ذِكْرُ مَا كَانَ عَلَيْهِ حَوْضُ زَمْزَمَ فِي عَهْدِ ابْنِ عَبَّاسٍ ،
1114 حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْبَانَ ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْمَكِّيِّينَ قَالَ : إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يَقْعُدُ يَسْقِي الْحَاجَّ فِي مَوْضِعِ قُبَّةِ الْخَشَبِ إِلَى جَانِبِ سِقَايَةِ النَّبِيذِ ، وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ مَوْضِعَ مَجْلِسِهِ فِي حَدِّ رُكْنِ زَمْزَمَ الَّذِي يَلِي الصَّفَا وَالْوَادِيَ ، وَهُوَ عَلَى يَسَارِ مَنْ دَخَلَ زَمْزَمَ |
1115 حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ : حدثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْمَكِّيِّينَ قَالَ : كَانَ أَوَّلُ مَنْ عَمِلَ تِلْكَ الْقُبَّةَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي وِلَايَةِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ عَلَى مَكَّةَ |
1116 قَالَ الْحَكَمُ بْنُ الْأَعْرَجِ : أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي مَجْلِسِهِ عِنْدَ زَمْزَمَ ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ صِيَامِ عَاشُورَاءَ فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ : حدثنا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَ : حدثنا حَاجِبُ بْنُ عُمَرَ أَبُو خُشَيْنَةَ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ قَالَ : انْتَهَيْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ عِنْدَ زَمْزَمَ ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ ، وَكَانَ نِعْمَ الْجَلِيسُ ، فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ ، يَعْنِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْمَكِّيِّينَ قَالَ : ثُمَّ عَمِلَهَا أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ فِي خِلَافَتِهِ وَأَحْكَمَهَا وَقَالَ غَيْرُ الزُّبَيْرِ : وَعَمِلَ عَلَى زَمْزَمَ شِبَاكًا ، ثُمَّ عَمِلَهَا الْمَهْدِيُّ ، وَعَمِلَ شِبَاكَ زَمْزَمَ أَيْضًا ، وَعَمِلَ عَلَى مَجْلِسِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَفًّا فِي الرُّكْنِ عَلَى يَسَارِكَ وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ فِيمَا ذَكَرُوا : إِنَّ مَوْضِعَ السِّقَايَةِ الَّتِي لِلنَّبِيذِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَزَمْزَمَ مِمَّا يَلِي نَاحِيَةَ بَنِي مَخْزُومٍ ، فَنَحَّاهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَوْضِعِهَا الَّتِي هِيَ بِهِ الْيَوْمَ |
1117 حَدَّثَنِي بِذَلِكَ الزُّبَيْرُ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْبَانَ ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الزَّنْجِيِّ بْنِ خَالِدٍ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : كَانَ مَوْضِعُ حَوْضِ زَمْزَمَ عِنْدَ مَوْضِعِ مِصْبَاحِ زَمْزَمَ ، وَكَانَ النَّازِعُ يَقُومُ فَيَنْزِعُ مِنَ الْبِئْرِ فَيَصُبُّ فِيهَا ، فَوَاحِدٌ يُشْرَبُ مِنْهُ ، وَالْآخَرُ يُتَوَضَّأُ مِنْهُ ، فَأَخْرَجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الْوَضُوءَ إِلَى الْوَادِي إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ ، وَأَخَّرَ الْحَوْضَ الَّذِي يُشْرَبُ مِنْهُ إِلَى جَنْبِ السِّقَايَةِ فِي مَوْضِعِهِ الْيَوْمَ الَّذِي بِجَنْبِ الْقُبَّةِ ، فَغَضِبَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ فِعْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ لَمَّا حَوَّلَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ وَأَخَّرَهُ |
1118 فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ : حدثنا سُفْيَانُ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِابْنِ الزُّبَيْرِ ، يَعْنِي لَمَّا فَعَلَ بِسِقَايَتِهِ مَا فَعَلَ : مَا اقْتَدَيْتَ بِبِرِّ مَنْ كَانَ أَبَرَّ مِنْكَ ، وَلَا بِفُجُورِ مَنْ كَانَ يُعَدُّ أَفْجَرَ مِنْكَ وَكَانَ هَذَا الْحَوْضُ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالرُّكْنِ |
1119 فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ : حدثنا هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : رَأَيْتُهُ فِي حَوْضِ زَمْزَمَ الَّذِي يُسْقَى فِيهِ الْحَاجُّ ، وَالْحَوْضُ يَوْمَئِذٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَزَمْزَمَ ، فَأَقَامَ الْمُؤَذِّنُ الصَّلَاةَ ، فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذِّنُ : قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ ، قَامَ حُسَيْنٌ حِينَ قَالَ الْمُؤَذِّنُ : قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ ، وَذَلِكَ حِينَ قَدِمَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ بَعْدَ وَفَاةِ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَأَهْلُ مَكَّةَ لَا إِمَامَ لَهُمْ مِنْ أَجْلِ الْفِتْنَةِ |
1120 حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ قَالَ : أنا هُشَيْمٌ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ قَالَ : كُنْتُ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي يَوْمِ فِطْرٍ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالْمَقَامِ ، فَقَامَ عَطَاءٌ يُصَلِّي قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَنِ اجْلِسْ ، فَجَلَسَ عَطَاءٌ ، فَقُلْتُ لِسَعِيدٍ : عَمَّنْ هَذَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ؟ قَالَ : عَنْ حُذَيْفَةَ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ |
1121 وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ : حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ : قُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ رَأَيْتَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، رَأَيْتُهُ فِي حَوْضِ زَمْزَمَ وَكَانَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ يَجْلِسُ عِنْدَ هَذَيْنِ الْحَوْضَيْنِ الشَّرْقِيِّ مِنْهُمَا قَالَ سُدَيْفُ بْنُ مَيْمُونٍ يَصِفُ جُلُوسَهُ عِنْدَهُمَا : كَأَنِّي لَمْ أَقْطُنْ بِمَكَّةَ سَاعَةً وَلَمْ يُلْهِنِي فِيهَا رَبِيبٌ مُنَعَّمُ وَلَمْ أَجْلِسِ الْحَوْضَيْنِ شَرْقِيَّ زَمْزَمٍ وَهَيْهَاتَ ابْنَا مِنْكَ لَا ابْنُ زَمْزَمَ يَحِنُّ فُؤَادِي إِنْ سُهَيْلٌ بَدَا لَهُ وَأُقْسِمُ إِنَّ الشَّوْقَ مِنِّي لَمُتَّهِمُ |
ذِكْرُ عُيُونِ زَمْزَمَ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَكَانَ ذَرْعُ غَوْرِ زَمْزَمَ مِنْ أَعْلَاهَا إِلَى أَسْفَلِهَا سِتِّينَ ذِرَاعًا ، وَفِي قَعْرِهَا ثَلَاثُ عُيُونٍ : عَيْنٌ حِذَاءَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ ، وَعَيْنٌ حِذَاءَ أَبِي قُبَيْسٍ وَالصَّفَا ، وَعَيْنٌ حِذَاءَ الْمَرْوَةِ ، وَكَانَ مَاؤُهَا قَدْ قَلَّ جِدًّا حَتَّى كَانَتْ تُجَمُّ فِي الْأَيَّامِ ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ، فَضَرَبَ فِيهَا مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ خَلِيفَةُ عُمَرَ بْنِ فَرَجٍ الرُّخَجِيِّ عَلَى بَرِيدِ مَكَّةَ وَصَوَافِيهَا تِسْعَ أَذْرُعٍ سَحًّا فِي الْأَرْضِ فِي تَقْوِيرِ جَوَانِبِهَا ، قَالَ : فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْأَمْطَارِ وَالسُّيُولِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ، فَكَثُرَ مَاؤُهَا وَقَدْ كَانَ سَالِمُ بْنُ الْجَرَّاحِ ، فِيمَا ذَكَرَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ ، قَدْ ضَرَبَ فِيهَا فِي خِلَافَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونَ ، وَمِنْ قَبْلُ كَانَ قَدْ ضُرِبَ فِيهَا فِي خِلَافَةِ الْمَهْدِيِّ ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ مَاهَانَ عَلَى الْبَرِيدِ فِي خِلَافَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونَ ، وَمِنْ قَبْلُ كَانَ قَدْ ضُرِبَ فِيهَا ، وَكَانَ مَاؤُهَا قَدْ قَلَّ حَتَّى قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ ، رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ فِيمَا زَعَمُوا كَانَ يَعْمَلُ فِيهَا : إِنَّهُ صَلَّى فِي قَعْرِهَا فَغَوْرُهَا مِنْ رَأْسِهَا إِلَى الْجَبَلِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا ، كُلُّ ذَلِكَ بُنْيَانٌ ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ جَبَلٌ مَنْقُورٌ ، وَهُوَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا ، وَذَرْعُ حَنَكِ زَمْزَمَ فِي السَّمَاءِ ذِرَاعَانِ وَشِبْرٌ ، وَذَرْعُ تَدْوِيرِ فَمِ زَمْزَمَ أَحَدَ عَشَرَ ذِرَاعًا ، وَسَعَةُ فَمِ زَمْزَمَ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ وَثُلُثَا ذِرَاعٍ ، وَعَلَى الْبِئْرِ مِلْبَنٌ سَاجٌ مُرَبَّعٌ ، فِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ بَكْرَةً يُسْتَقَى عَلَيْهَا ، مِنْهَا بَكْرَةٌ كَانَ بَعَثَ بِهَا الْحَسَنُ بْنُ مَخْلَدٍ إِلَيْهَا ، فَكَانَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ نُزِعَتْ ، وَأَوَّلُ مَنْ عَمِلَ الرُّخَامَ عَلَى زَمْزَمَ وَالشِّبَاكَ وَفَرَشَ أَرْضَهَا بِالرُّخَامِ أَبُو جَعْفَرٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي خِلَافَتِهِ ، ثُمَّ عَمِلَهَا الْمَهْدِيُّ فِي خِلَافَتِهِ ، ثُمَّ غَيَّرَهُ عُمَرُ بْنُ فَرَجٍ الرُّخَجِيُّ فِي خِلَافَةِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُعْتَصِمِ بِاللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ، وَكَانَتْ مَكْشُوفَةً قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا قُبَّةً صَغِيرَةً عَلَى مَوْضِعِ الْبِئْرِ ، وَفِي رُكْنِهَا الَّذِي يَلِي الصَّفَا عَلَى يَسَارِكَ كَنِيسَةٌ عَلَى مَوْضِعِ مَجْلِسِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، ثُمَّ غَيَّرَهَا عُمَرُ بْنُ فَرَجٍ ، فَسَقَفَ زَمْزَمَ كُلَّهَا بِالسَّاجِ الْمُذَهَّبِ مِنْ دَاخِلٍ ، وَجَعَلَ عَلَيْهَا مِنْ ظَهْرِهَا الْفُسَيْفِسَاءِ ، وَأَشْرَعَ لَهُ جَنَاحًا صَغِيرًا كَمَا يَدُورُ ، وَجَعَلَ فِي الْجَنَاحِ كَمَا يَدُورُ سَلَاسِلَ ، فِيهَا قَنَادِيلُ يُسْتَصْبَحُ فِيهَا فِي الْمَوْسِمِ ، وَجَعَلَ عَلَى الْقُبَّةِ الَّتِي بَيْنَ زَمْزَمَ وَبَيْتِ الشَّرَابِ الْفُسَيْفِسَاءَ ، وَكَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَوْسِمٍ ، عَمِلَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ وَلَمْ يَزَلِ الْأُمَرَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ تُسْرِجُ فِي قَنَادِيلَ زَمْزَمَ فِي الْمَوَاسِمِ ، حَتَّى كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الزَّيْنَبِيُّ فَأَسْرَجَ فِيهَا مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ بِقَنَادِيلَ بِيضٍ كِبَارٍ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ وَالِي مَكَّةَ ، فَامْتُثِلَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ ، وَجَرَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ وَعَلَى زَمْزَمَ كِتَابٌ كُتِبَ فِي صَفَائِحِ سَاجٍ مُذَهَّبٍ كَمَا يَدُورُ فِي تَرْبِيعِهَا ، وَكُتِبَ فِي الصَّفَائِحِ الَّتِي تَلِي بَابَ الْكَعْبَةِ وَالرُّكْنَ كِتَابًا بِمَاءِ الذَّهَبِ ، وَجُعِلَ الْكِتَابُ بِاسْمِ الْمُعْتَصِمِ بِاللَّهِ ، ثُمَّ جُعِلَ بَعْدُ بِاسْمِ جَعْفَرٍ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ ، ثُمَّ جُعِلَ الْيَوْمَ بِاسْمِ الْمُعْتَمِدِ عَلَى اللَّهِ ، وَهُوَ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، أَمَرَ خَلِيفَةُ اللَّهِ جَعْفَرٌ الْإِمَامُ الْمُتَوَكِّلُ عَلَى اللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، أَيَّدَهُ اللَّهُ ، أَنْ يَأْمُرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ عَامِلَهُ عَلَى مَكَّةَ وَمَخَالِيفِهَا ، وَعَلَى جَمِيعِ أَعْمَالِهَا بِعَمَلِ مَأْثَرَةٍ أَيَّدَهُ اللَّهُ ، وَمَآثِرًا بِآيَةِ زَمْزَمَ هَزْمَةِ جِبْرِيلَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسِقَايَةِ خَلِيلِهِ وَنَبِيِّهِ إِبْرَاهِيمَ وَذَبِيحِهِ إِسْمَاعِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ ، وَمَأْثَرَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَقِيَّةِ آبَائِهِ ، وَوَارِثِهِ دُونَ جَمِيعِ خَلْقِهِ وَعِبَادِهِ ، وَأَبِي الْخُلَفَاءِ ، فَأَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ 000 مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْ رَسُولِهِ ، فَأَجْزَلَ اللَّهُ أَجْرَهُمَا وَمَثُوبَتَهُمَا ، وَأَدَامَ عِمَارَةَ الْإِسْلَامِ وَمَآثِرَهُ بِهِمَا ، إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَكْتُوبٌ عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ الَّذِي يَلِي الْقُبَّةَ وَبَيْتَ الشَّرَابِ ، وَمِنْهُ مَدْخَلُ زَمْزَمَ ، مَنْقُوشٌ فِي صَفَائِحَ مِنْ خَشَبِ السَّاجِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، { ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ } ، تَحِيَّتُكُمْ فِيهَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَهُ ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ، آخِرُ دَعْوَاكُمُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَيَنْوِي كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ لَمَّا يَشْرَبُ مِنْهَا الطُّهُورَ مِنْ ذُنُوبِهِ ، وَالصِّحَّةَ مِنْ أَسْقَامِهِ ، وَالْقَضَاءَ لِجَمِيعِ حَوَائِجِهِ ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ : طَعَامٌ مِنْ طُعْمٍ ، وَشِفَاءٌ مِنْ سُقْمٍ ، وَدَوَاءٌ لِكُلِّ مَا شُرِبَ بِهِ ، وَأَجْزَلَ اللَّهُ أَجْرَ خَلِيفَتِهِ وَأَمِينِهِ عَلَى أَرْضِهِ وَعِبَادِهِ وَجَمِيعِ خَلْقِهِ ، عَلَى مَا يَقُومُ بِهِ وَيَتَفَقَّدُهُ وَيَحُوطُهُ ، وَيُقَدِّمُ الْعِنَايَةَ بِهِ فِيمَا اسْتَحْفَظَهُ عَلَيْهِ ، وَأَعَزَّ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ وَشَرَائِعَهُ وَمَنَاسِكَهُ وَمَآثِرَهُ بِطُولِ بَقَائِهِ ، وَحُسْنِ الدِّفَاعِ عَنْهُ ، إِنَّهُ سُمَيْعٌ قَرِيبٌ مُجِيبٌ وَكُتِبَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ : وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ |