مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ وَمِنْهُمُ الْمُتَوَكِّلُ السَّابِحُ وَالْمُتَجَرِّدُ الرَّائِحُ كَانَ لِفُنُونِ الْعِلْمِ جَامِعًا وَكَلَامُهُ لِلْقُلُوبِ نَافِعًا شَيْخُ الْقَوْمِ وَلِسَانُهُمْ فِي الْمَحَبَّةِ وَالشَّوْقِ وَالْأُنْسِ وَالْقُرْبِ وَمَوَارِدِ الْقُلُوبِ وَمَعَانِي الْخُطُوبِ وَصَفَاءِ الذِّكْرِ وَنَقَاءِ السِّرِّ يَحُثُّ عَلَى تَصْحِيحِ الْأَعْمَالِ وَالتَّخَفُّفِ عَنِ الْأَثْقَالِ ، جَالَسَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَبِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ ، وَكَانَ يَقُولُ : لَا يَكُونُ الصُّوفِيُّ صُوفِيًّا حَتَّى لَا يُسْمَعَ لَهُ صَوْتٌ وَلَا يُوطَأُ لَهُ عَقِبٌ وَلَا تَكُونُ لَهُ رِئَاسَةٌ ، أَبُو حَمْزَةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ ، كَانَ مَوْلَى عِيسَى بْنِ أَبَانَ الْقَاضِي عُرِفَ لَهُ آيَاتٌ وَكَرَامَاتٌ تَقَدَّمُ لَهُ ذِكْرٌ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

15667 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الْخَيَّاطُ الصُّوفِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ ، يَقُولُ : سَافَرْتُ سَفْرَةً عَلَى التَّوَكُّلِ فَبَيْنَا أَنا أَسِيرُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَالنَّوْمُ فِي عَيْنِي إِذْ وَقَعْتُ فِي بِئْرٍ فَرَأَيْتُنِي قَدْ حُصِرْتُ فِيهَا فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ لِبُعْدِ مُرْتَقَاهَا وَطُولِهَا فَجَلَسْتُ فِيهَا ، فَبَيْنَا أَنا جَالِسٌ إِذْ وَقَفَ عَلَى رَأْسِهَا رَجُلَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : لَا نَجُوزُ وَنَتْرُكُ هَذِهِ فِي طَرِيقِ السَّابِلَةِ وَالْمَارَّةِ ، فَقَالَ الْآخَرُ : فَمَا نَصْنَعُ ؟ قَالَ : نَطْمِسُهَا ، قَالَ : فَبَدَرَتْ نَفْسِي أَنْ تَقُولَ : أَنَا فِيهَا فَتَوَقَّفْتُ فَنُودِيتُ تَتَوَكَّلُ عَلَيْنَا وَتَشْكُو بَلَاءَنَا إِلَى سِوَانَا فَسَكَتُّ فَمَضَيَا ثُمَّ رَجَعَا وَمَعَهُمَا شَيْءٌ جَعَلَاهُ عَلَى رَأْسِهَا غَطَّوْهَا بِهِ فَقَالَتْ لِي نَفْسِي : أَمِنْتَ طَمْسَهَا وَلَكِنْ حَصَلْتَ مَسْجُونًا فِيهَا فَمَكَثْتُ يَوْمِي وَلَيْلَتِي فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ نَادَانِي شَيْءٌ يَهْتِفُ بِي وَلَا أَرَاهُ : تَمَسَّكْ بِي شَدِيدًا فَظَنَنْتُ أَنَّهُ جِنِّيٌّ فَمَدَدْتُ يَدِي أَلْتَمِسُ مَا أُرِيدُ أَنْ أَتَمَسَّكَ بِهِ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى شَيْءٍ خَشِنٍ فَتَمَسَّكْتُ فَعَلَّاهَا وَطَرَحَنِي فَتَأَمَّلْتُ فَوْقَ الْأَرْضِ فَإِذَا هُوَ سَبُعٌ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ لَحِقَ نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ مَا يُلْحَقُ مِنْ مِثْلِهِ ، فَهَتَفَ بِي هَاتِفٌ : يَا أَبَا حَمْزَةَ اسْتَنْقَذْنَاكَ مِنَ الْبَلَاءِ بِالْبَلَاءِ وَكَفَيْنَاكَ مَا تَخَافُ قَالَ الشَّيْخُ : هَذِهِ الْحِكَايَةُ قَدْ تَقَدَّمَتْ فِيمَا رَوَيْتُهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ ، عَنِ الشِّبْلِيِّ وَأَعَدْتُهَا لِأَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ مِقْسَمٍ أَعْلَى

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

15668 أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ ، فِي كِتَابِهِ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الْكَتَّانِيُّ قَالَ : قَالَ أَبُو الْأَزْهَرِ وَجَمَاعَةً مِنْ إِخْوَانِنَا : اجْتَمَعَ نَفَرٌ عَلَى بَابٍ يَفْتَحَونَهُ فَلَمْ يَنْفَتِحْ فَقَالَ لَهُمْ أَبُو حَمْزَةَ : تَنَحَّوْا فَأَخَذَ الْغَلَقَ بِيَدِهِ فَحَرَّكَهُ وَقَالَ : بِكَذَا إِلَّا فَتَحْتَهُ فَانْفَتَحَ وَكَانَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي مِنْ أَفْقَرِ خَلْقِكَ إِلَيْكَ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ فَقْرِي إِلَيْكَ بِمَعْنًى هُوَ غَيْرُكَ فَلَا تَسُدَّ فَقْرِي ، وَكَانَ يَقُولُ : إِذَا صَاحَ الْمُحِبُّ لِلدُّنْيَا فَإِنَّمَا ذَاكَ شَيْطَانٌ يَصِيحُ فِي جَوْفِهِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

