هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
899 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الغَسِيلِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المِنْبَرَ ، وَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ مُتَعَطِّفًا مِلْحَفَةً عَلَى مَنْكِبَيْهِ ، قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ دَسِمَةٍ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ إِلَيَّ ، فَثَابُوا إِلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ هَذَا الحَيَّ مِنَ الأَنْصَارِ ، يَقِلُّونَ وَيَكْثُرُ النَّاسُ ، فَمَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاسْتَطَاعَ أَنْ يَضُرَّ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يَنْفَعَ فِيهِ أَحَدًا ، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيِّهِمْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
899 حدثنا إسماعيل بن أبان ، قال : حدثنا ابن الغسيل ، قال : حدثنا عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر ، وكان آخر مجلس جلسه متعطفا ملحفة على منكبيه ، قد عصب رأسه بعصابة دسمة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إلي ، فثابوا إليه ، ثم قال : أما بعد ، فإن هذا الحي من الأنصار ، يقلون ويكثر الناس ، فمن ولي شيئا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فاستطاع أن يضر فيه أحدا أو ينفع فيه أحدا ، فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيهم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المِنْبَرَ ، وَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ مُتَعَطِّفًا مِلْحَفَةً عَلَى مَنْكِبَيْهِ ، قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ دَسِمَةٍ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ إِلَيَّ ، فَثَابُوا إِلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ هَذَا الحَيَّ مِنَ الأَنْصَارِ ، يَقِلُّونَ وَيَكْثُرُ النَّاسُ ، فَمَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاسْتَطَاعَ أَنْ يَضُرَّ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يَنْفَعَ فِيهِ أَحَدًا ، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيِّهِمْ .

Narrated Ibn `Abbas:

Once the Prophet (ﷺ) ascended the pulpit and it was the last gathering in which he took part. He was covering his shoulder with a big cloak and binding his head with an oily bandage. He glorified and praised Allah and said, O people! Come to me. So the people came and gathered around him and he then said, Amma ba'du. From now onward the Ansar will decrease and other people will increase. So anybody who becomes a ruler of the followers of Muhammad and has the power to harm or benefit people then he should accept the good from the benevolent amongst them (Ansar) and overlook the faults of their wrong-doers.

Ibn 'Abbâs (r) dit: «Drapé dans un voile passant par ses épaules et en tenant la tête par un bandeau noir, le Prophète () monta sur le minbar — c'était la dernière fois qu'il s'y assoyait —, loua et glorifia Allah puis dit: 0 gens! [approchezvous] de moi! On s'approcha de lui et il reprit: Cela dit, [sachez que] le nombre des Ansars diminuera et celui du reste des gens augmentera. Que celui qui détiendra une certaine autorité sur la Umma de Muhammad () et pourra porter préjudice aux uns et servir les autres, accepte les bonnes œuvres de celui d'entre eux qui fait du bien et pardonne à celui d'entre eux qui agit mal! »

":"ہم سے اسماعیل بن ابان نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم سے ابن غسیل عبدالرحمٰن بن سلیمان نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم سے عکرمہ نے ابن عباس رضی اللہ عنہما کے واسطے سے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم منبر پر تشریف لائے ۔ منبر پر یہ آپ کی آخری بیٹھک تھی ۔ آپ دونوں شانوں سے چادر لپیٹے ہوئے تھے اور سرمبارک پر ایک پٹی باندھ رکھی تھی ۔ آپ نے حمد و ثنا کے بعد فرمایا لوگو ! میری بات سنو ۔ چنانچہ لوگ آپ کی طرف کلام مبارک سننے کے لیے متوجہ ہو گئے ۔ پھر آپ نے فرمایا «امابعد» ! یہ قبیلہ انصار کے لوگ ( آنے والے دور میں ) تعداد میں بہت کم ہو جائیں گے پس محمد صلی اللہ علیہ وسلم کی امت کا جو شخص بھی حاکم ہو اور اسے نفع و نقصان پہنچانے کی طاقت ہو تو انصار کے نیک لوگوں کی نیکی قبول کرے اور ان کے برے کی برائی سے درگزر کرے ۔

Ibn 'Abbâs (r) dit: «Drapé dans un voile passant par ses épaules et en tenant la tête par un bandeau noir, le Prophète () monta sur le minbar — c'était la dernière fois qu'il s'y assoyait —, loua et glorifia Allah puis dit: 0 gens! [approchezvous] de moi! On s'approcha de lui et il reprit: Cela dit, [sachez que] le nombre des Ansars diminuera et celui du reste des gens augmentera. Que celui qui détiendra une certaine autorité sur la Umma de Muhammad () et pourra porter préjudice aux uns et servir les autres, accepte les bonnes œuvres de celui d'entre eux qui fait du bien et pardonne à celui d'entre eux qui agit mal! »

