هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4321 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْعَمْيَاءِ ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي أُمَامَةَ ، حَدَّثَهُ ، أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَأَبُوهُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِالْمَدِينَةِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ ، فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي صَلَاةً خَفِيفَةً دَقِيقَةً كَأَنَّهَا صَلَاةُ مُسَافِرٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ أَبِي : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، أَرَأَيْتَ هَذِهِ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ أَوْ شَيْءٌ تَنَفَّلْتَهُ ، قَالَ : إِنَّهَا الْمَكْتُوبَةُ ، وَإِنَّهَا لَصَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَخْطَأْتُ إِلَّا شَيْئًا سَهَوْتُ عَنْهُ ، فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ ، فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارِ { وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ } ثُمَّ غَدَا مِنَ الْغَدِ فَقَالَ : أَلَا تَرْكَبُ لِتَنْظُرَ وَلِتَعْتَبِرَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَرَكِبُوا جَمِيعًا فَإِذَا هُمْ بِدِيَارٍ بَادَ أَهْلُهَا وَانْقَضَوْا وَفَنُوا خَاوِيَةٍ عَلَى عُرُوشِهَا ، فَقَالَ : أَتَعْرِفُ هَذِهِ الدِّيَارَ ؟ فَقُلْتُ : مَا أَعْرَفَنِي بِهَا وَبِأَهْلِهَا ، هَذِهِ دِيَارُ قَوْمٍ أَهْلَكَهُمُ الْبَغْيُ وَالْحَسَدُ ، إِنَّ الْحَسَدَ يُطْفِئُ نُورَ الْحَسَنَاتِ ، وَالْبَغْيُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ ، وَالْعَيْنُ تَزْنِي ، وَالْكَفُّ ، وَالْقَدَمُ ، وَالْجَسَدُ ، وَاللِّسَانُ ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4321 حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء ، أن سهل بن أبي أمامة ، حدثه ، أنه دخل هو وأبوه على أنس بن مالك بالمدينة في زمان عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة ، فإذا هو يصلي صلاة خفيفة دقيقة كأنها صلاة مسافر أو قريبا منها ، فلما سلم قال أبي : يرحمك الله ، أرأيت هذه الصلاة المكتوبة أو شيء تنفلته ، قال : إنها المكتوبة ، وإنها لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخطأت إلا شيئا سهوت عنه ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم ، فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم ، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار { ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم } ثم غدا من الغد فقال : ألا تركب لتنظر ولتعتبر ؟ قال : نعم ، فركبوا جميعا فإذا هم بديار باد أهلها وانقضوا وفنوا خاوية على عروشها ، فقال : أتعرف هذه الديار ؟ فقلت : ما أعرفني بها وبأهلها ، هذه ديار قوم أهلكهم البغي والحسد ، إن الحسد يطفئ نور الحسنات ، والبغي يصدق ذلك أو يكذبه ، والعين تزني ، والكف ، والقدم ، والجسد ، واللسان ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Anas ibn Malik:

Sahl ibn AbuUmamah said that he and his father (AbuUmamah) visited Anas ibn Malik at Medina during the time (rule) of Umar ibn AbdulAziz when he (Anas ibn Malik) was the governor of Medina. He was praying a very short prayer as if it were the prayer of a traveller or near it.

When he gave a greeting, my father said: May Allah have mercy on you! Tell me about this prayer: Is it obligatory or supererogatory?

He said: It is obligatory; it is the prayer performed by the Messenger of Allah (ﷺ). I did not make a mistake except in one thing that I forgot.

He said: The Messenger of Allah (ﷺ) used to say: Do not impose austerities on yourselves so that austerities will be imposed on you, for people have imposed austerities on themselves and Allah imposed austerities on them. Their survivors are to be found in cells and monasteries. (Then he quoted:) Monasticism, they invented it; we did not prescribe it for them.

Next day he went out in the morning and said: will you not go out for a ride, so that you may see something and take a lesson from it?

He said: Yes. Then all of them rode away and reached a land whose inhabitants had perished, passed away and died. The roofs of the town had fallen in.

He asked: Do you know this land? I said: Who acquainted me with it and its inhabitants? (Anas said:) This is the land of the people whom oppression and envy destroyed. Envy extinguishes the light of good deeds, and oppression confirms or falsifies it. The eye commits fornication, and the palm of the hand, the foot, body, tongue and private part of the body confirm it or deny it.

شرح الحديث من عون المعبود لابى داود

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    [4904] ( أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ) أَيْ سَهْلٌ ( وَأَبُوهُ) أَيْ أَبُو أُمَامَةَ ( وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ) أَيْ وَكَانَ أنس أميرQقال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله وفي سنن بن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث أَبِي الزِّنَاد عَنْ أَنَس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الْحَسَد يَأْكُل الْحَسَنَات كَمَا تَأْكُل النَّار الحطب والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الْمَاء النَّار وَالصَّلَاة نُور الْمُؤْمِن وَالصِّيَام جَنَّة مِنْ النَّار
لَمَّا كَانَ الْحَاسِد يَكْرَه نِعْمَة اللَّه عَلَى عِبَاده وَالْمُتَصَدِّق يُنْعِم عَلَيْهِمْ كَانَتْ صدقة هذا ونعمته تطفيء خَطِيئَته وَتُذْهِبهَا وَحَسَد هَذَا وَكَرَاهَته نِعْمَة اللَّه عَلَى عِبَاده تُذْهِب حَسَنَاته
وَلَمَّا كَانَتْ الصَّلَاة مَرْكَز الْإِيمَان وَأَصْل الْإِسْلَام وَرَأْس الْعُبُودِيَّة وَمَحَلّ الْمُنَاجَاة وَالْقُرْبَة إِلَى اللَّه وَأَقْرَب مَا يَكُون الْعَبْد مِنْ رَبّه وَهُوَ مُصَلٍّ وَأَقْرَب مَا يَكُون مِنْهُ فِي صَلَاته وَهُوَ سَاجِد كَانَتْ الصَّلَاة نُور الْمُسْلِم
وَلَمَّا كَانَ الصَّوْم يَسُدّ عَلَيْهِ بَاب الشَّهَوَات وَيُضَيِّق مَجَارِي الشَّيْطَان وَلَا سِيَّمَا بَاب الْأَخْوَفَيْنِ الْفَم وَالْفَرْج اللَّذَيْنِ يَنْشَأ عَنْهُمَا مُعْظَم الشَّهَوَات كَانَ كَالْجُنَّةِ مِنْ النَّار فَإِنَّهُ يَتَتَرَّس بِهِ مِنْ سِهَام إِبْلِيس
وَفِي الصحيحين عن أنس رضي الله أن النبي قَالَ لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَقَاطَعُوا وَكُونُوا عِبَاد اللَّه إِخْوَانًا وَلَا يَحِلّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُر أَخَاهُ فَوْق ثَلَاث الْمَدِينَةِ مِنْ قِبَلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ( فَإِذَا هُوَ) أَيْ أَنَسٌ ( يُصَلِّي صَلَاةً خَفِيفَةً دَقِيقَةً) بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَقَافَيْنِ بَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ
وَفِي نُسْخَةِ الْخَطَّابِيِّ ذَفِيفَةٌ بِذَالٍ مُعْجَمَةِ وَفَاءَيْنِ بَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ
وَقَالَ فِي الْمَعَالِمِ مَعْنَى الذَّفِيفَةِ الْخَفِيفَةُ يُقَالُ رَجُلٌ خَفِيفٌ ذَفِيفٌ وَخِفَافٌ وَذِفَافٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ انْتَهَى
وَفِي الْقَامُوسِ خَفِيفٌ ذَفِيفٌ وَخُفَافٌ ذُفَافٌ بِالضَّمِّ اتِّبَاعٌ وَلْيُعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُخِلُّ بِالصَّلَاةِ وَيَتْرُكُ سُنَّةَ الْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحَاتِ وَيَتَهَاوَنُ فِي أَدَائِهَا بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ فِي ذَلِكَ فَكَانَ يَكْتَفِي عَلَى قِرَاءَةِ السُّورَةِ الْقَصِيرَةِ وَعَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ مِنَ التَّسْبِيحِ مَعَ رِعَايَةِ الْقَوْمَةِ وَالْجِلْسَةِ وَاعْتِدَالِ سَائِرِ الْأَرْكَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ إِمَامًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِيرًا فَخَفَّفَ اتِّبَاعًا لِقَوْلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أَمَّ أَحَدُكُمُ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ الْحَدِيثُ رَوَاهُ الشَّيْخَانُ
وَأَمَّا سُؤَالُ أَبِي أُمَامَةَ بِقَوْلِهِ أَرَأَيْتَ هَذِهِ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ أَوْ شَيْءٌ تَنَفَّلْتَهُ وَتَشْبِيهُهَا بِصَلَاةِ الْمُسَافِرِ مِنْ أَجْلِ التَّخْفِيفِ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْ لَهُ إِذْ ذَاكَ حَدِيثَ التَّخْفِيفِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو أُمَامَةَ حَمَلَ حَدِيثَ التَّخْفِيفِ عَلَى تَخْفِيفٍ دُونَ التَّخْفِيفِ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَيْهِ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو أُمَامَةَ مَا قَالَ وَمِنْ قَوْلِهِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى قَوْلِهِ مَا أَخْطَأْتُ إِلَّا شَيْئًا سَهَوْتُ عَنْهُ يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي بَعْضِهَا
وَكَذَا لَيْسَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُنْذِرِيِّ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
( كَأَنَّهَا) أَيْ صَلَاةَ أَنَسٍ بِاعْتِبَارِ التَّخْفِيفِ فِيهَا ( فَلَمَّا سَلَّمَ) أَيْ أَنَسٌ مِنْ صَلَاتِهِ ( قَالَ أَبِي) أَيْ أَبُو أُمَامَةَ ( أَرَأَيْتَ) أَيْ أَخْبِرْنِي ( هَذِهِ الصَّلَاةَ) أَيِ الَّتِي صَلَّيْتَهَا الْآنَ ( الْمَكْتُوبَةَ أَوْ شَيْءٌ تَنَفَّلْتَهُ) أَيْ فَرِيضَةٌ أَوْ نَافِلَةٌ ( مَا أَخْطَأْتُ) أَيْ مَا تَعَمَّدْتُ الْخَطَأَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ ( لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ) أَيْ بِالْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ كَصَوْمِ الدَّهْرِ وَإِحْيَاءِ اللَّيْلِ كُلِّهِ وَاعْتِزَالِ النِّسَاءِ ( فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ) بِالنَّصْبِ جَوَابُ النَّهْيِ أَيْ يَفْرِضُهَا عَلَيْكُمْ فَتَقَعُوا فِي الشِّدَّةِ أَوْ بِأَنْ يَفُوتَ عَنْكُمْ بَعْضُ مَا وَجَبَ عَلَيْكُمْ بِسَبَبِ ضَعْفِكُمْ مِنْ تَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ ( فِي الصَّوَامِعِ) جَمْعُ صَوْمَعَةٍ وَهِيَ مَوْضِعُ عِبَادَةِ الرُّهْبَانِ ( رَهْبَانِيَّةً) نُصِبَ بِفِعْلٍ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ أَيِ ابْتَدَعُوا رَهْبَانِيَّةً ( مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ) أَيْ مَا فَرَضْنَا تِلْكَ الرَّهْبَانِيَّةَ ( ثُمَّ غَدَا) أَيْ خَرَجَ أَبُو أُمَامَةَ غَدْوَةً ( فَقَالَ) أَيْ أَنَسٌ ( بَادَ) أَيْ هَلَكَ ( وَقَتُّوا) بِالْقَافِ وَالتَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَنَوْا مِنَ الْفَنَاءِ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ وَهُوَ الْمُرَادٌ مِنْ قَتُّوا
قَالَ فِي الْقَامُوسِ اقْتَتَّهُ اسْتَأْصَلَهُ ( خَاوِيَةً عَلَى عُرُوشِهَا) أَيْ سَاقِطَةً عَلَى سُقُوفِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِدِيَارٍ وَصِفَتُهُ الْأُولَى هِيَ قَوْلُهُ بَادٍ أَهْلُهَا ( فَقَالَ أَتَعْرِفُ هَذِهِ الدِّيَارَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَالَ رَاجِعٌ إِلَى أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْ قَالَ أَنَسٌ لِأَبِي أُمَامَةَ هَلْ تَعْرِفُ هَذِهِ الدِّيَارَ الْبَائِدَةَ ( فَقَالَ) أَيْ أَبُو أُمَامَةَ ( مَا أَعْرَفَنِي بِهَا وَبِأَهْلِهَا) أَيْ أَيُّ شَيْءٍ أَعْرَفَنِي بِهَذِهِ الدِّيَارِ وَأَهْلِهَا الَّذِينَ كَانُوا فِيهَا يَعْنِي لَا أَعْرِفُهَا وَلَا أَهْلَهَا فَمَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ ( هَذِهِ دِيَارُ قَوْمٍ إِلَخْ) هَذَا مَقُولُ أَنَسٍ أَيْ قَالَ أَنَسٌ هَذِهِ دِيَارُ قَوْمٍ
فَلَفْظُ قَالَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُقَدَّرٌ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي فَقَالَ الْأَوَّلُ رَاجِعًا إِلَى أَبِي أُمَامَةَ وَفِي فَقَالَ الثَّانِي إِلَى أَنَسٍ أَيْ فَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ لِأَنَسٍ هَلْ تَعْرِفُ هَذِهِ الدِّيَارَ فَقَالَ أَنَسٌ مَا أَعْرَفَنِي بِهَا وَبِأَهْلِهَا إِلَخْ
وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ قَوْلُهُ مَا أَعْرَفَنِي بِهَا وَبِأَهْلِهَا صِيغَةَ التَّعَجُّبِ وَيَكُونُ حَاصِلُ الْمَعْنَى قَالَ أَنَسٌ أَعْرِفُ هَذِهِ الدِّيَارَ وَأَهْلَهَا حَقَّ الْمَعْرِفَةِ وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ إِلَى تَقْدِيرِ لَفْظِ قَالَ قَبْلَ قَوْلِهِ هَذِهِ دِيَارُ قَوْمٍ
وَمِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ غَدَا مِنَ الْغَدِ إِلَى قَوْلِهِ والفرج بصدق ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي بَعْضِهَا وَكَذَا لَيْسَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُنْذِرِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
ثُمَّ ظَفِرْتُ عَلَى كلام للحافظ بن الْقَيِّمِ تَكَلَّمَ بِهِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لَهُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ حَسَنٌ نَافِعٌ جِدًّا فَأَنَا أَنْقُلُهُ بِعَيْنِهِ هَا هُنَا قَالَ
وَأَمَّا حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْعَمْيَاءِ وَدُخُولُ سَهْلِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي صَلَاةً خَفِيفَةً كَأَنَّهَا صَلَاةُ مُسَافِرٍ فَقَالَ إِنَّهَا لِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا مما تفرد به بن أَبِي الْعَمْيَاءِ وَهُوَ شِبْهُ الْمَجْهُولِ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْ أَنَسٍ كُلُّهَا تُخَالِفُهُ فَكَيْفَ يَقُولُ أَنَسٌ هذا وهو القائل إن أشبه من رأى صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَانَ يُسَبِّحُ عَشْرًا عَشْرًا وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ حَتَّى يُقَالَ قَدْ نَسِيَ وَكَذَلِكَ مِنْ بَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ وَيَقُولُ مَا آلَوْا أَنْ أُصَلِّيَ لَكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي يَبْكِي عَلَى إِضَاعَتِهِمُ الصَّلَاةَ
ويكفي في رد حديث بن أَبِي الْعَمْيَاءِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الصريحة التي لَا مَطْعَنَ فِي سَنَدِهَا وَلَا شُبْهَةَ فِي دلالتها
فلو صح حديث بن أَبِي الْعَمْيَاءِ وَهُوَ بَعِيدٌ عَنِ الصِّحَّةِ لَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ تِلْكَ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ كَسُنَّةِ الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهَا لَا أَنَّ تِلْكَ صَلَاتُهُ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا بِأَصْحَابِهِ دَائِمًا وَهَذَا مِمَّا يُقْطَعُ بِبُطْلَانِهِ وَتَرُدُّهُ سَائِرُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ
وَلَا رَيْبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخَفِّفُ بَعْضَ الصَّلَاةِ كَمَا كَانَ يُخَفِّفُ سُنَّةَ الْفَجْرِ حَتَّى تَقُولَ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ قَرَأَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَكَانَ يُخَفِّفُ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ حَتَّى كَانَ رُبَّمَا قَرَأَ فِي الْفَجْرِ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَكَانَ يُخَفِّفُ إِذَا سَمِعَ بُكَاءَ الصَّبِيِّ
فَالسُّنَّةُ التَّخْفِيفُ حَيْثُ خَفَّفَ وَالتَّطْوِيلُ حَيْثُ أَطَالَ وَالتَّوَسُّطُ غَالِبًا
فَالَّذِي أَنْكَرَهُ أَنَسٌ هُوَ التَّشْدِيدُ الَّذِي لَا يُخَفِّفُ صَاحِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ حَاجَتِهِ إِلَى التَّخْفِيفِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا خلاف سنته وهدية
انتهى كلام بن الْقَيِّمِ
قُلْتُ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنِ بن جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْبَهَ صَلَاةً بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هَذَا الْفَتَى يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ فَحَزَرْنَا فِي رُكُوعِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ وَفِي سُجُودِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ وَإِلَى هَذَا الْحَدِيثِ أَشَارَ بن الْقَيِّمِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الْقَائِلُ إِنَّ أَشْبَهَ مَنْ رَأَى إِلَخْ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