هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
809 حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قُلْنَا : السَّلاَمُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ ، فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ ، فَلْيَقُلْ : التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمُوهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
809 حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا الأعمش ، عن شقيق بن سلمة ، قال : قال عبد الله : كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، قلنا : السلام على جبريل وميكائيل السلام على فلان وفلان ، فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله هو السلام ، فإذا صلى أحدكم ، فليقل : التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عَبْدِ اللَّهِ : كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قُلْنَا : السَّلاَمُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ ، فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ ، فَلْيَقُلْ : التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمُوهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .

Narrated Shaqiq bin Salama:

`Abdullah said, Whenever we prayed behind the Prophet (ﷺ) we used to recite (in sitting) 'Peace be on Gabriel, Michael, peace be on so and so. Once Allah's Messenger (ﷺ) looked back at us and said, 'Allah Himself is As-Salam (Peace), and if anyone of you prays then he should say, at-Tahiyatu li l-lahi wa ssalawatu wa t-taiyibat. As-salamu `alalika aiyuha n-Nabiyu wa rahmatu l-lahi wa barakatuh. Assalamu `alaina wa `ala `ibadi l-lahi s-salihin. (All the compliments, prayers and good things are due to Allah; peace be on you, O Prophet, and Allah's mercy and blessings [be on you]. Peace be on us an on the pious subjects of Allah). (If you say that, it will reach all the subjects in the heaven and the earth). Ash-hadu al-la ilaha illa l-lah, wa ash-hadu anna Muhammadan `Abduhu wa Rasuluh. (I testify that there is no Deity [worthy of worship] but Allah, and I testify that Muhammad is His slave and His Apostle).

":"ہم سے ابونعیم فضل بن دکین نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے اعمش نے شقیق بن سلمہ سے بیان کیا کہ عبداللہ بن مسعود رضی اللہ عنہما نے فرمایا کہجب ہم نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے پیچھے نماز پڑھتے تو کہتے ( ترجمہ ) سلام ہو جبرائیل اور میکائیل پر سلام ہو فلاں اور فلاں پر ( اللہ پر سلام ) نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم ایک روز ہماری طرف متوجہ ہوئے اور فرمایا اللہ تو خود ” سلام “ ہے ۔ ( تم اللہ کو کیا سلام کرتے ہو ) اس لیے جب تم میں سے کوئی نماز پڑھے تو یہ کہے «التحيات لله ،‏‏‏‏ والصلوات والطيبات ،‏‏‏‏ السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ،‏‏‏‏ السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين‏» تمام آداب بندگی ، تمام عبادات اور تمام بہترین تعریفیں اللہ کے لیے ہیں ۔ آپ پر سلام ہو اے نبی اور اللہ کی رحمتیں اور اس کی برکتیں ہم پر سلام اور اللہ کے تمام صالح بندوں پر سلام ۔ جب تم یہ کہو گے تو تمہارا سلام آسمان و زمین میں جہاں کوئی اللہ کا نیک بندہ ہے اس کو پہنچ جائے گا ۔ میں گواہی دیتا ہوں کہ اللہ کے سوا کوئی معبود نہیں اور گواہی دیتا ہوں کہ محمد اس کے بندے اور رسول ہیں ۔

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( قَولُهُ بَابُ التَّشَهُّدِ فِي الْآخِرَةِ)
أَيِ الْجِلْسَةِ الْآخِرَة قَالَ بن رَشِيدٍ لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ تَعْيِينُ مَحَلِّ الْقَوْلِ لَكِنْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ

[ قــ :809 ... غــ :831] قَوْلِهِ فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ فَإِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ إِذَا صَلَّى أَيْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ لَكِنْ تَعَذَّرَ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ لَا يَكُونُ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَمَّا تَعَيَّنَ الْمَجَازُ كَانَ حَمْلُهُ عَلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ أَوْلَى لِأَنَّهُ هُوَ الْأَقْرَبُ إِلَى الْحَقِيقَةِ.

قُلْتُ وَهَذَا التَّقْرِيرُ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ فِي أَنَّ السَّلَامَ جُزْءٌ مِنَ الصَّلَاةِ لَا أَنَّهُ لِلتَّحَلُّلِ مِنْهَا فَقَطْ وَالْأَشْبَهُ بِتَصَرُّفِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ مِنْ تَعْيِينِ مَحَلِّ الْقَوْلِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ  عَنْ شَقِيقٍ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْآتِيَةِ بَعْدَ بَابٍ عَنِ الْأَعْمَشِ حَدَّثَنِي شَقِيقٌ .

     قَوْلُهُ  كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْمَذْكُورَةِ كُنَّا إِذَا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَلِأَبِي دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ إِذَا جَلَسْنَا وَمِثْلُهُ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ يَحْيَى وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ وَلِابْنِ إِسْحَاقَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ كِلَاهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ نَحْوُهُ .

     قَوْلُهُ  قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ اخْتِصَارٌ ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ كَذَا وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ فِيهَا وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَقَالَ قَبْلَ عِبَادِهِ وَكَذَا لِلْمُصَنِّفِ فِي الِاسْتِئْذَانِ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنِ الْأَعْمَشِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةِ يَتَبَيَّنُ مَوْقِعُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ وَلَفْظُهُ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْمَذْكُورَةِ لَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ .

     قَوْلُهُ  السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ الْأَعْمَش عِنْد بن مَاجَهْ يَعْنُونَ الْمَلَائِكَةَ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ فَنَعُدُّ الْمَلَائِكَةَ وَمِثْلُهُ لِلسَّرَّاجِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنِ الْأَعْمَشِ بِلَفْظِ فَنَعُدُّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا شَاءَ اللَّهُ .

     قَوْلُهُ  فَالْتَفَتَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَلَّمَهُمْ بِذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَهُوَ شَقِيقٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ بِلَفْظِ فَسَمِعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قُولُوا لَكِنْ بَيَّنَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ فِي رِوَايَتِهِ الْمَذْكُورَةِ الْمَحَلَّ الَّذِي خَاطَبَهُمْ بِذَلِكَ فِيهِ وَأَنَّهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ وَلَفْظُهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ وَفِي رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ أَيْضًا فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ التَّسْلِيمَ عَلَى اللَّهِ وَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ عَكْسُ مَا يَجِبُ أَنْ يُقَالَ فَإِنَّ كُلَّ سَلَامٍ وَرَحْمَةٍ لَهُ وَمِنْهُ وَهُوَ مَالِكُهَا وَمُعْطِيهَا.

     وَقَالَ  التُّورِبِشْتِيُّ وَجْهُ النَّهْيِ عَنِ السَّلَامِ عَلَى اللَّهِ لِأَنَّهُ الْمَرْجُوعُ إِلَيْهِ بِالْمَسَائِلِ الْمُتَعَالِي عَنِ الْمَعَانِي الْمَذْكُورَةِ فَكَيْفَ يُدْعَى لَهُ وَهُوَ الْمَدْعُوُّ عَلَى الْحَالَاتِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ الْمُرَادُ أَنَّ اللَّهَ هُوَ ذُو السَّلَامِ فَلَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ السَّلَامَ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ وَمَرْجِعُ الْأَمْرِ فِي إِضَافَتِهِ إِلَيْهِ أَنَّهُ ذُو السَّلَامِ مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَعَيْبٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَرْجِعُهَا إِلَى حَظِّ الْعَبْدِ فِيمَا يَطْلُبُهُ مِنَ السَّلَامَةِ مِنَ الْآفَاتِ وَالْمَهَالِكِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى يَعْنِي السَّالِمَ مِنَ النَّقَائِصِ وَيُقَالُ الْمُسلم أَوْلِيَاء وَقيل الْمُسلم عَلَيْهِم قَالَ بن الْأَنْبَارِيِّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَصْرِفُوهُ إِلَى الْخَلْقِ لِحَاجَتِهِمْ إِلَى السَّلَامَةِ وَغِنَاهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْهَا .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ بَيَّنَ حَفْصٌ فِي رِوَايَتِهِ الْمَذْكُورَةِ مَحَلَّ الْقَوْلِ وَلَفْظُهُ فَإِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ وَفِي رِوَايَةِ حُصَيْنٍ الْمَذْكُورَةِ إِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ كُنَّا لَا نَدْرِي مَا نَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَلَّمَ فَوَاتِحَ الْخَيْرِ وَخَوَاتِمَهُ فَقَالَ إِذَا قَعَدْتُمْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَقُولُوا وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَقُولُوا فِي كُلِّ جَلْسَةٍ وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّشَهُّدَ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ وَفِي آخِرِهَا وَزَادَ الطَّحَاوِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي أَوَّلِهِ وَأَخَذْتُ التَّشَهُّدَ مِنْ فِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَقَّنَنِيهِ كَلِمَةً كَلِمَةً وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الِاسْتِئْذَانِ من طَرِيق أبي معمر عَن بن مَسْعُودٍ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّشَهُّدَ وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ فَلْيَقُلْ عَلَى الْوُجُوبِ خِلَافًا لِمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ كَمَالِكٍ وَأَجَابَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَنْدُوبٌ وَقَدْ وَقَعَ الْأَمْرُ بِهِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَتْ فسبح باسم رَبك الْعَظِيم اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ الْحَدِيثَ فَكَذَلِكَ التَّشَهُّدُ وَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْأَمْرَ حَقِيقَتُهُ الْوُجُوبُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ إِلَّا إِذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ وَلَوْلَا الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْوُجُوبِ انْتَهَى وَفِي دَعْوَى هَذَا الْإِجْمَاعِ نَظَرٌ فَإِنَّ أَحْمَدَ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ وَيَقُولُ بِوُجُوبِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَيْضًا وَرِوَايَةُ أَبِي الْأَحْوَصِ الْمُتَقَدِّمَةُ وَغَيْرُهَا تُقَوِّيهِ وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا فِيهِ قبل بِبَاب وَقد جَاءَ عَن بن مَسْعُودٍ التَّصْرِيحُ بِفَرْضِيَّةِ التَّشَهُّدِ وَذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ عَلْقَمَةَ عَن بن مَسْعُودٍ كُنَّا لَا نَدْرِي مَا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ .

     قَوْلُهُ  التَّحِيَّاتُ جَمْعُ تَحِيَّةٍ وَمَعْنَاهَا السَّلَامُ وَقِيلَ الْبَقَاءُ وَقِيلَ الْعَظَمَةُ وَقِيلَ السَّلَامَةُ مِنَ الْآفَاتِ وَالنَّقْصِ وَقِيلَ الْمَلِكُ.

     وَقَالَ  أَبُو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ لَيْسَتِ التَّحِيَّةُ الْمَلِكَ نَفْسَهُ لَكِنَّهَا الْكَلَامُ الَّذِي يُحَيَّا بِهِ الْمَلِكُ.

     وَقَالَ  بن قُتَيْبَةَ لَمْ يَكُنْ يُحَيَّا إِلَّا الْمَلِكُ خَاصَّةً وَكَانَ لِكُلِّ مَلِكٍ تَحِيَّةٌ تَخُصُّهُ فَلِهَذَا جُمِعَتْ فَكَانَ الْمَعْنَى التَّحِيَّاتُ الَّتِي كَانُوا يُسَلِّمُونَ بِهَا عَلَى الْمُلُوكِ كُلُّهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلَّهِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ ثُمَّ الْبَغَوِيُّ وَلَمْ يَكُنْ فِي تَحِيَّاتِهِمْ شَيْءٌ يَصْلُحُ لِلثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ فَلِهَذَا أُبْهِمَتْ أَلْفَاظُهَا وَاسْتُعْمِلَ مِنْهَا مَعْنَى التَّعْظِيمِ فَقَالَ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ أَيْ أَنْوَاعُ التَّعْظِيمِ لَهُ.

     وَقَالَ  الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ التَّحِيَّةِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمَعَانِي الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهَا وَكَوْنُهَا بِمَعْنَى السَّلَامِ أَنْسَبُ هُنَا .

     قَوْلُهُ  وَالصَّلَوَاتُ قِيلَ الْمُرَادُ الْخَمْسُ أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ فِي كُلِّ شَرِيعَةٍ وَقِيلَ الْمُرَادُ الْعِبَادَاتُ كُلُّهَا وَقِيلَ الدَّعَوَاتُ وَقِيلَ الْمُرَادُ الرَّحْمَةُ وَقِيلَ التَّحِيَّاتُ الْعِبَادَاتُ الْقَوْلِيَّةُ وَالصَّلَوَاتُ الْعِبَادَاتُ الْفِعْلِيَّةُ والطيبات الصَّدقَات الْمَالِيَّة .

     قَوْلُهُ  وَالطَّيِّبَاتُ أَيْ مَا طَابَ مِنَ الْكَلَامِ وَحَسُنَ أَنْ يُثْنَى بِهِ عَلَى اللَّهِ دُونَ مَا لَا يَلِيقُ بِصِفَاتِهِ مِمَّا كَانَ الْمُلُوكُ يُحَيَّوْنَ بِهِ وَقِيلَ الطَّيِّبَاتُ ذِكْرُ اللَّهِ وَقِيلَ الْأَقْوَالُ الصَّالِحَةُ كَالدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ وَقِيلَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ وَهُوَ أَعم قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ إِذَا حُمِلَ التَّحِيَّةُ عَلَى السَّلَامِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ التَّحِيَّاتُ الَّتِي تُعَظَّمُ بِهَا الْمُلُوكُ مُسْتَمِرَّةٌ لِلَّهِ وَإِذَا حُمِلَ عَلَى الْبَقَاءِ فَلَا شَكَّ فِي اخْتِصَاصِ اللَّهِ بِهِ وَكَذَلِكَ الْمُلْكُ الْحَقِيقِيُّ وَالْعَظَمَةُ التَّامَّةُ وَإِذَا حُمِلَتِ الصَّلَاةُ عَلَى الْعَهْدِ أَوِ الْجِنْسِ كَانَ التَّقْدِيرُ أَنَّهَا لِلَّهِ وَاجِبَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْصَدَ بِهَا غَيْرُهُ وَإِذَا حُمِلَتْ عَلَى الرَّحْمَةِ فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ لِلَّهِ أَنَّهُ الْمُتَفَضِّلُ بِهَا لِأَنَّ الرَّحْمَةَ التَّامَّةَ لِلَّهِ يُؤْتِيهَا مَنْ يَشَاءُ وَإِذَا حُمِلَتْ عَلَى الدُّعَاءِ فَظَاهِرٌ.
وَأَمَّا الطَّيِّبَاتُ فَقَدْ فُسِّرَتْ بِالْأَقْوَالِ وَلَعَلَّ تَفْسِيرَهَا بِمَا هُوَ أَعَمُّ أَوْلَى فَتَشْمَلُ الْأَفْعَالَ وَالْأَقْوَالَ وَالْأَوْصَافَ وَطِيبُهَا كَوْنُهَا كَامِلَةً خَالِصَةً عَنِ الشَّوَائِبِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ .

     قَوْلُهُ  لِلَّهِ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْإِخْلَاصِ فِي الْعِبَادَةِ أَيْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُفْعَلُ إِلَّا لِلَّهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الِاعْتِرَافُ بِأَنَّ مَلِكَ الْمُلُوكِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ كُلَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلَّهِ تَعَالَى.

     وَقَالَ  الْبَيْضَاوِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ عَطْفًا عَلَى التَّحِيَّاتِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَوَاتُ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ وَالطَّيِّبَاتُ مَعْطُوفَةٌ عَلَيْهَا وَالْوَاوُ الْأُولَى لِعَطْفِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ وَالثَّانِيَةُ لعطف الْمُفْرد على الْجُمْلَة.

     وَقَالَ  بن مَالِكٍ إِنْ جُعِلَتِ التَّحِيَّاتُ مُبْتَدَأً وَلَمْ تَكُنْ صِفَةً لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ كَانَ قَوْلُكَ وَالصَّلَوَاتُ مُبْتَدَأً لِئَلَّا يُعْطَفَ نَعْتٌ عَلَى مَنْعُوتِهِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْجُمَلِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ وَكُلُّ جُمْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٌ بِفَائِدَتِهَا وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُوجَدُ عِنْدَ إِسْقَاطِ الْوَاوِ .

     قَوْلُهُ  السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ يَجُوزُ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ أَيِ السَّلَامُ حَذْفُ اللَّامِ وَإِثْبَاتُهَا وَالْإِثْبَاتُ أَفْضَلُ وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي رِوَايَاتِ الصَّحِيحَيْنِ.

قُلْتُ لَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ بِحَذْفِ اللَّامِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ ذَلِكَ فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ قَالَ الطِّيبِيُّ أَصْلُ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ سَلَامًا عَلَيْكَ ثُمَّ حُذِفَ الْفِعْلُ وَأُقِيمَ الْمَصْدَرُ مَقَامَهُ وَعُدِلَ عَنِ النَّصْبِ إِلَى الرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى ثُبُوتِ الْمَعْنَى وَاسْتِقْرَارِهِ ثُمَّ التَّعْرِيفُ إِمَّا لِلْعَهْدِ التَّقْدِيرِيِّ أَيْ ذَلِكَ السَّلَامُ الَّذِي وُجِّهَ إِلَى الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَكَذَلِكَ السَّلَامُ الَّذِي وُجِّهَ إِلَى الْأُمَمِ السَّالِفَةِ عَلَيْنَا وَعَلَى إِخْوَانِنَا وَإِمَّا لِلْجِنْسِ وَالْمَعْنَى أَنَّ حَقِيقَةَ السَّلَامِ الَّذِي يَعْرِفُهُ كُلُّ وَاحِدٍ وَعَمَّنْ يَصْدُرُ وَعَلَى مَنْ يَنْزِلُ عَلَيْكَ وَعَلَيْنَا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ إِشَارَةً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَسَلَامٌ على عباده الَّذين اصْطفى قَالَ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ التَّقَادِيرَ أَوْلَى مِنْ تَقْدِيرِ النَّكِرَةِ انْتَهَى وَحَكَى صَاحِبُ الْإِقْلِيدِ عَنْ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ التَّنْكِيرَ فِيهِ لِلتَّعْظِيمِ وَهُوَ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ لَا يَقْصُرُ عَنِ الْوُجُوهِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

     وَقَالَ  الْبَيْضَاوِيُّ عَلَّمَهُمْ أَنْ يُفْرِدُوهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالذِّكْرِ لِشَرَفِهِ وَمَزِيدِ حَقِّهِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَلَّمَهُمْ أَنْ يُخَصِّصُوا أَنْفُسَهُمْ أَوَّلًا لِأَنَّ الِاهْتِمَامَ بِهَا أَهَمُّ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِتَعْمِيمِ السَّلَامِ عَلَى الصَّالِحِينَ إِعْلَامًا مِنْهُ بِأَنَّ الدُّعَاءَ لِلْمُؤْمِنِينَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ شَامِلًا لَهُمْ.

     وَقَالَ  التُّورِبِشْتِيُّ السَّلَامُ بِمَعْنَى السَّلَامَةِ كَالْمَقَامِ وَالْمَقَامَةِ وَالسَّلَامُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وُضِعَ الْمَصْدَرُ مَوْضِعَ الِاسْمِ مُبَالَغَةً وَالْمَعْنَى أَنَّهُ سَالِمٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَآفَةٍ وَنَقْصٍ وَفَسَادٍ وَمَعْنَى قَوْلِنَا السَّلَامُ عَلَيْكَ الدُّعَاءُ أَيْ سَلِمْتَ مِنَ الْمَكَارِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكَ كَأَنَّهُ تَبَرَّكَ عَلَيْهِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ شُرِعَ هَذَا اللَّفْظُ وَهُوَ خِطَابُ بَشَرٍ مَعَ كَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ قِيلَ مَا الْحِكْمَةُ فِي الْعُدُولِ عَنِ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ مَعَ أَنَّ لَفْظَ الْغَيْبَةِ هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ السِّيَاقُ كَأَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ فَيَنْتَقِلُ مِنْ تَحِيَّةِ اللَّهِ إِلَى تَحِيَّةِ النَّبِيِّ ثُمَّ إِلَى تَحِيَّةِ النَّفْسِ ثُمَّ إِلَى الصَّالِحِينَ أَجَابَ الطِّيبِيُّ بِمَا مُحَصَّلُهُ نَحْنُ نَتَّبِعُ لَفْظَ الرَّسُولِ بِعَيْنِهِ الَّذِي كَانَ عَلَّمَهُ الصَّحَابَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ عَلَى طَرِيقِ أَهْلِ الْعِرْفَانِ إِنَّ الْمُصَلِّينَ لَمَّا اسْتَفْتَحُوا بَابَ الْمَلَكُوتِ بِالتَّحِيَّاتِ أُذِنَ لَهُمْ بِالدُّخُولِ فِي حَرِيمِ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ فَقَرَّتْ أَعْيُنُهُمْ بِالْمُنَاجَاةِ فَنُبِّهُوا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِوَاسِطَةِ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَبَرَكَةِ مُتَابَعَتِهِ فَالْتَفَتُوا فَإِذَا الْحَبِيبُ فِي حَرَمِ الْحَبِيبِ حَاضِرٌ فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ قَائِلِينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ اه وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ هَذَا مَا يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ بَيْنَ زَمَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُقَالُ بِلَفْظِ الْخِطَابِ.
وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيُقَالُ بِلَفْظِ الْغَيْبَةِ وَهُوَ مِمَّا يُخْدَشُ فِي وَجْهِ الِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ فَفِي الِاسْتِئْذَانِ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَعْمَرٍ عَن بن مَسْعُودٍ بَعْدَ أَنْ سَاقَ حَدِيثَ التَّشَهُّدِ قَالَ وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا السَّلَامُ يَعْنِي عَلَى النَّبِيِّ كَذَا وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالسَّرَّاجُ وَالْجَوْزَقِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ بِحَذْفِ لَفْظِ يَعْنِي وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مِنْ عِنْدِ أَبِي عَوَانَةَ وَحْدَهُ إِنْ صَحَّ هَذَا عَنِ الصَّحَابَةِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْخِطَابَ فِي السَّلَامِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ وَاجِبٍ فَيُقَالُ السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ.

قُلْتُ قَدْ صَحَّ بِلَا رَيْبٍ وَقَدْ وَجَدْتُ لَهُ مُتَابِعًا قَوِيًّا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أخبرنَا بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَقُولُونَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ فَلَمَّا مَاتَ قَالُوا السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.
وَأَمَّا مَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علمهمْ التَّشَهُّد فَذكره قَالَ فَقَالَ بن عَبَّاسٍ إِنَّمَا كُنَّا نَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِي إِذْ كَانَ حَيا فَقَالَ بن مَسْعُودٍ هَكَذَا عَلَّمَنَا وَهَكَذَا نُعَلِّمُ فَظَاهِرٌ أَنَّ بن عَبَّاس قَالَه بحثا وَأَن بن مَسْعُودٍ لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ لَكِنَّ رِوَايَةَ أَبِي مَعْمَرٍ أَصَحُّ لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ وَالْإِسْنَادُ إِلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ ضَعِيفٌ فَإِنْ قِيلَ لِمَ عَدَلَ عَنِ الْوَصْفِ بِالرِّسَالَةِ إِلَى الْوَصْفِ بِالنُّبُوَّةِ مَعَ أَنَّ الْوَصْفَ بِالرِّسَالَةِ أَعَمُّ فِي حَقِّ الْبَشَرِ أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَجْمَعَ لَهُ الْوَصْفَيْنِ لِكَوْنِهِ وَصَفَهُ بِالرِّسَالَةِ فِي آخِرِ التَّشَهُّدِ وَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ الْبَشَرِيُّ يَسْتَلْزِمُ النُّبُوَّةَ لَكِنَّ التَّصْرِيحَ بِهِمَا أَبْلَغُ قِيلَ وَالْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيمِ الْوَصْفِ بِالنُّبُوَّةِ أَنَّهَا كَذَا وُجِدَتْ فِي الْخَارِجِ لِنُزُولِ قَوْله تَعَالَى اقْرَأ باسم رَبك قَبْلَ قَوْلِهِ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَرَحْمَةُ اللَّهِ أَيْ إِحْسَانُهُ وَبَرَكَاتُهُ أَيْ زِيَادَتُهُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ .

     قَوْلُهُ  السَّلَامُ عَلَيْنَا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْبَدَاءَةِ بِالنَّفْسِ فِي الدُّعَاءِ وَفِي التِّرْمِذِيِّ مُصَحَّحًا مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا فَدَعَا لَهُ بَدَأَ بِنَفْسِهِ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ وَمِنْهُ قَوْلُ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ كَمَا فِي التَّنْزِيلِ .

     قَوْلُهُ  عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ الْأَشْهَرُ فِي تَفْسِيرِ الصَّالِحِ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ عِبَادِهِ وَتَتَفَاوَتُ دَرَجَاتُهُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْظَى بِهَذَا السَّلَامِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ الْخَلْقُ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَكُنْ عَبْدًا صَالِحًا وَإِلَّا حُرِمَ هَذَا الْفَضْلُ الْعَظِيمُ.

     وَقَالَ  الْفَاكِهَانِيُّ يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي أَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي لِيَتَوَافَقَ لَفْظُهُ مَعَ قَصْدِهِ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمُوهَا أَيْ وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَهُوَ كَلَامٌ مُعْتَرِضٌ بَيْنَ قَوْلِهِ الصَّالِحِينَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَشْهَدُ إِلَخْ وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ لِلِاهْتِمَامِ بِهَا لِكَوْنِهِ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ عَدَّ الْمَلَائِكَةِ وَاحِدًا وَاحِدًا وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُهُمْ لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ فَعَلَّمَهُمْ لَفْظًا يَشْمَلُ الْجَمِيعَ مَعَ غَيْرِ الْمَلَائِكَةِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَغَيْرِهِمْ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ وَهَذَا مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ الَّتِي أُوتِيَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَة بقول بن مَسْعُودٍ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَلَّمَ فَوَاتِحَ الْخَيْرِ وَخَوَاتِمَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ سِيَاقُ التَّشَهُّدِ مُتَوَالِيًا وَتَأْخِيرُ الْكَلَامِ الْمَذْكُورِ بَعْدُ وَهُوَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ الْمُضَافَ وَالْجَمْعَ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يَعُمُّ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ثُمَّ قَالَ أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ جَمْعَ التَّكْسِيرِ لِلْعُمُومِ وَفِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ نَظَرٌ وَاسْتُدِلَّ بِهِ على أَن للْعُمُوم صِيغَة قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ عِنْدَنَا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَتَصَرُّفَاتِ أَلْفَاظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَالَ وَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادٍ لَا تُحْصَى لَا لِلِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فِي رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ عَنْ يَحْيَى أَوْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالشَّكُّ فِيهِ مِنْ مُسَدَّدٍ وَإِلَّا فَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ يَحْيَى بِلَفْظِ مِنْ أهل السَّمَاء وَالْأَرْض أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُ .

     قَوْلُهُ  أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله زَاد بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ لَكِنْ ثَبَتَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى عِنْدَ مُسْلِمٍ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَوْقُوفِ فِي الْمُوَطَّأ وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ إِلَّا أَنَّ سَنَدَهُ ضَعِيفٌ وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ صَحِيح عَن بن عُمَرَ فِي التَّشَهُّدِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله قَالَ بن عُمَرَ زِدْتُ فِيهَا وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَهَذَا ظَاهِرُهُ الْوَقْفُ .

     قَوْلُهُ  وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدة وَرَسُوله لم تخْتَلف الطّرق عَن بن مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ وَكَذَا هُوَ فِي حَدِيثِ أبي مُوسَى وبن عمر وَعَائِشَة الْمَذْكُور وَجَابِر وبن الزُّبَيْرِ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ التَّشَهُّدَ إِذْ قَالَ رَجُلٌ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ وَعَبْدُهُ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَقَدْ كُنْتُ عَبْدًا قَبْلَ أَنْ أَكُونَ رَسُولًا قُلْ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَرِجَالُهُ ثِقَات إِلَّا أَنه مُرْسل وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَذَفَ وَأَشْهَدُ وَرَوَاهُ بن ماجة بِلَفْظ بن مَسْعُود قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث بن مَسْعُودٍ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي التَّشَهُّدِ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بعدهمْ قَالَ وَذهب الشَّافِعِي إِلَى حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي التَّشَهُّدِ.

     وَقَالَ  الْبَزَّارُ لَمَّا سُئِلَ عَنْ أَصَحِّ حَدِيثٍ فِي التَّشَهُّدِ قَالَ هُوَ عِنْدِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَرُوِيَ مِنْ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ طَرِيقًا ثُمَّ سَرَدَ أَكْثَرَهَا.

     وَقَالَ  لَا أَعْلَمُ فِي التَّشَهُّدِ أَثْبَتَ مِنْهُ وَلَا أَصَحَّ أَسَانِيدَ وَلَا أَشْهَرَ رِجَالًا اه وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ وَمِنْ رُجْحَانِهِ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ وَأَنَّ الرُّوَاةَ عَنْهُ مِنَ الثِّقَاتِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَلْفَاظِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ تَلَقَّاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْقِينًا فَرَوَى الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْهُ قَالَ أَخَذْتُ التَّشَهُّدَ مِنْ فِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَقَّنَنِيهِ كَلِمَةً كَلِمَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْهُ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّشَهُّدَ وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ مِنْ رِوَايَةِ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَسَاقه بِلَفْظ بن مَسْعُودٍ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ لَكِنْ هَذَا الْأَخِيرُ ثَبَتَ مثله فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَرُجِّحَ أَيْضًا بِثُبُوتِ الْوَاوِ فِي الصَّلَوَاتِ وَالطَّيِّبَاتِ وَهِيَ تَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَتَكُونُ كُلُّ جُمْلَةٍ ثَنَاءً مُسْتَقِلًّا بِخِلَافِ مَا إِذَا حُذِفَتْ فَإِنَّهَا تَكُونُ صِفَةً لِمَا قَبْلَهَا وَتَعَدُّدُ الثَّنَاءِ فِي الْأَوَّلِ صَرِيحٌ فَيَكُونُ أَوْلَى وَلَوْ قِيلَ إِنَّ الْوَاوَ مُقَدَّرَةٌ فِي الثَّانِي وَرُجِّحَ بِأَنَّهُ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ مُجَرّد حِكَايَة وَلأَحْمَد من حَدِيث بن مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ النَّاسَ وَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَزِيَّتِهِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ حَدِيثَ بن عَبَّاسٍ رَوَيْتُ أَحَادِيثَ فِي التَّشَهُّدِ مُخْتَلِفَةً وَكَانَ هَذَا أَحَبَّ إِلَيَّ لِأَنَّهُ أَكْمَلُهَا.

     وَقَالَ  فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ اخْتِيَارِهِ تَشَهُّدَ بن عَبَّاس لما رَأَيْته وَاسِعًا وسمعته عَن بن عَبَّاسٍ صَحِيحًا كَانَ عِنْدِي أَجْمَعَ وَأَكْثَرَ لَفْظًا مِنْ غَيْرِهِ وَأَخَذْتُ بِهِ غَيْرَ مُعَنِّفٍ لِمَنْ يَأْخُذُ بِغَيْرِهِ مِمَّا صَحَّ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ بِكَوْنِهِ مُنَاسِبًا لِلَفْظِ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى تَحِيَّةً من عِنْد الله مباركة طيبَة وَأما من رَجحه بِكَوْن بن عَبَّاسٍ مِنْ أَحْدَاثِ الصَّحَابَةِ فَيَكُونُ أَضْبَطَ لِمَا رَوَى أَوْ بِأَنَّهُ أَفْقَهُ مَنْ رَوَاهُ أَوْ يكون إِسْنَاد حَدِيثه حجازيا وَإسْنَاد بن مَسْعُودٍ كُوفِيًّا وَهُوَ مِمَّا يُرَجَّحُ بِهِ فَلَا طَائِلَ فِيهِ لِمَنْ أَنْصَفَ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَال إِن الزِّيَادَة الَّتِي فِي حَدِيث بن عَبَّاس وَهِي المباركات لَا تنافى رِوَايَة بن مَسْعُودٍ وَرُجِّحَ الْأَخْذُ بِهَا لِكَوْنِ أَخْذِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي الْأَخِيرِ وَقَدِ اخْتَارَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ تَشَهُّدَ عُمَرَ لِكَوْنِهِ عَلَّمَهُ لِلنَّاسِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَمْ ينكروه فَيكون إِجْمَاعًا وَلَفظه نَحْو حَدِيث بن عَبَّاسٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ الزَّاكِيَاتُ بَدَلَ الْمُبَارَكَاتُ وَكَأَنَّهُ بِالْمَعْنَى لَكِنْ أَوْرَدَ عَلَى الشَّافِعِيِّ زِيَادَةَ بِسم الله فِي أول التَّشَهُّد وَوَقع ذَاك فِي رِوَايَةِ عُمَرَ الْمَذْكُورَةِ لَكِنْ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ لَا مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ الَّتِي أَخْرَجَهَا مَالِكٌ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مَعَ كَوْنِهِ مَوْقُوفًا وَثَبَتَ فِي الْمُوَطَّأ أَيْضا عَن بن عُمَرَ مَوْقُوفًا وَوَقَعَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْمَرْفُوعِ تَفَرَّدَ بِهِ أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ بِالنُّونِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْهُ وَحَكَمَ الْحُفَّاظُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي إِسْنَادِهِ وَأَنَّ الصَّوَابَ رِوَايَةُ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ طَاوس وَغَيره عَن بن عَبَّاسٍ وَفِي الْجُمْلَةِ لَمْ تَصِحَّ هَذِهِ الزِّيَادَةُ وَقَدْ تَرْجَمَ الْبَيْهَقِيُّ عَلَيْهَا مَنِ اسْتَحَبَّ أَوْ أَبَاحَ التَّسْمِيَةَ قَبْلَ التَّحِيَّةِ وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَضُعِّفَ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهَا أَنَّهُ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْمَرْفُوعِ فِي التَّشَهُّدِ وَغَيْرِهِ فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ قَوْلِهِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الْحَدِيثَ كَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ بِسَنَدِهِ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ هَذِهِ وَقَدْ أنكر بن مَسْعُود وبن عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمَا عَلَى مَنْ زَادَهَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ ثُمَّ إِنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَفْضَلِ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ الْمُتَقَدِّمُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ التَّشَهُّدِ بِكُلِّ مَا ثَبَتَ لَكِنَّ كَلَامَ الطَّحَاوِيِّ يُشْعِرُ بِأَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ بِوُجُوبِ التَّشَهُّدِ الْمَرْوِيِّ عَنْ عُمَرَ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَدِّثِي الشَّافِعِيَّةِ كَابْنِ الْمُنْذِرِ إِلَى اخْتِيَارِ تَشَهُّدِ بن مَسْعُودٍ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ كَابْنِ خُزَيْمَةَ إِلَى عَدَمِ التَّرْجِيحِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ التَّشَهُّدَ مُطْلَقًا غَيْرُ وَاجِبٍ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ وَاجِبٌ لَا فَرْضٌ بِخِلَافِ مَا يُوجَدُ عَنْهُمْ فِي كُتُبِ مُخَالِفِيهِمْ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ هُوَ فَرْضٌ لَكِنْ قَالَ لَوْ لَمْ يَزِدْ رَجُلٌ عَلَى قَوْلِهِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ إِلَخْ كَرِهْتُ ذَلِكَ لَهُ وَلَمْ أَرَ عَلَيْهِ إِعَادَةً هَذَا لَفْظُهُ فِي الْأُمِّ.

