هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
693 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ ، وَوَكِيعٌ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ ، وَيَقُولُ : اسْتَوُوا ، وَلَا تَخْتَلِفُوا ، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ ، لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ : فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلَافًا وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ ح ، قَالَ : وَحَدَّثَنَا ابْنُ خَشْرَمٍ ، أَخْبَرَنَا عِيسَى يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ ح ، قَالَ : وَحَدَّثَنَا ابْنَ أَبِي عُمَرَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، بِهَذَا الْإِسْنَاد نحوه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
693 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، وأبو معاوية ، ووكيع ، عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير التيمي ، عن أبي معمر ، عن أبي مسعود ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ، ويقول : استووا ، ولا تختلفوا ، فتختلف قلوبكم ، ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم قال أبو مسعود : فأنتم اليوم أشد اختلافا وحدثناه إسحاق ، أخبرنا جرير ح ، قال : وحدثنا ابن خشرم ، أخبرنا عيسى يعني ابن يونس ح ، قال : وحدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا ابن عيينة ، بهذا الإسناد نحوه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Abu Mas'ud reported:

The Messenger of Allah (may peace he upon him) used to touch our shoulders in prayer and say: Keep straight, don't be irregular, for there would be dissension in your hearts. Let those of you who are sedate and prudent be near me, then those who are next to them, then those who are next to them. Abu Mas'ud said: Now-a-days there is much dissension amongst you.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي مسعود رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال أبو مسعود فأنتم اليوم أشد اختلافا.

وبنحوه.



المعنى العام

صلاة الجماعة تدريب على النظام والطاعة، وكما سبق أن قلنا إنها تدرب على دقة متابعة الجندي لقائده نقول: وإنها للاجتماع، فإذا ما التزمنا كون الإمام أعلم القوم، ووليه أصحاب العقول والعلم، الأرسخ فالأقل رسوخا، وإذا ما التزمنا تسوية الصفوف واعتدالها واستقامتها، وإذا ما التزمنا الهدوء والسكينة عند إقامة الصفوف، ثم تابعنا حركات الإمام فلم نتقدم عليه ولم نتأخر كثيرا عنه، إذا ما التزمنا كل ذلك حققنا هدف صلاة الجماعة.
وظفرنا بأجر يعادل أجر صلاة الفرد سبعا وعشرين مرة.

ولقد حرص صلى الله عليه وسلم على أن يعلم أمته هذه المبادئ عملا وقولا، فكان صلى الله عليه وسلم يمر بين الصفوف يعدل الناس فيها، ويضع منكب وكتف الواحد موازيا لمنكب وكتف الآخر، يسوي بيده الشريفة المناكب ويرص القوم في الصف رصا كالبنيان المستقيم، حتى إذا اطمأن إلى استجابتهم، وإلى محافظتهم جهد الطاقة على الاعتدال وتسوية الصفوف اكتفى بالقول عن الفعل، وأصبح يذكرهم في كل صلاة بواجب تسوية الصفوف، فيلتفت يمينا ويقول: استووا.
سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة ومن محاسنها، ثم يلتفت يسارا فيقول مثل ذلك لمن على يساره، وكان صلى الله عليه وسلم حينما يرى خللا في استواء الصفوف بعد طول التذكير والوعظ يلجأ إلى الشدة والوعيد، ويحذر من اختلاف الصفوف بأنه يؤدي إلى اختلاف القلوب واختلاف الكلمة، فيقول: استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، بل كان يخوف ويدفع النفوس الضعيفة إلى استشعار أنه صلى الله عليه وسلم يراهم من خلف ظهره.
وكان يقدم تسوية الصفوف على الإسراع بالصلاة، بل كان يوقف تكبيرة الإحرام وقد تهيأ للدخول في الصلاة لينذر المخالف للصف، فقد وقف يؤم القوم يوما، وطلب عن يمين وشمال تسوية الصفوف، فلحظ رجلا لا يسوي صدره مع صدر الآخرين، فغضب.
وقال: يا عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم وقلوبكم، وأصبح المسلمون قائمين بأمر الله وعلى أمره، يعدل كل منهم نفسه، ويعدل من يخالف ممن يجاوره، فنشأ نتيجة لهذه الحركات بعض الجلبة والضوضاء، فهناهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لهم احذروا المنازعات والاحتكاكات فليست الصلاة كالأسواق، واعتدلوا في هدوء وعدلوا أنفسكم في سكينة ووقار.

