ذِكْرُ حَصْرِ قُرَيْشٍ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَبَنِي هَاشِمٍ فِي الشِّعْبِ
493 أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، قَالَ : كَتَبَتْ قُرَيْشٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كِتَابًا وَخَتَمُوا عَلَيْهِ ثَلاَثَةَ خَوَاتِيمَ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الصَّحِيفَةِ دَابَّةً فَأَكَلَتْ كُلَّ شَيْءٍ إِلاَّ اسْمَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
495 أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، وَكَانَتِ الصَّحِيفَةُ عِنْدَ جَدِّهِ ، قَالَ : أُكِلَ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ فِي الصَّحِيفَةِ مِنْ قَطِيعَةٍ غَيْرَ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ . رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الأَوَّلِ ، قَالَ : فَذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لأَبِي طَالِبٍ فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو طَالِبٍ لإِخْوَتِهِ وَخَرَجُوا إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ : إِنَّ ابْنَ أَخِي قَدْ أَخْبَرَنِي وَلَمُ يَكْذِبْنِي قَطُّ أَنَّ اللَّهَ قَدْ سَلَّطَ عَلَى صَحِيفَتِكُمُ الأَرَضَةَ فَلَحَسَتْ كُلَّ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ جَوْرٍ أَوْ ظُلْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ وَبَقِيَ فِيهَا كُلُّ مَا ذُكِرَ بِهِ اللَّهُ ، فَإِنْ كَانَ ابْنُ أَخِي صَادِقًا نَزَعْتُمْ عَنْ سُوءِ رَأْيِكُمْ ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمْ فَقَتَلْتُمُوهُ ، أَوِ اسْتَحْيَيْتُمُوهُ ، قَالُوا : قَدْ أَنْصَفْتَنَا فَأَرْسَلُوا إِلَى الصَّحِيفَةِ فَفَتَحُوهَا ، فَإِذَا هِيَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَسُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ ، وَنُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : عَلاَمَ نُحْبَسُ وَنُحْصَرُ وَقَدْ بَانَ الأَمْرُ ، ثُمَّ دَخَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بَيْنَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَالْكَعْبَةِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ انْصُرْنَا مِمَّنْ ظَلَمَنَا ، وَقَطَعَ أَرْحَامَنَا ، وَاسْتَحَلَّ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنَّا ، ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى الشِّعْبِ ، وَتَلاَوَمَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى مَا صَنَعُوا بِبَنِي هَاشِمٍ ، فِيهِمْ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ ، وَعَدِيُّ بْنُ قَيْسٍ ، وَزَمْعَةُ بْنُ الأَسْوَدِ ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هَاشِمٍ ، وَزُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ ، وَلَبِسُوا السِّلاَحَ ، ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ، فَأَمَرُوهُمْ بِالْخُرُوجِ إِلَى مَسَاكِنِهِمْ ، فَفَعَلُوا ، فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ ، وَعَرَفُوا أَنْ لَنْ يُسْلِمُوهُمْ ، وَكَانَ خُرُوجُهُمْ مِنَ الشِّعْبِ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ.
492 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (ح) وَحَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، قَالَ (ح) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ ، قَالُوا : لَمَّا بَلَغَ قُرَيْشًا فِعْلُ النَّجَاشِيِّ لِجَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ وَإِكْرَامِهِ إِيَّاهُمْ كَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ، وَغَضِبُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَصْحَابِهِ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَكَتَبُوا كِتَابًا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ أَلاَّ يُنَاكِحُوهُمْ وَلاَ يُبَايِعُوهُمْ وَلاَ يُخَالِطُوهُمْ ، وَكَانَ الَّذِي كَتَبَ الصَّحِيفَةَ مَنْصُورُ بْنُ عِكْرِمَةَ العَبْدَرِيُّ ، فَشُلَّتْ يَدُهُ ، وَعَلَّقُوا الصَّحِيفَةَ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ كَانَتْ عِنْدَ أُمِّ الْجُلاَسِ بِنْتِ مُخَرِّبَةَ الْحَنْظَلِيَّةِ خَالَةِ أَبِي جَهْلٍ ، وَحَصَرُوا بَنِي هَاشِمٍ فِي شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ لَيْلَةَ هِلاَلِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ مِنْ حِينِ تَنَبَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَانْحَازَ بَنُو الْمُطَّلِبِ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فِي شِعْبِهِ مَعَ بَنِي هَاشِمٍ وَخَرَجَ أَبُو لَهَبٍ إِلَى قُرَيْشٍ ، فَظَاهَرَهُمْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ، وَقَطَعُوا عَنْهُمُ الْمِيرَةَ وَالْمَادَّةَ ، فَكَانُوا لاَ يَخْرُجُونَ إِلاَّ مِنْ مَوْسِمٍ إِلَى مَوْسِمٍ حَتَّى بَلَغَهُمُ الْجَهْدُ ، وَسُمِعَ أَصْوَاتُ صِبْيَانِهِمْ مِنْ وَرَاءِ الشِّعْبِ ، فَمِنْ قُرَيْشٍ مَنْ سَرَّهُ ذَلِكَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَاءَهُ ، وَقَالَ : انْظُرُوا مَا أَصَابَ مَنْصُورَ بْنَ عِكْرِمَةَ ، فَأَقَامُوا فِي الشِّعْبِ ثَلاَثَ سِنِينَ ، ثُمَّ أَطْلَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَى أَمْرِ صَحِيفَتِهِمْ ، وَأَنَّ الأَرَضَةُ قَدْ أَكَلَتْ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ جَوْرٍ وَظُلْمٍ ، وَبَقِيَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.