هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3275 حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ ، عَنْ هِشَامٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي ، قَالَ : ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3275 حدثني أحمد ابن أبي رجاء ، حدثنا النضر ، عن هشام ، قال : أخبرني أبي ، قال : ، سمعت عبد الله بن جعفر ، قال : سمعت عليا رضي الله عنه ، يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : خير نسائها مريم ابنة عمران ، وخير نسائها خديجة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated `Ali:

I heard the Prophet (ﷺ) saying, Mary, the daughter of `Imran, was the best among the women (of the world of her time) and Khadija is the best amongst the women. (of this nation).

'Abd Allah ibn Ja'far dit: «J'ai entendu 'Ali dire: J'ai entendu le Prophète () dire: Marie, la fille de 'Imrân, est la meilleure des femmes [de son temps] et Khadîja est la meilleure des femmes [de cette Nation] » Yubachchiruki et yabchuruki ont la même signification.

":"مجھ سے احمد بن ابی رجاء نے بیان کیا ، کہا ہم سے نضر نے بیان کیا ، ان سے ہشام ، کہا کہ مجھے میرے والد نے خبر دی ، کہا کہ میں نے عبداللہ بن جعفر سے سنا ، کہا کہ میں نے حضرت علی رضی اللہ عنہ سے سنا ، آپ نے بیان کیا کہمیں نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم سے سنا ، آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم فرما رہے تھے کہ مریم بنت عمران ( اپنے زمانہ میں ) سب سے بہترین خاتون تھیں اور اس امت کی سب سے بہترین خاتون حضرت خدیجہ ہیں ( رضی اللہ عنہا ) ۔

'Abd Allah ibn Ja'far dit: «J'ai entendu 'Ali dire: J'ai entendu le Prophète () dire: Marie, la fille de 'Imrân, est la meilleure des femmes [de son temps] et Khadîja est la meilleure des femmes [de cette Nation] » Yubachchiruki et yabchuruki ont la même signification.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [3432] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا النَّضر هُوَ بن شُمَيْل وَهِشَام هُوَ بن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ أَي بن أَبِي طَالِبٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ رَوَاهُ أَصْحَابُ هِشَامِ بن عُرْوَة عَنهُ هَكَذَا وَخَالفهُم بن جريج وبن إِسْحَاقَ فَرَوَيَاهُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ زَادَ فِي الْإِسْنَادِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَالصَّوَابُ إِسْقَاطُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ أَيْ نِسَاءِ أَهْلِ الدُّنْيَا فِي زَمَانِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَرْيَمَ خَيْرُ نِسَائِهَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَقَوْلِهِمْ زَيْدٌ أَفْضَلُ إِخْوَانِهِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِمَنْعِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قِيلَ فُلَانٌ أَفْضَلُ الدُّنْيَا وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى خَيْرُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَرْيَمُ وَفِي رِوَايَةٍ خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى واصطفاك على نسَاء الْعَالمين وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَرْيَمَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ النِّسَاءِ وَهَذَا لَا يَمْتَنِعُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ إِنَّهَا نَبِيَّةٌ.

.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ لَيْسَتْ بِنَبِيَّةٍ فَيَحْمِلُهُ عَلَى عَالَمِي زَمَانِهَا وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ الزَّجَّاجُ وَجَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يُرَادَ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ نِسَاءُ تِلْكَ الْأُمَّةِ أَوْ مِنْ فِيهِ مُضْمَرَةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ النِّسَاءِ الْفَاضِلَاتِ وَيَدْفَعُ ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْمُتَقَدِّمُ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ أَنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ غَيْرُهَا وَغَيْرُ آسِيَةَ .

     قَوْلُهُ  وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ أَيْ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ خَدِيجَةُ أَفْضَلُ نِسَاءِ الْأُمَّةِ مُطْلَقًا لِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخَرِ قِصَّةِ مُوسَى حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فِي ذِكْرِ مَرْيَمَ وَآسِيَةَ وَهُوَ يَقْتَضِي فَضْلَهُمَا عَلَى غَيْرِهِمَا مِنَ النِّسَاءِ وَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مَرْيَمَ أَفْضَلُ مِنْ آسِيَةَ وَأَنَّ خَدِيجَةَ أَفْضَلُ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ لِنِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ حَيْثُ قَالَ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ أَيْ مِنْ نسَاء الْأُمَم الْمَاضِيَةِ إِلَّا إِنْ حَمَلْنَا الْكَمَالَ عَلَى النُّبُوَّةِ فَيَكُونُ عَلَى إِطْلَاقِهِ وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَن بن عَبَّاسٍ أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ وَفَاطِمَةُ وَمَرْيَمُ وَآسِيَةُ وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ فَذَكَرَهُنَّ وَلِلْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ مَلَكٌ فَبَشَّرَهُ أَنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ خَدِيجَةَ مِنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمه الْمَسِيح عِيسَى بن مَرْيَم) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ بِزِيَادَةِ وَاوٍ فِي أَوَّلِ هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ غَلَطٌ وَإِنَّمَا وَقَعَتِ الْوَاوُ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا.

.
وَأَمَّا هَذِهِ فَبِغَيْرِ وَاوٍ .

     قَوْلُهُ  يَبْشُرُكِ وَيُبَشِّرُكِ وَاحِدٌ يَعْنِي بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُعْجَمَةِ وَالْأُولَى وَهِيَ بِالتَّخْفِيفِ قِرَاءَةُ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ وَحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ وَالْبَشِيرُ هُوَ الَّذِي يُخْبِرُ الْمَرْءَ بِمَا يَسُرُّهُ مِنْ خَيْرٍ وَقَدْ يُطْلَقُ فِي الشَّرِّ مَجَازًا .

     قَوْلُهُ  وَجِيهًا أَيْ شَرِيفًا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْوَجِيهُ الَّذِي يَشْرُفُ وَتُوَجِّهُهُ الْمُلُوكُ أَيْ تُشَرِّفُهُ وَانْتَصَبَ .

     قَوْلُهُ  وَجِيهًا عَلَى الْحَالِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  إِبْرَاهِيمُ الْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ وَصَلَهُ سُفْيَانُ الثَّوْريّ فِي تَفْسِير رِوَايَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنِ مَسْعُودٍ عَنْهُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ النَّخَعِيُّ قَالَ الْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ قَالَ الطَّبَرِيُّ مُرَادُ إِبْرَاهِيمَ بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ مَسَحَهُ فَطَهَّرَهُ مِنَ الذُّنُوبِ فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ.

.

قُلْتُ وَهَذَا بِخِلَافِ تَسْمِيَةِ الدَّجَّالِ الْمَسِيحَ فَإِنَّهُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ يُقَالُ إِنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ يَمْسَحُ الْأَرْضَ وَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ فَهُوَ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ قِيلَ فِي الْمَسِيحِ عِيسَى أَيْضًا أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ مَسْحِ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَقِرُّ فِي مَكَانٍ وَيُقَالُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَمْسَحُ ذَا عَاهَةٍ إِلَّا بَرِئَ وَقِيلَ لِأَنَّهُ مُسِحَ بِدُهْنِ الْبَرَكَةِ مَسَحَهُ زَكَرِيَّا وَقِيلَ يَحْيَى وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ مَمْسُوحَ الْأَخْمَصَيْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ جَمِيلًا يُقَالُ مَسَحَهُ اللَّهُ أَيْ خَلَقَهُ خَلْقًا حَسَنًا وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ مْ بِهِ مَسْحَةٌ مِنْ جَمَالٍ وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ لِأَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ الْمُسُوحَ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ الْكَهْلُ الْحَلِيم وَصله الْفرْيَابِيّ من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَكَهْلًا وَمن الصَّالِحين قَالَ الْكَهْلُ الْحَلِيمُ انْتَهَى وَقَدْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ إِنَّ هَذَا لَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ وَإِنَّمَا الْكَهْلُ عِنْدَهُمْ مَنْ نَاهَزَ الْأَرْبَعِينَ أَوْ قَارَبَهَا وَقِيلَ مَنْ جَاوَزَ الثَّلَاثِينَ وَقِيلَ بن ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُجَاهِدًا فَسَّرَهُ بِلَازِمِهِ الْغَالِبِ لِأَنَّ الْكَهْلَ غَالِبًا يَكُونُ فِيهِ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي قَوْلِهِ وَكَهْلًا هَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَجِيهًا أَوْ هُوَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يُكَلِّمُ أَيْ يُكَلِّمُهُمْ صَغِيرًا وَكَهْلًا وَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَّجِهُ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ .

     قَوْلُهُ  الْأَكْمَهُ مَنْ يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ وَلَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ مَنْ يُولَدُ أَعْمَى أَمَّا قَوْلُ مُجَاهِدٍ فَوَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ تَفَرَّدَ بِهِ مُجَاهِدٌ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَعْشَى.

.
وَأَمَّا قَوْلُ غَيْرِهِ فَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو عُبَيْدَة وَأخرجهالطَّبَرِيّ عَن بن عَبَّاسٍ وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ الْأَكْمَهَ الَّذِي يُولَدُ وَهُوَ مَضْمُومُ الْعَيْنِ وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ الْأَكْمَهُ الْأَعْمَى وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ عَنِ السّديّ وَعَن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا وَعَنِ الْحَسَنِ وَنَحْوِهِمْ قَالَ الطَّبَرِيُّ الْأَشْبَهُ بِتَفْسِيرِ الْآيَةِ قَوْلُ قَتَادَةَ لِأَنَّ عِلَاجَ مِثْلِ ذَلِكَ لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ وَالْآيَةُ سِيقَتْ لِبَيَانِ مُعْجِزَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَالْأَشْبَهُ أَنْ يُحْمَلَ الْمُرَادُ عَلَيْهَا وَيَكُونَ أَبْلَغَ فِي إِثْبَاتِ الْمُعْجِزَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدَيْثَيْنِ أَحَدُهُمَا حَدَيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي فَضْلِ مَرْيَمَ وَآسِيَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي آخَرِ قِصَّةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثَانِيهمَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي فَضْلِ نِسَاءِ قُرَيْشٍ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَوْله بَاب وَإِذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ الله اصطفاك الْآيَة)
إِلَى قَوْله أَيهمْ يكفل مَرْيَم يُقَالُ يَكْفُلُ يَضُمُّ كَفَلَهَا ضَمَّهَا مُخَفَّفَةً لَيْسَ مِنْ كَفَالَةِ الدُّيُونِ وَشَبَهِهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ مُخَفَّفَةً إِلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ وَقَرَأَهَا الْكُوفِيُّونَ كَفَّلَهَا بِالتَّشْدِيدِ أَي كفلها الله زَكَرِيَّا وَفِي قراءاتهم زَكَرِيَّا بِالْقَصْرِ إِلَّا أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ قَرَأَهُ بِالْمَدِّ فَاحْتَاجَ إِلَى أَنْ يَقْرَأَ زَكَرِيَّا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وكفلها زَكَرِيَّا يُقَالُ كَفَلَهَا بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا أَيْ ضَمَّهَا وَفِي قَوْله أَيهمْ يكفل مَرْيَم أَيْ يَضُمُّ انْتَهَى وَكَسْرُ الْفَاءِ هُوَ فِي قِرَاءَةِ بَعْضِ التَّابِعِينَ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الله اصطفاك عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ نَبِيَّةً وَلَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي ذَلِكَ وَأُيِّدَ بِذِكْرِهَا مَعَ الْأَنْبِيَاءِ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ وَلَا يَمْنَعُ وَصْفَهَا بِأَنَّهَا صِدِّيقَةٌ فَقَدْ وُصِفَ يُوسُفُ بِذَلِكَ وَقَدْ نُقِلَ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ فِي النِّسَاءِ عِدَّةَ نَبِيَّاتٍ وَحَصَرَهُنَّ بن حَزْمٍ فِي سِتٍّ حَوَّاءَ وَسَارَةَ وَهَاجَرَ وَأُمِّ مُوسَى وَآسِيَةَ وَمَرْيَمَ وَأَسْقَطَ الْقُرْطُبِيُّ سَارَةَ وَهَاجَرَ وَنَقَلَهُ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ مَرْيَمَ نَبِيَّةٌ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ الْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ أَن الإِمَام نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ مَرْيَمَ لَيْسَتْ نَبِيَّةً وَعَنِ الْحَسَنِ لَيْسَ فِي النِّسَاءِ نَبِيَّةٌ وَلَا فِي الْجِنِّ.

     وَقَالَ  السُّبْكِيُّ الْكَبِيرُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شَيْءٌ وَنَقَلَهُ السُّهَيْلِيُّ فِي آخِرِ الرَّوْضِ عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ

[ قــ :3275 ... غــ :3432] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا النَّضر هُوَ بن شُمَيْل وَهِشَام هُوَ بن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ أَي بن أَبِي طَالِبٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ رَوَاهُ أَصْحَابُ هِشَامِ بن عُرْوَة عَنهُ هَكَذَا وَخَالفهُم بن جريج وبن إِسْحَاقَ فَرَوَيَاهُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ زَادَ فِي الْإِسْنَادِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَالصَّوَابُ إِسْقَاطُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ أَيْ نِسَاءِ أَهْلِ الدُّنْيَا فِي زَمَانِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَرْيَمَ خَيْرُ نِسَائِهَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَقَوْلِهِمْ زَيْدٌ أَفْضَلُ إِخْوَانِهِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِمَنْعِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قِيلَ فُلَانٌ أَفْضَلُ الدُّنْيَا وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى خَيْرُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَرْيَمُ وَفِي رِوَايَةٍ خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى واصطفاك على نسَاء الْعَالمين وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَرْيَمَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ النِّسَاءِ وَهَذَا لَا يَمْتَنِعُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ إِنَّهَا نَبِيَّةٌ.

.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ لَيْسَتْ بِنَبِيَّةٍ فَيَحْمِلُهُ عَلَى عَالَمِي زَمَانِهَا وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ الزَّجَّاجُ وَجَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يُرَادَ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ نِسَاءُ تِلْكَ الْأُمَّةِ أَوْ مِنْ فِيهِ مُضْمَرَةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ النِّسَاءِ الْفَاضِلَاتِ وَيَدْفَعُ ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْمُتَقَدِّمُ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ أَنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ غَيْرُهَا وَغَيْرُ آسِيَةَ .

     قَوْلُهُ  وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ أَيْ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ خَدِيجَةُ أَفْضَلُ نِسَاءِ الْأُمَّةِ مُطْلَقًا لِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخَرِ قِصَّةِ مُوسَى حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فِي ذِكْرِ مَرْيَمَ وَآسِيَةَ وَهُوَ يَقْتَضِي فَضْلَهُمَا عَلَى غَيْرِهِمَا مِنَ النِّسَاءِ وَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مَرْيَمَ أَفْضَلُ مِنْ آسِيَةَ وَأَنَّ خَدِيجَةَ أَفْضَلُ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ لِنِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ حَيْثُ قَالَ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ أَيْ مِنْ نسَاء الْأُمَم الْمَاضِيَةِ إِلَّا إِنْ حَمَلْنَا الْكَمَالَ عَلَى النُّبُوَّةِ فَيَكُونُ عَلَى إِطْلَاقِهِ وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَن بن عَبَّاسٍ أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ وَفَاطِمَةُ وَمَرْيَمُ وَآسِيَةُ وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ فَذَكَرَهُنَّ وَلِلْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ مَلَكٌ فَبَشَّرَهُ أَنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ خَدِيجَةَ مِنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب { وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ * ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [آل عمران: 42] يُقَالُ: { يَكْفُلُ} : يَضُمُّ.
كَفَلَهَا: ضَمَّهَا، مُخَفَّفَةً, لَيْسَ مِنْ كَفَالَةِ الدُّيُونِ وَشِبْهِهَا.

هذا ( باب) بالتنوين من غير ترجمة وهو كالفصل من سابقه ( { وإذ قالت الملائكة} ) جبريل وحده لدلالة ما في سورة مريم على أن المتكلم معها جبريل حيث قال الله: { فأرسلنا إليها روحنا} [مريم: 17] ( { يا مريم إن الله اصطفاك} ) بأن قبلك للنذيرة ولم يقبل أنثى غيرك وتفريغك للعبادة وإغنائك برزق الجنة عن الكسب ( { وطهّرك} ) مما يستقذر من النساء ( { واصطفاك} ) بالهداية وإرسال جبريل إليك وتخصيصك بالكرامات السنية كالولد من غير أب وتبرئتك مما قذفتك اليهود بإنطاق الطفل ( { على نساء العالمين} ) وقد دلت هذه الآية على أنها أفضل من سائر النساء ( { يا مريم اقنتي لربك} ) اعبديه { واسجدي} صلي، وتسمية الشيء بأشرف أجزائه مجاز مشهور ( { واركعي مع الراكعين} ) لم يقل مع الراكعات لأن الاقتداء بالرجل حال الاختفاء من الرجال أفضل من الاقتداء بالنساء، وقدم السجود على الركوع إما لكونه كذلك في شريعتهم أو أن الواو لا تقتضي ترتيبًا ( { ذلك} ) مبتدأ أي ما ذكر من القصص خبره ( { من أنباء الغيب} ) وجملة ( { نوحيه إليك} ) مستأنفة والضمير في نوحيه إليك عائد على الغيب أي الأمر والشأن أنا نوحي إليك الغيب ونعلمك به ونظهرك على قصص من تقدمك مع عدم مدارستك لأهل العلم والإخبار، ولذلك أتى بالمضارع في نوحيه ( { وما كنت لديهم} ) بحضرتهم ( { إذ يلقون أقلامهم} ) أي سهامهم للاقتراع أو أقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة تبركًا ينظرون أو يقولون ( { أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون} ) [آل عمران: 42 - 43 - 44] تنافسًا في كفالتها إما لأن أباها عمران كان رئيسًا لهم، أو لأن أمها حررتها لعبادة الله تعالى ولخدمة بيته، وسقط لأبي ذر من قوله { وطهرك} إلى آخر قوله { أقلامهم} وقال بعد ( اصطفاك) الآية إلى قوله ( أيهم) .

( يقال: { يكفل} ) أي ( يضم كفلها) أي ( ضمها) زكريا إلى نفسه حال كون كفلها ( مخففة) وهي قراءة نافع وأبي عمرو وابن كثير وابن عامر، وقراءة الكوفيين بالتشديد أي كفلها الله تعالى ولا مخالفة بين القراءتين لأن الله تعالى لما كفلها إياه كفلها ( ليس من كفالة الدّيون) بالجمع وفي نسخة الدين ( وشبهها) .
قال في اللباب: الكفالة الضمان في الأصل ثم يستعار للضم والأخذ يقال منه كفل يكفل وكفل كعلم يعلم كفالة، وكفلاً فهو كافل وكفيل والكافل هو الذي ينفق على إنسان ويهتم بإصلاح حاله.


[ قــ :3275 ... غــ : 3432 ]
- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا -رضي الله عنه- يَقُولُ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ».
[الحديث 3432 - طرفه في: 3815] .

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( أحمد بن أبي رجاء) بالجيم عبد الله بن أيوب الحنفي الهروي قال: ( حدّثنا النضر) بالضاد المعجمة ابن شميل ( عن هشام) أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( أبي) عروة بن الزبير بن العوّام ( قال: سمعت عبد الله بن جعفر) بن أبي طالب ( قال: سمعت عليًا -رضي الله عنه- يقول: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( خير نسائها) أي خير نساء أهل الدنيا في زمانها ( مريم ابنة عمران) وليس المراد أن مريم خير نسائها لأنه يصير كقولهم: يوسف أحسن إخوته، وقد صرحوا بمنعه لأن أفعل التفضيل إذ أضيف وقصد به الزيادة على من أضيف له اشترط أن يكون منهم مثل: زيد أفضل الناس فإن لم يكن منهم فلا يجوز كما في يوسف أحسن إخوته لخروجه عنهم بإضافتهم إليه.

وقال الزركشي: في قوله هنا خير فيه وجهان.
أحدهما: أن يجعل خير بمعنى الخير لا على جهة التفضيل، وثانيهما: وهو الأصح أن الضمير راجع إلى الدنيا كما في زيد أفضل أهل الدنيا، ويجوز أن يكون على تقدير مضاف محذوف أي خير نساء زمانها مريم فيعود الضمير على مريم، وإنما جاز أن يرجع الضمير للدنيا وإن لم يجر لها ذكر لأنه يفسره الحال والمشاهدة.
وقد رواه النسائي من حديث ابن عباس بلفظ: أفضل نساء أهل الجنة، وحينئذٍ فالمعنى خير نساء أهل الجنة مريم، وفي رواية خير نساء العالمين وهو كقوله تعالى: { واصطفاك على نساء العالمين} [آل عمران: 42] وظاهره: أنها أفضل من جميع النساء، وقول من قال على عالمي زمانها ترك للظاهر.

قال القرطبي: خص الله تعالى مريم بما لم يؤته أحدًا من النساء، وذلك أن روح القدس كلمها وطهرها ونفخ في درعها، وليس هذا لأحد من النساء وصدقت بكلمات ربها ولم تسأل آية عندما بشرت كما سأل زكريا عليه الصلاة والسلام عن الآية، ولذلك سماها الله تعالى صديقة فقال: { وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين} [التحريم: 12] فشهد لها بالصديقية والتصديق والقنوت، ويحتمل أن يكون المراد كما قال الكرماني نساء بني إسرائيل أو من فيه مضمرة كما قال القاضي عياض:
( وخير نسائها) أي هذه الأمة ( خديجة) أم المؤمنين.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في فضل خديجة ومسلم في الفضائل والترمذي والنسائي في المناقب.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ)

هُوَ كالفصل لما قبله، فَلذَلِك جرد عَن التَّرْجَمَة.

{ وإِذْ قالَتِ المَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إنَّ الله اصْطَفَاكِ وطَهَّرَكِ واصْطَفَاكِ علَى نِسَاءِ العَالَمِينَ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ واسْجُدِي وارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ذَلِكَ مِنْ أنْباءِ الغَيْبِ نُوحِيهِ إلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إذْ يُلْقُونَ أقْلاَمَهُمْ أيُّهُمْ يَكْفَلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إذْ يَخْتَصِمُونَ} ( آل عمرَان: 24) .

هَذَا إِخْبَار من الله بِمَا خاطبت بِهِ الْمَلَائِكَة مَرْيَم، عَلَيْهَا السَّلَام، عَن أَمر الله لَهُم بذلك.
قَوْله: ( اصطفاك) أَي: اختارك وطهرك من الأكدار والوساوس واصطفاك ثَانِيًا مرّة بعد مرّة على نسَاء الْعَالمين.
قَوْله: ( اقنتي) أَمر من الْقُنُوت وَهُوَ الطَّاعَة، واسجدي واركعي، الْوَاو لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيب، وَقيل: مَعْنَاهُ استعملي السُّجُود فِي حَالَة وَالرُّكُوع فِي حَالَة، وَقيل: على حَالَة، وَكَانَ السُّجُود مقدما على الرُّكُوع فِي شرعهم.
قَوْله: { واركعي مَعَ الراكعين} أَي: لتكن صَلَاتك مَعَ الْجَمَاعَة،.

     وَقَالَ : مَعَ الراكعين،.

     وَقَالَ : مَعَ الراكعين، لِأَنَّهُ أَعم من الراكعات لوُقُوعه على الرِّجَال وَالنِّسَاء.
قَوْله: ( ذَلِك) ، إِشَارَة إِلَى مَا سبق من نبأ زَكَرِيَّا وَيحيى وَمَرْيَم وَعِيسَى، يَعْنِي: أَن ذَلِك من الغيوب الَّتِي لم تعرفها إلاَّ بِالْوَحْي.
قَوْله: ( نوحيه إِلَيْك) أَي: نَقصه عَلَيْك.
قَوْله: ( وَمَا كنت لديهم) أَي: وَمَا كنت يَا مُحَمَّد عِنْدهم.
قَوْله: ( إِذْ يلقون أقلامهم) أَي: حِين يلقون، أَي: يطرحون أقلامهم وَهِي أقداحهم الَّتِي طرحوها فِي النَّهر مقترعين، وَقيل: هِيَ الأقلام الَّتِي كَانُوا يَكْتُبُونَ بهَا التَّوْرَاة، اختاروها للقرعة تبركاً بهَا.
قَوْله: ( إِذْ يختصمون) ، فِي شَأْنهَا تنافساً فِي التكفل بهَا لرغبتهم فِي الْأجر.

يُقالُ: يَكْفُلُ يَضُمُّ كَفَلَهَا ضَمَّهَا مُخَفَفَةً لَيْسَ مِنْ كَفالَةِ الدُّيُونِ وشَبْهِهَا
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: { إيهم يكفل مَرْيَم ... } إِلَى قَوْله { وكفَّلها زَكَرِيَّا} ( آل عمرَان: 73) .
يَعْنِي: ضم مَرْيَم إِلَى نَفسه وَمَا ذَاك إلاَّ أَنَّهَا كَانَت يتيمة، قَالَه ابْن إِسْحَاق،.

     وَقَالَ  غَيره: إِن بني إِسْرَائِيل أَصَابَتْهُم سنة جَدب فكفل زَكَرِيَّا مَرْيَم لذَلِك، وَلَا مُنَافَاة بَين الْقَوْلَيْنِ.
قَوْله: ( مُخَفّفَة) ، أَي: حَال كَون كلمة: كفلها، بتَخْفِيف الْفَاء، وَفِي قَوْله: ( لَيْسَ من كَفَالَة الدُّيُون) نظر، لِأَن فِي كَفَالَة الدُّيُون أَيْضا معنى الضَّم، لِأَن الْكفَالَة ضم الذِّمَّة إِلَى الذِّمَّة فِي الْمُطَالبَة، وَقِرَاءَة التَّخْفِيف قِرَاءَة الْجُمْهُور، وَقِرَاءَة الْكُوفِيّين عَاصِم وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ بالتثقيل، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ وهم: نَافِع وَابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَابْن عَامر بِالتَّخْفِيفِ فِي: كفلها، وعَلى التَّشْدِيد، فينتصب زَكَرِيَّا على المفعولية،.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال فِي: كفلها زَكَرِيَّا، بِفَتْح الْفَاء وَكسرهَا، وبالكسر قَرَأَ بعض التَّابِعين.



[ قــ :3275 ... غــ :3432 ]
- حدَّثني أحْمَدُ بنُ أبِي رَجاءٍ حدَّثنا النَّضْرُ عنْ هِشَامٍ قَالَ أخبرَنِي أبي قَالَ سَمِعْتُ عبدَ الله ابنَ جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيّاً رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ خَيْرُ نِسائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ وخَيْرُ نِسائِهَا خَدِيجَةُ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
( الحَدِيث 2343 طرفه فِي: 5183) .


مطابقته للبابُ المترجم فِي قَوْله: ( ابْنة عمرَان) .

ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: أَحْمد بن أبي رَجَاء بِالْجِيم واسْمه عبد الله بن أَيُّوب أَبُو الْوَلِيد الْحَنَفِيّ الْهَرَوِيّ.
الثَّانِي: النَّضر بن شُمَيْل، وَقد مر غير مرّة.
الثَّالِث: هِشَام ابْن عُرْوَة.
الرَّابِع: أَبوهُ عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام.
الْخَامِس: عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب.
السَّادِس: عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: حَدثنِي أَحْمد، وَفِي بعض النّسخ: حَدثنَا، بِصِيغَة الْجمع.
وَفِيه: التحديث أَيْضا بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: السماع فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين.
وَفِيه: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: رَوَاهُ أَصْحَاب هِشَام بن عُرْوَة عَنهُ، هَكَذَا وَخَالفهُم ابْن جريج وَابْن إِسْحَاق فروياه عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عبد الله بن الزبير عَن عبد الله بن جَعْفَر، وَقد زَاد فِي الْإِسْنَاد: عبد الله بن الزبير، وَالصَّوَاب الأول.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي فضل خَدِيجَة وَصدقَة بن الْفضل.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن أبي كريب وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن إِسْحَاق ابْن هَارُون.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن أَحْمد بن حَرْب.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( خير نسائها) ، أَي: خير نسَاء أهل الدُّنْيَا فِي زمانها، وَلَيْسَ المُرَاد أَن مَرْيَم خير نسائها، لِأَنَّهُ يصير كَقَوْلِهِم، يُوسُف أحسن إخْوَته، وَقد مَنعه النُّحَاة، وَعَن وَكِيع: أَي خير نسَاء الأَرْض فِي عصرها،.

     وَقَالَ  القَاضِي: أَي من خير نسَاء الأَرْض..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: يحْتَمل أَن يُرَاد بقوله: خير نسائها مَرْيَم، نسَاء بني إِسْرَائِيل، وَبِقَوْلِهِ: خير نسائها خَدِيجَة، نسَاء الْعَرَب أَو تِلْكَ الْأمة، وَهَذِه الْأمة وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس: أفضل نسَاء أهل الْجنَّة خَدِيجَة بنت خويلد وَفَاطِمَة بنت مُحَمَّد وَمَرْيَم بنت عمرَان وآسية بنت مُزَاحم امْرَأَة فِرْعَوْن، وَرَوَاهُ أَبُو يعلى أَيْضا، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مسقصىً فِي: بابُُ قَول الله تَعَالَى: { وَضرب الله مثلا للَّذين آمنُوا امْرَأَة فِرْعَوْن} ( التَّحْرِيم: 11) .