هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6620 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، حَدَّثَنِي ابْنُ الهَادِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ : أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ اللَّهِ ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا ، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا ، وَلاَ يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ ، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6620 حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا الليث ، حدثني ابن الهاد ، عن عبد الله بن خباب ، عن أبي سعيد الخدري : أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها ، فإنما هي من الله ، فليحمد الله عليها وليحدث بها ، وإذا رأى غير ذلك مما يكره ، فإنما هي من الشيطان ، فليستعذ من شرها ، ولا يذكرها لأحد ، فإنها لا تضره
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Sa`id Al-Khudri:

The Prophet (ﷺ) said, If anyone of you sees a dream that he likes, then it is from Allah, and he should thank Allah for it and narrate it to others; but if he sees something else, i.e., a dream that he dislikes, then it is from Satan, and he should seek refuge with Allah from its evil, and he should not mention it to anybody, for it will not harm him.

":"ہم سے عبداللہ بن یوسف نے بیان کیا ‘ کہا ہم سے لیث بن سعد نے بیان کیا ‘ ان سے ابن الہاد نے ‘ ان سے عبداللہ بن خباب نے اور ان سے حضرت ابو سعید خدری رضی اللہ عنہ نے کہانہوں نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کو یہ فرماتے ہوئے سنا کہ جب تم میں سے کوئی ایسا خواب دیکھے جسے وہ پسند کرتا ہو تو وہ اللہ کی طرف سے ہوتا ہے ۔ اس پر اللہ کی حمد کرے اور اسے بتا دینا چاہئیے لیکن اگر کوئی اس کے سوا کوئی ایسا خواب دیکھتا ہے جو اسے ناپسند ہے تو یہ شیطان کی طرف سے ہوتا ہے پس اس کے شر سے پناہ مانگے اور کسی سے ایسے خواب کا ذکر نہ کرے ۔ یہ خواب اسے کچھ نقصان نہیں پہنچا سکے گا ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [6985] فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا .

     قَوْلُهُ  وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ كَذَا اخْتَصَرَهُ وَسَيَأْتِي ضَبْطُ الْحُلْمِ وَمَعْنَاهُ فِي بَابِ الْحُلْمِ مِنَ الشَّيْطَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ الطَّرِيقِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا فَزَادَ فَإِذَا رأى أحدكُمشَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَأَذَاهَا فَإِنَّهَا لَا تضره وَكَذَا مَضَى فِي الطِّبِّ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْحُلْمِ مِنَ الشَّيْطَانِ مِنْ طَرِيق بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِلَفْظِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمُ الْحُلْمَ يَكْرَهُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ فَلَنْ يَضُرَّهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ يَسَارِهِ حِينَ يَهُبُّ مِنْ نَوْمِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ مَنْ رَأَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِلَفْظِ فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ وَمِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْآتِيَةِ فِي بَابِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ بِلَفْظِ وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَلْيَتْفُلْ ثَلَاثًا وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرُّهُ وَهَذِهِ أَتَمُّ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ لَفْظًا قَالَ الْمُهَلَّبُ سَمَّى الشَّارِعُ الرُّؤْيَا الْخَالِصَةَ مِنَ الْأَضْغَاثِ صَالِحَةً وَصَادِقَةً وَأَضَافَهَا إِلَى اللَّهِ وَسَمَّى الْأَضْغَاثَ حُلْمًا وَأَضَافَهَا إِلَى الشَّيْطَانِ إِذْ كَانَتْ مَخْلُوقَةً عَلَى شَاكِلَتِهِ فَأَعْلَمَ النَّاسَ بِكَيْدِهِ وَأَرْشَدَهُمْ إِلَى دَفْعِهِ لِئَلَّا يُبَلِّغُوهُ أَرَبَهُ فِي تَحْزِينِهِمْ وَالتَّهْوِيلِ عَلَيْهِمْ.

     وَقَالَ  أَبُو عَبْدِ الْمَلِك أُضِيفَتْ إِلَى الشَّيْطَانِ لِكَوْنِهَا عَلَى هَوَاهُ وَمرَاده.

     وَقَالَ  بن الْبَاقِلَّانِيِّ يَخْلُقُ اللَّهُ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةَ بِحَضْرَةِ الْمَلَكِ وَيَخْلُقُ الرُّؤْيَا الَّتِي تُقَابِلُهَا بِحَضْرَةِ الشَّيْطَانِ فَمِنْ ثمَّ أضيقت إِلَيْهِ وَقيل أضيقت إِلَيْهِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُخَيِّلُ بِهَا وَلَا حَقِيقَةَ لَهَا فِي نفس الْأَمر الحَدِيث الثَّانِي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَوْله حَدثنِي بْنِ الْهَادِ هُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيُّ وَسَيَأْتِي مَنْسُوبًا فِي بَابِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ اللَّهِ فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيَتَحَدَّثْ بِهَا وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَلْيَتَحَدَّثْ وَمِثْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ .

     قَوْلُهُ  وَإِذا رأى غير ذَلِك مِمَّا يكره فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ زَادَ فِي نُسْخَةٍ بِاللَّهِ .

     قَوْلُهُ  وَلَا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي بَابِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ فَحَاصِلُ مَا ذكر من أدب الرُّؤْيَا الصَّالِحَة ثَلَاثَة أَشْيَاءَ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَيْهَا وَأَنْ يَسْتَبْشِرَ بِهَا وَأَنْ يَتَحَدَّثَ بِهَا لَكِنْ لِمَنْ يُحِبُّ دُونَ مَنْ يَكْرَهُ وَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ مِنْ أَدَبِ الرُّؤْيَا الْمَكْرُوهَةِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ أَنْ يَتَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَأَنْ يَتْفُلَ حِينَ يَهُبُّ مِنْ نَوْمِهِ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلَا يَذْكُرُهَا لِأَحَدٍ أَصْلًا وَوَقَعَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْقَيْدِ فِي الْمَنَامِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ خَامِسَةٌ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَلَفْظُهُ فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلَا يَقُصَّهُ عَلَى أَحَدٍ وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ لَكِنْ لَمْ يُصَرِّحِ الْبُخَارِيُّ بِوَصْلِهِ وَصَرَّحَ بِهِ مُسْلِمٌ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهِ وَغَفَلَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فَقَالَ زَادَ التِّرْمِذِيُّ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ بِالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ انْتَهَى وَزَادَ مُسْلِمٌ سَادِسَةً وَهِيَ التَّحَوُّلُ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَقَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدثنَا لَيْث وَحدثنَا بن رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَلَى يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  قَبْلَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ يَعْنِي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ مِثْلَ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ وَزَاد بن رُمْحٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ قُتَيْبَةُ وبن رُمْحٍ.

.
وَأَمَّا طَرِيقُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ فَلَيْسَتْ فِيهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهَا قُتَيْبَةُ وَفِي الْجُمْلَةِ فَتَكْمُلُ الْآدَابُ سِتَّةً الْأَرْبَعَةَ الْمَاضِيَةَ وَالصَّلَاةَ وَالتَّحَوُّلَ وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الشُّرُوحذِكْرَ سَابِعَةٍ وَهِيَ قِرَاءَةُ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ لِذَلِكَ مُسْتَنَدًا فَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ فَيُتَّجَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَهَا فِي صَلَاتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِآدَابِ الْعَابِرِ وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ حِكْمَةَ هَذِهِ الْأُمُورِ فَأَمَّا الِاسْتِعَاذَةُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَوَاضِحٌ وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ عِنْدَ كُلِّ أَمْرٍ يُكْرَهُ.

.
وَأَمَّا الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَنَّهَا مِنْهُ وَأَنَّهُ يُخَيِّلُ بِهَا لِقَصْدِ تَحْزِينِ الْآدَمِيِّ وَالتَّهْوِيلِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

.
وَأَمَّا التَّفْلُ فَقَالَ عِيَاضٌ أَمَرَ بِهِ طَرْدًا لِلشَّيْطَانِ الَّذِي حَضَرَ الرُّؤْيَا الْمَكْرُوهَةَ تَحْقِيرًا لَهُ وَاسْتِقْذَارًا وَخُصَّتْ بِهِ الْيَسَارُ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْأَقْذَارِ وَنَحْوِهَا.

.

قُلْتُ وَالتَّثْلِيثُ لِلتَّأْكِيدِ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ فِي مَقَامِ الرُّقْيَةِ لِيَتَقَرَّرَ عِنْدَ النَّفْسِ دَفْعُهُ عَنْهَا وَعَبَّرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِالْبُصَاقِ إِشَارَةً إِلَى اسْتِقْذَارِهِ وَقد ورد بِثَلَاثَة أَلْفَاظ التفث وَالتَّفْلِ وَالْبَصْقِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ تَبَعًا لِعِيَاضٍ اخْتُلِفَ فِي التفث وَالتَّفْلِ فَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَلَا يَكُونَانِ إِلَّا بِرِيقٍ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدٍ يُشْتَرَطُ فِي التَّفْلِ ريق يسير وَلَا يكون فِي التفث وَقيل عَكسه وسئلت عَائِشَة عَن التفث فِي الرُّقْيَةِ فَقَالَتْ كَمَا يَنْفُثُ آكِلُ الزَّبِيبِ لَا رِيقَ مَعَهُ قَالَ وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا يَخْرُجُ مَعَهُ مِنْ بَلَّةٍ بِغَيْرِ قَصْدٍ قَالَ وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي الرُّقْيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَجَعَلَ يَجْمَعُ بُزَاقَهُ قَالَ عِيَاضٌ وَفَائِدَةُ التَّفْلِ التَّبَرُّكُ بِتِلْكَ الرُّطُوبَةِ وَالْهَوَاءِ والتفث لِلْمُبَاشِرِ لِلرُّقْيَةِ الْمُقَارِنِ لِلذِّكْرِ الْحَسَنِ كَمَا يُتَبَرَّكُ بِغُسَالَةِ مَا يُكْتَبُ مِنَ الذِّكْرِ وَالْأَسْمَاءِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ أَيْضًا أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ فِي الرُّؤْيَا فَلْيَنْفُثْ وَهُوَ نَفْخٌ لَطِيفٌ بِلَا رِيقٍ فَيَكُونُ التَّفْلُ وَالْبَصْقُ مَحْمُولَيْنِ عَلَيْهِ مَجَازًا.

.

قُلْتُ لَكِنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُخْتَلِفٌ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الرُّقْيَةِ التَّبَرُّكُ بِرُطُوبَةِ الذِّكْرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمَطْلُوبُ هُنَا طَرْدُ الشَّيْطَانِ وَإِظْهَارُ احْتِقَارِهِ وَاسْتِقْذَارُهُ كَمَا نَقَلَهُ هُوَ عَنْ عِيَاضٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَالَّذِي يَجْمَعُ الثَّلَاثَةَ الْحَمْلُ عَلَى التَّفْلِ فَإِنَّهُ نَفْخٌ مَعَهُ رِيقٌ لَطِيفٌ فَبِالنَّظَرِ إِلَى النَّفْخِ قِيلَ لَهُ تفث وَبِالنَّظَرِ إِلَى الرِّيقِ قِيلَ لَهُ بُصَاقٌ قَالَ النَّوَوِيُّ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ فَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ مَا ذُكِرَ سَبَبًا لِلسَّلَامَةِ مِنَ الْمَكْرُوهِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الرُّؤْيَا كَمَا جَعَلَ الصَّدَقَةَ وِقَايَةً لِلْمَالِ انْتَهَى.

.
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلِمَا فِيهَا مِنَ التَّوَجُّهِ إِلَى اللَّهِ وَاللَّجَإِ إِلَيْهِ وَلِأَن فِي التَّحَرُّم بِهَا عِصْمَةٌ مِنَ الْأَسْوَاءِ وَبِهَا تَكْمُلُ الرَّغْبَةُ وَتَصِحُّ الطَّلَبَةُ لِقُرْبِ الْمُصَلِّي مِنْ رَبِّهِ عِنْدَ سُجُودِهِ.

.
وَأَمَّا التَّحَوُّلُ فَلِلتَّفَاؤُلِ بِتَحَوُّلِ تِلْكَ الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَيَعْمَلَ بِجَمِيعِ مَا تضمنه فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهَا أَجْزَاهُ فِي دَفْعِ ضَرَرِهَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ.

.

قُلْتُ لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ نَعَمْ أَشَارَ الْمُهَلَّبُ إِلَى أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ كَافِيَةٌ فِي دَفْعِ شَرِّهَا وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ فَيَحْتَاجُ مَعَ الِاسْتِعَاذَةِ إِلَى صِحَّةِ التَّوَجُّهِ وَلَا يَكْفِي إِمْرَارُ الِاسْتِعَاذَةِ بِاللِّسَانِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ الصَّلَاةُ تَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ لِأَنَّهُ إِذَا قَامَ فَصَلَّى تَحَوَّلَ عَنْ جَنْبِهِ وَبَصَقَ وَنَفَثَ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ فِي الْوُضُوءِ وَاسْتَعَاذَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ دَعَا اللَّهَ فِي أَقْرَبِ الْأَحْوَالِ إِلَيْهِ فَيَكْفِيهِ اللَّهُ شَرَّهَا بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَوَرَدَ فِي صِفَةِ التَّعَوُّذِ مِنْ شَرِّ الرُّؤْيَا أَثَرٌ صَحِيحٌ أخرجه سعيد بن مَنْصُور وبن أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ فِي مَنَامِهِ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلْ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَعُوذُ بِمَا عَاذَتْ بِهِ مَلَائِكَةُ اللَّهِ وَرُسُلِهِ مِنْ شَرِّ رُؤْيَايَ هَذِهِ أَنْ يُصِيبَنِي فِيهَا مَا أَكْرَهُ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَوَرَدَ فِي الِاسْتِعَاذَةِ مِنَ التَّهْوِيلِ فِي الْمَنَامِ مَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرَوَّعُ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ قُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ غَضَبِهِ وَعَذَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِين وَأَن يحْضرُونوَأخرجه النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يُفَزَّعُ فِي مَنَامِهِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ إِذَا اضْطَجَعْتَ فَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ فَذَكَرَهُ وَأَصْلُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ وَاسْتَثْنَى الدَّاوُدِيُّ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ مَا يَكُونُ فِي الرُّؤْيَا الصَّادِقَةِ لِكَوْنِهَا قَدْ تَقَعُ إِنْذَارًا كَمَا تَقَعُ تَبْشِيرًا وَفِي الْإِنْذَارِ نَوْعُ مَا يَكْرَهُهُ الرَّائِي فَلَا يُشْرَعُ إِذَا عَرَفَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الِاسْتِعَاذَةِ وَنَحْوِهَا وَاسْتَنَدَ إِلَى مَا وَرَدَ مِنْ مَرَائِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالْبَقَرِ الَّتِي تُنْحَرُ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الِاسْتِعَاذَةِ فِي الصَّادِقَةِ أَنْ لَا يَتَحَوَّلَ عَنْ جَنْبِهِ وَلَا أَنْ لَا يُصَلِّيَ فَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِدَفْعِ مَكْرُوهِ الْإِنْذَارِ مَعَ حُصُولِ مَقْصُودِ الْإِنْذَارِ وَأَيْضًا فَالْمَنْذُورَةُ قَدْ تَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى الْمُبَشِّرَةِ لِأَنَّ مَنْ أُنْذِرَ بِمَا سَيَقَعُ لَهُ وَلَوْ كَانَ لَا يَسُرُّهُ أَحْسَنُ حَالًا مِمَّنْ هَجَمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْزَعِجُ مَا لَا يَنْزَعِجُ مَنْ كَانَ يَعْلَمُ بِوُقُوعِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَخْفِيفًا عَنْهُ وَرِفْقًا بِهِ قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ أَصْلُهَا حَقٌّ تُخْبِرُ عَنِ الْحَقِّ وَهُوَ بُشْرَى وَإِنْذَارٌ وَمُعَاتَبَةٌ لِتَكُونَ عَوْنًا لِمَا نُدِبَ إِلَيْهِ قَالَ وَقَدْ كَانَ غَالِبُ أُمُورِ الْأَوَّلِينَ الرُّؤْيَا إِلَّا أَنَّهَا قَلَّتْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ لِعِظَمِ مَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّهَا مِنَ الْوَحْيِ وَلِكَثْرَةِ مَنْ فِي أُمَّتِهِ مِنَ الصِّدِّيقِينَ مِنَ الْمُحَدَّثِينَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَأَهْلِ الْيَقِينِ فَاكْتَفَوْا بِكَثْرَةِ الْإِلْهَامِ وَالْمُلْهَمِينَ عَنْ كَثْرَةِ الرُّؤْيَا الَّتِي كَانَتْ فِي الْمُتَقَدِّمِينَ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عِيَاضٌ يَحْتَمِلُ .

     قَوْلُهُ  الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ وَالصَّالِحَةُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى حُسْنِ ظَاهِرِهَا أَوْ صِدْقِهَا كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ الرُّؤْيَا الْمَكْرُوهَةُ أَوِ السُّوءُ يَحْتَمِلُ سُوءَ الظَّاهِرِ أَوْ سُوءَ التَّأْوِيلِ.

.
وَأَمَّا كَتْمُهَا مَعَ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ صَادِقَةً فَخَفِيَتْ حِكْمَتُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمَخَافَةِ تَعْجِيلِ اشْتِغَالِ سِرِّ الرَّائِي بِمَكْرُوهِ تَفْسِيرِهَا لِأَنَّهَا قَدْ تُبْطِئُ فَإِذَا لَمْ يُخْبِرْ بِهَا زَالَ تَعْجِيلُ رَوْعِهَا وَتَخْوِيفِهَا وَيَبْقَى إِذَا لَمْ يَعْبُرْهَا لَهُ أَحَدٌ بَيْنَ الطَّمَعِ فِي أَنَّ لَهَا تَفْسِيرًا حَسَنًا أَوِ الرَّجَاءِ فِي أَنَّهَا مِنَ الْأَضْغَاثِ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَسْكَنَ لِنَفْسِهِ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ وَلَا يَذْكُرْهَا عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَا تَقَعُ عَلَى مَا يَعْبُرُ بِهِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ لِلْوَهْمِ تَأْثِيرًا فِي النُّفُوسِ لِأَنَّ التَّفْلَ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ يَدْفَعُ الْوَهْمَ الَّذِي يَقَعُ فِي النَّفْسِ مِنَ الرُّؤْيَا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَهْمِ تَأْثِيرٌ لَمَا أَرْشَدَ إِلَى مَا يَدْفَعُهُ وَكَذَا فِي النَّهْيِ عَنِ التَّحْدِيثِ بِمَا يَكْرَهُ لِمَنْ يَكْرَهُ وَالْأَمْرُ بِالتَّحْدِيثِ بِمَا يُحِبُّ لِمَنْ يُحِبُّ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ ظَاهِرُ الْحَصْرِ أَنَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةَ لَا تَشْتَمِلُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَكْرَهُهُ الرَّائِي وَيُؤَيِّدُهُ مُقَابَلَةُ رُؤْيَا الْبُشْرَى بِالْحُلْمِ وَإِضَافَةُ الْحُلْمِ إِلَى الشَّيْطَانِ وَعَلَى هَذَا فَفِي قَوْلِ أَهْلِ التَّعْبِيرِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ إِنَّ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ قَدْ تَكُونُ بُشْرَى وَقَدْ تَكُونُ إِنْذَارًا نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِنْذَارَ غَالِبًا يَكُونُ فِيمَا يَكْرَهُ الرَّائِي وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْإِنْذَارَ لَا يَسْتَلْزِمُ وُقُوعَ الْمَكْرُوهِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا يَكْرَهُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ظَاهِرِ الرُّؤْيَا وَمِمَّا تُعَبَّرُ بِهِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ ظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الرُّؤْيَا يَعْنِي مَا كَانَ فِيهِ تَهْوِيلٌ أَوْ تَخْوِيفٌ أَوْ تَحْزِينٌ هُوَ الْمَأْمُورُ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَخَيُّلَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِذَا اسْتَعَاذَ الرَّائِي مِنْهُ صَادِقًا فِي الْتِجَائِهِ إِلَى اللَّهِ وَفَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنَ التَّفْلِ وَالتَّحَوُّلِ وَالصَّلَاةِ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ مَا بِهِ وَمَا يَخَافُهُ مِنْ مَكْرُوهِ ذَلِكَ وَلَمْ يُصِبْهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَقِيلَ بَلِ الْخَبَرُ عَلَى عُمُومِهِ فِيمَا يَكْرَهُهُ الرَّائِي بِتَنَاوُلِ مَا يَتَسَبَّبُ بِهِ الشَّيْطَانُ وَمَا لَا تَسَبُّبَ لَهُ فِيهِ وَفِعْلُ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ مَانِعٌ مِنْ وُقُوعِ الْمَكْرُوهِ كَمَا جَاءَ أَنَّ الدُّعَاءَ يَدْفَعُ الْبَلَاءَ وَالصَّدَقَةَ تَدْفَعُ مَيْتَةَ السُّوءِ وَكُلُّ ذَلِكَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ وَلَكِنَّ الْأَسْبَابَ عَادَاتٌ لَا مَوْجُودَاتٌ.

.
وَأَمَّا مَا يُرَى أَحْيَانًا مِمَّا يُعْجِبُ الرَّائِيَ وَلَكِنَّهُ لَا يَجِدُهُ فِي الْيَقَظَةِ وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قِسْمٍ آخَرَ وَهُوَ مَا كَانَ الْخَاطِرُ بِهِ مَشْغُولًا قَبْلَ النَّوْمِ ثُمَّ يَحْصُلُ النَّوْمُ فَيَرَاهُ فَهَذَا قِسْمٌ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُشَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَأَذَاهَا فَإِنَّهَا لَا تضره وَكَذَا مَضَى فِي الطِّبِّ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْحُلْمِ مِنَ الشَّيْطَانِ مِنْ طَرِيق بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِلَفْظِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمُ الْحُلْمَ يَكْرَهُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ فَلَنْ يَضُرَّهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ يَسَارِهِ حِينَ يَهُبُّ مِنْ نَوْمِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ مَنْ رَأَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِلَفْظِ فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ وَمِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْآتِيَةِ فِي بَابِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ بِلَفْظِ وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَلْيَتْفُلْ ثَلَاثًا وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرُّهُ وَهَذِهِ أَتَمُّ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ لَفْظًا قَالَ الْمُهَلَّبُ سَمَّى الشَّارِعُ الرُّؤْيَا الْخَالِصَةَ مِنَ الْأَضْغَاثِ صَالِحَةً وَصَادِقَةً وَأَضَافَهَا إِلَى اللَّهِ وَسَمَّى الْأَضْغَاثَ حُلْمًا وَأَضَافَهَا إِلَى الشَّيْطَانِ إِذْ كَانَتْ مَخْلُوقَةً عَلَى شَاكِلَتِهِ فَأَعْلَمَ النَّاسَ بِكَيْدِهِ وَأَرْشَدَهُمْ إِلَى دَفْعِهِ لِئَلَّا يُبَلِّغُوهُ أَرَبَهُ فِي تَحْزِينِهِمْ وَالتَّهْوِيلِ عَلَيْهِمْ.

     وَقَالَ  أَبُو عَبْدِ الْمَلِك أُضِيفَتْ إِلَى الشَّيْطَانِ لِكَوْنِهَا عَلَى هَوَاهُ وَمرَاده.

     وَقَالَ  بن الْبَاقِلَّانِيِّ يَخْلُقُ اللَّهُ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةَ بِحَضْرَةِ الْمَلَكِ وَيَخْلُقُ الرُّؤْيَا الَّتِي تُقَابِلُهَا بِحَضْرَةِ الشَّيْطَانِ فَمِنْ ثمَّ أضيقت إِلَيْهِ وَقيل أضيقت إِلَيْهِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُخَيِّلُ بِهَا وَلَا حَقِيقَةَ لَهَا فِي نفس الْأَمر الحَدِيث الثَّانِي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَوْله حَدثنِي بْنِ الْهَادِ هُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيُّ وَسَيَأْتِي مَنْسُوبًا فِي بَابِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ اللَّهِ فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيَتَحَدَّثْ بِهَا وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَلْيَتَحَدَّثْ وَمِثْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ .

     قَوْلُهُ  وَإِذا رأى غير ذَلِك مِمَّا يكره فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ زَادَ فِي نُسْخَةٍ بِاللَّهِ .

     قَوْلُهُ  وَلَا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي بَابِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ فَحَاصِلُ مَا ذكر من أدب الرُّؤْيَا الصَّالِحَة ثَلَاثَة أَشْيَاءَ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَيْهَا وَأَنْ يَسْتَبْشِرَ بِهَا وَأَنْ يَتَحَدَّثَ بِهَا لَكِنْ لِمَنْ يُحِبُّ دُونَ مَنْ يَكْرَهُ وَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ مِنْ أَدَبِ الرُّؤْيَا الْمَكْرُوهَةِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ أَنْ يَتَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَأَنْ يَتْفُلَ حِينَ يَهُبُّ مِنْ نَوْمِهِ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلَا يَذْكُرُهَا لِأَحَدٍ أَصْلًا وَوَقَعَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْقَيْدِ فِي الْمَنَامِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ خَامِسَةٌ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَلَفْظُهُ فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلَا يَقُصَّهُ عَلَى أَحَدٍ وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ لَكِنْ لَمْ يُصَرِّحِ الْبُخَارِيُّ بِوَصْلِهِ وَصَرَّحَ بِهِ مُسْلِمٌ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهِ وَغَفَلَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فَقَالَ زَادَ التِّرْمِذِيُّ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ بِالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ انْتَهَى وَزَادَ مُسْلِمٌ سَادِسَةً وَهِيَ التَّحَوُّلُ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَقَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدثنَا لَيْث وَحدثنَا بن رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَلَى يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  قَبْلَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ يَعْنِي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ مِثْلَ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ وَزَاد بن رُمْحٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ قُتَيْبَةُ وبن رُمْحٍ.

.
وَأَمَّا طَرِيقُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ فَلَيْسَتْ فِيهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهَا قُتَيْبَةُ وَفِي الْجُمْلَةِ فَتَكْمُلُ الْآدَابُ سِتَّةً الْأَرْبَعَةَ الْمَاضِيَةَ وَالصَّلَاةَ وَالتَّحَوُّلَ وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الشُّرُوحذِكْرَ سَابِعَةٍ وَهِيَ قِرَاءَةُ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ لِذَلِكَ مُسْتَنَدًا فَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ فَيُتَّجَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَهَا فِي صَلَاتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِآدَابِ الْعَابِرِ وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ حِكْمَةَ هَذِهِ الْأُمُورِ فَأَمَّا الِاسْتِعَاذَةُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَوَاضِحٌ وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ عِنْدَ كُلِّ أَمْرٍ يُكْرَهُ.

.
وَأَمَّا الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَنَّهَا مِنْهُ وَأَنَّهُ يُخَيِّلُ بِهَا لِقَصْدِ تَحْزِينِ الْآدَمِيِّ وَالتَّهْوِيلِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

.
وَأَمَّا التَّفْلُ فَقَالَ عِيَاضٌ أَمَرَ بِهِ طَرْدًا لِلشَّيْطَانِ الَّذِي حَضَرَ الرُّؤْيَا الْمَكْرُوهَةَ تَحْقِيرًا لَهُ وَاسْتِقْذَارًا وَخُصَّتْ بِهِ الْيَسَارُ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْأَقْذَارِ وَنَحْوِهَا.

.

قُلْتُ وَالتَّثْلِيثُ لِلتَّأْكِيدِ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ فِي مَقَامِ الرُّقْيَةِ لِيَتَقَرَّرَ عِنْدَ النَّفْسِ دَفْعُهُ عَنْهَا وَعَبَّرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِالْبُصَاقِ إِشَارَةً إِلَى اسْتِقْذَارِهِ وَقد ورد بِثَلَاثَة أَلْفَاظ التفث وَالتَّفْلِ وَالْبَصْقِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ تَبَعًا لِعِيَاضٍ اخْتُلِفَ فِي التفث وَالتَّفْلِ فَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَلَا يَكُونَانِ إِلَّا بِرِيقٍ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدٍ يُشْتَرَطُ فِي التَّفْلِ ريق يسير وَلَا يكون فِي التفث وَقيل عَكسه وسئلت عَائِشَة عَن التفث فِي الرُّقْيَةِ فَقَالَتْ كَمَا يَنْفُثُ آكِلُ الزَّبِيبِ لَا رِيقَ مَعَهُ قَالَ وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا يَخْرُجُ مَعَهُ مِنْ بَلَّةٍ بِغَيْرِ قَصْدٍ قَالَ وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي الرُّقْيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَجَعَلَ يَجْمَعُ بُزَاقَهُ قَالَ عِيَاضٌ وَفَائِدَةُ التَّفْلِ التَّبَرُّكُ بِتِلْكَ الرُّطُوبَةِ وَالْهَوَاءِ والتفث لِلْمُبَاشِرِ لِلرُّقْيَةِ الْمُقَارِنِ لِلذِّكْرِ الْحَسَنِ كَمَا يُتَبَرَّكُ بِغُسَالَةِ مَا يُكْتَبُ مِنَ الذِّكْرِ وَالْأَسْمَاءِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ أَيْضًا أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ فِي الرُّؤْيَا فَلْيَنْفُثْ وَهُوَ نَفْخٌ لَطِيفٌ بِلَا رِيقٍ فَيَكُونُ التَّفْلُ وَالْبَصْقُ مَحْمُولَيْنِ عَلَيْهِ مَجَازًا.

.

قُلْتُ لَكِنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُخْتَلِفٌ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الرُّقْيَةِ التَّبَرُّكُ بِرُطُوبَةِ الذِّكْرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمَطْلُوبُ هُنَا طَرْدُ الشَّيْطَانِ وَإِظْهَارُ احْتِقَارِهِ وَاسْتِقْذَارُهُ كَمَا نَقَلَهُ هُوَ عَنْ عِيَاضٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَالَّذِي يَجْمَعُ الثَّلَاثَةَ الْحَمْلُ عَلَى التَّفْلِ فَإِنَّهُ نَفْخٌ مَعَهُ رِيقٌ لَطِيفٌ فَبِالنَّظَرِ إِلَى النَّفْخِ قِيلَ لَهُ تفث وَبِالنَّظَرِ إِلَى الرِّيقِ قِيلَ لَهُ بُصَاقٌ قَالَ النَّوَوِيُّ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ فَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ مَا ذُكِرَ سَبَبًا لِلسَّلَامَةِ مِنَ الْمَكْرُوهِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الرُّؤْيَا كَمَا جَعَلَ الصَّدَقَةَ وِقَايَةً لِلْمَالِ انْتَهَى.

.
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلِمَا فِيهَا مِنَ التَّوَجُّهِ إِلَى اللَّهِ وَاللَّجَإِ إِلَيْهِ وَلِأَن فِي التَّحَرُّم بِهَا عِصْمَةٌ مِنَ الْأَسْوَاءِ وَبِهَا تَكْمُلُ الرَّغْبَةُ وَتَصِحُّ الطَّلَبَةُ لِقُرْبِ الْمُصَلِّي مِنْ رَبِّهِ عِنْدَ سُجُودِهِ.

.
وَأَمَّا التَّحَوُّلُ فَلِلتَّفَاؤُلِ بِتَحَوُّلِ تِلْكَ الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَيَعْمَلَ بِجَمِيعِ مَا تضمنه فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهَا أَجْزَاهُ فِي دَفْعِ ضَرَرِهَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ.

.

قُلْتُ لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ نَعَمْ أَشَارَ الْمُهَلَّبُ إِلَى أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ كَافِيَةٌ فِي دَفْعِ شَرِّهَا وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ فَيَحْتَاجُ مَعَ الِاسْتِعَاذَةِ إِلَى صِحَّةِ التَّوَجُّهِ وَلَا يَكْفِي إِمْرَارُ الِاسْتِعَاذَةِ بِاللِّسَانِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ الصَّلَاةُ تَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ لِأَنَّهُ إِذَا قَامَ فَصَلَّى تَحَوَّلَ عَنْ جَنْبِهِ وَبَصَقَ وَنَفَثَ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ فِي الْوُضُوءِ وَاسْتَعَاذَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ دَعَا اللَّهَ فِي أَقْرَبِ الْأَحْوَالِ إِلَيْهِ فَيَكْفِيهِ اللَّهُ شَرَّهَا بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَوَرَدَ فِي صِفَةِ التَّعَوُّذِ مِنْ شَرِّ الرُّؤْيَا أَثَرٌ صَحِيحٌ أخرجه سعيد بن مَنْصُور وبن أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ فِي مَنَامِهِ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلْ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَعُوذُ بِمَا عَاذَتْ بِهِ مَلَائِكَةُ اللَّهِ وَرُسُلِهِ مِنْ شَرِّ رُؤْيَايَ هَذِهِ أَنْ يُصِيبَنِي فِيهَا مَا أَكْرَهُ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَوَرَدَ فِي الِاسْتِعَاذَةِ مِنَ التَّهْوِيلِ فِي الْمَنَامِ مَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرَوَّعُ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ قُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ غَضَبِهِ وَعَذَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِين وَأَن يحْضرُونوَأخرجه النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يُفَزَّعُ فِي مَنَامِهِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ إِذَا اضْطَجَعْتَ فَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ فَذَكَرَهُ وَأَصْلُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ وَاسْتَثْنَى الدَّاوُدِيُّ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ مَا يَكُونُ فِي الرُّؤْيَا الصَّادِقَةِ لِكَوْنِهَا قَدْ تَقَعُ إِنْذَارًا كَمَا تَقَعُ تَبْشِيرًا وَفِي الْإِنْذَارِ نَوْعُ مَا يَكْرَهُهُ الرَّائِي فَلَا يُشْرَعُ إِذَا عَرَفَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الِاسْتِعَاذَةِ وَنَحْوِهَا وَاسْتَنَدَ إِلَى مَا وَرَدَ مِنْ مَرَائِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالْبَقَرِ الَّتِي تُنْحَرُ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الِاسْتِعَاذَةِ فِي الصَّادِقَةِ أَنْ لَا يَتَحَوَّلَ عَنْ جَنْبِهِ وَلَا أَنْ لَا يُصَلِّيَ فَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِدَفْعِ مَكْرُوهِ الْإِنْذَارِ مَعَ حُصُولِ مَقْصُودِ الْإِنْذَارِ وَأَيْضًا فَالْمَنْذُورَةُ قَدْ تَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى الْمُبَشِّرَةِ لِأَنَّ مَنْ أُنْذِرَ بِمَا سَيَقَعُ لَهُ وَلَوْ كَانَ لَا يَسُرُّهُ أَحْسَنُ حَالًا مِمَّنْ هَجَمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْزَعِجُ مَا لَا يَنْزَعِجُ مَنْ كَانَ يَعْلَمُ بِوُقُوعِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَخْفِيفًا عَنْهُ وَرِفْقًا بِهِ قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ أَصْلُهَا حَقٌّ تُخْبِرُ عَنِ الْحَقِّ وَهُوَ بُشْرَى وَإِنْذَارٌ وَمُعَاتَبَةٌ لِتَكُونَ عَوْنًا لِمَا نُدِبَ إِلَيْهِ قَالَ وَقَدْ كَانَ غَالِبُ أُمُورِ الْأَوَّلِينَ الرُّؤْيَا إِلَّا أَنَّهَا قَلَّتْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ لِعِظَمِ مَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّهَا مِنَ الْوَحْيِ وَلِكَثْرَةِ مَنْ فِي أُمَّتِهِ مِنَ الصِّدِّيقِينَ مِنَ الْمُحَدَّثِينَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَأَهْلِ الْيَقِينِ فَاكْتَفَوْا بِكَثْرَةِ الْإِلْهَامِ وَالْمُلْهَمِينَ عَنْ كَثْرَةِ الرُّؤْيَا الَّتِي كَانَتْ فِي الْمُتَقَدِّمِينَ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عِيَاضٌ يَحْتَمِلُ .

     قَوْلُهُ  الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ وَالصَّالِحَةُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى حُسْنِ ظَاهِرِهَا أَوْ صِدْقِهَا كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ الرُّؤْيَا الْمَكْرُوهَةُ أَوِ السُّوءُ يَحْتَمِلُ سُوءَ الظَّاهِرِ أَوْ سُوءَ التَّأْوِيلِ.

.
وَأَمَّا كَتْمُهَا مَعَ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ صَادِقَةً فَخَفِيَتْ حِكْمَتُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمَخَافَةِ تَعْجِيلِ اشْتِغَالِ سِرِّ الرَّائِي بِمَكْرُوهِ تَفْسِيرِهَا لِأَنَّهَا قَدْ تُبْطِئُ فَإِذَا لَمْ يُخْبِرْ بِهَا زَالَ تَعْجِيلُ رَوْعِهَا وَتَخْوِيفِهَا وَيَبْقَى إِذَا لَمْ يَعْبُرْهَا لَهُ أَحَدٌ بَيْنَ الطَّمَعِ فِي أَنَّ لَهَا تَفْسِيرًا حَسَنًا أَوِ الرَّجَاءِ فِي أَنَّهَا مِنَ الْأَضْغَاثِ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَسْكَنَ لِنَفْسِهِ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ وَلَا يَذْكُرْهَا عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَا تَقَعُ عَلَى مَا يَعْبُرُ بِهِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ لِلْوَهْمِ تَأْثِيرًا فِي النُّفُوسِ لِأَنَّ التَّفْلَ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ يَدْفَعُ الْوَهْمَ الَّذِي يَقَعُ فِي النَّفْسِ مِنَ الرُّؤْيَا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَهْمِ تَأْثِيرٌ لَمَا أَرْشَدَ إِلَى مَا يَدْفَعُهُ وَكَذَا فِي النَّهْيِ عَنِ التَّحْدِيثِ بِمَا يَكْرَهُ لِمَنْ يَكْرَهُ وَالْأَمْرُ بِالتَّحْدِيثِ بِمَا يُحِبُّ لِمَنْ يُحِبُّ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ ظَاهِرُ الْحَصْرِ أَنَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةَ لَا تَشْتَمِلُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَكْرَهُهُ الرَّائِي وَيُؤَيِّدُهُ مُقَابَلَةُ رُؤْيَا الْبُشْرَى بِالْحُلْمِ وَإِضَافَةُ الْحُلْمِ إِلَى الشَّيْطَانِ وَعَلَى هَذَا فَفِي قَوْلِ أَهْلِ التَّعْبِيرِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ إِنَّ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ قَدْ تَكُونُ بُشْرَى وَقَدْ تَكُونُ إِنْذَارًا نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِنْذَارَ غَالِبًا يَكُونُ فِيمَا يَكْرَهُ الرَّائِي وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْإِنْذَارَ لَا يَسْتَلْزِمُ وُقُوعَ الْمَكْرُوهِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا يَكْرَهُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ظَاهِرِ الرُّؤْيَا وَمِمَّا تُعَبَّرُ بِهِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ ظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الرُّؤْيَا يَعْنِي مَا كَانَ فِيهِ تَهْوِيلٌ أَوْ تَخْوِيفٌ أَوْ تَحْزِينٌ هُوَ الْمَأْمُورُ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَخَيُّلَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِذَا اسْتَعَاذَ الرَّائِي مِنْهُ صَادِقًا فِي الْتِجَائِهِ إِلَى اللَّهِ وَفَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنَ التَّفْلِ وَالتَّحَوُّلِ وَالصَّلَاةِ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ مَا بِهِ وَمَا يَخَافُهُ مِنْ مَكْرُوهِ ذَلِكَ وَلَمْ يُصِبْهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَقِيلَ بَلِ الْخَبَرُ عَلَى عُمُومِهِ فِيمَا يَكْرَهُهُ الرَّائِي بِتَنَاوُلِ مَا يَتَسَبَّبُ بِهِ الشَّيْطَانُ وَمَا لَا تَسَبُّبَ لَهُ فِيهِ وَفِعْلُ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ مَانِعٌ مِنْ وُقُوعِ الْمَكْرُوهِ كَمَا جَاءَ أَنَّ الدُّعَاءَ يَدْفَعُ الْبَلَاءَ وَالصَّدَقَةَ تَدْفَعُ مَيْتَةَ السُّوءِ وَكُلُّ ذَلِكَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ وَلَكِنَّ الْأَسْبَابَ عَادَاتٌ لَا مَوْجُودَاتٌ.

.
وَأَمَّا مَا يُرَى أَحْيَانًا مِمَّا يُعْجِبُ الرَّائِيَ وَلَكِنَّهُ لَا يَجِدُهُ فِي الْيَقَظَةِ وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قِسْمٍ آخَرَ وَهُوَ مَا كَانَ الْخَاطِرُ بِهِ مَشْغُولًا قَبْلَ النَّوْمِ ثُمَّ يَحْصُلُ النَّوْمُ فَيَرَاهُ فَهَذَا قِسْمٌ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ بِالتَّنْوِينِ الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ)
أَيْ مُطْلَقًا وَإِنْ قُيِّدَتْ فِي الْحَدِيثِ بِالصَّالِحَةِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا لَا دُخُولَ لِلشَّيْطَانِ فِيهِ.

.
وَأَمَّا مَا لَهُ فِيهِ دَخْلٌ فَنُسِبَتْ إِلَيْهِ نِسْبَةً مَجَازِيَّةً مَعَ أَنَّ الْكُلَّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخَلْقِ وَالتَّقْدِيرِ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ وَإِضَافَةَ الرُّؤْيَا إِلَى اللَّهِ لِلتَّشْرِيفِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ وَظَاهِرُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :6620 ... غــ :6985] فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا .

     قَوْلُهُ  وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ كَذَا اخْتَصَرَهُ وَسَيَأْتِي ضَبْطُ الْحُلْمِ وَمَعْنَاهُ فِي بَابِ الْحُلْمِ مِنَ الشَّيْطَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ الطَّرِيقِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا فَزَادَ فَإِذَا رأى أحدكُم شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَأَذَاهَا فَإِنَّهَا لَا تضره وَكَذَا مَضَى فِي الطِّبِّ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْحُلْمِ مِنَ الشَّيْطَانِ مِنْ طَرِيق بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِلَفْظِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمُ الْحُلْمَ يَكْرَهُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ فَلَنْ يَضُرَّهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ يَسَارِهِ حِينَ يَهُبُّ مِنْ نَوْمِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ مَنْ رَأَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِلَفْظِ فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ وَمِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْآتِيَةِ فِي بَابِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ بِلَفْظِ وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَلْيَتْفُلْ ثَلَاثًا وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرُّهُ وَهَذِهِ أَتَمُّ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ لَفْظًا قَالَ الْمُهَلَّبُ سَمَّى الشَّارِعُ الرُّؤْيَا الْخَالِصَةَ مِنَ الْأَضْغَاثِ صَالِحَةً وَصَادِقَةً وَأَضَافَهَا إِلَى اللَّهِ وَسَمَّى الْأَضْغَاثَ حُلْمًا وَأَضَافَهَا إِلَى الشَّيْطَانِ إِذْ كَانَتْ مَخْلُوقَةً عَلَى شَاكِلَتِهِ فَأَعْلَمَ النَّاسَ بِكَيْدِهِ وَأَرْشَدَهُمْ إِلَى دَفْعِهِ لِئَلَّا يُبَلِّغُوهُ أَرَبَهُ فِي تَحْزِينِهِمْ وَالتَّهْوِيلِ عَلَيْهِمْ.

     وَقَالَ  أَبُو عَبْدِ الْمَلِك أُضِيفَتْ إِلَى الشَّيْطَانِ لِكَوْنِهَا عَلَى هَوَاهُ وَمرَاده.

     وَقَالَ  بن الْبَاقِلَّانِيِّ يَخْلُقُ اللَّهُ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةَ بِحَضْرَةِ الْمَلَكِ وَيَخْلُقُ الرُّؤْيَا الَّتِي تُقَابِلُهَا بِحَضْرَةِ الشَّيْطَانِ فَمِنْ ثمَّ أضيقت إِلَيْهِ وَقيل أضيقت إِلَيْهِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُخَيِّلُ بِهَا وَلَا حَقِيقَةَ لَهَا فِي نفس الْأَمر الحَدِيث الثَّانِي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَوْله حَدثنِي بْنِ الْهَادِ هُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيُّ وَسَيَأْتِي مَنْسُوبًا فِي بَابِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ اللَّهِ فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيَتَحَدَّثْ بِهَا وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَلْيَتَحَدَّثْ وَمِثْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ .

     قَوْلُهُ  وَإِذا رأى غير ذَلِك مِمَّا يكره فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ زَادَ فِي نُسْخَةٍ بِاللَّهِ .

     قَوْلُهُ  وَلَا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي بَابِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ فَحَاصِلُ مَا ذكر من أدب الرُّؤْيَا الصَّالِحَة ثَلَاثَة أَشْيَاءَ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَيْهَا وَأَنْ يَسْتَبْشِرَ بِهَا وَأَنْ يَتَحَدَّثَ بِهَا لَكِنْ لِمَنْ يُحِبُّ دُونَ مَنْ يَكْرَهُ وَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ مِنْ أَدَبِ الرُّؤْيَا الْمَكْرُوهَةِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ أَنْ يَتَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَأَنْ يَتْفُلَ حِينَ يَهُبُّ مِنْ نَوْمِهِ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلَا يَذْكُرُهَا لِأَحَدٍ أَصْلًا وَوَقَعَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْقَيْدِ فِي الْمَنَامِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ خَامِسَةٌ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَلَفْظُهُ فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلَا يَقُصَّهُ عَلَى أَحَدٍ وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ لَكِنْ لَمْ يُصَرِّحِ الْبُخَارِيُّ بِوَصْلِهِ وَصَرَّحَ بِهِ مُسْلِمٌ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهِ وَغَفَلَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فَقَالَ زَادَ التِّرْمِذِيُّ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ بِالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ انْتَهَى وَزَادَ مُسْلِمٌ سَادِسَةً وَهِيَ التَّحَوُّلُ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَقَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدثنَا لَيْث وَحدثنَا بن رُمْحٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَلَى يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  قَبْلَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ يَعْنِي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ مِثْلَ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ وَزَاد بن رُمْحٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ قُتَيْبَةُ وبن رُمْحٍ.

.
وَأَمَّا طَرِيقُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ فَلَيْسَتْ فِيهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهَا قُتَيْبَةُ وَفِي الْجُمْلَةِ فَتَكْمُلُ الْآدَابُ سِتَّةً الْأَرْبَعَةَ الْمَاضِيَةَ وَالصَّلَاةَ وَالتَّحَوُّلَ وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الشُّرُوح ذِكْرَ سَابِعَةٍ وَهِيَ قِرَاءَةُ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ لِذَلِكَ مُسْتَنَدًا فَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ فَيُتَّجَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَهَا فِي صَلَاتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِآدَابِ الْعَابِرِ وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ حِكْمَةَ هَذِهِ الْأُمُورِ فَأَمَّا الِاسْتِعَاذَةُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَوَاضِحٌ وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ عِنْدَ كُلِّ أَمْرٍ يُكْرَهُ.

.
وَأَمَّا الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَنَّهَا مِنْهُ وَأَنَّهُ يُخَيِّلُ بِهَا لِقَصْدِ تَحْزِينِ الْآدَمِيِّ وَالتَّهْوِيلِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

.
وَأَمَّا التَّفْلُ فَقَالَ عِيَاضٌ أَمَرَ بِهِ طَرْدًا لِلشَّيْطَانِ الَّذِي حَضَرَ الرُّؤْيَا الْمَكْرُوهَةَ تَحْقِيرًا لَهُ وَاسْتِقْذَارًا وَخُصَّتْ بِهِ الْيَسَارُ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْأَقْذَارِ وَنَحْوِهَا.

.

قُلْتُ وَالتَّثْلِيثُ لِلتَّأْكِيدِ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ فِي مَقَامِ الرُّقْيَةِ لِيَتَقَرَّرَ عِنْدَ النَّفْسِ دَفْعُهُ عَنْهَا وَعَبَّرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِالْبُصَاقِ إِشَارَةً إِلَى اسْتِقْذَارِهِ وَقد ورد بِثَلَاثَة أَلْفَاظ التفث وَالتَّفْلِ وَالْبَصْقِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ تَبَعًا لِعِيَاضٍ اخْتُلِفَ فِي التفث وَالتَّفْلِ فَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَلَا يَكُونَانِ إِلَّا بِرِيقٍ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدٍ يُشْتَرَطُ فِي التَّفْلِ ريق يسير وَلَا يكون فِي التفث وَقيل عَكسه وسئلت عَائِشَة عَن التفث فِي الرُّقْيَةِ فَقَالَتْ كَمَا يَنْفُثُ آكِلُ الزَّبِيبِ لَا رِيقَ مَعَهُ قَالَ وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا يَخْرُجُ مَعَهُ مِنْ بَلَّةٍ بِغَيْرِ قَصْدٍ قَالَ وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي الرُّقْيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَجَعَلَ يَجْمَعُ بُزَاقَهُ قَالَ عِيَاضٌ وَفَائِدَةُ التَّفْلِ التَّبَرُّكُ بِتِلْكَ الرُّطُوبَةِ وَالْهَوَاءِ والتفث لِلْمُبَاشِرِ لِلرُّقْيَةِ الْمُقَارِنِ لِلذِّكْرِ الْحَسَنِ كَمَا يُتَبَرَّكُ بِغُسَالَةِ مَا يُكْتَبُ مِنَ الذِّكْرِ وَالْأَسْمَاءِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ أَيْضًا أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ فِي الرُّؤْيَا فَلْيَنْفُثْ وَهُوَ نَفْخٌ لَطِيفٌ بِلَا رِيقٍ فَيَكُونُ التَّفْلُ وَالْبَصْقُ مَحْمُولَيْنِ عَلَيْهِ مَجَازًا.

.

قُلْتُ لَكِنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُخْتَلِفٌ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الرُّقْيَةِ التَّبَرُّكُ بِرُطُوبَةِ الذِّكْرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمَطْلُوبُ هُنَا طَرْدُ الشَّيْطَانِ وَإِظْهَارُ احْتِقَارِهِ وَاسْتِقْذَارُهُ كَمَا نَقَلَهُ هُوَ عَنْ عِيَاضٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَالَّذِي يَجْمَعُ الثَّلَاثَةَ الْحَمْلُ عَلَى التَّفْلِ فَإِنَّهُ نَفْخٌ مَعَهُ رِيقٌ لَطِيفٌ فَبِالنَّظَرِ إِلَى النَّفْخِ قِيلَ لَهُ تفث وَبِالنَّظَرِ إِلَى الرِّيقِ قِيلَ لَهُ بُصَاقٌ قَالَ النَّوَوِيُّ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ فَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ مَا ذُكِرَ سَبَبًا لِلسَّلَامَةِ مِنَ الْمَكْرُوهِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الرُّؤْيَا كَمَا جَعَلَ الصَّدَقَةَ وِقَايَةً لِلْمَالِ انْتَهَى.

.
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلِمَا فِيهَا مِنَ التَّوَجُّهِ إِلَى اللَّهِ وَاللَّجَإِ إِلَيْهِ وَلِأَن فِي التَّحَرُّم بِهَا عِصْمَةٌ مِنَ الْأَسْوَاءِ وَبِهَا تَكْمُلُ الرَّغْبَةُ وَتَصِحُّ الطَّلَبَةُ لِقُرْبِ الْمُصَلِّي مِنْ رَبِّهِ عِنْدَ سُجُودِهِ.

.
وَأَمَّا التَّحَوُّلُ فَلِلتَّفَاؤُلِ بِتَحَوُّلِ تِلْكَ الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَيَعْمَلَ بِجَمِيعِ مَا تضمنه فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهَا أَجْزَاهُ فِي دَفْعِ ضَرَرِهَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ.

.

قُلْتُ لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ نَعَمْ أَشَارَ الْمُهَلَّبُ إِلَى أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ كَافِيَةٌ فِي دَفْعِ شَرِّهَا وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ فَيَحْتَاجُ مَعَ الِاسْتِعَاذَةِ إِلَى صِحَّةِ التَّوَجُّهِ وَلَا يَكْفِي إِمْرَارُ الِاسْتِعَاذَةِ بِاللِّسَانِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ الصَّلَاةُ تَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ لِأَنَّهُ إِذَا قَامَ فَصَلَّى تَحَوَّلَ عَنْ جَنْبِهِ وَبَصَقَ وَنَفَثَ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ فِي الْوُضُوءِ وَاسْتَعَاذَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ دَعَا اللَّهَ فِي أَقْرَبِ الْأَحْوَالِ إِلَيْهِ فَيَكْفِيهِ اللَّهُ شَرَّهَا بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَوَرَدَ فِي صِفَةِ التَّعَوُّذِ مِنْ شَرِّ الرُّؤْيَا أَثَرٌ صَحِيحٌ أخرجه سعيد بن مَنْصُور وبن أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ فِي مَنَامِهِ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلْ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَعُوذُ بِمَا عَاذَتْ بِهِ مَلَائِكَةُ اللَّهِ وَرُسُلِهِ مِنْ شَرِّ رُؤْيَايَ هَذِهِ أَنْ يُصِيبَنِي فِيهَا مَا أَكْرَهُ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَوَرَدَ فِي الِاسْتِعَاذَةِ مِنَ التَّهْوِيلِ فِي الْمَنَامِ مَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرَوَّعُ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ قُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ غَضَبِهِ وَعَذَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِين وَأَن يحْضرُون وَأخرجه النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يُفَزَّعُ فِي مَنَامِهِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ إِذَا اضْطَجَعْتَ فَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ فَذَكَرَهُ وَأَصْلُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ وَاسْتَثْنَى الدَّاوُدِيُّ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ مَا يَكُونُ فِي الرُّؤْيَا الصَّادِقَةِ لِكَوْنِهَا قَدْ تَقَعُ إِنْذَارًا كَمَا تَقَعُ تَبْشِيرًا وَفِي الْإِنْذَارِ نَوْعُ مَا يَكْرَهُهُ الرَّائِي فَلَا يُشْرَعُ إِذَا عَرَفَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الِاسْتِعَاذَةِ وَنَحْوِهَا وَاسْتَنَدَ إِلَى مَا وَرَدَ مِنْ مَرَائِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالْبَقَرِ الَّتِي تُنْحَرُ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الِاسْتِعَاذَةِ فِي الصَّادِقَةِ أَنْ لَا يَتَحَوَّلَ عَنْ جَنْبِهِ وَلَا أَنْ لَا يُصَلِّيَ فَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِدَفْعِ مَكْرُوهِ الْإِنْذَارِ مَعَ حُصُولِ مَقْصُودِ الْإِنْذَارِ وَأَيْضًا فَالْمَنْذُورَةُ قَدْ تَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى الْمُبَشِّرَةِ لِأَنَّ مَنْ أُنْذِرَ بِمَا سَيَقَعُ لَهُ وَلَوْ كَانَ لَا يَسُرُّهُ أَحْسَنُ حَالًا مِمَّنْ هَجَمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْزَعِجُ مَا لَا يَنْزَعِجُ مَنْ كَانَ يَعْلَمُ بِوُقُوعِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَخْفِيفًا عَنْهُ وَرِفْقًا بِهِ قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ أَصْلُهَا حَقٌّ تُخْبِرُ عَنِ الْحَقِّ وَهُوَ بُشْرَى وَإِنْذَارٌ وَمُعَاتَبَةٌ لِتَكُونَ عَوْنًا لِمَا نُدِبَ إِلَيْهِ قَالَ وَقَدْ كَانَ غَالِبُ أُمُورِ الْأَوَّلِينَ الرُّؤْيَا إِلَّا أَنَّهَا قَلَّتْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ لِعِظَمِ مَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّهَا مِنَ الْوَحْيِ وَلِكَثْرَةِ مَنْ فِي أُمَّتِهِ مِنَ الصِّدِّيقِينَ مِنَ الْمُحَدَّثِينَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَأَهْلِ الْيَقِينِ فَاكْتَفَوْا بِكَثْرَةِ الْإِلْهَامِ وَالْمُلْهَمِينَ عَنْ كَثْرَةِ الرُّؤْيَا الَّتِي كَانَتْ فِي الْمُتَقَدِّمِينَ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عِيَاضٌ يَحْتَمِلُ .

     قَوْلُهُ  الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ وَالصَّالِحَةُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى حُسْنِ ظَاهِرِهَا أَوْ صِدْقِهَا كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ الرُّؤْيَا الْمَكْرُوهَةُ أَوِ السُّوءُ يَحْتَمِلُ سُوءَ الظَّاهِرِ أَوْ سُوءَ التَّأْوِيلِ.

.
وَأَمَّا كَتْمُهَا مَعَ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ صَادِقَةً فَخَفِيَتْ حِكْمَتُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمَخَافَةِ تَعْجِيلِ اشْتِغَالِ سِرِّ الرَّائِي بِمَكْرُوهِ تَفْسِيرِهَا لِأَنَّهَا قَدْ تُبْطِئُ فَإِذَا لَمْ يُخْبِرْ بِهَا زَالَ تَعْجِيلُ رَوْعِهَا وَتَخْوِيفِهَا وَيَبْقَى إِذَا لَمْ يَعْبُرْهَا لَهُ أَحَدٌ بَيْنَ الطَّمَعِ فِي أَنَّ لَهَا تَفْسِيرًا حَسَنًا أَوِ الرَّجَاءِ فِي أَنَّهَا مِنَ الْأَضْغَاثِ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَسْكَنَ لِنَفْسِهِ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ وَلَا يَذْكُرْهَا عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَا تَقَعُ عَلَى مَا يَعْبُرُ بِهِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ لِلْوَهْمِ تَأْثِيرًا فِي النُّفُوسِ لِأَنَّ التَّفْلَ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ يَدْفَعُ الْوَهْمَ الَّذِي يَقَعُ فِي النَّفْسِ مِنَ الرُّؤْيَا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَهْمِ تَأْثِيرٌ لَمَا أَرْشَدَ إِلَى مَا يَدْفَعُهُ وَكَذَا فِي النَّهْيِ عَنِ التَّحْدِيثِ بِمَا يَكْرَهُ لِمَنْ يَكْرَهُ وَالْأَمْرُ بِالتَّحْدِيثِ بِمَا يُحِبُّ لِمَنْ يُحِبُّ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ ظَاهِرُ الْحَصْرِ أَنَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةَ لَا تَشْتَمِلُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَكْرَهُهُ الرَّائِي وَيُؤَيِّدُهُ مُقَابَلَةُ رُؤْيَا الْبُشْرَى بِالْحُلْمِ وَإِضَافَةُ الْحُلْمِ إِلَى الشَّيْطَانِ وَعَلَى هَذَا فَفِي قَوْلِ أَهْلِ التَّعْبِيرِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ إِنَّ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ قَدْ تَكُونُ بُشْرَى وَقَدْ تَكُونُ إِنْذَارًا نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِنْذَارَ غَالِبًا يَكُونُ فِيمَا يَكْرَهُ الرَّائِي وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْإِنْذَارَ لَا يَسْتَلْزِمُ وُقُوعَ الْمَكْرُوهِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا يَكْرَهُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ظَاهِرِ الرُّؤْيَا وَمِمَّا تُعَبَّرُ بِهِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ ظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الرُّؤْيَا يَعْنِي مَا كَانَ فِيهِ تَهْوِيلٌ أَوْ تَخْوِيفٌ أَوْ تَحْزِينٌ هُوَ الْمَأْمُورُ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَخَيُّلَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِذَا اسْتَعَاذَ الرَّائِي مِنْهُ صَادِقًا فِي الْتِجَائِهِ إِلَى اللَّهِ وَفَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنَ التَّفْلِ وَالتَّحَوُّلِ وَالصَّلَاةِ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ مَا بِهِ وَمَا يَخَافُهُ مِنْ مَكْرُوهِ ذَلِكَ وَلَمْ يُصِبْهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَقِيلَ بَلِ الْخَبَرُ عَلَى عُمُومِهِ فِيمَا يَكْرَهُهُ الرَّائِي بِتَنَاوُلِ مَا يَتَسَبَّبُ بِهِ الشَّيْطَانُ وَمَا لَا تَسَبُّبَ لَهُ فِيهِ وَفِعْلُ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ مَانِعٌ مِنْ وُقُوعِ الْمَكْرُوهِ كَمَا جَاءَ أَنَّ الدُّعَاءَ يَدْفَعُ الْبَلَاءَ وَالصَّدَقَةَ تَدْفَعُ مَيْتَةَ السُّوءِ وَكُلُّ ذَلِكَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ وَلَكِنَّ الْأَسْبَابَ عَادَاتٌ لَا مَوْجُودَاتٌ.

.
وَأَمَّا مَا يُرَى أَحْيَانًا مِمَّا يُعْجِبُ الرَّائِيَ وَلَكِنَّهُ لَا يَجِدُهُ فِي الْيَقَظَةِ وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قِسْمٍ آخَرَ وَهُوَ مَا كَانَ الْخَاطِرُ بِهِ مَشْغُولًا قَبْلَ النَّوْمِ ثُمَّ يَحْصُلُ النَّوْمُ فَيَرَاهُ فَهَذَا قِسْمٌ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :6620 ... غــ : 6985 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هِىَ مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا، وَلْيُحَدِّثْ بِهَا وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِىَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا وَلاَ يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام قال: ( حدّثني) بالإفراد ( ابن الهاد) بغير تحتية بعد المهملة وهو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي ( عن عبد الله بن خباب) بخاء معجمة مفتوحة وموحدتين الاللى مشددة بينهما ألف الأنصاري.

( عن أبي سعيد) سعد بن مالك ( الخدري) -رضي الله عنه- ( إنه سمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( إذا رأى أحدكم) في منامه ( رؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها) وفي مسلم حديث فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر ولا يخبر إلا من يحب، وفي الترمذي من حديث أبي رزين ولا يقصها إلا على وادّ، وفي أخرى ولا يحدث بها إلا لبيبًا أو حبيبًا، وفي أخرى لا تقص الرؤيا إلاّ على عالم أو ناصح.
قيل: لأن العالم يؤوّلها على الخير مهما أمكنه، والناصح يرشد إلى ما ينفع، واللبيب العارف بتأويلها، والحبيب إن عرف خيرًا قاله وإن جهل أو شك سكت، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: وليتحدث بزيادة فوقية بعد التحتية وفتح الدال المهملة ( وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان) لأنه الذي يخيل فيها أو أنها تناسب صفته من الكذب والتهويل وغير ذلك بخلاف الرؤيا الصادقة فأضيفت إلى الله إضافة تشريف وإن كان الجميع بخلق الله وتقديره كما أن الجميع عباد الله وإن كانوا عصاة قال تعالى: { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} [الحجر: 42] و { عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} [الزمر: 53] ( فليستعذ) بالله عز وجل ( من شرها) أي من شر الرؤيا ( ولا يذكرها لأحد) وفي مستخرج أبي نعيم حديث وإذا رأى أحدكم شيئًا يكرهه فلينفث ثلاث مرات ويتعوذ بالله من شرها.
وفي باب الحلم من الشيطان عند المؤلّف فليبصق عن يساره، ولمسلم عن يساره حين يهب من نومه ثلاث مرات وعند المؤلّف في
باب إذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان وليتفل ثلاثًا ولا يحدث بها أحدًا ( فإنها لا تضره) .

ومحصله أن الرؤيا الصالحة آدابها ثلاثة حمد الله عليها وأن يستبشر بها، وأن يتحدث بها لكن لمن يحب دون من يكره وإن آداب الحلم أربعة التعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان، وأن يتفل حين يستيقظ من نومه ولا يذكرها لأحد أصلاً.
وفي حديث أبي هريرة عند المؤلّف في باب القيد في المنام وليقم فليصل لكن لم يصرح البخاري بوصله وصرح به مسلم، وعند مسلم وليتحول عن جنبه الذي كان عليه والحكمة في التفل كما قال بعضهم طرد الشيطان الذي حضر الرؤيا المكروهة أو إشارة إلى استقذاره.
والصلاة جامعة لما ذكر على ما لا يخفى، وعند سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد الرزاق بأسانيد صحيحة عن إبراهيم النخعي قال: إذا رأى أحدكم في منامه ما يكره فليقل إذا استيقظ أعوذ بما عاذت به ملائكة الله ورسوله من شر رؤياي هذه أن يصيبني منها ما أكره في ديني ودنياي، وفي النسائي من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان خالد بن الوليد يفزع في منامه فقال: يا رسول الله إني أروع في المنام فقال: "إذا اضطجعت فقل بسم الله أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون".

وحديث الباب أخرجه الترمذي والنسائي في الرؤيا واليوم والليلة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :6620 ... غــ :6985 ]
- حدّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ، حدّثنا اللَّيْثُ، حدّثني ابنُ الهادِ، عنْ عَبدِ الله بنِ خَبَّابٍ عنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أنَّهُ سَمِعَ النبيَّ يَقُولُ إِذا رَأى أحَدُكُمْ رُؤْيا يُحِبُّها فإنّما هِيَ مِنَ الله، فَلْيَحْمَدِ الله عَلَيْها، ولْيُحَدِّثْ بِها، وَإِذا رَأى غَيْرَ ذالِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فإنَّما هِيَ مِنَ الشَّيْطانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّها وَلَا يَذْكرْها لأحَدٍ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ
الحَدِيث 6985 طرفه فِي: 7045
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فَإِنَّمَا هِيَ من الله وَابْن الْهَاد هُوَ يزِيد بن عبد الله بن أُسَامَة بن عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد اللَّيْثِيّ، وَعبد الله بن خبابُ بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى الْأنْصَارِيّ، وَأَبُو سعيد بن مَالك الْخُدْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي الرُّؤْيَا وَالْيَوْم وَاللَّيْلَة جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة.

قَوْله: وليحدث بهَا هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره: وليتحدث بهَا.
قَوْله: فليستعذ وَفِي بعض النّسخ: فليستعذ بِاللَّه.
قَوْله: لَا تضره وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فَإِنَّهَا لن تضره.