍ فِي جَوْفِهَا رُوحٌ فَهِيَ نَسَمَةٌ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَسَانِيدِ الْبَابِ : فَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ ; فَعَبْدُ مُكَبَّرٌ فِي اسْمِهِ وَاسْمُ أَبِيهِ ، وَجَبْرٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ ، وَيُقَالُ : فِيهِ أَيْضًا جَابِرٌ .
وَفِيهِ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِّ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ ، وَأَهْلِ اللُّغَةِ وَالْأَخْبَارِ ، وَأَصْحَابِ الْفُنُونِ كُلِّهَا .
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : وَحَفِظْتُ فِيهِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ الْقَصْرَ وَالْمَدَّ .
وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْقَارَةِ قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ .
وَفِيهِ زِرٌّ بِكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَهُوَ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ ، وَهُوَ مِنَ الْمُعَمَّرِينَ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَمَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ ، وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةٍ ، وَقِيلَ ابْنُ مِائَةٍ وَاثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَقِيلَ مِائَةٍ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَهُوَ أَسَدِيٌّ كُوفِيٌّ .
وَأمَّا قَوْلُ مُسْلِمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ ) ثُمَّ قَالَ مُسْلِمٌ ( حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ ) فَهَذَانِ الْإِسْنَادَانِ رِجَالُهُمَا كُلُّهُمْ بَصْرِيُّونَ إِلَّا ابْنَ جَبْرٍ فَإِنَّهُ أَنْصَارِيٌّ مَدَنِيٌّ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ شُعْبَةَ وَإِنْ كَانَ وَاسِطِيًّا فَقَدِ اسْتَوْطَنَ الْبَصْرَةَ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .