هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
323 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ ، سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ ، فَقَالَ : لاَ إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
323 حدثنا أحمد ابن أبي رجاء ، قال : حدثنا أبو أسامة ، قال : سمعت هشام بن عروة ، قال : أخبرني أبي ، عن عائشة ، أن فاطمة بنت أبي حبيش ، سألت النبي صلى الله عليه وسلم قالت : إني أستحاض فلا أطهر ، أفأدع الصلاة ، فقال : لا إن ذلك عرق ، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ، ثم اغتسلي وصلي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَائِشَةَ ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ ، سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ ، فَقَالَ : لاَ إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي .

Narrated `Aisha:

Fatima bint Abi Hubaish asked the Prophet, I got persistent bleeding (in between the periods) and do not become clean. Shall I give up prayers? He replied, No, this is from a blood vessel. Give up the prayers only for the days on which you usually get the menses and then take a bath and offer your prayers.

0325 Aicha : Fatima bent Abu Hubaych interrogea le Prophète en disant : « Il m’arrive d’avoir des écoulements de sang qui ne cessent pas. Dois-je dans ce cas arrêter la prière ? » « Non, cela provient d’une veine. Tu dois arrêter la prière durant les jours habituels de tes menstrues; après cela, fais des ablutions majeures et prie !« , répondis le Prophète  

":"ہم سے احمد بن ابی رجاء نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہمیں ابواسامہ نے خبر دی ، انھوں نے کہا میں نے ہشام بن عروہ سے سنا ، کہا مجھے میرے والد نے حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا کے واسطہ سے خبر دی کہفاطمہ بنت ابی حبیش رضی اللہ عنہا نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے پوچھا کہ مجھے استحاضہ کا خون آتا ہے اور میں پاک نہیں ہو پاتی ، تو کیا میں نماز چھوڑ دیا کروں ؟ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا نہیں ۔ یہ تو ایک رگ کا خون ہے ، ہاں اتنے دنوں میں نماز ضرور چھوڑ دیا کر جن میں اس بیماری سے پہلے تمہیں حیض آیا کرتا تھا ۔ پھر غسل کر کے نماز پڑھا کرو ۔

0325 Aicha : Fatima bent Abu Hubaych interrogea le Prophète en disant : « Il m’arrive d’avoir des écoulements de sang qui ne cessent pas. Dois-je dans ce cas arrêter la prière ? » « Non, cela provient d’une veine. Tu dois arrêter la prière durant les jours habituels de tes menstrues; après cela, fais des ablutions majeures et prie !« , répondis le Prophète  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [325] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ هُوَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَيُّوبَ الْهَرَوِيُّ يُكَنَّى أَبَا الْوَلِيدِ وَهُوَ حَنَفِيُّ النَّسَبِ لَا الْمَذْهَبِ وَقِصَّةُ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ الِاسْتِحَاضَةِ وَمُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ قَوْلِهِ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا فَوَكَّلَ ذَلِكَ إِلَى أَمَانَتِهَا وَرَدَّهُ إِلَى عَادَتِهَا وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَقَلِّ الطُّهْرِ وَنَقَلَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَكْثَرَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجْتَمِعُ أَقَلُّ الطُّهْرِ وَأَقَلُّ الْحَيْضِ مَعًا فَأَقَلُّ مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ عِنْدَهُ سِتُّونَ يَوْمًا.

     وَقَالَ  صَاحِبَاهُ تَنْقَضِي فِي تِسْعَةوَثَلَاثِينَ يَوْمًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرْءِ الْحَيْضُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ الْقُرْءُ الطُّهْرُ وَأَقَلُّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَتَنْقَضِي عِنْدَهُ فِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقِصَّةِ عَلِيٍّ وَشُرَيْحٍ الْمُتَقَدِّمَةِ إِذَا حَمَلَ ذِكْرَ الشَّهْرِ فِيهَا عَلَى إِلْغَاءِ الْكَسْرِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ هُشَيْمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ فِيهَا بِلَفْظِ حَاضَتْ فِي شَهْرِ أَوْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا ( قَولُهُ بَابُ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ) يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهَا حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءِ وَبَيْنَ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ بِأَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا رَأَتِ الصُّفْرَةَ أَوِ الْكُدْرَةَ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ.