     وَقَالَ  صَاحِبُ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ.
وَأَمَّا أَقَلُّ التَّشَهُّدِ فَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ إِلَى أَنَّهُ فَذَكَرَهُ لَكِنَّهُ قَالَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ وَنَقله بن كَجٍّ وَالصَّيْدَلَانِيُّ فَقَالَا وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لَكِنْ أَسْقَطَا وَبَرَكَاتُهُ اه وَقَدِ اسْتُشْكِلَ جَوَازُ حَذْفِ الصَّلَوَاتِ مَعَ ثُبُوتِهَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ وَكَذَلِكَ الطَّيِّبَاتُ مَعَ جَزْمِ جَمَاعَةٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ الْمُقْتَصَرَ عَلَيْهِ هُوَ الثَّابِتُ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَمِنْهُمْ مَنْ وَجَّهَ الْحَذْفَ بِكَوْنِهِمَا صِفَتَيْنِ كَمَا هُوَ الظَّاهِر من سِيَاق بن عَبَّاسٍ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْبَحْثِ فِي ثُبُوتِ الْعَطْفِ فِيهِمَا فِي سِيَاقِ غَيْرِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ فَائِدَةٌ قَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ تَرْكُ الصَّلَاةِ يَضُرُّ بِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ فِي التَّشَهُّدِ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ فَيَكُونُ مُقَصِّرًا بِخِدْمَةِ اللَّهِ وَفِي حَقِّ رَسُولِهِ وَفِي حَقِّ نَفْسِهِ وَفِي حَقِّ كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلِذَلِكَ عُظِّمَتِ الْمَعْصِيَةُ بِتَرْكِهَا وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ السُّبْكِيُّ أَنَّ فِي الصَّلَاةِ حَقًّا لِلْعِبَادِ مَعَ حَقِّ اللَّهِ وَأَنَّ مَنْ تَرَكَهَا أَخَلَّ بِحَقِّ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ مَضَى وَمَنْ يَجِيءُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِوُجُوبِ قَوْلِهِ فِيهَا السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ تَنْبِيهٌ ذَكَرَ خَلَفٌ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَقِبَ حَدِيثِ الْبَابِ فِي التَّشَهُّدِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ وَمَنْصُورٍ وَحَمَّادٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهِ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ سُلَيْمَانَ.

     وَقَالَ  أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ فِيمَا أَرَى اه وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي اتَّصَلَتْ لَنَا هُنَا لَا عَنْ قَبِيصَةَ وَلَا عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ سَيْفٍ نَعَمْ هُوَ فِي الِاسْتِئْذَانِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ بِهَذَا الْإِسْنَاد وَالله أعلم