بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
816 حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا تَقْسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا ، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ أَهْلِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ |
817 حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا تَقْسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا ، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ أَهْلِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ ، لَا تَقْسِمْ وَرَثَتِي دِينَارًا فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ أَهْلِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ قَالَ : وَأَهْلُهُ الْمُرَادُونَ هَاهُنَا هُنَّ أَزْوَاجُهُ وَالتَّزْوِيجُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ يَنْقَطِعُ عَنْهُنَّ بِوَفَاتِهِ فَمَا مَعْنَى النَّفَقَةِ عَلَيْهِنَّ ؟ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ : أَنَّ أَزْوَاجَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ مَحْبُوسَاتٌ عَلَيْهِ مُحَرَّمَاتٌ عَلَى غَيْرِهِ لِيَكُنَّ أَزْوَاجَهُ فِي الْجَنَّةِ ، وَلَمَّا كُنَّ كَذَلِكَ كَانَ جَمِيعُ الْوَاجِبِ لَهُنَّ كَانَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ بِحَقِّ التَّزْوِيجِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ وَاجِبًا لَهُنَّ عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَوُجُوبِهِ كَانَ لَهُنَّ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ . فَإِنْ قَالَ : فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَقْسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا وَفِي ذَلِكَ إثْبَاتُهُ أَنَّ لَهُ وَرَثَةً وَهُوَ لَا يُورَثُ وَمَنْ كَانَ لَا يُورَثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ . قِيلَ : ذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى الِاسْتِعَارَةِ بِمَعْنَى : لَا يَقْسِمُ مَنْ كَانَ يَرِثُنِي لَوْ كُنْتُ مُوَرِّثًا دِينَارًا مَا تَرَكْتُ فَهُوَ صَدَقَةٌ لِأَنِّي لَا أُورَثُ وَبِاللَّهِ الْتَّوْفِيقُ |
818 حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ ، حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } الْآيَةَ . قَالَ الْمُشْرِكُونَ : فَإِنَّ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْبَدُ وَعُزَيْرٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ : { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ } عِيسَى وَعُزَيْرٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا |
819 حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ ، عَنْ أَبِي يَحْيَى ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَا يَسْأَلُنِي النَّاسُ عَنْهَا وَلَا أَدْرِي أَعَرَفُوهَا فَلَا يَسْأَلُونِي عَنْهَا أَمْ جَهِلُوهَا فَلَا يَسْأَلُونِي عَنْهَا ؟ قِيلَ : وَمَا هِيَ ؟ قَالَ : آيَةٌ لَمَّا نَزَلَتْ { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَقَالُوا : شَتَمَ مُحَمَّدٌ آلِهَتَنَا فَقَامَ ابْنُ الزِّبَعْرَى فَقَالَ : مَا شَأْنُكُمْ ؟ قَالُوا : شَتَمَ مُحَمَّدٌ آلِهَتَنَا قَالَ : وَمَا قَالَ ؟ قَالُوا : قَالَ : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } قَالَ : ادْعُوهُ لِي ، فَدُعِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ابْنُ الزِّبَعْرَى : يَا مُحَمَّدُ هَذَا شَيْءٌ لِآلِهَتِنَا خَاصَّةً أَمْ لِكُلِّ مَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ؟ قَالَ : بَلْ لِكُلِّ مَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : فَقَالَ : خَصَمْنَاهُ وَرَبِّ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ ، يَا مُحَمَّدُ أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ عِيسَى عَبْدٌ صَالِحٌ وَعُزَيْرًا عَبْدٌ صَالِحٌ ، وَالْمَلَائِكَةَ عِبَادٌ صَالِحُونَ ، قَالَ : بَلَى ، قَالَ : فَهَذِهِ النَّصَارَى يَعْبُدُونَ عِيسَى وَهَذِهِ الْيَهُودُ تَعْبُدُ عُزَيْرًا وَهَذِهِ بَنُو مَلِيحٍ تَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ ، قَالَ : فَضَجَّ أَهْلُ مَكَّةَ فَنَزَلَتْ : { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى } عِيسَى وَعُزَيْرٌ وَالْمَلَائِكَةُ { أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } قَالَ : وَنَزَلَتْ : { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } وَهُوَ الصَّحِيحُ |
820 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الشِّيْزَرِيُّ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ ، عَنْ أَبِي يَحْيَى مَوْلَى ابْنِ عَفْرَاءَ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِقُرَيْشٍ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لَا خَيْرَ مَعَ أَحَدٍ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَتْ : أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ نَبِيًّا وَكَانَ عَبْدًا صَالِحًا ، فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَإِنَّهُ كَآلِهَتِهِمْ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } يَعْنِي : يَضِجُّونَ وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ قَالَ : هُوَ خُرُوجُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ هَكَذَا قَالَ : لَعَلَمٌ بِالْفَتْحِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَبُو يَحْيَى هَذَا ، فَرَوَى عَنْهُ الْمَكِّيُّونَ وَالْكُوفِيُّونَ جَمِيعًا |
821 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةَ : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } ، فَقَدْ عُبِدَتِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْمَلَائِكَةُ وَعُزَيْرٌ وَعِيسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، أَوَكُلُّ هَؤُلَاءِ فِي النَّارِ مَعَ آلِهَتِنَا ؟ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } وَنَزَلَتْ : { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَقَالَ قَائِلٌ : فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ الْأُولَى مِنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ضَجُّوا مِنْ ذَلِكَ وَقَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ مُحْتَجِّينَ عَلَيْهِمْ : فَإِنَّ عِيسَى يُعْبَدُ ، وَعُزَيْرٌ يُعْبَدُ ، وَمَنْ ذَكَرُوا مَعَهُمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُمْ مَعَ شِرْكِهِمْ أَهْلُ فَصَاحَةٍ لَيْسَ مِمَّنْ يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَتِهِمُ اللَّحْنُ فِي كَلَامِهِمْ . وَ ( مَا ) فَإِنَّمَا تُقَالُ لِغَيْرِ بَنِي آدَمَ وَيُقَالُ مَكَانَهَا لِبَنِي آدَمَ ( مَنْ ) ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ } { وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا } ، فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا يُرِيدُ بِهِ بَنِي آدَمَ وَقَالَ فِي سِوَى بَنِي آدَمَ : { وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ } لِغَيْرِ بَنِي آدَمَ وَفِيمَا رَوَيْتُمُوهُ وَأَضَفْتُمُوهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ ذَكَرْتُمُوهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَفِي إِحْدَى الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَلَوْتُمُوهَا فِيهِ : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } أُرِيدَ بِهِ بَنُو آدَمَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ ( مَنْ ) وَ ( مَا ) فِي الْأَكْثَرِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ يَخْرُجَانِ عَلَى مَا ذُكِرَ ، وَقَدْ تَسْتَعْمِلُ الْعَرَبُ أَيْضًا فِي كَلَامِهَا فِي بَنِي آدَمَ ( مَا ) كَمَا تَسْتَعْمِلُ ( مَنْ ) وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَسْتَعْمِلُهُ فِيهِمْ كَثِيرًا كَمَا تَسْتَعْمِلُ فِيهِمْ ( مَنْ ) ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } مَكَانَ إِلَّا مَنْ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ } وَ { يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ } ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } يَعْنِي آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا وَلَدَ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا وَصَفْنَا ، وَفِيمَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ فِي الْقِرَاءَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ { إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } بِالْكَسْرِ ، وَ ( يَصُدُّونَ ) بِالضَّمِّ هُوَ كَمَا قَرَأَ مَنْ قَرَأَهَا بِالْكَسْرِ ؛ لِأَنَّ مَنْ قَرَأَهَا بِالضَّمِّ أَرَادَ الصُّدُودَ ، وَمَنْ قَرَأَهَا بِالْكَسْرِ أَرَادَ الضَّجِيجَ ، وَإِنَّمَا كَانَ نُزُولُهَا عِنْدَ ضَجِيجِ الْمُشْرِكِينَ كَمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْأُولَى مِنَ الْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ فِي الْمَعْنَى أَصَحُّ أَيْضًا عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ ; لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى الصُّدُودِ لَكَانَتْ : إِذَا قَوْمُكَ عَنْهُ يَصُدُّونَ ، كَمِثْلِ مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } . وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَصَدُّوا عَنِ السَّبِيلِ } وَكَمَا قَالَ : { وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنْكَارُهُ فِي قِرَاءَةِ : ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصُدُّونَ ) بِالضَّمِّ |
822 كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : عَمُّكَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ كَيْفَ يَلْحَنُ فِي هَذَا ؟ يَقْرَأُ : ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصُدُّونَ ) ، وَإِنَّمَا هِيَ { يَصِدُّونَ } : يَضِجُّونَ فَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِحَقِيقَةِ الْقِرَاءَةِ لِهَذَا الْحَرْفِ كَيْفَ هِيَ ، وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا أَكْثَرُ الْكُوفِيِّينَ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ نُزُولَ : { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } فِي خِلَافِ الْمَعْنَى الَّذِي رَوَيْتُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نُزُولَهَا كَانَ فِيهِ |
823 وَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْطُبُ ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى } . الْآيَةَ ، قَالَ : نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ وَأَصْحَابِهِ أَوْ قَالَ : عُثْمَانُ مِنْهُمْ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ أَنْ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَرَادَ بِمَا رُوِيَ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِمَّنْ سَبَقَتْ لَهُ الْحُسْنَى الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي مَنْ سَبَقَتْ لَهُ الْحُسْنَى مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَمِنْهُمْ عِيسَى وَمِنْهُمْ عُزَيْرٌ وَمِنْهُمُ الْمَلَائِكَةُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ سَبَقَتْ لَهُمُ الْحُسْنَى مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، مِنْهُمْ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَصْحَابُهُ ، فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنِعْمَتِهِ أَنَّ جَمِيعَ مَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ لَا يُضَادُّ شَيْءٌ مِنْهُ شَيْئًا |