هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2892 وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ : حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لاَ تَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2892 وقال أبو عامر : حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لا تمنوا لقاء العدو ، فإذا لقيتموهم فاصبروا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

The Prophet (ﷺ) said: Do not wish to meet the enemy, but when you meet face) the enemy, be patient.

D'après Abu Hurayra (), le Prophète () dit: «Ne souhaitez pas la rencontre de l'ennemi! Mais soyez patients une fois que vous le rencontrez.»

":"ابوعامر نے کہا ‘ ہم سے مغیرہ بن عبدالرحمٰن نے بیان کیا ‘ ان سے ابوالزناد نے ‘ ان سے اعرج نے اور ان سے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا دشمن سے لڑنے بھڑنے کی تمنا نہ کرو ‘ ہاں ! اگر جنگ شروع ہو جائے تو پھر صبر سے کام لو ۔

D'après Abu Hurayra (), le Prophète () dit: «Ne souhaitez pas la rencontre de l'ennemi! Mais soyez patients une fois que vous le rencontrez.»

شرح الحديث من

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    [3026] .

     قَوْلُهُ  وقَال أَبُو عَامِرٍ هُوَ الْعَقَدِيُّ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ لَعَلَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادِ الْأَشْعَرِيُّ كَذَا قَالَ وَلم يصب فَإِنَّهُ مَا لَا بن بَرَّادٍ رِوَايَةٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ وَقَدْ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ عَنْ مُغِيرَةَ بِهِ وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَالِاسْتِنْصَارِ وَوَصِيَّةُ الْمُقَاتِلِينَ بِمَا فِيهِ صَلَاحُ أَمْرِهِمْ وَتَعْلِيمِهِمْ بِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَسُؤَالُ اللَّهِ تَعَالَى بِصِفَاتِهِ الْحُسْنَى وَبِنِعَمِهِ السَّالِفَةِ وَمُرَاعَاةُ نَشَاطِ النُّفُوسِ لِفِعْلِ الطَّاعَةِ وَالْحَثُّ على سلوك الْأَدَب وَغير ذَلِك( قَوْله بَاب الْحَرْب خدعة) أوردهُ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مُخْتَصَرًا وَفِي أَوَّلِ الْمُطَوَّلِ ذِكْرُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَقَولُهُ خَدْعَةٌ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَبِضَمِّهَا مَعَ سُكُونِ الْمُهْمَلَةِ فِيهِمَا وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ قَالَ النَّوَوِيُّ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْأُولَى الْأَفْصَحُ حَتَّى قَالَ ثَعْلَبٌ بَلَغَنَا أَنَّهَا لُغَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ وَالْقَزَّازُ وَالثَّانِيَةُ ضُبِطَتْ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ طَلْحَةَ أَرَادَ ثَعْلَبٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَعْمِلُ هَذِهِ الْبِنْيَةَ كَثِيرًا لِوَجَازَةِ لَفْظِهَا وَلِكَوْنِهَا تُعْطِي مَعْنَى الْبِنْيَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ قَالَ وَيُعْطِي مَعْنَاهَا أَيْضًا الْأَمْرُ بِاسْتِعْمَالِ الْحِيلَةِ مَهْمَا أَمْكَنَ وَلَوْ مَرَّةً وَإِلَّا فَقَاتِلْ قَالَ فَكَانَتْ مَعَ اخْتِصَارِهَا كَثِيرَةَ الْمَعْنَى وَمَعْنَى خَدْعَةٍ بِالْإِسْكَانِ أَنَّهَا تَخْدَعُ أَهْلَهَا مِنْ وَصْفِ الْفَاعِلِ بِاسْمِ الْمَصْدَرِ أَوْ أَنَّهَا وَصْفُ الْمَفْعُولِ كَمَا يُقَالُ هَذَا الدِّرْهَمُ ضَرْبُ الْأَمِيرِ أَيْ مَضْرُوبُهُ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ أَيْ إِذَا خُدِعَ مَرَّةً وَاحِدَةً لَمْ تُقَلْ عَثْرَتُهُ وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي الْإِتْيَانِ بِالتَّاءِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْوَحْدَةِ فَإِنَّ الْخِدَاعَ إِنْ كَانَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَكَأَنَّهُ حَضَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ مِنَ الْكُفَّارِ فَكَأَنَّهُ حَذَّرَهُمْ مِنْ مَكْرِهِمْ وَلَوْ وَقَعَ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَا يَنْبَغِي التَّهَاوُنُ بِهِمْ لِمَا يَنْشَأُ عَنْهُمْ مِنَ الْمَفْسَدَةِ وَلَوْ قَلَّ وَفِي اللُّغَةِ الثَّالِثَةِ صِيغَةُ الْمُبَالَغَةِ كَهُمَزَةٍ وَلُمَزَةٍ وَحَكَى الْمُنْذِرِيُّ لُغَةً رَابِعَةً بِالْفَتْحِ فِيهِمَا قَالَ وَهُوَ جَمْعُ خَادِعٍ أَيْ أَنَّ أَهْلَهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَكَأَنَّهُ قَالَ أَهْلُ الْحَرْبِ خَدَعَةٌ.

قُلْتُ وَحَكَى مَكِّيٌّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ لُغَةً خَامِسَةً كَسْرَ أَوَّلِهِ مَعَ الْإِسْكَانِ قَرَأْتُ ذَلِكَ بِخَطِّ مُغْلَطَايْ وَأَصْلُ الْخَدْعِ إِظْهَارُ أَمْرٍ وَإِضْمَارُ خِلَافِهِ وَفِيهِ التَّحْرِيضُ عَلَى أَخْذِ الْحَذَرِ فِي الْحَرْبِ وَالنَّدْبُ إِلَى خِدَاعِ الْكُفَّارِ وَأنَّ مَنْ لَمْ يَتَيَقَّظْ لِذَلِكَ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَنْعَكِسَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ خِدَاعِ الْكُفَّارِ فِي الْحَرْبِ كَيْفَمَا أَمْكَنَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَقْضُ عَهْدٍ أَوْ أَمَانٍ فَلَا يجوز قَالَ بن الْعَرَبِيِّ الْخِدَاعُ فِي الْحَرْبِ يَقَعُ بِالتَّعْرِيضِ وَبِالْكَمِينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَفِي الْحَدِيثِ الْإِشَارَةُ إِلَى اسْتِعْمَالِ الرَّأْيِ فِي الْحَرْبِ بَلْ الِاحْتِيَاجُ إِلَيْهِ آكَدُ من الشجَاعَة وَلِهَذَا وَقَعَ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يُشِيرُ إِلَيْهِ بِهَذَا الحَدِيث وَهُوَ كَقَوْلِه الْحَج عَرَفَة قَالَ بن الْمُنِيرِ مَعْنَى الْحَرْبُ خَدْعَةٌ أَيِ الْحَرْبُ الْجَيِّدَةُ لِصَاحِبِهَا الْكَامِلَةُ فِي مَقْصُودِهَا إِنَّمَا هِيَ الْمُخَادَعَةُ لَا الْمُوَاجَهَةُ وَذَلِكَ لِخَطَرِ الْمُوَاجَهَةِ وَحُصُولِ الظَّفَرِ مَعَ الْمُخَادَعَةِ بِغَيْرِ خَطَرٍ تَكْمِيلٌ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ أَوَّلَ مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَرْبُ خَدْعَةٌ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ( قَولُهُ بَابُ الْكَذِبِ فِي الْحَرْبِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ قَتْلِ كَعْب بن الْأَشْرَفِ وَسَيَأْتِي مُطَوَّلًا مَعَ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي قَالَ بن الْمُنِيرِ التَّرْجَمَةُ غَيْرُ مُطَابِقَةٍ لِأَنَّ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُمْ فِي قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَعْرِيضًا لِأَنَّ قَوْلَهُمْ عَنَّانَا أَيْ كَلَّفَنَا بِالْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي وَقَولُهُمْ سَأَلَنَا الصَّدَقَةَ أَيْ طَلَبَهَا مِنَّا لِيَضَعَهَا مَوَاضِعَهَا وَقَولُهُمْ فَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ إِلَخْ مَعْنَاهُ نَكْرَهُ فِرَاقَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ كَانُوا يُحِبُّونَ الْكَوْنَ مَعَهُ أَبَدًا انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ فِيمَا قَالُوهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْكَذِبِ أَصْلًا وَجَمِيعُ مَا صَدَرَ مِنْهُمْ تَلْوِيحٌ كَمَا سَبَقَ لَكِنْ تَرْجَمَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا ائْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ قَالَ قُلْ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِذْنُ فِي الْكَذِبِ تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ فِي سِيَاقِ حَدِيثِ الْبَابِ فَهِيَ ثَابِتَةٌ فِيهِ كَمَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ لَمَا كَانَتِ التَّرْجَمَةُ مُنَافِرَةً لِلْحَدِيثِ لِأَنَّ مَعْنَاهَا حِينَئِذٍ بَابُ الْكَذِبِ فِي الْحَرْبِ هَلْ يَسُوغُ مُطْلَقًا أَوْ يَجُوزُ مِنْهُ الْإِيمَاءُ دُونَ التَّصْرِيحِ وَقَدْ جَاءَ مِنْ ذَلِكَ صَرِيحًا مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ مَرْفُوعًا لَا يحل الْكَذِب الا فِي ثَلَاث تحدث الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ وَفِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مَا فِي حَدِيثِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ لِهَذَا الْمَعْنَى مِنْ ذَلِكَ وَنَقَلَ الْخِلَافَ فِي جَوَازِ الْكَذِبِ مُطْلَقًا أَوْ تَقْيِيدِهِ بِالتَّلْوِيحِ قَالَ النَّوَوِيُّ الظَّاهِرُ إِبَاحَةُ حَقِيقَةِ الْكَذِبِ فِي الْأُمُور الثَّلَاثَة لَكِن التَّعْرِيض أولى.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ الْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ مِنَ الْمُسْتَثْنَى الْجَائِزِ بِالنَّصِّ رِفْقًا بِالْمُسْلِمِينَ لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْعَقْلِ فِيهِ مَجَالٌ وَلَوْ كَانَ تَحْرِيمُ الْكَذِبِ بِالْعَقْلِ مَا انْقَلَبَ حَلَالًا انْتَهَى وَيُقَوِّيهِ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمد وبن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ فِي اسْتِئْذَانِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ عَنْهُ مَا شَاءَ لِمَصْلَحَتِهِ فِي اسْتِخْلَاصِ مَالِهِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِخْبَارُهُ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ أَهْلَ خَيْبَرَ هَزَمُوا الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَشْهُورٌ فِيهِ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ وَقَوْلُ الْأَنْصَارِيِّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَفَّ عَنْ بَيْعَتِهِ هَلَّا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ قَالَ مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ لِأَنَّ طَرِيقَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ بِالْخِدَاعِ وَالْكَذِبِ فِي الْحَرْبِ حَالَةَ الْحَرْبِ خَاصَّةً.