ولقد طلب صلى الله عليه وسلم من أصحابه أن يتقدم إلى الصف الأول أولو العقول والفهم والعلم، ولكن كيف يستجيبون لذلك وهم المتواضعون الذين يحسنون الظن بغيرهم قبل أن يحسنوه بأنفسهم، من منهم الذي يدعي لنفسه أنه خير القوم عقلا وعلما حتى يتقدم؟ لقد دفعهم تواضعهم وهضمهم لأنفسهم أن يتأخروا عن الصف الأول، حتى كاد يختل توازنه، بل حتى خلا الصف الأول، وأصبح بين الإمام وبين المأمومين ما يسع صفا أو أكثر، ولم يتغلب الترغيب في الصف الأول على هذا الشعور، لم يتغلب على هذا الشعور قوله صلى الله عليه وسلم: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول [من الأجر الكبير] لتسابقوا حتى يقترعوا، لو تعلمون ما في الصف الأول لكانت قرعة لمن يقف فيه، إن خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء المصليات مع الرجال آخرها وشرها أولها.
لم يتغلب هذا الترغيب على تواضع القوم، فظلوا يتأخرون عن الصف الأول، حتى قال لهم صلى الله عليه وسلم: لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله عن رحمته تقدموا يا أولي النهي فائتموا بي، وليأتم بي من بعدكم، مستشعرا حركاتي عن طريقكم.
فتقدم كبار الصحابة وأئمتهم إلى الصف الأول رضوان الله عليهم أجمعين.

المباحث العربية

( يمسح مناكبنا) المنكب مجتمع العضد والكتف.
والمعنى يسوي مناكبنا ويقيمها في الصفوف ويعدلها بيده ويجعلها على خط مستقيم، بحيث يكون منكب كل واحد من المصلين موازيا لمنكب الآخر، فتكون المناكب والأعناق على سمت واحد.

( في الصلاة) أل للعهد، أي في صلاة الجماعة.

( استووا ولا تختلفوا) عطف تفسير وتأكيد، فالمراد من الاختلاف اختلاف الأجسام، وليس ما يتبادر من الاختلاف في العقائد والآراء.

( فتختلف قلوبكم) الفاء للسببية، والفعل بعدها منصوب بأن مضمرة واختلاف القلوب كناية عن وقوع العداوة والبغضاء والتقاطع، كأن مخالفة الظواهر سبب في مخالفة البواطن.

( ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) ليلني بكسر اللامين وتخفيف النون من غير ياء قبل النون، قال النووي: ويجوز إثبات الياء مع تشديد النون على التوكيد، وأولو الأحلام هم العقلاء، وقيل البالغون، والنهى بضم النون العقول، فعلى القول بأن أولي الأحلام هم العقلاء يكون اللفظان بمعنى، فلما اختلف اللفظ عطف أحدهما على الآخر تأكيدا.
وعلى الثاني معناه البالغون العقلاء، قال أهل اللغة: واحدة النهى نهية بضم النون وهي العقل، وسمي العقل نهية لأنه ينتهي إلى ما أمر به ولا يتجاوزه، وقيل: لأنه ينهي عن القبائح.

( فأنتم اليوم أشد اختلافا) في صفوفكم عما كنا عليه أيام نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاختلاف، فأنتم اليوم أشد تعرضا لاختلاف القلوب.

( وإياكم وهيشات الأسواق) أي احذروا هيشات الأسواق، أي اختلاط الأسواق والمنازعات والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط والفتن فيها، أي احذروا في صلاتكم وصفوفكم ما يشبه هيشات الأسواق من الهرج والاختلاف والمنازعة.

( سووا صفوفكم) في الصلاة، أي اجعلوها، مستوية ولا خلل فيها.

( فإن تسوية الصف من تمام الصلاة) الصف مراد به الجنس، وفي رواية البخاري فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة قيل: في الكلام مضاف محذوف تقديره: فإن تسوية الصف من كمال تمام الصلاة، أو من حسن تمام الصلاة، والداعي لهذا التقدير أن تسوية الصف ليست من حقيقة الصلاة، وإنما هي من حسنها وكمالها، سواء كانت واجبة في نفسها أم سنة أم مستحبة على اختلاف في الأقوال، ويتفق مع هذا التقدير روايتنا الخامسة، وفيها فإن إقامة الصف من حسن الصلاة وحسن الشيء زائد على حقيقته.

( فإني أراكم خلف ظهري) سواء أردنا من الرؤية، الرؤية البصرية بقدرة يخلقها الله فيه صلى الله عليه وسلم أم الرؤية العلمية بوحي أو إلهام، فإن المقصود بهذه الجملة التحذير وزيادة المراقبة.

