ذِكْرُ أَبِي طَالِبٍ وَضَمِّهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَيْهِ
{ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} قَالَ : نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ يَنْهَى عَنْ أَذَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ يُؤْذَى وَيَنْأَى أَنْ يَدْخُلَ فِي الإِسْلاَمِ.
259 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنِي الثَّوْرِيُّ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ فِي قَوْلِهِ :
255 أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ اسْمُ أَبِي طَالِبٍ عَبْدُ مَنَافٍ وَكَانَ لَهُ مِنَ الْوَلَدِ طَالِبُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِهِ ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ أَخْرَجُوهُ وَسَائِرَ بَنِي هَاشِمٍ إِلَى بَدْرٍ كُرْهًا فَخَرَجَ طَالِبٌ وَهُوَ يَقُولُ : لاَ هُمَّ إِمَّا يَغْزُوَنَّ طَالِبْ ... فِي مِقْنَبٍ مِنْ هَذِهِ الْمَقَانِبْ. فَلْيَكُنِ الْمَغْلُوبُ غَيْرَ الْغَالِبْ ... وَلْيَكُنِ الْمَسْلُوبُ غَيْرَ السَّالِبْ. قَالَ : فَلَمَّا انْهَزَمُوا لَمْ يُوجَدْ فِي الأَسْرَى وَلاَ فِي الْقَتْلَى وَلاَ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ وَلاَ يُدْرَى مَا حَالَهُ ، وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ ،وَعَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَيُكَنَّى أَبَا يَزِيدَ ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَالِبٍ فِي السِّنِّ عَشْرُ سِنِينَ ، وَكَانَ عَالِمًا بِنَسَبِ قُرَيْشٍ . وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَقِيلٍ فِي السِّنِّ عَشْرُ سِنِينَ وَهُوَ قَدِيمٌ فِي الإِسْلاَمِ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ وَقُتِلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ شَهِيدًا . وَهُوَ ذُو الْجَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَ . وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَعْفَرٍ فِي السِّنِّ عَشْرُ سِنِينَ ، وَأُمُّ هَانِئِ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ وَاسْمُهَا هِنْدٌ ، وَجُمَانَةُ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ ، وَرَيْطَةُ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : وَقَالَ بَعْضُهُمْ : وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ ، وَأُمُّهُمْ جَمِيعًا فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ ، وَطُلَيْقُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَأُمُّهُ عَلَّةُ وَأَخُوهُ لأُمِّهِ الْحُوَيْرِثُ بْنُ أَبِي ذُبَابِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ.
264 أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ تُوُفِّيَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلاَ عَلِيٌّ وَوَرِثَهُ طَالِبٌ وَعَقِيلٌ وَذَلِكَ بِأَنَّهُ لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ، وَلاَ يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ.
267 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ : تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ مِنْ حِينَ نُبِّئَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً ، وَتُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ بَعْدَهُ بِشَهْرٍ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ بِنْتُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً ، فَاجْتَمَعَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مُصِيبَتَانِ مَوْتُ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ وَمَوْتُ أَبِي طَالِبٍ عَمِّهِ.
263 أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالاَ : أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَهُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ ، وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ.
{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} .
261 أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ : لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : رَحِمَكَ اللَّهُ وَغَفَرَ لَكَ ، لاَ أَزَالُ أَسْتَغْفِرُ لَكَ حَتَّى يَنْهَانِيَ اللَّهُ ، قَالَ : فَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَوْتَاهُمُ الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :
(ح) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعُذْرِيِّ قَالَ : قَالَ أَبُو طَالِبٍ : يَابْنَ أَخِي ، وَاللَّهِ لَوْلاَ رَهْبَةُ أَنْ تَقُولَ قُرَيْشٌ دَهَرَنِي الْجَزَعُ فَيَكُونَ سُبَّةً عَلَيْكَ وَعَلَى بَنِي أَبِيكَ لَفَعَلْتُ الَّذِي تَقُولُ وَأَقْرَرْتُ عَيْنَكَ بِهَا لِمَا أَرَى مِنْ شُكْرِكَ وَوَجْدِكَ بِي وَنَصِيحَتِكَ لِي. ثُمَّ إِنَّ أَبَا طَالِبٍ دَعَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ : لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا سَمِعْتُمْ مِنْ مُحَمَّدٍ ، وَمَا اتَّبَعْتُمْ أَمْرَهُ ، فَاتَّبِعُوهُ وَأَعِينُوهُ تَرْشُدُوا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : أَتَأْمُرُهُمْ بِهَا وَتَدَعُهَا لِنَفْسِكَ ؟ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : أَمَا أَنَّكَ لَوْ سَأَلْتَنِي الْكَلِمَةَ وَأَنَا صَحِيحٌ لَتَابَعْتُكَ عَلَى الَّذِي تَقُولُ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُجَزَّعَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَتَرَى قُرَيْشٌ أَنِّي أَخَذْتُهَا جَزَعًا وَرَدَدْتُهَا فِي صِحَّتِي.
257 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ
{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} .
256 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَوَجَدَ عِنْدَهُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ وَأَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : يَا عَمِّ ، قُلْ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ : يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ؟ قَالَ : وَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيَقُولُ : يَا عَمِّ ، قُلْ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ . وَيَقُولاَنِ : يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ؟ حَتَّى قَالَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا : أَنَا عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، ثُمَّ مَاتَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعْدَ مَوْتِهِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ :