سَرِيَّةُ الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو
1653 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ رِعْلاَّ ، وَذَكْوَانَ ، وَعُصَيَّةَ ، وَبَنِي لِحْيَانَ أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَاسْتَمَدُّوهُ عَلَى قَوْمِهِمْ ، فَأَمَدَّهُمْ سَبْعِينَ رَجُلاَّ مِنَ الأَنْصَارِ وَكَانُوا يُدْعَوْنَ فِينَا الْقُرَّاءُ ، كَانُوا يَحْطُبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ ، فَلَمَّا بَلَغُوا بِئْرَ مَعُونَةَ غَدَرُوا بِهِمْ فَقَتَلُوهُمْ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَقَنَتَ شَهْرًا فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لِحْيَانَ . قَالَ : فَقَرَأْنَا بِهِمْ قُرْآنًا زَمَانًا ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ أَوْ نُسِيَ : بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا.
1654 أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ ، أَخْبَرَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ ، حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ ، قَالَ : قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَبَا حَمْزَةَ ، الْقُرَّاءُ ، قَالَ : وَيْحَكَ ، قُتِلُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، كَانُوا قَوْمًا يَسْتَعْذِبُونَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَيَحْطِبُونَ حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ قَامُوا إِلَى السَّوَارِي لِلصَّلاَةَ.
1655 أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، وَرِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ : أَنَّ الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو السَّاعِدِيَّ قُتِلَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ : أَعْنَقَ لَيَمُوتَ ، وَكَانَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ اسْتَنْصَرَ لَهُمْ بَنِي سُلَيْمٍ فَنَفَرُوا مَعَهُ فَقَتَلُوهُمْ غَيْرَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ أَخَذَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَأَرْسَلَهُ ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : أُبْتَ مِنْ بَيْنِهِمْ ، وَكَانَ مِنْ أُولَئِكَ الرَّهْطِ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَزَعَمَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ فَلَمْ يُوجَدْ جَسَدُهُ حِينَ دُفِنُوا ، قَالَ عُرْوَةُ : كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ هِيَ دَفَنَتْهُ.
1652 ثُمَّ سَرِيَّةُ الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو السَّاعِدِي إِلَى بِئْرِ مَعُونَةَ فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلاَثِينَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، قَالُوا : وَقَدِمَ عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ أَبُو بَرَاءٍ مُلاَعِبُ الأَسِنَّةِ الْكِلاَبِيُّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَهْدَى لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ وَعَرَضَ عَلَيْهِ الإِسْلاَمَ فَلَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يُبْعِدْ ، وَقَالَ : لَوْ بَعَثْتَ مَعِيَ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَى قَوْمِي لَرَجَوْتُ أَنْ يُجِيبُوا دَعَوْتَكَ وَيَتَّبِعُوا أَمْرَكَ ، فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ عَلَيْهِمْ أَهْلَ نَجْدٍ ، فَقَالَ : أَنَا لَهُمُ جَارٌ إِنْ يَعْرِضْ لَهُمْ أَحَدٌ . فَبَعَثَ مَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سَبْعِينَ رَجُلاَّ مِنَ الأَنْصَارِ شَبَبَةً يُسَمَّوْنَ الْقُرَّاءُ ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرِو السَّاعِدِيَّ ، فَلَمَّا نَزَلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ ، وَهُوَ مَاءٌ مِنْ مِيَاهِ بَنِي سُلَيْمٍ ، وَهُوَ بَيْنَ أَرْضِ بَنِي عَامِرٍ وَأَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ ، كِلاَ الْبَلَدَيْنِ يُعَدُّ مِنْهُ ، وَهُوَ بِنَاحِيَةِ الْمَعْدِنِ ، نَزَلُوا عَلَيْهَا وَعَسْكَرُوا بِهَا وَسَرَّحُوا ظَهْرَهُمْ ، وَقَدَّمُوا حَرَامَ بْنَ مِلْحَانَ بِكِتَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ ، فَوَثَبَ عَلَى حَرَامٍ فَقَتَلَهُ وَاسْتَصْرَخَ عَلَيْهِمْ بَنِي عَامِرٍ فَأَبَوْا ، وَقَالُوا : لاَ يُخْفَرُ جِوَارُ أَبِي بَرَاءٍ ، فَاسْتَصْرَخَ عَلَيْهِمْ قَبَائِلَ مِنْ سُلَيْمِ عُصَيَّةَ وَرِعْلاَّ وَذَكْوَانَ ، فَنَفَرُوا مَعَهُ وَرَأَسُوهُ. وَاسْتَبْطَأَ الْمُسْلِمُونَ حَرَامًا ، فَأَقْبَلُوا فِي أَثَرِهِ ، فَلَقِيَهُمُ الْقَوْمُ فَأَحَاطُوا بِهِمْ فَكَاثَرُوهُمْ ، فَتَقَاتَلُوا فَقُتِلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَفِيهِمْ سُلَيْمُ بْنُ مِلْحَانَ وَالْحَكَمُ بْنُ كَيْسَانَ فِي سَبْعِينَ رَجُلاَّ فَلَمَّا أُحِيطَ بِهِمْ ، قَالُوا : اللَّهُمَّ إِنَّا لاَ نَجِدُ مَنْ يُبَلِغُ رَسُولَكَ مِنَّا السَّلاَمَ غَيْرَكَ ، فَأَقْرِئْهُ مِنَّا السَّلاَمَ . فَأَخْبَرَهُ جَبْرَائِيلُ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِذَلِكَ ، فَقَالَ : وَعَلَيْهِمُ السَّلاَمُ.وَبَقِيَ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو ، فَقَالُوا : إِنْ شِئْتَ أَمَّنَّاكَ ، فَأَبَى وَأَتَى مَصْرَعَ حَرَامٍ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : أَعْنَقَ لِيَمُوتَ ، يَعْنِي أَنَّهُ تَقَدَّمَ عَلَى الْمَوْتِ ، وَهُوَ يَعْرِفُهُ ، وَكَانَ مَعَهُمْ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ فَقُتِلُوا جَمِيعًا غَيْرَهُ ، فَقَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ : قَدْ كَانَ عَلَى أُمِّي نَسَمَةٌ فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْهَا وَجَزَّ نَاصِيَتَهُ وَفَقَدَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ مِنْ بَيْنَ الْقَتْلَى فَسَأَلَ عَنْهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ ، فَقَالَ : قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِلاَبٍ يُقَالُ لَهُ : جُبَارُ بْنُ سُلْمَى لَمَّا طَعَنَهُ قَالَ : فُزْتُ وَاللَّهِ ، وَرفعَ إِلَى السَّمَاءِ عُلُوًّا . فَأَسْلَمَ جُبَارُ بْنُ سُلْمَى لَمَّا رَأَى مِنْ قَتْلِ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ وَرَفْعِهِ ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ وَارَتْ جُثَّتَهُ وَأُنْزِلَ عِلِّيِّينَ. وَجَاءَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَبَرُ أَهْلِ بِئْرِ مَعُونَةَ وَجَاءَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضًا مُصَابُ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ وَمَرْثَدِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ وَبَعَثَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : هَذَا عَمَلُ أَبِي بَرَاءٍ ، قَدْ كُنْتُ لِهَذَا كَارِهًا ، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى قَتَلَتِهِمْ بَعْدَ الرَّكْعَةِ مِنَ الصُّبُحِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرٍ ، اللَّهُمَّ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِبَنِي لِحْيَانَ وَعَضَلَ وَالْقَارَةَ وَزِعْبٍ وَرِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ فَإِنَّهُمْ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ . وَلَمْ يَجِدْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى قَتْلَى مَا وَجَدَ عَلَى قَتْلَى بِئْرِ مَعُونَةَ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ قُرْآنًا حَتَّى نُسِخَ بَعْدُ : بَلِّغُوا قَوْمَنَا عَنَّا أَنَا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : اللَّهُمَّ اهْدِ بَنِي عَامِرٍ وَاطْلُبْ خُفْرَتِي مِنْ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ . وَأَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ سَارَ أَرْبَعًا عَلَى رِجْلَيْهِ ، فَلَمَّا كَانَ بِصُدُورِ قَنَاةٍ لَقِيَ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي كِلاَبٍ قَدْ كَانَ لَهُمَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَمَانٌ فَقَتَلَهُمَا ، وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَخْبَرَهُ بِمَقْتَلِ أَصْحَابِ بِئْرِ مَعُونَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : أُبْتَ مِنْ بَيْنِهِمْ . وَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِقَتْلِ الْعَامِرِيَّيْنِ ، فَقَالَ : بِئْسَ مَا صَنَعْتَ قَدْ كَانَ لَهُمَا مِنِّي أَمَانٌ وَجِوَارٌ ، لأَدِيَنَّهُمَا فَبَعَثَ بِدِيَّتِهِمَا إِلَى قَوْمِهِمَا.
1656 أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : أُنْزِلَ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنٌ حَتَّى نُسِخَ بَعْدُ : بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنَا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ . وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ ثَلاَثِينَ غَدَاةً ، يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.