( أقيموا الصف) أي سووه وعدلوه وتراصوا فيه، فالمقصود استقامته وسد الفرج فيه.

( أو ليخالفن الله بين وجوهكم) إن لم تسووا، واختلف في هذا الوعيد فقيل: هو على حقيقته، والوعيد بالمسخ كالوعيد فيمن رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو الوعيد بتحويل خلقه عن وضعه، بجعله موضع القفاء أو نحو ذلك، فهو كالوعيد المذكور في قوله تعالى: { { من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها } } [النساء: 47] وهذان الرأيان مبنيان على أن المراد بالوجه العضو المخصوص، وحمل بعضهم هذا الوعيد على المجاز، قال النووي: والأظهر أن معناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب، كما يقال: تغير وجه فلان علي، أي طهر لي من وجهه كراهة لي وتغير قلبه علي.
اهـ ويؤيد هذا الرأي روايتنا الأولى ففيها ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ورواية أبي داود ولفظها أو ليخالفن الله بين قلوبكم وقريب من هذا قول القرطبي: معناه تفترقون، فيأخذ كل واحد وجها غير الذي أخذه صاحبه، لأن تقدم الشخص على غيره مظنة الكبر المفسد للقلب الداعي إلى القطيعة.

قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن يراد بالمخالفة المخالفة في الجزاء، فيجازى المسوي بخير، ومن لا يسوي بشر.
اهـ وهو احتمال بعيد.

( يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح) القداح بكسر القاف هي خشب السهام حين تنحت وتبرى، واحدها قدح بكسر القاف وإسكان الدال وهو السهم قبل أن يراش ويركب فيه النصل، والمعنى يسوي صفوفنا ويقومها، ويبالغ في تسويتها حتى تصير كأنما يقوم بها السهام لشدة استوائها واعتدالها.

( حتى أرى أنا قد عقلنا عنه) أي ظل يتعهدنا بذلك حتى ظن أو اعتقد أننا فهمنا الحكم وحرصنا عليه والتزمناه، فتركنا.

( فقام حتى كاد يكبر) أي قام إلى الصلاة واستعد للدخول فيها حتى قرب من تكبيرة الإحرام.

( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول) النداء هو الأذان، أي لو يعلم الناس ما في مباشرة الأذان وأدائه من الأجر والثواب، والمراد من الصف الأول ما يلي الإمام مطلقا، وقيل أول صف تام يلي الإمام، لا ما يتخلله شيء كمقصورة.
وقيل المراد به من سبق إلى الصلاة ولو صلى آخر الصفوف، قال النووي: والقول الأول هو الصحيح.

( ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) الاستهام الاقتراع والمعنى أنهم لو علموا فضيلة الأذان ثم لم يجدوا طريقا يحصلونه به لضيق الوقت عن أذان بعد أذان، ولكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد لاقترعوا في تحصيله.

( ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه) والتهجير التبكير إلى الصلاة أي صلاة كانت، قال الهروي وغيره وخصه الخليل بالجمعة، والصواب المشهور الأول.

( ولو يعلمون ما في العتمة والصبح) أي صلاة العشاء والفجر وهما أثقل الصلاة على المنافقين.

( لأتوهما ولو حبوا) بفتح الحاء وإسكان الباء، وهو المشي على اليدين والرجلين.

( رأى في أصحابه تأخرا) أي عدم المبادرة إلى الصف الأول، وتأخرا عن القرب من الإمام.

( وليأتم بكم من بعدكم) أي يقتدوا بي مستدلين على أفعالي بأفعالكم.

( لا يزال قوم يتأخرون) عن الصفوف الأول.

( حتى يؤخرهم الله) عن العلم ورفع المنزلة، أو عن الرحمة وعظيم الفضل أو عن رتبة السابقين.

( لو تعلمون ما في الصف المقدم) أي الصف الأول مما يلي الإمام.

( لكانت قرعة) اسم كانت ضمير، قرعة خبرها.
أي لكانت المسألة والفاصلة بينهم قرعة.

( خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها) قال النووي: هي على عمومها فخيرها أولها أبدا، وشرها آخرها أبدا.

( وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) قال النووي: ليس على عمومها، فالمراد من الحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال، وأما إذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال، خير صفوفهن أولها، وشرها آخرها، والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثوابا وأبعدها من مطلوب الشرع، وخيرها بعكسه.

فقه الحديث

يؤخذ من الحديث

1- قال النووي: في هذا الحديث تقديم الأفضل فالأفضل إلى الإمام لأنه أولى بالإكرام، ولأنه ربما احتاج الإمام إلى استخلاف فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام على السهو لما لا يتفطن له غيره، وليضبطوا صفة الصلاة ويحفظوها، وينقلوها ويعلموها الناس، وليقتدي بأفعالهم من وراءهم، ولا يختص هذا التقديم بالصلاة، بل السنة أن يقدم أهل الفضل في كل مجمع إلى الإمام وكبير المجلس، كمجالس العلم والقضاء، والذكر والمشاورة ومواقف القتال وإمامة الصلاة والتدريس والإفتاء وإسماع الحديث ونحوها؛ ويكون الناس فيها على مراتبهم في العلم والدين والعقل والشرف والسنن والكفاءة في ذلك الباب، والأحاديث الصحيحة متعاضدة على ذلك.
اهـ

2- وفيه اعتناء الإمام بتسوية الصفوف بالفعل والحث عليها بالقول.

3- وفيه مشروعية تسوية الصفوف، وقد استدل ابن حزم بقوله: فإن تسوية الصف من تمام الصلاة ومن رواية فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة على أن التسوية واجبة، لأن تمام الشيء يتوقف على ما لا تتم الحقيقة إلا به.

والجمهور على أن تسوية الصفوف من السنة، اعتمادا على رواية البخاري فإن إقامة الصف من حسن الصلاة قال ابن بطال: لأن حسن الشيء زيادة على تمامه، وهي سنة عند أبي حنيفة والشافعي ومالك.

4- استدل بالوعيد في الحديث على إثم من لم يتم الصفوف، لأن مثل هذا الوعيد يستلزم التأثيم، والتأثيم لا يقع على ترك السنة، وأما قول ابن بطال: إن تسوية الصفوف لما كانت من السنن المندوب إليها التي يستحق فاعلها المدح عليها دل على أن تاركها يستحق الذم، فهذا القول تعقبه الحافظ ابن حجر من جهة أنه لا يلزم من ذم تارك السنة أن يكون آثما.
اهـ.

ويمكن أن يؤخذ وجوب التسوية من صيغة الأمر سووا صفوفكم أتموا الصفوف ومن عموم قوله صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي ومن الوعيد على تركه.

لكن الجمهور يرى أن هذا الوعيد من باب التغليظ والتشديد تأكيدا وتحريضا على فعلها، ومع القول بأن التسوية واجبة فصلاة من خالف ولم يسو صحيحة، وأفرط ابن حزم فجزم بالبطلان.

5- يؤخذ من قوله فقام حتى كاد يكبر، فرأى رجلا باديا صدره من الصف، فقال...إلخ جواز الكلام بين الإقامة والدخول في الصلاة، قال النووي: وهذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء، ومنعه بعض العلماء والصواب الجواز سواء كان الكلام لمصلحة الصلاة أو لغيرها أو لا لمصلحة.

6- وفي الحديث فضيلة الأذان والمؤذن.

7- وفضيلة الصف الأول فالأول.

8- ومشروعية القرعة عند التنازع وعدم المرجح.

9- وفضيلة التهجير والتبكير إلى الصلاة.

10- وجواز تسمية العشاء عتمة، وقد ثبت النهي عنه، قال النووي: وجوابه من وجهين.
أحدهما: أن هذه التسمية بيان للجواز، وأن ذلك النهي ليس للتحريم.
والثاني: -وهو الأظهر- أن استعمال العتمة هنا لمصلحة ولنفي مفسدة، لأن العرب كانت تستعمل لفظ العشاء في المغرب، فلو قال: لو يعلمون ما في العشاء والصبح فحملوها على المغرب، فسد المعنى وفات المطلوب، فاستعمل العتمة التي يعرفونها ولا يشكون فيها، وقواعد الشرع تظاهر على احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما.
اهـ.

11- فيه الحث العظيم على حضور جماعة العشاء والفجر، والفضل الكثير في ذلك لما فيها من المشقة على النفس، من تنغيص أول نومها وآخره، ولهذا كانتا أثقل الصلاة على المنافقين.

12- أخذ الشعبي من قوله: وليأتم بكم من وراءكم أن كل صف إمام لمن وراءه، وعامة أهل العلم يخالفونه.

13- استدل به على جواز اعتماد المأموم في متابعة الإمام الذي لا يراه ولا يسمعه على مبلغ عنه أو صف أمامه يراه متابعا للإمام.

14- وفيه فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن عن مخالطة الرجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن لعكس ذلك.

والله أعلم