:
:
هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، الْهُرْمُزَانُ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ فَارِسٍ , فَلَمَّا انْقَضَى أَمْرُ جَلُولاَءَ خَرَجَ يَزْدَجِرْدُ مِنْ حُلْوَانَ إِلَى أَصْبَهَانَ , ثُمَّ أَتَى إِصْطَخْرَ وَوَجَّهَ الْهُرْمُزَانَ إِلَى تُسْتَرَ فَضَبَطَهَا وَتَحَصَّنَ فِي الْقَلْعَةِ وَمَعَهُ الأَسَاوِرَةُ , وَجَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ تُسْتَرَ وَهِيَ فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ مِمَّا يَلِي الْجَبَلَ , وَالْمَاءُ مُحِيطٌ بِهَا , وَمَادَّةٌ تَأْتِيهِمْ مِنْ أَصْبَهَانَ , فَمَكَثُوا كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ , وَحَاصَرَهُمْ أَبُو مُوسَى سَنَتَيْنِ , وَيُقَالُ : ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا. ثُمَّ نَزَلَ أَهْلُ الْقَلْعَةِ عَلَى حُكْمِ عُمَرَ , فَبَعَثَ أَبُو مُوسَى بِالْهُرْمُزَانِ إِلَيْهِ وَمَعَهُ اثْنَا عَشَرَ أَسِيرًا مِنَ الْعَجَمِ عَلَيْهِمُ الدِّيبَاجُ وَمَنَاطِقُ الذَّهَبِ , وَأَسْوِرَةُ الذَّهَبِ , فَقَدِمُوا بِهِمُ الْمَدِينَةَ فِي زِيِّهِمْ ذَلِكَ , فَجَعَلَ النَّاسُ يَعْجَبُونَ , فَأَتَوْا بِهِمْ مَنْزِلَ عُمَرَ , فَلَمْ يُصَادِفُوهُ , وَجَعَلُوا يَطْلُبُونَهُ , فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ بِالْفَارِسِيَّةِ : قَدْ ضَلَّ مَلِكُكُمْ , فَقِيلَ لَهُمْ : هُوَ فِي الْمَسْجِدِ , فَدَخَلُوا , فَوَجَدُوهُ نَائِمًا مُتَوَسِّدًا رِدَاءَهُ , فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ : هَذَا مَلِكُكُمْ ؟ قَالُوا : هَذَا الْخَلِيفَةُ . قَالَ : أَمَا لَهُ حَاجِبٌ , وَلاَ حَارِسٌ ؟ قَالُوا : اللَّهُ حَارِسُهُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ أَجَلُهُ , فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ : هَذَا الْمُلْكُ الْهَنِيءُ.وَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى الْهُرْمُزَانِ , فَقَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ , ثُمَّ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذَلَّ هَذَا وَشِيعَتَهُ بِالإِسْلاَمِ , وَقَالَ عُمَرُ : لِلْوَفْدِ تَكَلَّمُوا وَإِيَّايَ وَتَشْقِيقَ الْكَلاَمِ وَالإِكْثَارَ , فَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْجَزَ وَعْدَهُ , وَأَعَزَّ دِينَهُ , وَخَذَلَ مَنْ حَادَّهُ , وَأَوْرَثْنَا أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ , وَأَفَاءَ عَلَيْنَا أَمْوَالِهِمْ , وَأَبْنَائِهِمْ , وَسَلَّطْنَا عَلَيْهِمْ نَقْتُلُ مَنْ شِئْنَا , وَنَسْتَحْيِي مَنْ شِئْنَا فَبَكَى عُمَرُ , ثُمَّ قَالَ لِلْهُرْمُزَانِ : مَا مَالُكَ ؟ قَالَ : أَمَّا مِيرَاثِي عَنْ آبَائِي فَعِنْدِي , وَأَمَّا مَا كَانَ فِي يَدَيَّ مِنْ مَالِ الْمُلْكِ , وَبُيُوتِ الأَمْوَالِ فَأَخَذَهُ عَامِلُكَ. قَالَ : يَا هُرْمُزَانُ , كَيْفَ رَأَيْتَ الَّذِيَ صَنَعَ اللَّهُ بِكُمْ ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ ؟ قَالَ : مَا لَكَ لاَ تَكَلَّمُ ؟ قَالَ : كَلاَمَ حَيٍّ أُكَلِّمُكَ أَمْ كَلاَمُ مَيِّتٍ ؟ قَالَ : أَوَ لَسْتَ حَيًّا ؟ فَاسْتَسْقَى الْهُرْمُزَانُ مَاءً , فَقَالَ عُمَرُ : لاَ نَجْمَعُ عَلَيْكَ الْقَتْلَ وَالْعَطَشَ فَدَعَا لَهُ بِمَاءٍ , فَأَتَوْهُ بِمَاءٍ فِي قَدَحِ خَشَبٍ , فَأَمْسَكَهُ بِيَدِهِ , فَقَالَ عُمَرُ : اشْرَبْ , لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ إِنِّي غَيْرُ قَاتِلِكَ حَتَّى تَشْرَبَهُ. فَرَمَى بالإِنَاءَ مِنْ يَدِهِ , وَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ , كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ عَلَى غَيْرِ دِينٍ نَتَعَبَّدُكُمْ وَنَقْضِيكُمْ وَنَقْتُلُكُمْ , وَكُنْتُمْ أَسْوَأَ الأُمَمِ عِنْدَنَا حَالاَّ وَأَخَسَّهَا مَنْزِلَةً , فَلَمَّا كَانَ اللَّهُ مَعَكُمْ لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ بِاللَّهِ طَاقَةٌ , فَأَمَرَ عُمَرُ بِقَتْلِهِ , فَقَالَ أَوَ لَمْ تُؤَمِّنِّي ؟ قَالَ : وَكَيْفَ ؟ قَالَ : قُلْتَ لِي : تَكَلَّمْ ؛ لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ , وَقُلْتَ : اشْرَبْ ؛ لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ , لاَ أَقْتُلُكَ حَتَّى تَشْرَبَهُ ,فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ , وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ , وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ صَدَقَ , فَقَالَ عُمَرُ : قَاتَلَهُ اللَّهُ , أَخَذَ أَمَانًا وَلاَ أَشْعُرُ , وَأَمَرَ فَنُزِعَ مَا كَانَ عَلَى الْهُرْمُزَانِ مِنْ حُلِيِّهِ وَدِيبَاجِهِ , وَقَالَ لِسُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ ، وَكَانَ نَحِيفًا أَسْوَدَ دَقِيقَ الذِّرَاعَيْنِ كَأَنَّهُمَا مُحْتَرِقَانِ : الْبَسْ سَوَارِيِ الْهُرْمُزَانِ , فَلَبِسَهُمَا , وَلَبِسَ كِسْوَتَهُ , فَقَالَ عُمَرُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَلَبَ كِسْرَى وَقَوْمَهُ حُلِيَّهُمْ وَكِسَوَتَهُمْ , وَأَلْبَسَهَا سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ. وَدَعَا عُمَرُ الْهُرْمُزَانَ وَأَصْحَابَهُ إِلَى الإِسْلاَمِ , فَأَبَوْا , فَقَالَ عَلِيٌّ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , فَرِّقْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِهِمْ , فَحَمَلَ عُمَرُ الْهُرْمُزَانَ وَجُفَيْنَةَ وَغَيْرَهُمَا فِي الْبَحْرِ , وَقَالَ : اللَّهُمَّ , اكْسِرْ بِهِمْ , وَأَرَادَ أَنْ يُسَيِّرَهُمْ إِلَى الشَّامِ فَكُسِرَ بِهِمْ , وَلَمْ يَغْرَقُوا , فَرَجَعُوا , فَأَسْلَمُوا , وَفَرَضَ لَهُمْ عُمَرُ فِي أَلْفَيْنِ , وَسُمِّيَ الْهُرْمُزَانُ عُرْفُطَةَ. قَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ : رَأَيْتُ الْهُرْمُزَانَ بِالرَّوْحَاءِ مُهِلًّا بِالْحَجِّ مَعَ عُمَرَ عَلَيْهِ حُلَّةٌ حِبَرَةٌ.
7480 أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ الأَغَرِّ الْمَكِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ , عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : رَأَيْتُ الْهُرْمُزَانَ مُهِلًّا بِالْحَجِّ بِالرَّوْحَاءِ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حِبَرَةٌ.
:
:
هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، الهرمزان وكان من أهل فارس , فلما انقضى أمر جلولاء خرج يزدجرد من حلوان إلى أصبهان , ثم أتى إصطخر ووجه الهرمزان إلى تستر فضبطها وتحصن في القلعة ومعه الأساورة , وجمع كثير من أهل تستر وهي في أقصى المدينة مما يلي الجبل , والماء محيط بها , ومادة تأتيهم من أصبهان , فمكثوا كذلك ما شاء الله , وحاصرهم أبو موسى سنتين , ويقال : ثمانية عشر شهرا. ثم نزل أهل القلعة على حكم عمر , فبعث أبو موسى بالهرمزان إليه ومعه اثنا عشر أسيرا من العجم عليهم الديباج ومناطق الذهب , وأسورة الذهب , فقدموا بهم المدينة في زيهم ذلك , فجعل الناس يعجبون , فأتوا بهم منزل عمر , فلم يصادفوه , وجعلوا يطلبونه , فقال الهرمزان بالفارسية : قد ضل ملككم , فقيل لهم : هو في المسجد , فدخلوا , فوجدوه نائما متوسدا رداءه , فقال الهرمزان : هذا ملككم ؟ قالوا : هذا الخليفة . قال : أما له حاجب , ولا حارس ؟ قالوا : الله حارسه حتى يأتي عليه أجله , فقال الهرمزان : هذا الملك الهنيء.ونظر عمر إلى الهرمزان , فقال : أعوذ بالله من النار , ثم قال : الحمد لله الذي أذل هذا وشيعته بالإسلام , وقال عمر : للوفد تكلموا وإياي وتشقيق الكلام والإكثار , فقال أنس بن مالك : الحمد لله الذي أنجز وعده , وأعز دينه , وخذل من حاده , وأورثنا أرضهم وديارهم , وأفاء علينا أموالهم , وأبنائهم , وسلطنا عليهم نقتل من شئنا , ونستحيي من شئنا فبكى عمر , ثم قال للهرمزان : ما مالك ؟ قال : أما ميراثي عن آبائي فعندي , وأما ما كان في يدي من مال الملك , وبيوت الأموال فأخذه عاملك. قال : يا هرمزان , كيف رأيت الذي صنع الله بكم ؟ فلم يجبه ؟ قال : ما لك لا تكلم ؟ قال : كلام حي أكلمك أم كلام ميت ؟ قال : أو لست حيا ؟ فاستسقى الهرمزان ماء , فقال عمر : لا نجمع عليك القتل والعطش فدعا له بماء , فأتوه بماء في قدح خشب , فأمسكه بيده , فقال عمر : اشرب , لا بأس عليك إني غير قاتلك حتى تشربه. فرمى بالإناء من يده , وقال : يا معشر العرب , كنتم وأنتم على غير دين نتعبدكم ونقضيكم ونقتلكم , وكنتم أسوأ الأمم عندنا حالا وأخسها منزلة , فلما كان الله معكم لم يكن لأحد بالله طاقة , فأمر عمر بقتله , فقال أو لم تؤمني ؟ قال : وكيف ؟ قال : قلت لي : تكلم ؛ لا بأس عليك , وقلت : اشرب ؛ لا بأس عليك , لا أقتلك حتى تشربه ,فقال الزبير بن العوام , وأنس بن مالك , وأبو سعيد الخدري صدق , فقال عمر : قاتله الله , أخذ أمانا ولا أشعر , وأمر فنزع ما كان على الهرمزان من حليه وديباجه , وقال لسراقة بن مالك بن جعشم ، وكان نحيفا أسود دقيق الذراعين كأنهما محترقان : البس سواري الهرمزان , فلبسهما , ولبس كسوته , فقال عمر : الحمد لله الذي سلب كسرى وقومه حليهم وكسوتهم , وألبسها سراقة بن مالك بن جعشم. ودعا عمر الهرمزان وأصحابه إلى الإسلام , فأبوا , فقال علي : يا أمير المؤمنين , فرق بينهم وبين إخوانهم , فحمل عمر الهرمزان وجفينة وغيرهما في البحر , وقال : اللهم , اكسر بهم , وأراد أن يسيرهم إلى الشام فكسر بهم , ولم يغرقوا , فرجعوا , فأسلموا , وفرض لهم عمر في ألفين , وسمي الهرمزان عرفطة. قال المسور بن مخرمة : رأيت الهرمزان بالروحاء مهلا بالحج مع عمر عليه حلة حبرة.
7480 أخبرنا الوليد بن عطاء بن الأغر المكي قال : حدثنا إبراهيم بن سعد , عن أبيه سعد , عن أبيه إبراهيم بن عبد الرحمن قال : رأيت الهرمزان مهلا بالحج بالروحاء مع عمر بن الخطاب وعليه حلة حبرة.