هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
668 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فَرَسًا ، فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ ، فَصَلَّى صَلاَةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ قَاعِدٌ ، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا ، فَصَلُّوا قِيَامًا ، فَإِذَا رَكَعَ ، فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ ، فَارْفَعُوا ، وَإِذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، فَقُولُوا : رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ ، وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا ، فَصَلُّوا قِيَامًا ، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا ، فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : قَالَ الحُمَيْدِيُّ : قَوْلُهُ : إِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا بهُوَ فِي مَرَضِهِ القَدِيمِ ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا ، وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا ، لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالقُعُودِ ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ فَالْآخِرِ ، مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
668 حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب فرسا ، فصرع عنه فجحش شقه الأيمن ، فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد ، فصلينا وراءه قعودا ، فلما انصرف قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا صلى قائما ، فصلوا قياما ، فإذا ركع ، فاركعوا وإذا رفع ، فارفعوا ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : ربنا ولك الحمد ، وإذا صلى قائما ، فصلوا قياما ، وإذا صلى جالسا ، فصلوا جلوسا أجمعون قال أبو عبد الله : قال الحميدي : قوله : إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا بهو في مرضه القديم ، ثم صلى بعد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم جالسا ، والناس خلفه قياما ، لم يأمرهم بالقعود ، وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر ، من فعل النبي صلى الله عليه وسلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فَرَسًا ، فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ ، فَصَلَّى صَلاَةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ قَاعِدٌ ، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا ، فَصَلُّوا قِيَامًا ، فَإِذَا رَكَعَ ، فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ ، فَارْفَعُوا ، وَإِذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، فَقُولُوا : رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ ، وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا ، فَصَلُّوا قِيَامًا ، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا ، فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : قَالَ الحُمَيْدِيُّ : قَوْلُهُ : إِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا بهُوَ فِي مَرَضِهِ القَدِيمِ ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا ، وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا ، لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالقُعُودِ ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ فَالْآخِرِ ، مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

Narrated Anas bin Malik:

Once Allah's Messenger (ﷺ) rode a horse and fell down and the right side (of his body) was injured. He offered one of the prayers while sitting and we also prayed behind him sitting. When he completed the prayer, he said, The Imam is to be followed. Pray standing if he prays standing and bow when he bows; rise when he rises; and if he says, 'Sami`a l-lahu-liman hamidah, say then, 'Rabbana wa laka lhamd' and pray standing if he prays standing and pray sitting (all of you) if he prays sitting. Humaid said: The saying of the Prophet (ﷺ) Pray sitting, if he (Imam) prays sitting was said in his former illness (during his early life) but the Prophet (ﷺ) prayed sitting afterwards (in the last illness) and the people were praying standing behind him and the Prophet (ﷺ) did not order them to sit. We should follow the latest actions of the Prophet.

":"ہم سے عبداللہ بن یوسف تنیسی نے بیان کیا ، کہا کہ ہمیں امام مالک رحمہ اللہ نے ابن شہاب سے خبر دی ، انہوں نے انس بن مالک رضی اللہ عنہ سے کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم ایک گھوڑے پر سوار ہوئے تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم اس پر سے گر پڑے ۔ اس سے آپ صلی اللہ علیہ وسلم کے دائیں پہلو پر زخم آئے ۔ تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے کوئی نماز پڑھی ۔ جسے آپ صلی اللہ علیہ وسلم بیٹھ کر پڑھ رہے تھے ۔ اس لیے ہم نے بھی آپ صلی اللہ علیہ وسلم کے پیچھے بیٹھ کر نماز پڑھی ۔ جب آپ صلی اللہ علیہ وسلم فارغ ہوئے تو فرمایا کہ امام اس لیے مقرر کیا گیا ہے کہ اس کی اقتداء کی جائے ۔ اس لیے جب وہ کھڑے ہو کر نماز پڑھے تو تم بھی کھڑے ہو کر پڑھو اور جب وہ رکوع کرے تو تم بھی رکوع کرو ۔ جب وہ رکوع سے سر اٹھائے تو تم بھی اٹھاؤ اور جب وہ «سمع الله لمن حمده‏» کہے تو تم «ربنا ولك الحمد‏» کہو اور جب وہ بیٹھ کر نماز پڑھے تو تم بھی بیٹھ کر پڑھو ۔ ابوعبداللہ ( امام بخاری رحمہ اللہ ) نے کہا کہ حمیدی نے آپ صلی اللہ علیہ وسلم کے اس قول ’’ جب امام بیٹھ کر نماز پڑھے تو تم بھی بیٹھ کر پڑھو ۔ ‘‘ کے متعلق کہا ہے کہ یہ ابتداء میں آپ صلی اللہ علیہ وسلم کی پرانی بیماری کا واقعہ ہے ۔ اس کے بعد آخری بیماری میں آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے خود بیٹھ کر نماز پڑھی تھی اور لوگ آپ صلی اللہ علیہ وسلم کے پیچھے کھڑے ہو کر اقتداء کر رہے تھے ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے اس وقت لوگوں کو بیٹھنے کی ہدایت نہیں فرمائی اور اصل یہ ہے کہ جو فعل آپ صلی اللہ علیہ وسلم کا آخری ہو اس کو لینا چاہئے اور پھر جو اس سے آخری ہو ۔

شرح الحديث من فتح البارى لابن رجب

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   
[ قــ :668 ... غــ :689 ]
- حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن يوسف: أنا مَالِك، عَن ابن شِهَاب، عَن أنس بْن مَالِك، أن رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ركب فرساً فصرع عَنْهُ، فجحش شقة الأيمن، فصلى صلاة من الصلوات وَهُوَ قاعد، فصلينا وراءه قعوداً، فلما انصرف قَالَ: ( ( إنما جعل الإمام ليؤتم بِهِ، فإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذاي ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قَالَ: سَمِعَ الله لمنحمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون) ) .

قَالَ الحميدي: هَذَا منسوخ، قوله: ( ( إذا صلى جالساً فصلوا جلوساً) ) ، هَذَا هُوَ فِي مرضه القديم، ثُمَّ صلى بعد ذَلِكَ جالساً والناس خلفه قياماً.

قَالَ أبو عَبْد الله: ولم يأمرهم بالقعود، وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعل النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى فِي مرضه الَّذِي مات فِيهِ جالساً والناس خلفه قيام.
وقد خرج البخاري فيما تقدم من حَدِيْث أَبِي الزناد، عَن الأعرج، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( إنما الإمام ليؤتم بِهِ، فإذا كبر فكبروا) ) – فذكر مثل حَدِيْث أنس إلى قوله: ( ( أجمعون) ) .

وخرجه فيما بعد من حَدِيْث همام بْن منبه، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقد اختلف العلماء فِي صلاة القادر عَلَى القيام خلف الجالس:
فَقَالَتْ طائفة: لا يجوز ذَلِكَ بالكلية، هَذَا قَوْلِ مُحَمَّد بن الْحَسَن والحسن ابن حي ومالك – فِي ظاهر مذهبه – والثوري – فِي رواية عَنْهُ.

وتعلق بعضهم بحديث مرسل، رواه جابر الجعفي، عَن الشَّعْبِيّ، أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( ( لا يؤمن أحد بعدي جالساً) ) .

وجابر، لا يحتج بما يسنده، فكيف بما يرسله؟! وقد طعن فِي حدثيه هَذَا الشَّافِعِيّ وابن أَبِي شيبة والجوزجاني وابن حبان وغيرهم.

وروى سيف بن عُمَر الضبي: ثنا سَعِيد بن عَبْد الله الجمحي، عَن أَبِيه، عَن مُحَمَّد بن مسَلَمَة، قَالَ: دخلت عَلَى رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شكوى اشتكاه، وحضرت الصلاة، فصلى بنا جالساً ونحن قيام، فلما انصرف قَالَ: ( ( إذا صلى إمامكم جالساً فصلوا جلوساً) ) ، وكنا نفعل ذَلِكَ حَتَّى حج حجته، فنهى فيها أن يؤم أحد قوماً وَهُوَ جالس.

خرجه القاضي مُحَمَّد بن بدر فِي ( ( كِتَاب المناهي) ) .

وَهُوَ حَدِيْث باطل، وسيف هَذَا مشهور بالكذب.

وقالت طائفة: يجوز أن يصلي القادر عَلَى القيام خلف الإمام الجالس العاجز عَن القيام بكل حال، وَهُوَ قَوْلِ أَبِي حنيفة وأبي يوسف وزفر وابن المبارك والثوري ومالك
– وفي رِوَايَة عنهما – والأوزاعي والشافعي وغيرهما.

واختلف الرواية عَن الإمام أحمد فِي ذَلِكَ، فالمشهور عَنْهُ: أَنَّهُ لا يجوز أن يأتم القادر عَلَى القيام بالعاجز عَنْهُ، إلا أن يكون العاجز إمام الحي، ويكون جلوسه لمرض يرجى برؤه، ويأتمون بِهِ جلوساً، كما سيأتي – إن شاء الله.

ونقل عَنْهُ الميموني، أَنَّهُ لا يجوز ذَلِكَ إلا خلف الإمام الأعظم خاصة، إذا كَانَ مرضه يرجى برؤه.

وروي عَنْهُ مَا يدل عَلَى جواز الائتمام بالجالس مطلقاً، لكن إن كَانَ إمام الحي ورجي زوال علته صلّوا وراءه جلوساً، وإن كَانَ غير ذَلِكَ صلوا وراءه قياماً.

واختلف القائلون بجواز اقتداء القادر عَلَى القيام بالجالس: هَلْ يصلي وراءه جالساً، أو قائماً؟
فَقَالَتْ طائفة: يصلي وراءه قائماً، هَذَا قَوْلِ المغيرة وحماد وأبي حنيفة والثوري وابن المبارك ومالك والشافعي وأبي ثور.

واعتمدوا عَلَى أقيسة أو عمومات، مثل قوله: ( ( صل قائماً، فإن لَمْ تستطع فقاعداً) ) .

وتبعهم عَلَى ذَلِكَ طائفة من المحديثن كالحميدي والبخاري، وادعوا نسخ أحاديث الأمر بالجلوس لصلاة النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مرض موته قاعداً والناس خلفه قياماً، ولم يأمرهم بالجلوس كما قرره البخاري، وحكاه عَن الحميدي.

وَقَالَ آخرون: بل يصلي القادر عَلَى القيام خلف الإمام الجالس جالساً، هَذَا هُوَ المروي عَن الصَّحَابَة، ولا يعرف عنهم اختلاف فِي ذَلِكَ.

وممن روي عَنْهُ ذَلِكَ من الصَّحَابَة: أسيد بن حضير وقيس بن فهد وجابر بن
عَبْد الله وأبو هُرَيْرَةَ ومحمود بن لبيد.

ولا يعرف عَن صحابي خلاف ذَلِكَ، بل كانوا يفعلون ذَلِكَ فِي مساجدهم ظاهراً، ولم ينكر عليهم عملهم صحابي ولا تابعي.

رَوَى سُلَيْمَان بن بلال، عَن يَحْيَى بن سَعِيد، عَن بشير بن يسار، أن أسيد ابن الحضير كَانَ يؤم قومه بني عَبْد الأشهل فِي مسجدهم، ثُمَّ اشتكى، فخرج إليهم بعد شكوه، فأمروه أن يتقدم فيصلي بهم، فَقَالَ: إني لا استطيع أن أقوم.
قالوا: لا يصلي لنا أحد غيرك مَا كُنْتُ فينا.
فَقَالَ: إني لا أستطيع أن أصلي قائماً فاقعدوا، فصلى قاعداً وصلوا وراءه قعوداً.

خرجه الأثرم وغيره.

وهذا إسناد صحيح.

وروى هِشَام بن عُرْوَةَ، عَن كثير بن السائب، عَن محمود بن لبيد، قَالَ: كَانَ أسيد بن حضير قَدْ اشتكى عرق النسا، وكان لنا إماماً، فكان يخرج إلينا فيشير إلينا بيده أن اجلسوا، فنجلس فيصلي بنا جالساً ونحن جلوس.

خرجه الدارقطني.
وروى قيس بن أَبِي حَازِم، عَن قيس بن فهد، أن إماماً لهم اشتكى أياماً.

قَالَ: فصلينا بصلاته جلوساً.

خرجه أبو الْقَاسِم البغوي وذكره البخاري فِي ( ( تاريخه) ) .

وروى يَحْيَى بن سَعِيد، عَن أَبِي الزُّبَيْر، عَن جابر، أَنَّهُ فعل ذَلِكَ مَعَ أصحابه.

وروى وكيع، عَن إِسْمَاعِيل بن أَبِي خَالِد، عَن قيس بن أَبِي حَازِم، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: الإمام أمير، فإن صلى قائماً فصلوا قياماً، وإن صلى قاعداً فصلوا قعوداً.

قَالَ الإمام أحمد: فعله أربعة من الصَّحَابَة: أسيد بن حضير وقيس بن قهد، وجابر، وأبو هُرَيْرَةَ.
قَالَ: ويروى عَن خمسة، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا صلى جالساً فصلوا جلوساً) ) ، ولا أعلم شيئاً يدفعه.

وهذا من علمه وورعه - رضي الله عنه -، فإنه إنما دفع ذَلِكَ بالنسخ وهي دعوى مردودة، كما سيأتي بيانه – إن شاء الله تعالى.

وكان الإمام أحمد يتورع عَن إطلاق النسخ؛ لأن إبطال الأحكام الثابتة بمجرد الاحتمالات مَعَ إمكان الجمع بينها وبين مَا يدعى معرضها غير جائز، وإذا أمكن الجمع بينها والعمل بِهَا كلها وجب ذَلِكَ، ولم يجز دعوى النسخ مَعَهُ، وهذه قاعدة مطردة.

وهي: أنا إذا وجدنا حديثاً صحيحاً صريحاً فِي حكم من الأحكام، فإنه لا يرد باستنباط من نَصَّ آخر لَمْ يسق لذلك المعنى بالكلية، فلا ترد أحاديث تحريم صيد المدينة بما يستنبط من حَدِيْث النغير، ولا أحاديث توقيت صلاة العصر الصريحة بحديث:
( ( مثلكم فيما خلا قبلكم من الأمم كمثل رَجُل استأجر أجراء) ) – الحَدِيْث، ولا أحاديث: ( ( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) ) بقوله: ( ( فيما سقت السماء العشر) ) .

وقد ذكر الشَّافِعِيّ أن هَذَا لَمْ يسق لبيان قدر مَا يجب مِنْهُ الزَّكَاةِ، بل لبيان قدر الزَّكَاةِ، وما أشبه هَذَا.

وممن ذهب إلى أن المأموم يصلي جالساً خلف الإمام الجالس بكل حال من العلماء: الأوزاعي وحماد بن زيد وأحمد وأسحاق وأبو خيثمة زهير بن حرب وسليمان بن داود الهاشمي وأبو بَكْر بن أَبِي شيبة وأبو إسحاق الجوزجاني وابن المنذر وابن خزيمة وابن حبان، ونقله إجماعاً قديماً من السلف، حَتَّى قَالَ فِي ( ( صحيحه) ) : أول من أبطل فِي هذه الأمة صلاة المأموم قاعداً إذا صلى إمامه جالساً: المغيرة بن مقسم، وعنه أخذ أبو حنيفة.

وأما دعوى النسخ فِي هَذَا فَقَدْ بينا أَنَّهُ لا يجوز دعوى بطلان الحكم مَعَ إمكان العمل بِهِ ولو بوجه، وسنبين وجه العمل بِهِ، والجمع بَيْن مَا أدعى عَلِيهِ التعارض – إن شاء الله تعالى.

ويدل عَلَى أن الأمر بالقعود خلف الإمام القاعد غير منسوخ: أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علله بعلل لَمْ تنسخ ولم تبطل منذ شرعت.
ومنها: أَنَّهُ علله بأن الإمام إنما جعل إماماً ليؤتم بِهِ ويقتدى بِهِ فِي أفعاله،.

     وَقَالَ : ( ( إذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قَالَ: سَمِعَ الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون) ) ,
وما قَبْلَ الصلاة جلوساً لَمْ ينسخ مِنْهُ شيء، فكذلك القعود؛ لأن الجميع مرتب عَلَى أن الإمام يؤتم بِهِ ويقتدى بِهِ.

وفي ( ( صحيح مُسْلِم) ) عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( إنما الإمام جنة، فإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً، وإذا قَالَ: سَمِعَ الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لَكَ الحمد، فإذا وافق قول أهل الأرض [قَوْلِ] أهل السماء غفر لَهُ مَا تقدم من ذنبه) ) .

ومعنى كونه جنة: أَنَّهُ يتقى بِهِ ويستتر، ولهذا إذا سلمت سترته لَمْ يضر مَا مر بَيْن يديه، كما سبق تقريره.

ومنها: أَنَّهُ جعل القعود خلفه من طاعة الأمراء، وطاعة الأمراء من طاعة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وطاعته من طاعة الله، ومعلوم: أَنَّهُ لَمْ ينسخ من هذه شيء، بل كلها باقية محكمة إلى يوم القيامة.

فخرج الإمام أحمد وابن حبان فِي ( ( صحيحه) ) من حَدِيْث ابن عُمَر، أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي نفر من أصحابه، فَقَالَ: ( ( ألستم تعلمون أني رَسُول الله إليكم؟) ) .
قالوا: بلى، نشهد أنه رَسُول الله، قَالَ: ( ( ألستم تعلمون أَنَّهُ من أطاعني أطاع الله، ومن طاعة الله طاعتي؟) ) .
قالوا: بلى، نشهد أَنَّهُ من أطاعك فَقَدْ أطاع الله، ومن طاعة الله طاعتك، قَالَ: ( ( فإن من طاعة الله أن تطيعوني، ومن طاعتي أن تطيعوا أمراءكم، وإن صلوا قعوداً فصلوا قعوداً) ) .

وفي رِوَايَة لهما – أَيْضاً – ( ( ومن طاعتي أن تطيعوا أئمتكم) ) .

وهذا يصلح أن يكون متمسكاً للأمام أحمد فِي تخصيصه ذَلِكَ بإمام الحي؛ فإن أئمة الحي إنما ينصبهم الأئمة غالباً، وخصة – فِي رِوَايَة عَنْهُ - بالأمام الأعظم الَّذِي تجب طاعته.

ومنها: أَنَّهُ جعل القيام خلف الإمام الجالس من جنس فعل فارس والروم بعظمائها، حيث يقومون وملوكهم جلوس، وشريعتنا جاءت بخلاف ذَلِكَ، كما قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( من احب أن يتمثل لَهُ الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار) ) .

وَقَالَ عُمَر بن عَبْد العزيز للناس: أيها النَّاس، إن تقوموا نقم، وإن تجلسوا نجلس، فإنما يقوم النَّاس لرب العالمين.

وهذا حكم مستقر فِي الشريعة، لَمْ ينسخ ولم يبدل.

وقد دل عَلَى مَا ذكرناه: مَا خرجه مُسْلِم من حَدِيْث أَبِي الزُّبَيْر، عَن جابر، قَالَ: اشتكى رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فصلينا وراءه وَهُوَ قاعد، وأبو بَكْر يسمع النَّاس تكبيره، فالتفت إلينا، فرآنا قياماً، فأشار إلينا، فقعدنا فصلينا بصلاته قعوداً، فلما سلم قَالَ: ( ( إن كدتم – آنفاً – تفعلون فعل فارس والروم، يقومون عَلَى ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم، إن صلوا قياماً فصلوا قياماً، وإن صلوا قعوداً فصلوا قعوداً) ) .

وخرج الإمام أحمد وأبو داود وابن حبان فِي ( ( صحيحه) ) من حَدِيْث الأعمش، عَن أَبِي سُفْيَان، عَن جابر – فِي هذه القصة – أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لهم: ( ( إنما جعل الإمام ليؤتم بِهِ، فإن صلى قائماً فصلوا قياماً، وإن صلى جالساً فصلوا جلوساً، ولا تقوموا وَهُوَ جالس كما يفعل أهل فارس بعظامها) ) .

وأما الكلام عَلَى دعوى النسخ، عَلَى قَوْلِ من قَالَ: إن أَبَا بَكْر كَانَ مأموماً، فأما عَلَى قَوْلِ من قَالَ: إنه كَانَ إماماً، وكان النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأتم بِهِ، كما تقدم عَن مَالِك وغيره، فلا دلالة فِي الحَدِيْث حينئذ عَلَى أن الائتمام بالقاعد بالكلية.

وأما من قَالَ: إن الإمام كَانَ هُوَ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كما قاله الشَّافِعِيّ والإمام أحمد والبخاري والأكثرون، فالجمع بَيْن هَذَا الحَدِيْث وبين الأحاديث المتقدمة الَّتِيْ فيها الأمر بالجلوس فِي الصلاة من وجهين:
أحدهما – وَهُوَ الَّذِي ذكره الإمام أحمد -: أن المؤتمين بأبي بَكْر ائتموا بإمام ابتدأ بهم الصلاة وَهُوَ قائم، ثُمَّ لما انتقلت مِنْهُ الإمامة إلى النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انتقلوا إلى الائتمام بقاعد، فاتموا خلفه قياماً لابتدائهم الصلاة خلف إمام قائم.

فعلى هَذَا التقرير نقول: إن ابتدأ بهم الإمام الصلاة جالساً صلوا وراءه جلوساً، وإن ابتدأ بهم قائماً ثُمَّ اعتل فجلس أتموا خلفه قياماً.
هكذا قرره الإمام أحمد وأصحابه.

ومنهم من قَالَ: إنه تصح هنا صلاة المأمومين خلفه قياماً إذا جلس فِي أثناء صلاته لعلة، وسواء كَانَ إمام حي أو لَمْ يكن، بخلاف ابتداء صلاة القائم خلف الجالس، فإنها عِنْدَ الإمام أحمد إلا إذا كَانَ إمام الحي، وجلس لمرض يرجى برؤه خاصة، فإنه يغتفر فِي الاستدامة مَا لا يغتفر فِي الابتداء.

وممن قَالَ ذَلِكَ من أصحابنا: أبو الفتح الحلواني.
أن تحمل أحاديث الأمر بالقعود عَلَى الاستحباب، وحديث صلاته فِي مرضه من غير أمر لهم بالجلوس عَلَى جواز أن يأتموا بالقاعد قياماً، فيكون المأمومون مخيرين بَيْن الأمرين، وإن كَانَ الجلوس أفضل.

وهذا يتخرج عَلَى قَوْلِ من قَالَ: إنهم إذا ائتموا بالجلوس قياماً صحت صلاتهم، وقد اختلف أصحابنا فِي ذَلِكَ عَلَى وجهين.

وظهر لِي وجه ثالث فِي الجمع بَيْن هذه الأحاديث، وَهُوَ متجه عَلَى قَوْلِ الإمام أحمد: أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إماماً لأبي بَكْر، وكان أبو بَكْر إماماً للناس، فكانت تلك الصلاة بإمامين.

وحينئذ فيقال: لما اجتمع فِي هذه الصلاة إمامان، أحدهما جالس والآخر قائم صلى المأمومون خلفهما قياماً اتباعاً لإمامهم القائم؛ فإن الأصل القيام، وقد اجتمع موجب للقيام عليهم، وموجب للقعود أو مبيح لَهُ، فغلب جانب القيام؛ لأنه الأصل، كما إذا اجتمع فِي حل الصيد أو الأكل مبيح وحاظر، فإنه يغلب الحظر.
وأما أبو بَكْر فإنه إنما صلى قائماً؛ لأنه وإن ائتم بقاعد إلا أَنَّهُ أم قادرين عَلَى القيام، وَهُوَ قادر عَلِيهِ، فاجتمع فِي حقه – أَيْضاً – سببان: موجب للقيام، ومسقط لَهُ، فغلب إيجاب القيام.
والله - سبحانه وتعالى - أعلم.