.
وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَعَلَى مَا قَالَتْهُ أُمُّ عَطِيَّةَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [325] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ.
أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ سَأَلَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ فَقَالَ «لاَ، إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي».
وبالسند قال: ( حدّثنا أحمد بن أبي رجاء) بفتح الراء وتخفيف الجميم مع المد عبد الله بن أيوب الهرويّ حنفي النسب، المتوفى سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ( قال: حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الكوفي ( قال: سمعت هشام بن عروة، قال: أخبرني) بالإفراد ( أبي) عروة بن الزبير بن العوّام ( عن عائشة) رضي الله عنها.
( أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت) وفي بعض الأصول فقالت بالفاء التفسيرية: ( إني أستحاض) بضم الهمزة ( فلا أطهر أفأدع) أي أترك ( الصلاة: فقال) عليه الصلاة والسلام: ( لا) تدعيها ( إن ذلك) بكسر الكاف ( عرق) أي دم عرق وهو يسمى العاذل بالذال المعجمة، ( ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي) .
ومعنى الاستدراك لا تتركي الصلاة كل الأوقات، لكن اتركيها في مقدار العادة.
ومناسبة الحديث للترجمة في قوله: قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها فيوكل ذلك إلى أمانتها وردّها إلى عادتها، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص، وفيه دلالة على أن فاطمة كانت معتادة، واختلف في أقل الحيض وأقل الطهر فقال الشافعي: القرء الطهر وأقله خمسة عشر يومًا وأقل الحيض يوم وليلة، فلا تنقضي عدّتها في أقل من اثنين وثلاثين يومًا ولحظتين بأن تطلق وبقي من الطهر لحظة وتحيض يومًا وليلة، وتطهر خمسة عشرة يومًا ثم ستة عشر كذلك، ولا بدّ من الطعن في الحيضة الثالثة للتحقق، وقال أبو حنيفة: لا يجتمع أقل الطهر وأقل الحيض معًا، فأقل ما تنقضي به العدة عنده ستون يومًا، وعند مالك: لا حدّ لأقل الحيض ولا لأقل الطهر إلا بما بيّنته النساء.
ورواة هذا الحديث ما بين هرويّ وكوفي ومدني، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والسماع.
25 - باب الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ ( باب الصفرة والكدرة) تراهما المرأة ( في غير أيام الحيض) .
326 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ كُنَّا لاَ نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا.
وبالسند قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد قال: حدّثنا إسماعيل) بن علية ( عن أيوب) السختياني ( عن محمد) هو ابن سيرين ( عن أم عطية قالت) : ( كنا) أي في زمن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع علمه وتقريره، ولأبي ذر عن أم عطية كنا ( لا نعد الكدرة والصفرة شيئًا) أي من الحيض إذا كان في غير زمن الحيض أما فيه فهو مر الحيض تبعًا، وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء والليث وأبو حنيفة ومحمد والشافعي وأحمد، وأما الإمام مالك فيرى أنها حيض مطلقًا، وأورد عليه حديث أم عطية هذا.
ورواة هذا الحديث خمسة، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة.
26 - باب عِرْقِ الاِسْتِحَاضَةِ ( باب عرق الاستحاضة) بكسر العين وسكون الراء المسمى بالعاذل.
327 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ فَقَالَ «هَذَا عِرْقٌ».
فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاَةٍ.
وبالسند قال: ( حدّثنا إبراهيم بن المنذر) الحزامي بالحاء المهملة المكسورة والزاي المخففة ( قال: حدّثنا معن) هو ابن عيسى القزاز ( قال: حدّثني) بالإفراد وللأصيلي حدّثنا ( ابن أبي ذئب) بكسر الذال المعجمة محمد بن عبد الرحمن ( عن ابن شهاب) الزهريّ ( عن عروة) بن الزبير ( وعن عمرة) عطف على عروة أي ابن شهاب يرويه عنها أيضًا وهي عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد الأنصاري، المتوفاة سنة ثمان وتسعين، ولأبي الوقت وابنعساكر عن عروة عن عمرة بحذف الواو فيكون من رواية عروة عن عمرة والمحفوظ إثبات الواو ( عن عائشة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
( أن أُم حبيبة) بنت جحش زوج عبد الرحمن بن عوف أُخت زينب أُم المؤمنين ( استحيضت سبع سنين) جمع سنة شذوذًا لأن شرط جمع السلامة أن يكون مفرده مذكرًا عاقلاً ويكون مفتوح الأوّل وهذا ليس كذلك، ( فسألت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن ذلك فأمرها أن) أي بأن ( تغتسل) أي بالاغتسال ( فقال: هذا عرق فكانت تغتسل لكل صلاة) وأمرها بالاغتسال مطلق فلا يدل على التكرار، وإنما كانت تغتسل لكل صلاة تطوّعًا كما نص عليه الشافعي، واليه ذهب الجمهور قالوا: لا يجب على المستحاضة الغسل كل صلاة إلا المتحيرة، لكن يجب عليها الوضوء، وما في مسلم من قوله: فأمرها بالغسل لكل صلاة طعن في النقاد لأن الإثبات من أصحاب الزهري لم يذكروها.
نعم ثبتت في سنن أبي داود فيحمل على الندب جمعًا بين الروايتين، وقد عدّ المنذري المستحاضات في عهده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خمسًا: حمنة بنت جحش، وأم حبيبة بنت جحش، وفاطمة بنت أبي حبيش، وسهلة بنت سهيل القرشية العامرية، وسودة بنت زمعة.
ورواة هذا الحديث السبعة مدنيون، وفيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة، وأخرجه مسلم والترمذيْ والنسائي وأبو داود في الطهارة.
27 - باب الْمَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَ الإِفَاضَةِ ( باب) حكم ( المرأة) التي ( تحيض بعد) طواف ( الإفاضة) أي هل تمنع من طواف الوداع أم لا.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [325] ح دّثنا أحْمَدُ بنُ أبِي رَجاءٍ قالَ حَدثنَا أبُو أسَامَةَ قالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ قالَ أَخْبرنِي أبي عنْ عائِشَةَ أنَّ فاطِمَةَ بِنْتَ أبِي حُبَيْشٍ سألَتِ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالتْ انِّي أُسْتَحَاضُ فَلاَ أطْهُرُ أفأدَعِ الصَّلاةَ فَقَالَ لاَ إنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ ولَكِنْ دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأيَّامِ التِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي.
.
وَجه مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكل ذَلِك إِلَى أمانتها وعادتها، فقد يقل ذَلِك وَيكثر على قدر أَحْوَال النِّسَاء فِي أسنانهن وبلدانهن.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: أَحْمد بن أبي رَجَاء، بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الْجِيم وبالمد، واسْمه عبد الله بن أَيُّوب الْهَرَوِيّ، ويكنى أَحْمد بِأبي الْوَلِيد، وَهُوَ حَنَفِيّ النّسَب لَا الْمَذْهَب، مَاتَ بهراة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة الْكُوفِي.
الثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة.
الرَّابِع: أَبُو عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام.
الْخَامِس: عَائِشَة الصديقة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، والإخبار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: السماع.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين هروي وكوفي ومدني.
وَقد ذكرنَا أَكثر بَقِيَّة الْأَشْيَاء فِي بَاب الِاسْتِحَاضَة وَفِي بَاب غسل الدَّم مستقصىً.
قَوْله: (قَالَت: بَيَان لقولها: (سَأَلت) ، ويروى: (فَقَالَت) ، بِالْفَاءِ التفسيرية.
قَوْله: (استحاض) بِضَم الْهمزَة على بِنَاء الْمَجْهُول، كَمَا يُقَال: استحيضت.
وَلم يبن هَذَا الْفِعْل للْفَاعِل، وأصل الْكَلِمَة من الْحيض، والزوائد للْمُبَالَغَة.
قَوْله: (أفأدع؟) سُؤال عَن اسْتِمْرَار حكم الْحَائِض فِي حَالَة دوَام الدَّم وإزالته، وَهُوَ كَلَام من تقرر عِنْده أَن الْحَائِض مَمْنُوعَة من الصَّلَاة.
قَوْله: (إِن ذَلِك عرق) ، أَي: دم عرق، وَهُوَ يُسمى بالعاذل.
قَوْله: (وَلَكِن) للاستدراك.
فَإِن قيل: لَا بُد أَن يكون بَين كلامين متغايرين.
أُجِيب: بِأَن مَعْنَاهُ: لَا تتركي الصَّلَاة فِي كل الْأَوْقَات، لَكِن اتركيها فِي مِقْدَار الْعَادة.
وَلَفظ: قدر الْأَيَّام، مشْعر بِأَنَّهَا كَانَت مُعْتَادَة.
قَوْله: (دعِي الصَّلَاة) أَي: اتركي الصَّلَاة قدر الْأَيَّام الَّتِي كنت تحيضين فِيهَا، مثلا إِن كَانَت عَادَتهَا من كل شهر عشرَة أَيَّام من أَولهَا، أَو من وَسطهَا، أَو من آخرهَا تتْرك الصَّلَاة عشرَة أَيَّام من هَذَا الشَّهْر، نَظِير ذَلِك فَإِن قلت من أَيْن كَانَت تحفظ فَاطِمَة عدد أَيَّامهَا الَّتِي كَانَت تحيضها أَيَّام الصِّحَّة؟ قلت: لَو لم تكن تحفظ ذَلِك لم يكن لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (دعِي الصَّلَاة قدر الْأَيَّام الَّتِي كنت تحيضين فِيهَا) من الشَّهْر، فَائِدَة.
وَقد جَاءَ فِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَغَيره، فِي حَدِيث أم سلمةٍ (لتنظر عدَّة اللَّيَالِي وَالْأَيَّامالَّتِي كَانَت تحيض من الشَّهْر قبل أَن يُصِيبهَا الَّذِي أَصَابَهَا، فلتترك الصَّلَاة قدر ذَلِك من الشَّهْر، فَإِذا خلفت ذَلِك فلتغتسل ثمَّ لتستثفر بِثَوْب ثمَّ لتصلي) .
وَجَاء أَيْضا فِي حَدِيث فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ، فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِذا كَانَ دم الْحَيْضَة فَإِنَّهُ دم أسود يعرف، فَإِذا كَانَ ذَلِك فأمسكي عَن الصَّلَاة، وَإِذا كَانَ الآخر فتوضئي، وَصلي، فَإِنَّمَا ذَلِك عرق) .
فَإِن قلت: كَيفَ كَانَ الْأَمر فِيمَن لم تحفظ عدد أَيَّامهَا؟ قلت: هَذِه مَسْأَلَة مَشْهُورَة فِي الْفُرُوع، وَهِي أَنَّهَا تحسب من كل شهر عشرَة حَيْضهَا وَيكون الْبَاقِي اسْتِحَاضَة، وَاحْتج الرَّازِيّ لِأَصْحَابِنَا فِي (شرح مُخْتَصر الطَّحَاوِيّ) بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قدر الْأَيَّام الَّتِي تحيضين فِيهَا على تَقْدِير أقل الْحيض وَأَكْثَره، لِأَن أقل مَا يتَنَاوَلهُ اسْم الْأَيَّام ثَلَاثَة، وَأَكْثَره عشرَة أَيَّام، لِأَن مَا دون الثَّلَاثَة لَا تسمى أَيَّامًا، ونقول ثَلَاثَة أَيَّام إِلَى عشرَة أَيَّام، ثمَّ نقُول: أحد عشر يَوْمًا.
25 - (بابُ الصُّفْرَةِ والْكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أيَّامِ الْحَيْضِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الصُّفْرَة والكدرة اللَّتَيْنِ تراهما الْمَرْأَة فِي غير أَيَّام حَيْضهَا، يَعْنِي: لَا يكون حيضا، وألوان الدَّم سِتَّة: السوَاد والحمرة والصفرة والكدرة والخضرة والتربية.
أما الْحمرَة فَهُوَ اللَّوْن الْأَصْلِيّ للدم إلاَّ عِنْد غَلَبَة السوَاد يضْرب إِلَى السوَاد، وَعند غَلَبَة الصَّفْرَاء يضْرب إِلَى الصُّفْرَة، ويتبين ذَلِك لمن اقتصده، وَأما الصُّفْرَة فَهِيَ من ألوان الدَّم إِذا راق، وَقيل: هِيَ كصفرة الْبيض أَو كصفرة القز.
وَفِي (فتاوي قاضيحان) : الصُّفْرَة تكون كلون القز أَو لون الْبُسْر أَو لون التِّبْن، فالسواد والحمرة والصفرة حيض، وَالْمَنْقُول عَن الشَّافِعِي فِي (مُخْتَصر الْمُزنِيّ) : أَن الصُّفْرَة والكدرة فِي أَيَّام الْحيض حيض.
وَاخْتلف أَصْحَابه فِي ذَلِك على وُجُوه مَذْكُورَة فِي كتبهمْ.
وَأما الكدرة فَهِيَ حيض عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد، سَوَاء رَأَتْ فِي أول أَيَّامهَا أَو فِي آخرهَا، وَهِي لون كلون الصديد يعلوه أصفرار.
وَأما الخضرة فقد اخْتلف مَشَايِخنَا فِيهَا، فَقَالَ الإِمَام أَبُو مَنْصُور: إِن رأتها فِي أول الْحيض يكون حيضا.
وَإِن رأتها فِي آخر الْحيض واتصل بهَا أَيَّام الْحيض لَا يكون حيضا، وَجُمْهُور الْأَصْحَاب على كَونهَا حيضا كَيفَ مَا كَانَ.
وَأما التربية فَهِيَ الَّتِي تكون على لون التُّرَاب، وَهُوَ نوع من الكدرة، فَحكمهَا حكم الكدرة، وَهِي بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الرَّاء وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَيُقَال: الترابية.
وَفِي (قاضيخان) : التربية على لون التربة.
وَقيل فِيهَا: تربية على وزن تفعلة، من الرؤبة، وَقيل تريبة على وزن فعيلة، وَقيل: تربية بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف بِغَيْر همزَة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [325] ثنا أحمد بنِ أبي رجاء: ثنا أبو أسامة، قالَ: سمعت هشام بنِ عروة، قالَ: أخبرني أبي، عَن عائشة، أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،فقالت: إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قالَ: ( ( لا، إن ذَلِكَ عرق، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثُمَّ اغتسلي وصلي) ) .
هَذا الحديث استدل بهِ مِن ذهب إلى أن أقل الحيض ثلاثة أيام؛ لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ردها إلى قدر الأيام التي كانت تحيضها، والأيام جمع، وأقل الجمع ثلاثة.
وأجاب مِن خالفهم عَنهُ بجوابين: أحدهما: أن المراد بالأيام: الأوقات، لأن اليوم قَد يعبر بهِ عَن الوقت قل أو كثر، كَما قالَ تعالى: { أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ} [هود: 8] ، والمراد: وقت مجيء العذاب، وقد يكون ليلاً ويكون نهاراً، وقد يستمر وقد لا يستمر، ويقال: يوم الجمل، ويوم صفين، وكل منهما كانَ عدة أيام.
والثاني: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رد امرأة واحدةً إلى عادتها، والظاهر: أن عادتها كانت أياماً متعددة في الشهر، إمَّا ستة أيام أو سبعة، فليس فيهِ دليل على أن كل حيض امرأة يكون كذلك.
واستدل الإمام أحمد بقولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها) ) على أن الحيض قَد يكون أكثر مِن عشرة أيام؛ لأنه لو كانَ الزائد على العشرة استحاضة لبين لها ذَلِكَ.
ولكن قَد يُقال: في الزيادة على الخمس عشرة كذلك - أيضاً.
والظاهر: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يعلم أن حيض هَذهِ المرأة أقل مِن ذَلِكَ، فلذلك ردها إلى أيامها.
25 - باب الصفرةِ والكدرةِ في غيرِ أيام الحيضِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ إِذَا حَاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ)
بِفَتْحِ الْيَاءِ جَمْعُ حَيْضَةٍ .

     قَوْلُهُ  وَمَا يُصَدَّقُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمَفْتُوحَةِ .

     قَوْلُهُ  فِيمَا يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ أَيْ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ لَمْ تُصَدَّقْ .

     قَوْلُهُ  لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى يُشِيرُ إِلَى تَفْسِيرِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ بَلَغَنَا أَن المُرَاد بِمَا خلق الله فِي أرحامهن الْحَمْلُ أَوِ الْحَيْضُ فَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ذَلِكَ لِتَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ وَلَا يَمْلِكَ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ إِذَا كَانَتْ لَهُ وَرَوَى أَيْضًا بِإِسْنَادٍ حسن عَن بن عُمَرَ قَالَ لَا يَحِلُّ لَهَا إِنْ كَانَتْ حَائِضًا أَنْ تَكْتُمَ حَيْضَهَا وَلَا إِنْ كَانَتْ حَامِلًا أَنْ تَكْتُمَ حَمْلَهَا وَعَنْ مُجَاهِدٍ لَا تَقُولُ إِنِّي حَائِضٌ وَلَيْسَتْ بِحَائِضٍ وَلَا لَسْتُ بِحَائِضٍ وَهِيَ حَائِضٌ وَكَذَا فِي الْحَبَلِ وَمُطَابَقَةُ التَّرْجَمَةِ لِلْآيَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِظْهَارُ فَلَوْ لَمْ تُصَدَّقْ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ .

     قَوْلُهُ  وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ وَصَلَهُ الدَّارِمِيُّ كَمَا سَيَأْتِي وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْزِمْ بِهِ لِلتَّرَدُّدِ فِي سَمَاعِ الشَّعْبِيِّ مِنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ شُرَيْحٍ فَيَكُونُ مَوْصُولًا .

     قَوْلُهُ  إِنْ جَاءَتْ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ إِنِ امْرَأَةٌ جَاءَتْ بِكَسْرِ النُّونِ .

     قَوْلُهُ  بِبَيِّنَةٍ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا أَيْ خَوَاصِّهَا قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي لَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَشْهَدَ النِّسَاءُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا نَرَى أَنْ يَشْهَدْنَ أَنَّ هَذَا يَكُونُ وَقَدْ كَانَ فِي نِسَائِهِنَّ.

.

قُلْتُ وَسِيَاقُ الْقِصَّةِ يَدْفَعُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَالَ الدَّارِمِيُّ أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ هُوَ الشَّعْبِيُّ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَلِيٍّ تُخَاصِمُ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا فَقَالَتْ حِضْتُ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَقَالَ عَلِيٌّ لِشُرَيْحٍ اقْضِ بَيْنَهُمَا قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤمنِينَ وَأَنت هَا هُنَا قَالَ اقْضِ بَيْنَهُمَا قَالَ إِنْ جَاءَتْ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا مِمَّنْ يُرْضَى دِينُهُ وَأَمَانَتُهُ تَزْعُمُ أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ تَطْهُرُ عِنْدَ كُلِّ قُرْءٍ وَتُصَلِّي جَازَ لَهَا وَإِلَّا فَلَا قَالَ عَلِيٌّ قَالُونُ قَالَ وَقَالُونُ بِلِسَانِ الرُّومِ أَحْسَنْتَ فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَشْهَدْنَ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ إِسْمَاعِيلُ رَدَّ هَذِهِ الْقِصَّةِ إِلَى مُوَافَقَةِ مَذْهَبِهِ وَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ إِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ عَادَتُهَا قبل الطَّلَاق واليه الْإِشَارَة ب قَوْله أَقْرَاؤُهَا وَهُوَ بِالْمَدِّ جَمْعُ قُرْءٍ أَيْ فِي زَمَانِ الْعِدَّةِ مَا كَانَتْ أَيْ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَلَوِ ادَّعَتْ فِي الْعِدَّةِ مَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهَا لَمْ يُقْبَلْ وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ .

     قَوْلُهُ  وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي النَّخَعِيَّ أَيْ قَالَ بِمَا قَالَ عَطَاءٌ وَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ نَحْوَهُ وَرَوَى الدَّارِمِيُّ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فِي شَهْرٍ أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثَلَاثَ حِيَضٍ فَذَكَرَ نَحْوَ أَثَرِ شُرَيْحٍ وَعَلَى هَذَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْبُخَارِيِّ وَبِهِ يَعُودُ عَلَى أَثَرِ شُرَيْحٍ أَوْ فِي النُّسْخَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ أَوْ لِإِبْرَاهِيمَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عَطَاءٌ إِلَخْ وَصَلَهُ الدَّارِمِيُّ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ أَقْصَى الْحَيْضِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَدْنَى الْحَيْضِ يَوْمٌ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ أَدْنَى وَقْتِ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَأَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَ عَشْرَةَ قَوْله.

     وَقَالَ  مُعْتَمر يَعْنِي بن سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ الدَّارِمِيُّ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُعْتَمِرٍ

[ قــ :323 ... غــ :325] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ هُوَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَيُّوبَ الْهَرَوِيُّ يُكَنَّى أَبَا الْوَلِيدِ وَهُوَ حَنَفِيُّ النَّسَبِ لَا الْمَذْهَبِ وَقِصَّةُ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ الِاسْتِحَاضَةِ وَمُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ قَوْلِهِ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا فَوَكَّلَ ذَلِكَ إِلَى أَمَانَتِهَا وَرَدَّهُ إِلَى عَادَتِهَا وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَقَلِّ الطُّهْرِ وَنَقَلَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَكْثَرَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجْتَمِعُ أَقَلُّ الطُّهْرِ وَأَقَلُّ الْحَيْضِ مَعًا فَأَقَلُّ مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ عِنْدَهُ سِتُّونَ يَوْمًا.

     وَقَالَ  صَاحِبَاهُ تَنْقَضِي فِي تِسْعَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرْءِ الْحَيْضُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ الْقُرْءُ الطُّهْرُ وَأَقَلُّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَتَنْقَضِي عِنْدَهُ فِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقِصَّةِ عَلِيٍّ وَشُرَيْحٍ الْمُتَقَدِّمَةِ إِذَا حَمَلَ ذِكْرَ الشَّهْرِ فِيهَا عَلَى إِلْغَاءِ الْكَسْرِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ هُشَيْمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ فِيهَا بِلَفْظِ حَاضَتْ فِي شَهْرِ أَوْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
إذا حاضتْ في شهرٍ ثلاثَ حيضٍ، وما يصدقُ النساءُ
في الحيضِ والحملِ فيها يمكنُ منَ الحيضِ
لقول الله تعالى: { وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنّ}
[البقرة: 228] .

ويذكر عَن علي وشريح: إن جاءت ببينة مِن بطانة أهلها - ممن يرضى دينه - أنها حاضت ثلاثاً في شهر؛ صدقت.

وقال عطاء: أقراؤها كانت.

وبه قالَ إبراهيم.

وقال عطاء: الحيض يوم إلى خمسة عشر.

وقال المعتمر، عَن أبيه: سألت ابن سيرين عَن المرأة ترى الدم بعد قرئها بخمسة أيام؟ قالَ: النساء أعلم بذلك.

أمَّا قول الله - عز وجل -: { وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنّ}
[البقرة: 228] ، فإنه يدل على أن المرأة مؤتمنة على الإخبار بما في رحمها، ومصدقة فيهِ إذا ادعت مِن ذَلِكَ ممكناً.

روى الأعمش، عَن مسلم، عَن مسروق، عَن أبي بنِ كعب، قالَ: إن مِن الأمانة أن ائتمنت المرأة على فرجها.
وقد اختلف المفسرون مِن السلف فَمِن بعدهم في المراد بقولِهِ تعالى: { مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنّ} ، ففسره قوم بالحمل، وفسره قوم بالحيض.

وقال آخرون: كل منهما مراد، واللفظ صالح لهما جميعاً.
وهذا هوَ المروي عَن أكثر السلف، مِنهُم: ابن عمر، وابن عباس، ومجاهد، والحسن، والضحاك.

وأما ما ذكره عَن علي وشريح:
فقالَ حرب الكرماني: ثنا إسحاق - هوَ: ابن راهويه -: ثنا عيسى بنِ يونس، عَن إسماعيل بنِ أبي خالد، عَن الشعبي، أن امرأة جاءت إلى علي بنِ أبي طالب، فقالت: إني طلقت، فحضت في شهر ثلاث حيض؟ فقالَ علي لشريح: قل فيها، فقالَ: أقول فيها وأنت شاهد! قالَ: قل فيها، قالَ: إن جاءت ببطانة مِن أهلها ممن يرضى دينهن وأمانتهن فقلن: إنها حاضت ثلاث حيض طهرت عند كل حيضة؛ صدقت.
فقالَ علي: قالون.
قالَ عيسى: بالرومية: أصبت.

قالَ حرب: وثنا إسحاق: أبنا محمد بن بكر: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عَن قتادة، عَن عزرة، عَن الحسن العرني، أن امرأة طلقها زوجها، فحاضت في خمس وثلاثين ليلة ثلاث حيض، فرفعت إلى شريح فلم يدر ما يقول فيها، ولم يقل شيئاً، فرفعت إلى علي بن أبي طالب، فقالَ: سلوا عنها جاراتها، فإن كانَ هكذا حيضها فَقد انقضت عدتها، وإلا فأشهر ثلاث.
وهذا الإسناد فيهِ انقطاع؛ فإن الحسن العرني لَم يدرك علياً -: قاله أبو حاتم الرازي.

وأما الإسناد الذِي قبله، فإن الشعبي رأى علياً يرجم شراحة ووصفه.
قالَ يعقوب بنِ شيبة: لكنه لَم يصحح سماعه منهُ.

وأما ما ذكره البخاري عَن عطاء والنخعي:
فروى ابن المبارك، عَن ابن لهيعة، عَن خالد بنِ يزيد، عَن عطاء، في امرأة طلقت، فتتابعت لها ثلاث حيض في شهر: هل [حلت] ؟ قالَ: أقراؤها ما كانت.

وروي نحوه عَن النخعي، كَما حكاه البخاري، وحكاه عَنهُ إسحاق بن
راهويه.

