ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ



: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

2306 حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ سَالِمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ ، سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

2307 حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ ، وَمُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَا : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْمَاءِ يَكُونُ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ تَنْتَابُهُ الدَّوَابُّ وَالسِّبَاعُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِذَا كَانَ الْمَاءُ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ لَمْ يَحْتَمِلْ نَجَسًا ، وَقَدْ ذَكَرْنَا قَائِلِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ بِظَاهِرِهِ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ قَالُوا : إِذَا غَلَبَ عَلَى الْمَاءِ الطَّاهِرِ لَوْنُ النَّجَاسَةِ أَوْ رِيحُهَا أَوْ طَعْمُهَا ، فَغَيْرُ جَائِزٍ التَّطَهُّرُ بِهِ ، لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَحَالَ عَنْ مَعْنَى الْمَاءِ إِلَى مَا عَلَيْهِ مِنَ النَّجَاسَةِ ، وَالنَّجَاسَةُ لَا يُتَطَهَّرُ بِهَا ، وَإِنَّمَا يُتَطَهَّرُ مِنْهَا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

2308 حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ : كُلُّ مَا فِيهِ فَضْلٌ عَمَّا يُصِيبُهُ مِنَ الْأَذَى حَتَّى لَا يُغَيِّرُ ذَلِكَ طَعْمَهُ ، وَلَا لَوْنَهُ ، وَلَا رِيحَهُ ، طَاهِرٌ يُتَوَضَّأُ مِنْهُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

2309 حَدَّثَنِي يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَبِيعَةَ إِذَا وَقَعَتِ الْمَيْتَةُ فِي الْبِئْرِ ، فَلَمْ يَتَغَيَّرْ رِيحُهَا ، وَلَا لَوْنُهَا ، وَلَا طَعْمُهَا ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يُتَوَضَّأَ مِنْهَا ، وَإِنْ رُئِيَ فِيهَا الْمَيْتَةُ ، وَإِنْ تَغَيَّرَتْ نُزِحَ مِنْهَا قَدْرُ مَا يُذْهِبُ الرَّائِحَةَ عَنْهَا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

2310 حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ ، قَالَ : قَالَ سُفْيَانُ فِي الْمَاءِ : مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ، وَلَا لَوْنُهُ ، فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ وَاسِعًا وَعِلَّةُ قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ ظَاهِرُ خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا قَوْلُ مَنْ قَالَ : خَبَرُ ابْنُ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ ، خَبَرٌ مُجْمِلٌ فَسَّرَهُ وَبَيَّنَ مَعْنَاهُ خَبَرُ ابْنُ عُمَرَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ قَبْلُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ نَجَسًا ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ كَذَلِكَ ، لِأَنَّ كِلَا الْخَبَرَيْنِ عِنْدَنَا صَحِيحٌ ، وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَغَيْرُ جَائِزٌ لِأَحَدٍ إِبْطَالُ أَحَدِهِمَا وَالْقَضَاءُ عَلَيْهِ بِالْفَسَادِ ، مَعَ وُجُودِ السَّبِيلِ إِلَى تَصْحِيحِهِمَا ، إِذْ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْخَطَأِ أَنْ يَظُنَّ ظَانٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَقُولُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ : الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ ، بَلْ تُنَجِّسُهُ النَّجَاسَاتُ ، أَوْ يَقُولُ : الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ فِي وَقْتٍ ، فَيَنْفُذُ الْعَمَلُ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ فِي أُمَّتِهِ حِينًا ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ حِينٍ : الْمَاءُ يُنَجِّسُهُ كُلُّ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنَ النَّجَاسَةِ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْرَ قُلَّتَيْنِ فَصَاعِدًا ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ قَدْرَ ذَلِكَ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ تُغَيِّرَ النَّجَاسَةُ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ ، أَوْ رِيحَهُ ، ثُمَّ لَا يَنْقُلُ الَّذِينَ شَاهَدُوا قَوْلَيْهِ أَيَّ قَوْلَيْهِ كَانَ أَوَّلًا ، وَأَيَّهُمَا كَانَ آخِرًا إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ ، أَوْ لَا يُبَيِّنُ هُوَ لِأُمَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ حُكْمَ قَوْلِهِ الثَّانِي قَدْ نَسَخَ حُكْمَ قَوْلِ الْأَوَّلِ فِي ذَلِكَ ، لِأَنَّ فِي تَرَكِ تَبْيِينِ ذَلِكَ ، لَوْ كَانَ الْأَمْرُ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ عَلَى مَا ظَنُّهُ بَعْضُ الْأَغْبِيَاءِ ، تَلْبِيسًا عَلَى الْأُمَّةِ أَمْرَ دِينِهِمْ فِي ذَلِكَ ، وَاللَّازِمَ لَهُمُ الْعَمَلُ بِهِ فِيهِ ، وَلَكِنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا يِتَوَهَّمُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْجَهَلَةِ مِنْ أَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ نَاسِخٌ الْآخَرَ ، أَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا مُعَارِضٌ الْآخَرَ وَدَافِعٌ مَعْنَاهُ ، أَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا صَحِيحٌ وَالْآخَرُ سَقِيمٌ ، بَلْ هُمَا عِنْدَنَا صَحِيحَانِ ، لِعَدَالَةِ رُوَاتِهِمَا ، وَمَخْرَجَهُمَا كَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْقَوْلُ بِهِمَا مِنْهُ فِي وَقْتَيْنِ ، أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ بِغَيْرِ فَصْلٍ لَهُ بِأَوْقَاتٍ ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كَتُبِنَا فَسَادَ قَوْلِ مَنْ قَالَ بِإِجَازَةِ حُكْمَيْنِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا : نَاسِخٌ الْآخَرَ بِغَيْرِ بَيَانٍ لِلْأُمَّةِ النَّاسِخَ مِنْهُمَا مِنَ الْمَنْسُوخِ ، وَخَطَأَ قَوْلِ الزَّاعِمِينَ بِإِجَازَةِ وُرُودِ أَخْبَارٍ تَصِحُّ مَخَارِجُهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَارِضًا بَعْضُهَا بَعْضًا . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ فَاسِدًا بِالْأَدِلَّةِ الَّتِي اسْتَشْهَدْنَا بِهَا عَلَى فَسَادِهَا فِي أَمَاكِنِهَا ، فَلَمْ يَبْقَ قَوْلٌ يَصِحُّ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ ، إِذْ كَانَا صَحِيحِي الْمَخْرَجِ ، إِلَّا الْقَوْلَ الَّذِي قُلْنَاهُ ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِذَا كَانَ قُلَّتَيْنِ ، أَوْ أَنْ يُقَالَ قَالَ : إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ ، مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ ، فَيَزُولَ عَنْهُ مَعْنَى الْمَاءِ ، فَرَوَى عَنْهُ بَعْضُ مَنْ سَمِعَهُ يَقُولُ ذَلِكَ لِبَعْضِ سَائِلِيهِ الَّذِينَ قَدْ عَرَفُوا أَنَّ قَلِيلَ الْمَاءِ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مِنْ قُلَّتَيْنِ يَتَنَجَّسُ بِمَا يَحُلُّ فِيهِ مِنَ النَّجَاسَةِ عَمَّا حَلَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ مِمَّا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ قُلَّتَيْنِ أَنَّهُ قَالَ : الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ ، وَهُوَ يَعْنِي غَيْرَ الْمَاءِ الَّذِي قَدْ عَرَفَهُ السَّائِلُ وَالْمَسْئُولُ : أَنَّهُ يُنَجَّسُ بِمَا حَلَّ فِيهِ مِنَ النَّجَاسَةِ ، وَرَوَى عَنْهُ بَعْضُ سَائِلِيهِ الَّذِينَ جَهِلُوا حُكْمَ قَلِيلِ مَا حَلَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ مِنَ الْمَاءِ وَكَثِيرِهِ ، عَلَى حَسَبِ مَا سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ : إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ : قَدْ فَهِمْنَا وَجْهَ تَصْحِيحِكَ الْخَبَرَيْنِ الْوَارِدَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّذَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ وَالْآخَرُ مِنْهُمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ ، وَوَقَفْنَا عَلَى مَا وَصَفْتَ مِنْ مَعْنَيَيْهِمَا ، وَأَنَّ أَحَدَهُمَا مُبِيَّنٌ مَعْنَى الْآخَرَ ، فَمَا قَدْرُ الْقُلَّتَيْنِ الَّذِي إِذَا كَانَ بِهِ الْمَاءُ لَمْ يَحْتَمِلْ نَجَسًا إِلَّا بِاسْتِحَالَتَهُ عَنْ مَعْنَى الْمَاءِ ؟ قِيلَ لَهُ : قَدْرُ ذَلِكَ قَدْرُ خَمْسِ قِرَبٍ فِيمَا قِيلَ بِالْقِرَبِ الْعِظَامِ ، فَإِنْ قَالَ : وَمَا الدَّلَالَةُ أَنَّ ذَلِكَ قَدْرَهُ ، دُونَ أَنْ يَكُونَ قَدْرَ قِرَبِهِ ، أَوْ بَعْضَ قِرَبِهِ ، إِذْ كَانَتِ الْقِرْبَةُ الْوَاحِدَةُ مَعْرُوفًا لَهَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهَا مِنَ الْمَاءِ قَدْرَ قِلَالٍ كَثِيرَةٍ مِنْ قِلَالِ الْعِرَاقِ ؟ قِيلَ : الدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ ، دُونَ مَا خَالَفَهُ ، نَقْلُ الْحُجَّةِ وِرَاثَةً عَنْ نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ قَدْرَ الْقُلَّتَيْنِ مِنْ قِلَالِ الْعِرَاقِ مِنَ الْمَاءِ ، لَوْ حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَمْ تُغَيِّرْ لَهُ طَعْمًا ، وَلَا لَوْنًا ، وَلَا رِيحًا ، أَنَّهُ نَجَسٌ غَيْرُ جَائِزٍ التَّطَهُّرُ بِهِ . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْقِلَالَ الَّتِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْدِيدُ قَدْرِ الْمَاءِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ النَّجَاسَةَ بِقُلَّتَيْنِ مِنْهَا ، غَيْرُ قِلَالِ الْعِرَاقِ ، وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ قِلَالِ سَائِرِ الْبِلَادِ ، وَلَكِنِّهَا الْقِلَالُ الَّتِي وَصَفْتُ صِفَتَهَا ، إِذْ كَانَ الْمَاءُ إِذَا كَانَ بِقَدْرِ ذَلِكَ ، وَهُوَ قَدْرُ قُلَّتَيْنِ مِنْ قِلَالِ هَجَرَ ، فَهُوَ الْمُخْتَلَفِ فِي جَوَازِ التَّطَهُّرِ بِهِ ، وَمَا دُونَ ذَلِكَ ، فَمَحْكُومٌ لَهُ بِالنَّجَاسَةِ بِقَلِيلِ مَا يَحُلُّ فِيهِ مِنَ النَّجَاسَةِ وَكَثِيرِهِ ، بِنَقْلِ الْحُجَّةِ الَّتِي يَقْطَعُ مَجِيئُهَا الْعُذْرُ وِرَاثَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَإِنْ قَالَ : وَكَيْفَ تَدَّعِي عَلَى الْحُجَّةِ نَقْلَهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ذَكَرْتَ ، وَمَنْ رَوَيْتَ لَنَا عَنْهُ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُ قَالَ : الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ ؟ وَمَنْ قَالَ بِخِلَافِ مَا اخْتَرْتَ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِمَّنْ وَافَقَكَ مِنْهُمْ فِيهِ ؟ قِيلَ : إِنَّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُ قُولِي فِي ذَلِكَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ : إِمَّا رَجُلٌ قَالَ بِتَنْجِيسِ قَدْرِ الْمَاءِ الَّذِي قَضَيْتُ بِطَهَارَتِهِ ، إِذَا حَلَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ مَا لَمْ تُغَيِّرِ النَّجَاسَةُ لَوْنَهُ ، أَوْ طَعْمَهُ ، أَوْ رِيحَهُ بِالْقَلِيلِ مِنَ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَكَثِيرِهَا ، فَهُوَ مُخَالِفٌ بِقَوْلِهِ مَا وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ الثَّانِيَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْتَمِلْ نَجَسًا ، فَالْمُنَاظَرَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي تَصْحِيحِ الْخَبَرِ الْوَارِدِ عَنْهُ بِذَلِكَ وَتَسْقِيمِهِ دُونَ غَيْرِهِ ، وَإِمَّا رَجُلٌ قَالَ بِتَطْهِيرِ قَدْرِ الْمَاءِ الَّذِي قَضَيْتُ بِتَنْجِيسِهِ بِحُلُولِ النَّجَاسَةِ فِيهِ إِذَا حَلَّتْ فِيهِ ، فَذَلِكَ رَجُلٌ مُخَالِفٌ مَا جَاءَتْ بِهِ الْحُجَّةُ وِرَاثَةً عَنْ نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيُسْأَلُ مَنْ حَكَمَ لِمَا قَضَيْنَا مِنَ الْمَاءِ بِالنَّجَاسَةِ بِحُلُولِ مَا فِيهِ مِنَ النَّجَاسَةِ الَّتِي لَمْ تُغَيِّرْ لَهُ لَوْنًا ، وَلَا طَعْمًا ، وَلَا رِيحًا بِالطَّهَارَةِ ، إِذَا حَلَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ ، وَذَلِكَ كَرِطْلٍ مِنْ مَاءٍ حَلَّ فِيهِ نِصْفُ رِطْلٍ مِنْ بَوْلٍ ، فَلَمْ يُغَيِّرْ لَهُ لَوْنًا ، وَلَا طَعْمًا ، وَلَا رِيحًا ، فَيُقَالُ لَهُ : أَلَيْسَ هُوَ عِنْدَكَ طَاهِرًا ؟ فَإَنْ قَالَ : لَا ، تَرَكَ فِي ذَلِكَ قَوْلَهُ ، وَقَالَ فِيهِ الْحَقَّ ، وَإِنْ قَالَ : بَلَى ، قِيلَ لَهُ : فَمَا قَوْلُكَ فِي الْوُضُوءِ بِهِ ، أَلَيْسَ جَائِزًا ؟ فَإِنْ قَالَ : لَا ، قِيلَ لَهُ : وَمَا شَأْنُهُ لَمْ يَجُزِ الْوُضُوءُ بِهِ ، وَهُوَ مَاءٌ طَاهِرٌ عِنْدَكَ ، وَأَيُّ مَاءٍ طَاهِرٍ وَجَدْتَ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ ؟ عَلَى أَنَّهُ إِنْ قَالَ ذَلِكَ ، تَرَكَ أَصْلَهُ وَنَقَضَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ قَوْلَهُ : الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ ، لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ قَبْلَ حُلُولِ النَّجَاسَةِ طَاهِرًا جَائِزًا الْوُضُوءُ بِهِ ، وَإِذَا أَبَى إِجَازَةَ الْوُضُوءِ بِهِ بَعْدَ حُلُولِ النَّجَاسَةِ فِيهِ ، وَلَمْ تَكُنِ النَّجَاسَةُ غَيَّرَتْهُ عَنْ حَالِهِ الْأُولَى الَّتِي كَانَ بِهَا قَبْلَ أَنْ تَحُلُّ فِيهِ ، فَقَدْ أَبَى إِجَازَةَ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ ، وَذَلِكَ نَقْضُ قَوْلِهِ ، وَخُرُوجٌ مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ . وَإِنْ قَالَ : بَلِ الْوُضُوءُ بِهِ جَائِزٌ . قِيلَ لَهُ : أَوَلَيْسَ الْقَائِمُ إِلَى صَلَاتِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أُمِرَ بِغَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ إِذَا كَانَ لَهُ وَاجِدًا ، وَكَانَ قَبْلَ قِيَامِهِ إِلَيْهَا مُحْدِثًا حَدَثًا يُوجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ ذَلِكَ ؟ فَإِنْ قَالَ : نَعَمْ . قِيلَ لَهُ : فَأَخْبِرْنَا عَنِ الْمُتَوَضِّئِ بِالرِّطْلِ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي قَدْ خَالَطَهُ مِنَ النَّجَاسَةِ قَدْرُ مَا ذَكَرْتَ ، أَمُتُوَضِّئٌ هُوَ بِالْمَاءِ ، أُمْ بِالْمَاءِ وَالْبَوْلِ ؟ . فَإِنْ قَالَ : بِالْمَاءِ . قِيلَ لَهُ : أَوَلَيْسَ الْمَاءُ كَانَ رِطْلًا فَصَارَ بِالْبَوْلِ الَّذِي حَلَّ فِيهِ رِطْلًا وَنِصْفًا ، فَهَلِ الزِّيَادَةُ عَلَى الرِّطْلِ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا الْبَوْلُ ؟ . فَإِنْ قَالَ : إِنَّ الْبَوْلَ لَمَّا حَلَّ فِي الْمَاءِ صَارَ مَاءً طَاهِرًا ، قِيلَ لَهُ : وَمَا الَّذِي أَوْجَبَ مَصِيرَهُ مَاءً وَهُوَ قَبْلَ مَصِيرِهِ فِي الْمَاءِ بَوْلٌ ؟ وَهَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَنْ خَالَفَكَ فِي ذَلِكَ ، فَزَعَمَ أَنَّ النِّصْفَ الرِّطْلَ مِنَ الْبَوْلِ قَدْ حَوَّلَ بِحُلُولِهِ فِي الطَّاهِرِ مِنَ الْمَاءِ مِقْدَارَهُ مِنَ الْمَاءِ بَوْلًا ، إِذْ كَانَ أَعْيَانُ الْأَشْيَاءِ بِامْتِزَاجِهَا يَسْتَحِيلُ بَعْضُهَا عَنْ مَعْنَاهُ إِلَى مَعْنَى مَا مَازَجَهُ ، وَأَنَّ الَّذِي فِيمَا مَازَجَهُ الْبَوْلُ مِنَ الرِّطْلِ الْمَاءُ نِصْفُ رِطْلٍ ، بِمَصِيرِ النِّصْفِ الرِّطْلِ الْآخَرِ بَوْلًا بِامْتِزَاجِ النِّصْفِ الرِّطْلِ مِنَ الْبَوْلِ بِهِ فَرْقٌ مِنْ أَصْلٍ ، أَوْ نَظِيرٍ ؟ فَإِنْ قَالَ : الْفَرَقُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وُجُودِيُّ ، غَلَبَةَ طَعْمِ الْمَاءِ ، وَلَوْنِهِ ، وَرِيحِهِ عَلَى الَّذِي حَلَّ فِيهِ مِنَ الْبَوْلِ بِكَثْرَةِ أَجْزَائِهِ ، فَعَلِمْتُ بِذَلِكَ أَنَّ الْبَوْلَ هُوَ الَّذِي اسْتَحَالَ مَاءً دُونَ الْمَاءِ ، لِأَنَّ الْمَاءَ لَوْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِيلُ بَوْلًا لَكَانَ طَعْمُ الْبَوْلِ ، وَلَوْنُهُ ، وَرِيحُهُ هُوَ الْغَالِبُ عَلَى الْمَاءِ . قِيلَ لَهُ : فَإِنْ كَانَ الْبَوْلُ قَدِ اسْتَحَالَ مَاءً عِنْدَكَ ، فَقَدِ ازْدَادَتْ أَجْزَاءُ الْمَاءِ كَثْرَةً لَا قِلَّةً ، وَصَارَ الْمَاءُ رِطْلًا وَنِصْفًا . فَإِنْ قَالَ : الْأَمْرُ كَذَلِكَ . قِيلَ لَهُ : فَإِنْ نَحْنُ أَلْقَيْنَا عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ أُوقِيَّةً أُخْرَى مِنَ الْبَوْلِ ، فَتَغَيَّرَ طَعْمُ الْمَاءِ ، وَلَوْنُهُ ، وَرِيحُهُ ، فَصَارَ بِلَوْنِ الْبَوْلِ وَطَعْمِهِ ، وَرِيحِهِ ، أَتَرَى الرِّطْلَ وَالنِّصْفَ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي كَانَ عِنْدَكَ مَاءً طَاهِرًا ، اسْتَحَالَ جَمِيعُهُ بَوْلًا نَجَسًا بِقَدْرِ الْأُوقِيَّةِ مِنَ الْبَوْلِ الَّذِي حَلَّ فِيهِ ؟ فَإِنْ قَالَ : ذَلِكَ كَذَلِكَ ، كَفَى خَصْمَهُ مَؤُونَتَهُ بِإِجَابَتِهِ إِيَّاهُ إِلَى مَا لَا يَخْفَى عَلَى سَامِعِهِ فَسَادُهُ ، وَجَهْلُ قَائِلِهِ ، وَإِجَازَتُهُ اسْتِحَالَةَ الرِّطْلَ وَالنِّصْفَ الرِّطْلِ مِنَ الْمَاءِ الطَّاهِرِ بِالْأُوقِيَّةِ أَوِ النِّصْفِ الْأُوقِيَّةِ مِنَ الْبَوْلِ يَحِلُّ فِيهِ ، بَوْلًا نَجَسًا مَعَ زَعْمِهِ أَنَّ الرِّطْلَ مِنَ الْمَاءِ الطَّاهِرِ إِذَا حَلَّ فِيهِ مِثْلُ نِصْفِهِ بَوْلٌ ، فَلَمْ يَظْهَرْ لِلْبَوْلِ فِيهِ طَعْمٌ ، وَلَا لَوْنٌ ، وَلَا رِيحٌ ، أَنَّهُ قَدِ اسْتَحَالَ الْبَوْلُ كُلُّهُ مَاءً طَاهِرًا ، وَعُدِمَتْ عَيْنُ الْبَوْلِ ، وَصَارَ الْمَاءُ الَّذِي كَانَ رِطْلًا قَبْلَ حُلُولِ الْبَوْلِ فِيهِ ، رِطْلًا وَنِصْفَ رِطْلٍ بِحُلُولِ النِّصْفِ الرِّطْلِ مِنَ الْبَوْلِ فِيهِ . فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمَ ، كَانَ اسْتِحَالَةُ الْأُوقِيَّةِ مِنَ الْبَوْلِ فِي الرِّطْلِ وَالنِّصْفِ الرِّطْلِ مِنَ الْمَاءِ الطَّاهِرِ مَاءً أَوْلَى وَأَحَقُّ مِنَ اسْتِحَالَةِ النِّصْفِ الرِّطْلِ مِنَ الْبَوْلِ فِي الرِّطْلِ مِنَ الْمَاءِ الطَّاهِرِ مَاءً ، إِلَّا عِنْدَ مَنْ كَابَرَ عَقْلَهُ ، وَأَضْحَكَ مِنْ نَفْسِهِ خُصُومَهُ . وَإِنْ قَالَ : إِذْ وَضَحَ لَهُ فَسَادُ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ : بَلِ الْمُتَوَضِّئُ بِالْمَاءِ الَّذِي قَدْ خَالَطَتْهُ النَّجَاسَةُ الْمَائِعَةُ ، مُتَوَضِّئٌ بِمَاءٍ وَنَجَاسَةٍ . قِيلَ لَهُ : أَفَأُمِرَ الْقَائِمُ إِلَى الصَّلَاةِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ أَمْ بِالْمَاءِ وَالْبَوْلِ النَّجِسِ ؟ فَإِنْ قَالَ : بِالْمَاءِ وَالْبَوْلِ النَّجِسِ ، كَفَى خَصْمَهُ مَؤُونَتَهُ . وَإِنْ قَالَ : بَلْ أُمِرَ بِالْمَاءِ وَحْدَهُ ، تَرَكَ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ ، وَدَخَلَ فِي قَوْلِ مَنْ أَنْكَرَ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ الَّذِي قَدْ خَالَطَتْهُ النَّجَاسَةُ . فَإِنْ قَالَ بَعْضُ مَنْ سَأَلْنَاهُ هَذَا السُّؤَالَ مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَنْجُسُ وَإِنْ قَلَّ ، بِمُخَالَطَةِ النَّجَاسَةُ إِيَّاهُ ، حَتَّى يَغْلِبَ عَلَيْهِ طَعْمُهَا أَوْ لَوْنُهَا ، أَوْ رِيحُهَا ، فَيَسْتَحِيلُ عَنْ مَعْنَى الْمَاءِ : إِنَّ الَّذِي أَلْزَمْتَنَا بِهَذَا السُّؤَالِ ، لَكَ لَازِمٌ مِثْلُهُ فِي قَوْلِكَ : إِنَّ الْمَاءَ إِذَا كَانَ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ إِلَّا مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ ، أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ ، فَأَحَالَهُ عَنْ مَعْنَى الْمَاءِ ، لِأَنَّكَ تَقُولُ : إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ مِنْ قِلَالِ هَجَرَ ، فَوَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ مَائِعَةٌ ، لَمْ تُغَيِّرْ لَهُ طَعْمًا ، وَلَا لَوْنًا ، وَلَا رِيحًا ، وَإِنْ كَثُرَتْ أَجْزَاءُ النَّجَاسَةِ فِيهِ ، فَالْوُضُوءُ بِهِ جَائِزٌ ، فَلَمْ تُعْمِلْ فِي سُؤَالِكَ إِيَّانَا فِي الْقَلِيلِ مِنَ الْمَاءِ إِذَا دَخَلَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ ، وَإِلْزَامُكَ إِيَّانَا مَا أَلْزَمْتَنَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ نَبَّهْتَنَا عَلَى مُطَالَبَتِكَ ، وَمَوْضِعُ الْعَوْرَةِ فِي مَذْهُبِكَ وَقَوْلِكَ فِي الْمَاءِ إِذَا كَانَ قَدْرَ قُلَّتَيْنِ فَخَالَطَتْهُ نَجَاسَةٌ ، وَنَحْنُ نَقْلِبُ عَلَيْكَ هَذَا السُّؤَالَ بِعَيْنِهِ ، فَنَقُولُ لَكَ : أَرَأَيْتُ قَدْرَ الْقُلَّتَيْنِ مِنَ الْمَاءِ الطَّاهِرِ ، بِالْقِلَالِ الَّتِي ذَكَرْتَ ، إِنِ انْصِبَّ فِيهِ مِثْلُ رُبْعِهِ مِنَ الْبَوْلِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ ، لَمْ يَتَغَيَّرْ لَهُ طَعْمٌ ، وَلَا لَوْنٌ ، وَلَا رِيحٌ ، فَتَوَضَّأَ بِهِ مُتَوَضِّئٌ ، أَيُجْزِيهِ وُضُوءُهُ بِهِ ؟ فَإِنْ قُلْتَ : لَا ، تَرَكْتَ قَوْلَكَ فِي ذَلِكَ وَهَدَمْتَ مَا تَبْنِي فِيهِ ، وَإِنْ قُلْتَ : نَعَمْ ، قِيلَ لَكَ : أَخْبِرْنَا عَنْهُ ، أَتَوَضَّأَ بِمَاءٍ وَحْدَهُ أَمْ بِمَاءٍ وَبَوْلٍ ؟ وَسَأَلْنَاكَ مِثْلَ سُؤَالِكَ إِيَّانَا ، فَمَا أَنْتَ قَائِلٌ لَنَا ؟ وَمَا الْمَعْنَى الَّذِي لَزِمَنَا مِنْ قَوْلِكِ ؟ بَلْ نُلْزِمُكَ مِثْلَهُ فِي قَوْلِكَ الَّذِي خَالَفْتَنَا بِهِ . قِيلَ : لَوْ كَانَ الْأَمْرُ فِي مَا قُلْنَا ، كَالَّذِي ظَنَنْتَ ، لَكَانَ سُؤَالُنَا عَمَّا سَأَلْنَاكُمْ عَنْهُ ظُلْمًا ، وَلَكِنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الَّذِي ظَنَنْتَ ، بَلْ قَوْلُنَا فِي ذَلِكَ : النَّجَاسَةُ الْمَائِعَةُ ، إِذَا خَالَطَتِ مَاءً ، فَإِنَّ الْمَاءَ لَمْ تَسْتَحِلْ عَيْنُهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ مَعْنَى الْمَاءِ ، غَلَبَ طَعْمُ النَّجَاسَةِ ، وَلَوْنُهَا عَلَيْهِ ، وَرِيحُهَا عَلَيْهِ ، أَوْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَا النَّجَاسَةُ اسْتَحَالَتْ عَيْنُهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَعْنَى النَّجَاسَةِ إِلَى مَعْنَى الْمَاءِ ، وَلَكِنَّهُمَا عَيْنَانِ مُمتَزِجَتَانِ ، وَرَدَ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِجَازَتِهِ التَّطَهُّرِ بِذَلِكَ ، وَكَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ لَوْنُ الْمَاءِ وَطَعْمُهُ ، دُونَ طَعْمِ النَّجَاسَةِ ، وَلَوْنِهَا ، وَرِيحِهَا ، فَقُلْنَا بِإِجَازَتِهِ كَمَا وَرَدَ الْخَبَرُ بِهِ عَنْهُ . وَلَوْ كُنَّا قُلْنَا مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ اسْتِنْبَاطًا وَاسْتِخْرَاجًا ، كُنَّا قَدْ سَاوَيْنَاكَمُ ، وَلَكِنَّا فَصَلْنَا مِنْكُمْ بِأَنَّا قُلْنَا مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِلْوَارِدِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَثَرِ ، وَقُلْتُمْ مَا قُلْتُمُوهُ اسْتِنْبَاطًا مِنَ النَّظَرِ ، فَأَرَيْنَاكُمْ عَيْبَ مَا قُلْتُمْ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ لِتَعْلَمُوا فَسَادَهُ . فَإِنْ قَالَ : إِنَّا وَإِنْ كُنَّا أَيَّدْنَا قَوْلَنَا بِالنَّظَرِ ، فَإِنَّ مَعَنَا أَيْضًا مِنَ الْأَثَرِ مَا قَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ . قِيلَ : قَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى ذَلِكَ ، وَأَنَّهُ خَبَرٌ مُجْمَلٌ قَدْ فَسَّرَتْهُ الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ قُلَّتَيْنِ ، وَأَرَيْنَاكُمُ الشَّوَاهِدَ عَلَى فَسَادِهِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : يَنْجُسُ الْمَاءَ بِمَا حَلَّ فِيهِ مِنْ قَلِيلِ النَّجَاسَةِ وَكَثِيرِهَا ، وَإِنْ كَانَ قَدْرَ قُلَّتَيْنِ مِنْ قِلَالِ هَجَرَ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي حَلَّ فِيهِ قَدْرَ بَرَكَةٍ عَظِيمَةٍ ، إِذَا حُرِّكَ أَحَدُ جَوَانِبِهَا ، لَمْ تَتَحَرَّكِ الْجَوَانِبُ الْأُخْرَى بِتَحَرُّكِ مَا حُرِّكَ مِنْهَا ، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى الْبَطَائِحُ وَالْبَحْرُ ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ : أَخْبِرُونَا عَنْ تَنْجِيسِكُمِ الْمَاءَ الَّذِي هُوَ أَقَلُ مِنْ قَدْرِ مَا قُلْتُمْ إِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النَّجَاسَةَ بِمَا حَلَّ فِيهِ مِنْ قَلِيلِ النَّجَاسَةِ وَكَثِيرِهَا ، أَبِنَصٍّ قُلْتُمْ بِتَنْجِيسِهِ أَمِ الْقِيَاسُ ؟ فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهُمْ قَالُوا بِالنَّصِّ ، سُئِلُوا عَنْ تَبْيِينِ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ النَّصِّ مِنْ كِتَابٍ أَوْ خَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِمًّا مِنْ نَقْلِ الْعَامَّةِ أَوْ نَقْلِ الْخَاصَّةِ ، وَعَزِيزٌ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ . وَإِنْ قَالُوا : قُلْنَاهُ قِيَاسًا ، قِيلَ لَهُمْ : مَا الْأَصْلُ الَّذِي قِسْتُمْ عَلَيْهِ ؟ فَإِنْ قَالُوا : قِسْنَاهُ عَلَى إِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ قَلِيلَ الْمَاءِ ، الَّذِي هُوَ قُلَّةٌ أَوْ أَقَلُّ مِنْ قُلَّةٍ بِقِلَالِ الْعِرَاقَ ، يَنْجُسُ بِقَلِيلِ مَا حَلَّ فِيهِ مِنَ النَّجَاسَةِ ، إِذَا كَانَ مُجْتَمِعًا رَاكِدًا فِي مَوْضِعٍ ، وَذَلِكَ قَدْرٌ مِنَ الْمَاءِ لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ إِذَا حُرِّكَتْ نَاحِيَةٌ مِنْهُ تَحَرَّكَتْ نَوَاحِيهِ كُلُّهَا ، وَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ النَّجَاسَةَ إِذَا حَلَّتْ فِي مَوْضِعٍ مِنْهُ ، أَوْ فِي جَانِبٍ مِنَ جَوَانِبِهِ ، امْتَزَجَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ، فَنَجُسَ جَمِيعُهُ ، وَهُمْ مَعَ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، مُجْمِعُونَ عَلَى الْبَطِيحَةِ ، وَالْبَحْرِ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَتْ فِيهِمَا نَجَاسَةٌ ، قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ ، أَنَّهُمَا لَا يَنْجُسَانِ ، وَهُمَا مَاءَانِ إِذَا حُرِّكَ جَانِبٌ مِنْ جَوَانِبِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَتَحَرَّكِ الْجَانِبُ الْآخَرُ مِنْهُ ، فَأَلْحَقْنَا حُكْمَ كُلِّ مَاءٍ رَاكِدٍ إِذَا حُرِّكَ جَانِبٌ مِنْهُ لَمْ يَتَحَرَّكِ الْجَانِبُ الْآخَرُ ، بِحُكْمِ الْبَطِيحَةِ الرَّاكِدِ مَاؤُهَا ، وَالْبَحْرِ الدَّائِمِ مَاؤُهُ ، وَأَلْحَقْنَا كُلَّ مَاءٍ قَائِمٍ إِذَا حُرِّكَ جَانِبٌ مِنْهُ تَحَرَّكَ الْجَانِبُ الْآخَرُ مِنْهُ ، بِحُكْمِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ ، الَّذِي هُوَ قَدْرُ قُلَّةٍ مِنْ قِلَالِ أَهْلِ الْعِرَاقِ ، الْمُجْمَعِ عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ الْقَلِيلَةَ إِذَا دَخَلَتْ فِيهِ يَنْجُسُ جَمِيعُهُ ، وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْ لَهُ لَوْنًا وَلَا طَعْمًا ، وَلَا رِيحًا . قِيلَ لَهُمْ : أَخْبِرُونَا عَنِ الَّذِي رَأَيْتُمُوهُ نَجَسًا مِنَ الْمَاءِ بِحُلُولِ النَّجَاسَةِ فِيهِ ، أَلَيْسَ الْمَاءُ يَنْجُسُ عِنْدَكُمْ بِامْتِزَاجِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ، إِذَا وَقَعَتِ النَّجَاسَةُ فِي جَانِبٍ مِنْهُ ؟ فَإِنْ قَالُوا : لَا ، تَرَكُوا فِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ الَّذِيَ إِذَا حُرِّكَ جَانِبٌ مِنْهُ لَمْ يَتَحَرَّكِ الْجَانِبُ الْآخَرُ ، إِنَّمَا حَكَمُوا لَهُمْ بِالطَّهَارَةِ ، إِذَا حَلَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ ، يَتَنَجَّسُ الْجَانِبُ الَّذِي حَلَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ ، وَلَا يَتَنَجَّسُ الْجَانِبُ الْآخَرُ ؛ لِإَنَّهُ لَا يَمْتَزِجُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَنَجَّسُ مِنْهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي حَلَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ ، وَمَا حَوْلَهُ دُونَ جَمِيعِهِ . وَإِنْ قَالُوا : بَلَى ، قِيلَ لَهُمْ : أَخْبِرُونَا عَنِ الْمَاءِ الَّذِي صِفَتُهُ مَا ذَكَرْتُمْ ، وَأَنَّهُ إِذَا كَانَ بِهَا لَمْ يَحْتَمِلْ نَجِسًا ، وَكَانَ كَالْبَطِيحَةِ ، وَالْبَحْرِ إِذَا دَخَلَتِ النَّجَاسَةُ فِي جَانِبٍ مِنْهُ وَنَاحِيَةٍ ، أَلَيْسَ الْمَوْضِعُ الَّذِي حَلَّتْ فِيهِ مِنْهُ نَجِسٌ عِنْدَكُمْ ؟ فَإِنْ قَالُوا : لَا ، تَرَكُوا فِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ ، وَإِنْ قَالُوا : بَلَى ، قِيلَ لَهُمْ : فَأَخْبِرُونَا عَنْ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ ، هَلْ يُجْزِئُ مُتَوَضِّئًا إِنْ تَوَضَّأَ بِهِ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ فَرْضِ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ ؟ فَإِنْ قَالُوا : بَلَى : تَرَكُوا قَوْلَهُمْ فِي ذَلِكَ ، وَإِنْ قَالُوا : لَا ، قِيلَ لَهُمْ : فَأَخْبِرُونَا عَنْهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ عِنْدَكُمْ نَجِسًا لَا يُجْزِئُ مُتَوَضِّئًا لَوْ تَوَضَّأَ بِهِ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ فَرْضِ الطَّهَارَةِ ، وَكَانَ يَنْجُسُ مَا لَاقَى مِنْ بَدَنِ مَنْ لَاقَى بَدَنَهُ ، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ فِيمَا وَلِيَ ذَلِكَ الْمَاءُ الْمُتَنَجِّسُ ، فِيمَا حَلَّ فِيهِ مِنَ النَّجَاسَةِ ، وَفِيمَا لَاقَاهُ مِنْهُ مِنَ الْمَاءِ . أَطَاهِرٌ هُوَ عِنْدَكُمْ أَمْ نَجِسٌ ؟ فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهُ طَاهِرٌ ، تَرَكُوا قَوْلَهُمْ . وَقِيلَ لَهُمْ : مَا جَعْلُ مَا لَاقِي مِنَ الْمَاءِ طَاهِرًا ، وَمَا لَاقَاهُ مِنْ أَبْدَانِ بَنِي آدَمَ وَثِيَابِهِمْ نَجَسًا يُنَجِّسُ مَا لَاقَاهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُسْتَجْسَدَةِ ، وَالْمَائِعَةِ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ ؟ فَهُوَ لِنَوْعِهِ أَشَدُّ تَنْجِيسًا . فَإِنْ قَالُوا : بَلْ هُوَ نَجِسٌ . قِيلَ لَهُمْ : وَكَذَلِكَ كُلُّ جُزْءٍ مَا لَقِيَ النَّجِسَ صَارَ نَجِسًا ، بِتَنْجِيسِ الْجُزْءِ الَّذِي لَقِيَ الْجُزْءَ النَّجِسَ مِنْهُ ، لَا يَبْقَى جُزْءٌ مِنَ الْمَاءِ الرَّاكِدِ إِلَّا صَارَ نَجِسًا بِتَنْجِيسِ أَقَلِّ قَلِيلِهِ . فَإِنْ قَالُوا : الْأَمْرُ كَذَلِكَ ، قَضَوْا عَلَى الْمَاءِ الَّذِي زَعَمُوا أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النَّجَاسَةَ ، وَهُوَ الَّذِي إِذَا حُرِّكَ أَحَدُ جَوَانِبِهِ لَمْ يَتَحَرَّكِ الْجَانِبُ الْآخَرُ مِنْهُ ، بِأَنَّ جَمِيعَهُ نَجِسٌ بِأَقَلِّ قَلِيلِ النَّجَاسَةِ الَّذِي تَحُلُّ فِي بَعْضِهِ ، وَعَلَى مَاءِ الْبَطِيحَةِ ، وَالْبَحْرِ نَجَاسَتَهُ جَمِيعِهِ بِذَلِكَ . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ مَنْ كَانَ يَتَعَاطَى الْجَدَلَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ ، أَنَّهُ أُلْزِمَ هَذَا السُّؤَالَ ، فَرَأَى أَنَّهُ لَازِمٌ ، فَمَضَى عَلَيْهِ وَأَلْزَمَهُ نَفْسَهُ ، وَقَضَى عَلَى مَاءِ الْبَحْرِ وَالْبَطِيحَةِ بِالنَّجَاسَةِ ، إِذَا عَلِمَ أَنَّ نَجَاسَةً قَدْ حَلَّتْهُ . وَبِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الْجَهْلِ أَنْ يَسْتَجِيزَ لِنَفْسِهِ مَا يَسْتَقْبِحَهُ الْعَالِمُ ، فَضْلًا عَنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَإِنْ قَالُوا فِي بَعْضِ ذَلِكَ : هُوَ طَاهِرٌ ، وَفِي بَعْضِهِ هُوَ نَجِسٌ . قِيلَ لَهُمْ : أَوَلَيْسَ الَّذِي يَنْجُسُ مِنْهُ إِنَّمَا صَارَ نَجِسًا بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ إِيَّاهُ ؟ فَإِنْ قَالُوا : نَعَمْ ، قِيلَ لَهُمْ : فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ إِنَّمَا صَارَ نَجِسًا بِمُلَاقَاتِهِ النَّجَاسَةَ ، فَلَا شَكَّ أَنَّ الْجُزْءَ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ الْجُزْءَ الَّذِي لَاقِي النَّجَاسَةَ ، لَمْ يُلَاقِهِ إِلَّا بَعْدَمَا صَارَ الْجُزْءُ الَّذِي يَلِي النَّجَاسَةَ نَجِسًا ، فَكَيْفَ جَازَ لَكُمْ أَنْ تَحْكُمُوا بِمَا حَكَمْتُمْ لَهُ بِالطَّهَارَةِ أَنَّهُ طَاهِرٌ ، وَقَدْ لَاقَى مَاءً نَجِسًا ، وَإِنَّمَا حَكَمْتُمُ الَّذِي وَلِي النَّجَاسَةَ بِأَنَّهُ نَجِسٌ لِمُلَاقَاتِهِ مَا لَاقَى مِنَ النَّجَاسَةِ ؟ وَهَذَا قَوْلٌ إِذَا تَدَبُّرَهُ ذُو فَهْمٍ بِعَقْلِهِ ، لَمْ يَخْفَ تَنَاقُضُهُ ، وَإِفْسَادُ بَعْضِهِ بَعْضًا . فَإِنْ قَالَ لَنَا مِنْهُمْ قَائِلٌ : فَإِنَّا نَرُدُّ عَلَيْكَ هَذَا السُّؤَالَ بِعَيْنِهِ فِي قَوْلِكَ : إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْتَمِلِ الْمَاءُ نَجَسًا ، فَنَقُولُ : أَخْبِرُونَا عَنْ قُلَّتَيْ مَاءٍ مِنْ قِلَالِ هَجَرَ حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَمْ تُغَيِّرْ لَهُ طَعْمًا ، وَلَا لَوْنًا ، وَلَا رِيحًا ، أَتَقُولُ إِنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي حَلَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ مِنْهُ طَاهِرٌ ؟ فَإِنْ قُلْتَ : نَعَمْ ، قِيلَ لَكَ : وَكَيْفَ يَكُونُ طَاهِرًا ، وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ عَيْنَ النَّجَاسَةِ الَّتِي حَلَّتْ فِيهِ لَمْ تَنْقَلِبْ ؟ أَمْ كَيْفَ يَكُونُ شَيْءٌ نَجِسًا ، مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِغَيْرِهِ ، فَإِذَا اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ صَارَ طَاهِرًا هُوَ بِحَالِهِ لَمْ يَحُلْ عَنْ مَعْنَاهُ ؟ . قِيلَ : إِنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي قَضَيْنَا لِأَعْيَانِهَا بِالنَّجَاسَةِ ، إِنَّمَا حَكَمْنَا لَهَا بِذَلِكَ لِحُكْمِ اللَّهِ - جَلَّ حدثناؤُهُ - لَهَا بِهِ ، تَسْلِيمًا مِنَّا لِقَضَائِهِ ، وَكَذَلِكَ كَانَ الْأَمْرُ مِنَّا فِيمَا حَكَمْنَا لَهُ بِالطَّهَارَةِ ، فَجَعَلْنَا النَّجَاسَةَ إِذَا لَاقَتْ طَاهِرًا إِلَى الْأَشْيَاءِ ، وَهِيَ رَطْبَةً أَوْ لَاقَتْهُ وَهِيَ يَابِسَةً ، وَمَا لَاقَتْهُ رَطْبٌ نَجِسًا بِحُكْمِ اللَّهِ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - بِذَلِكَ حَكَمْنَا لِلْمَاءِ إِذَا كَانَ قَدْرَ قُلَّتَيْنِ مِنْ قِلَالِ هَجَرَ بِالطَّهَارَةِ ، وَإِنْ حَلَّتْ فِيهِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ ، فَإِنَّهُ يُلْقَى فِيهَا مَا يُنْجِي النَّاسُ وَالْمَحَايِضُ ، يَعْنِي بِقَوْلِهِ : وَإِنَّهُ يُلْقَى فِيهَا مَا يُنْجِي النَّاسُ ، يَعْنِي مَا يُحْدِثُونَ مِنَ الْقَذَرِ ، وَهُوَ النَّجْوُ ، يُقَالُ مِنْهُ : أَنْجَى فُلَانٌ ، إِذَا خَرِيَ ، فَهُوَ يُنْجِي إِنْجَاءً ، وَهُوَ نَجْوُ فُلَانٍ ، وَيُقَالُ : ضَرَبَ فُلَانٌ فُلَانًا حَتَّى أَنْجَى ، وَلِلْنَجْوِ أَيْضًا مَعْنًى آخِرُ ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ : نَجَا فُلَانٌ أَغْصَانَ الشَّجَرِ فَهُوَ يَنْجُوهَا نَجْوًا ، إِذَا قَطَعَهَا ، وَالنَّجْوُ أَيْضًا السَّحَابُ الَّذِي قَدْ هَرَاقَ مَاءَهُ ، فَإِنْ أُدْخِلَتْ فِيهِ هَاءَ التَّأْنِيثُ ، كَانَتْ بِخِلَافِ هَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا ، وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ : فُلَانٌ بِنَجْوَةٍ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ ، إِذَا كَانَ بِارْتِفَاعٍ مِنْهُ حَيْثُ لَا يُصِيبُهُ مِنْهُ أَذًى وَلَا مَكْرُوهٍ ، كَمَا قَالَ : أَوْسُ بْنُ حُجْرٍ فِي صِفَةِ غَيْثٍ :
فَمَنْ بِعَقْوَتِهِ كَمَنْ بِنَجْوَتِهِ
وَالْمُسْتَكِنُّ كَمَنْ يَمْشِي بِقِرْوَاحِ
وَالنِّجْوَةُ : مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ الْآخَرِ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُ يَسْتَقِي لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ ، وَإِنَّهُ يُلْقَى فِيهَا الْمَحَايِضُ وَعَذِرُ النَّاسِ ، فَإِنَّ الْعَذِرَ جَمَعُ عَذِرَةٌ وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْهُ ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْحِيَاضِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ ، فَقِيلَ لَهُ : يَرِدُهَا الْكِلَابُ وَالسِّبَاعُ : لَهَا مَا فِي بُطُونِهَا مِنْهُ وَمَا غَبَرَ فَهُوَ لَنَا طَهُورٌ ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ : وَمَا غَبَرَ ، وَمَا بَقِيَ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ :
فَمَا وَنَى مُحَمَّدٌ مُذْ أَنْ غَفَرْ
لَهُ الْإِلَهَ مَا مَضَى وَمَا غَبَرْ
وَأَمَّا قَوْلُ عَاصِمُ بْنُ الْمُنْذِرِ : دَخَلْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بُسْتَانًا وَفِيهِ مِقْرَى ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْمِقْرَى : الْحَوْضُ يُجْمَعُ فِيهِ الْمَاءُ ، يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا جَمَعَ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ : قَرَى فُلَانٌ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ فَهُوَ يَقْرِيهِ قِرًى ، وَالْحَوْضُ نَفْسُهُ الْمِقْرَى ، وَيُقَالُ لِلْقِرْدِ إِذَا جَمَعَ الطَّعَامَ فِي شِدْقِهِ : قَدِ انْقَرَى قَرِيًّا ، وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ : يَا عَجَبًا مِنْ صَلَتَانٍ يَقْرِي وَكَانَ لَا يَفْرِي فَأَمْسَى يَحْرِي وَالْقَرِيُّ : مَجْرَى الْمَاءِ إِلَى الرِّيَاضِ ، وَالْمِقْرَى ، أَيْضًا إِنَاءٌ يُقْرَى فِيهِ الضَّيْفُ ، يُقَالُ مِنْهُ : قُرَيْتُ الضَّيْفَ فَأَنَا أَقْرِيهِ قِرًى - مَقْصُورٌ - وَأَمَّا إِذَا هُمِزَ ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ بِمَعْنًى غَيْرِ هَذَا ، وَذَلِكَ إِذَا قِيلَ : مَا قَرَأَتْ هَذِهِ النَّاقَةُ سَلًا قَطٌّ ، يَعْنِي بِهِ : إِذَا لَمْ يَشْتَمِلْ رَحِمُهَا عَلَى وَلَدٍ ، كَمَا قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ :
تُرِيكَ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى خَلَاءٍ
وَقَدْ أَمِنَتْ عُيُونَ الْكَاشِحِينَا

ذِرَاعَيْ عَيْطَلٍ أَدْمَاءَ بَكْرٍ
هِجَانِ اللَّوْنِ ، لَمْ تَقْرَأْ جَنِينَا
وَالْقَرْوُ بِغَيْرِ هَمْزٍ ، غَيْرُ ذَلِكَ كُلَّهُ ، وَهُوَ أَصْلُ النَّخْلَةِ يُنْقَرُ ، ثُمَّ يُنْتَبَذُ فِيهِ ، وَمِنْهُ الْخَبَرُ الْوَارِدُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ النَّقِيرِ ، وَأَصْلُهُ مَنْقُورٌ صُرِفَ إِلَى نَقِيرٍ ، وَهُوَ أَصْلُ النَّخْلَةِ الْمَنْقُورِ .
وَالْقَرَا بِفَتْحِ الْقَافِ - مَقْصُورٌ - الظَّهْرُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الطِّرِمَّاحِ بْنِ حَكِيمٍ :
كَصِيَاحِ نُوتِيٍّ يَظَلُّ عَلَى قَرَا
قَيْدُومِ قَرْوَاءَ السَّرَاةِ يُنَدِّدُ
يُقَالُ مِنْهُ : نَاقَةٌ قَرْوَاءُ ، إِذَا كَانَتْ طَوِيلَةُ الظَّهْرِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ فِي صِفَةِ نَاقَةٍ :
تَنَشَّطَتْهُ كُلُّ مِغْلَاةِ الْوَهَقْ
مَضْبُورَةٍ قَرْوَاءَ هِرْجَابٍ فُنُقْ
أَمَّا قَوْلُ جَدِّ سَلْمَانَ بْنِ عَتَّابٍ : سَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، فَقُلْتُ : إِنَّا نَرَى الْحَوْضَ يَكُونُ فِيهِ السُّؤْرَةُ مِنَ الْمَاءِ - يَعْنِي بِالسُّؤْرَةِ الْبَقِيَّةَ مِنْهُ - وَسُؤْرَةُ كُلِّ شَيْءٍ بَقِيَّتُهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ سُؤْرِ الذِّئْبِ :
نَاهَزْتُ سُؤْرَ الذِّئْبِ عَنْهُ الذِّيبَا
يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا شَرِبَ فَأَبْقَى فِي الْإِنَاءِ مِنْهُ بَقِيَّةً : أَسْأَرَ يُسْئِرُ إِسَآرًا وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى :
بَانَتْ وَقَدْ أَسْأَرَتْ فِي النَّفْسِ حَاجَتَهَا
بَعْدَ ائْتِلَافٍ ، وَخَيْرُ الْوُدِّ مَا نَفَعَا
وَهُوَ رَجُلٌ سَآرٌ إِذَا كَانَ مِنْ شَأْنِهِ الْإِفْضَالُ فِي الْإِنَاءِ إِذَا شَرِبَ ، وَرَجُلٌ سَوَّارٌ ، إِذَا كَانَ وَثَّابًا ، مِنْ سَارَ فَهُوَ يَسُورُ سَوْرًا ، وَرَجُلٌ سَيَّارٌ ، إِذَا كَانَ ذَا مُنَّةٍ عَلَى السَّيْرِ ، مِنْ سَارَ فَهُوَ يَسِيرُ سَيْرًا وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ : فَإِذَا كَانَ الْمَاءُ أَرْبَعِينَ غَرْبًا لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ ، فَإِنَّ الْغَرْبَ ، هُوَ الدَّلْوُ الْعَظِيمَةُ ، يُتَّخَذُ مِنْ مَسْكِ ثَوْرٍ يَنُوءُ بِهَا الْبَعِيرُ ، يُجْمَعُ غُرُوبًا ، وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى :
كَأَنَّ عَيْنَيَّ فِي غَرْبَيْ مُقَتَّلَةٍ
مِنَ النَّوَاضِحِ تَسْقِي جَنَّةً سُحُقًا
وَلِلْغَرْبِ أَيْضًا وُجُوهٌ غَيْرَ ذَلِكَ ، مِنْهَا قَوْلُهُمْ : فِي لِسَانِ فُلَانٍ غَرْبٌ ، إِذَا كَانَتْ فِيهِ حِدَّةٌ وَيُقَالُ لِحَدِّ كُلِّ شَيْءٍ غَرْبُهُ ، كَقَوْلِهِمْ لِحَدِّ السَّيْفِ غَرْبُهُ ، وَلِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ غُرُوبُهَا ، كَمَا قَالَ عَنْتَرَةَ :
إِذْ تَسْتَبِيكَ بِذِي غُرُوبٍ وَاضِحٍ
عَذْبٍ مُقَبَّلُهُ لَذِيذُ الْمَطْعَمِ
وَمِنْهَا : فَرَسٌ غَرْبٌ ، إِذَا كَانَ كَثِيرَ الْعَدْوِ ، وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ : بِعَيْنِ فُلَانٍ غَرْبٌ ، إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةَ سَيَلَانِ الدَّمْعِ لَا تَنْقَطِعُ غُرُوبِهَا .
وَأَمَّا الْغَرَبُ ، بِتَحْرِيكِ الْغَيْنِ وَالرَّاءِ ، فَمَعْنَى غَيْرُ ذَلِكَ كُلِّهِ ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ بَيْنَ الْبِئْرِ وَالْحَوْضِ ، وَالْغَرَبُ أَيْضًا : الْفِضَّةُ ، فِي قَوْلِ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَعْشَى بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ :
بَاكَرَتْهَا الْأَغْرَابُ فِي سِنَةِ النَّوْ
مِ فَتَجْرِي خِلَالَ شَوْكِ السَّيَالِ
وَالْغَرَبُ أَيْضًا ، نَوْعٌ مِنَ الشَّجَرِ ، وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُهُ :
إِذَا انْكَبَّ أَزْهَرُ بَيْنَ السِّقَاةِ
تَرَامَوْا بِهِ غَرَبًا أَوْ نُضَارَا
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذْ سُئِلَ عَنِ الْكِلَابِ تَرِدُ الْحِيَاضَ : إِذَا وَرَدْنَ الْحَكَرَ الصَّغِيرَةَ فَلَا تَطْعَمْهُ ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْحَكَرِ الصَّغِيرَةِ ، مَحْبِسًا لِلْمَاءِ صَغِيرًا كَالْحَوْضِ الصَّغِيرِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ :
يَا لَيْتَهَا قَدْ لَبِسَتْ وَصْوَاصَا
وَعَلِقَتْ حَاجِبَهَا تَنْمَاصَا

حَتَّى تَجِيءَ عُصْبَةٌ حِرَاصَا
فَيَجِدُونِي حَكِرًا حَيَّاصَا
مَعْنَى قَوْلِهِ : فَيَجِدُونِي حَكِرًا ، حَابِسًا لَهَا عَنِ التَّزْوِيجِ ، وَمِنْهُ احْتِكَارُ الطَّعَامِ ، وَهُوَ حَبْسُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِتَرْكِ بَيْعِهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ ، وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ ، يَعْنِي بِالْمُحْتَكِرِ : الْمُحْتَبِسِ وَأَمَّا قَوْلُ عَطَاءٍ : وَهَذِهِ الْإِضَاءُ تَلِغُ فِيهَا الْحُمُرُ ، وَالْكِلَابُ ، يَعْنِي بِالْإِضَاءُ ، جَمَعُ أَضَاةٍ ، وَهُوَ الْغَدِيرُ مِنَ الْمَاءِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى :
وَكُلُّ دِلَاصٍ كَالْأَضَاةِ حَصِينَةٍ
تَرَى فَضْلَهَا عَنْ رَبِّهَا يَتَذَبْذَبُ
وَأَمَّا قَوْلُ الشَّعْبِيُّ : دُفِعَ عُمَرُ إِلَى ضَحْضَاحٍ مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالضِّحْضَاحِ ، الْمَاءَ الرَّقِيقَ الْقَلِيلَ الْوَاقِفَ ، وَمِنْهُ الْخَبَرُ الْوَارِدُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ ، فِي رِجْلَيْهِ نَعْلَانِ مِنْ نَارٍ ، يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ : فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ : فِي نَارٍ رَقَيْقَةٍ قَلِيلَةٍ وَأَمَّا قَوْلُ عِكْرِمَةَ : إِذَا كَانَ الْمَاءُ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ ، فَإِنَّ الذَّنُوبَ : الدَّلْوُ الْعَظِيمَةُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - : { فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونَ }

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،