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [927] ثنا إسماعيل بن ابان - هو: الوراق -: نا ابن الغسيل –واسمه: عبد الرحمن بن سليمان -: نا عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: صعد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المنبر –وكان أخر مجلس جلسه –متعطفاً ملحفة على منكبه، قد عصب رأسه بعصابة دسمة، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أيها الناس، إلي)) ، فثابوا اليه، ثم قال: ((أما بعد، فإن هذا الحي من الأنصار يقلون ويكثر الناس، فمن ولي شيئاً من أمة محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاستطاع أن يضر فيه أحداً أو ينفع فيه أحداً، فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم)) .
وفي الباب أحاديث أخر.
وقد خَّرج البخاري في ((المغازي)) حديث عائشة في قصة الافك بطولها، وفيه: فتشهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين جلس ثم قال: ((أما بعد، يا عائشة، فإنه بلغني عنك كذا وكذا)) –الحديث.
وخرّجه في موضع أخر، وليس فيه: ((أما بعد)) .
وخرّج مسلم في ((صحيحه)) من حديث جريرٍ البجلي، قال: ((كنت جالساً عند النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأتاه قوم مجتابي النمار، فصلى الظهر، ثم صعدمنبراً صغيراً، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((إما بعد؛ فإن الله أنزل في كتابه: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء:1] –)) وذكر الحديث في الحثّ على الصدقة.
وخرّجه من طريق أخرى، ليس فيها لفظه: ((أما بعد)) .
وخرّج – أيضاً - من حديث سعيدٍ بن جبير، عن ابن عباسٍ، أن ضماداً قدم على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: يا محمد، إني أرقي من هذه الريح، وان الله يشفي على يدي من يشاء، فهل لك؟ فقالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الحمد لله نستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد)) .
فدلت هذه الأحاديث كلها على أن الخطب كلها، سواء كانت للجمعة أو لغيرها، وسواء كانت على المنبر أو على الارض، وسواء كانت من جلوس أو قيام، فإنها تبتدا بحمد الله والثناء عليه بما هو أهله، ثم يذكر بعد ذلك ما يحتاج إلى ذكره من موعظة أو ذكر حاجة يحتاج إلى ذكرها، ويفصل بين الحمد والثناء، وبين ما بعده بقوله: أما بعد.
وقد قيل: أن هذه الكلمة فضل الخطاب الذي أوتيه داود –عليه السلام -، وقد سبق ذكر ذلك في أول الكلام في الكلام على حديث كتابالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى هرقل: ((أما بعد؛ فاني ادعوك بدعاية الإسلام)) .
والمعنى في الفصل بأما بعد: الإشعار بأن الأمور كلها وان جلت وعظمت فهي تابعة لحمد الله والثناء عليهِ، فذاك هوَ المقصود بالاضافة، وجميع المهمات تبع له من أمور الدين والدنيا.
ولهذا قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((كل أمر ذي بال لا يبدأ بالحمد لله فهو أقطع)) ، وفي روايةٍ: ((أجذم)) .
خرّجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث أبي هريرة.
وقد روي مرسلاً.
فالحمد لله متقدم على جميع الكلام، والكلام كله متأخر عنه وتبع له.
ولا يستثنى مما ذكرناه من الخطب إلا خطبة العيد، فقد قيل: إنها تستفتح بالتكبير.
وقد روى عن أبي موسى الأشعري، أنه استفتح خطبتي العيدين بالحمد، ثم كبر بعد الحمد.
وهو الأظهر.
وكذا قيل في خطبة الاستسقاء.
ومن الناس من قال: تستفتح بالحمد –أيضاً.
وقد ذكر بعض ائمة الشافعية: أن الخطب كلها تستفتح بالحمد بغير خلافٍ، وإنما التكبير في العيد يكون قبل الخطبة، وليس منها، وإن ذلك نص الشافعي.
وكذا ذكر طائفةٌ من أصحابنا: أن ظاهر كلام أحمد أنه يكبر إذا جلس على المنبر قبل الخطبة، وأنه ليس من الخطبة، فإذا قام استفتح الخطبة بالحمد.
وذكروا: قولُ عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: يكبر الإمام على المنبر يوم العيد قبل الخطبة تسعاً، وبعدها سبعاً.
فأما خطبة الجمعة، فلا خلاف أنها تستفتح بالحمد.
وخرّجه مسلم في ((صحيحه)) من حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا خطب أحمرت عيناه، وعلاصوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش، يقول: ((صبحكم ومساكم)) ، ويقول ((بعثت أنا والساعة كهاتين)) ، ويقرن بين أصبعيه: السبابة والوسطى، ويقول: ((أما بعد؛ فإن خيرٌ الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)) ، ثم يقول: ((أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإلي وعلي)) .
وفي روايةٍ له - أيضاً - بهذا الإسناد: كانت خطبة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الجمعة يحمد الله ويثني عليه، ثم يقول على إثر ذلك، وقد علا صوته - ثم ساق الحديث بمثله.
وفي روايةٍ له – أيضاً -: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب الناس، يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله، ثم يقول: ((من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وخير الحديث كتاب الله)) –ثم ساق الحديث بمثل الرواية الأولى.
وقد أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأمر بهذه الخطبة لكل من له حاجة، أن يبدأ بها قبل ذكر حاجته، كما خرّجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث ابن مسعودٍ، قال: علمنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -خطبة الحاجة: ((إن الحمد لله نستعينه ونستغفرة، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا إله الا الله، واشهد أن محمداً عبده ورسوله، { يا ايها الذين امنوا اتقوا الله الذي تساءلون به والارحام أن الله كان عليكم رقيبا} ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102] ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا} - إلى قوله -: { فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:7107] .
وهذا لفظ أبي داود.
وفي روايةٍ له: ((الحمد لله)) ، بغير ((إن)) ، وهي روايةٍ الأكثرين.
وفي روايةٍ له: ((في خطبة الحاجة في النكاح وغيره)) .
وعند ابن ماجه: ((الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفرة، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا)) –وذكر الحديث، وفيه: زيادة: ((وحده لا شريك له)) .
وحسن الترمذي هذا الحديث، وصححه جماعة، منهم: ابن خراش وغيره.
وخرّج النسائي في ((اليوم والليلة)) من حديث أبي موسى، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ((فإن شئت أن تصل خطبتك بآيٍ من القرآن)) - فذكر آلايات الثلاث، ثم قال: ((أما بعد، ثم يتكلم بحاجته)) .
وخرّجه أبو داود من وجه آخر، عن ابن مسعودٍ، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه كان إذا تشهد قال: ((الحمد لله)) - فذكره كما تقدم، زاد فيه –بعد قوله: ((وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)) -: ((أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً)) .
وروى أبو مالكٍ الأشجعي، عن نبيط بن شريط، أنه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب عند الجمرة فقال: ((الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفرة، وأشهد أن لا إله الا الله، وان محمداً عبده ورسوله، واوصيكم بتقوى الله)) –وذكر الحديث.
وخرّج أبو داود في ((مراسليه)) من روايةٍ يونس، عن ابن شهاب، أنه سأله عن تشهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الجمعة؟ فقالَ ابن شهاب: ((أن الحمد لله وحده واستعينه واستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل لهُ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله فقد غوى، نسأل الله ربنا أن يجعلنا ممن يطيعه، ويطيع رسوله، ويتبع رضوانه، ويجتنب سخطه؛ فإنما نحن به وله)) .
وخرّجه في ((السنن)) مختصراً.
وخرّجه في ((المراسيل)) –أيضاً - من روايةٍ عقيل، عن ابن شهاب، قال: كان صدرخطبة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره)) – فذكره بمثله.
ومن روايةٍ يونس، عن ابن شهاب، قال: بلغنا عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه كان يقول إذا خطب: ((كل ما هو آت قريب، لا بعد لما هو آت، لا يعجل الله فيعجله أحد، ولا يخف لامر الناس، ما شاء الله لا ما شاء الناس، يريد الناس أمراً، ويريد الله أمراً، ما شاء الله كان، ولو كره الناس، ولا مبعد لما قرب الله، ولا مقرب لما بعد الله، لا يكون شيء إلا بإذن الله عز وجل)) .
ومن طريق هشام بن عروة، عن أبيه، أنه قال: كان أكثر ما كان رسول الله ... - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول على المنبر: ((أتقوا الله وقولوا قولاً سديداً)) .
وفي خطب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث أخر مرسلة، يطول ذكرها.
فظهر بهذا: أن خطبة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانت تشتمل على حمد الله والثناء عليه بما هو أهله، وعلى الشهادة لله بالتوحيد، ولمحمد بالرسالة.
وقد خرّج أبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،أنه قال: ((كل خطبة ليس فيها تشهدٌ فهي كاليد الجذماء)) .
ورجاله ثقاتٌ.
وأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يعظ الناس ويذكرهم بالله وبوحدانيته، وتفرده بالربوبية والمشيئة، ويحثهم على تقواه وطاعته.
وكان - غالباً - يفصل بين التحميد وتوابعه من الشهادتين، وما بعد ذلك من الوعظ والأمر والنهي، بقوله: ((أما بعد)) .
وكان –أيضاً - يتلو من القرآن في خطبته.
وفي ((الصحيحين)) عن يعلى بن أمية، أنه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرأ على المنبر: { وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف:77] .
وفي ((صحيح مسلم)) ، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقرأ كل جمعةٍ على المنبر، إذا خطب الناس: { ق وَالْقُرْآنِ المَجِيدِ} [ق:1] .
وفيه - أيضاً -، عن جابر بن سمرة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانت له خطبتان، يجلس بينهما، يقرأ القرآن، ويذكر الناس.
وخرّجه النسائي، ولفظه: ((كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم، ويقرأ آيات، ويذكر الله)) .
وترجم عليه: ((القراءة في الخطبة الثانية والذكر فيها)) .
وخرّجه ابن ماجه، ولفظه: ((ثم يقوم فيقرأ آياتٍ)) .
فإن كان ذلكمحفوظاً فهو صريح فيما بوب عليه النسائي.
وظاهر كلام الخرقي من أصحابنا يدل على مثله –أيضاً.
وفي القراءة في الخطبة أحاديث كثيرةٌ: وروى ابن لهيعة: حدثني أبو صخر –وهو: حميد بن زياد -، عن نافعٍ، عن ابن عمر، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن يدع قراءة سورة الأعراف في كل جمعةٍ.
خرّجه ابن عدي.
فإن كان هذا محفوظاً فلعله كان يواظب على ذلك؛ لما فيها من قوله: { وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ?وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الأعراف:204) فيكون مقصوده: الأمر بالاستماع والانصات للخطبة والموعظة.
وقد قال الإمام أحمد: أجمعوا أن هذه الآية نزلت في الصلاة، وفي الخطبة.
وكان عثمان بن عفان يأمر في خطبته بالإنصات؛ ولهذا اعتاد الناس في هذه الأزمان أن يذكروا قبل الخطبة بين يدي الخطيب بصوت عال يسمع الناس حديث أبي هريرة في الأمر بالإنصاف، كما سيأتي ذكره –أن شاء الله سبحانه وتعالى.
وكان مع ذلك مقتصداً في خطبته ولا يطيلها، بل كانت صلاته قصداً وخطبته قصداً.
خرّجه مسلم من حديث جابر بن سمرة.
وخَّرج –أيضاً - من حديث عمار، عن { النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قال} : ((أن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة؛ فإن من البيان سحراً)) .
ولم ينقل عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان يصلي على نفسه في الخطبة، بل كان يشهد لنفسه بالعبودية والرسالة؛ ولكن روي عنه الأمر بالإكثار من الصلاة عليه في يوم الجمعة وليلة الجمعة، وان الصلاة عليه معروضة عليه.
وقد روي في حديث مرسل، رواه ابن إسحاق، عن المغيرة بن عثمان بن محمد بن الاخنس، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: أول خطبة خطبها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة، أن قام فيهم، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: ((أما بعد، ايها الناس، فقدموا لأنفسكم، تعلمن والله، ليصعقن أحدكم، ثم ليدعن غنمه، ليس لها راع، ثم ليقولن له ربه –ليس له ترجمانٌ، ولا حاجب يحجبه دونه -: ألم يأتك رسولي، فيبلغك، وآتيتك مالاً، وأفضلت، فما قدمت لنفسك؟ فينظر يميناً وشمالا، فلا يرى شيئاً، ثم ينظر قدامه، فلا يرى غير جهنم، فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق تمرة فليفعل، ومن لم يفعل فبكلمة طيبة؟ فإن بها تجزئ الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسلام على رسول الله ورحمته وبركاته)) .
فالصلاة والسلام عليه في الخطبة يوم الجمعة حسنٌ متأكد الاستحباب، لكن لا يظهر أنه تبطل الخطبة بتركه، بل الواجب الشهادتان مع الحمد والموعظة.
وأما القراءة، فالأكثرون على وجوبها في الخطبة، وهو المشهور عن أحمد.
وحكي عنه روايةٍ، أنها مستحبةٌ غير واجبةٍ.
واكثر أصحابنا على ايجاب الصلاة علىالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومنهم من قال: الواجب الشهادة له بالرسالة والعبودية.
وفي وجوب ذلك كله –في كل واحدة من الخطبتين - نظر، والأشهر عند أصحابنا: وجوبه.
وظاهر كلام الخرقي: أن الموعظة تكون في الخطبة الثانية.
ولأصحابنا وجه في القراءة، أنها تجب في احدى الخطبتين.
والمنصوص عن أحمد: ما نقله عنه محمد بن الحكم، وقد سأله عن الرجل يخطب يوم الجمعة، فيكبر، ويصلي على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويحمد الله، تكون خطبةً؟ وقلت له: إن أصحاب ابن مسعودٍ يقولون: إذا كبر، وصلى { على} النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحمد الله، تكون خطبةً؟ قال: لا تكون خطبةً، إلا كما خطب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو خطبةً تامةً.
وهذا يدل على أنه لا بد من ذلك من موعظةٍ.
وقد صرح به في روايةٍ حنبل، فقال: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا خطب وعظ فأنذر وحذر الناس.
فهذا تفسير قوله: لا تكون خطبةً إلا كما خطب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ومذهب الشافعي وأصحابه: لا يصح35 - باب الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :899 ... غــ :927 ]
- ثنا إسماعيل بن ابان - هو: الوراق -: نا ابن الغسيل –واسمه: عبد الرحمن بن سليمان -: نا عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: صعد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المنبر –وكان أخر مجلس جلسه –متعطفاً ملحفة على منكبه، قد عصب رأسه بعصابة دسمة، فحمد الله وأثنى
عليه، ثم قال: ((أيها الناس، إلي)) ، فثابوا اليه، ثم قال: ((أما بعد، فإن هذا الحي من الأنصار يقلون ويكثر الناس، فمن ولي شيئاً من أمة محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاستطاع أن يضر فيه أحداً أو ينفع فيه أحداً، فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم)) .

