بَابٌ فِي الْعَطْفِ عَلَى الْبَنِينَ وَالْمَحَّبَةِ لَهُمْ
151 حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ السَّهْمِيِّ ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عُمَارَةَ ، أَنَّ أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ عَتَبَ عَلَى ابْنٍ لَهُ فَقَالَ لَهُ : غَذَوْتُكَ مَوْلُودًا وَعُلْتُكَ يَافِعًا تَعُلَّ بِمَا أجْنِي عَلَيْكَ وَتَنْهَلُ إِذَا لَيْلَةٌ أَتَتْكَ بِالشَّكْوِ لَمْ أَبَتْ لِشَكْوِكَ إِلَّا سَاهِرًا أَتَمَلْمَلُ تَخَافُ الرَّدَى نَفْسِي عَلَيْكَ وَإِنَّهَا لَتَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ وَقْتٌ مُؤَجَّلُ فَلَمَّا بَلَغْتَ السِّنَّ وَالْغَايَةَ الَّتِي إِلَيْهَا مَدَى مَا كُنْتُ فِيكَ أُؤَمِّلُ جَعَلْتَ حِبَائِي غِلْظَةً وَفَضَاضَةً كَأَنَّكَ أَنْتَ الْمُنْعِمُ الْمُتَطَوِّلُ فَلَيْتَكَ إِذْ لَمْ تَرْعَ حَقَّ أَبُوَّةٍ كَمَا يَفْعَلُ الْجَارُ الْمُجَاوِرُ تَفْعَلُ |
152 حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَصْرِيُّ ، قَالَ : كَانَ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ابْنٌ يُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا ، فَقِيلَ : مَا بَلَغَ مِنْ حُبِّكَ لَهُ ؟ قَالَ : مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ ابْنًا آخَرَ فَيَنْشُرُ لَهُ فِي حُبِّي |
153 حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ : قَالَ الْحَجَّاجُ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مَاتَ ابْنٌ لَهُ فَوَجِدَ عَلَيْهِ : أَخْبِرْنِي كَيْفَ كَانَ حُبُّكَ لِابْنِكَ ؟ قَالَ : مَا مَلِلْتُ قَطُّ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ وَلَا غَابَ عَنِّي إِلَّا اشْتَقْتُ إِلَيْهِ وَلَهًا قَالَ الْحَجَّاجُ : هَكَذَا كَانَ وَجْدِي بِابْنِي مُحَمَّدٍ |
154 حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ : كَانَ لِشُرَيْحٍ الْقَاضِي ابْنٌ يَدَعُ الْكُتَّابَ وَيَذْهَبُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ وَالْكِلَابِ يُهَارِشُ بِهَا فَدَعَا شُرَيْحٌ بِدَوَاةٍ وَصَحِيفَةٍ فَكَتَبَ إِلَى مُؤَدِّبِهِ : تَرَكَ الصَّلَاةَ لِأَكْلُبٍ يَسْعَى لَهَا طَلَبَ الْهِرَاشِ مَعَ الْغُوَاةِ الرِّجْسِ فَإِذَا أَتَاكَ فَعِظَنَّهُ بِمَلَامَةٍ وَعِظْهُ مَوْعِظَةَ الْأَدِيبِ الْأَكْيَسِ وَإِذَا هَمَمْتَ بِضَرْبِهِ فَبِدَرَّةٍ وَإِذَا ضَرَبْتَ بِهَا ثَلَاثًا فَاحْبِسِ وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ مَا أَتَيْتَ فَنَفْسُهُ مَعَ مَا يُجَرِّعُنِي أَعَزُّ الْأَنْفُسِ |
155 وَحَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ : رَأَيْتُ ابْنًا لِمِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ حَدَثًا وَثَبَ عَلَى مِسْعَرٍ فَعَضَّ يَدَهُ حَتَّى تَلَوَّى الشَّيْخُ مِنْ عَضَّتِهِ ثُمَّ رَأَيْتُهُ مِنْ غَدٍ مُتَنَكِّبًا فَرَسًا لَهُ مَعَ شَبَابِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَمَرَّ بِمِسْعَرٍ ، فَقَالَ مِسْعَرٌ : لَقَدْ صَنَعَ بِي بِالْأَمْسِ مَا رَأَيْتُمْ وَمَا نَفْسٌ أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْهُ |
156 حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي هَمَّامٍ ، عَنِ الْأَشْجَعِيِّ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فَمَرَّ ابْنُهُ سَعِيدٌ فَقَالَ : تَرَوْنَ هَذَا مَا جَفَوْتُهُ قَطُّ وَرُبَّمَا دَعَانِي وَأَنَا فِي صَلَاةٍ غَيْرِ مَكْتُوبَةٍ فَأَقْطَعُهَا لَهُ |
157 قَالَ : وَبَلَغَنِي عَنِ الْأَشْجَعِيِّ ، قَالَ : رَأَيْتُ سُفْيَانَ يُحْجَمُ ابْنُهُ وَالصَّبِيُّ يَبْكِي وَسُفْيَانُ يَبْكِي لِبُكَائِهِ |
158 حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيُّ ، أَنَّهُ حُدِّثَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ، قَالَ : قِيلَ لِسُفْيَانَ : مَا بَلَغَ مِنْ وَجْدِكَ عَلَى ابْنِكَ ؟ قَالَ : بُلْتُ يَوْمَ مَاتَ دَمًا |
159 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْعِجْلِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يَمَانٍ ، يَقُولُ : خَرَجْتُ إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ لِي سَعِيدُ بْنُ سُفْيَانَ : أَقْرِئْ أَبِي السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ : تَقَدَّمْ ، فَلَقِيَنِي سُفْيَانُ بِمَكَّةَ فَقَالَ : مَا فَعَلَ سَعِيدٌ ؟ قُلْتُ : صَالِحٌ ، وَهُوَ يَقُولُ لَكَ : أَقْدِمْ فَتَجَهَّزَ لِلْخُرُوجِ وَقَالَ : إِنَّمَا سُمُّوا الْأَبْرَارَ ؛ لِأَنَّهُمْ أَبَرُّوا الْآبَاءَ وَالْأَبْنَاءَ |
160 حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ ، يَقُولُ : مَا فِي الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَعِيدٍ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ يَمُوتُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ فَمَاتَ فَرَأَيْتُهُ يَبْكِي فَقُلْتُ : تَبْكِي وَقَدْ كُنْتَ تَمَنَّى مَوْتَهُ ؟ قَالَ : أَذْكُرُ قَوْلَهُ : أَوْجِبْنِي |