فهؤلاء كلهم يقولون: إن المرأة قَد تنقضي عدتها بثلاثة أقراء في شهر واحد، وَهوَ قول كثير مِن العلماء، مِنهُم: مالك، وأحمد، وإسحاق وغيرهم.

وهذا ينبني على أصلين:
أحدهما: الاختلاف في الأقراء: هل هي الأطهار، أو الحيض؟ وفيه قولان مشهوران.

ومذهب مالك والشافعي: أنها الأطهار، ومذهب أحمد - الصحيح عَنهُ -، وإسحاق: أنها الحيض، وستأتي المسألة مستوفاةً في موضع آخر مِن الكِتابِ - إن شاء الله تعالى.
والثاني: الاختلاف في مدة أقل الحيض وأقل الطهر بين الحيضتين.

فأما أقل الحيض: فمذهب الشَافِعي وأحمد - المشهور عَنهُ - وإسحاق: أنَّهُ يوم وليلة.

وأما أقل الطهر بين الحيضتين: فمذهب الشافعي وأحمد - في رواية عَنهُ -: أنَّهُ خمسة عشر يوماً، وَهوَ قول كثير مِن أصحاب مالك.

والمشهور عَن أحمد: أن أقله ثلاثة عشر يوماً.

وعند إسحاق: أقله عشرة أيام -: نقله عَنهُ حرب.

وَهوَ رواية ابن القاسم، عَن مالك.

واختلفت الرواية عَن مالك في ذَلِكَ.

فعلى قول مِن قالَ: الأقراء الحيض، وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوماً، فيمكن انقضاء العدة بثلاثة قروء في تسعة وعشرين يوماً.

وعلى قول مِن قالَ: الأقراء الحيض، وأقل الطهر خمسة عشر فلا تنقضي العدة في أقل مِن ثلاثة وثلاثين يوماً.

وأما على قول مِن يقول: الأقراء الأطهار: فإن قيل: بأن أقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر؛ فأقل ما تنقضي فيهِ العدة بالأقراء ثمانية وعشرون يوماً.

وإن قيل: أقل الطهر خمسة عشر؛ فاثنان وثلاثون يوماً.

فأما مالك وأصحابه، فقالَ ابن القاسم: سألت مالكاً، إذا قالت: قَد حضت ثلاث حيض في شهر؟ قالَ: تسأل النساء عَن ذَلِكَ، فإن كن يحضن كذلك ويطهرن
لَهُ؛ كانت مصدقة.

وهذا هوَ مذهب مالك المذكور في ( ( المدونة) ) ، واختاره الأبهري مِن أصحابه، وبناه على أن الحيض لا حد لأقله، بل أقله دفقة وأقل الطهر بين الحيضتين خمسة عشر.
ومن المالكية مِن قالَ: يقبل في أربعين يوماً، فاعتبر أقل الطهر وخمسة أيام مِن كل حيضة.
ومنهم مِن قالَ: تنقضي في ستة وثلاثين يوماً، فاعتبر أقل الطهر وثلاثة أيام للحيضة.

فلم يعتبر هَذا ولا الذِي قبله الحيض ولا أكثره.

وقد ينبني الذِي نقله ابن القاسم، عَن مالك، على قولُهُ: إنه لا حد لأقل الطهر بين الحيضتين، بل هوَ على ما تعرف المرأة مِن عادتها.

وَهوَ رواية منصوصة عَن أحمد، اختارها أبو حفص البرمكي مِن أصحابنا، وأورد على نفسه: أنَّهُ يلزم على هَذا أنها إذا ادعت انقضاء العدة في أربعة أيام قبل منها: فأجاب: أنَّهُ لا بد مِن الأقراء الكاملة، وأقل ما يُمكن في شهر.

كذا قالَ.

ونقل الأثرم عَن أحمد، أنَّهُ لا توقيت في الطهر بين الحيضتين، إلا في موضع واحد: إذا ادعت انقضاء عدتها في شهر؛ فإنها تكلف البينة.

ونقل ابن عبد البر: أن الشَافِعي قالَ: أقل الطهر خمسة عشر، إلا أن يعلم طهر امرأة أقل مِن خمسة عشر، فيكون القول قولها.

ومذهب أبي حنيفة: لا تصدق في دعوى انقضاء العدة في أقل مِن ستين يوماً، واختلف عَنهُ في تعليل ذَلِكَ:
فنقل عَنهُ أبو يوسف: أنها تبدأ بطهر كامل خمسة عشر يوماً، وتجعل كل حيضة خمسة أيام، والأقراء عندهم: الحيض.

ونقل عَنهُ الحسن بنِ زياد: أنَّهُ اعتبر أكثر الحيض - وَهوَ عشرة أيام عندهم - وأقل الطهر - وَهوَ خمسة عشر - وبدأ بالحيض.
وقال صاحباه أبو يوسف ومحمد: لا تصدق إلا في كمال تسعة وثلاثين يوماً، بناء على أقل الحيض، وَهوَ عندهم ثلاثة، وأقل الطهر، وَهوَ خمسة عشر.

وقال سفيان الثوري: لا تصدق في أقل مِن أربعين يوماً، وَهوَ أقل ما تحيض فيهِ النساء وتطهر.
وهذا كقول أبي يوسف ومحمد.

وعن الحسن بنِ صالح: لا تصدق في أقل مِن خمسة وأربعين يوماً -: نقله عَنهُ الطحاوي.

وقال حرب الكرماني: ثنا إسحاق: ثنا أبي، قالَ: سألت ابن المبارك فقالَ: أرأيت قول سفيان: تصدق المرأة في انقضاء عدتها في شهر، كيف هَذا؟ وما معناه؟ فقالَ: جعل ثلاثاً حيضاً، وعشراً طهراً، وثلاثاً حيضاً، كذا قالَ.

وقد ذكر بعض أصحاب سفيان في مصنف لَهُ على مذهبه رواية ابن المبارك هَذهِ عَن سفيان: أنها لا تصدق في أقل مِن تسعة وثلاثين يوماً، وعزاها إلى الطحاوي، ووجهها بأن أقل الحيض ثلاثة أيام وأقل الطهر خمسة عشر.
قالَ: ورواية المعافى والفريابي عَن سفيان، أنها لا تصدق في أقل مِن أربعين يوماً.
قالَ: وهما بمعنى واحد.

وأما إسحاق بنِ راهويه، فإنه حمل المروي عَن علي في ذَلِكَ على أنَّهُ جعل الطهر عشرة أيام، والحيض ثلاثة، لكن إسحاق لا يرى أن أقل الحيض ثلاث.
ولم يذكر أكثر هؤلاء أن قبول دعواها يحتاج إلى بينة، وَهوَ قول الخرقي مِن أصحابنا.

والمنصوص عَن أحمد: أن دعوى انقضاء العدة في شهر لا تقبل بدون بينة، تشهد بهِ مِن النساء، ودعوى انقضائها في زيادة على شهر تقبل بدون بينة؛ لأن المرأة مؤتمنة على حيضها كَما قالَ أبي بن كعب وغيره، وإنما اعتبرنا البينة في دعواها في الشهر خاصة للمروي عَن علي بن أبي طالب، كَما تقدم.

ومن أصحابنا مِن قالَ: إن ادعته في ثلاثة وثلاثين يوماً قبل بغير بينة؛ لأن أقل الطهر المتفق عليهِ خمسة عشر يوماً، وإنما يحتاج إلى بينة إذا ادعته في تسعة وعشرين؛ لأنه يُمكن؛ فإن أقل الطهر ثلاثة عشر في رواية.

ومنهم مِن قالَ: إنما يقبل ذَلِكَ بغير بينة في حق مِن ليسَ لها عادة مستقرة، فأما مِن لها عادة منتظمة فلا تصدق إلا ببينة على الأصح، كذا قاله صاحب ( ( الترغيب) ) .

وقال ابن عقيل في ( ( فنونه) ) : ولا تقبل معَ فساد النساء وكثرة كذبهن دعوى انقضاء العدة في أربعين ولا خمسين [يوماً] ، إلا ببينة تشهد أن هَذهِ عادتها، أو أنها رأت الحيض على هَذا المقدار، وتكرر ثلاثاً.

وقال إسحاق وأبو عبيد: لا تصدق في أقل مِن ثلاثة أشهر، إلا أن تكون لها عادة معلومة قَد عرفها بطانة أهلها المرتضى دينهن وأمانتهن فيعمل بها حينئذ، ومتى لَم يكن كذلك فَقد وقعت الريبة، فيحتاط وتعدل الأقراء بالشهور، كَما في حق الآيسة والصغيرة.

وأما ما حكاه البخاري عَن عطاء، أن الحيض يوم إلى خمسة عشر، فهذا معروف عَن عطاء.

وقد اختلف العلماء في أقل الحيض وأكثره:
فأما أقله:
فمنهم مِن قالَ: يوم، كَما روي عَن عطاء.
ومنهم مِن قالَ: يوم وليلة، وروي - أيضاً - عَن عطاء.

وروي - أيضاً - مثل هذين القولين عَن الأوزاعي والشافعي وأحمد، فقالَ كثير مِن أصحابهم: إنهما قولان لَهُم، ومن أصحابنا وأصحاب الشَافِعي مِن قالَ: إنما مراد الشَافِعي [وأحمد] يوم معَ ليلته؛ فإن العرب تذكر اليوم كثيراً ويريدون: معَ ليلته.
وممن قالَ: أقله يوم وليلة: إسحاق وأبو ثور.

وقالت طائفة: لا حد لأقله، بل هوَ على ما تعرفه المرأة مِن نفسها، وَهوَ المشهور عَن مالك، وقول أبي داود وعلي بنِ المديني، وروي عَن الأوزاعي - أيضاً.

ونقل ابن جرير الطبري عَن الربيع، عَن الشَافِعي، أن الحيض يكون يوماً
[وأقل] وأكثر.
قالَ الربيع: وآخر قولي الشَافِعي: أن أقله يوم وليلة.

وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري: أقله ثلاثة أيام.

وروي ذَلِكَ عَن ابن مسعود وأنس مِن قولهما، وروي - مرفوعاً - مِن طرق، والمرفوع كله باطل لا يصح، وكذلك الموقوف طرقه واهية، وقد طعن فيها غير واحد مِن أئمة الحفاظ.

وقالت طائفة: أقله خمسة أيام، وروي عَن مالك.

ولم يصح عند أكثر الأئمة في هَذا الباب توقيت مرفوع ولا موقوف، وإنما رجعوا فيهِ إلى ما حكي مِن عادات النساء خاصة، وعلى مثل ذَلِكَ اعتمد الشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم.

وأما أكثر الحيض.

فقالَ عطاء: هوَ خمسة عشر يوماً.
وحكي مثله عَن شريك والحسن بنِ صالح، وَهوَ قول مالك والشافعي وأحمد - في المشهور عَنهُ - وإسحاق وداود وأبي ثور وغيرهم.

ومن أصحابنا والشافعية مِن قالَ: خمسة عشر يوماً بلياليها، قالَ بعض الشافعية: وهذا القيد لا بد مِنه، لتدخل الليلة الأولى، والاعتماد في ذَلِكَ على ما حكي مِن حيض بعض النساء خاصة.

وأما الرواية عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنَّهُ قالَ في نقصان دين النساء: ( ( تمكث شطر عمرها لا تصلي) ) فإنه لا يصح، وقد طعن فيهِ ابن منده والبيهقي وغيرهما مِن الأئمة.

وقالت طائفة: أكثره سبعة عشر، حكي عَن عبد الرحمن بنِ مهدي وعبد الله بن نافع صاحب مالك.

وَهوَ رواية عَن أحمد واختارها أبو بكر عبد العزيز، ومن أصحابنا - كأبي حفص البرمكي - مِن قالَ: لا يصح عَن أحمد، إنما حكى ذَلِكَ أحمد عَن غيره ولم يوافقه.

وحكي عَن بعضهم: أكثره ثلاثة عشر، وحكي عَن سعيد بنِ جبير.
وقال سفيان وأبو حنيفة وأصحابه: أكثره عشرة أيام، واعتمدوا في ذَلِكَ على أحاديث مرفوعه وآثار موقوفة عَن أنس وابن مسعود وغيرهما كَما سبق.

والأحاديث المرفوعة باطلة، وكذلك الموقوفة على الصحابة -: قاله الإمام أحمد في رواية الميموني وغيره.

وقد روي - أيضاً - عَن الحسن وخالد بنِ معدان، وأنكره الإمام أحمد عَن خالد.

وروي عَن الحسن: أكثره خمسة عشر.

وحكي عَن طائفة: [أن] أكثره سبعة أيام:
[قالَ مكحول: وقت الحائض سبعة أيام] .

وعن الضحاك، قالَ: تقعد سبعة أيام، ثُمَّ تغتسل وتصلي.

وعن الأوزاعي في المبتدأة: تمكث [أعلى] أقراء النساء سبعة أيام، ثُمَّ تغتسل وتصلي كَما تفعل المستحاضة.

وحكى الحسن بنِ ثواب، عَن أحمد، قالَ: عامة الحيض ستة أيام إلى سبعة.

[قيل لَهُ: فإن امرأة مِن آل أنس كانت تحيض خمسة عشر؟ قالَ: قَد كانَ ذَلِكَ، وأدنى الحيض: يوم، وأقصاه - عندنا -: ستة أيام إلى سبعة] ، ثُمَّ ذكر حديث: ( ( تحيضي في علم الله ستاً أو سبعاً) ) .

وكلام أحمد ومن ذكرنا معه في هَذا إنما مرادهم بهِ - والله أعلم - أن السبعة غالب الحيض وأكثر عادات النساء؛ لا أنَّهُ أقصى حيض النساء كلهن.
وقالت طائفة: لا حد لأكثر الحيض، وإنما هوَ على حسب ما تعرفه كل امرأة مِن عادة نفسها، فلو كانت المرأة لا تحيض في السنة إلا مرة واحدة وتحيض شهرين متتابعين فَهوَ حيض صحيح، وري نَحوَ ذَلِكَ عَن ميمون بن مهران والأوزاعي، ونقله حرب عَن إسحاق وعلي بن المديني.

ويشبه هَذا: ما قاله ابن سيرين: النساء أعلم بذلك، كَما حكاه البخاري عَنهُ - تعليقاً - مِن رواية معتمر بنِ سليمان، عَن أبيه، أنه سأل ابن سيرين عَن امرأة ترى الدم بعد قرئها بخمسة أيام؟ قالَ: النساء أعلم بذلك.

ومراد ابن سرين - والله أعلم -: أن المرأة أعلم بحيضها واستحاضتها، فما اعتادته حيضاً وتبين لها أنَّهُ حيض جعلته حيضاً، وما لَم تعتده ولم يتبين لها أنَّهُ حيض فَهوَ استحاضة.

وقد ذكر طائفة مِن أعيان أصحاب الشَافِعي: أن مِن لها عادة مستمرة على حيض وطهر أقل مِن يوم وليلة وأكثر مِن خمسة عشر أنها تعمل بعادتها في ذَلِكَ، مِنهُم: أبو إسحاق الإسفراييني والقاضي حسين والدارمي وأبو عمرو بنِ الصلاح، وذكر أنه نص الشَافِعي -: نقله عَنهُ صاحب ( ( التقريب) ) .

وما نقله ابن جرير عَن الربيع، عَن الشَافِعي، كَما تقدم، يشهد لَهُ - أيضاً.

خرج البخاري في هَذا الباب حديثاً، فقالَ:
[ قــ :323 ... غــ :325 ]
- ثنا أحمد بنِ أبي رجاء: ثنا أبو أسامة، قالَ: سمعت هشام بنِ عروة، قالَ: أخبرني أبي، عَن عائشة، أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قالَ: ( ( لا، إن ذَلِكَ عرق، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثُمَّ اغتسلي وصلي) ) .

هَذا الحديث استدل بهِ مِن ذهب إلى أن أقل الحيض ثلاثة أيام؛ لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ردها إلى قدر الأيام التي كانت تحيضها، والأيام جمع، وأقل الجمع ثلاثة.

وأجاب مِن خالفهم عَنهُ بجوابين:
أحدهما: أن المراد بالأيام: الأوقات، لأن اليوم قَد يعبر بهِ عَن الوقت قل أو
كثر، كَما قالَ تعالى: { أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ} [هود: 8] ، والمراد: وقت مجيء العذاب، وقد يكون ليلاً ويكون نهاراً، وقد يستمر وقد لا يستمر، ويقال: يوم الجمل، ويوم صفين، وكل منهما كانَ عدة أيام.

والثاني: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رد امرأة واحدةً إلى عادتها، والظاهر: أن عادتها كانت أياماً متعددة في الشهر، إمَّا ستة أيام أو سبعة، فليس فيهِ دليل على أن كل حيض امرأة يكون كذلك.

واستدل الإمام أحمد بقولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها) ) على أن الحيض قَد يكون أكثر مِن عشرة أيام؛ لأنه لو كانَ الزائد على العشرة استحاضة لبين لها ذَلِكَ.

ولكن قَد يُقال: في الزيادة على الخمس عشرة كذلك - أيضاً.

والظاهر: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يعلم أن حيض هَذهِ المرأة أقل مِن ذَلِكَ، فلذلك ردها إلى أيامها.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب إِذَا حَاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلاَثَ حِيَضٍ
وَمَا يُصَدَّقُ النِّسَاءُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فِيمَا يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ
لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ( وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ)
وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ وَشُرَيْحٍ إِنِ امْرَأَةٌ جَاءَتْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا مِمَّنْ يُرْضَى دِينُهُ، أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلاَثًا فِي شَهْرٍ.
صُدِّقَتْ..
     وَقَالَ  عَطَاءٌ أَقْرَاؤُهَا مَا كَانَتْ، وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ..
     وَقَالَ  عَطَاءٌ الْحَيْضُ يَوْمٌ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ..
     وَقَالَ  مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ سَأَلْتُ ابْنَ سِيرِينَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ بَعْدَ قَرْئِهَا بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ قَالَ النِّسَاءُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ.

هذا ( باب) بالتنوين في بيان حكم الحائض ( إذا حاضت في شهر) واحد ( ثلاث حيض) بكسر
الحاء وفتح المثناة التحتية جمع حيضة ( و) بيان ( ما يصدق النساء) بضم الياء وتشديد الدال المفتوحة
( في) مدة ( الحيض) ومدة ( الحمل) ولابن عساكر والحبل بالباء الموحدة المفتوحة ( وفيما) بالفاء ولابن
عساكر وما ( يمكن من الحيض) أي من تكراره، والجار والمجرور متعلق بيصدّق فإذا لم يمكن لم

تصدق ( لقول الله تعالى) وللأصيلي عز وجل ( وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ)
[البقرة: 228] قال القاضي: من الولد والحيض استعجالاً في العدة وإبطالاً لحق الرجعة، وفيه دليل
على أن قولها مقبول في ذلك، زاد الأصيلي ( إن كن يؤمن) ( ويذكر) بضم أوّله ( عن علي) هو ابن
أبي طالب ( و) عن ( شريح) بالشين المعجمة والحاء المهملة ابن الحرث بالمثلثة أي الكوفي أدرك
الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يلقه استقضاه عمر بن الخطاب، وتوفي سنة ثمان وتسعين.
وهذا
التعليق وصله الدارمي بإسناد رجاله ثقات عن الشعبي قال: جاءت امرأة إلى عليّ بن أبي طالب
رضي الله عنه تخاصم زوجها طلقها فقالت: حضت في شهر ثلاث حيض، فقال عليّ لشريح اقضِ
بينهما.
قال: يا أمير المؤمنين وأنت هاهنا؟ قال: اقضِ بينهما، قال: ( إن جاءت) ولكريمة إن امرأة
جاءت ( ببينة من بطانة أهلها) بكسر الموحدة أي من خواصها ( ممن يرضى دينه) وأمانته بأن يكون
عدلاً يزعم ( أنها حاضت في شهر) ولابن عساكر في كل شهر ( ثلاثًا صدّقت) وفي رواية الدارمي
أنها حاضت ثلاث حيض تطهر عند كل قرء وتصلي جاز لها وإلاّ فلا قال في رضي الله عنه:
قالون، قال، وقالون بلسان الروم أحسنت وليس عنده لفظة ببينة وطريق علم الشاهد بذلك مع أنه
أمر باطني القرائن والعلامات، بل ذلك ما يشاهده النساء فهو ظاهر بالنسبة لهن ( وقال عطاء) هو
ابن أبي رباح مما وصله عبد الرزاق عن ابن جريح عنه: ( أقراؤها) جمع قرء بضم القاف وفتحها في

زمن العدّة ( ما كانت) قبل العدّة، فلو ادّعت في زمن الطلاق أقراء معدودة في مدة معينة في شهر
مثلاً معتادة لما ادّعته فإذًا، وإن ادّعت في العدّة ما يخالف ما قبلها لم يقبل، ( وبه) أي بما قال عطاء
( قال إبراهيم) النخعي فيما وصله عبد الرزاق أيضًا.
( وقال عطاء) هو ابن أبي رباح مما وصله
الدارمي أيضًا ( الحيض يوم إلى خمس عشرة) فاليوم مع ليلته والخمسة عشر أكثره، ولابن عساكر وأبي
ذر إلى خمسة عشر.
( وقال معتمر) هو ابن سليمان العابد، كان يصلي الليل كله بوضوء العشاء ( عن
أبيه)
سليمان بن طرخان مما وصله الدارمي أيضًا ( سألت) ولأبي ذر والأصيلي قال سألت: ( ابن
سيرين)
محمد ( عن المرأة ترى الدم بعد قرئها) أي طهرها لا حيضها بقرينة رؤية الدم ( بخمسة أيام.

قال: النساء أعلم بذلك)
.


[ قــ :323 ... غــ : 325 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ.
أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ سَأَلَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ فَقَالَ «لاَ، إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي».

وبالسند قال: ( حدّثنا أحمد بن أبي رجاء) بفتح الراء وتخفيف الجميم مع المد عبد الله بن أيوب
الهرويّ حنفي النسب، المتوفى سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ( قال: حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة
الكوفي ( قال: سمعت هشام بن عروة، قال: أخبرني) بالإفراد ( أبي) عروة بن الزبير بن العوّام ( عن
عائشة)
رضي الله عنها.

( أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت) وفي بعض الأصول فقالت بالفاء
التفسيرية: ( إني أستحاض) بضم الهمزة ( فلا أطهر أفأدع) أي أترك ( الصلاة: فقال) عليه الصلاة
والسلام: ( لا) تدعيها ( إن ذلك) بكسر الكاف ( عرق) أي دم عرق وهو يسمى العاذل بالذال
المعجمة، ( ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي) .
ومعنى
الاستدراك لا تتركي الصلاة كل الأوقات، لكن اتركيها في مقدار العادة.

ومناسبة الحديث للترجمة في قوله: قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها فيوكل ذلك إلى أمانتها
وردّها إلى عادتها، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص، وفيه دلالة على أن فاطمة كانت معتادة،
واختلف في أقل الحيض وأقل الطهر فقال الشافعي: القرء الطهر وأقله خمسة عشر يومًا وأقل الحيض
يوم وليلة، فلا تنقضي عدّتها في أقل من اثنين وثلاثين يومًا ولحظتين بأن تطلق وبقي من الطهر لحظة
وتحيض يومًا وليلة، وتطهر خمسة عشرة يومًا ثم ستة عشر كذلك، ولا بدّ من الطعن في الحيضة
الثالثة للتحقق، وقال أبو حنيفة: لا يجتمع أقل الطهر وأقل الحيض معًا، فأقل ما تنقضي به العدة
عنده ستون يومًا، وعند مالك: لا حدّ لأقل الحيض ولا لأقل الطهر إلا بما بيّنته النساء.
ورواة هذا

الحديث ما بين هرويّ وكوفي ومدني، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والسماع.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ إذَا حاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلاَثَ حِيَضٍ وَمَا يُصَدَّقُ النِّساءُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فِيما يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ لِقَوْلِ الله تَعَالَى وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أرْحَامِهِنَّ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْحَائِض إِذا حَاضَت فِي شهر وَاحِد ثَلَاث حيض، بِكَسْر الْحَاء وَفتح الْيَاء: جمع حَيْضَة.
قَوْله: ( وَمَا يصدق) أَي: وَفِي بَيَان مَا يصدق النِّسَاء، بِضَم الْيَاء وَتَشْديد الدَّال.
قَوْله: ( فِي الْحيض) أَي: فِي مُدَّة الْحيض.
قَوْله: ( وَالْحمل) وَفِي نُسْخَة: ( وَالْحَبل) ، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة.
قَوْله: ( فِيمَا يُمكن من الْحيض) يتَعَلَّق بقوله: ( وَيصدق) ، أَي: تصدق فِيمَا يُمكن من تكْرَار الْحيض، وَلِهَذَا لم يقل: وَفِيمَا يُمكن من الْحَبل، لِأَنَّهُ لَا معنى للتصديق فِي تكْرَار الْحمل.
قَوْله: ( لقَوْل الله) تَعْلِيل للتصديق، وَوجه الدّلَالَة عَلَيْهِ أَنَّهَا إِذا لم يحل لَهَا الكتمان وَجب الْإِظْهَار، فَلَو لم تصدق فِيهِ لم يكن للإظهار فَائِدَة.
وروى الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ: بلغنَا أَن المُرَاد بِمَا خلق الله فِي أرحامهن الْحمل أَو الْحيض، وَلَا يحل لَهُنَّ أَن يكتمن ذَلِك لتنقضي الْعدة، وَلَا يملك الزَّوْج الْعدة إِذا كَانَت لَهُ.
وَرُوِيَ أَيْضا بِإِسْنَاد حسن عَن ابْن عمر، قَالَ: لَا يحل لَهَا إِذا كَانَت حَائِضًا أَن تكْتم حَيْضهَا، وَلَا إِن كَانَت حَامِلا أَن تكْتم حملهَا.
وَعَن مُجَاهِد: لَا تَقول: إِنِّي حَائِض، وَلَيْسَت بحائض، وَلَا لست بحائض وَهِي حَائِض، وَكَذَا فِي الْحَبل.

وَيُذْكَرُ عنْ عَلِيٍّ وَشُرَيْحٍ إنِ امْرَأةٌ جاءَتْ بِبَيِّنَةٍ منْ بِطَانَةِ أهْلِهَا مِمَّنْ يُرْضَى دِينُهُ أنَّهَا حاضَتْ ثَلاَثا فِي شَهْرٍ صُدِّقَتْ
الْكَلَام فِيهِ على أَنْوَاع.

الأول: أَن عليا هَذَا هُوَ ابْن أبي طَالب، وشريحا هُوَ ابْن الْحَارِث بِالْمُثَلثَةِ الْكِنْدِيّ أَبُو أُميَّة الْكُوفِي، وَيُقَال: إِنَّه من أَوْلَاد الْفرس الَّذين كَانُوا بِالْيمن، أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يلقه، استقضاه عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على الْكُوفَة وَأقرهُ من بعده إِلَى أَن ترك هُوَ بِنَفسِهِ زمن الْحجَّاج، كَانَ لَهُ مائَة وَعِشْرُونَ سنة، مَاتَ سنة ثَمَانِيَة وَتِسْعين، وَهُوَ أحد الْأَئِمَّة.

الثَّانِي: أَن هَذَا تَعْلِيق بِلَفْظ التمريض، وَوَصله الدَّارمِيّ: أخبرنَا يعلى بن عبيد أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن عَامر هُوَ الشّعبِيّ، قَالَ: ( جَاءَت امْرَأَة إِلَى عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، تخاصم زَوجهَا طَلقهَا، فَقَالَت: حِضْت فِي شهر ثَلَاث حيض، فَقَالَ عَليّ لشريح: إقض بَينهمَا.
قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَأَنت هَاهُنَا؟ قَالَ: إقضِ بَينهمَا.
قَالَ: إِن جَاءَت من بطانة أَهلهَا مِمَّن يرضى دينه وأمانته يزْعم أَنَّهَا حَاضَت ثَلَاث حيض تطهر عِنْد كل قرء وَتصلي جَازَ لَهَا.
وإلاَّ فَلَا.
قَالَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قالون)
.
وَمَعْنَاهُ بِلِسَان الرّوم: أَحْسَنت.
وَرَوَاهُ ابْن حزم،.

     وَقَالَ : روينَاهُ عَن هشيم عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ: ( أَن عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَتَى بِرَجُل طلق امْرَأَته فَحَاضَت ثَلَاث حيض فِي شهر أَو خمس وَثَلَاثِينَ لَيْلَة، فَقَالَ عَليّ لشريح: إقض فِيهَا.
فَقَالَ: إِن جَاءَت بِالْبَيِّنَةِ من النِّسَاء الْعُدُول من بطانة أَهلهَا مِمَّن يرضى صدقه وعدله أَنَّهَا رَأَتْ مَا يحرم عَلَيْهَا الصَّلَاة من الطُّهْر الَّذِي هُوَ الطمث، وتغتسل عِنْد كل قرء وَتصلي فِيهِ، فقد انْقَضتْ عدتهَا.
وإلاَّ فَهِيَ كَاذِبَة.
فَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب: قالون)
.
وَمَعْنَاهُ: أصبت.
قَالَ ابْن حزم: هَذَا نَص قَوْلهَا.
انْتهى.
وَاخْتلف فِي سَماع الشّعبِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يسمع مِنْهُ إلاَّ حرفا مَا سمع غَيره..
     وَقَالَ  الْحَازِمِي: لم تثبت أَئِمَّة الحَدِيث سَماع الشّعبِيّ من عَليّ..
     وَقَالَ  ابْن الْقطَّان: مِنْهُم من يدْخل بَينه وَبَينه عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، وسنه مُحْتَملَة لإدراك عَليّ..
     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) : فَكَأَن البُخَارِيّ لمح هَذَا فِي عَليّ لَا فِي شُرَيْح، لِأَنَّهُ مُصَرح فِيهِ بِسَمَاع الشّعبِيّ مِنْهُ، فَينْظر فِي تمريضه الْأَثر عَنهُ، على رَأْي من يَقُول: إِنَّه إِذا ذكر شَيْئا بِغَيْر صِيغَة الْجَزْم لَا يكون صَحِيحا عِنْده، وَكَأَنَّهُ غير جيد، لِأَنَّهُ ذكر فِي الْعَتَمَة.
وَيذكر عَن أبي مُوسَى: كُنَّا نتناوب بِصِيغَة التمريض، وَهُوَ سَنَد صَحِيح عِنْده.

النَّوْع الثَّالِث: فِي مَعْنَاهُ: فَقَوله: ( إِن جَاءَت) فِي رِوَايَة كَرِيمَة: ( ان الْمَرْأَة جَاءَت) بِكَسْر النُّون ( بِبَيِّنَة من بطانة أَهلهَا) أَي خواصها..
     وَقَالَ  القَاضِي إِسْمَاعِيل: لَيْسَ المُرَاد أَن تشهد النِّسَاء أَن ذَلِك وَقع، وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا نرى أَن يشهدن أَن هَذَا يكون، وَقد كَانَ فِي نسائهن وَفِيه نظر، لِأَن سِيَاق هَذَا الحَدِيث يدْفع هَذَا التَّأْوِيل، لِأَن الظَّاهِر مِنْهُ أَن المُرَاد أَن يشهدن بِأَن ذَلِك وَقع مِنْهَا، وَكَأن مُرَاد إِسْمَاعِيل رد هَذِه الْقِصَّة إِلَى مُوَافقَة مذْهبه.
وَمذهب أبي حنيفَة أَن الْمَرْأَة لَا تصدق فِي انْقِضَاء الْعدة فِي أقل من سِتِّينَ يَوْمًا.
وَعَن مُحَمَّد بن الْحسن، فِيمَا حَكَاهُ ابْن حزم عَنهُ أَرْبَعَة وَخمسين يَوْمًا.
وَعَن أبي يُوسُف: تصدق فِي تِسْعَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا.
قَالَ ابْن بطال: وَبِه قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَالثَّوْري.
وَعَن الشَّافِعِي: تصدق فِي ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا.
وَعَن أبي ثَوْر: فِي سَبْعَة وَأَرْبَعين يَوْمًا.
وَذكر ابْن أبي زيد عَن سَحْنُون: أقل الْعدة أَرْبَعُونَ يَوْمًا.

النَّوْع الرَّابِع: فِي أَن هَذَا الْأَثر يُطَابق التَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَمَا يصدق النِّسَاء) إِلَى آخِره، لِأَن المُرَاد: مَا يصدق النِّسَاء فِيمَا يُمكن من الْمدَّة، والشهر يُمكن فِيهِ ثَلَاث حيض خُصُوصا على مَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ فَإِن أقل الْحيض عِنْد مَالك فِي حق الْعدة ثَلَاثَة أَيَّام، وَفِي ترك الصَّلَاة وَالصَّوْم وَتَحْرِيم الوطىء دفْعَة، وَعند الشَّافِعِي فِي الْأَشْهر إِن أَقَله يَوْم وَلَيْلَة، وَهُوَ قَول أَحْمد: فَإِن قلت عنْدكُمْ أَيهَا الْحَنَفِيَّة أقل الْحيض ثَلَاثَة أَيَّام، فَلِمَ شرطتم فِي تصديقها بستين يَوْمًا على مَذْهَب أبي حنيفَة؟ قلت: لِأَن أقل الطُّهْر عندنَا خَمْسَة عشر يَوْمًا، فَإِذا أقرَّت بِانْقِضَاء عدتهَا لم تصدق فِي أقل من سِتِّينَ يَوْمًا، لِأَنَّهُ يَجْعَل كَأَنَّهُ طَلقهَا أول الطُّهْر وَهُوَ خَمْسَة عشر، وحيضها خَمْسَة إعتبارا للْعَادَة، فَيحْتَاج إِلَى ثَلَاثَة أطهار وَثَلَاث حيض.
وقالَ عطَاءٌ أقْرَاؤُهَا مَا كانَتْ
أَي: عَطاء بن أبي رَبَاح، والإقراء جمع: قرء، بِضَم الْقَاف وَفتحهَا، مَعْنَاهُ إقراؤها فِي زمن الْعدة مَا كَانَت قبل الْعدة أَي: لَو ادَّعَت فِي زمن الِاعْتِدَاد أَقراء مَعْدُودَة فِي مُدَّة مُعينَة فِي شهر مثلا، فَإِن كَانَت مُعْتَادَة بِمَا ادعتها فَذَاك، وَإِن ادَّعَت فِي الْعدة مَا يُخَالف مَا قبلهَا لم تقبل، وَهَذَا الْأَثر الْمُعَلق وَصله عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج عَن عَطاء.

وبِهِ قالَ إبْرَاهِيمُ
أَي: بِمَا قَالَ عَطاء قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَوَصله عبد الرَّزَّاق أَيْضا عَن أبي مسعر عَن إِبْرَاهِيم نَحوه.

وقالَ عَطاءٌ الْحَيْضُ يَوْمٌ الَى خمْسَ عَشْرَةَ
هَذَا إِشَارَة إِلَى أَن أقل الْحيض عِنْد عَطاء يَوْم، وَأَكْثَره خَمْسَة عشر، يَعْنِي أقل الْحيض يَوْم وَأَكْثَره خَمْسَة عشر، وَهَذَا الْمُعَلق وَصله الدَّارمِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح، قَالَ: ( أقْصَى الْحيض خَمْسَة عشر وَأدنى الْحيض يَوْم وَلَيْلَة) ) .
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ: حدثناالحسين حَدثنَا إِبْرَاهِيم حَدثنَا النُّفَيْلِي حَدثنَا معقل بن عبد الله عَن عَطاء: ( أدنى وَقت الْحيض يَوْم وَأَكْثَره خَمْسَة عشر) .
وَحدثنَا ابْن حَمَّاد حَدثنَا الحرمي حَدثنَا ابْن يحيى حَفْص عَن أَشْعَث عَن عَطاء.
قَالَ: ( أَكثر الْحيض خمس عشرَة) .
وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي أقل مُدَّة الْحيض وَأَكْثَره، فمذهب أبي حنيفَة: أَقَله ثَلَاثَة أَيَّام وَمَا نقص عَن ذَلِك فَهُوَ اسْتِحَاضَة، وَأَكْثَره عشرَة أَيَّام.
وَعَن أبي يُوسُف: أَقَله يَوْمَانِ وَالْأَكْثَر من الْيَوْم الثَّالِث، وَاسْتدلَّ أَبُو حنيفَة بِمَا رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: ( الْحيض ثَلَاث وَأَرْبع وَخمْس وست وَسبع وثمان وتسع وَعشر، فَإِن زَاد فَهِيَ مُسْتَحَاضَة) .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ،.

     وَقَالَ : لم يروه غير هَارُون بن زِيَاد، وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث، وَبِمَا رُوِيَ عَن أبي أُمَامَة، رَضِي الله عَنهُ، أَن النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَالَ: [حم ( أقل الْحيض لِلْجَارِيَةِ الْبكر وَالثَّيِّب ثَلَاث، وَأَكْثَره مَا يكون عشرَة أَيَّام، فَإِذا زَاد فَهِيَ مُسْتَحَاضَة) [/ حم.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَفِي سَنَده عبد الْملك مَجْهُول، والْعَلَاء بن الْكثير ضَعِيف الحَدِيث، وَمَكْحُول لم يسمع من أبي أُمَامَة.
وَبِمَا رُوِيَ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( أقل الْحيض ثَلَاثَة أَيَّام وَأَكْثَره عشرَة أَيَّام) .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَفِي سَنَده حَمَّاد بن منهال مَجْهُول، وَبِمَا رُوِيَ عَن معَاذ بن جبل أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: [حم ( لَا حيض دون ثَلَاثَة أَيَّام، وَلَا حيض فَوق عشرَة أَيَّام، فَمَا زَاد على ذَلِك فَهِيَ اسْتِحَاضَة، تتوضأ لكل صَلَاة إلاّ أَيَّام إقرائها.
وَلَا نِفَاس دون أسبوعين، وَلَا نِفَاس فَوق أَرْبَعِينَ يَوْمًا.
فَإِن رَأَتْ النُّفَسَاء الطُّهْر دون الْأَرْبَعين صَامت وصلت وَلَا يَأْتِيهَا زَوجهَا إلاّ بعد أَرْبَعِينَ)
[/ حم.
رَوَاهُ ابْن عدي فِي ( الْكَامِل) وَفِي سَنَده مُحَمَّد بن سعيد عَن البُخَارِيّ،.

     وَقَالَ  ابْن معِين: إِنَّه يضع الحَدِيث، وَبِمَا رَوَاهُ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: [حم ( أقل الْحيض ثَلَاث وَأَكْثَره عشر، وَأَقل مَا بَين الحيضتين خَمْسَة عشر يَوْمًا) [/ حم.
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي ( الْعِلَل المتناهية) وَفِيه أَبُو دَاوُد النَّخعِيّ واسْمه سُلَيْمَان، قَالَ ابْن حبَان: كَانَ يضع الحَدِيث.
وَبِمَا روى أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( الْحيض ثَلَاثَة أَيَّام وَأَرْبَعَة وَخَمْسَة وَسِتَّة وَسَبْعَة وَثَمَانِية وَتِسْعَة وَعشرَة، فَإِذا جَاوز الْعشْرَة فَهِيَ اسْتِحَاضَة) ، رَوَاهُ ابْن عدي، وَفِيه الْحسن بن دِينَار ضَعِيف.
وَبِمَا رُوِيَ عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: ( أَكثر الْحيض عشر وَأقله ثَلَاث) ، ذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي ( التَّحْقِيق) ، وَفِيه حُسَيْن بن علوان، قَالَ ابْن حبَان: كَانَ يضع الحَدِيث.
وَأجَاب الْقَدُورِيّ فِي ( التَّجْرِيد) أَن ظَاهر الْإِسْلَام يَكْفِي لعدالة الرَّاوِي مَا لم يُوجد فِيهِ قَادِح، وَضعف الرَّاوِي لَا يقْدَح إلاّ أَن يُقَوي وَجه الضعْف..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ فِي ( شرح الْمُهَذّب) : إِن الحَدِيث إِذا رُوِيَ من طرق ومفرداتها ضِعَاف يحْتَج بِهِ، على أَنا نقُول: قد شهد لمذهبنا عدَّة أَحَادِيث من الصَّحَابَة بطرق مُخْتَلفَة كَثِيرَة يُقَوي بَعْضهَا بَعْضًا، وَإِن كَانَ كل وَاحِد ضَعِيفا، لَكِن يحدث عِنْد الِاجْتِمَاع مَا لَا بِحَدَث عِنْد الِانْفِرَاد، على أَن بعض طرقها صَحِيحَة، وَذَلِكَ يَكْفِي للاحتجاج، خُصُوصا فِي المقدرات، وَالْعَمَل بِهِ أولى من الْعَمَل بالبلاغات والحكايات المروية عَن نسَاء مَجْهُولَة، وَمَعَ هَذَا نَحن لَا نكتفي بِمَا ذكرنَا، بل نقُول: مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ بالآثار المنقولة عَن الصَّحَابَة، رَضِي الله عَنْهُم، فِي هَذَا الْبابُُ، وَقد أمعنا الْكَلَام فِيهِ فِي ( شرحنا للهداية) .
وقالَ مُعْتَمِرٌ عَنْ أبِيهِ سَأَلْتُ ابنَ سِيرِينَ عَنِ الْمَرْأةِ تَرَى الدَّمَ بَعْدَ قَرْئِهَا بِخَمْسَةِ أيَّامٍ قالَ النِّساءُ أعْلَمُ بِذَلِكَ.

مُعْتَمر هُوَ ابْن سُلَيْمَان، وَكَانَ أعبد أهل زَمَانه، وَأَبُو سُلَيْمَان بن طرحان، قَالَ شُعْبَة: مَا رَأَيْت أصدق من سُلَيْمَان، كَانَ إِذا حدث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَغَيَّر لَونه..
     وَقَالَ : شكه يَقِين، وَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْل كُله بِوضُوء عشَاء الْآخِرَة.
وَابْن سِيرِين هُوَ مُحَمَّد بن سِيرِين تقدم، وَوصل هَذَا الْأَثر الدَّارمِيّ عَن مُحَمَّد بن عِيسَى عَن مُعْتَمر، قَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله بعد قرئها أَي: طهرهَا لَا حَيْضهَا بِقَرِينَة لفظ الدَّم، وَالْغَرَض مِنْهُ أَن أقل الطُّهْر هَل يحْتَمل أَن يكون خَمْسَة أَيَّام أم لَا؟ .
قلت: لَيْسَ الْمَعْنى هَكَذَا، وَإِنَّمَا الْمَعْنى أَن ابْن سِيرِين سُئِلَ عَن امْرَأَة كَانَ لَهَا حيض مُعْتَاد، ثمَّ رَأَتْ بعد أَيَّام عَادَتهَا خَمْسَة أَيَّام أَو أقل أَو أَكثر، فَكيف يكون حكم هَذِه الزِّيَادَة؟ فَقَالَ ابْن سِيرِين: هِيَ أعلم بذلك، يَعْنِي التَّمْيِيز بَين الدمين رَاجع إِلَيْهَا، فَيكون المرئي فِي أَيَّام عَادَتهَا حيضا، وَمَا زَاد على ذَلِك اسْتِحَاضَة، فَإِن لم يكن لَهَا علم بالتمييز يكون حَيْضهَا مَا ترَاهُ إِلَى أَكثر مُدَّة الْحيض، وَمَا زَاد عَلَيْهَا يكون اسْتِحَاضَة، وَلَيْسَ المُرَاد من قَوْله: بعد قرئها، أَي: طهرهَا، كَمَا قَالَ الْكرْمَانِي، بل المُرَاد: بعد حَيْضهَا الْمُعْتَاد، كَمَا ذكرنَا..
     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) ، بعد ذكر هَذَا الْأَثر عَن ابْن سِيرِين: وَهَذَا يشْهد لمن يَقُول: الْقُرْء الْحيض، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة..
     وَقَالَ  السفاقسي: وَهُوَ قَول ابْن سِيرِين وَعَطَاء وَأحد عشر صحابيا وَالْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود ومعاذ وَقَتَادَة وَأَبُو الدَّرْدَاء وَأنس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَهُوَ قَول ابْن الْمسيب وَابْن جُبَير وطاووس وَالضَّحَّاك وَالنَّخَعِيّ وَالشعْبِيّ وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَإِسْحَاق وَأبي عبيد.



[ قــ :323 ... غــ :325 ]
- ح دّثنا أحْمَدُ بنُ أبِي رَجاءٍ قالَ حَدثنَا أبُو أسَامَةَ قالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ قالَ أَخْبرنِي أبي عنْ عائِشَةَ أنَّ فاطِمَةَ بِنْتَ أبِي حُبَيْشٍ سألَتِ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالتْ انِّي أُسْتَحَاضُ فَلاَ أطْهُرُ أفأدَعِ الصَّلاةَ فَقَالَ لاَ إنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ ولَكِنْ دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأيَّامِ التِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي.
.


وَجه مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكل ذَلِك إِلَى أمانتها وعادتها، فقد يقل ذَلِك وَيكثر على قدر أَحْوَال النِّسَاء فِي أسنانهن وبلدانهن.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: أَحْمد بن أبي رَجَاء، بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الْجِيم وبالمد، واسْمه عبد الله بن أَيُّوب الْهَرَوِيّ، ويكنى أَحْمد بِأبي الْوَلِيد، وَهُوَ حَنَفِيّ النّسَب لَا الْمَذْهَب، مَاتَ بهراة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة الْكُوفِي.
الثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة.
الرَّابِع: أَبُو عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام.
الْخَامِس: عَائِشَة الصديقة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، والإخبار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: السماع.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين هروي وكوفي ومدني.

وَقد ذكرنَا أَكثر بَقِيَّة الْأَشْيَاء فِي بابُُ الِاسْتِحَاضَة وَفِي بابُُ غسل الدَّم مستقصىً.

قَوْله: ( قَالَت: بَيَان لقولها: ( سَأَلت) ، ويروى: ( فَقَالَت) ، بِالْفَاءِ التفسيرية.
قَوْله: ( استحاض) بِضَم الْهمزَة على بِنَاء الْمَجْهُول، كَمَا يُقَال: استحيضت.
وَلم يبن هَذَا الْفِعْل للْفَاعِل، وأصل الْكَلِمَة من الْحيض، والزوائد للْمُبَالَغَة.
قَوْله: ( أفأدع؟) سُؤال عَن اسْتِمْرَار حكم الْحَائِض فِي حَالَة دوَام الدَّم وإزالته، وَهُوَ كَلَام من تقرر عِنْده أَن الْحَائِض مَمْنُوعَة من الصَّلَاة.
قَوْله: ( إِن ذَلِك عرق) ، أَي: دم عرق، وَهُوَ يُسمى بالعاذل.
قَوْله: ( وَلَكِن) للاستدراك.
فَإِن قيل: لَا بُد أَن يكون بَين كلامين متغايرين.
أُجِيب: بِأَن مَعْنَاهُ: لَا تتركي الصَّلَاة فِي كل الْأَوْقَات، لَكِن اتركيها فِي مِقْدَار الْعَادة.
وَلَفظ: قدر الْأَيَّام، مشْعر بِأَنَّهَا كَانَت مُعْتَادَة.
قَوْله: ( دعِي الصَّلَاة) أَي: اتركي الصَّلَاة قدر الْأَيَّام الَّتِي كنت تحيضين فِيهَا، مثلا إِن كَانَت عَادَتهَا من كل شهر عشرَة أَيَّام من أَولهَا، أَو من وَسطهَا، أَو من آخرهَا تتْرك الصَّلَاة عشرَة أَيَّام من هَذَا الشَّهْر، نَظِير ذَلِك فَإِن قلت من أَيْن كَانَت تحفظ فَاطِمَة عدد أَيَّامهَا الَّتِي كَانَت تحيضها أَيَّام الصِّحَّة؟ قلت: لَو لم تكن تحفظ ذَلِك لم يكن لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( دعِي الصَّلَاة قدر الْأَيَّام الَّتِي كنت تحيضين فِيهَا) من الشَّهْر، فَائِدَة.
وَقد جَاءَ فِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَغَيره، فِي حَدِيث أم سلمةٍ ( لتنظر عدَّة اللَّيَالِي وَالْأَيَّام الَّتِي كَانَت تحيض من الشَّهْر قبل أَن يُصِيبهَا الَّذِي أَصَابَهَا، فلتترك الصَّلَاة قدر ذَلِك من الشَّهْر، فَإِذا خلفت ذَلِك فلتغتسل ثمَّ لتستثفر بِثَوْب ثمَّ لتصلي) .
وَجَاء أَيْضا فِي حَدِيث فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ، فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إِذا كَانَ دم الْحَيْضَة فَإِنَّهُ دم أسود يعرف، فَإِذا كَانَ ذَلِك فأمسكي عَن الصَّلَاة، وَإِذا كَانَ الآخر فتوضئي، وَصلي، فَإِنَّمَا ذَلِك عرق) .
فَإِن قلت: كَيفَ كَانَ الْأَمر فِيمَن لم تحفظ عدد أَيَّامهَا؟ قلت: هَذِه مَسْأَلَة مَشْهُورَة فِي الْفُرُوع، وَهِي أَنَّهَا تحسب من كل شهر عشرَة حَيْضهَا وَيكون الْبَاقِي اسْتِحَاضَة، وَاحْتج الرَّازِيّ لِأَصْحَابِنَا فِي ( شرح مُخْتَصر الطَّحَاوِيّ) بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قدر الْأَيَّام الَّتِي تحيضين فِيهَا على تَقْدِير أقل الْحيض وَأَكْثَره، لِأَن أقل مَا يتَنَاوَلهُ اسْم الْأَيَّام ثَلَاثَة، وَأَكْثَره عشرَة أَيَّام، لِأَن مَا دون الثَّلَاثَة لَا تسمى أَيَّامًا، ونقول ثَلَاثَة أَيَّام إِلَى عشرَة أَيَّام، ثمَّ نقُول: أحد عشر يَوْمًا.