وفي الباب أحاديث أخر.

وقد خَّرج البخاري في ((المغازي)) حديث عائشة في قصة الافك بطولها، وفيه: فتشهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين جلس ثم قال: ((أما بعد، يا عائشة، فإنه بلغني عنك كذا وكذا)) –الحديث.

وخرّجه في موضع أخر، وليس فيه: ((أما بعد)) .

وخرّج مسلم في ((صحيحه)) من حديث جريرٍ البجلي، قال: ((كنت جالساً عند النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأتاه قوم مجتابي النمار، فصلى الظهر، ثم صعد منبراً صغيراً، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((إما بعد؛ فإن الله أنزل في كتابه: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء:1] –)) وذكر الحديث في الحثّ على الصدقة.

وخرّجه من طريق أخرى، ليس فيها لفظه: ((أما بعد)) .

وخرّج – أيضاً - من حديث سعيدٍ بن جبير، عن ابن عباسٍ، أن ضماداً قدم على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: يا محمد، إني أرقي من هذه الريح، وان الله يشفي على يدي من
يشاء، فهل لك؟ فقالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الحمد لله نستعينه، من يهده الله فلا مضل
له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد)) .

فدلت هذه الأحاديث كلها على أن الخطب كلها، سواء كانت للجمعة أو
لغيرها، وسواء كانت على المنبر أو على الارض، وسواء كانت من جلوس أو قيام، فإنها تبتدا بحمد الله والثناء عليه بما هو أهله، ثم يذكر بعد ذلك ما يحتاج إلى ذكره من موعظة أو ذكر حاجة يحتاج إلى ذكرها، ويفصل بين الحمد والثناء، وبين ما بعده بقوله: أما بعد.

وقد قيل: أن هذه الكلمة فضل الخطاب الذي أوتيه داود –عليه السلام -، وقد سبق ذكر ذلك في أول الكلام في الكلام على حديث كتاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى هرقل: ((أما بعد؛ فاني ادعوك بدعاية الإسلام)) .

والمعنى في الفصل بأما بعد: الإشعار بأن الأمور كلها وان جلت وعظمت فهي تابعة لحمد الله والثناء عليهِ، فذاك هوَ المقصود بالاضافة، وجميع المهمات تبع له من أمور الدين والدنيا.

ولهذا قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((كل أمر ذي بال لا يبدأ بالحمد لله فهو أقطع)) ، وفي روايةٍ: ((أجذم)) .

خرّجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث أبي هريرة.

وقد روي مرسلاً.

فالحمد لله متقدم على جميع الكلام، والكلام كله متأخر عنه وتبع له.

ولا يستثنى مما ذكرناه من الخطب إلا خطبة العيد، فقد قيل: إنها تستفتح
بالتكبير.
وقد روى عن أبي موسى الأشعري، أنه استفتح خطبتي العيدين بالحمد، ثم كبر بعد الحمد.
وهو الأظهر.

وكذا قيل في خطبة الاستسقاء.

ومن الناس من قال: تستفتح بالحمد –أيضاً.

وقد ذكر بعض ائمة الشافعية: أن الخطب كلها تستفتح بالحمد بغير خلافٍ، وإنما التكبير في العيد يكون قبل الخطبة، وليس منها، وإن ذلك نص الشافعي.

وكذا ذكر طائفةٌ من أصحابنا: أن ظاهر كلام أحمد أنه يكبر إذا جلس على المنبر قبل الخطبة، وأنه ليس من الخطبة، فإذا قام استفتح الخطبة بالحمد.

وذكروا: قولُ عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: يكبر الإمام على المنبر يوم العيد قبل الخطبة تسعاً، وبعدها سبعاً.

فأما خطبة الجمعة، فلا خلاف أنها تستفتح بالحمد.

وخرّجه مسلم في ((صحيحه)) من حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا خطب أحمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش، يقول: ((صبحكم ومساكم)) ، ويقول ((بعثت أنا والساعة
كهاتين)) ، ويقرن بين أصبعيه: السبابة والوسطى، ويقول: ((أما بعد؛ فإن خيرٌ الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة
ضلالة)) ، ثم يقول: ((أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإلي وعلي)) .

وفي روايةٍ له - أيضاً - بهذا الإسناد: كانت خطبة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الجمعة يحمد الله ويثني عليه، ثم يقول على إثر ذلك، وقد علا صوته - ثم ساق الحديث بمثله.

وفي روايةٍ له – أيضاً -: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب الناس، يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله، ثم يقول: ((من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وخير الحديث كتاب الله)) –ثم ساق الحديث بمثل الرواية الأولى.

وقد أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأمر بهذه الخطبة لكل من له حاجة، أن يبدأ بها قبل ذكر
حاجته، كما خرّجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث ابن مسعودٍ، قال: علمنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خطبة الحاجة: ((إن الحمد لله نستعينه ونستغفرة، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا إله الا الله، واشهد أن محمداً عبده ورسوله، { يا ايها الذين امنوا اتقوا الله الذي تساءلون به والارحام أن الله كان عليكم رقيبا} ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}
[آل عمران:102] ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا} - إلى قوله -: { فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:7107] .

وهذا لفظ أبي داود.

وفي روايةٍ له: ((الحمد لله)) ، بغير ((إن)) ، وهي روايةٍ الأكثرين.

وفي روايةٍ له: ((في خطبة الحاجة في النكاح وغيره)) .

وعند ابن ماجه: ((الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفرة، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا)) –وذكر الحديث، وفيه: زيادة: ((وحده لا شريك
له)) .

وحسن الترمذي هذا الحديث، وصححه جماعة، منهم: ابن خراش وغيره.

وخرّج النسائي في ((اليوم والليلة)) من حديث أبي موسى، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ((فإن شئت أن تصل خطبتك بآيٍ من القرآن)) - فذكر آلايات الثلاث، ثم قال: ((أما بعد، ثم يتكلم بحاجته)) .
وخرّجه أبو داود من وجه آخر، عن ابن مسعودٍ، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه كان إذا تشهد قال: ((الحمد لله)) - فذكره كما تقدم، زاد فيه –بعد قوله: ((وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)) -: ((أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً)) .

وروى أبو مالكٍ الأشجعي، عن نبيط بن شريط، أنه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب عند الجمرة فقال: ((الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفرة، وأشهد أن لا إله الا الله، وان محمداً عبده ورسوله، واوصيكم بتقوى الله)) –وذكر الحديث.

وخرّج أبو داود في ((مراسليه)) من روايةٍ يونس، عن ابن شهاب، أنه سأله عن تشهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الجمعة؟ فقالَ ابن شهاب: ((أن الحمد لله وحده واستعينه
واستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل لهُ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله فقد غوى، نسأل الله ربنا أن يجعلنا ممن يطيعه، ويطيع رسوله، ويتبع رضوانه، ويجتنب سخطه؛ فإنما نحن به وله)) .

وخرّجه في ((السنن)) مختصراً.

وخرّجه في ((المراسيل)) –أيضاً - من روايةٍ عقيل، عن ابن شهاب، قال: كان صدرخطبة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره)) – فذكره بمثله.
ومن روايةٍ يونس، عن ابن شهاب، قال: بلغنا عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه كان يقول إذا خطب: ((كل ما هو آت قريب، لا بعد لما هو آت، لا يعجل الله فيعجله أحد، ولا يخف لامر الناس، ما شاء الله لا ما شاء الناس، يريد الناس أمراً، ويريد الله أمراً، ما شاء الله كان، ولو كره الناس، ولا مبعد لما قرب الله، ولا مقرب لما بعد الله، لا يكون شيء إلا بإذن الله عز وجل)) .

ومن طريق هشام بن عروة، عن أبيه، أنه قال: كان أكثر ما كان رسول الله ... - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول على المنبر: ((أتقوا الله وقولوا قولاً سديداً)) .

وفي خطب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحاديث أخر مرسلة، يطول ذكرها.

فظهر بهذا: أن خطبة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانت تشتمل على حمد الله والثناء عليه بما هو
أهله، وعلى الشهادة لله بالتوحيد، ولمحمد بالرسالة.

وقد خرّج أبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال: ((كل خطبة ليس فيها تشهدٌ فهي كاليد الجذماء)) .

ورجاله ثقاتٌ.

وأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يعظ الناس ويذكرهم بالله وبوحدانيته، وتفرده بالربوبية والمشيئة، ويحثهم على تقواه وطاعته.

وكان - غالباً - يفصل بين التحميد وتوابعه من الشهادتين، وما بعد ذلك من الوعظ والأمر والنهي، بقوله: ((أما بعد)) .

وكان –أيضاً - يتلو من القرآن في خطبته.

وفي ((الصحيحين)) عن يعلى بن أمية، أنه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرأ على المنبر:
{ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف:77] .

وفي ((صحيح مسلم)) ، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقرأ كل جمعةٍ على المنبر، إذا خطب الناس: { ق وَالْقُرْآنِ المَجِيدِ} [ق:1] .

وفيه - أيضاً -، عن جابر بن سمرة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانت له خطبتان، يجلس
بينهما، يقرأ القرآن، ويذكر الناس.

وخرّجه النسائي، ولفظه: ((كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم، ويقرأ آيات، ويذكر الله)) .

وترجم عليه: ((القراءة في الخطبة الثانية والذكر فيها)) .

وخرّجه ابن ماجه، ولفظه: ((ثم يقوم فيقرأ آياتٍ)) .

فإن كان ذلك محفوظاً فهو صريح فيما بوب عليه النسائي.

وظاهر كلام الخرقي من أصحابنا يدل على مثله –أيضاً.

وفي القراءة في الخطبة أحاديث كثيرةٌ:
وروى ابن لهيعة: حدثني أبو صخر –وهو: حميد بن زياد -، عن نافعٍ، عن ابن عمر، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن يدع قراءة سورة الأعراف في كل جمعةٍ.

خرّجه ابن عدي.

فإن كان هذا محفوظاً فلعله كان يواظب على ذلك؛ لما فيها من قوله: { وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ?وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الأعراف:204) فيكون مقصوده: الأمر بالاستماع والانصات للخطبة والموعظة.

وقد قال الإمام أحمد: أجمعوا أن هذه الآية نزلت في الصلاة، وفي الخطبة.

وكان عثمان بن عفان يأمر في خطبته بالإنصات؛ ولهذا اعتاد الناس في هذه الأزمان أن يذكروا قبل الخطبة بين يدي الخطيب بصوت عال يسمع الناس حديث أبي هريرة في الأمر بالإنصاف، كما سيأتي ذكره –أن شاء الله سبحانه وتعالى.
وكان مع ذلك مقتصداً في خطبته ولا يطيلها، بل كانت صلاته قصداً وخطبته قصداً.

خرّجه مسلم من حديث جابر بن سمرة.

وخَّرج –أيضاً - من حديث عمار، عن { النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قال} : ((أن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة؛ فإن من البيان سحراً)) .

ولم ينقل عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان يصلي على نفسه في الخطبة، بل كان يشهد لنفسه بالعبودية والرسالة؛ ولكن روي عنه الأمر بالإكثار من الصلاة عليه في يوم الجمعة وليلة الجمعة، وان الصلاة عليه معروضة عليه.
وقد روي في حديث مرسل، رواه ابن إسحاق، عن المغيرة بن عثمان بن محمد بن الاخنس، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: أول خطبة خطبها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة، أن قام فيهم، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: ((أما بعد، ايها الناس، فقدموا لأنفسكم، تعلمن والله، ليصعقن أحدكم، ثم ليدعن غنمه، ليس لها راع، ثم ليقولن له ربه –ليس له ترجمانٌ، ولا حاجب يحجبه دونه -: ألم يأتك رسولي، فيبلغك، وآتيتك مالاً، وأفضلت، فما قدمت لنفسك؟ فينظر يميناً وشمالا، فلا يرى شيئاً، ثم ينظر قدامه، فلا يرى غير جهنم، فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق تمرة فليفعل، ومن لم يفعل فبكلمة طيبة؟ فإن بها تجزئ الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسلام على رسول الله ورحمته وبركاته)) .

فالصلاة والسلام عليه في الخطبة يوم الجمعة حسنٌ متأكد الاستحباب، لكن لا يظهر أنه تبطل الخطبة بتركه، بل الواجب الشهادتان مع الحمد والموعظة.
وأما القراءة، فالأكثرون على وجوبها في الخطبة، وهو المشهور عن أحمد.
وحكي عنه روايةٍ، أنها مستحبةٌ غير واجبةٍ.

واكثر أصحابنا على ايجاب الصلاة علىالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومنهم من قال: الواجب الشهادة له بالرسالة والعبودية.

وفي وجوب ذلك كله –في كل واحدة من الخطبتين - نظر، والأشهر عند أصحابنا: وجوبه.

وظاهر كلام الخرقي: أن الموعظة تكون في الخطبة الثانية.

ولأصحابنا وجه في القراءة، أنها تجب في احدى الخطبتين.

والمنصوص عن أحمد: ما نقله عنه محمد بن الحكم، وقد سأله عن الرجل يخطب يوم الجمعة، فيكبر، ويصلي على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويحمد الله، تكون خطبةً؟ وقلت له: إن أصحاب ابن مسعودٍ يقولون: إذا كبر، وصلى { على} النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحمد الله، تكون خطبةً؟ قال: لا تكون خطبةً، إلا كما خطب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو خطبةً تامةً.

وهذا يدل على أنه لا بد من ذلك من موعظةٍ.

وقد صرح به في روايةٍ حنبل، فقال: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا خطب وعظ فأنذر وحذر الناس.

فهذا تفسير قوله: لا تكون خطبةً إلا كما خطب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ومذهب الشافعي وأصحابه: لا يصح

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :899 ... غــ : 927 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْغَسِيلِ قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "صَعِدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمِنْبَرَ وَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ مُتَعَطِّفًا مِلْحَفَةً عَلَى مَنْكِبَيْهِ قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ دَسِمَةٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِلَىَّ.
فَثَابُوا إِلَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ هَذَا الْحَىَّ مِنَ الأَنْصَارِ يَقِلُّونَ وَيَكْثُرُ النَّاسُ.
فَمَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَطَاعَ أَنْ يَضُرَّ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يَنْفَعَ فِيهِ أَحَدًا فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئهِمْ".
[الحديث 927 - طرفاه في: 3628، 3800] .

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل بن أبان) بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة وبعد الألف نون، الوراق الأزدي الكوفي ( قال: حدّثنا ابن الغسيل) بفتح المعجمة، عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة، غسيل الملائكة، لما استشهد بأحد جنبًا، ( قال: حدّثنا عكرمة) مولى ابن عباس، ( عن ابن عباس رضي الله عنهما قال) : ( صعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المنبر، وكان) ذلك ( آخر مجلس جلسه، متعطفًا)

مرتديًا ( ملحفة) بكسر الميم وسكون اللام وفتح الحاء، إزارًا كبيرًا ( على منكبيه) بفتح الميم وكسر الكاف مع التثنية، وللأصيلي، وأبوي ذر والوقت: منكبه بالإفراد، ( قد عصب رأسه) بتخفيف الصاد، أي: ربطها ( بعصابة) أي: بعمامة ( دسمة) بفتح أوله وكسر السين المهملة، سوداء أو كلون الدسم، كالزيت من غير أن يخالطها دسم، أو متغيرة اللون من الطيب والغالية، ( فحمد الله) تعالى ( وأثنى عليه، ثم قال) :
( أيها الناس) ، تقربوا ( إلي) ( فثابوا) بالمثلثة بعد الفاء وبموحدة بعد الألف، أي اجتمعوا ( إليه، ثم قال) :
( أما بعد، فإن هذا الحي من الأنصار) الذين نصروه عليه الصلاة والسلام من أهل المدينة ( يقلون) بفتح أوله وكسر ثانيه ( ويكثر الناس) هو من إخباره عليه الصلاة والسلام بالمغيبات، فإن الأنصار قلّوا، وكثر الناس كما قال: ( فمن ولي شيئًا من أمة محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاستطاع أن يضرَّ فيه) أي: في الذي وليه ( أحدًا أو ينفع فيه أحدًا فليقبل من محسنهم) الحسنة ( ويتجاوز) بالجزم، عطفًا على السابق.
أي: يعف ( عن مسيئهم) أي: السيئة، أي: في غير الحدود.
ومسيئهم بالهمز، وقد تبدل ياء مشددة.

وشيخ المؤلّف من أفراده، وهو كوفي، وبقية الرواة مدنيون، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه أيضًا في: علامات النبوة، وفضائل الأنصار.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :899 ... غــ :927 ]
- حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ أبانَ قَالَ حدَّثنا ابنُ الغَسِيلِ قَالَ حدَّثنا عِكْرِمَةُ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ صَعِدَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المِنْبَرَ وكانَ آخِرُ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ مُتَعَطِّفا مِلْحَفَةً عَلَى مَنْكِبَهِ قَدْ عَصَبَ رَاسَهُ بِعِصَابَةٍ دَسِمَةٍ فَحَمِدَ الله وأثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أيُّهَا النَّاسُ إلَيَّ فَثَابُوا إلَيْهِ ثُمَّ قالَ أمَّا بَعْدُ فإنَّ هاذا الحَيَّ مِنَ الأنْصَارِ يَقِلُّونَ ويَكْثُرُ النَّاسُ فَمَنْ وُلِيَ شَيْئا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاسْتَطَاعَ أنْ يُضِرَّ فِيهِ أحدا أوْ يَنْفَعَ فِيهِ أحدا فلْيَقُلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ ويتَجاوَزْ عنْ مُسِيئِهِمْ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: إِسْمَاعِيل بن أبان، بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف نون: أَبُو إِسْحَاق الْوراق الْأَزْدِيّ الْكُوفِي.
الثَّانِي: عبد الرَّحْمَن بن الغسيل، هُوَ: عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان بن عبد الله بن حَنْظَلَة بن أبي عَامر الراهب الْمَعْرُوف بِابْن الغسيل الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، مَاتَ سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَة، وحَنْظَلَة هُوَ غسيل الْمَلَائِكَة، اسْتشْهد بِأحد وغسلته الْمَلَائِكَة، فسألوا امْرَأَته فَقَالَت: سمع الهيعة وَهُوَ جنب فَلم يتَأَخَّر للاغتسال.
الثَّالِث: عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس.
الرَّابِع: عبد الله بن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده.
وَفِيه: أَن شَيْخه كُوفِي والبقية مدنيون.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن أبي نعيم، وَفِي فَضَائِل الْأَنْصَار عَن أَحْمد بن يَعْقُوب.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل: عَن يُوسُف بن عِيسَى عَن وَكِيع عَنهُ مُخْتَصرا.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (متعطفا) أَي: مرتديا، يُقَال: تعطفت بالعطاف أَي: ارتديت بالرداء، والتعطف التردي بالرداء، وَسمي الرِّدَاء: عطافا، لوُقُوعه على عطف الرجل، وهما ناحيتا عُنُقه ومنكب الرجل عطفه، وَكَذَلِكَ الْعَطف، وَقد اعتطف بِهِ وَتعطف ذكره الْهَرَوِيّ، وَفِي (الْمُحكم) : الْجمع الْعَطف، وَقيل: المعاطف: الأردية لَا وَاحِد لَهَا.
قَوْله: (ملحفة) ، بِكَسْر الْمِيم وَهُوَ الْإِزَار الْكَبِير.
قَوْله: (على مَنْكِبه) ، ويروى: مَنْكِبَيْه، بالتثنية.
قَوْله: (بعصابة دسمة) ، وَفِي رِوَايَة: (دسما) ، ذكرهَا فِي اللبَاس، وَضبط صَاحب (الْمطَالع) : دسمة، بِكَسْر السِّين..
     وَقَالَ : الدسماء السَّوْدَاء، وَقيل: لَونه لون الدسم كالزيت، وَشبهه من غير أَن يخالطها شَيْء من الدسم، وَقيل: متغيرة اللَّوْن من الطّيب والغالية، وَزعم الدَّاودِيّ أَنَّهَا على ظَاهرهَا من عرقه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَرَض،.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: الدسمة غبرة فِيهَا سَواد، والعصابة: الْعِمَامَة، سميت عِصَابَة لِأَنَّهَا تعصب الرَّأْس أَي: تربطه، وَمِنْه الحَدِيث: (أمرنَا أَن نمسح على العصائب) .
قَوْله: (إِلَيّ) ، بتَشْديد الْيَاء مُتَعَلق بِمَحْذُوف تَقْدِيره: تقربُوا إِلَيّ.
قَوْله: (فتابوا إِلَيْهِ) أَي: اجْتَمعُوا إِلَيْهِ، من: ثاب، بالثاء الْمُثَلَّثَة: يثوب إِذا رَجَعَ وَهُوَ رُجُوع إِلَى الْأَمر بالمبادرة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: { وَإِذ جعلنَا الْبَيْت مثابة للنَّاس} (الْبَقَرَة: 125) .
أَي: مرجعا ومجتمعا.
قَوْله: (ثمَّ قَالَ: أما بعد) أَي: بعد الْحَمد لله وَالثنَاء عَلَيْهِ.
قَوْله: (هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار) ، وهم الَّذين نصروا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل الْمَدِينَة.
قَوْله: (يقلون) ، وَفِي رِوَايَة: حَتَّى يَكُونُوا فِي النَّاس بِمَنْزِلَة الْملح فِي الطَّعَام) ، هُوَ من معجزاته وإخباره عَن المغيبات، فَإِنَّهُم الْآن فيهم الْقلَّة.
قَوْله: (فليقبل من محسنهم) ، أَي: الْحَسَنَة (ويتجاوز) أَي: يعف، وَذَلِكَ فِي غير الْحُدُود.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ إِذا أَرَادَ الْمُبَالغَة فِي الموعظة طلع الْمِنْبَر فيتأسى بِهِ.
وَفِيه: الْخطْبَة بِالْوَصِيَّةِ.
وَفِيه: فَضِيلَة الْأَنْصَار.
وَفِيه: الْبدَاءَة بِالْحَمْد وَالثنَاء.
وَفِيه: الْإِخْبَار بِالْغَيْبِ، لِأَن الْأَنْصَار قلوا وَكثر النَّاس.
وَفِيه: دَلِيل على أَن الْخلَافَة لَيست فِي الْأَنْصَار، إِذْ لَو كَانَت فيهم لأوصاهم وَلم يوص بهم.
وَفِيه: من جَوَامِع الْكَلم، لِأَن الْحَال منحصر فِي الضّر أَو النَّفْع والشخص فِي المحسن والمسيىء.