هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3498 حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَا يَزَالُ أَمْرُ النَّاسِ مَاضِيًا مَا وَلِيَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا ، ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلِمَةٍ خَفِيَتْ عَلَيَّ ، فَسَأَلْتُ أَبِي : مَاذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ : كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ، وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ سِمَاكٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ : لَا يَزَالُ أَمْرُ النَّاسِ مَاضِيًا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3498 حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن جابر بن سمرة ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا ، ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت علي ، فسألت أبي : ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : كلهم من قريش ، وحدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا أبو عوانة ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث ، ولم يذكر : لا يزال أمر الناس ماضيا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت علي، فسألت أبي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال كلهم من قريش.


المعنى العام

قضية مهمة في حياة البشر، قضية الإمارة والولاية الكبرى للمسلمين، وكان العرب قبل الإسلام يحكم كل قبيلة منهم شيخ القبيلة، فلما جاء الإسلام، واستقرت دولته بالمدينة حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم القبائل المختلفة بعد أن وحد بينهم بالإسلام، فصارت العصبية إسلامية، لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى، لكن الناس معادن، وبعض القبائل لها شرف على بعض بالحسب والنسب، وخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا وكانت العرب تعترف قبل الإسلام بفضيلة قريش، أصالة وكرما وشهامة ونجدة وعفة وقربا من الله لأنهم أهل حرم الله وحماته، ولما جاء الإسلام جاء نبيه صلى الله عليه وسلم من قريش، فزادهم فخرا وامتيازا، وإذا كان الإسلام قد حارب العصبية القبلية فإنه لم يلغ تفاضل القبائل في الشرف، فهو القائل إن الله اصطفى من ولد إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم والعرب وهم قريبو عهد بالجاهلية لا ينسون فضائل القبائل، ويدينون لفضلاها بالولاء والطاعة، والإمارة أحوج ما تكون إلى الولاء والطاعة.
ومن هنا أشار صلى الله عليه وسلم إلى جعل الإمارة بعده في قريش، مع استيفاء مؤهلات الإمارة الأخرى، فكان هذا التخصيص في الحديث، وكان هذا الترغيب في جعل الخليفة قرشيا، وكان حثا للقرشيين أن يحافظوا على أن يكونوا أهلا للخلافة بعده، فقال: الناس في الجاهلية يتبعون قريشا، خيارهم يتبع خيار قريش، فمسلمهم يتبع محمدا صلى الله عليه وسلم وهو قرشي، وشرارهم يتبع شرار قريش، فكافرهم كان يتبع أبا سفيان وزعماء قريش في حربهم للإسلام، وستبقى تبعية الناس لقريش فترة من الزمان، وستكون الخلافة فيهم ما أقاموا شريعة الإسلام، سيمضي في الناس اثنا عشر خليفة بعدي كلهم من قريش، ثم تتغلب القبائل الأخرى، فتنحى القرشيين عن الخلافة، وتحتل مكانتهم ومنعتهم وسؤدهم.

فحافظوا معشر قريش على سيادتكم، وحافظوا أيها المسلمون على ولائكم لقريش ما أقاموا الدين وأطاعوا الله فيكم، فإذا عصوه فلا طاعة لهم عليكم.

المباحث العربية

( كتاب الإمارة) المراد بها هنا الخلافة، والإمارة والولاية العظمى فـال في الإمارة للكمال.

( الناس تبع لقريش في هذا الشأن) أي في الرئاسة، والمراد من الناس الجنس الصادق ببعض الأفراد، وليست للاستغراق فهناك كان الفرس والروم، وغيرهم.

( مسلمهم لمسلمهم وكافرهم لكافرهم) في الرواية الثانية مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم وفي الرواية الثالثة الناس تبع لقريش في الخير والشر قال النووي: معناه في الإسلام والجاهلية، لأن قريشا كانوا في الجاهلية رؤساء العرب، وأصحاب حرم الله، وأهل حج بيت الله، وكانت العرب تنظر إلى إسلامهم، فلما أسلموا، وفتحت مكة تبعهم الناس، وجاءت وفود العرب من كل جهة، ودخل الناس في دين الله أفواجا ، وكذلك في الإسلام، هم أصحاب الخلافة، والناس تبع لهم.
اهـ.
وفي هذا القول نظر، لأنه إن كان تعبيرا عن الواقع فالواقع لا يؤيده، فلم تكن القبائل العربية الأخرى تخضع لحكم قريش، وإن كانت تحترمها، فلم يكونوا تبعا لها في الجاهلية، وأما كونهم أصحاب الخلافة في الإسلام فلم يكن ذلك واقعا إلا في الصدر الأول، وإن كان تعبيرا عما ينبغي فهذا أمر آخر لكنه لا يتفق مع كلامه الآتي في فقه الحديث.

( لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان) ما في ما بقي ظرفية مصدرية، أي مدة بقاء اثنين من الناس على قيد الحياة، فهو كناية عن التأبيد إلى قيام الساعة وليس المراد حقيقة العدد، وهل الجملة خبرية لفظا ومعنى؟ فهي إخبار عما سيقع؟ أو خبرية لفظا طلبية معنى، أي ينبغي أن يكون الأمر كذلك؟ التحقيق في فقه الحديث، قال ابن هبيرة: يحتمل أن يكون على ظاهره، وأنهم لا يبقى منهم في آخر الزمان إلا اثنان، أمير ومؤمر عليه، والناس لهم تبع، فحقيقة العدد مرادة.

( إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة...كلهم من قريش) معناه إن كون الخلافة في قريش بعدي سيبقى قائما متحققا حتى يتعاقب على الأمة الإسلامية اثنا عشر خليفة كلهم من قريش، ثم تخرج الخلافة من قريش، وفي الرواية السادسة لا يزال أمر الناس ماضيا ملتزمين جعل الخلافة في قريش ما وليهم اثنا عشر رجلا خليفة كلهم من قريش وفي الرواية السابعة لا يزال الإسلام عزيزا أي منيعا من التغيير، في هذه الجزئية، وهي كون الخلافة في قريش إلى اثني عشر خليفة أي لا يزال هذا الحكم ماضيا وقائما ونافذا إلى اثني عشر خليفة، وفي الرواية الثامنة لا يزال هذا الأمر عزيزا إلي... وفي الرواية التاسعة لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا إلي....
وفي الرواية العاشرة لا يزال الدين قائما... وهذه الروايات من قبيل الرواية بالمعنى، لأن الراوي واحد، والمخرج واحد، والمقولة واحدة.

قال النووي: قال القاضي: قد نوجه هنا سؤال، وهو أنه قد ولي أكثر من هذا العدد.
قال: وهذا اعتراض باطل، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقل: لا يلي إلا اثنا عشر خليفة، وإنما قال: يلي وقد ولي هذا العدد، ولا يضر كونه وجد بعدهم غيرهم.
هذا إن جعل المراد باللفظ كل وال ويحتمل أن يكون المراد مستحقي الخلافة العادلين، وقد مضى منهم من علم، ولا بد من تمام هذا العدد قبل قيام الساعة، قال: وقيل: إن معناه أنهم يكونون في عصر واحد، يتبع كل واحد منهم طائفة.
قال القاضي: ولا يبعد أن يكون هذا قد وجد، إذا تتبعت التواريخ، فقد كان بالأندلس وحدها منهم في عصر واحد ثلاثة كلهم يدعيها، ويلقب بها وكان حينئذ في مصر آخر، وكان هناك خليفة الجماعة العباسية ببغداد، وكان هناك سوى ذلك من يدعي الخلافة في ذلك الوقت في أقطار الأرض.
قال: ويعضد هذا التأويل قوله في كتاب مسلم بعد هذا: ستكون خلفاء فيكثرون.
قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا بيعة الأول فالأول قال: ويحتمل أن المراد من يعز الإسلام في زمنه، ويجتمع المسلمون عليه، كما جاء في سنن أبي داود كلهم تجتمع عليه الأمة وهذا قد وجد قبل اضطراب أمر بني أمية، واختلافهم في زمن يزيد بن الوليد، وخرج عليه بنو العباس، قال: ويحتمل أوجها آخر، والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم اهـ.

وقد أطال الحافظ ابن حجر الكلام في هذه المسألة إطالة شعبتها من غير طائل ولا انضباط، وقال ابن الجوزي في كشف المشكل: قد أطلت البحث عن معنى هذا الحديث، وتطلبت مظانه، وسألت عنه، فلم أقع على المقصود به، لأن ألفاظه مختلفة، ولا أشك أن التخليط فيها من الرواة.
والله أعلم.

( ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت علي) لعدم سماعي لها جيدا، فلم أتبين ألفاظها، وفي الرواية السابعة لم أفهمها وفي الثامنة بشيء لم أفهمه أي لعدم سماعي لها، وفي التاسعة فقال كلمة صمنيها الناس بفتح الصاد وتشديد الميم المفتوحة، أي أصموني عنها، فلم أسمعها لكثرة الكلام، قال النووي: ووقع في بعض النسخ صمتنيها الناس أي أسكتوني عن السؤال عنها.

( عصيبة من المسلمين يفتتحون البيت الأبيض، بيت كسرى -أو آل كسرى-) عصيبة بضم العين وفتح الصاد، تصغير عصبة وهي الجماعة.

( إن بين يدي الساعة كذابين) يدعون النبوة، ففي البخاري لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون، قريب من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله.

( أنا الفرط على الحوض) بفتح الفاء والراء، أي السابق إلى الحوض، والمنتظر لسقيكم منه، والفرط والفارط هو الذي يتقدم القوم إلى الماء، ليهيئ لهم ما يحتاجون إليه.

فقه الحديث

قال النووي: هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر على أن الخلافة مختصة بقريش، لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم، وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة، فكذلك بعدهم، ومن خالف فيه من أهل البدع، أو عرض بخلاف من غيرهم، فهو محجوج بإجماع الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وبالأحاديث الصحيحة.
قال: قال القاضي: اشتراط كونه قرشيا هو مذهب العلماء كافة، قال: وقد احتج به أبو بكر وعمر رضي الله عنهما على الأنصار يوم السقيفة، فلم ينكره أحد، قال القاضي: وقد عدها العلماء في مسائل الإجماع، ولم ينقل عن أحد من السلف فيها قول ولا فعل يخالف ما ذكرنا، وكذلك من بعدهم في جميع الأعصار.
قال: ولا اعتداد بقول النظام ومن وافقه من الخوارج وأهل البدع أنه يجوز كونه من غير قريش، ولا بسخافة ضرار بن عمرو في قوله: إن غير القرشي، من النبط وغيرهم يقدم على القرشي، لهوان خلعه إن عرض منه أمر، وهذا الذي قاله من باطل القول وزخرفه، مع ما هو عليه من مخالفة إجماع المسلمين.
اهـ.

وتفصيل الكلام في هذه المسألة في نقاط:

الأولى: احتمال أن الحديث إخبار عما سيقع، وخبر الصادق لا يتخلف، وفي هذا الاحتمال احتمالان:

( أ) أنه إخبار عما سيقع فترة من الزمان، والمراد الخلافة الأولى، أو ثلاثون سنة، أو اثنا عشر خليفة يشير إلى هذا الاحتمال رواياتنا الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة.

قال القاضي: وجاء في الحديث الخلافة بعدي ثلاثين سنة، ثم تكون ملكا وجمع بينه وبين حديث اثني عشر خليفة بأن المراد في حديث الخلافة ثلاثون سنة خلافة النبوة، قال: وقد جاء مفسرا في بعض الروايات خلافة النبوة بعدي ثلاثون سنة، ثم تكون ملكا ولم يشترط هذا في الاثنى عشر، أي لم يشترط خلافة النبوة.
قال: والثلاثون سنة لم يكن فيها إلا الخلفاء الراشدون الأربعة، والأشهر التي بويع فيها الحسن بن علي.

وهذا الفريق يؤول ما ورد من الأحاديث مما ظاهره التأبيد، فيقيد المطلق بهذه القيود، ويفسر روايتنا الرابعة لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان بأن المراد من الناس جيل الصحابة الذين كانوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار، وهم المتكلم معهم بهذا الحديث، وكأنه يقول: ما بقي منكم اثنان، كحديث أرأيتكم ليلتكم هذه؟ فإن رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد يؤيد هذا التأويل أن كلمة الناس هنا لا يقصد بها جميع الخلق، فمن الضروري أن يراد منها جماعة بعينها، كقوله تعالى: { { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } } [آل عمران: 173] والحديث على هذا تطرق إليه الاحتمال، فيسقط به الاستدلال على تأبيد الأمر في قريش.

( ب) الاحتمال الثاني أن الحديث إخبار عما سيقع، مقيدا بما صح من قيود، ففي البخاري إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين فإن مفهومه فإذا لم يقيموا الدين لا يكون فيهم، وعند ابن إسحاق في قصة سقيفة بني ساعدة وبيعة أبي بكر، فقال أبو بكر: وإن هذا الأمر في قريش ما أطاعوا الله، واستقاموا على أمره وعند الطبراني والطيالسي والبزار والبخاري في التاريخ عن أنس ألا إن الأمراء من قريش ما حكموا فعدلوا وفيه فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله وعند أحمد يا معشر قريش إنكم أهل هذا الأمر، ما لم تحدثوا، فإذا غيرتم بعث الله عليكم من يلحاكم كما يلحى القضيب وعند الشافعي والبيهقي أنه صلى الله عليه وسلم قال لقريش: أنتم أولى الناس بهذا الأمر ما كنتم على الحق، إلا أن تعدلوا عنه فتلحون كما تلحى هذه الجريدة وعند الطيالسي والطبراني استقيموا لقريش ما استقاموا لكم، فإن لم يستقيموا فضعوا سيوفكم على عواتقكم، فأبيدوا خضراءهم.

قال الحافظ ابن حجر: فمفهوم حديث ما أقاموا الدين أنهم إذا لم يقيموا الدين خرج الأمر عنهم، ويؤخذ من هذه الأحاديث [التي سقناها] أن خروجه عنهم إنما يقع بعد إيقاع ما هددوا به من اللعن أولا، وهو الخذلان وفساد التدبير، وقد وقع ذلك في صدر الدولة العباسية، بحيث صاروا مع مواليهم كالصبي المحجور عليه يقتنع بلذاته، ويباشر الأمور غيره، ثم اشتد الخطب، فغلب عليهم الديلم، فضايقوهم في كل شي، حتى لم يبق للخليفة إلا الخطبة، واقتسم المتغلبون الممالك في جميع الأقاليم، ثم طرأ عليهم طائفة بعد طائفة حتى انتزع الأمر منهم في جميع الأقطار، ولم يبق للخليفة إلا مجرد الاسم في بعض الأمصار.
اهـ.

النقطة الثانية: احتمال أن الحديث طلب في المعنى، أي ينبغي أن يكون هذا الأمر في قريش، وليس على إطلاقه أيضا، بل مع ملاحظة القيود الواردة في الأحاديث ما أقاموا الدين مع مراعاة أهليتهم لهذا الأمر، فإن فقدوا أهلية الحكم لا يولون، ومعنى هذا أنهم لو تساووا مع غيرهم في الأهلية قدم القرشي.

النقطة الثالثة: أن الإسلام لا يشجع العصبية القبلية، بل مبادئه ترفضها وتحاربها، فالقرآن الكريم يقول { { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم } } [الحجرات: 13] ويقول صلى الله عليه وسلم: لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى ويقول اسمعوا وأطيعوا وإن ولي عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ويقول في خطبة الوداع وإن استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله فاسمعوا وأطيعوا.

ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذر من تولية غير الأصلح، بقطع النظر عن قبيلته، فهو يقول من ولي على عصابة رجلا، وهو يجد من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين.

ويروي الطبري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين طعن، وقيل له: يا أمير المؤمنين.
لو استخلفت؟ قال: من أستخلف؟ لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا استخلفته، فإن سألني ربي؟ قلت: سمعت نبيك صلى الله عليه وسلم يقول: إنه أمين هذه الأمة ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا استخلفته، فإن سألني ربي قلت: سمعت نبيك صلى الله عليه وسلم يقول: إن سالما شديد الحب لله وسالم مولى أبي حذيفة غير قرشي، وجاء في أحمد عن عمر قوله: إن أدركني أجلي وأبو عبيدة حي استخلفته، فإن أدركني أجلي وقد مات أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل، ومعاذ بن جبل أنصاري لا نسب له في قريش.

ثم إن الذين يذهبون إلى اشتراك القرشية نراهم أحيانا لا يعتبرون هذا الشرط واجبا في الحاكم لا يجوز تخلفه، فنراهم يشترطون الكفاءة بالدرجة الأولى، فهذا النووي يقول في روضة الطالبين: فإن لم يوجد قرشي مستجمع للشروط فكناني، فإن لم يوجد فرجل من ولد إسماعيل عليه السلام، فإن لم يوجد فيهم مستجمع للشروط فإنه يولي رجل من العجم.

ويقول الجويني: إذا وجد قرشي ليس بذي دراية، وعاصره عالم تقي، يقدم العالم التقي، ومن لا كفاية فيه فلا احتفال به، ولا اعتداد بمكانه أصلا.

النقطة الرابعة: أوضحنا شرط القرشية عند أهل السنة والفقهاء، وعقبنا على أقوالهم، وبقي أن نستعرض المذاهب الأخرى:

1- فلم تكتف بعض الطوائف باشتراط القرشية، بل قيدت الشيعة القرشي بأن يكون من ولد علي رضي الله عنه، ثم اختلفوا اختلافا شديدا في تعيين بعض ذرية علي.

2- وقيدت طائفة القرشي بأن يكون من ولد العباس، وهو قول أبي مسلم الخراساني وأتباعه.

3- ونقل ابن حزم أن طائفة تقيد القرشي بأن يكون من ولد جعفر بن أبي طالب.

4- وقالت طائفة: شرطه أن يكون من ولد عبد المطلب.

5- وعن بعضهم: لا يجوز إلا في بني أمية.

6- وعن بعضهم: لا يجوز إلا في ولد عمر.

7- وقالت الخوارج وطائفة من المعتزلة.
يجوز أن يكون الإمام غير قرشي، وإنما يستحق الإمامة من قام بالكتاب والسنة، سواء كان عربيا أم أعجميا، والذي نقل عن الجبائي زعيم المعتزلة قوله: إذا لم يوجد من قريش من يصلح للإمامة، فإنه يجب نصب واحد من غير قريش، ممن يصلح لهذا الأمر، وقد نقلنا عن النووي ما هو قريب من هذا.

8- وبالغ ضرار بن عمرو فقال: تولية غير القرشي أولى من تولية القرشي، لأنه يكون أقل عشيرة، فإذا عصى سهل وأمكن خلعه.

هذا وقد استدل بعض الشافعية بتقديم القرشي على غيره على رجحان مذهب الشافعي، وعارضه عياض، وعقب عليه النووي وغيره بأن في الأحاديث ما يدل على أن للقرشي مزية على غيره، فيصح الاستدلال به لترجيح الشافعي على غيره، وليس مراد المستدل أن الفضل لا يكون إلا للقرشي، بل المراد أن كونه قرشيا من أسباب الفضل والتقدم، كما أن من أسباب الفضل والتقدم الورع والفقه والقراءة والسن وغيرها، فالمستويان في جميع الخصال إذا اختص أحدهما بخصلة منها دون صاحبه ترجح عليه، فيصح الاستدلال على تقديم الشافعي على من ساواه في العلم والدين، من غير قريش، لأن الشافعي قرشي.
اهـ.

ويؤخذ من الرواية العاشرة فوق ما تقدم

1- ضبط الصحابة لرواياتهم بذكر يوم السماع تحديدا من أيام الأسبوع، وإشارة بالأحداث المهمة، وذكر ذلك لزيادة التوثيق.

2- وفي إخباره صلى الله عليه وسلم عن افتتاح المسلمين لبيت كسرى معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإخباره عما سيقع، وقد فتحوه بحمد الله في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

3- وفيه أن يبدأ الإنسان بنفسه وأهل بيته، كما في قوله صلى الله عليه وسلم ابدأ بنفسك ثم بمن تعول.

4- وفيه إثبات الحوض، وتقدمه صلى الله عليه وسلم إليه.

5- وفيه جمع الراوي لأحاديث متعددة ذكرت متفرقة في أزمنة مختلفة فيجمعها الراوي في حديث واحد، ولو كانت في مواضيع مختلفة.

والله أعلم.