بَابُ جِرَاحِ الْمُدَبَّرِ
1508 حَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَضَى فِي الْمُدَبَّرِ إِذَا جَرَحَ أَنَّ لِسَيِّدِهِ أَنْ يُسَلِّمَ مَا يَمْلِكُ مِنْهُ إِلَى الْمَجْرُوحِ . فَيَخْتَدِمُهُ الْمَجْرُوحُ وَيُقَاصُّهُ بِجِرَاحِهِ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ . فَإِنْ أَدَّى قَبْلَ أَنْ يَهْلِكَ سَيِّدُهُ رَجَعَ إِلَى سَيِّدِهِ قَالَ مَالِكٌ : وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمُدَبَّرِ إِذَا جَرَحَ . ثُمَّ هَلَكَ سَيِّدُهُ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ . أَنَّهُ يُعْتَقُ ثُلُثُهُ . ثُمَّ يُقْسَمُ عَقْلُ الْجَرْحِ أَثْلَاثًا . فَيَكُونُ ثُلُثُ الْعَقْلِ عَلَى الثُّلُثِ الَّذِي عَتَقَ مِنْهُ . وَيَكُونُ ثُلُثَاهُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ اللَّذَيْنِ بِأَيْدِي الْوَرَثَةِ إِنْ شَاءُوا أَسْلَمُوا الَّذِي لَهُمْ مِنْهُ إِلَى صَاحِبِ الْجَرْحِ وَإِنْ شَاءُوا أَعْطَوْهُ ثُلُثَيِ الْعَقْلِ ، وَأَمْسَكُوا نَصِيبَهُمْ مِنَ الْعَبْدِ . وَذَلِكَ أَنَّ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ إِنَّمَا كَانَتْ جِنَايَتُهُ مِنَ الْعَبْدِ . وَلَمْ تَكُنْ دَيْنًا عَلَى السَّيِّدِ . فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الَّذِي أَحْدَثَ الْعَبْدُ بِالَّذِي يُبْطِلُ مَا صَنَعَ السَّيِّدُ مِنْ عِتْقِهِ وَتَدْبِيرِهِ . فَإِنْ كَانَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ ، مَعَ جِنَايَةِ الْعَبْدِ ، بِيعَ مِنَ الْمُدَبَّرِ بِقَدْرِ عَقْلِ الْجَرْحِ ، وَقَدْرِ الدَّيْنِ . ثُمَّ يُبَدَّأُ بِالْعَقْلِ الَّذِي كَانَ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ . فَيُقْضَى مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ . ثُمَّ يُقْضَى دَيْنُ سَيِّدِهِ . ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْعَبْدِ ، فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُ ، وَيَبْقَى ثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ . وَذَلِكَ أَنَّ جِنَايَةَ الْعَبْدِ هِيَ أَوْلَى مِنْ دَيْنِ سَيِّدِهِ . وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا هَلَكَ وَتَرَكَ عَبْدًا مُدَبَّرًا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ وَمِائَةُ دِينَارٍ ، وَكَانَ الْعَبْدُ قَدْ شَجَّ رَجُلًا حُرًّا مُوضِحَةً عَقْلُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا . وَكَانَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ مِنَ الدَّيْنِ خَمْسُونَ دِينَارًا قَالَ مَالِكٌ : فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِالْخَمْسِينَ دِينَارًا الَّتِي فِي عَقْلِ الشَّجَّةِ فَتُقْضَى مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ . ثُمَّ يُقْضَى دَيْنُ سَيِّدِهِ . ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ . فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُ ، وَيَبْقَى ثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ . فَالْعَقْلُ أَوْجَبُ فِي رَقَبَتِهِ مِنْ دَيْنِ سَيِّدِهِ . وَدَيْنُ سَيِّدِهِ أَوْجَبُ مِنَ التَّدْبِيرِ ، الَّذِي إِنَّمَا هُوَ وَصِيَّةٌ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ . فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ شَيْءٌ مِنَ التَّدْبِيرِ ، وَعَلَى سَيِّدِ الْمُدَبَّرِ دَيْنٌ لَمْ يُقْضَ . وَإِنَّمَا هُوَ وَصِيَّةٌ . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ : { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ } قالَ مَالِكٌ : فَإِنْ كَانَ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ مَا يَعْتِقُ فِيهِ الْمُدَبَّرُ كُلُّهُ عَتَقَ . وَكَانَ عَقْلُ جِنَايَتِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ . يُتَّبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ . وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَقْلُ الدِّيَةَ كَامِلَةً وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ وقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَبَّرِ إِذَا جَرَحَ رَجُلًا فَأَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ إِلَى الْمَجْرُوحِ . ثُمَّ هَلَكَ سَيِّدُهُ . وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا غَيْرَهُ . فَقَالَ الْوَرَثَةُ : نَحْنُ نُسَلِّمُهُ إِلَى صَاحِبِ الْجُرْحِ . وَقَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ : أَنَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ : إِنَّهُ إِذَا زَادَ الْغَرِيمُ شَيْئًا فَهُوَ أَوْلَى بِهِ وَيُحَطُّ عَنِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ قَدْرُ مَا زَادَ الْغَرِيمُ عَلَى دِيَةِ الْجَرْحِ . فَإِنْ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا لَمْ يَأْخُذِ الْعَبْدَ وقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَبَّرِ إِذَا جَرَحَ وَلَهُ مَالٌ فَأَبَى سَيِّدُهُ أَنْ يَفْتَدِيَهُ : فَإِنَّ الْمَجْرُوحَ يَأْخُذُ مَالَ الْمُدَبَّرِ فِي دِيَةِ جُرْحِهِ . فَإِنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ اسْتَوْفَى الْمَجْرُوحُ دِيَةَ جُرْحِهِ وَرَدَّ الْمُدَبَّرَ إِلَى سَيِّدِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ ، اقْتَضَاهُ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ . وَاسْتَعْمَلَ الْمُدَبَّرَ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ |
بَابُ مَا جَاءَ فِي جِرَاحِ أُمِّ الْوَلَدِ قَالَ مَالِكٌ فِي أُمِّ الْوَلَدِ تَجْرَحُ : إِنَّ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ ضَامِنٌ عَلَى سَيِّدِهَا فِي مَالِهِ . إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَقْلُ ذَلِكَ الْجَرْحِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ أُمِّ الْوَلَدِ . فَلَيْسَ عَلَى سَيِّدِهَا أَنْ يُخْرِجَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا . وَذَلِكَ أَنَّ رَبَّ الْعَبْدِ أَوِ الْوَلِيدَةِ . إِذَا أَسْلَمَ غُلَامَهُ أَوْ وَلِيدَتَهُ ، بِجُرْحٍ أَصَابَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا . فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَثُرَ الْعَقْلُ . فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ سَيِّدُ أُمِّ الْوَلَدِ أَنْ يُسَلِّمَهَا ، لِمَا مَضَى فِي ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ ، فَإِنَّهُ إِذَا أَخْرَجَ قِيمَتَهَا فَكَأَنَّهُ أَسْلَمَهَا . فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ . وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ . وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَ مِنْ جِنَايَتِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا . كِتَابُ الْحُدُودِ |