ذِكْرُ مَا لَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ مِنَ الْهَوَامِّ وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا لَا
189 حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، قال حدثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، أنا مُحَمَّدٌ ، وَسُلَيْمَانُ ، قَالَا : حَدَّثَنَا عُتْبَةُ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ ، فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ سُمًّا وَبِالْآخَرِ شِفَاءٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَجَاءَتْ أَخْبَارٌ عَنِ الْأَوَائِلِ مُوَافِقَةٌ لِهَذِهِ السُّنَّةِ . وَقَالَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ : إِنَّ الْمَاءَ لَا يَفْسُدُ بِمَوْتِ الذُّبَابِ وَالْخُنْفِسَاءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فِيهِ ، هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ ، وَرُوِي مَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ عَنِ النَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَلَا أَعْلَمُ الْعُلَمَاءَ تَوَسَّعَتْ فِي هَذِهِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ إِلَّا وَأَنَّ هَذِهِ لَا تَرَوَّحُ فِي مَوْتِهَا وَلَا تُنْتِنَ كَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَا دَمَ لَهَا فَاسْتَوَتْ حَيَاتُهَا وَمَوْتُهَا وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ نَحْوِهَا كَالْجَنَادِبِ وَالصَّرَاصِرِ وَالْعَنَاكِبِ وَالْعَقَارِبِ وَجَمِيعِ هَوَامِّ الْأَرْضِ عِنْدِي مِثْلُ ذَلِكَ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ غَيْرَ مَا ذَكَرْتُ إِلَّا الشَّافِعِيَّ فَإِنَّ الرَّبِيعَ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ قَالَ فِيهَا قَوْلَانِ ، هَذَا الَّذِي حَكَيْتُهُ عَنْ جُمَلِ النَّاسِ أَحَدُهُمَا ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يَنْجُسُ الْمَاءُ بِمَوْتِهِ فِيهِ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَالْقَوْلُ الَّذِي يُوَافِقُ السُّنَّةَ وَقَوْلُ سَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْلَى بِهِ |
ذِكْرُ مَوْتِ الدَّوَابِّ الَّتِي مَسَاكِنُهَا الْمَاءُ فِيهِ مِثْلُ السَّمَكِ وَالسَّرَطَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السَّمَكِ وَالضِّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ ، فَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى ذَلِكَ يُفْسِدُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْحُوتِ وَالْجَرَادِ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ : إِنَّ ذَلِكَ لَا يُنَجِّسُهُ . وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الضِّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ ، وَكَذَلِكَ قَالَ النُّعْمَانُ فِيهِمَا وَفِي السَّمَكِ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ ، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ فِي الضِّفْدَعِ يَمُوتُ فِي مَاءِ الْبِئْرِ : يُنْزَحُ مَاءُ الْبِئْرِ كُلُّهُ . وَقَالَ يَعْقُوبُ فِي الضِّفْدَعِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ : إِذَا مَاتَ فِي الْبِئْرِ نَجَّسَهَا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ الطُّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ فَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَأْتِي عَلَى كُلِّ مَا مَاتَ فِي الْبَحْرِ مِنْ دَوَابٍّ الَّتِي تَكُونُ فِيهِ ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي الدَّابَّةِ الَّتِي وُجِدَتْ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ مَيْتَةً فَأَكَلَهَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهَا شَيْءٌ ؟ قَالَ : فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دَوَابَّ الْبَحْرِ كُلَّهَا حِلٌّ مِنَ السَّمَكِ وَغَيْرِهِ . |
ذِكْرُ الْبِئْرِ يَكُونُ إِلَى جَنْبِهَا بَالُوعَةٌ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ ، فَإِذَا كَانَ الْبِئْرُ بِجَنْبِهَا الْبَالُوعَةُ قَرِيبَةٌ كَانَتْ مِنْهَا أَوْ بَعِيدَةً لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ الْبِئْرَ إِلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ الْمَاءُ بِطَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ مِنْ نَجَاسَةٍ حَلَّتْ فِيهَا فَإِنْ تَغَيَّرَ مَاءُ الْبِئْرِ بِبَعْضِ مَا ذَكَرْنَاهُ فَسَدَ وَإِلَّا فَالْمَاءُ عَلَى طَهَارَتِهِ ، وَهَذَا مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ ، وَرُوِي ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ النُّعْمَانِ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ فَلَا بَأْسَ بِمَائِهَا إِذْ لَا حُجَّةَ مَعَهُ تَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ ، قِيلَ لِلنُّعْمَانِ : فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ وَهِيَ تُؤْذِي فَتَرَكَ الذَّرْعَ وَقَالَ : إِذَا كَانَتْ تُؤْذِي فَإِنِّي أَكْرَهُهُ . وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ : الْأَرْضُونَ تَخْتَلِفُ ، تَكُونُ الْأَرْضُ غِلَاظًا وَالْأُخْرَى رِقَاقًا ، فَإِنْ تَخَوَّفَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا يَتَوَضَّأُ مِنْهَا ، فَقِيلَ : فَإِنْ كَانَتْ لَهَا رَائِحَةٌ وَالْمَاءُ تَغَيَّرَ قَالَ : لَا يَتَوَضَّأُ مِنْهَا . |