ذِكْرُ سَيْلِ الْجُحَافِ وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ : وَكَانَ سَيْلُ الْجُحَافِ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ ، صَبَّحَ الْحَاجَّ يَوْمًا - وَذَلِكَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ - وَهُمْ آمِنُونَ غَارُّونَ قَدْ نَزَلُوا فِي وَادِي مَكَّةَ وَاضْطَرَبُوا الْأَبْنِيَةَ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَطَرِ إِلَّا شَيْءٌ يَسِيرٌ ، إِنَّمَا كَانَتِ السَّمَاءُ فِي صَدْرِ الْوَادِي ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ رَشَاشٌ مِنْ ذَلِكَ

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

ذِكْرُ سَيْلِ الْجُحَافِ وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ : وَكَانَ سَيْلُ الْجُحَافِ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ ، صَبَّحَ الْحَاجَّ يَوْمًا - وَذَلِكَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ - وَهُمْ آمِنُونَ غَارُّونَ قَدْ نَزَلُوا فِي وَادِي مَكَّةَ وَاضْطَرَبُوا الْأَبْنِيَةَ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَطَرِ إِلَّا شَيْءٌ يَسِيرٌ ، إِنَّمَا كَانَتِ السَّمَاءُ فِي صَدْرِ الْوَادِي ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ رَشَاشٌ مِنْ ذَلِكَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

904 قَالَ جَدِّي : فَحَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، قَالَ : لَمْ يَكُنِ الْمَطَرُ عَامَ الْجُحَافِ عَلَى مَكَّةَ إِلَّا شَيْئًا يَسِيرًا ، وَإِنَّمَا كَانَتْ شِدَّتُهُ بِأَعْلَى الْوَادِي قَالَ : فَصَبَّحَهُمْ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بِالْغَبَشِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ ، فَذَهَبَ بِهِمْ وَبِمَتَاعِهِمْ ، وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ ، وَأَحَاطَ بِالْكَعْبَةِ ، وَجَاءَ دَفْعَةً وَاحِدَةً ، وَهَدَمَ الدُّورَ الشَّوَارِعَ عَلَى الْوَادِي ، وَقَتَلَ الْهَدْمُ نَاسًا كَثِيرًا ، وَرَقَى النَّاسُ فِي الْجِبَالِ وَاعْتَصَمُوا بِهَا ، فَسُمِّيَ بِذَلِكَ ْ الْجُحَافَ وَقَالَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُمَارَةَ :
لَمْ تَرَ عَيْنِي مِثْلَ يَوْمِ الِاثْنَيْنْ

أَكْثَرَ مَحْزُونًا وَأَبْكَى لِلْعَيْنْ

إِذْ خَرَجَ الْمُخَبَّئَاتُ يَسْعَيْنْ

سَوَانِدًا فِي الْجَبَلَيْنِ يَرْقَيْنْ
فَكُتِبَ فِي ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَفَزِعَ لِذَلِكَ ، وَبَعَثَ بِمَالٍ عَظِيمٍ ، وَكَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَى مَكَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ الْمَخْزُومِيِّ - وَيُقَالُ : بَلْ كَانَ عَامِلُهُ الْحَارِثَ بْنَ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ - يَأْمُرُهُ بِعَمَلِ ضَفَائِرَ لِلدُّورِ الشَّارِعَةِ عَلَى الْوَادِي لِلنَّاسِ مِنَ الْمَالِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ ، وَعَمِلَ رَدْمًا عَلَى أَفْوَاهِ السِّكَكِ يُحَصِّنُ بِهَا دُورَ النَّاسِ مِنَ السُّيُولِ ، وَبَعَثَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا َمُهَنْدِسًا فِي عَمَلِ ضَفَائِرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَضَفَائِرِ الدُّورِ فِي جَنْبَتَيِ الْوَادِي ، وَكَانَ مِنْ ذَلِكَ الرَّدْمُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ رَدْمُ الْحِزَامِيَّةِ عَلَى فُوَّهَةِ خَطِّ الْحِزَامِيَّةِ ، وَالرَّدْمُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ رَدْمُ بَنِي جُمَحٍ ، وَلَيْسَ لَهُمْ ، وَلَكِنَّهُ لِبَنِي قُرَادٍ الْفِهْرِيِّينَ ، فَغَلَبَ عَلَيْهِ رَدْمُ بَنِي جُمَحٍ ، وَلَهُ يَقُولُ الشَّاعِرُ :
سَأَمْلِكُ عَبْرَةً وَأُفِيضُ أُخْرَى
إِذَا جَاوَزْتُ رَدْمَ بَنِي قُرَادِ
قَالَ : فَأَمَرَ عَامِلُهُ بِالصَّخْرِ الْعِظَامِ ، فَنُقِلَتْ عَلَى الْعَجَلِ ، وَحَفَرَ الْأَرْبَاضَ دُونَ دُورِ النَّاسِ ، فَبَنَاهَا وَأَحْكَمَهَا مِنَ الْمَالِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ , قَالُوا : وَكَانَتِ الْإِبِلُ وَالثِّيرَانُ تَجُرُّ تِلْكَ الْعَجَلَ ، حَتَّى رُبَّمَا أُنْفِقَ فِي الْمَسْكَنِ الصَّغِيرِ لِبَعْضِ النَّاسِ مِثْلُ ثَمَنِهِ مِرَارًا ، وَمِنْ تِلْكَ الضَّفَائِرِ أَشْيَاءُ إِلَى الْيَوْمِ قَائِمَةٌ عَلَى حَالِهَا مِنْ دَارِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ الَّتِي هِيَ عِنْدَ رَدْمِ عُمَرَ هَلُمَّ جَرَّا إِلَى دَارِ ابْنِ الْجِوَارِ فَتِلْكَ الضَّفَائِرُ الَّتِي فِي أَرْبَاضِ تِلْكَ الدُّورِ كُلُّهَا مِمَّا عُمِلَ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ ، وَمِنْ رَدْمِ بَنِي جُمَحٍ مُنْحَدِرًا فِي الشِّقِّ الْأَيْسَرِ إِلَى أَسْفَلِ مَكَّةَ ، وَأَشْيَاءُ مِنْ ذَلِكَ هِيَ أَيْضًا عَلَى حَالِهَا وَأَمَّا ضَفَائِرُ دَارِ أُوَيْسٍ الَّتِي بِأَسْفَلِ مَكَّةَ بِبَطْحِ نَحْرِ الْوَادِي ، فَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِي أَمْرِهَا ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هِيَ مِنْ عَمَلِ عَبْدِ الْمَلِكِ , وَقَالَ آخَرُونَ : لَا ، بَلْ هِيَ مِنْ عَمَلِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ أَثْبَتُهُمَا عِنْدَنَا , وَكَانَ قَدْ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ سَيْلٌ يُقَالُ لَهُ سَيْلُ الْمَخْبَلِ ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ ، أَصَابَ النَّاسَ عَقِبَهُ مَرَضٌ شَدِيدٌ فِي أَجْسَادِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ ، أَصَابَهُمْ مِنْهُ شِبْهُ الْخَبْلِ ، فَسُمِّيَ سَيْلَ الْمَخْبَلِ ، وَكَانَ عَظِيمًا ، دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، وَأَحَاطَ بِالْكَعْبَةِ , وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا سَيْلٌ عَظِيمٌ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ ، وَحَمَّادٌ الْبَرْبَرِيُّ أَمِيرٌ عَلَى مَكَّةَ ، دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، وَذَهَبَ بِالنَّاسِ وَأَمْتِعَتِهِمْ ، وَغَرِقَ الْوَادِي فِي أَثَرِهِ فِي خِلَافَةِ الرَّشِيدِ هَارُونَ , وَجَاءَ سَيْلٌ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ فِي خِلَافَةِ الْمَأْمُونِ ، وَعَلَى مَكَّةَ يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْظَلَةَ الْمَخْزُومِيُّ خَلِيفَةً لحَمْدُونَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، وَأَحَاطَ بِالْكَعْبَةِ ، وَكَانَ دُونَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ بِذِرَاعٍ ، وَرُفِعَ الْمَقَامُ عَنْ مَكَانِهِ ؛ لَمَّا خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ السَّيْلُ ، وَهَدَمَ دُورًا مِنْ دُورِ النَّاسِ ، وَذَهَبَ بِنَاسٍ كَثِيرٍ ، وَأَصَابَ النَّاسَ بَعْدَهُ مَرَضٌ شَدِيدٌ مِنْ وَبَاءٍ وَمَوْتٍ فَاشٍ ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ السَّيْلُ سَيْلَ ابْنِ حَنْظَلَةَ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ الْمَأْمُونِ سَيْلٌ ، وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ سَيْلِ ابْنِ حَنْظَلَةَ ، فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَمِائَتَيْنِ فِي شَوَّالٍ ، جَاءَ وَالنَّاسُ غَافِلُونَ ، فَامْتَلَأَ السَّدُّ الَّذِي بِالثَّقَبَةِ ، فَلَمَّا فَاضَ انْهَدَمَ السَّدُّ ، فَجَاءَ السَّيْلُ الَّذِي اجْتَمَعَ فِيهِ مَعَ سَيْلِ السِّدْرَةِ وَسَيْلِ مَا أَقْبَلَ مِنْ مِنًى ، فَاجْتَمَعَ ذَلِكَ كُلُّهُ ، فَجَاءَ جُمْلَةً ، فَاقْتَحَمَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، وَأَحَاطَ بِالْكَعْبَةِ ، وَبَلَغَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ ، وَرُفِعَ الْمَقَامُ مِنْ مَكَانِهِ لَمَّا خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ ، فَكَبَسَ الْمَسْجِدَ وَالْوَادِيَ بِالطِّينِ وَالْبَطْحَاءِ ، وَقَلَعَ صَنَادِيقَ الْأَسْوَاقِ وَمَقَاعِدَهُمْ ، وَأَلْقَاهَا بِأَسْفَلِ مَكَّةَ ، وَذَهَبَ بِأُنَاسٍ كَثِيرٍ ، وَهَدَمَ دُورًا كَثِيرَةً مِمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْوَادِي ، وَكَانَ أَمِيرُ مَكَّةَ يَوْمَئِذٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَعَلَى بَرِيدِ مَكَّةَ وَصَوَافِيهَا مُبَارَكٌ الطَّبَرِيُّ ، وَكَانَ وَافَى تِلْكَ السَّنَةَ الْعُمْرَةَ فِي شهر رَمَضَانَ قَوْمٌ مِنَ الْحَاجِّ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ وَغَيْرُهُمْ كَثِيرٌ ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ مِنَ الْحَاجِّ وَأَهْلُ مَكَّةَ مَا فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الطِّينِ وَالتُّرَابِ ، اجْتَمَعَ النَّاسُ فَكَانُوا يَعْمَلُونَ بِأَيْدِيهِمْ ، وَيَسْتَأْجِرُونَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ، حَتَّى كَانَتِ النِّسَاءُ بِاللَّيْلِ وَالْعَوَاتِقُ يَخْرُجْنَ فَيَنْقُلْنَ التُّرَابَ الْتِمَاسَ الْأَجْرِ وَالْبَرَكَةِ ، حَتَّى رُفِعَ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَنُقِلَ مَا فِيهِ , فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى الْمَأْمُونِ ، فَأَرْسَلَ بِمَالٍ عَظِيمٍ ، فَأَمَرَ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ ، وَيُبْطَحَ وَيُعْزَقَ وَادِي مَكَّةَ ، فَعُزِقَ مِنْهُ وَادِي مَكَّةَ ، وَعُمِّرَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَبُطِحَ ، ثُمَّ لَمْ يُعْزَقْ وَادِي مَكَّةَ حَتَّى كَانَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ ، فَأَمَرَتْ أُمُّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ جَعْفَرٍ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ لِعَزْقِهِ ، فَعُزِقَ بِهَا عَزْقًا مُسْتَوْعِبًا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،