ذِكْرُ بِعْثَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الرُّسُلَ بِكُتُبِهِ إِلَى الْمُلُوكِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ
588 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (ح) قَالَ : وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ (ح) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ (ح) قَالَ : وَحَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ، عَنْ جَدَّتِهِ الشِّفَاءِ (ح) قَالَ : وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ (ح) قَالَ : وَحَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ ، عَنْ أَهْلِهِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ ، دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ ، قَالُوا : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَمَّا رَجَعَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ أَرْسَلَ الرُّسُلَ إِلَى الْمُلُوكِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ وَكَتَبَ إِلَيْهِمْ كُتُبًا ، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ الْمُلُوكَ لاَ يَقْرَؤُونَ كِتَابًا إِلاَّ مَخْتُومًا فَاتَّخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَئِذٍ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ ، فَصُّهُ مِنْهُ نَقْشُهُ ثَلاَثَةَ أَسْطُرٍ : مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَخَتَمَ بِهِ الْكُتُبَ ، فَخَرَجَ سِتَّةُ نَفَرٍ مِنْهُمْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ، وَذَلِكَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ ، وَأَصْبَحَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِ الْقَوْمِ الَّذِينَ بَعَثَهُ إِلَيْهِمْ ، فَكَانَ أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ إِلَى النَّجَاشِيِّ ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابَيْنِ يَدْعُوهُ فِي أَحَدِهِمَا إِلَى الإِسْلاَمِ وَيَتْلُو عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فَأَخَذَ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَوَضَعَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ وَنَزَلَ مِنْ سَرِيرِهِ فَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ تَوَاضُعًا ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ ، وَقَالَ : لَوْ كُنْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ آتِيَهُ لأَتَيْتُهُ ، وَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِإِجَابَتِهِ وَتَصْدِيقِهِ وَإِسْلاَمِهِ عَلَى يَدَيْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَفِي الْكِتَابِ الآخَرِ يَأْمُرُهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ ، وَكَانَتْ قَدْ هَاجَرَتْ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مَعَ زَوْجِهَا عُبَيْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ الأَسَدِيِّ فَتَنَصَّرَ هُنَاكَ ، وَمَاتَ ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي الْكِتَابِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ بِمَنْ قِبَلَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَيَحْمِلَهُمْ ، فَفَعَلَ فَزَوَّجَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ ، وَأَصْدَقَ عَنْهُ أَرْبَعَمائَةِ دِينَارٍ ، وَأَمَرَ بِجِهَازِ الْمُسْلِمِينَ وَمَا يُصْلِحُهُمْ وَحَمَلَهُمْ فِي سَفِينَتَيْنِ مَعَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ وَدَعَا بِحُقٍّ مِنْ عَاجٍ ، فَجَعَلَ فِيهِ كِتَابَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَقَالَ : لَنْ تَزَالَ الْحَبَشَةُ بِخَيْرٍ مَا كَانَ هَذَانِ الْكِتَابَانِ بَيْنَ أَظْهُرِهَا.
592 قَالُوا : وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ الأَسَدِيَّ وَهُوَ أَحَدُ السِّتَّةِ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلاَمِ وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا قَالَ شُجَاعٌ : فَأَتَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ بِغَوْطَةِ دِمَشْقَ وَهُوَ مَشْغُولٌ بِتَهْيِئَةِ الأَنْزَالِ وَالأَلْطَافِ لِقَيْصَرَ وَهُوَ جَاءٍ مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ فَأَقَمْتُ عَلَى بَابِهِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً فَقُلْتُ لِحَاجِبِهِ : إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَيْهِ فَقَالَ : لاَ تَصِلُّ إِلَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا ، وَجَعَلَ حَاجِبُهُ وَكَانَ رُومِيًّا اسْمُهُ مُرَى يَسْأَلُنِي عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَكُنْتُ أُحَدِّثُهُ عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَمَا يَدْعُو إِلَيْهِ فَيَرِقَّ حَتَّى يَغْلِبَهُ الْبُكَاءُ وَيَقُولُ : إِنِّي قَدْ قَرَأْتُ الإِنْجِيلَ فَأَجِدُ صِفَةَ هَذَا النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِعَيْنِهِ فَأَنَا أُومِنُ بِهِ وَأُصَدِّقُهُ وَأَخَافُ مِنَ الْحَارِثِ أَنْ يَقْتُلَنِي وَكَانَ يُكْرِمُنِي وَيُحْسِنُ ضِيَافَتِي وَخَرَجَ الْحَارِثُ يَوْمًا فَجَلَسَ وَوَضَعَ التَّاجَ عَلَى رَأْسِهِ فَأَذِنَ لِي عَلَيْهِ فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَقَرَأَهُ ثُمَّ رَمَى بِهِ وَقَالَ : مَنْ ينْتَزِعُ مِنِّي مُلْكِي أَنَا سَائِرٌ إِلَيْهِ وَلَوْ كَانَ بِالْيَمَنِ جِئْتُهُ ، عَلَيَّ بِالنَّاسِ فَلَمْ يَزَلْ يَفْرِضُ حَتَّى قَامَ وَأَمَرَ بِالْخُيُولِ تُنْعَلُ ثُمَّ قَالَ : أَخْبِرْ صَاحِبَكَ مَا تَرَى وَكَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يُخْبِرُهُ خَبَرِي وَمَا عَزَمَ عَلَيْهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ قَيْصَرُ : أَلاَّ تَسِيرُ إِلَيْهِ وَالْهَ عَنْهُ وَوَافِنِي بِإِيلِيَاءَ فَلَمَّا جَاءَهُ جَوَابُ كِتَابِهِ دَعَانِي فَقَالَ : مَتَى تُرِيدُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى صَاحِبِكَ ؟ فَقُلْتُ : غَدَا فَأَمَرَ لِي بِمائَةِ مِثْقَالٍ ذَهَبٍ وَوَصَّلَنِي مُرَى وَأَمَرَ لِي بِنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَقَال : أَقْرِئْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنِّي السَّلاَمَ فَقَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ : بَادَ مُلْكُهُ ، وَأَقْرَأْتُهُ مِنْ مُرَى السَّلاَمَ وَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : صَدَقَ ، وَمَاتَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي شِمْرٍ عَامَ الْفَتْحِ.
591 قَالُوا : وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ اللَّخْمِيَّ وَهُوَ أَحَدُ السِّتَّةِ إِلَى الْمُقَوْقَسِ صَاحِبِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ عَظِيمِ الْقِبْطِ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلاَمِ وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا فَأَوْصَلَ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَقَرَأَهُ وَقَالَ لَهُ خَيْرًا وَأَخَذَ الْكِتَابَ فَجَعَلَهُ فِي حُقٍّ مِنْ عَاجٍ وَخَتَمَ عَلَيْهِ وَدَفَعَهُ إِلَى جَارِيَتِهِ وَكَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ نَبِيًّا قَدْ بَقِيَ وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِالشَّأْمِ وَقَدْ أَكْرَمْتُ رَسُولَكَ وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِجَارِيَتَيْنِ لَهُمَا مَكَانٌ فِي الْقِبْطِ عَظِيمٌ وَقَدْ أَهْدَيْتُ لَكَ كِسْوَةً وَبَغْلَةً تَرْكَبُهَا ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَلَمْ يُسَلِّمْ فَقَبِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم هَدِيَّتَهُ وَأَخَذَ الْجَارِيَتَيْنِ مَارِيَةَ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأُخْتَهَا شِيرِينَ ، وَبَغْلَةً بَيْضَاءَ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَرَبِ يَوْمَئِذٍ غَيْرُهَا وَهِيَ دُلْدُلٌ ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : ضَنَّ الْخَبِيثُ بِمُلْكِهِ وَلاَ بَقَاءَ لِمُلْكِهِ قَالَ حَاطِبٌ : كَانَ لِي مُكْرِمًا فِي الضِّيَافَةِ وَقِلَّةِ اللُّبْثِ بِبَابِهِ مَا أَقَمْتُ عِنْدَهُ إِلاَّ خَمْسَةَ أَيَّامٍ.
589 قَالُوا : وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيَّ وَهُوَ أَحَدُ السِّتَّةِ إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلاَمِ ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَيْهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِحِمْصَ ، وَقَيْصَرُ يَوْمَئِذٍ مَاشٍ فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَيْهِ إِنْ ظَهَرَتِ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ أَنْ يَمْشِيَ حَافِيًا مِنْ قُسْطَنْطِينِيَّةَ إِلَى إِيلِيَاءَ فَقَرَأَ الْكِتَابَ وَأَذَّنَ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الرُّومِ ، هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلاَحِ وَالرُّشْدِ وَأَنْ يُثْبَتَ لَكُمْ مُلْكُكُمْ وَتَتَّبِعُونَ مَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ؟ قَالَتِ الرُّومُ : وَمَا ذَاكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ ؟ قَالَ : تَتَّبِعُونَ هَذَا النَّبِيَّ الْعَرَبِيَّ ، قَالَ : فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ وَتَنَاحَزُوا وَرَفَعُوا الصَّلِيبَ ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ يَئِسَ مِنْ إِسْلاَمِهِمْ وَخَافَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ وَمُلْكِهِ فَسَكَّنَهُمْ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّمَا قُلْتُ لَكُمْ مَا قُلْتُ أَخْتَبِرُكُمْ لأَنْظُرَ كَيْفَ صَلاَبَتُكُمْ فِي دِينِكُمْ فَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمُ الَّذِي أُحِبُّ ، فَسَجَدُوا لَهُ.
593 قَالُوا : وَكَانَ فَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو الْجُذَامِيُّ عَامِلاَّ لِقَيْصَرَ عَلَى عُمَانَ مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ فَلَمْ يَكْتُبْ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَسْلَمَ فَرْوَةُ وَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِإِسْلاَمِهِ وَأَهْدَى لَهُ ، وَبَعَثَ مِنْ عِنْدِهِ رَسُولاَّ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ : مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ فَقَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كِتَابَهُ ، وَقَبِلَ هَدِيَّتَهُ ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ جَوَابَ كِتَابِهِ ، وَأَجَازَ مَسْعُودًا بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا وَذَلِكَ خَمْسُمائَةِ دِرْهَمٍ.
594 قَالُوا : وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو الْعَامِرِيَّ وَهُوَ أَحَدُ السِّتَّةِ إِلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلاَمِ وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا فَقَدِمَ عَلَيْهِ وَأَنْزَلَهُ وَحَبَاهُ وَقَرَأَ كِتَابَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَرَدَّ رَدًّا دُونَ رَدٍّ وَكَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : مَا أَحْسَنَ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ وَأَجْمَلَهُ وَأَنَا شَاعِرُ قَوْمِي وَخَطِيبُهُمْ وَالْعَرَبُ تَهَابُ مَكَانِي ، فَاجْعَلْ لِي بَعْضَ الأَمْرِ أَتَّبِعْكَ وَأَجَازَ سَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو بِجَائِزَةٍ وَكَسَاهُ أَثْوَابًا مِنْ نَسْجِ هَجَرَ فَقَدِمَ بِذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَخْبَرَهُ عَنْهُ بِمَا قَالَ وَقَرَأَ كِتَابَهُ وَقَالَ : لَوْ سَأَلَنِي سَيَابَةً مِنَ الأَرْضِ مَا فَعَلْتُ بَادَ وَبَادَ مَا فِي يَدَيْهِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنْ عَامِ الْفَتْحِ جَاءَهُ جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ.
590 قَالُوا : وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ وَهُوَ أَحَدُ السِّتَّةِ إِلَى كِسْرَى يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلاَمِ وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا ، قَالَ عَبْدُ اللهِ : فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَقُرِئَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ أَخَذَهُ فَمَزَّقَهُ ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ : اللَّهُمَّ مَزِّقْ مُلْكَهُ ، وَكَتَبَ كِسْرَى إِلَى بَاذَانَ عَامِلِهِ عَلَى الْيَمَنِ أَنِ ابْعَثْ مِنْ عِنْدِكَ رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بِالْحِجَازِ فَلْيَأْتِيَانِي بِخَبَرِهِ ، فَبَعَثَ بَاذَانُ قَهْرَمَانَهُ وَرَجُلاَّ آخَرَ ، وَكَتَبَ مَعَهُمَا كِتَابًا فَقَدِمَا الْمَدِينَةَ فَدَفَعَا كِتَابَ بَاذَانَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَدَعَاهُمَا إِلَى الإِسْلاَمِ وَفَرَائِصُهُمَا تُرْعَدُ ، وَقَالَ : ارْجِعَا عَنِّي يَوْمَكُمَا هَذَا حَتَّى تَأْتِيَانِي الْغَدَ فَأُخْبِرَكُمَا بِمَا أُرِيدُ فَجَاءَاهُ مِنَ الْغَدِ ، فَقَالَ لَهُمَا : أَبْلِغَا صَاحِبَكُمَا أَنَّ رَبِّي قَدْ قَتَلَ رَبَّهُ كِسْرَى فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ لِسَبْعِ سَاعَاتٍ مَضَتْ مِنْهَا ، وَهِيَ لَيْلَةُ الثُّلاَثَاءِ لِعَشْرِ لَيَالٍ مَضَيْنَ مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ سَبْعٍ ، وَأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَلَّطَ عَلَيْهِ ابْنَهُ شِيرَوَيْهِ فَقَتَلَهُ ، فَرَجَعَا إِلَى بَاذَانَ بِذَلِكَ فَأَسْلَمَ هُوَ وَالأَبْنَاءُ الَّذِينَ بِالْيَمَنِ.
599 قَالَ : وَكَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ كِتَابًا يُخْبِرُهُمْ فِيهِ بِشَرَائِعِ الإِسْلاَمِ وَفَرَائِضِ الصَّدَقَةِ فِي الْمَوَاشِي وَالأَمْوَالِ وَيُوصِيهِمْ بِأَصْحَابِهِ وَرُسُلِهِ خَيْرًا ، وَكَانَ رَسُولُهُ إِلَيْهِمْ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَمَالِكَ بْنَ مُرَارَةَ وَيُخْبِرُهُمْ بِوُصُولِ رَسُولِهِمْ إِلَيْهِ وَمَا بَلَّغَ عَنْهُمْ.
600 قَالُوا : وَكَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى عِدَّةٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ سَمَّاهُمْ مِنْهُمُ : الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ كُلاَلٍ وَشُرَيْحُ بْنُ عَبْدِ كُلاَلٍ وَنُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ كُلاَلٍ وَنُعْمَانُ ، قَيْلُ : ذِي يَزِنَ ، وَمَعَافِرٌ وَهَمْدَانُ وَزُرْعَةُ ذِي رُعَيْنٍ ، وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ مِنْ أَوَّلِ حِمْيَرَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا الصَّدَقَةَ وَالْجِزْيَةَ فَيَدْفَعُوهُمَا إِلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَمَالِكِ بْنِ مُرَارَةَ وَأَمَرَهُمْ بِهِمَا خَيْرًا . وَكَانَ مَالِكُ بْنُ مُرَارَةَ رَسُولَ أَهْلِ الْيَمَنِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِإِسْلاَمِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنَّ مَالِكَ بْنَ مُرَارَةَ قَدْ بَلَّغَ الْخَبَرَ وَحَفِظَ الْغَيْبَ.
(ح) قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ، وَالزُّهْرِيِّ (ح) قَالَ : وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ ، عَنْ فِرَاسٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ لأَصْحَابِهِ : وَافُونِي بِأَجْمَعِكُمْ بِالْغَدَاةِ وَكَانَ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ حُبِسَ فِي مُصَلاَّهُ قَلِيلاَّ يُسَبِّحُ وَيَدْعُو ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَبَعَثَ عِدَّةً إِلَى عِدَّةٍ ، وَقَالَ لَهُمُ : انْصَحُوا لِلَّهِ فِي عِبَادِهِ ، فَإِنَّهُ مَنِ اسْتُرْعِيَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ النَّاسِ ثُمَّ لَمْ يَنْصَحْ لَهُمْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ، انْطَلِقُوا وَلاَ تَصْنَعُوا كَمَا صَنَعَتْ رُسُلُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، فَإِنَّهُمْ أَتَوُا الْقَرِيبَ وَتَرَكُوا الْبَعِيدَ فَأَصْبَحُوا يَعْنِي الرُّسُلَ وَكُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَقَالَ : هَذَا أَعْظَمُ مَا كَانَ مِنْ حَقِّ اللهِ عَلَيْهِمْ فِي أَمْرِ عِبَادِهِ.
598 أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا دَلْهَمُ بْنُ صَالِحٍ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ الأَسْلَمِيِّ