مُقَدِّمَةٌ

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

مُقَدِّمَةٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَعَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّ اللَّهِ وَآلِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ اعْتَرَضَتْ طَائِفَةٌ مِمَّنْ يَشْنَأُ الْحَدِيثَ وَيُبْغِضُ أَهْلَهُ ، فَقَالُوا بِتَنَقُّصِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَالْإِزْرَاءِ بِهِمْ ، وَأَسْرَفُوا فِي ذَمِّهِمْ وَالتَّقَوُّلِ عَلَيْهِمْ ، وَقَدْ شَرَّفَ اللَّهُ الْحَدِيثَ وَفَضَّلَ أَهْلَهُ ، وَأَعْلَى مَنْزِلَتَهُ ، وَحَكَّمَهُ عَلَى كُلِّ نِحْلَةٍ ، وَقَدَّمَهُ عَلَى كُلِّ عَلْمٍ ، وَرَفَعَ مِنْ ذِكْرِ مَنْ حَمَلَهُ وَعُنِيَ بِهِ ، فَهُمْ بَيْضَةُ الدِّينِ وَمَنَارُ الْحُجَّةِ ، وَكَيْفَ لَا يَسْتَوْجِبُونَ الْفَضِيلَةَ ، وَلَا يَسْتَحِقُّونَ الرُّتْبَةَ الرَّفِيعَةَ ، وَهُمُ الَّذِينَ حَفِظُوا عَلَى الْأُمَّةِ هَذَا الدِّينَ ، وَأَخْبَرُوا عَنْ أَنْبَاءِ التَّنْزِيلِ ، وَأَثْبَتُوا نَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ وَمُحْكَمَهُ وَمُتَشَابِهَهُ ، وَمَا عَظَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مِنْ شَأْنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَقَلُوا شَرَائِعَهُ ، وَدَوَّنُوا مَشَاهِدَهُ ، وَصَنَّفُوا أَعْلَامَهُ وَدَلَائِلَهُ ، وَحَقَّقُوا مَنَاقِبَ عِتْرَتِهِ ، وَمَآثِرَ آبَائِهِ وَعَشِيرَتِهِ ، وَجَاءُوا بِسِيَرِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَمَقَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ ، وَأَخْبَارِ الشُّهَدَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ ، وَعَبَّرُوا عَنْ جَمِيعِ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي سَفَرِهِ وَحَضَرِهِ ، وَظَعْنِهِ وَإِقَامَتِهِ ، وَسَائِرِ أَحْوَالِهِ ، مِنْ مَنَامٍ وَيَقَظَةٍ ، وَإِشَارَةٍ وَتَصْرِيحٍ ، وَصَمْتٍ وَنُطْقٍ ، وَنُهُوضٍ وَقُعُودٍ ، وَمَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ ، وَمَلْبَسٍ وَمَرْكَبٍ ، وَمَا كَانَ سَبِيلَهُ فِي حَالِ الرِّضَا وَالسُّخْطِ ، وَالْإِنْكَارِ وَالْقَبُولِ ، حَتَّى الْقُلَامَةَ مِنْ ظُفُرِهِ ، مَا كَانَ يَصْنَعُ بِهَا ، وَالنُّخَاعَةَ مِنْ فِيهِ أَيْنَ كَانَتْ وِجْهَتُهَا ، وَمَا كَانَ يَقُولُهُ عِنْدَ كُلِّ فِعْلٍ يُحْدِثُهُ وَيَفْعَلُهُ عِنْدَ كُلِّ مَوْقِفٍ وَمَشْهَدٍ يَشْهَدُهُ تَعْظِيمًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَعْرِفَةً بِأَقْدَارِ مَا ذُكِرَ عَنْهُ وَأُسْنِدَ إِلَيْهِ ، فَمَنْ عَرَفَ لِلْإِسْلَامِ حَقَّهُ ، وَأَوْجَبَ لِلرَّسُولِ حُرْمَتُهُ ، أَكْبَرَ أَنْ يَحْتَقِرَ مَنْ عَظَّمَ اللَّهُ شَأْنَهُ ، وَأَعْلَى مَكَانَهُ ، وَأَظْهَرَ حُجَّتَهُ وَأَبَانَ فَضِيلَتَهُ ، وَلَمْ يَرْتَقِ بِطَعْنِهِ إِلَى حِزْبِ الرَّسُولِ وَأَتْبَاعِ الْوَحْيِ ، وَأَوْعِيَةِ الدِّينِ ، وَنَقَلَةِ الْأَحْكَامِ وَالْقُرْآنِ ، الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي التَّنْزِيلِ ، فَقَالَ : { وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ } فَإِنَّكَ إِنْ أَرَدْتَ التَّوَصُّلَ إِلَى مَعْرِفَةِ هَذَا الْقَرْنِ ، لَمْ يَذْكُرْهُمْ لَكَ إِلَّا رَاوٍ لِلْحَدِيثِ ، مُتَحَقِّقٌ بِهِ ، أَوْ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ أَهْلِهِ ، وَمَنْ سِوَى ذَلِكَ فَرَبُّكَ بِهِمْ أَعْلَمُ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ شُيُوخِ الْعِلْمِ مِمَّنْ جَلَسَ مَجْلِسَ الرِّيَاسَةِ وَاسْتَحَقَّهَا لِعِلْمِهِ وَفَضْلِهِ ، لَحِقَهُ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ جَفَاءٌ ، قَلِقَ عِنْدَهُ ، وَغَمَّهُ مَا شَاهَدَ مِنْ عَقْدِ الْمَجَالِسِ وَنَصْبِ الْمَنَابِرِ لِغَيْرِهِ ، وَتَكَاثُفِ النَّاسِ فِي مَجْلِسِ مَنْ لَا يُدَانِيهِ فِي عِلْمِهِ وَمَحَلِّهِ ، فَعَرَّضَ بِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ فِي كَلَامٍ لَهُ ، يَفْتَتِحُ بِهِ بَعْضَ مَا صَنَّفَ ، فَقَالَ : يُتْرَكُ الْمُحَدِّثُ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الثَّمَانِينَ مِنْ عُمْرِهِ وَكَانَ مَصِيرُهُ إِلَى قَبْرِهِ قِيلَ عِنْدَ الشَّيْخِ حَدِيثٌ غَرِيبٌ فَاكْتُبُوهُ فَلَمْ يَنْقُصْ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ غَيْرِهِ مَا نَقَصَ مِنْ نَفْسِهِ ، لِظُهُورِ الْعَصَبِيَّةِ فِيهِ ، وَلَأَنَّهُ عَوَّلَ فِي أَكْثَرِ مَا أَوْدَعَهُ كُتُبَهُ وَأَكْثَرَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ عَلَى طَبَقَةٍ لَا يَعْرِفُونَ الْحَدِيثَ ، وَلَا يَنْتَحِلُونَ سِوَاهُ ، وَهُمْ عُيُونُ رِجَالِهِ ، لَيْسَ فِيهِمْ أَحَدٌ يُذْكَرُ بِالدِّرَايَةِ وَلَا يُحْسِنُ غَيْرَ الرِّوَايَةِ ، فَإِلَّا تَأَدَّبَ بِأَدَبِ الْعِلْمِ ، وَخَفَضَ جَنَاحَهُ لِمَنْ تَعَلَّقَ بِشَيْءٍ مِنْهُ ، وَلَمْ يُبَهْرِجْ شُيُوخَهُ الَّذِينَ عَنْهُمْ أَخَذَ ، وَبِهِمْ تَصَدَّرَ ، وَوَفَّى الْفُقَهَاءَ حُقُوقَهُمْ مِنَ الْفَضْلِ ، وَلَمْ يَبْخَسِ الرُّوَاةَ حُظُوظَهُمْ مِنَ النَّقْلِ ، وَرَغَّبَ الرُّوَاةَ فِي التَّفَقُّهِ ، وَالْمُتَفَقِّهَةَ فِي الْحَدِيثِ ، وَقَالَ بِفَضْلِ الْفَرِيقَيْنِ ، وَحَضَّ عَلَى سُلُوكِ الطَّرِيقَيْنِ ، فَإِنَّهُمَا يَكْمُلَانِ إِذَا اجْتَمَعَا وَيَنْقُصَانِ إِذَا افْتَرَقَا فَتَمَسَّكُوا جَبَرَكُمُ اللَّهُ بِحَدِيثِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَبَيَّنُوا مَعَانِيَهِ ، وَتَفَقَّهُوا بِهِ ، وَتَأَدَّبُوا بِآدَابِهِ ، وَدَعُوا مَا بِهِ تُعَيَّرُونَ مِنْ تَتَبُّعِ الطُّرُقِ وَتَكْثِيرِ الْأَسَانِيدِ ، وَتَطَلُّبِ شَوَاذِّ الْأَحَادِيثِ ، وَمَا دَلَّسَهُ الْمَجَانِينُ ، وَتَبَلْبَلَ فِيهِ الْمُغَفَّلُونَ ، وَاجْتَهِدُوا فِي أَنْ تُوفُوهُ حَقَّهُ مِنَ التَّهْذِيبِ وَالضَّبْطِ وَالتَّقْوِيمِ ، لِتَشْرُفُوا بِهِ فِي الْمَشَاهِدِ ، وَتَنْطَلِقُ أَلْسِنَتُكُمْ فِي الْمَجَالِسِ ، وَلَا تَحْلِفُوا بِمَنْ يَعْتَرِضُ عَلَيْكُمْ حَسَدًا عَلَى مَا آتَاكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ ذَكَرٌ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا الذُّكْرَانُ ، وَنَسَبٌ لَا يُجْهَلُ بِكُلِّ مَكَانٍ ، وَكَفَى بِالْمُحَدِّثِ شَرَفًا أَنْ يَكُونَ اسْمُهُ مَقْرُونًا بِاسْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذِكْرُهُ مُتَّصِلًا بِذِكْرِهِ وَذِكْرِ أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَصْحَابِهِ ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِبَعْضِ الْأَشْرَافِ : نَرَاكَ تَشْتَهِي أَنْ تُحَدِّثَ فَقَالَ : أَوَلَا أُحِبُّ أَنْ يَجْتَمِعَ اسْمِي وَاسْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَطْرٍ وَاحِدٍ وَحَسْبُكَ جَمَالًا عَصَبَةٌ مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، وَمَنْ يَلِيهِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ ، وَأَهْلِ الزَّهَادَةِ وَالْعِبَادَةِ ، وَالْفُقَهَاءِ وَأَكْثَرِ الْخُلَفَاءِ ، وَمَنْ لَا يُدْرِكُهُ الْإِحْصَاءُ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالنُّبَلَاءِ وَالْفُضَلَاءِ ، وَالْأَشْرَافِ وَذَوِي الْأَخْطَارِ ، فَكَيْفَ بِمَنْ يُسَمِّيهِمُ الْحَشْوِيَّةُ وَالرَّعَاعُ ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُمْ أَغْثَارٌ وَحَمَلَةُ أَسْفَارٍ ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،