هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
603 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَا : أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، ح وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : أَخْبَرَنِي نَافِعٌ ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَوَاتِ ، وَلَيْسَ يُنَادِي بِهَا أَحَدٌ ، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : قَرْنًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ ، فَقَالَ عُمَرُ أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  واللفظ له قال : حدثنا حجاج بن محمد ، قال : قال ابن جريج : أخبرني نافع ، مولى ابن عمر ، عن عبد الله بن عمر أنه قال : كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلوات ، وليس ينادي بها أحد ، فتكلموا يوما في ذلك فقال بعضهم : اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى ، وقال بعضهم : قرنا مثل قرن اليهود ، فقال عمر أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بلال قم فناد بالصلاة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Ibn Umar reported:

When the Muslims came to Medina, they gathered and sought to know the time of prayer but no one summoned them. One day they discussed the matter, and some of them said: Use something like the bell of the Christians and some of them said: Use horn like that of the Jews. Umar said: Why may not a be appointed who should call (people) to prayer? The Messenger of Allah (ﷺ) said: O Bilal, get up and summon (the people) to prayer.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلوات وليس ينادي بها أحد فتكلموا يوما في ذلك فقال بعضهم اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى وقال بعضهم قرنا مثل قرن اليهود فقال عمر أو لا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال قم فناد بالصلاة.



المعنى العام

كان المسلمون بمكة قليلي العدد، يستخفون كثيرا في صلاتهم، ولا يكادون يجتمعون، وإذا اجتمعوا ترقبوا دخول الوقت، وقدروا حينه وزمنه، ثم قاموا إلى الصلاة، دون أذان أو إقامة، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنى المسجد النبوي، وكثر الناس، ولم يعودوا يخشون الجهر بالعبادات استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه في وسيلة يجمع بها الناس للصلاة، فقال بعضهم: نرفع راية، فإذا رآها المسلمون علموا أنه قد حان وقت الصلاة فجاءوا، ورد هذا الاقتراح، لأن الذين يرون الراية قلة من المسلمين، ثم هي لا ترى بالليل فلا تنفع للإعلان عن وقت العشاء والفجر، قال بعضهم: نوقد نارا عند حلول وقت الصلاة، قال صلى الله عليه وسلم: إن رفع النار من فعل المجوس، ولا نحب أن نقتدي بهم، قال آخر: نتخذ بوقا، ننفخ فيه، فيرتفع الصوت، فيسمعه من يريد الصلاة، قال صلى الله عليه وسلم: اتخاذ البوق من فعل اليهود ولا نحب أن نفعل مثلهم.
قال رابع: نتخذ ناقوسا، نضربه عند حلول وقت الصلاة قال صلى الله عليه وسلم: اتخاذ الناقوس من فعل النصارى، وسكت صلى الله عليه وسلم يفكر، أليس النصارى أقرب الناس مودة للذين آمنوا؟ أليست المشابهة في عمل من أعمالهم أقل خطرا على المسلمين من مشابهة غيرهم؟ لم لا نتخذ ناقوسا حتى يأتي أمر الله؟ فأمر صلى الله عليه وسلم بصنع ناقوس، قال عمر: لا نتشبه بالمجوس ولا باليهود ولا بالنصارى، وينبغي أن نبعث رجلا إلى مكان مرتفع، أو إلى باب المسجد، ينادي، يجمع الناس للصلاة.
ورضي رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه المشورة، فقال: يا بلال.
قم وناد بالصلاة، فقام بلال إلى باب المسجد ونادى بأعلى صوته الحسن: الصلاة جامعة.
الصلاة جامعة.
وانصرف الصحابة إلى بيوتهم تلك الليلة، وهم مشغولون بما دار من حديث، وفيهم عبد الله بن زيد، قال: انصرفت وأنا مهتم لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت في منامي، وأنا بين النائم واليقظان رجلا يحمل ناقوسا في يده، فقلت يا عبد الله.
أتبيع الناقوس؟ فقال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى.
فقال: تقول: الله أكبر.
الله أكبر.
الله أكبر.
الله أكبر.
أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن محمدا رسول الله.
أشهد أن محمدا رسول الله.
حي على الصلاة.
حي على الصلاة.
حي على الفلاح.
حي على الفلاح.
الله أكبر الله أكبر.
لا إله إلا الله [وعلمه الإقامة أيضا] فلما أصبح عبد الله بن زيد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بما رأى، وكان الوحي قد نزل مؤيدا الأذان، فقال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن زيد: إنها لرؤيا حق قم مع بلال، فألق عليه ما رأيت.
فليؤذن به، فإنه أندى منك صوتا، فقام، فجعل يلقى، وبلال يؤذن به، فسمع ذلك عمر بن الخطاب، وكان قد رأى نفس ما يسمع، فخرج يجري يجر رداءه، فقال: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، لقد رأيت مثل هذا، فقال صلى الله عليه وسلم: وما منعك أن تخبرنا؟ قال: سبقني عبد الله، قال.
صلى الله عليه وسلم: { { الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله } } [الأعراف: 43] .

المباحث العربية

( كتاب الصلاة) الصلاة لغة الدعاء، وقيل الرحمة، وعرفا أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم بشرائط مخصوصة.
وهل هي مأخوذة من الصلاة بمعنى الدعاء لاشتمالها عليه؟ أو من الصلاة بمعنى الرحمة لأنها سببها؟ الأول قول جماهير أهل العربية والفقهاء وغيرهم، وقيل: مشتقة من الصلة، لأنها صلة بين العبد وربه، ويرد هذا بأن الصلة معتلة الفاء، لأنها مصدر وصل والصلاة معتلة اللام، وقيل: مشتقة من صليت العود على النار إذا أقمته وقومته، لأنها تقوم العبد على الطاعة كما قال تعالى: { { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } } [العنكبوت: 45] ، ورد هذا بأن صليت العود على النار يائي والصلاة واوي .

وقيل مشتقة من الصلوين، وهما عرقان من الردف، أو عظمان ينحنيان في الركوع والسجود، قالوا: ولهذا كتبت الصلاة بالواو في المصحف، ورد هذا بأنه والحالة هذه من الجوامد، وقيل غير ذلك مما هو بعيد.

( بدء الأذان) أصل الأذان الإعلام، يقال فيه الأذان والأذين والتأذين قاله الجوهري.

وقال الأزهري: يقال أذن المؤذن تأذينا وأذانا، أي أعلم الناس بوقت الصلاة، فوضع الاسم موضع المصدر، قال: وأصله من الأذن كأنه يلقي في آذان الناس بصوته ما يدعوهم إلى الصلاة.

( كان المسلمون حين قدموا المدينة) مهاجرين من مكة.

( فيتحينون الصلوات) أي يقدرون أحيانها، ليأتوا إليها، والحين الوقت والزمان.

( وليس ينادي بها أحد) الجملة حالية من الصلوات ورواية البخاري ليس ينادى لها واسم ليس ضمير الحال والشأن والجملة خبرها.

( اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى) كان ناقوس النصارى أولا خشبة طويلة تضرب بخشبة أصغر منها، فتحدث صوتا، ثم صاروا إلى الناقوس المعروف اليوم في الكنائس والمدارس.

( وقال بعضهم: قرنا مثل قرن اليهود) قرنا مفعول به لفعل محذوف، أي اتخذوا قرنا، والقرن والبوق أسطوانة واسعة من الطرف البعيد، ضيقة من الطرف الذي ينفخ فيه، تضخم الصوت وترفعه، وهو مستعمل في الجيش، وفي بعض النداءات الشعبية، ويقال له الصور والشابور.

( أو لا تبعثون رجلا) الهمزة للاستفهام، والواو للعطف على مقدر، أي أتقتدون بالنصارى واليهود ولا تبعثون رجلا؟ فالهمزة لإنكار الجملة الأولى وتقرير الجملة الثانية، توبيخا على القول باللاقتداء بأهل الكتاب، وحثا وبعثا على الاستقلال بالنداء.
ومراده من النداء الإعلام بالصلاة بأي لفظ، لا بلفظ الأذان، وسيأتي في فقه الحديث زيادة إيضاح.

( يا بلال: قم فناد بالصلاة) قال القاضي عياض: المراد الإعلام المحض بحضور وقت الصلاة، لا بخصوص الأذان المشروع، اهـ وهذا قول حسن، لأن هذا القول كان قبل رؤيا الأذان، وهل المراد من الأمر بـقم الوقوف؟ أو الذهاب إلى البعد؟ خلاف يأتي توضيحه.

فقه الحديث

ذكرنا في حديث الإسراء أن جماعة من العلماء ذهبوا إلى أنه لم يكن قبل الإسراء صلاة مفروضة إلا ما كان وقع الأمر به من صلاة الليل من غير تحديد، وأن بعضهم ذهب إلى أن الصلاة كانت مفروضة ركعتين بالغداة، وركعتين بالعشي، وذكرنا أن المحققين من العلماء يرون أن الصلاة فرضت في الحضر والسفر ركعتين ركعتين، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واطمأن زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان، وتركت صلاة الفجر لطول القراءة، وصلاة المغرب لأنها وتر النهار، ثم بعد أن استقر فرض الرباعية خفف منها في السفر عند نزول قوله تعالى: { { فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة } } [النساء: 101] .

واختلف في السنة التي شرع فيها الأذان، والراجح أن ذلك كان في السنة الأولى، وقيل: كان في الثانية، أما الأحاديث التي وردت بأن الأذان شرع بمكة قبل الهجرة فهي ضعيفة لا تصح، وقد ذكر الطبراني منها عن ابن عمر عن أبيه قال: لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم أوحى الله إليه الأذان، فنزل به، فعلمه بلالا وذكر الدارقطني منها: عن أنس أن جبريل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان حين فرضت الصلاة وذكر ابن مردويه منها عن عائشة مرفوعا لما أسري بي أذن جبريل، فظنت الملائكة أنه يصلي بهم، فقدمني، فصليت وذكر البزار منها من حديث علي قال لما أراد الله أن يعلم رسوله الأذان أتاه جبريل بدابة يقال لها البراق، فركبها....
الحديث.
وفيه، إذ خرج ملك من وراء الحجاب، فقال: الله أكبر...الله أكبر...وفي آخره، ثم أخذ الملك بيده، فأم أهل السماء.

قال الحافظ ابن حجر: والحق أنه لا يصح شيء من هذه الأحاديث، وقد جزم ابن المنذر بأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بغير أذان منذ فرضت الصلاة بمكة إلى أن هاجر إلى المدينة، وإلى أن وقع التشاور في ذلك.
اهـ.

وجمع القرطبي بأنه لا يلزم من كونه سمعه ليلة الإسراء أن يكون مشروعا في حقه، وجمع بعضهم بحمل الأذان فيها على المعنى اللغوي، وجمع آخرون بتعدد الإسراء، والحق أن كل ذلك تكلف وتعسف، والأخذ بما صح أولى، وحديث ابن عمر المذكور في هذا الباب ظاهر في أن الأذان إنما شرع بعد الهجرة: فإنه نفى النداء بالصلاة قبل ذلك مطلقا.

وظاهر حديث الباب أن النداء الأول للصلاة الذي قام به بلال بني على كلامهم في طريقة الإعلام، وفي جلسة تشاورهم في ذلك، وعقب قول عمر الصادر عن رأيه أو لا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة وهذا الظاهر حسن على أن يكون المراد بالنداء الإعلام المحض بحضور الوقت، لا خصوص الأذان المشروع، وقد أخرج ابن سعد في الطبقات أن اللفظ الذي كان ينادي به بلال للصلاة قوله الصلاة جامعة لكن الحديث على هذا لا يتعرض لبدء الأذان المشروع المعروف، بمعنى أنه لا يتعرض لألفاظه كيف جاءت؟ ومن جاء بها؟ وكيف أقرت؟ وإن تعرض للبدء به في الجملة.

والأحاديث التي تعرضت لذلك كثيرة، منها ما رواه أبو داود: اهتم النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة، كيف يجمع الناس لها؟ فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة، فإذا رأوها آذن بعضهم بعضا، فلم يعجبه ذلك، قال: فذكر له: القنع -يعني الشبور- وقال زياد شبور اليهود فلم يعجبه ذلك [والشبور هو القرن] وقال: هو من أمر اليهود، فذكر له الناقوس، فقال هو من أمر النصارى، فانصرف عبد الله بن زيد، وهو مهتم لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرى الأذان في منامه، فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال: يا رسول الله، أني لبين نائم يقظان إذ أتاني آت، فأراني الأذان -وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد رآه قبل ذلك، فكتمه عشرين يوما، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: ما منعك أن تخبرني؟ فقال: سبقني عبد الله بن زيد، فاستحييت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بلال، قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله فأذن بلال.

وما رواه أبو داود أيضا عن عبد الله بن زيد قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس، يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده، فقلت: يا عبد الله، أتبيع الناقوس.
فقال: وما تصنع به.
فقلت له: ندعو به إلى الصلاة.
قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى.
قال: تقول: الله أكبر.
الله أكبر.
الله أكبر.
الله أكبر.
أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن محمدا رسول الله.
أشهد أن محمدا رسول الله.
حي على الصلاة.
حي على الصلاة.
حي على الفلاح.
حي على الفلاح.
الله أكبر.
الله أكبر.
لا إله إلا الله.
قال: ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال.
ثم تقول: إذا أقمت الصلاة: الله أكبر.
الله أكبر.
أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن محمدا رسول الله.
حي على الصلاة.
حي على الفلاح.
قد قامت الصلاة.
قد قامت الصلاة.
الله أكبر.
الله أكبر.
لا إله إلا الله.
فلما أصبحت.
أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت، فقال: إنها لرؤيا حق، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به، فإنه أندى صوتا منك، فقمت مع بلال، فجعلت ألقيه، ويؤذن به.
قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو في بيته، فخرج يجر رداءه، ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما أرى.
فقال صلى الله عليه وسلم: فلله الحمد.

وروى ابن ماجه هذا الحديث غير أن فيه وأمر بالناقوس فنحت ولا تعارض بين هذه الرواية وبين قوله في الرواية السابقة هو من أمر النصارى لأن هذا القول كان ابتداء، ولما اضطر إلى اتخاذ شيء يجمع الناس به إلى الصلاة أمر أن يعمل، ولعله صلى الله عليه وسلم اختار ناقوس النصارى لأنهم أكثر طواعية له صلى الله عليه وسلم، وأكثر مودة إليه من اليهود، قال تعالى: { { لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى } } [المائدة: 82] .

قال الحافظ ابن حجر: قوله وكان عمر قد رآه قبل ذلك، فكتمه عشرين يوما، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم لا يخالفه أن عبد الله بن زيد لما قص منامه، فسمع عمر الأذان فجاء، فقال: لقد رأيت..... لأنه يحمل على أنه لم يخبر بذلك عقب إخبار عبد الله، بل متراخيا عنه لقوله ما منعك أن تخبرنا؟ أي عقب إخبار عبد الله.
فاعتذر بالاستحياء، فدل على أنه لم يخبر بذلك على الفور.
اهـ.

ويبعد هذا الجمع الذي جمع به الحافظ ابن حجر سياق الرواية، إذ فيها فكتمه عشرين يوما، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: ما منعك أن تخبرني؟ فقال: سبقني عبد الله بن زيد، فاستحييت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بلال، قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد، فافعله فأذن بلال.

فهذا السياق صريح في أن إخبار عمر لم يكن متراخيا عن إخبار عبد الله، والأولى أن يقال: لعل عمر رآه فلم يحفظه، فتردد وكتمه، وانتظر لعله يراه مرة أخرى أو ينزل به الوحي، وأشار على القوم بالنداء، أي نداء، حتى إذا سمعه خرج يؤيده، فعاتبه صلى الله عليه وسلم على عدم الإخبار فاعتذر بأن الله أراد لعبد الله بن زيد أن يسبقه، فحصل له حينئذ الحياء من التأخير والخجل من التردد.

ويكون قوله وكان عمر بن الخطاب قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوما ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما منعك أن تخبرني؟ فقال سبقني عبد الله بن زيد، فاستحييت هذا القول معترض بين كلام عبد الله، إذ أتاني آت، فأراني الأذان، وبين فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: يا بلال، قم فانظر ما يأمرك به عبد الله...إلخ ولو أنه أخر هذا الكلام المعترض لم يكن هناك توهم لإشكال.

وقد حاول القرطبي أن يجعل حديث الباب في بدء الأذان المعروف المشروع، وأن يجعل بالنداء في قول عمر أو لا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة أي ينادي بالأذان المعروف، فقال: يحتمل أن يكون عبد الله بن زيد لما أخبر برؤياه، وصدقه النبي صلى الله عليه وسلم بادر عمر فقال: أو لا تبعثون رجلا ينادي أي يؤذن للرؤيا المذكورة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم قم يا بلال فعلى هذا فالفاء في سياق حديث ابن عمر هي الفصيحة، والتقدير فافترقوا، فرأى عبد الله بن زيد، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقص عليه، فصدقه فقال عمر..إلخ.
اهـ.

قال الحافظ ابن حجر: إن سياق حديث عبد الله بن زيد الذي رواه أبو داود يخالف ذلك، فإنه يدل على أن عمر لم يكن حاضرا لما قص عبد الله بن زيد رؤياه، والظاهر أن إشارة عمر بإرسال رجل ينادي للصلاة كانت عقب المشاورة فيما يفعلونه، وأن رؤيا عبد الله بن زيد كانت بعد ذلك.
اهـ.

ولم يخرج البخاري ومسلم حديث عبد الله بن زيد كما أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم لأنه ليس على شرطهما وإن كان صحيحا.
والله أعلم.

وقد استشكل إثبات حكم الأذان برؤيا عبد الله بن زيد، حيث إن رؤيا غير الأنبياء لا ينبني عليها حكم شرعي إذ لا يؤمن عليها الخطأ، وأجيب باحتمال مقارنة الوحي لذلك، أو لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بمقتضاها، لينظر أيقر على ذلك أم لا؟ ولا سيما لما رأى أن نظمها يبعد دخول الوسواس فيه، وهذا ينبني على القول بجواز اجتهاده صلى الله عليه وسلم في الأحكام، وهو القول الراجح في الأصول.

قال الحافظ ابن حجر: وهذا أصح مما حكى الداودي عن ابن إسحاق أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان قبل أن يخبره عبد الله بن زيد وعمر بثمانية أيام.
اهـ.

والحكمة في إعلام الناس بالأذان على غير لسانه صلى الله عليه وسلم التنويه بقدره والرفع لذكره على لسان غيره.
ليكون أقوى لأمره، وأفخم لشأنه، قاله السهيلي، وقال عنه الحافظ ابن حجر: حسن بديع.

وقد ذكر العلماء في حكمة الأذان أربعة أشياء: إظهار شعائر الإسلام وكلمة التوحيد، والإعلام بدخول وقت الصلاة، وبمكانها، والدعاء إلى الجماعة.

والحكمة في اختيار القول له دون الفعل، سهولة القول وتيسره لكل أحد، في كل زمان ومكان.

وأما السبب في تخصيص بلال بالنداء والإعلام فقد جاء مبينا في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما في الحديث الصحيح، حديث عبد الله بن زيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ألقه على بلال، فإنه أندى صوتا منك قيل معناه أرفع صوتا، وقيل أطيب، وقيل أرفع وأطيب.

وذكر بعضهم مناسبة حسنة في اختصاص بلال بالأذان، فقال: إنما خص بذلك دون غيره؛ لأنه كان لما عذب ليرجع عن الإسلام كان يقول: أحد.
أحد.
فجوزي بولاية الأذان المشتملة على التوحيد في ابتدائه وانتهائه.
اهـ.

ومما كثر السؤال عنه.
هل باشر النبي صلى الله عليه وسلم الأذان بنفسه؟ قال الحافظ ابن حجر: وقد وقع عند السهيلي أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في سفر، وصلى بأصحابه، وهم على رواحلهم، السماء من فوقهم، والبلة من أسفلهم أخرجه الترمذي وقواه، ولكن وجدناه في مسند أحمد من الوجه الذي أخرجه الترمذي، ولفظه فأمر بلالا فأذن فعرف أن في رواية الترمذي اختصارا، وأن معنى قوله أذن أمر بلالا به.
اهـ.

وفي حكم الأذان قال النووي: الأذان والإقامة مشروعان للصلوات الخمس بالنصوص الصحيحة والإجماع، ولا يشرع الأذان ولا الإقامة لغير الخمس بلا خلاف، سواء كانت منذورة، أو جنازة، أو سنة، وسواء سن لها الجماعة كالعيدين والكسوفين والاستسقاء أم لا، كالضحى، ولكن ينادي للعيد والكسوف والاستسقاء: الصلاة جامعة، وكذا ينادي للتراويح: الصلاة جامعة، إذا صليت في جماعة، ولا يستحب ذلك في صلاة الجنازة على أصح الوجهين.

ثم قال: وفي الأذان والإقامة ثلاثة أوجه: أصحهما أنهما سنة.
والثاني: فرض كفاية، والثالث: فرض كفاية في الجمعة، سنة في غيرها، ومما احتجوا به لكونهما سنة قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي المسيء صلاته، افعل كذا وكذا، ولم يذكرهما، مع أنه صلى الله عليه وسلم ذكر الوضوء، واستقبال القبلة، وأركان الصلاة، قال أصحابنا: فإن قلنا فرض كفاية فأقل ما يتأدى به الفرض أن ينتشر الأذان في جميع أهل ذلك المكان، فإن كانت قرية صغيرة، بحيث إذا أذن أحد سمعوا كلهم سقط الفرض بواحد، وإن كان بلدا كبيرا وجب أن يؤذن في كل موضع واحد، بحيث ينتشر الأذان في جميعهم، فإن أذن واحد فقط سقط الحرج عن الناحية التي سمعوه، دون غيرهم.

وحكى إمام الحرمين عن صاحب الإبانة أن فرض الكفاية يسقط بالأذان لصلاة واحدة في كل يوم وليلة، ولا يجب لكل صلاة، وقال ولم أر لأصحابنا إيجابه لكل صلاة.
قال: ودليله أنه إذا حصل مرة في كل يوم وليلة لم يندرس الشعار.
قال النووي: وهذا الذي ذكره خلاف ظاهر كلام جمهور أصحابنا، فإن مقتضى كلامهم وإطلاقهم أنه إذا قيل: إنه فرض كفاية وجب لكل صلاة، وهذا هو الصواب، وإذا قلنا: إن الأذان سنة حصلت بما يحصل به إذا قلنا فرض كفاية، والقول في الإقامة كالقول في الأذان في جميع ما ذكرناه.

ثم قال: والمشهور في مذهب الشافعية أنهما سنة لكل الصلوات في الحضر والسفر، للجماعة والمنفرد، لا يوجبان بحال، فإن تركهما صحت صلاة المنفرد والجماعة، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وجمهور العلماء، وقال ابن المنذر: هما فرض في حق الجماعة في الحضر والسفر.

قال: وقال مالك: تجب في مسجد الجماعة، وقال عطاء والأوزاعي: وإن نسي الإقامة أعاد الصلاة، وقال العبدري: هما سنة عند مالك، وفرض كفاية عند أحمد، وقال داود: هما فرض لصلاة الجماعة، وليسا بشرط لصحتها.

قال الحافظ ابن حجر: ومنشأ الخلاف أن مبدأ الأذان لما كان عن مشورة أوقعها صلى الله عليه وسلم بين أصحابه حتى استقر برؤيا بعضهم فأقره كان ذلك بالمندوبات أشبه، ثم لما واظب على تقريره، ولم ينقل أنه تركه، ولا أمر بتركه، كان ذلك بالواجبات أشبه.
اهـ.

ثم قال النووي: وهل يسن للفوائت؟ ثلاثة أقوال: قال في الأم: يقيم لها ولا يؤذن، لأن الأذان للإعلام بالوقت، وقد فات الوقت، والإقامة لاستفتاح الصلاة، وذلك موجود: وقال في القديم: يؤذن ويقيم للأولى وحدها، ويقيم للتي بعدها، لأنهما صلاتان، جمعهما وقت واحد فكانتا بأذان وإقامتين، كالمغرب والعشاء بالمزدلفة فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلاهما بأذان وإقامتين.
وقال في الإملاء: إن أمل اجتماع الناس أذن وأقام، وإن لم يؤمل أقام، لأن الأذان يراد لجمع الناس، فإذا لم يؤمل الجمع لم يكن للأذان وجه، وإذا أمل له وجه قال أبو إسحاق: وهذا يقال للصلاة الحاضرة أيضا، إذا أمل الاجتماع لها أذن وأقام، وإن لم يؤمل أقام ولم يؤذن.
اهـ.

وهذا الخلاف مبني على الخلاف في: هل الأذان حق الوقت، أو حق الفريضة؟ أو حق الجماعة؟ ثم قال النووي: والمنفرد في صحراء أو بلد يؤذن على المذهب، وقيل: لا يؤذن وقيل: إن رجا حضور جماعة أذن، وإلا فلا، وإذا قلنا يؤذن، فهل يرفع صوته؟ نظر.
إن صلى في مسجد قد صليت فيه جماعة لم يرفع، لئلا يوهم دخول وقت صلاة أخرى، وإن لم يكن كذلك فوجهان.

وإن جمع بين صلاتين، فإن جمع بينهما في وقت الأولى منهما أذن وأقام للثانية، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بمعرفة، وإن جمع بينهما في وقت الثانية فهما كالفائتتين، لأن الأولى قد فات وقتها والثانية تابعة لها.

ولا يجوز الأذان لغير الصبح قبل دخول الوقت، لأنه يراد للإعلام بالوقت، فلا يجوز قبله، وأما الصبح فيجوز أن يؤذن له بعد نصف الليل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم لأن الصبح يدخل وقتها والناس نيام، وفيهم الجنب والمحدث، فاحتيج إلى تقديم الأذان، وأما الإقامة فلا يجوز تقديمها على الوقت، لأنها تراد لاستفتاح الصلاة، فلا تجوز قبل الوقت.
وبهذا قال مالك وأحمد وداود، وقال أبو حنيفة ومحمد: لا يجوز قبل الفجر.

ويؤخذ من الحديث

1- مشروعية التشاور في الأمور، لا سيما المهمة، وذلك مستحب في حق الأمة بإجماع العلماء.

قال النووي واختلف أصحابنا: هل كانت المشاورة واجبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أم كانت سنة في حقه صلى الله عليه وسلم، كما في حقنا؟ والصحيح عندهم وجوبها، وهو المختار، قال الله تعالى: { { وشاورهم في الأمر } } [آل عمران: 159] والمختار الذي عليه جمهور الفقهاء، ومحققو أهل الأصول أن الأمر للوجوب.

2- وأنه ينبغي للمتشاورين أن يقول كل منهم ما عنده، ثم صاحب الأمر يفعل ما ظهرت له مصلحة.

3- وأنه لا حرج على أحد من المتشاورين إذا أخبر بما أدى إليه اجتهاده ولو أخطأ.

4- وفيه أن المطلوب مخالفة أهل الباطل في أعمالهم.

5- وفيه منقبة عظيمة لعبد الله بن زيد، وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما.

6- وأن رؤيا المؤمن قد تكون حقا وصريحة.

7- وفيه مراعاة المصالح، والعمل بها، وذلك أنه لما شق عليهم التبكير إلى الصلاة، فتفوتهم أشغالهم، أو التأخير فيفوتهم وقت الصلاة نظروا في ذلك.

8- قال القاضي عياض: في قوله يا بلال.
قم فناد بالصلاة حجة لشرع الأذان من قيام، وأنه لا يجوز الأذان قاعدا، قال: وهو مذهب العلماء كافة إلا أبا ثور، فإنه جوزه، ووافقه أبو الفرج المالكي.
قال النووي: وهذا الذي قاله ضعيف لوجهين، أحدهما: أنا قدمنا عنه أن المراد بهذا الإعلام بالصلاة، لا الأذان المعروف، والثاني: أن المراد قم فاذهب إلى موضع بارز، فناد بالصلاة ليسمعك الناس من البعد، وليس فيه تعرض للقيام في حال الأذان لكنه يحتج للقيام في الأذان، بأحاديث معروفة غير هذا، وأما قوله: مذهب العلماء كافة أن القيام واجب، فليس كما قال بل مذهبنا المشهور أنه سنة، فلو أذن قاعدا بغير عذر صح أذانه، لكن فاتته الفضيلة، وكذا لو أذن مضجعا مع قدرته على القيام صح أذانه على الأصح، لأن المراد الإعلام، وقد حصل، ولم يثبت في اشتراط القيام شيء.
اهـ.

وقال الأبي: أجاز مالك الأذان قاعدا لمن به علة، أو أذن لنفسه.
اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر: والمشهور عند الحنفية كلهم أن القيام سنة، وأنه لو أذن قاعدا صح، والصواب ما قاله ابن المنذر من أنهم اتفقوا على أن القيام من السنة.
اهـ.

9- قد يؤخذ من الحديث أن الأذان للرجال، وأنه لا يصح أذان المرأة.
قال النووي في المجموع: لا يصح أذان المرأة للرجال.
هذا هو المذهب، وبه قطع الجمهور، ونقل إمام الحرمين الاتفاق عليه، وهناك وجه ضعيف بأنه يصح كما يصح خبرها، وأما إذا أراد جماعة نسوة الصلاة استحب لهن الإقامة، وكره لهن الأذان.
لأن في الأذان ترفع الصوت وفي الإقامة لا ترفع، وقيل لا تستحب الإقامة لهن.

وقيل يستحب لهن الأذان والإقامة بشرط ألا ترفع صوتها فوق ما تسمع صواحبها، فإن رفعت فوق ذلك حرم كما يحرم تكشفها بحضرة الرجال، لأنه يفتتن بصوتها، وممن صرح بتحريمه إمام الحرمين والغزالي والرافعي، وقال السرخسي: رفع صوتها مكروه.
اهـ.

10- ويؤخذ من اختيار بلال وتعليل ذلك بحسن صوته في بعض الروايات استحباب كون المؤذن رفيع الصوت وحسنه.

قال النووي: وهذا متفق عليه.

والله أعلم

( ملحوظة) للحديث صلة قوية بالحديث الآتي، وشرح كل منهما يتمم الآخر فليراجع.