هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1068 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ : سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1068 حدثنا علي بن عبد الله ، قال : حدثنا سفيان ، قال : سمعت الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين المغرب والعشاء إذا جد به السير
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عبدِ اللهِ بن عمر العدوي ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ .

Narrated Salim's father:

The Prophet (ﷺ) used to offer the Maghrib and `Isha' prayers together whenever he was in a hurry on a journey.

D'après Sâlim, son père dit: «Lorsque le voyage se faisait pressant sur lui, le Prophète (r ) regroupait la prière du maghrib et celle du 'ichâ'.»

":"ہم سے علی بن عبداللہ مدینی نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے سفیان بن عیینہ نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ میں نے زہری سے سنا ، انہوں نے سالم سے اور انہوں نے اپنے باپ عبداللہ بن عمرسے کہنبی اکرم صلی اللہ علیہ وسلم کو اگر سفر میں جلد چلنا منظور ہوتا تو مغرب اور عشاء ایک ساتھ ملا کر پڑھتے ۔

D'après Sâlim, son père dit: «Lorsque le voyage se faisait pressant sur lui, le Prophète (r ) regroupait la prière du maghrib et celle du 'ichâ'.»

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    (بابُُ الجَمْعِ فِي السَّفَرِ بَينَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْجمع فِي السّفر بَين صَلَاتي الْمغرب وَالْعشَاء، وَإِنَّمَا ذكر لفظ: الْجمع، مُطلقًا ليتناول جَمِيع أقسامه، لِأَن فِي الْبابُُ ثَلَاثَة أَحَادِيث عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَأنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فَحَدِيث ابْن عمر وَابْن عَبَّاس بِصُورَة التَّقْيِيد، وَحَدِيث أنس بِصُورَة الْإِطْلَاق، وَلَا يخفى ذَلِك على المتأمل.



[ قــ :1068 ... غــ :1106 ]
- حدَّثنا عَليُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ عنْ سَالِمٍ عنْ أبِيهِ قَالَ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقد ذكرنَا وَجه إِطْلَاق التَّرْجَمَة مَعَ كَون الحَدِيث مُقَيّدا.

وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَعلي هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله بن عمر بن الْخطاب.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن يحيى بن يحيى وقتيبة وَأبي بكر بن أبي شيبَة وَعمر والناقد.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور، والخمسة عَن سُفْيَان بِهِ.

قَوْله: (إِذا جد بِهِ السّير) أَي: اشْتَدَّ، قَالَ فِي (الْمُحكم).

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: أَي إِذا اهتم بِهِ وأسرع فِيهِ، يُقَال: جد يجد ويجد، بِالضَّمِّ وَالْكَسْر، وجد بِهِ الْأَمر وَأَجد وجد فِيهِ: إِذا اجْتهد، وَالْكَلَام فِي هَذَا الْبابُُ على نَوْعَيْنِ.

الأول: فِيمَن روى الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ من الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
مِنْهُم: عَليّ بن أبي طَالب، أخرج حَدِيثه أَبُو دَاوُد بِسَنَد لَا بَأْس بِهِ، (كَانَ إِذا سَافر بَعْدَمَا تغرب الشَّمْس حَتَّى تكَاد أَن تظلم، ثمَّ ينزل فَيصَلي الْمغرب، ثمَّ يتعشى ثمَّ يُصَلِّي الْعشَاء وَيَقُول: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع) .
وروى ابْن أبي شيبَة فِي (المُصَنّف) : عَن أبي أُسَامَة عَن عبد الله ابْن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ عَن أَبِيه عَن جده (أَن عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ يُصَلِّي الْمغرب فِي السّفر ثمَّ يتعشى ثمَّ يُصَلِّي الْعشَاء على إثْرهَا ثمَّ يَقُول: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع) ، وَطَرِيق آخر رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد حَدثنَا الْمُنْذر بن مُحَمَّد حَدثنَا أبي حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْحُسَيْن حَدثنِي أبي عَن أَبِيه عَن جده (عَن عَليّ: قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ارتحل حِين تَزُول الشَّمْس جمع الظّهْر وَالْعصر، فَإِذا جد لَهُ السّير أخر الْعَصْر وَعجل الظّهْر ثمَّ جمع بَينهمَا) ، وَلَا يَصح إِسْنَاده، شيخ الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ أَبُو الْعَبَّاس بن عقدَة أحد الْحفاظ لكنه شيعي، وَقد تكلم فِيهِ الدَّارَقُطْنِيّ وَحَمْزَة السَّهْمِي وَغَيرهمَا، وَشَيْخه الْمُنْذر بن مُحَمَّد بن الْمُنْذر لَيْسَ بِالْقَوِيّ أَيْضا، قَالَه الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا، وَأَبوهُ وجده يحْتَاج إِلَى معرفتهما.
وَمِنْهُم: أنس بن مَالك، أخرج حَدِيثه البُخَارِيّ وَسَيَأْتِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَمِنْهُم: عبد الله بن عَمْرو، أخرج حَدِيثه ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) وَأحمد فِي (مُسْنده) من رِوَايَة حجاج عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: (جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي غَزْوَة بني المصطلق) ،.