وَأَمَّا حَالُ الْمُبَايَعَةِ فَلَيْسَتْ بِحَالِ حَرْبٍ كَذَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قِصَّةَ الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطٍ أَيْضًا لَمْ تَكُنْ فِي حَالِ حَرْبٍ وَالْجَوَابُ الْمُسْتَقِيمُ أَنْ تَقُولَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَتَعَاطَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لِغَيْرِهِ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا فَإِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ أَمْرًا فَلَا يُظْهِرُهُ كَأَن يُرِيد أَن يَغْزُو وجهة الشَّرْقِ فَيَسْأَلُ عَنْ أَمْرٍ فِي جِهَةِ الْغَرْبِ وَيَتَجَهَّزُ لِلسَّفَرِ فَيَظُنُّ مَنْ يَرَاهُ وَيَسْمَعُهُ أَنَّهُ يُرِيدُ جِهَةَ الْغَرْبِ.
وَأَمَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِإِرَادَتِهِ الْغَرْبَ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ الشَّرْقُ فَلَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ سَأَلْتُ بَعْضَ شُيُوخِي عَنْ مَعْنَى هَذَا الحَدِيث فَقَالَ( قَوْله بَاب الْحَرْب خدعة) أوردهُ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مُخْتَصَرًا وَفِي أَوَّلِ الْمُطَوَّلِ ذِكْرُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَقَولُهُ خَدْعَةٌ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَبِضَمِّهَا مَعَ سُكُونِ الْمُهْمَلَةِ فِيهِمَا وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ قَالَ النَّوَوِيُّ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْأُولَى الْأَفْصَحُ حَتَّى قَالَ ثَعْلَبٌ بَلَغَنَا أَنَّهَا لُغَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ وَالْقَزَّازُ وَالثَّانِيَةُ ضُبِطَتْ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ طَلْحَةَ أَرَادَ ثَعْلَبٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَعْمِلُ هَذِهِ الْبِنْيَةَ كَثِيرًا لِوَجَازَةِ لَفْظِهَا وَلِكَوْنِهَا تُعْطِي مَعْنَى الْبِنْيَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ قَالَ وَيُعْطِي مَعْنَاهَا أَيْضًا الْأَمْرُ بِاسْتِعْمَالِ الْحِيلَةِ مَهْمَا أَمْكَنَ وَلَوْ مَرَّةً وَإِلَّا فَقَاتِلْ قَالَ فَكَانَتْ مَعَ اخْتِصَارِهَا كَثِيرَةَ الْمَعْنَى وَمَعْنَى خَدْعَةٍ بِالْإِسْكَانِ أَنَّهَا تَخْدَعُ أَهْلَهَا مِنْ وَصْفِ الْفَاعِلِ بِاسْمِ الْمَصْدَرِ أَوْ أَنَّهَا وَصْفُ الْمَفْعُولِ كَمَا يُقَالُ هَذَا الدِّرْهَمُ ضَرْبُ الْأَمِيرِ أَيْ مَضْرُوبُهُ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ أَيْ إِذَا خُدِعَ مَرَّةً وَاحِدَةً لَمْ تُقَلْ عَثْرَتُهُ وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي الْإِتْيَانِ بِالتَّاءِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْوَحْدَةِ فَإِنَّ الْخِدَاعَ إِنْ كَانَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَكَأَنَّهُ حَضَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ مِنَ الْكُفَّارِ فَكَأَنَّهُ حَذَّرَهُمْ مِنْ مَكْرِهِمْ وَلَوْ وَقَعَ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَا يَنْبَغِي التَّهَاوُنُ بِهِمْ لِمَا يَنْشَأُ عَنْهُمْ مِنَ الْمَفْسَدَةِ وَلَوْ قَلَّ وَفِي اللُّغَةِ الثَّالِثَةِ صِيغَةُ الْمُبَالَغَةِ كَهُمَزَةٍ وَلُمَزَةٍ وَحَكَى الْمُنْذِرِيُّ لُغَةً رَابِعَةً بِالْفَتْحِ فِيهِمَا قَالَ وَهُوَ جَمْعُ خَادِعٍ أَيْ أَنَّ أَهْلَهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَكَأَنَّهُ قَالَ أَهْلُ الْحَرْبِ خَدَعَةٌ.

قُلْتُ وَحَكَى مَكِّيٌّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ لُغَةً خَامِسَةً كَسْرَ أَوَّلِهِ مَعَ الْإِسْكَانِ قَرَأْتُ ذَلِكَ بِخَطِّ مُغْلَطَايْ وَأَصْلُ الْخَدْعِ إِظْهَارُ أَمْرٍ وَإِضْمَارُ خِلَافِهِ وَفِيهِ التَّحْرِيضُ عَلَى أَخْذِ الْحَذَرِ فِي الْحَرْبِ وَالنَّدْبُ إِلَى خِدَاعِ الْكُفَّارِ وَأنَّ مَنْ لَمْ يَتَيَقَّظْ لِذَلِكَ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَنْعَكِسَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ خِدَاعِ الْكُفَّارِ فِي الْحَرْبِ كَيْفَمَا أَمْكَنَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَقْضُ عَهْدٍ أَوْ أَمَانٍ فَلَا يجوز قَالَ بن الْعَرَبِيِّ الْخِدَاعُ فِي الْحَرْبِ يَقَعُ بِالتَّعْرِيضِ وَبِالْكَمِينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَفِي الْحَدِيثِ الْإِشَارَةُ إِلَى اسْتِعْمَالِ الرَّأْيِ فِي الْحَرْبِ بَلْ الِاحْتِيَاجُ إِلَيْهِ آكَدُ من الشجَاعَة وَلِهَذَا وَقَعَ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يُشِيرُ إِلَيْهِ بِهَذَا الحَدِيث وَهُوَ كَقَوْلِه الْحَج عَرَفَة قَالَ بن الْمُنِيرِ مَعْنَى الْحَرْبُ خَدْعَةٌ أَيِ الْحَرْبُ الْجَيِّدَةُ لِصَاحِبِهَا الْكَامِلَةُ فِي مَقْصُودِهَا إِنَّمَا هِيَ الْمُخَادَعَةُ لَا الْمُوَاجَهَةُ وَذَلِكَ لِخَطَرِ الْمُوَاجَهَةِ وَحُصُولِ الظَّفَرِ مَعَ الْمُخَادَعَةِ بِغَيْرِ خَطَرٍ تَكْمِيلٌ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ أَوَّلَ مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَرْبُ خَدْعَةٌ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ( قَولُهُ بَابُ الْكَذِبِ فِي الْحَرْبِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ قَتْلِ كَعْب بن الْأَشْرَفِ وَسَيَأْتِي مُطَوَّلًا مَعَ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي قَالَ بن الْمُنِيرِ التَّرْجَمَةُ غَيْرُ مُطَابِقَةٍ لِأَنَّ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُمْ فِي قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَعْرِيضًا لِأَنَّ قَوْلَهُمْ عَنَّانَا أَيْ كَلَّفَنَا بِالْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي وَقَولُهُمْ سَأَلَنَا الصَّدَقَةَ أَيْ طَلَبَهَا مِنَّا لِيَضَعَهَا مَوَاضِعَهَا وَقَولُهُمْ فَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ إِلَخْ مَعْنَاهُ نَكْرَهُ فِرَاقَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ كَانُوا يُحِبُّونَ الْكَوْنَ مَعَهُ أَبَدًا انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ فِيمَا قَالُوهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْكَذِبِ أَصْلًا وَجَمِيعُ مَا صَدَرَ مِنْهُمْ تَلْوِيحٌ كَمَا سَبَقَ لَكِنْ تَرْجَمَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا ائْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ قَالَ قُلْ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِذْنُ فِي الْكَذِبِ تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ فِي سِيَاقِ حَدِيثِ الْبَابِ فَهِيَ ثَابِتَةٌ فِيهِ كَمَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ لَمَا كَانَتِ التَّرْجَمَةُ مُنَافِرَةً لِلْحَدِيثِ لِأَنَّ مَعْنَاهَا حِينَئِذٍ بَابُ الْكَذِبِ فِي الْحَرْبِ هَلْ يَسُوغُ مُطْلَقًا أَوْ يَجُوزُ مِنْهُ الْإِيمَاءُ دُونَ التَّصْرِيحِ وَقَدْ جَاءَ مِنْ ذَلِكَ صَرِيحًا مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ مَرْفُوعًا لَا يحل الْكَذِب الا فِي ثَلَاث تحدث الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ وَفِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مَا فِي حَدِيثِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ لِهَذَا الْمَعْنَى مِنْ ذَلِكَ وَنَقَلَ الْخِلَافَ فِي جَوَازِ الْكَذِبِ مُطْلَقًا أَوْ تَقْيِيدِهِ بِالتَّلْوِيحِ قَالَ النَّوَوِيُّ الظَّاهِرُ إِبَاحَةُ حَقِيقَةِ الْكَذِبِ فِي الْأُمُور الثَّلَاثَة لَكِن التَّعْرِيض أولى.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ الْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ مِنَ الْمُسْتَثْنَى الْجَائِزِ بِالنَّصِّ رِفْقًا بِالْمُسْلِمِينَ لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْعَقْلِ فِيهِ مَجَالٌ وَلَوْ كَانَ تَحْرِيمُ الْكَذِبِ بِالْعَقْلِ مَا انْقَلَبَ حَلَالًا انْتَهَى وَيُقَوِّيهِ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمد وبن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ فِي اسْتِئْذَانِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ عَنْهُ مَا شَاءَ لِمَصْلَحَتِهِ فِي اسْتِخْلَاصِ مَالِهِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِخْبَارُهُ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ أَهْلَ خَيْبَرَ هَزَمُوا الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَشْهُورٌ فِيهِ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ وَقَوْلُ الْأَنْصَارِيِّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَفَّ عَنْ بَيْعَتِهِ هَلَّا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ قَالَ مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ لِأَنَّ طَرِيقَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ بِالْخِدَاعِ وَالْكَذِبِ فِي الْحَرْبِ حَالَةَ الْحَرْبِ خَاصَّةً.
وَأَمَّا حَالُ الْمُبَايَعَةِ فَلَيْسَتْ بِحَالِ حَرْبٍ كَذَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قِصَّةَ الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطٍ أَيْضًا لَمْ تَكُنْ فِي حَالِ حَرْبٍ وَالْجَوَابُ الْمُسْتَقِيمُ أَنْ تَقُولَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَتَعَاطَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لِغَيْرِهِ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا فَإِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ أَمْرًا فَلَا يُظْهِرُهُ كَأَن يُرِيد أَن يَغْزُو وجهة الشَّرْقِ فَيَسْأَلُ عَنْ أَمْرٍ فِي جِهَةِ الْغَرْبِ وَيَتَجَهَّزُ لِلسَّفَرِ فَيَظُنُّ مَنْ يَرَاهُ وَيَسْمَعُهُ أَنَّهُ يُرِيدُ جِهَةَ الْغَرْبِ.
وَأَمَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِإِرَادَتِهِ الْغَرْبَ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ الشَّرْقُ فَلَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ سَأَلْتُ بَعْضَ شُيُوخِي عَنْ مَعْنَى هَذَا الحَدِيث فَقَالَلِقَاءَ الْعَدُوِّ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ عَسَى أَنْ تبتلوا بهم.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ لَمَّا كَانَ لِقَاءُ الْمَوْتِ مِنْ أَشَقِّ الْأَشْيَاءِ عَلَى النَّفْسِ وَكَانَتِ الْأُمُورُ الْغَائِبَةُ لَيْسَتْ كَالْأُمُورِ الْمُحَقَّقَةِ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْوُقُوعِ كَمَا يَنْبَغِي فَيُكْرَهُ التَّمَنِّي لِذَلِكَ وَلِمَا فِيهِ لَوْ وَقَعَ مِنَ احْتِمَالِ أَنْ يُخَالِفَ الْإِنْسَانُ مَا وَعَدَ مِنْ نَفْسِهِ ثُمَّ أُمِرَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ وُقُوعِ الْحَقِيقَةِ انْتَهَى وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَنْعِ طَلَبِ الْمُبَارَزَةِ وَهُوَ رَأْيُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ لَا تَدْعُ إِلَى الْمُبَارَزَةِ فَإِذَا دُعِيتَ فَأَجِبْ تُنْصَرْ لِأَنَّ الدَّاعِيَ بَاغٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ عَلِيٍّ فِي ذَلِك .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ إِلَخْ أَشَارَ بِهَذَا الدُّعَاءِ إِلَى وُجُوهِ النَّصْرِ عَلَيْهِمْ فَبِالْكِتَابِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَبِمُجْرِي السَّحَابِ إِلَى الْقُدْرَةِ الظَّاهِرَةِ فِي تَسْخِيرِ السَّحَابِ حَيْثُ يُحَرَّكُ الرِّيحُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحَيْثُ يَسْتَمِرُّ فِي مَكَانِهِ مَعَ هُبُوبِ الرِّيحِ وَحَيْثُ تُمْطِرُ تَارَةً وَأُخْرَى لَا تُمْطِرُ فَأَشَارَ بِحَرَكَتِهِ إِلَى إِعَانَةِ الْمُجَاهِدِينَ فِي حَرَكَتِهِمْ فِي الْقِتَالِ وَبِوُقُوفِهِ إِلَى إِمْسَاكِ أَيْدِي الْكُفَّارِ عَنْهُمْ وَبِإِنْزَالِ الْمَطَرِ إِلَى غَنِيمَةِ مَا مَعَهُمْ حَيْثُ يَتَّفِقُ قَتْلُهُمْ وَبِعَدَمِهِ إِلَى هَزِيمَتِهِمْ حَيْثُ لَا يَحْصُلُ الظَّفَرُ بِشَيءٍ مِنْهُمْ وَكُلُّهَا أَحْوَالٌ صَالِحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَشَارَ بِهَازِمِ الْأَحْزَابِ إِلَى التَّوَسُّلِ بِالنِّعْمَةِ السَّابِقَةِ وَإِلَى تَجْرِيدِ التَّوَكُّلِ وَاعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالْفِعْلِ وَفِيهِ التَّنْبِيهُ عَلَى عِظَمِ هَذِهِ النِّعَمِ الثَّلَاثِ فَإِنَّ بِإِنْزَالِ الْكِتَابِ حَصَلَتِ النِّعْمَةُ الْأُخْرَوِيَّةُ وَهِيَ الْإِسْلَامُ وَبِإِجْرَاءِ السَّحَابِ حَصَلَتِ النِّعْمَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ وَهِيَ الرِّزْقُ وَبِهَزِيمَةِ الْأَحْزَابِ حَصَلَ حِفْظُ النِّعْمَتَيْنِ وَكَأَنَّهُ قَالَ اللَّهُمَّ كَمَا أَنْعَمْتَ بِعَظِيمِ النِّعْمَتَيْنِ الْأُخْرَوِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ وَحَفِظْتَهُمَا فَأَبْقِهِمَا وَرَوَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا أَيْضًا فَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبُّنَا وَرَبُّهُمْ وَنَحْنُ عَبِيدُكَ وَهُمْ عَبِيدُكَ نَوَاصِينَا وَنَوَاصِيهِمْ بِيَدِكَ فَاهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ وَلِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا نَحْوَهُ لَكِنْ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَإِنْ بُلِيتُمْ بِهِمْ فَقُولُوا اللَّهُمَّ فَذَكَرَهُ وَزَادَ وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَاحْمِلُوا عَلَيْهِمْ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