15669 وَحَكَى لِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ بَكْرٍ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الرَّمْلِيَّ يَقُولُ : تَكَلَّمَ أَبُو حَمْزَةَ فِي جَامِعِ طَرْسُوسَ فَقَبِلُوهُ فَبَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ يَتَكَلَّمُ إِذْ صَاحَ غُرَابٌ عَلَى سَطْحِ الْجَامِعِ فَزَعَقَ أَبُو حَمْزَةَ وَقَالَ : لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ ، فَنَسَبُوهُ إِلَى الزَّنْدَقَةِ وَقَالُوا : حُلُولِيٌّ زِنْدِيقٌ ، فَشَهِدُوا وَأُخْرِجَ وَبِيعَ فَرَسُهُ بِالْمُنَادَاةِ عَلَى بَابِ الْجَامِعِ ، هَذَا فَرَسُ الزَّنْدِيقِ ، فَذَكَرَ أَبُو عَمْرٍو الْبَصْرِيُّ ، قَالَ : ابْتَعْتُهُ وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ يُخْرِجُونَهُ مِنْ بَابِ الشَّامِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ :
لَكَ مِنْ قَلْبِي الْمَكَانُ الْمَصُونُ
كُلُّ صَعْبٍ عَلَيَّ فِيكَ يَهُونُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

15670 وَأَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ ، فِي كِتَابِهِ , عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْكَتَّانِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ ، يَقُولُ : لَوْلَا الْغَفْلَةُ لَمَاتَ الصِّدِّيقُونَ مِنْ رَوْحِ ذِكْرِ اللَّهِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

15671 وَحَكَى عَنْهُ خَيْرٌ النَّسَّاجُ قَالَ : قَالَ أَبُو حَمْزَةَ : إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أَدْخُلَ الْبَادِيَةَ عَلَى شِبَعٍ وَأَنَا مُعْتَقِدٌ لِلتَّوَكُّلِ فَيَكُونُ شِبَعِي زَادًا تَزَوَّدْتُهُ وَسُئِلَ عَنِ الْأُنْسِ ، فَقَالَ : ضِيقُ الصَّدْرِ مِنْ مُعَاشَرَةِ الْخَلْقِ ، وَكَانَ يَقُولُ : مَنِ اسْتَشْعَرَ الْمَوْتَ حُبِّبَ إِلَيْهِ كُلُّ بَاقٍ وَبُغِّضَ إِلَيْهِ كُلُّ فَانٍ ، وَمَنِ اسْتَوْحَشَ مِنْ نَفْسِهِ أَنِسَ قَلْبُهُ بِمُوَافَقَةِ مَوْلَاهُ وَقَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ : خَفْ سَطْوَةَ الْعَدْلِ وَارْجُ دِقَّةَ الْفَضْلِ وَلَا تَأْمَنْ مُكْرَهُ وَإِنْ أَنْزَلَكَ الْجِنَّانَ فَفِي الْجَنَّةِ وَقَعَ لِأَبِيكَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا وَقَعَ وَقَدْ يُقْطَعُ بِقَوْمٍ فِيهَا فَيقَالُ لَهُمْ : { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ } ، فَشَغَلَهُمْ عَنْهُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَلَا مَكْرَ فَوْقَ هَذَا ، وَلَا حَسْرَةَ أَعْظَمُ مِنْهُ وَسُئِلَ : أَيَفْزَعُ الْمُحِبُّ إِلَى شَيْءٍ سِوَى مَحْبُوبِهِ ؟ فَقَالَ : لَا إِنَّهُ بَلَاءٌ دَائِمٌ وَسُرُورٌ مُنْقَطِعٌ وَأَوْجَاعٌ مُتَّصِلَةٌ لَا يَعْرِفُهَا إِلَّا مَنْ بَاشَرَهَا وَأَنْشَدَ :
يُلَاقِي الْمُلَاقِي شَجْوَهُ دُونَ غَيْرِهِ
وَكُلُّ بَلَاءٍ عِنْدَ لَاقِيهِ أَوَجَعُ
وَكَانَ يَقُولُ : مَنْ نَصَحَ لِنَفْسِهِ كَرُمَتْ عَلَيْهِ وَمَنْ تَشَاغَلَ عَنْ نَصِيحَتِهَا هَانَتْ عَلَيْهِ وَمَنْ خَصَّهُ اللَّهُ بِنَظْرَةِ شَفَقَةٍ فَإِنَّ تِلْكَ النَّظْرَةَ تُنْزِلُهُ مَنَازِلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَتُزَيِّنُهُ بِالصِّدْقِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ، وَالْعَارِفُ يَخَافُ زَوَالَ مَا أُعْطِيَ وَالْخَائِفُ يَخَافُ نُزُولَ مَا وُعِدَ وَالْعَارِفُ يُدَافِعُ عَيْشَهُ يَوْمًا بِيَوْمٍ وَيَأْخُذُ عَيْشَهُ لِيَوْمٍ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،