جِمَاعُ أَبْوَابِ الْأَذَانِ وَالْخُطْبَةِ فِي الْجُمُعَةِ
1749 حَدَّثُونَا عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ ، قَالَ : حدثنا أَبِي قَالَ : حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أُمِّ الْحَكَمِ يَخْطُبُ قَاعِدًا ، قَالَ : فَقَالَ : أَتَخْطُبُ قَاعِدًا وَاللَّهُ يَقُولُ : { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا } وَكَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، وَيُؤَذِّنُ لَهُ ابْنُ التَّيَّاحِ وَحْدَهُ ، فَإِذَا فَرَغَ قَامَ الْمُغِيرَةُ فَخَطَبَ قَائِمًا ، ثُمَّ لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى يَنْزِلَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَالَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ مَا يَفْعَلُهُ الْأَئِمَّةُ ، وَهُوَ جُلُوسُ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ أَوَّلَ مَا يَرْقِي إِلَيْهِ ، وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ جَالِسٌ ، فَإِذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْأَذَانِ قَامَ الْإِمَامُ فَخَطَبَ خُطْبَةً ، ثُمَّ جَلَسَ وَهُوَ فِي حَالِ جُلُوسِهِ غَيْرُ خَاطِبٍ وَلَا يَتَكَلَّمُ ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ الْخُطْبَةَ الثَّانِيَةَ ، ثُمَّ يَنْزِلُ عِنْدَ فَرَاغِهِ |
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ صَلَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِغَيْرِ خُطْبَةٍ أَوْ خَطَبَ خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يُدْرِكِ الْخُطْبَةَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْجُمُعَةِ تُصَلَّى وَلَمْ يُخْطَبْ لَهَا : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يَجْزِيهُمْ جُمُعَتُهُمْ خَطَبَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَخْطُبْ ، هَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّةِ قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ حَدِيثَ عُمَرَ : صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ ، تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : إِذَا لَمْ يَخْطُبِ الْإِمَامُ صَلَّى أَرْبَعًا ، كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ ، وَالنَّخَعِيُّ ، وَقَتَادَةُ ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَإِسْحَاقُ ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَيَعْقُوبُ ، وَمُحَمَّدٌ . وَرَوَيْنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ : كَانَتِ الْجُمُعَةُ أَرْبَعًا ، فَجُعِلَتِ الْخُطْبَةُ مَكَانَ الرَّكْعَتَيْنِ |
1750 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حدثنا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : حدثنا أَبُو الْأَسْوَدِ ، قَالَ : حدثنا سِمَاكٌ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ، قَالَ : كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَصْدًا ، وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا |
1751 حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ ، قَالَ : حدثنا سَعْدُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ وَاصِلٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : طُولُ الصَّلَاةِ وَقِصَرُ الْخُطْبَةِ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ ، وَقَصِّرُوا الْخُطْبَةَ ، وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا |
1752 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : حدثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، قَالَ : حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَابِرٍ ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ : خُطْبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ : يَحْمَدُ اللَّهَ ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ ، وَقَدْ عَلَا صَوْتُهُ ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ ، وَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ ، كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ ، يَقُولُ : صَبَّحَكُمْ أَوْ مَسَّاكُمْ ، ثُمَّ يَقُولُ : بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ ، وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ ، ثُمَّ يَقُولُ : إِنَّ أَفْضَلَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ ، وَخَيْرَ الْ هَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضِيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ |
ذِكْرُ مَا تَجْزِي الْخُطْبَةُ مِنَ الْجُمُعَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا تَجْزِي مِنَ الْخُطْبَةِ لِلْجُمُعَةِ : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : تَجْزِي مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ خُطْبَةٍ ، رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ : أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ ، وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يَقُولُ : مَا جَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِنْبَرٍ قَطُّ . وَمَنْ رَأَى أَنَّ خُطْبَةً تُجْزِي مَالِكٌ ، وَالْأَوْزَاعِيُّ ، وَإِسْحَاقُ ، وَأَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٌ ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ : يَجْزِي مَا يَكُونُ كَلَامًا مُجْتَمِعًا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ خُطْبَةٍ . وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ : إِحْدَاهُمَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ : وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ إِنْ خَطَبَ خُطْبَةً وَاحِدَةً وَصَلِّي الْجُمُعَةَ ، عَادَ فَخَطَبَ ثَانِيَةً ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى يَذْهَبَ الْوَقْتُ أَعَادَ الظُّهْرَ أَرْبَعًا . وَقَالَ : فَإِنْ جَعَلَهَا خُطْبَتَيْنِ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ ، أَعَادَ خُطْبَتَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ صَلَّى أَرْبَعًا ، وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ خُطْبَةٍ مِنَ الْخُطْبَتَيْنِ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيُوصِي بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَيَقْرَأُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ فِي الْأُولَى ، وَيَحْمَدُ اللَّهَ ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيُوصِي بِتَقْوَى اللَّهِ وَيَدْعُو فِي الْآخِرَةِ . وَالْقَوْلُ الْآخَرُ قَوْلُ النُّعْمَانِ : هُوَ أَنَّ الْإِمَامَ إِنْ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِتَسْبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَأَمَّا مَا قَالَ النُّعْمَانُ فَلَا مَعْنَى لَهُ ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَهُ إِلَيْهِ ، وَغَيْرُ مَعْرُوفٍ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِاللُّغَةِ بِأَنْ يُقَالَ لِمَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ قَدْ خَطَبَ ، وَإِذَا كَانَ الْمَقُولُ هَذَا سَبِيلُهُ ، فَلَا مَعْنَى لِلِاشْتِغَالِ بِهِ ، وَأَمَّا الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فَلَسْتُ أَجِدُ دَلَالَةً تُوجِبُ مَا قَالَ ، وَقَدْ عَارِضَ الشَّافِعِيُّ غَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا فَقَالَ : يُقَالُ لِمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ : مِنْ أَيْنَ أَوْجَبْتَ الْجِلْسَةَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ فَرْضًا ؟ أَبَطَلَتِ الْجُمُعَةُ بِتَرْكِهَا وَقَدْ أَتَى بِالْجُمُعَةِ وَالْخُطْبَتَيْنِ ، وَلَيْسَتِ الْجِلْسَةُ مِنَ الْجُمُعَةِ ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةِ فَرْضُهَا رَكْعَتَانِ ، كَذَلِكَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ ، وَالْخُطْبَةُ مَعْرُوفَةٌ ، وَالْجِلْسَةُ غَيْرُ هَذَا ، وَلَوْ كَانَتِ الْجِلْسَةُ وَاجِبَةٌ لَمْ يُجِزْ أَنْ تَبْطُلَ الْجُمُعَةُ بِتَرْكِهَا ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ هَذَا ، فَإِنِ اعْتَلَّ بِجُلُوسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ ، فَالْفِعْلُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَا يُوجِبُ فَرْضًا ، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ فَرْضٌ لَمْ يَدُلَّ عَلَى إِبْطَالِ الْجُمُعَةِ ، وَيُقَالُ لَهُ : وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْجِلْسَةِ الْأُولَى وَالْجِلْسَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ ؟ فَإِنِ اعْتَلَّ بِأَنَّ الْجِلْسَةَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَذَلِكَ الْجِلْسَةُ الْأُولَى مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَذَكَرَ كَلَامًا تَرَكْتُ ذِكْرَهُ هَهُنَا كَرَاهِيَةَ التَّطْوِيلِ |
1753 حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ : حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ ، قَالَ : حدثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَنَا مِنْ مِنْبَرِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَلَّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَ مِنْبَرِهِ مِنَ الْجُلُوسِ ثُمَّ يَصْعَدُ ، فَإِذَا اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ سَلَّمَ ثُمَّ قَعَدَ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذَا صَعِدَ ابْنُ الزُّبَيْرِ ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ . وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ ، وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامَ عَلَى النَّاسِ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ |