647 حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، - قَالَ إِسْحَاقُ : أَخْبَرَنَا ، وَقَالَ الْآخَرَانِ - حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ . فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ : إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ ، فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ : التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، فَإِذَا قَالَهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ : ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ حَدِيثِهِمَا وَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ : ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ بَعْدُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ - أَوْ مَا أَحَبَّ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : كُنَّا إِذَا جَلَسْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَنْصُورٍ وَقَالَ : ثُمَّ يَتَخَيَّرُ بَعْدُ مِنَ الدُّعَاءِ |
'Abdullah (b. Mas'ud) said:
While observing prayer behind the Messenger of Allah (ﷺ) we used to recite: Peace be upon Allah, peace be upon so and so. One day the Messenger of Allah (ﷺ) said to us: Verily Allah is Himself Peace. When any one of you sits during the prayer. he should say: All services rendered by words, by acts of worship, and all good things are due to Allah. Peace be upon you,0 Prophet, and Allah's mercy and blessings. Peace be upon us and upon Allah's upright servants, for when he says this it reaches every upright servant in heaven and earth (and say further): I testify that there is no god but Allah and I testify that Muhammad is His servant and Messenger. Then he may choose any supplication which pleases him and offer it.
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
باب التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ
[ سـ :648 ... بـ :402]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ فَإِذَا قَالَهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ حَدِيثِهِمَا وَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ بَعْدُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ أَوْ مَا أَحَبَّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ كُنَّا إِذَا جَلَسْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَنْصُورٍ وَقَالَ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ بَعْدُ مِنْ الدُّعَاءِ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّشَهُّدَ كَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ وَاقْتَصَّ التَّشَهُّدَ بِمِثْلِ مَا اقْتَصُّوا
فِيهِ تَشَهُّدُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَتَشَهُّدُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَتَشَهُّدُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِهَا كُلِّهَا ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ مِنْهَا ، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ تَشَهُّدَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَفْضَلُ لِزِيَادَةِ لَفْظَةِ الْمُبَارَكَاتِ فِيهِ وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً وَلِأَنَّهُ أَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ : يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ ، وَأَهْلُ الْحَدِيثِ : تَشَهُّدُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ أَشَدُّ صِحَّةً ، وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ صَحِيحًا .
وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : تَشَهُّدُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ عَلَّمَهُ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، وَلَمْ يُنَازِعْهُ أَحَدٌ ، فَدَلَّ عَلَى تَفْضِيلِهِ وَهُوَ : التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ إِلَى آخِرِهِ .
وَاخْتَلَفُوا فِي التَّشَهُّدِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَمْ سُنَّةٌ؟ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَطَائِفَةٌ : التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ سُنَّةٌ ، وَالْأَخِيرُ وَاجِبٌ .
وَقَالَ جُمْهُورُ الْمُحَدِّثِينَ : هُمَا وَاجِبَانِ .
وَقَالَ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : الْأَوَّلُ وَاجِبٌ ، وَالثَّانِي فَرْضٌ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ : هُمَا سُنَّتَانِ .
وَعَنْ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رِوَايَةٌ بِوُجُوبِ الْأَخِيرِ .
وَقَدْ وَافَقَ مَنْ لَمْ يُوجِبِ التَّشَهُّدَ عَلَى وُجُوبِ الْقُعُودِ بِقَدْرِهِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ .
وَأَمَّا أَلْفَاظُ الْبَابِ فَفِيهِ لَفْظَةُ التَّشَهُّدِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِلنُّطْقِ بِالشَّهَادَةِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالرِّسَالَةِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ فَمَعْنَاهُ أَنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْنَاهُ السَّالِمُ مِنَ النَّقَائِضِ وَسِمَاتِ الْحُدُوثِ وَمِنَ الشَّرِيكِ وَالنِّدِّ ، وَقِيلَ : الْمُسَلِّمُ أَوْلِيَاءَهُ وَقِيلَ : الْمُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ .
وَأَمَّا التَّحِيَّاتُ فَجَمْعُ تَحِيَّةٍ وَهِيَ الْمِلْكُ ، وَقِيلَ الْبَقَاءُ ، وَقِيلَ الْعَظَمَةُ ، وَقِيلَ الْحَيَاةُ ، وَإِنَّمَا قِيلَ التَّحِيَّاتُ بِالْجَمْعِ لِأَنَّ مُلُوكَ الْعَرَبِ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تُحَيِّيهِ أَصْحَابُهُ بِتَحِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ ، فَقِيلَ : جَمِيعُ تَحِيَّاتِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِذَلِكَ حَقِيقَةً .
وَالْمُبَارَكَاتُ وَالزَّاكِيَاتُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَالْبَرَكَةُ كَثْرَةُ الْخَيْرِ ، وَقِيلَ : النَّمَاءُ ، وَكَذَا الزَّكَاةُ أَصْلُهَا النَّمَاءُ ، وَالصَّلَوَاتُ هِيَ الصَّلَوَاتُ الْمَعْرُوفَةُ .
وَقِيلَ : الدَّعَوَاتُ وَالتَّضَرُّعُ ، وَقِيلَ : الرَّحْمَةُ ، أَيِ اللَّهُ الْمُتَفَضِّلُ بِهَا ، وَالطَّيِّبَاتُ أَيِ الْكَلِمَاتُ الطَّيِّبَاتُ .
وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ : ( التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ ) تَقْدِيرُهُ وَالْمُبَارَكَاتُ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ ، وَلَكِنْ حُذِفَتِ الْوَاوُ اخْتِصَارًا وَهُوَ جَائِزٌ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ التَّحِيَّاتِ وَمَا بَعْدَهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَلَا تَصْلُحُ حَقِيقَتُهَا لِغَيْرِهِ .
وَقَوْلُهُ : ( السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ) وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ ( السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ) فَقِيلَ : مَعْنَاهُ التَّعْوِيذُ بِاللَّهِ ، وَالتَّحْصِينُ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، فَإِنَّ السَّلَامَ اسْمٌ لَهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - تَقْدِيرُهُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ حَفِيظٌ وَكَفِيلٌ ، كَمَا يُقَالُ : اللَّهُ مَعَكَ أَيْ بِالْحِفْظِ وَالْمَعُونَةِ وَاللُّطْفِ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ السَّلَامَةُ وَالنَّجَاةُ لَكُمْ ، وَيَكُونُ مَصْدَرًا كَاللَّذَاذَةِ وَاللَّذَاذِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ السَّلَامَ الَّذِي فِي قَوْلِهِ : ( السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ) يَجُوزُ فِيهِ حَذْفُ الْأَلِفِ وَاللَّامِ فَيُقَالُ : سَلَامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَسَلَامٌ عَلَيْنَا ، وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ هُنَا ، وَلَكِنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ أَفْضَلُ ، وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي رِوَايَاتِ صَحِيحَيِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ .
وَأَمَّا الَّذِي فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَهُوَ سَلَامُ التَّحْلِيلِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ الْأَمْرَيْنِ فِيهِ هَكَذَا وَيَقُولُ : الْأَلِفُ وَاللَّامُ أَفْضَلُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ إِلَّا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ ، وَلِأَنَّهُ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي التَّشَهُّدِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَهُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ لِيَعُودَ التَّعْرِيفُ إِلَى سَابِقِ كَلَامِهِ ، كَمَا يَقُولُ : جَاءَنِي رَجُلٌ فَأَكْرَمْتُ الرَّجُلَ .
قَوْلُهُ : ( وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ) .
قَالَ الزَّجَّاجُ ، وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ ، وَغَيْرُهُمَا : الْعَبْدُ الصَّالِحُ هُوَ الْقَائِمُ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ الْعِبَادِ .
قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( فَإِذَا قَالَهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ دَاخِلَتَيْنِ عَلَى الْجِنْسِ تَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ وَالْعُمُومَ .
قَوْلُهُ : ( وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : يُقَالُ : رَجُلٌ مُحَمَّدٌ وَمَحْمُودٌ إِذَا كَثُرَتْ خِصَالُهُ الْمَحْمُودَةُ .
قَالَ ابْنُ فَارِسٍ : وَبِذَلِكَ سُمِّيَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحَمَّدًا يَعْنِي لِعِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِكَثْرَةِ خِصَالِهِ الْمَحْمُودَةِ أَلْهَمَ أَهْلَهُ التَّسْمِيَةَ بِذَلِكَ .
قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ قَبْلَ السَّلَامِ ، وَفِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِمَا شَاءَ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا ، وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : لَا يَجُوزُ إِلَّا بِالدَّعَوَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ لَيْسَتْ وَاجِبَةً ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وُجُوبُهَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ ، فَمَنْ تَرَكَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ .
وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ زِيَادَةٌ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ ، وَلَكِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ صَحِيحَةً عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ ) هُوَ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ .