بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ الْوَاجِبِ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ قَوْلِ

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ الْوَاجِبِ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ قَوْلِ الرَّجُلِ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَا بَيْنَ كَذَا إِلَى كَذَا ، بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

5189 حَدَّثَنَـا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ ، حَدَّثَنَـا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : قَـالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، سَمِعْتُ فُلَانًا يُثْنِي عَلَيْكَ خَيْرًا ، وَيَقُولُ خَيْرًا ، زَعَمَ أَنَّكَ أَعْطَيْتَهُ دِينَارَيْنِ ، قَالَ : لَكِنَّ فُلَانًا مَا يَقُولُ ذَلِكَ ، لَقَدْ أَصَابَ مِنِّي مَا بَيْنَ مِائَةٍ إِلَى عَشْرَةٍ ثُمَّ قَالَ : إِنَّ أَحَدَكُمْ لِيَخْرُجُ مِنْ عِنْدِي بِمَسْأَلَتِهِ يَتَأَبَّطُهَا ، أَوْ نَحْوَهُ ، وَمَا هِيَ لَهُ إِلَّا نَارٌ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَلِمَ تُعْطِيهِ ؟ قَالَ : فَمَا أَصْنَعُ ، يَسْأَلُونِي ، وَيَأْبَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِيَ الْبُخْلَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَقَدْ أَصَابَ مِنِّي مَا بَيْنَ مِائَةٍ إِلَى عَشْرَةٍ ، وَهَذَا يَدْخُلُ فِي بَابٍ مِنَ الْفِقْهِ قَدْ تَنَازَعَ أَهْلُهُ فِيهِ ، وَهُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ : لَكَ عَلَيَّ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إِلَى عَشْرَةِ دَرَاهِمَ . فَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ : يَقُولُونَ : عَلَيْهِ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ ، مِنْهُمْ : أَبُو حَنِيفَةَ ، وَقَائِلُونَ مِنْهُمْ يَقُولُونَ : لَهُ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ ، مِنْهُمْ زُفَرُ ، وَقَائِلُونَ مِنْهُمْ يَقُولُونَ : لَهُ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ ، مِنْهُمْ : أَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٌ ، وَقَائِلُونَ مِنْهُمْ يَقُولُونَ : لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِمَا بَيْنَ الدِّرْهَمِ الْوَاحِدِ ، وَبَيْنَ الْعَشَرَةِ كُلِّهَا ، وَلَا شَيْءَ بَيْنَهُمَا . وَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَا دَفَعَ هَذَا الْقَوْلَ الْأَخِيرَ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَعْطَى ذَلِكَ الرَّجُلَ عَطِيَّةً يَسْتَحِقُّ بِهَا الشُّكْرَ ، فَلَمْ يَشْكُرْهَا ، وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أَفْصَحُ النَّاسِ . وَكَانَ الَّذِي وَجَدْنَاهُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ مُوَافِقًا لِلْمَعْنَى الَّذِي يُوجِبُ دَفْعَ ذَلِكَ ، لَأَنَّا قَدْ وَجَدْنَاهُمْ فِيمَا ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ عَنْهُمْ يَقُولُونَ : مُطِرْنَا مَا زُبَالَةَ فَالثَّعْلَبِيَّةَ يَا هَذَا ، وَلَهُ عِشْرُونَ مَا نَاقَةً فَجَمَلًا ، يُرِيدُونَ مَا بَيْنَ نَاقَةٍ وَجَمَلٍ ، وَالْعَدَدُ عِشْرُونَ ، أَيْ : عَدَدُ الَّذِي لَهُ مِنْ ذَيْنِكَ الْجِنْسَيْنِ عِشْرُونَ . وَمَنْ ذَلِكَ مَا حَكَاهُ الْكِسَائِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَعْرَابِيًّا ، وَرَأَى الْهِلَالَ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا إِهْلَالُكَ إِلَى سَرَارِكَ . وَالْإِهْلَالُ وَالْإِسْرَارُ جَمِيعًا دَاخِلَانِ فِيمَا ذَكَرَ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ أَيْضًا : الشَّنْقُ مَا خَمْسًا إِلَى خَمْسٍ ، يُرِيدُونَ مَا بَيْنَ خَمْسٍ إِلَى خَمْسٍ ، مَعَ إِدْخَالِهِمُ الْخَمْسَ الَّتِي ابْتَدَءُوا بِذِكْرِهَا وَالْخَمْسَ الَّتِي خَتَمُوا بِذِكْرِهَا فِي ذَلِكَ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَقَدْ أَعْطَيْتُهُ مَا بَيْنَ مِائَةٍ إِلَى عَشْرَةٍ ، فَدَخَلَ فِيهِ الْمِائَةُ مَعَ دُخُولِ الْعَشَرَةِ الَّتِي هِيَ مِنْهَا فِيهَا . وَفِيمَا ذَكَرْنَا ثُبُوتُ مَا كَانَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَذْهَبَانِ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ . وَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رَأَيْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ قَالَ : لِفُلَانٍ مَا بَيْنَ هَذَا الْحَائِطِ إِلَى هَذَا الْحَائِطِ : أَنَّ لَهُ مَا بَيْنَهُمَا ، وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الْحَائِطَيْنِ شَيْءٌ ، مَعَ وُقُوفِهِمْ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي أَوْجَبَ الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، وَهَذَانِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ الَّذِيَ ذُكِرَ فِي الْحَائِطَيْنِ عَلَى شَيْئَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ ، أَقَرَّ بِمَا بَيْنَهُمَا ، فَدَخَلَ مَا بَيْنَهُمَا فِي إِقْرَارِهِ ، وَالْإِقْرَارُ بِمَا ذَكَرْنَا سِوَى ذَلِكَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ ، إِنَّمَا هُوَ إِقْرَارٌ بِشَيْءٍ لَمْ يَعْتَمِدِ الْمُقِرُّ فِيهِ عِنْدَ إِقْرَارِهِ إِلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ ، فَيُحْمَلُ إِقْرَارُهُ إِلَى مَا بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ ، وَإِنَّمَا أَقَرَّ بِمَا بَيْنَ شَيْئَيْنِ مُرْسَلَيْنِ ، وَفِي مِثْلِهِمَا مَا قَدْ رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ . وَالْغَايَاتُ لِلْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ مِنْهَا لَيْسَتْ بِأَعْيَانٍ ، وَقَدْ وَجَدْنَاهَا لَا تَدْخُلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ بِهَا ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : { ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ } ، وَاللَّيْلُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي ذَلِكَ ، وَوَجَدْنَاهَا تَدْخُلُ فِيهَا ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ { فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ } ، وَكَانَتِ الْمَرَافِقُ وَالْكَعْبَانِ دَاخِلَةً فِي ذَلِكَ ، وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ يُدْخِلُونَ مَا يَجْعَلُونَهُ غَايَةً فِيمَا قَدْ جَعَلُوهُ غَايَةً لَهُ ، وَقَدْ لَا يُدْخِلُونَهُ فِيهِ ، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، فِي الدِّرْهَمِ الْعَاشِرِ : إِنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ دَخَلَ ، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَكُونَ دَخَلَ ، لَمْ يُدْخِلْهُ فِي ذَلِكَ ، وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ فِي رَجُلٍ بَاعَ عَبْدَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ إِلَى غَدٍ : إِنَّهُ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَمْضِيَ غَدٌ ، لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ دُخُولَ غَدٍ فِي ذَلِكَ ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِيهِ ، فَلَمْ يُوجِبِ الْبَيْعَ حَتَّى عَلِمَ وُجُوبَهُ . فَأَمَّا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الَّذِي جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ قَدْ أَغْنَانَا عَنِ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،