هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4724 حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ - قَالَا : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، قَالَ : سَمِعَ عَمْرٌو جَابِرًا ، يُخْبِرُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ ، يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : فِيكُمْ مَنْ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ ، ثُمَّ يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ ، ثُمَّ يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : هَلْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ صَحِبَ مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  واللفظ لزهير قالا : حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : سمع عمرو جابرا ، يخبر عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : يأتي على الناس زمان ، يغزو فئام من الناس ، فيقال لهم : فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون : نعم ، فيفتح لهم ، ثم يغزو فئام من الناس ، فيقال لهم : فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون : نعم ، فيفتح لهم ، ثم يغزو فئام من الناس ، فيقال لهم : هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون : نعم فيفتح لهم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Abu Sa'id Khudri reported Allah's Apostle (ﷺ) as saying:

A time would come for the people when groups of people would set out for fighting in the cause of Allah and it would be said to them: Is there one amongst you who saw Allah's Messenger (ﷺ)? And they would say: Yes, and they would be victorious. Then the people would set out for fighting in the cause of Allah and it would be said to them: Is there one amongst you who saw those (who have had the privilege of sitting in the company of Allah's Messenger (ﷺ)? And they would say: Yes, and victory would be granted to them. Then a group of persons would set out for fighting in the cause of Allah and it would be said to them: Is there one amongst you who saw one of those who saw those who (had the privilege) of sitting in the company of Allah's Messenger (ﷺ)? And they would say: Yes, and the Victory would be granted to them.

شرح الحديث من شرح النووى على مسلم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    باب فَضْلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ
[ سـ :4724 ... بـ :2532]
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعَ عَمْرٌو جَابِرًا يُخْبِرُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيُقَالُ لَهُمْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ ثُمَّ يَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيُقَالُ لَهُمْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ ثُمَّ يَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيُقَالُ لَهُمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ صَحِبَ مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ ) هُوَ بِفَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ هَمْزَةٍ أَيْ جَمَاعَةٌ ، وَحَكَى الْقَاضِي فِيهِ بِالْيَاءِ مُخَفَّفَةً بِلَا هَمْزٍ ، وَلُغَةً أُخْرَى فَتْحُ الْفَاءِ حَكَاهَا عَنِ الْخَلِيلِ ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ .
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفَضْلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ .
وَالْبَعْثُ هُنَا الْجَيْشُ .


قَوْلُهُ ( عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ ) هُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالسِّينِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي سَلْمَانَ .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُكُمْ قَرْنِي ) وَفِي رِوَايَةٍ ( خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ إِلَى آخِرِهِ ) .
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ خَيْرَ الْقُرُونِ قَرْنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْمُرَادُ أَصْحَابُهُ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ سَاعَةً فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَرِوَايَةُ ( خَيْرُ النَّاسِ ) عَلَى عُمُومِهَا ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ جُمْلَةُ الْقَرْنِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَفْضِيلُ الصَّحَابِيِّ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ ، وَلَا أَفْرَادُ النِّسَاءِ عَلَى مَرْيَمَ وَآسِيَةَ وَغَيْرِهِمَا ، بَلِ الْمُرَادُ جُمْلَةُ الْقَرْنِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلِّ قَرْنٍ بِجُمْلَتِهِ .
قَالَ الْقَاضِي : وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِالْقَرْنِ هُنَا ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ : قَرْنُهُ أَصْحَابُهُ ، وَاَلَّذِينَ يَلُونَهُمْ أَبْنَاؤُهُمْ ، وَالثَّالِثُ أَبْنَاءُ أَبْنَائِهِمْ : وَقَالَ شَهْرٌ : قَرْنُهُ مَا بَقِيَتْ عَيْنٌ رَأَتْهُ ، وَالثَّانِي مَا بَقِيَتْ عَيْنٌ رَأَتْ مَنْ رَآهُ ، ثُمَّ كَذَلِكَ .
وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ : الْقَرْنُ كُلُّ طَبَقَةٍ مُقْتَرِنِينَ فِي وَقْتٍ ، وَقِيلَ : هُوَ لِأَهْلِ مُدَّةٍ بُعِثَ فِيهَا نَبِيٌّ طَالَتْ مُدَّتُهُ أَمْ قَصُرَتْ .
وَذَكَرَ الْحَرْبِيُّ الِاخْتِلَافَ فِي قَدْرِهِ بِالسِّنِينَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ إِلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ .
ثُمَّ قَالَ : وَلَيْسَ مِنْهُ شَيْءٌ وَاضِحٌ ، وَرَأَى أَنَّ الْقَرْنَ كُلُّ أُمَّةٍ هَلَكَتْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا أَحَدٌ .
وَقَالَ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ : الْقَرْنُ عَشْرُ سِنِينَ ، وَقَتَادَةُ : سَبْعُونَ ، وَالنَّخَعِيُّ : أَرْبَعُونَ ، وَزُرَارَةُ بْنُ أَبِي أَوْفَى : مِائَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ : مِائَةٌ ، وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : هُوَ الْوَقْتُ .
هَذَا آخِرُ نَقْلِ الْقَاضِي ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ قَرْنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّحَابَةُ ، وَالثَّانِي التَّابِعُونَ ، وَالثَّالِثُ تَابِعُوهُمْ .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ ، وَيَمِيُنُهُ شَهَادَتَهُ ) هَذَا ذَمٌّ لِمَنْ يَشْهَدُ وَيَحْلِفُ مَعَ شَهَادَتِهِ .
وَاحْتَجَّ بِهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فِي رَدِّ شَهَادَةِ مَنْ حَلَفَ مَعَهَا ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا لَا تُرَدُّ .
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالشَّهَادَةِ ، فَتَارَةً تَسْبِقُ هَذِهِ ، وَتَارَةً هَذِهِ .
وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( تَبْدُرُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ ) وَهُوَ بِمَعْنَى تَسْبِقُ .


قَوْلُهُ : ( يَنْهَوْنَنَا عَنِ الْعَهْدِ وَالشَّهَادَاتِ ) أَيِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالشَّهَادَةِ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ قَوْلِهِ : عَلَى عَهْدِ اللَّهِ أَوْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثُمَّ يَتَخَلَّفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ : ( يَتَخَلَّفُ ) ، وَفِي بَعْضِهَا : ( يَخْلُفُ ) بِحَذْفِ التَّاءِ ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ، أَيْ يَجِيءُ بَعْدَهُمْ خَلْفٌ بِإِسْكَانِ اللَّامِ ، هَكَذَا الرِّوَايَةُ ، وَالْمُرَادُ خَلْفُ سُوءٍ .
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الْخَلْفُ مَا صَارَ عِوَضًا عَنْ غَيْرِهِ ، وَيُسْتَعْمَلُ فِيمَنْ خَلَفَ بِخَيْرٍ أَوْ بِشَرٍّ ، لَكِنْ يُقَالُ فِي الْخَيْرِ : بِفَتْحِ اللَّامِ وَإِسْكَانِهَا لُغَتَانِ ، الْفَتْحُ أَشْهَرُ وَأَجْوَدُ ، وَفِي الشَّرِّ بِإِسْكَانِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ ، وَحُكِيَ أَيْضًا فَتْحُهَا .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثُمَّ يَخْلُفُ قَوْمٌ يُحِبُّونَ السَّمَانَةَ يَشْهَدُونَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدُوا ) وَفِي رِوَايَةٍ ( وَيَظْهَرُ قَوْمٌ فِيهِمُ السِّمَنُ ) السَّمَانَةُ بِفَتْحِ السِّينِ هِيَ السِّمَنُ .
قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ : الْمُرَادُ بِالسِّمَنِ هُنَا كَثْرَةُ اللَّحْمِ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَكْثُرُ ذَلِكَ فِيهِمْ ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يَتَمَحَّضُوا سِمَانًا .
قَالُوا : وَالْمَذْمُومُ مِنْهُ مَنْ يَسْتَكْسِبُهُ ، وَأَمَّا مَنْ هُوَ فِيهِ خِلْقَةً فَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا ، وَالْمُتَكَسِّبُ لَهُ هُوَ الْمُتَوَسِّعُ فِي الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَادِ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالسِّمَنِ هُنَا أَنَّهُمْ يَتَكَثَّرُونَ بِمَا لَيْسَ فِيهِمْ ، وَيَدَّعُونَ مَا لَيْسَ لَهُمْ مِنَ الشَّرَفِ وَغَيْرَهِ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ جَمْعُهُمُ الْأَمْوَالَ .


وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَشْهَدُونَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدُوا ) هَذَا الْحَدِيثُ فِي ظَاهِرِهِ مُخَالَفَةٌ لِلْحَدِيثِ الْآخَرِ : " خَيْرُ الشُّهُودِ الَّذِي يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا " قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الذَّمَّ فِي ذَلِكَ لِمَنْ بَادَرَ بِالشَّهَادَةِ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ هُوَ عَالِمٌ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهَا صَاحِبُهَا ، وَأَمَّا الْمَدْحُ فَهُوَ لِمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَهَادَةُ الْآدَمِيِّ ، وَلَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُهَا ، فَيُخْبِرُهُ بِهَا لِيَسْتَشْهِدَهُ بِهَا عِنْدَ الْقَاضِي إِنْ أَرَادَ ، وَيَلْتَحِقُ بِهِ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَهَادَةُ حِسْبَةٍ ، وَهِيَ الشَّهَادَةُ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَيَأْتِي الْقَاضِيَ وَيَشْهَدُ بِهَا ، وَهَذَا مَمْدُوحٌ إِلَّا إِذَا كَانَتِ الشَّهَادَةُ بِحَدٍّ ، وَرَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي السِّتْرِ .
هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ هُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا وَمَالِكٍ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقِيلَ فِيهِ أَقْوَالٌ ضَعِيفَةٌ خِلَافُ قَوْلِ مَنْ قَالَ بِالذَّمِّ مُطْلَقًا ، وَنَابَذَ حَدِيثَ الْمَدْحِ ، وَمِنْهَا قَوْلُ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ ، وَمِنْهَا قَوْلُ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِالْحُدُودِ ، وَكُلُّهَا فَاسِدَةٌ .
وَاحْتَجَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُبْرُمَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِمَذْهَبِهِ فِي مَنْعِهِ الشَّهَادَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ ، وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ قَبُولُهَا .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَيَخُونُونَ وَلَا يَتَمَنَّوْنَ ) هَكَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ : ( يَتَمَنَّوْنَ ) بِتَشْدِيدِ النُّونِ ، وَفِي بَعْضِهَا : ( يُؤْتَمَنُونَ ) ، وَمَعْنَاهُ يَخُونُونَ خِيَانَةً ظَاهِرَةً بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مَعَهَا أَمَانَةٌ ، بِخِلَافِ مَنْ خَانَ بِحَقِيرٍ مَرَّةً وَاحِدَةً ; فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَانَ ، وَلَا يَخْرُجُ بِهِ عَنِ الْأَمَانَةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاطِنِ .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَيُنْذِرُونَ وَلَا يُوفُونَ ) هُوَ بِكَسْرِ الذَّالِ وَضَمِّهَا ، لُغَتَانِ .
وَفِي رِوَايَةٍ : ( يَفُونَ ) ، وَهُمَا صَحِيحَانِ .
يُقَالُ : وَفَى وَأَوْفَى فِيهِ وُجُوبُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ ، وَهُوَ وَاجِبٌ بِلَا خِلَافٍ ، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءُ النَّذْرِ مَنْهِيًّا عَنْهُ كَمَا سَبَقَ فِي بَابِهِ .
وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ دَلَائِلُ لِلنُّبُوَّةِ ، وَمُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَإِنَّ كُلَّ الْأُمُورِ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا وَقَعَتْ كَمَا أَخْبَرَ .


قَوْلُهُ : ( سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي زَهْدَمُ بْنُ مُضَرِّبٍ ) أَمَّا أَبُو جَمْرَةَ فَبِالْجِيمِ ، وَهُوَ أَبُو جَمْرَةَ نصْرُ بْنُ عِمْرَانَ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ ، ثُمَّ فِي مَوَاضِعَ ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ الْمُرَادُ هُنَاكَ .
وَأَمَّا زَهْدَمُ فَبِزَايٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ هَاءٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ دَالٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ .
وَمُضَرِّبٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ .


قَوْلُهُ : ( عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ عَنْ عَائِشَةَ ) هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ ، وَهَذَا الْإِسْنَادُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ، فَقَالَ : إِنَّمَا رَوَى الْبَهِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ .
قَالَ الْقَاضِي : قَدْ صَحَّحُوا رِوَايَتَهُ عَنْ عَائِشَةَ ، وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ رِوَايَتَهُ عَنْ عَائِشَةَ .