هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
804 وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ يُجَنِّحُ فِي سُجُودِهِ ، حَتَّى يُرَى وَضَحُ إِبِطَيْهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
804 وفي رواية عمرو بن الحارث ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد يجنح في سجوده ، حتى يرى وضح إبطيه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن جعفر بن ربيعة بهذا الإسناد وفي رواية عمرو بن الحارث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد يجنح في سجوده حتى يرى وضح إبطيه وفي رواية الليث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد فرج يديه عن إبطيه حتى إني لأرى بياض إبطيه.

المعنى العام

السجود أكبر صور العبادة، وأقواها في إبراز معنى الخضوع والتذلل والاستسلام، ومن هنا فهو المقرب الأول بين العبد وربه، مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء في السجود وقوله جل شأنه: { { واسجد واقترب } } [العلق:19]

وقد حرص الإسلام على إعطاء السجود في الصلاة كل مظاهر الخضوع والاستسلام: انحناء الهامة وخفض الرأس، وإلصاق الوجه بالأرض، وتمكين الجبين والأنف منها، والجثو على الركب، مظهر العجز وعدم القدرة، وقلب القدمين بجعل ظهرهما باطنًا وباطنهما ظاهرًا، أمارة سلب الحركة وضعف النهوض، ووضع الكفين مفروشتي الأصابع على الأرض، فلا حول لليد ولا طول.

هكذا رسم الإسلام سجود الصلاة، فقال صلى الله عليه وسلم: أمرني ربي أن أسجد أنا وأمتي على سبعة أعظم ( سبحانك ربي: تلك لفتة دقيقة لبني البشر إنهم ينظرون إلى العظام نظرة الحقارة وعدم التقدير، إنهم يرمزون للشيء التافه بالعظم، لهذا عبر صلى الله عليه وسلم عن الأعضاء التي يعتز بها الإنسان ويشمخ بها، ويتعالى بعضه على بعض بها، يشيح بوجهه، ويضع أنفه في السماء، ويتخايل بهامته وانتصابه، ويطغى بقوة يديه ورجليه.
كل هذه الأعضاء وسيلة العدوان والتعالي والطغيان ما هي إلا عظام، مآلها إلى العظام، وفي غمضة عين يمكن أن تسلب الحياة فتصبح كالعظم)
الوجه بجبهته وأنفه، واليدان براحتيهما وأصابعهما، والرجلان بركبتيهما وساقيهما، والقدمان بأصابعهما وأمرت في صلاتي أن أرسل شعري ولا أضم ثوبي، إعراضًا عن مظاهر التجمل والحسن، وجمعًا للحس والشعور وعدم الحركة بغير حركات الصلاة.

لم يكتف صلى الله عليه وسلم برسم صورة السجود بالقول، بل أخذ يشرح لهم الهيئة المطلوبة بالعمل، وهو القدوة الحسنة صلى الله عليه وسلم، من رآه اقتدى به، ومن لم يسعد بالرؤية سمع وصف من رأى.
فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا سجد فرج بين يديه، وباعد بين كل منهما وبين الجنب الذي يليها، فتكون هذه فرجة، وسعة بين الجنب وبين المرفق تسمح بمرور شاة صغيرة لو أرادت المرور من يمينه إلى شماله من بين يديه وجنبيه، ونتيجة لهذه الهيئة التي تشبه تجنيح الطائر وفرشه جناحيه ينكشف الإبط ويبدو بعد أن كان مستورًا بضم اليد إلى الجنب في العادة وأغلب الأحوال.

ولم يكتف صلى الله عليه وسلم برسم صورة السجود بالقول والعمل، بل تابع أصحابه في أدائهم وتنفيذهم، وأرشد مخطئهم إلى الصواب، فقد رأى مصليًا يضع ذراعيه ممدودتين على الأرض من المرفقين إلى الكفين، فقال له صلى الله عليه وسلم: إذا سجدت فضع كفيك على الأرض، وارفع مرفقيك عن الأرض ولا تبسط ذراعيك على الأرض كما يفعل الكلب.
بهذا التشبيه زجر المخطئ ليهتم بالصواب ويحرص عليه.

وتابع أصحابه رضي الله عنهم مسيرته من بعده، يحرسون الشريعة، ويقومون اعوجاج من يحيد عنها بالفعل والقول، فقد رأى عبد اللَّه بن عباس ابْنَ عبد اللَّه بن الحارث يصلي وشعر رأسه مربوط مجموع من ورائه - كما يفعل بعض النساء اليوم [فرمة ذيل حصان] - فأخذ ابن عباس يحل رباط شعر ابن الحارث، وابن الحارث يصلي، فلما انتهى ابن الحارث من الصلاة قال لابن عباس: ما لك وشعري؟ قال ابن عباس: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن ربط الرجال شعرهم في الصلاة، وقال: إن من يصلي مكتوف الشعر مربوطه كمن يصلي وهو مكتوف.

وتقبل ابن الحارث نصيحة الدين بصدر رحب، وتقبل فعل ابن عباس بدين سمح، وهكذا حفظ اللَّه دينه وشريعته بقيام الغيورين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واستجابة المخطئين واتباعهم الطريق المستقيم.

المباحث العربية

( أمر النبي صلى الله عليه وسلم) أمر بضم الهمزة وكسر الميم مبني للمجهول والمراد بالآمر اللَّه سبحانه وتعالى، عرف ذلك بالعرف، ولما كان هذا السياق يحتمل الخصوصية جاءت الرواية السادسة إذا سجد العبد سجد معه سبعة أطراف فأبعدت الخصوصية.

قال الكرماني: فإن قلت: بم عرف ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك؟ قلت: إما بإخباره له، أو إخباره لغيره أو باجتهاده، لأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، اهـ والظاهر الأول.

( أن يسجد على سبعة) وفي الرواية الثانية والرابعة على سبعة أعظم وفي الرواية الثالثة والخامسة على سبع والمعدود إذا حذف جاز تذكير العدد وتأنيثه على تأويل المعدود بمؤنث أو بمذكر، والعظم يجمع على أعظم وعظام وعظامة والمراد سبعة أعضاء، تسمى كل عضو عظمًا، وإن كان فيه عظام كثيرة، وفي رواية للبخاري سبعة أعضاء.

( ونهى أن يكف شعره وثيابه) وفي الرواية الثالثة ونهى أن يكفت الشعر والثياب وفي الرواية الرابعة ولا نكفت الثياب ولا الشعر وفي الرواية الخامسة لا أكفت الشعر ولا الثياب والكف المنع، والكفت الجمع والضم ومنه قوله تعالى: { { ألم نجعل الأرض كفاتا } } [المرسلات:25] أي كافتة تجمع الناس في حياتهم وموتهم، قال الثوري: والكفت في الحديث بمعنى الكف في الرواية الأخرى، اهـ.
والمراد أنه لا يجمع ثيابه ولا شعره، بل يتركهما على وضعهما وطبيعتهما والمراد بالشعر شعر الرأس.

وقوله في الرواية الخامسة ولا أكفت الشعر ولا الثياب معترض بين البيان والمبين.

( الجبهة -وأشار بيده على أنفه-) في الرواية الخامسة الجبهة والأنف والرواية السادسة وجهه وقوله الجبهة بالجر، عطف بيان لقوله سبعة أعظم وفي رواية وأشار بيده إلى أنفه فرواية على أنفه فيها تضمين أشار معنى أمر تعدى بعلى دون إلى، وفي رواية ووضع يده على جبهته وأمرها على أنفه وقال: هذا واحد.

قال القرطبي: هذا يدل على أن الجبهة في السجود، والأنف تبع، وقال ابن دقيق العيد: قيل: معناه أنهما جعلا كعضو واحد، وإلا لكانت الأعضاء ثمانية وللبحث تتمة في فقه الحديث تأتي إن شاء اللَّه.

( واليدين) قال ابن دقيق العيد: المراد بهما الكفان؛ لئلا يدخل تحت النهي عنه من افتراش السبع والكلب.
اهـ.
والرواية السادسة نص في أن المراد الكفان، ففيها وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه والرواية الأولى كذلك، وفيها الكفين والركبتين...
إلخ.

( والرجلين) المراد بهما الركبتان، كما جاء في الرواية الأولى والخامسة والسادسة.

( والقدمين) المراد بهما أطراف القدمين، أي أصابعهما، كما جاء في الرواية الرابعة.

( ورأسه معقوص) العقص أن يجمع شعره على وسط رأسه، ويشده بخيط أو بصمغ ليتلبد.
كذا في عمدة القارئ.

والظاهر من الحديث أن المراد من العقص مطلق جمع الشعر، سواء على الوسط أو على الجنب أو على الإمام أو على الخلف لأن، ابن الحارث كان جامعًا شعره من ورائه.

( إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف) مثل بفتح الميم والثاء والمشار إليه الوضع القائم والشعر المعقوص، أي إنما مثل الذي يصلي بهذا الوضع كمثل الذي يصلي وهو مكتوف، لأن تكتيف جزء يشبه تكتيف جزء آخر، فتكتيف الشعر يشبه تكتيف اليدين.

( اعتدلوا في السجود) الاعتدال وضع كل شيء في موضعه المطلوب والاعتدال في السجود وضع أعضاء السجود في مواضعها الشرعية.

( ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب) الذراع من الإنسان من طرف المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى، وبسط الذراعين المنهي عنه في السجود هو مد هذين العضوين على الأرض وملاصقتهما لها بطولهما، كهيئة الكلب حين يفرش ذراعيه على الأرض، وكان الظاهر أن يقول، ويبسط أحدكم ذراعيه بسط الكلب - ليكون المفعول المطلق مصدر الفعل المذكور لكنه عبر بلفظ انبساط مصدر انبسط، وهذا جائز عند النحاة، وكثير في الكلام العربي، وفي القرآن الكريم { { والله أنبتكم من الأرض نباتا } } [نوح:17] و { { فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا } } [آل عمران:37]

وفيه يقول النحاة: إنه مصدر لفعل محذوف، والتقدير: ولا يبسط أحدكم ذراعيه فتنبسط انبساط الكلب.

وفي الرواية الثانية ويتبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب يقال: تبسط أي اتخذ بساطًا، والمعنى لا يتخذ أحدكم ذراعيه بساطًا، وما قيل في الرواية الأولى يقال في هذه الرواية من حيث الإعراب.

وهل عطف جملة ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب على جملة اعتدلوا في السجود من قبيل عطف التفسير والبيان على معنى الأمر بالشيء نهي عن ضده، فيكون المراد من الاعتدال في السجود رفع المرفقين عن الأرض والتجنيح الآتي في الروايات الثانية؟ أو هو من قبيل الأمر بأشياء والنهي عن ضد واحد منها لمزيد عناية به، فيكون المراد من الاعتدال في السجود وضع جميع أعضاء السجود في مواضعها المطلوبة؟

الظاهر الأول.
واللَّه أعلم.

إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك هذه الرواية تبين المراد من بسط الذراعين المنهي عنه، وذلك بوضع الكفين على الأرض وسيأتي في الروايات اللاحقة زيادة إيضاح.

فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه أي باعد كل يد عن الجنب الذي يليها حتى ينكشف الإبط، وتنفرج زاوية اتصال اليد بالجسم، وحين تلتصق اليد بالجسم يظلم الإبط، وحين تنفرج وتبتعد يبدو الإبط غير مظلم ولو كان لابسًا ثوبًا غير أبيض.

( إذا سجد يجنح في سجوده حتى يرى وضح إبطيه) يجنح بضم الياء وفتح الجيم وكسر النون المشددة، أي يفرج بين يديه ويجعلهما كجناحي الطائر المبسوطين، ووضح الصبح بياضه، فوضح إبطيه بمعنى بياض إبطيه.

( إذا سجد لو شاءت بهمة أن تمر بين يديه لمرت) قال أهل اللغة: البهمة واحدة البهم، وهي أولاد الغنم من الذكور والإناث، والسخلة بنت الماعز، والمقصود بهذا الفرض والتصوير إبراز التفريج بين اليدين وبين الجنبين.

( إذا سجد خوى بيديه) خوى بفتح الخاء وتشديد الواو المفتوحة أي فرج وباعد، فروايات فرج ويجنح وخوى وجافى بمعنى واحد.
واللَّه أعلم.

فقه الحديث

يمكن أن تحدد نقاط الحديث الفقهية في ثلاث نقاط:

1- أعضاء السجود وآراء الفقهاء فيها.

2- كيفية وضع هذه الأعضاء في السجود والهيئة المطلوبة، والحكمة في هذه الهيئة.

3- ما يؤخذ من الأحاديث من أحكام وحكم.

1- أما أعضاء السجود فهي - كما يؤخذ من ملحق الرواية الأولى ومن الرواية الرابعة والخامسة والسادسة - الجبهة مع الأنف واليدان والرجلان والقدمان.

فالسجود على الجبهة واجب عند الشافعية بلا خلاف، والسجود على الأنف مع الجبهة مستحب عندهم، فلو تركه جاز، ولو اقتصر عليه وترك الجبهة لم يجز.
هذا مذهب الشافعي ومالك وأبي يوسف من أصحاب أبي حنيفة والأكثرين، وقال أبو حنيفة وابن القاسم من أصحاب مالك: له أن يقتصر على أيهما شاء، وقال أحمد وابن حبيب من أصحاب مالك يجب أن يسجد على الجبهة والأنف جميعًا.

دليل الجمهور: ملحق الرواية الأولى، وفيها [الجبهة] وليس فيها الأنف وأمثال هذه الرواية كثير في الصحيح، وذكر الأنف في بعض الروايات الصحيحة للاستحباب، لأنه لو اعتبر عضوًا يجب السجود عليه كانت الأعضاء ثمانية، والروايات تعد الأعضاء سبعة.

ودليل أبي حنيفة: الرواية الخامسة، وفيها [الجبهة والأنف] والرواية الرابعة وفيها [الجبهة وأشار بيده على أنفه] فدل على أن الأنف عضو للسجود ولتكون الأعضاء سبعة كانت الجبهة كافية وكانت الأنف وحده كافيًا.

كما استدل له بأن المأمور به في السجدة وضع بعض الوجه على الأرض لأنه لا يمكن بكله، فيكون بالبعض مأمورًا، والأنف بعضه.
فكما أن الاقتصار على الجبهة يجوز عند الجمهور، لكونها بعض الوجه ومسجدًا فكذا الاقتصار على الأنف، لأنه بعض الوجه ومسجد، وسئل طاووس عن السجود على الأنف فقال، أليس أكرم الوجه؟

قال ابن المنذر: لا يحفظ الاقتصار على الأنف عن أحد غير أبي حنيفة.
اهـ.
وقد سبق أن قلنا: إنه رأى ابن القاسم من أصحاب مالك.

ودليل أحمد: ظاهر الرواية الرابعة والخامسة إذ فيهما الجبهة والأنف وأحاديث أخرى صحيحة كحديث أبي حميد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد أمكن جبهته وأنفه من الأرض.

هذا، وهل يجب وضع الجبهة كلها على الأرض أو يكفي بعضها؟ قال النووي: والأولى أن يسجد عليها كلها، فإن اقتصر على ما يقع عليه الاسم منها أجزأه مع أنه مكروه كراهة تنزيه، ولو سجد على الجبين - وهو الذي في الجبهة - أو على خده، أو مقدم رأسه، ولم يضع شيئًا من جبهته على الأرض لم يجزئه.
اهـ.

أما السجود على اليدين والركبتين والقدمين فقد ذهب أحمد وإسحق إلى أنه يجزيه من ترك السجود على شيء من الأعضاء السبعة، وهو مذهب ابن حبيب من المالكية.
وقال النووي: عن الشافعية في وجوب السجود عليها قولان:

أحدهما: أن عليه أن يسجد على جميع أعضائه التي وردت في الأحاديث فإن ترك عضوًا منها لم يوقعه الأرض وهو يقدر على إيقاعه لم يكن ساجدًا، كما إذا ترك جبهته فلم يوقعها الأرض وهو يقدر، وإن سجد على ظهر كفيه أو على حروفها لم يجزئه، وإن مس الأرض ببعض العضو لا بكله صح كما قيل في الجبهة، والاعتبار في القدمين ببطون الأصابع فلو وضع غير ذلك لم يجزئ.