     وَقَالَ  أَحْمد: يَوْم غزا بني المصطلق، وَفِي رِوَايَة: (جمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي السّفر) ، وَفِي إِسْنَاده الْحجَّاج بن أَرْطَأَة مُخْتَلف فِي الِاحْتِجَاج بِهِ.
وَمِنْهُم: عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أخرج حَدِيثهَا ابْن أبي شيبَة فِي (المُصَنّف) وَأحمد فِي (مُسْنده) كِلَاهُمَا عَن وَكِيع: حَدثنَا مُغيرَة بن زِيَاد عَن عَطاء (عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُؤَخر الظّهْر ويعجل الْعَصْر، وَيُؤَخر الْمغرب ويعجل الْعشَاء فِي السّفر) ، ومغيرة بن زِيَاد ضعفه الْجُمْهُور وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَأَبُو زرْعَة.
وَمِنْهُم: ابْن عَبَّاس أخرج حَدِيثه مُسلم من رِوَايَة أبي الزبير، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن جُبَير، قَالَ: (حَدثنَا ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي سفرة سافرها فِي غَزْوَة تَبُوك، فَجمع بَين الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء جَمِيعًا، قَالَ سعيد: فَقلت لِابْنِ عَبَّاس: مَا حمله على ذَلِك؟ قَالَ: أَرَادَ أَن لَا يحرج أمته) .
وَقد روى مُسلم أَيْضا بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: (صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا وَالْمغْرب وَالْعشَاء فِي غير خوف وَلَا سفر) ، وَفِي رِوَايَة لَهُ: (صلى الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ من غير خوف وَلَا سفر) .
وَمِنْهُم: أُسَامَة بن زيد، أخرج حَدِيثه التِّرْمِذِيّ فِي (كتاب الْعِلَل) قَالَ: حَدثنَا أَبُو السَّائِب عَن الْجريرِي عَن أبي عُثْمَان (عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جد بِهِ السّير جمع بَين الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء) ، ثمَّ قَالَ: سَأَلت مُحَمَّدًا عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: الصَّحِيح هُوَ مَوْقُوف عَن أُسَامَة بن زيد، ولأسامة حَدِيث آخر فِي جمعه بِعَرَفَة ومزدلفة، أخرجه البُخَارِيّ، وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَمِنْهُم: جَابر، أخرج حَدِيثه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق مَالك عَن أبي الزبير (عَن جَابر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَابَتْ لَهُ الشَّمْس بِمَكَّة فَجمع بَينهمَا بسرف) ، وروى أَحْمد فِي (مُسْنده) من رِوَايَة ابْن لَهِيعَة (عَن أبي الزبير، قَالَ: سَأَلت جَابِرا: هَل جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْمغرب وَالْعشَاء؟ قَالَ: نعم، عَام غزونا بني المصطلق) .
وروى مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه فِي حَدِيث جَابر الطَّوِيل فِي صفة حجه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رِوَايَة مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن (عَن جَابر، فَوجدَ الْقبَّة قد ضربت لَهُ بنمرة) ، وَفِيه: (ثمَّ أذن ثمَّ أَقَامَ فصلى الظّهْر ثمَّ أَقَامَ فصلى الْعَصْر وَلم يصل بَينهمَا شَيْئا) .
وَفِيه: (حَتَّى أَتَى الْمزْدَلِفَة فصلى بهَا الْمغرب وَالْعشَاء بِأَذَان وَاحِد وَإِقَامَتَيْنِ وَلم يسبح بَينهمَا شَيْئا) .
وَمِنْهُم: خُزَيْمَة بن ثَابت، أخرج حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ عَن عدي بن ثَابت عَن عبد الله بن يزِيد (عَن خُزَيْمَة ابْن ثَابت قَالَ: صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجمع الْمغرب وَالْعشَاء ثَلَاثًا واثنتين بِإِقَامَة وَاحِدَة) .
وَمِنْهُم: ابْن مَسْعُود، أخرج حَدِيثه ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) من رِوَايَة ابْن أبي ليلى عَن هُذَيْل (عَن عبد الله بن مَسْعُود: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي السّفر) وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) بِلَفْظ: (كَانَ يجمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء يُؤَخر هَذِه فِي آخر وَقتهَا ويعجل هَذِه فِي أول وَقتهَا) .
وَمِنْهُم: أَبُو أَيُّوب، أخرج حَدِيثه البُخَارِيّ، وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَمِنْهُم: أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، أخرج حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) عَن أبي نَضرة عَنهُ: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي السّفر) .
وَمِنْهُم: أَبُو هُرَيْرَة، أخرج حَدِيثه الْبَزَّار عَن عَطاء بن يسَار عَنهُ: (عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي السّفر) .
النَّوْع الثَّانِي: فِي بَيَان مَذَاهِب الْأَئِمَّة فِي هَذَا الْبابُُ، فَذهب قوم إِلَى ظَاهر هَذِه الْأَحَادِيث وأجازوا الْجمع بَين الظّهْر وَالْعصر وَبَين الْمغرب وَالْعشَاء فِي السّفر فِي وَقت أَحدهمَا، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: قَالَ الْجُمْهُور: الْمُسَافِر يجوز لَهُ الْجمع بَين الظّهْر وَالْعصر وَبَين الْمغرب وَالْعشَاء مُطلقًا.
.

