ذِكْرُ مَسْجِدِ الْخَيْفِ وَفَضْلِهِ وَفَضَلِ الصَّلَاةِ فِيهِ
ذِكْرُ مَا قِيلَ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ مِنَ الشِّعْرِ وَقَدْ قَالَتِ الشُّعَرَاءُ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ أَشْعَارًا كَثِيرَةً , نَذْكُرُ بَعْضَهَا : قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ : أَلَا يَا أَهْلَ خَيْفِ مِنًى غَزَالُكُمُ أَشَاطَ دَمِي بِلَا تِرَةٍ وَلَا قَوَدٍ وَلَا قَاضٍ وَلَا حَكَمِ وَقَالَ مَجْنُونُ بَنِي عَامِرٍ فِي خَيْفِ مِنًى : وَدَاعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى فَهَيَّجَ أَحْزَانَ الْفُؤَادِ وَلَا يَدْرِي دَعَا بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فَكَأَنَّمَا أَطَارَ بِلَيْلَى طَائِرًا كَانَ فِي صَدْرِي وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الرُّقَيَّاتُ أَحَدُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ أَنْشَدَنِي ذَلِكَ أَبُو يَحْيَى : حَبَّذَا الْحَجُّ وَالثُّرَيَّا وَمَنْ بِالْـ ـخَيْفِ مِنْ أَجْلِهَا وَمَلْقَى الرِّجَالِ حَبَّذَا هُنَّ مِنْ لُبَانَةِ قَلْبِي وَجَدِيدُ الشَّبَابِ مِنْ سِرْبَالِ عَلَّقُوا أَرْسُنَ الْجِيَادِ وَمَرُّوا قَارِنِيهَا بِشَاحِجَاتِ الْبِغَالِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ : أَلَا لَا تَعِدْنِي لَيْلَةٌ قَبْلَ لَيْلَةِ الْخَيْفِ مِنْ مِنًى إِذَا نَامَ أَهْلُ الْمَنَازِلِ وَلَا مِثْلَ يَوْمٍ غَابَ عَنِّي جَمَالُهُ صَرِيعًا بِجَمْعٍ تَحْتَ أَيْدِي الرَّوَاحِلِ يُسَائِلْنَ مَنْ هَذَا الصَّرِيعُ الَّذِي يُرَى وَيَنْظُرْنَ شَزْرًا مِنْ جَلَالِ الْمَرَاجِلِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ : وَجَارِيَةٌ مِنْ أَهْلِ غُشْمٍ لَقِيتُهَا بِخَيْفِ مِنًى وَالنَّاسُ يَمْتَزِجُونَا فَسَلَّمْتُ تَسْلِيمًا خَفِيفًا وَسَلَّمَتْ وَقُلْتُ : مِنَ ايِّ النَّاسِ تَنْتَسِبِينَا ؟ فَقَالَتْ : أَنَا شُكْرِيَّةٌ وَمَنَازِلِي بِغُشْمٍ وَجِئْنَا الْأَجْرَ مُطَّلِبِينَا فَقُلْتُ لَهَا : مَا لِلْأَجْرِ جِئْتِ تَعَمُّدًا وَلَكِنْ قُلُوبَ النَّاسِ تَسْتَلِبِينَا فَقَالَتْ : بَلَى لِلْأَجْرِ جِئْنَا فَإِنْ نُمِتْ فَوَاللَّهِ مَا كُنَّا بِمُعْتَمِدِينَا وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ أَيْضًا : لَا أَنْسَ لَا أَنْسَ يَوْمَ الْخَيْفِ مَوْقِفَهَا وَمَوْقِفِي وَكِلَانَا ثَمَّ ذُو شَجَنِ وَقَوْلُهَا لِلثُّرَيَّا وَهْيَ بَاكِيَةٌ وَالدَّمْعُ مِنْهَا عَلَى الْخَدَّيْنِ ذُو سَنَنِ وَقَالَ النُّمَيْرِيُّ أَيْضًا : إِنْ رُمْنَ بِخَيْفِ مِنًى وَثَوْرٍ كَأَنَّ عِرَاصَ مَعْنَاهَا زَبُورُ مَنَازِلُ أَوْحَشَتْ مِنْ أُمِّ عَمْرٍو فَعَفَتْهَا الْجَنَائِبُ وَالدَّبُورُ فَلَا يَنْسَى فُؤَادُكَ أُمَّ عَمْرٍو وَلَوْ طَالَ اللَّيَالِي وَالشُّهُورُ أَقُولُ وَقَدْ أُمِيطَ الْخَسْفُ عَنْهَا أَشَمْسٌ تِلْكَ أَمْ قَمَرٌ مُنِيرُ حَلَفْتُ لَهَا بِرَبِّ مِنًى إِذَا مَا تَغَيَّبَ فِي عَجَاجَتِهِ ثَبِيرُ لَأَنْتِ أَحَبُّ شَيْءٍ إِنْ جَلَسْنَا وَإِنْ زُرْنَا فَأَكْرَمُ مَنْ نَزُورُ وَبَشِيرُهَا لَنَا الْمَيْمُونُ حَتَّى رَأَيْنَاهَا بِبَطْنِ مِنًى تَسِيرُ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ : لَدِرْعُ ذَاتِ الْخَالِ يَوْمَ فِرَاقِنَا بِالْخَيْفِ مَوْقِفُ صُحْبَتِي وَرِكَابِي وَعَرَفْتُ أَنْ سَتَكُونَ دَارُ غَرِيبَةٍ مِنْهَا إِذَا جَاوَزْتُ بَطْنَ خِضَابِ وَتَبَوَّأَتْ مِنْ بَطْنِ مَكَّةَ مَنْزِلًا غَرِدَ الْحَمَامِ مُشَرَّفَ الْأَبْوَابِ |