ثانيهما: أنه إذا سجد على جبهته، أو على شيء منها دون ما سواها أجزأه مع الكراهة.
اهـ بتصرف.

والقول الأول أشهر وأصح، وهو الموافق لظاهر ما ورد من الأحاديث.
واللَّه أعلم.

2- أما الكيفية الكاملة لوضع هذه الأعضاء في السجود فإن عامة الفقهاء يرون أن يقدم الركبتين ثم اليدين ثم الجبهة والأنف، وبهذا قال أكثر العلماء وقال مالك في إحدى روايتين: يقدم يديه على ركبتيه.
وفي الرواية الأخرى له: يقدم أيهما شاء ولا ترجيح.

والمشهور عند الشافعية أنه لا يكفي في وضع الجبهة الإمساس، بل يجب أن يتحامل على موضع سجوده بثقل رأسه وعنقه حتى تستقر جبهته، وفي قول عندهم أنه يكفي إرخاء رأسه، ولا حاجة إلى التحامل.

فإن حال دون الجبهة حائل متصل به كمن سجد على كفه أو طرف عمامته أو طرف كمه وهما يتحركان بحركته في القيام والقعود لم تصح صلاته بلا خلاف عند الشافعية إن تعمده مع علمه بتحريمه، أما إن كان ساهيًا لم تبطل لكن يجب عليه إعادة السجود.

وبهذا قال داود وأحمد في رواية، وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد في رواية يصح، وبه قال أكثر العلماء، واحتج لهم بحديث أنس عند البخاري: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض يبسط ثوبه فيسجد عليه.

والسنة في السجود أن يفرج بين يديه بأن ينحى كل يد عن الجنب الذي يليها، وأن يبدي وسط العضد من الداخل، وأن يضم فخذيه، وأن يضع كفيه ويرفع مرفقيه.
وأن يستقبل القبلة بأطراف رجليه.
وأن يجعل قدميه قائمتين على بطون أصابعهما وعقباه مرتفعان.
وأن يضم الأصابع ولا يفرقها.

قال القرطبي: والحكمة في استحباب هذه الهيئة في السجود أنه يخف بها اعتماده على وجهه.
وقال غيره: هذه الهيئة أشبه الهيئات بالتواضع.
وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض مع مغايرته لهيئة الكسلان.
وقيل: الحكمة فيه أن يظهر كل عضو بنفسه ويتميز حتى يكون الإنسان الواحد في سجوده كأنه عدد ومقتضى هذا أن يستقل كل عضو بنفسه، ولا يعتمد بعض الأعضاء على بعض في سجوده.
وظاهر الرواية الأولى من المجموعة الثانية أن هذه الهيئة تبعد الإنسان عن هيئة الحيوان.

3- ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم:

1- النهي عن كف الشعر والثياب في الصلاة.
قال النووي: اتفق العلماء على النهي عن الصلاة وثوبه مشمر، أو كمه، أو رأسه معقوص [مربوط الشعر في الوسط] أو مردود شعره تحت عمامته، أو نحو ذلك، فكل هذا منهي عنه باتفاق العلماء، وهو كراهة تنزيه، فلو صلى كذلك فقد أساء، وصحت صلاته.
ثم مذهب الجمهور أن النهي مطلقًا لمن صلى كذلك، سواء تعمده للصلاة أم كان قبلها كذلك، لا لها بل لمعنى آخر.
وقال الداودي: يختص النهي بمن فعل ذلك للصلاة، والمختار الصحيح هو الأول، وهو ظاهر المنقول عن الصحابة وغيرهم والحكمة في النهي عنه أن الشعر يسجد معه، ولهذا مثله بالذي يصلي وهو مكتوف، اهـ بتصرف.

وقال الحافظ ابن حجر: النهي الوارد عن كف الثياب في الصلاة محمول على غير حالة الاضطرار، فإن من ضم إليه ثوبه إذا خاف أن تنكشف عورته لا كراهة عليه، بل هو يفعل الواجب.
اهـ.