     وَقَالَ  شَيخنَا زين الدّين.
وَفِي الْمَسْأَلَة سِتَّة أَقْوَال: أَحدهَا: جَوَاز الْجمع مثل مَا قَالَه ابْن بطال، وروى ذَلِك عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة مِنْهُم: عَليّ بن أبي طَالب وَسعد بن أبي وَقاص وَسَعِيد بن زيد وَأُسَامَة بن زيد ومعاذ بن جبل وَأَبُو مُوسَى وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس، وَبِه قَالَ جمَاعَة من التَّابِعين، مِنْهُم: عَطاء بن أبي رَبَاح وطاووس وَمُجاهد وَعِكْرِمَة وَجَابِر بن زيد وَرَبِيعَة الرَّأْي وَأَبُو الزِّنَاد وَمُحَمّد بن الْمُنْكَدر وَصَفوَان بن سليم، وَبِه قَالَ جمَاعَة من الْأَئِمَّة مِنْهُم: سُفْيَان الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَابْن الْمُنْذر، وَمن الْمَالِكِيَّة: أَشهب، وَحَكَاهُ ابْن قدامَة عَن مَالك أَيْضا، وَالْمَشْهُور عَن مَالك: تَخْصِيص الْجمع بجد السّير.
وَالْقَوْل الثَّانِي: إِنَّمَا يجوز الْجمع إِذا جد بِهِ السّير، رُوِيَ ذَلِك عَن أُسَامَة بن زيد وَابْن عمر وَهُوَ قَول مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ.
القَوْل الثَّالِث: إِنَّه تجوز إِذا أَرَادَ قطع الطَّرِيق، وَهُوَ قَول ابْن حبيب من الْمَالِكِيَّة،.

     وَقَالَ  ابْن الْعَرَبِيّ: وَأما قَول ابْن حبيب فَهُوَ قَول الشَّافِعِي، لِأَن السّفر نَفسه إِنَّمَا هُوَ لقطع الطَّرِيق.
وَالْقَوْل الرَّابِع: أَن الْجمع مَكْرُوه،.

     وَقَالَ  ابْن الْعَرَبِيّ: إِنَّهَا رِوَايَة المصريين عَن مَالك.
وَالْقَوْل الْخَامِس: أَنه يجوز جمع التَّأْخِير لَا جمع التَّقْدِيم، وَهُوَ اخْتِيَار ابْن حزم.
وَالْقَوْل السَّادِس: أَنه لَا يجوز مُطلقًا بِسَبَب السّفر، وَإِنَّمَا يجوز بِعَرَفَة والمزدلفة، وَهُوَ قَول الْحسن وَابْن سِيرِين وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالْأسود وَأبي حنيفَة وَأَصْحَابه، وَهُوَ رِوَايَة ابْن الْقَاسِم عَن مَالك، وَاخْتَارَهُ فِي (التَّلْوِيح) : وَذهب أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِلَى منع الْجمع فِي غير هذَيْن المكانين، وَهُوَ قَول ابْن مَسْعُود وَسعد بن أبي وَقاص فِيمَا ذكره ابْن شَدَّاد فِي كِتَابه (دَلَائِل الْأَحْكَام) وَابْن عمر فِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَابْن سِيرِين وَجَابِر بن زيد وَمَكْحُول وَعَمْرو بن دِينَار وَالثَّوْري وَالْأسود وَأَصْحَابه وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَسَالم وَاللَّيْث بن سعد،.

     وَقَالَ  ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : حَدثنَا وَكِيع حَدثنَا أَبُو هِلَال عَن حَنْظَلَة السدُوسِي عَن أبي مُوسَى أَنه قَالَ: الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ من غير عذر من الْكَبَائِر، قَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : وَأما قَول النَّوَوِيّ: إِن أَبَا يُوسُف ومحمدا خالفا شيخهما، وَإِن قَوْلهمَا كَقَوْل الشَّافِعِي وَأحمد فقد رده عَلَيْهِ صَاحب (الْغَايَة فِي شرح الْهِدَايَة) بِأَن هَذَا لَا أصل لَهُ عَنْهُمَا.
قلت: الْأَمر كَمَا قَالَه، وأصحابنا أعلم بِحَال أَئِمَّتنَا الثَّلَاثَة، رَحِمهم الله.
وَاسْتدلَّ أَصْحَابنَا بِمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم (عَن عبد الله بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة لغير وَقتهَا إلاّ بِجمع فَإِنَّهُ جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بِجمع، وَصلى صَلَاة الصُّبْح فِي الْغَد قبل وَقتهَا) ، وَبِمَا رَوَاهُ مُسلم عَن أبي قَتَادَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَيْسَ فِي النّوم تَفْرِيط، إِنَّمَا التَّفْرِيط فِي الْيَقَظَة أَن يُؤَخر صَلَاة حَتَّى يدْخل وَقت صَلَاة أُخْرَى) .

