هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1454 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكَبُ رَاحِلَتَهُ بِذِي الحُلَيْفَةِ ، ثُمَّ يُهِلُّ حَتَّى تَسْتَوِيَ بِهِ قَائِمَةً
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1454 حدثنا أحمد بن عيسى ، حدثنا ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، أن سالم بن عبد الله بن عمر ، أخبره أن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب راحلته بذي الحليفة ، ثم يهل حتى تستوي به قائمة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكَبُ رَاحِلَتَهُ بِذِي الحُلَيْفَةِ ، ثُمَّ يُهِلُّ حَتَّى تَسْتَوِيَ بِهِ قَائِمَةً .

Narrated Ibn `Umar:

I saw that Allah's Messenger (ﷺ) used to ride on his Mount at Dhul Hulaifa and used to start saying, Labbaik when the Mount stood upright.

Ibn 'Umar () dit: «J'ai vu le Messager d'Allah () à Dhu1Hulayfa se mettre sur le dos de sa monture puis commencer à prononcer la talbiya lorsqu'elle (la monture) s'est redressée pour se tenir debout.»

Ibn 'Umar () dit: «J'ai vu le Messager d'Allah () à Dhu1Hulayfa se mettre sur le dos de sa monture puis commencer à prononcer la talbiya lorsqu'elle (la monture) s'est redressée pour se tenir debout.»

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى { يأتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرِ يَأتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ} ( الْحَج: 72) .
)

أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر قَول الله تَعَالَى: { يأتوك ... } ( الْحَج: 72) .
إِلَى آخِره.
وَإِنَّمَا ذكر هَذِه الْآيَة مترجما بهَا تَنْبِيها على أَن اشْتِرَاط الرَّاحِلَة فِي وجوب الْحَج لَا يُنَافِي جَوَاز الْحَج مَاشِيا مَعَ الْقُدْرَة على الرَّاحِلَة وَعدم الْقُدْرَة، لِأَن الْآيَة اشْتَمَلت على المشاة والركبان، وَذَلِكَ أَن سَبَب نزُول الْآيَة أَنهم كَانُوا لَا يركبون على مَا روى الطَّبَرَانِيّ، رَحمَه الله تَعَالَى، من طَرِيق عَمْرو بن ذَر، رَحمَه الله تَعَالَى.
قَالَ: قَالَ مُجَاهِد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كَانُوا لَا يركبون، فَأنْزل الله تَعَالَى: { يأتوك رجَالًا وعَلى كل ضامر} ( الْحَج: 72) .
فَأَمرهمْ بالزاد وَرخّص لَهُم فِي الرّكُوب والمتجر، وَأول الْآيَة: { وَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ يأتوك ... } ( الْحَج: 72) .
الْآيَة.
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لما فرغ إِبْرَاهِيم، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من بِنَاء الْبَيْت أمره الله تَعَالَى أَن يُؤذن.
قَالَ إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا رب وَمَا يبلغ أذاني؟ قَالَ: أذن وَعلي الْبَلَاغ.
فَقَامَ بالْمقَام، وَقيل: على جبل أبي قبيس، وَأدْخل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ، وَأَقْبل بِوَجْهِهِ يَمِينا وَشمَالًا وشرقا وغربا،.

     وَقَالَ : يَا أَيهَا النَّاس! إِن الله يدعوكم إِلَى الْحَج ببيته الْحَرَام، فاسمع من فِي أصلاب الرِّجَال وأرحام النِّسَاء مِمَّن سبق فِي علم الله تَعَالَى أَن يحجّ، فَأَجَابُوا: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك، فَمن أجَاب يَوْمئِذٍ بِعَدَد حج على قدره، قيل: أول من أَجَابَهُ أهل الْيمن فهم أَكثر النَّاس حجا، وَهَذَا قَول الْجُمْهُور.
.

     وَقَالَ  قوم: الْمَأْمُور بِالتَّأْذِينِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر أَن يفعل ذَلِك فِي حجَّة الْوَدَاع، والتوفيق بَين الْقَوْلَيْنِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا أمره الله بذلك إحْيَاء لسنة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قلت: { يأتوك} ( الْحَج: 72) .
على القَوْل الأول خطاب لإِبْرَاهِيم، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وعَلى القَوْل الثَّانِي لنبينا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ مجزوم لِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمر، وَهُوَ قَوْله: { أذِّنْ} ( الْحَج: 72) .
قَوْله: { رجَالًا} ( الْحَج: 72) .
نصب على الْحَال من الضَّمِير الَّذِي فِي { يأتوك} ( الْحَج: 72) .
وَهُوَ جمع راجل، كَذَا قَالَه أَبُو عبيد فِي ( كتاب الْمجَاز) نَحْو: صِحَاب وَصَاحب، وَعَن ابْن عَبَّاس رجَالًا، رجالة، وَقَرَأَ عِكْرِمَة مشددا، وَقَرَأَ مُجَاهِد مخففا.
.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: جمع الراجل رجل، مثل صَاحب وَصَحب، ورجالة وَرِجَال، والأراجيل جمع الْجمع.
قَوْله: { وعَلى كل ضامر} ( الْحَج: 72) .
من الضمور، وَهُوَ الهزال،.

     وَقَالَ  أَبُو اللَّيْث: { وعَلى كل ضامر} ( الْحَج: 72) .
يَعْنِي: الْإِبِل وَغَيرهَا، فَلَا يدْخل بعير وَلَا غَيره الْحرم إلاَّ وَقد ضمر من طول الطَّرِيق، وضامر بِغَيْر هَاء يسْتَعْمل للمذكر والمؤنث.
.

     وَقَالَ  النَّسَفِيّ فِي ( تَفْسِيره) { وعَلى كل ضامر} ( الْحَج: 72) .
حَال معطوفة على: رجال، كَأَنَّهُ قيل: رجَالًا وركبانا، والضامر الْبَعِير المهزول.
قَوْله: { يَأْتِين} ( الْحَج: 72) .
صفة لكل ضامر، لِأَن: كل ضامر، فِي معنى الْجمع أَرَادَ النوق.
قَوْله: { من كل فج عميق} ( الْحَج: 72) .
أَي: من كل طَرِيق بعيد، وَمِنْه قيل: بِئْر عميقة.
وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: معيق، فَقَالَ: بِئْر بعيدَة القعر.
قَوْله: { ليشهدوا} ( الْحَج: 72) .
أَي: ليحضروا مَنَافِع لَهُم هِيَ التِّجَارَة، وَقيل: مَنَافِع الْآخِرَة، وَقيل: مَنَافِع الدَّاريْنِ جَمِيعًا، وَتَمام الْآيَة { ويذكروا اسْم الله فِي أَيَّام مَعْلُومَات على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام فَكُلُوا مِنْهَا وأطعموا البائس الْفَقِير} ( الْحَج: 72) .
قَوْله: { ويذكروا} ( الْحَج: 72) .
أَي: وليذكروا اسْم الله فِي أَيَّام مَعْلُومَات يَعْنِي: يَوْم النَّحْر ويومين بعده،.

     وَقَالَ  مُجَاهِد وَقَتَادَة: المعلومات: الْأَيَّام الْعشْر، والمعدودات: إيام التَّشْرِيق.
قَوْله: { على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام} ( الْحَج: 72) .
مُتَعَلق بذكروا، وَالْمعْنَى: ويذكروا اسْم الله على ذبح أنعامهم، وَالْمرَاد بِالذكر التَّسْمِيَة، وَهِي قَوْله: بِسم الله وَالله أكبر اللَّهُمَّ مِنْك وَإِلَيْك عَن فلَان، كَانَ الْكفَّار يدعونَ ويذبحون على أَسمَاء أصنامهم، فَبين الله تَعَالَى أَن الْوَاجِب الذّبْح على اسْمه: { بَهِيمَة الْأَنْعَام} ( الْحَج: 72) .
الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم.
قَوْله: { فَكُلُوا مِنْهَا} ( الْحَج: 72) .
فَهُوَ أَمر إِبَاحَة، وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يرَوْنَ وَلَا يسْتَحلُّونَ الْأكل من ذَبَائِحهم.
قَوْله: { وأطعموا البائس} ( الْحَج: 72) .
أَي: الَّذِي اشْتَدَّ فقره،.

     وَقَالَ  أَبُو اللَّيْث: البائس الصرير الزَّمن، وَالْفَقِير الَّذِي لَيْسَ لَهُ شَيْء.
.

     وَقَالَ  الزّجاج: البائس الَّذِي أَصَابَهُ الْبُؤْس وَهُوَ الشدَّة، وَمَا يتَعَلَّق بذلك من الْفِقْه عرف فِي مَوْضِعه.

فِجَاجا: الطّرُقُ الوَاسِعَةُ

قد جرت عَادَة البُخَارِيّ أَنه إِذا وَقعت لَفْظَة فِي الحَدِيث أَو فِي الْآيَة يذكر نظيرها مِمَّا وَقع فِي الحَدِيث أَو الْقُرْآن، وَذكر هُنَا: فجاجا، يُرِيد بِهِ مَا وَقع فِي قَوْله تَعَالَى: { لتسلكوا مِنْهَا سبلاً فجاجا} ( الْحَج: 72) .
ثمَّ فسر الفجاج بقوله: الطّرق الواسعة، وَهَكَذَا فَسرهَا الْفراء فِي ( الْمعَانِي) فِي سُورَة نوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَهُوَ: جمع فج.
قَالَ ابْن سَيّده: الْفَج الطَّرِيق الْوَاسِع فِي جبل أَو فِي قبل جبل، وَهُوَ أوسع من الشّعب.
.

     وَقَالَ  ثَعْلَب: هُوَ مَا انخفض من الطّرق، وَجمع على فجاج، وأفجة، الْأَخِيرَة نادرة.
.

     وَقَالَ  صَاحب ( المنتهي) : فجاج الأَرْض نَوَاحِيهَا.
وَفِي ( التَّهْذِيب) : { من كل فج عميق} ( الْحَج: 72) .
أَي: وَاسع غامض.



[ قــ :1454 ... غــ :1514 ]
- حدَّثنا أحْمَدُ بنُ عِيسى اقال حدَّثنا ابنُ وَهْبٍ عنْ يُونُسَ عنِ ابنِ شِهَابٍ أنَّ سالمَ بنَ عَبْدِ الله قَالَ أخبَره أنَّ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
قَالَ رَأيْتُ رَسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَرْكَبُ رَحِلَتَهُ بِذِي الحُلَيْفَةِ ثُمَّ يُهِلُّ حَتَّى تَسْتَوِيَ بِهِ قائِمَةً..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ ذكر الرّكُوب وَذكر الْفَج العميق.
أما الرّكُوب فَهُوَ قَوْله: ( يركب رَاحِلَته) ، وَأما الْفَج العميق فَهُوَ، ذُو الحليفة، لِأَنَّهُ لَا شكّ أَن بَينهَا وَبَين مَكَّة عشر مراحل، وَهُوَ فج وعميق، وسنبسط الْكَلَام فِيهَا عَن قريب، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَبِمَا ذكرنَا سقط اعْتِرَاض الْإِسْمَاعِيلِيّ، حَيْثُ قَالَ: لَيْسَ فِي الْحَدِيثين شَيْء مِمَّا ترْجم الْبابُُ بِهِ، وَلَو وَقع فِي خاطره مَا ذكرنَا من الْمُطَابقَة الْوَاضِحَة لما أقدم إِلَى الإعتراض.

ذكر رِجَاله: وهم: سِتَّة: أَحْمد بن عِيسَى أَبُو عبد الله التسترِي مصري الأَصْل، وَلكنه كَانَ يتجر إِلَى تستر فنسب إِلَيْهَا، مَاتَ سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، كَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر بنسبته إِلَى أَبِيه، وَوَافَقَهُ أَبُو عَليّ الشبوي، وَأَهْمَلَهُ الْبَاقُونَ، وَابْن وهب هُوَ عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي،.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) : وَالَّذِي رَأَيْت فِي ( مُسْند عبد الله بن وهب) رِوَايَة يُونُس بن عبد الْأَعْلَى عَنهُ: أَنبأَنَا يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله عَن أَبِيه، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يهل ملبيا، وَابْن شهَاب مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ، وَسَالم بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

وَأخرجه مُسلم عَن حَرْمَلَة، وَالنَّسَائِيّ عَن عِيسَى بن إِبْرَاهِيم.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( يركب رَاحِلَته) ، وَالرَّاحِلَة من الْإِبِل: الْبَعِير الْقوي على الْأَسْفَار والأحمال، وَالذكر وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاء، وَالْهَاء فِيهَا للْمُبَالَغَة، وَهِي الَّتِي يختارها الرجل لمركبه ورحله على النجابة، وَتَمام الْخلق وَحسن المنظر، فَإِذا كَانَت فِي جمَاعَة الْإِبِل عرفت.
قَوْله: ( بِذِي الحليفة) ، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح اللَّام وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْفَاء، وَفِي آخِره هَاء وَهِي شَجَرَة مِنْهَا يحرم أهل الْمَدِينَة.
وَهِي من الْمَدِينَة على أَرْبَعَة أَمْيَال وَمن مَكَّة على مِائَتي ميل غير ميلين، وَقيل: بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة ميل أَو ميلان والميل ثلث فَرسَخ وَهُوَ أَرْبَعَة آلَاف ذِرَاع، وبذي الحليفة عدَّة آبار ومسجدان لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمَسْجِد الْكَبِير الَّذِي يحرم مِنْهُ النَّاس، وَالْمَسْجِد الآخر: مَسْجِد المعرس.
.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: هِيَ أبعد الْمَوَاقِيت من مَكَّة تَعْظِيمًا لإحرام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( ثمَّ يهل) ، بِضَم الْيَاء: من الإهلال، وَهُوَ رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ.
قَوْله: ( حَتَّى تستوي) أَي: الرَّاحِلَة.
قَوْله: ( قَائِمَة) ، نصب على الْحَال.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: الرّكُوب فِي سفر الْحَج وَالرُّكُوب فِيهِ وَالْمَشْي سَوَاء فِي الْإِبَاحَة، وَالْكَلَام فِي الْأَفْضَلِيَّة، فَقَالَ قوم: الرّكُوب أفضل اتبَاعا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولفضل النَّفَقَة فَإِن النَّفَقَة فِيهِ كَالنَّفَقَةِ فِي سَبِيل الله سَبْعمِائة ضعف، كَمَا أخرجه أَحْمد من حَدِيث بُرَيْدَة، وَصحح جمَاعَة أَن الْمَشْي أفضل وَبِه قَالَ إِسْحَاق لِأَنَّهُ أَشد على النَّفس، وَفِي حَدِيث صَححهُ الْحَاكِم من حَدِيث ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: ( من حج إِلَى مَكَّة مَاشِيا حَتَّى رَجَعَ كتب لَهُ بِكُل خطْوَة سَبْعمِائة حَسَنَة من حَسَنَات الْحرم، قيل: وَمَا حَسَنَات الْحرم؟ قَالَ: كل حَسَنَة بِمِائَة ألف حَسَنَة) .
وروى مُحَمَّد بن كَعْب عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: مَا فَاتَنِي شَيْء أَشد عَليّ إلاَّ أَن أكون حججْت مَاشِيا، لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: { يأتوك رجَالًا وعَلى كل ضامر} ( الْحَج: 72) .
أَي: ركبانا، فَبَدَأَ بِالرِّجَالِ قبل الركْبَان، وَذكر إِسْمَاعِيل إِبْنِ إِسْحَاق عَن مُجَاهِد قَالَ: أهبط آدم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْهِنْدِ فحج على قَدَمَيْهِ الْبَيْت أَرْبَعِينَ حجَّة، وَعَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد أَن إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، حجا ماشيين، وَحج الْحسن بن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، خَمْسَة وَعشْرين حجَّة مَاشِيا وَأَن النجائب لتقاد بَين يَدَيْهِ، وَفعله ابْن جريج وَالثَّوْري.
وَفِي ( الْمُسْتَدْرك) من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: ( حج رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَصْحَابه مشَاة من الْمَدِينَة إِلَى مَكَّة، ثمَّ قَالَ اربطوا على أوساطكم مآزركم وامشوا مشياً خلط الهرولة) .
ثمَّ قَالَ: صَحِيح الْإِسْنَاد.

وَفِيه: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أهل حِين اسْتَوَت رَاحِلَته قَائِمَة، واستواؤها كَمَال قِيَامهَا، وَبِه احْتج مَالك وَأكْثر الْفُقَهَاء على أَن يهل الرَّاكِب إِذا اسْتَوَت بِهِ رَاحِلَته قَائِمَة، وَاسْتحبَّ أَبُو حنيفَة أَن يكون إهلاله عقيب الصَّلَاة إِذا سلم مِنْهَا،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: يهل إِذا أخذت نَاقَته فِي الْمَشْي، وَمن كَانَ يركب رَاحِلَته قَائِمَة كَمَا يَفْعَله كثير من الْحَاج الْيَوْم فيهل على مَذْهَب مَالك إِذا اسْتَوَى عَلَيْهَا رَاكِبًا.
.

     وَقَالَ  عِيَاض: جَاءَ فِي رِوَايَة: ( أهل رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذا اسْتَوَت النَّاقة) .
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: ( حَتَّى إِذا اسْتَوَت بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَاحِلَته) ، وَفِي أُخْرَى ( حَتَّى تنبعث بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَاقَته) ، وَلَا يفهم مِنْهُ أَخذهَا فِي الْمَشْي.

     وَقَالَ  أَكثر أَصْحَاب مَالك يسْتَحبّ أَن يهل إِذا اسْتَوَت بِهِ نَاقَته إِن كَانَ رَاكِبًا وَإِن كَانَ رَاجِلا فحين يَأْخُذ فِي الْمَشْي،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: إِن كَانَ رَاكِبًا فَكَذَلِك.