ووجه إدخال النهي عن تشمير الثياب في الصلاة في أحكام السجود من جهة أن حركة السجود والرفع منه تسهل مع ضم الثياب لا مع إرسالها وسدلها فخشي أن يتوجه إلى الأسهل مع ما في غيره من الأفضلية.

2- يؤخذ من الرواية السادسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

3- وأن ذلك لا يؤخر، إذ لم يؤخره ابن عباس حتى يفرغ ابن الحارث من الصلاة.

4- وأن المكروه ينكر كما ينكر المحرم.

5- وأن من رأى منكرًا وأمكنه تغييره بيده غيره بيده.

6- وأن خبر الواحد مقبول ذكره النووي.

7- قال الحافظ ابن حجر عن الرواية الثالثة في المجموعة الثانية.
قال ابن التين: في قوله، حتى يبدو بياض إبطه دليل على أنه صلى اللَّه عليه وسلم لم يكن عليه قميص لانكشاف إبطيه، وتعقب باحتمال أن يكون القميص واسع الأكمام.

8- واستدل به على أن إبطيه صلى اللَّه عليه وسلم لم يكن عليهما شعر، وفيه نظر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَا يَجْمَعُ صِفَةَ الصَّلَاةِ وَمَا يُفْتَتَحُ بِهِ وَيُخْتَمُ بِهِ وَصِفَةَ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ مِنْهُ وَالسُّجُودِ وَالِاعْتِدَالِ مِنْهُ وَالتَّشَهُّدِ بَعْدَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ وَصِفَةَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ
[ سـ :805 ... بـ :495]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا بَكْرٌ وَهُوَ ابْنُ مُضَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ كِلَاهُمَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ يُجَنِّحُ فِي سُجُودِهِ حَتَّى يُرَى وَضَحُ إِبْطَيْهِ وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَجَدَ فَرَّجَ يَدَيْهِ عَنْ إِبْطَيْهِ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى بَيَاضَ إِبْطَيْهِ
قَوْلُهُ : ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ ) الصَّوَابُ فِيهِ أَنْ يُنَوِّنَ ( مَالِكٍ ) وَيَكْتُبَ ( ابْنِ ) بِالْأَلِفِ لِأَنَّ ابْنَ بُحَيْنَةَ لَيْسَ صِفَةً لِمَالِكٍ بَلْ صِفَةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ اسْمُ أَبِيهِ مَالِكٍ وَاسْمُ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ ( بُحَيْنَةُ ) فَبُحَيْنَةُ امْرَأَةُ مَالِكٍ وَأُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ .

قَوْلُهُ : ( فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ ) يَعْنِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَجَنْبَيْهِ .

قَوْلُهُ : ( يُجَنِّحُ فِي سُجُودِهِ ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ الْمُشَدَّدَةِ ، وَهُوَ مَعْنَى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( خَوَّى بِيَدَيْهِ ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَفَرَّجَ وَجَنَّحَ وَخَوَّى بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَمَعْنَاهُ كُلُّهُ بَاعَدَ مِرْفَقَيْهِ وَعَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ .

قَوْلُهُ : ( يُجَنِّحُ فِي سُجُودِهِ حَتَّى نَرَى بَيَاضَ إِبْطَيْهِ ) هُوَ بِالنُّونِ فِي ( نَرَى ) ، وَرُوِيَ ( بِالْيَاءِ ) الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ الْمَضْمُومَةِ ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ، وَيُؤَيِّدُ الْيَاءَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ مَيْمُونَةَ ( إِذَا سَجَدَ خَوَّى بِيَدَيْهِ حَتَّى يُرَى وَضَحُ إِبْطَيْهِ ) ضَبَطْنَاهُ وَضَبَطُوهُ هُنَا بِضَمِّ الْيَاءِ ، وَيُؤَيِّدُ النُّونَ رِوَايَةُ اللَّيْثِ فِي هَذَا الطَّرِيقِ ( حَتَّى إِنِّي لَأَرَى بَيَاضَ إِبْطَيْهِ ) .