وَالْجَوَاب عَن هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا الْجمع فِي غير عَرَفَة، وَجمع، مَا قَالَه الطَّحَاوِيّ فِي (شرح مَعَاني الْآثَار) : أَنه صلى الأولى فِي آخر وَقتهَا، والانية فِي أول وَقتهَا،، لَا أَنه صلاهما فِي وَقت وَاحِد، وَيُؤَيّد هَذَا الْمَعْنى حَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: (صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا، وَالْمغْرب وَالْعشَاء جَمِيعًا فِي غير خوف وَلَا سفر) .
رَوَاهُ مُسلم وَفِي لفظ قَالَ (جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء بِالْمَدِينَةِ فِي غير خوف وَلَا مطر.
قيل لِابْنِ عَبَّاس: مَا أَرَادَ إِلَى ذَلِك؟ قَالَ: أَرَادَ أَن لَا يحرج أمته.
قَالَ: وَلم يقل أحد منا وَلَا مِنْهُم بِجَوَاز الْجمع فِي الْحَضَر، فَدلَّ على أَن معنى الْجمع مَا ذَكرْنَاهُ من تَأْخِير الأولى إِلَى آخر وَقتهَا وَتَقْدِيم الثَّانِيَة فِي أول وَقتهَا.
فَإِن قلت: لفظ مُسلم فِي حَدِيث الْبابُُ: (أَن ابْن عمر كَانَ إِذا جد بِهِ السّير جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بعد أَن يغيب الشَّفق، وَيَقُول: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا جد بِهِ السّير جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء) .
وَهَذَا صَرِيح فِي الْجمع فِي وَقت إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: وَفِيه إبِْطَال تَأْوِيل الْحَنَفِيَّة فِي قَوْلهم: إِن المُرَاد بِالْجمعِ تَأْخِير الأولى إِلَى آخر وَقتهَا وَتَقْدِيم الثَّانِيَة فِي أول وَقتهَا؟ قلت: الشَّفق نَوْعَانِ: أَحْمَر وأبيض، كَمَا اخْتلف فِيهِ الصَّحَابَة وَالْعُلَمَاء، فَيحْتَمل أَنه جمع بَينهمَا بعد غياب الْأَحْمَر فَتكون الْمغرب فِي وَقتهَا على قَول من يَقُول: الشَّفق هُوَ الْأَبْيَض، وَكَذَلِكَ الْعشَاء تكون فِي وَقتهَا على قَول من يَقُول: الشَّفق هُوَ الْأَحْمَر، وَيُطلق عَلَيْهِ أَنه جمع بَينهمَا بعد غياب الشَّفق، وَالْحَال أَن كل وَاحِدَة مِنْهُمَا وَقعت فِي وَقتهَا على اخْتِلَاف الْقَوْلَيْنِ فِي الشَّفق، فَهَذَا يُسمى جمعا: صُورَة لَا وقتا.
فَإِن قلت: لفظ النَّسَائِيّ فِي حَدِيث ابْن عمر: (جمع بَين الظّهْر وَالْعصر حِين كَانَ بَين الصَّلَاتَيْنِ، وَبَين الْمغرب وَالْعشَاء حِين اشتبكت النُّجُوم) .
قلت: أول وَقت الْعَصْر مُخْتَلف فِيهِ، وَهُوَ إِمَّا بصيرورة ظلّ كل شَيْء مثله أَو مثلَيْهِ فَيحْتَمل أَنه أخر الظّهْر إِلَى أَن صَار ظلّ كل شَيْء مثله، ثمَّ صلاهَا وَصلى عَقبهَا الْعَصْر، فَيكون قد صلى الظّهْر فِي وَقتهَا على قَول من يرى أَن آخر وَقت الظّهْر بصيرورة ظلّ كل شَيْء مثله، وَيكون قد صلى الْعَصْر فِي وَقتهَا على قَول من يرى: إِن أول وَقتهَا بصيرورة ظلّ كل شَيْء مثلَيْهِ، وَيصدق على من فعل هَذَا أَنه جمع بَينهمَا والنجوم تشتبك بعد غياب الْحمرَة، وَهُوَ وَقت الْمغرب على قَول من يَقُول: الشَّفق هُوَ الْبيَاض.

فَإِن قلت: قد ذكر الْبَيْهَقِيّ فِي: بابُُ الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي السّفر، عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه: سَار حَتَّى غَابَ الشَّفق.
إِلَى آخِره، ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ معمر عَن أَيُّوب ومُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع،.

     وَقَالَ  فِي الحَدِيث: (أخر الْمغرب بعد ذهَاب الشَّفق حَتَّى ذهب هوي من اللَّيْل، ثمَّ نزل فصلى الْمغرب وَالْعشَاء) قلت: لم يذكر سَنَده لينْظر فِيهِ، وَقد أخرجه النَّسَائِيّ بِخِلَاف هَذَا، قَالَ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم أخبرنَا عبد الرَّزَّاق حَدثنَا معمر عَن مُوسَى بن عقبَة (عَن نَافِع عَن ابْن عمر: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جد بِهِ أَمر أوجد بِهِ السّير جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء) .
فَإِن قلت: قد قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ يزِيد بن هَارُون عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن نَافِع، فَذكر أَنه سَار قَرِيبا من ربع اللَّيْل ثمَّ نزل فصلى قلت: أَنه أسْندهُ فِي (الخلافيات) من حَدِيث يزِيد بن هَارُون بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور، وَلَفظه: (فسرنا أميالاً ثمَّ نزل فصلى) ، فلفظه مُضْطَرب كَمَا ترى على وَجْهَيْن، فاقتصر الْبَيْهَقِيّ فِي (السّنَن) على مَا يُوَافق مَقْصُوده.

فَإِن قلت: روى التِّرْمِذِيّ فَقَالَ: حَدثنَا هناد حَدثنَا عَبدة بن سُلَيْمَان عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع (عَن ابْن عمر أَنه استغيث على بعض أَهله فجد بِهِ السّير وَأخر الْمغرب حَتَّى غَابَ الشَّفق، ثمَّ نزل فَجمع بَينهمَا، ثمَّ أخْبرهُم أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يفعل ذَلِك إِذا جد بِهِ السّير) .
.

     وَقَالَ : هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَعند أبي دَاوُد: (حَتَّى غربت الشَّمْس وبدت النُّجُوم) ، وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن سعيد عَن يحيى بن سعيد: (أَخّرهَا إِلَى ربع اللَّيْل) ،، وَفِي لفظ: (حَتَّى إِذا كَانَ فِي آخر الشَّفق نزل فصلى الْمغرب ثمَّ أَقَامَ الْعشَاء وَقد توارى الشَّفق) ، وَفِي لفظ: (حَتَّى إِذا كَانَ قبل غيوب الشَّفق نزل فصلى الْمغرب، ثمَّ انْتظر حَتَّى غَابَ الشَّفق وَصلى الْعشَاء) .
وَفِي لفظ: (عِنْد ذهَاب الشَّفق نزل فَجمع بَينهمَا) ، وَعند ابْن خُزَيْمَة: (فسرنا حَتَّى كَانَ نصف اللَّيْل أَو قَرِيبا من نصفه، نزل فصلى) قلت: الْكَلَام فِي الشَّفق قد مر، وَأما رِوَايَة ابْن خُزَيْمَة فَفِيهَا مُخَالفَة للحفاظ من أَصْحَاب نَافِع فَلَا يُمكن الْجمع بَينهمَا فَيتْرك مَا فِيهَا لمُخَالفَته للحفاظ، وَيُؤْخَذ بِرِوَايَة الْحفاظ، وروى أَبُو دَاوُد عَن قُتَيْبَة، حَدثنَا عبد الله بن نَافِع عَن أبي دَاوُد عَن سُلَيْمَان بن أبي يحيى عَن ابْن عمر قَالَ: (مَا جمع رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَين الْمغرب وَالْعشَاء قطّ فِي سفر إلاّ مرّة) .
.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُد هَذَا يرْوى عَن أَيُّوب عَن نَافِع مَوْقُوفا على ابْن عمر أَنه: لم ير ابْن عمر جمع بَينهمَا قطّ إلاّ تِلْكَ اللَّيْلَة، يَعْنِي لَيْلَة استصرخ على صَفِيَّة، وروى من حَدِيث مَكْحُول عَن نَافِع أَنه رأى ابْن عمر فعل ذَلِك مرّة أَو مرَّتَيْنِ.
فَإِن قلت: روى أَبُو دَاوُد: حَدثنَا يزِيد بن خَالِد بن يزِيد بن عبد الله الرَّمْلِيّ الْهَمدَانِي حَدثنَا الْمفضل بن فضَالة وَاللَّيْث بن سعد عَن هِشَام بن سعد عَن أبي الزبير عَن أبي الطُّفَيْل (عَن معَاذ بن جبل، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي غَزْوَة تَبُوك إِذا زاغت الشَّمْس قبل أَن يرتحل جمع بَين الظّهْر وَالْعصر، وَإِن ارتحل قبل أَن تزِيغ الشَّمْس أخر الظّهْر حَتَّى ينزل للعصر، وَفِي الْمغرب مثل ذَلِك إِن غَابَ الشَّفق قبل أَن يرتحل جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء، وَإِن ارتحل قبل أَن يغيب الشَّفق أخر الْمغرب حَتَّى ينزل للعشاء ثمَّ جمع بَينهمَا) .
قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ هِشَام بن عُرْوَة عَن حُسَيْن بن عبد الله عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحْو حَدِيث الْمفضل وَاللَّيْث قلت: حُكيَ عَن أبي دَاوُد أَنه أنكر هَذَا الحَدِيث، وَحكي عَنهُ أَيْضا أَنه قَالَ: لَيْسَ فِي تَقْدِيم الْوَقْت حَدِيث قَائِم، وحسين بن عبد الله هَذَا لَا يحْتَج بحَديثه، قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: تركت حَدِيثه.
.

     وَقَالَ  أَبُو جَعْفَر الْعقيلِيّ: وَله غير حَدِيث لَا يُتَابع عَلَيْهِ،.

     وَقَالَ  أَحْمد بن حَنْبَل: لَهُ أَشْيَاء مُنكرَة،.

     وَقَالَ  ابْن معِين: ضَعِيف.
.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: ضَعِيف يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ.
.

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ: مَتْرُوك الحَدِيث.
.

     وَقَالَ  ابْن حبَان: يقلب الْأَسَانِيد وَيرْفَع المسانيد.

وَقَالَ الْخطابِيّ فِي الرَّد على تَأْوِيل أَصْحَابنَا: إِن الْجمع رخصَة، فَلَو كَانَ على مَا ذَكرُوهُ لَكَانَ أعظم ضيقا من الْإِتْيَان بِكُل صَلَاة فِي وَقتهَا، لِأَن أَوَائِل الْأَوْقَات وأواخرها مِمَّا لَا يُدْرِكهُ أَكثر الْخَاصَّة فضلا عَن الْعَامَّة،.

     وَقَالَ  ابْن قدامَة: أَن حمل الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ على الْجمع الصُّورِي فَاسد لوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا: أَنه جَاءَ الْخَبَر صَرِيحًا فِي أَنه كَانَ يجمعهما فِي وَقت إِحْدَاهمَا، وَالثَّانِي: أَن الْجمع رخصَة، فَلَو كَانَ على مَا ذَكرُوهُ لَكَانَ أَشد ضيقا وَأعظم حرجا من الْإِتْيَان بِكُل صَلَاة فِي وَقتهَا، قَالَ: وَلَو كَانَ الْجمع هَكَذَا لجَاز الْجمع بَين الْعَصْر وَالْمغْرب، وَبَين الْعشَاء وَالصُّبْح.
قَالَ: وَلَا خلاف بَين الْأمة فِي تَحْرِيم ذَلِك.
قَالَ: وَالْعَمَل بالْخبر على الْوَجْه السَّابِق مِنْهُ إِلَى الْفَهم أولى من هَذَا التَّكَلُّف الَّذِي يصان كَلَام رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من حمله عَلَيْهِ.
قلت: سلمنَا أَن الْجمع رخصَة، وَلَكِن حملناه على الْجمع الصُّورِي حَتَّى لَا يُعَارض الْخَبَر الْوَاحِد الْآيَة القطعية، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: { حَافظُوا على الصَّلَوَات} (الْبَقَرَة: 832) .
أَي: أدوها فِي أَوْقَاتهَا،.

     وَقَالَ  الله تَعَالَى: { إِن الصَّلَاة كَانَت على الْمُؤمنِينَ كتابا موقوتا} (النِّسَاء: 301) .
أَي: فرضا موقوتا، وَمَا قُلْنَاهُ هُوَ الْعَمَل بِالْآيَةِ وَالْخَبَر، وَمَا قَالُوهُ يُؤَدِّي إِلَى ترك الْعَمَل بِالْآيَةِ ويلزمهم على مَا قَالُوا من الْجمع الْمَعْنَوِيّ رخصَة أَن يجمعوا لعذر الْمَطَر أَو الْخَوْف فِي الْحَضَر، وَمَعَ هَذَا لم يجوزوا ذَلِك، وَأولُوا حَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: (جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء بِالْمَدِينَةِ من غير خوف وَلَا مطر) ، الحَدِيث، بتأويلات مَرْدُودَة، وَفِيمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ الْعَمَل بِالْكتاب، وَبِكُل حَدِيث جَاءَ فِي هَذَا الْبابُُ من غير حَاجَة إِلَى تأويلات، وَأما قَول الْخطابِيّ: لِأَن أَوَائِل الْأَوْقَات.
.
إِلَى آخِره، غير مُسلم، لِأَن الصَّلَاة من أعظم أُمُور الدّين فالمسلم الْكَامِل كَيفَ يخفى عَلَيْهِ أُمُور مَا يتَعَلَّق بأعظم أُمُور دينه؟ وَيرد على ابْن قدامَة أَيْضا بِمَا ذكرنَا، وَقِيَاسه على الْجمع بَين الْعَصْر وَالْمغْرب، وَبَين الْعشَاء وَالصُّبْح بَاطِل لَا وَجه لَهُ أصلا لعدم وجود الْمُلَازمَة، وَلَيْسَ فِيمَا قُلْنَا ترك صون كَلَام الرَّسُول، بل فِيمَا قُلْنَا صون كَلَامه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأجل مَا رَوَاهُ ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وللتوفيق بَين الْأَحَادِيث الَّتِي ظَاهرهَا يتعارض، فَافْهَم.