هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
158 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، ثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، ثَنَا شَقِيقٌ ، حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ ، يَقُولُ : قَامَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ ، فَقِيلَ لَهُ : أَلَيْسَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ قَالَ : أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ : { عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ } وَقَالَ : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ التَّقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ } فَعَفَى الله عَنْهُمُ اسْتِزْلَالَ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُمْ ، عَظِيمَ مَا كَسَبُوا مِنْ قوله ثم عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَضْرَةَ الْعَدُد ، وَكَذَلِكَ عَفَى عَنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ حِينَ كَتَبَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ يُخْبِرُهُمْ بِشَأْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُطْلِعُهُمْ عَلَى عَوْرَة الْمُؤْمِنِينَ فَشَهِدَ لَهُ بِالْإِيمَانِ فَقَالَ تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ } . وَأَمَرَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْعَفْوِ عَنْ مِسْطَحٍ وَحَسَّانَ ، فَقَالَ : { وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ } الْآيَةَ ، فَأَثْبَتَ هِجْرَتَهُمْ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ بِهَا بَعْدَ مَا كَانُوا اقْتَرَفُوا الطَّاهِرَةِ الْمُطَهَّرَةِ حَبِيبَةِ حَبِيبِ اللَّهِ . ثُمَّ مَا أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحُدُودِ عَلَى غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ قَطْعِ السَّارِقِ ، وَرَجْمِ الْمُعْتَرِفِ بِالزِّنَا مَاعِزًا ، وَأُتِيَ بِالنُّعَيْمَانِ سَكْرَان فَأَمَرَ بِجِلْدِهِ ، وَكَانَ نُّعَيْمَانُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ . وَكُلُّ هَذَا مَغْفُوراًٌ لَه وَمَسْكُوتٌاً عَنْهُ لِمَا أُولَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ السَّوَابِقِ الْكَرِيمَةِ وَالْمَنَاقِبِ الْعَظِيمَةِ ، وَشَكَرَ لَهُمْ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ بِمَحَاسِنِهِمْ ، فَقَالَ : { أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ . . } الْآيَةَ . فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِظْهَارُ مَا مَدَحَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَشَكَرَهم عَلَيْهِ مِنْ جَمِيلِ أفِعَالِهِمْ وَجَمِيلِ سَوَابِقِهِمْ ، وَأَنْ يَغُضُّوا عَمَّا كَانَ مِنْهُمْ فِي حَالِ الْغَضَبِ وَالْإغْفَالِ وَفَرَطَ مِنْهُمْ عِنْدَ اسْتِزْلَالَ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُمْ ، وَنَأْخُذُ فِي ذِكْرِهِمْ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فَقَالَ تَعَالَى : { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ } الْآيَةَ . فَإِنَّ الْهَفْوَةَ وَالزَّلَلَ وَالْغَضَبَ وَالْحِدَّةَ وَالْإِفْرَاطَ لَا يَخْلُو مِنْهُ أَحَدٌ ، وَهُوَ لَهُمْ غْفُورٌ ، وَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ الْبَرَاءَةَ مِنْهُمْ ، وَلَا الْعَدَاوَةَ لَهُمْ ، وَلَكِنْ يحِبُّ عَلَى السَّابِقَةِ الْحَمِيدَةِ ، ويتُولِي للْمَنْقَبَةِ الشَّرِيفَةِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
158 حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا الحميدي ، ثنا شقيق ، حدثني زياد بن علاقة ، قال : سمعت المغيرة بن شعبة ، يقول : قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه ، فقيل له : أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبدا شكورا وقال الله تعالى له : { عفا الله عنك لم أذنت لهم } وقال : { إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم } فعفى الله عنهم استزلال الشيطان إياهم ، عظيم ما كسبوا من قوله ثم عن الرسول صلى الله عليه وسلم بحضرة العدد ، وكذلك عفى عن حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى المشركين يخبرهم بشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويطلعهم على عورة المؤمنين فشهد له بالإيمان فقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء } . وأمر أبا بكر الصديق رضي الله عنه بالعفو عن مسطح وحسان ، فقال : { ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة } الآية ، فأثبت هجرتهم وأثنى عليهم بها بعد ما كانوا اقترفوا الطاهرة المطهرة حبيبة حبيب الله . ثم ما أقام النبي صلى الله عليه وسلم من الحدود على غير واحد من الصحابة من قطع السارق ، ورجم المعترف بالزنا ماعزا ، وأتي بالنعيمان سكران فأمر بجلده ، وكان نعيمان من أهل بدر . وكل هذا مغفورا له ومسكوتا عنه لما أولاهم الله تعالى من السوابق الكريمة والمناقب العظيمة ، وشكر لهم وأثنى عليهم بمحاسنهم ، فقال : { أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم . . } الآية . فالواجب على المسلمين في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إظهار ما مدحهم الله تعالى به وشكرهم عليه من جميل أفعالهم وجميل سوابقهم ، وأن يغضوا عما كان منهم في حال الغضب والإغفال وفرط منهم عند استزلال الشيطان إياهم ، ونأخذ في ذكرهم بما أخبر الله تعالى به فقال تعالى : { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان } الآية . فإن الهفوة والزلل والغضب والحدة والإفراط لا يخلو منه أحد ، وهو لهم غفور ، ولا يوجب ذلك البراءة منهم ، ولا العداوة لهم ، ولكن يحب على السابقة الحميدة ، ويتولي للمنقبة الشريفة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،