هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
907 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ ، فَقَالَ : فِيهِ سَاعَةٌ ، لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي ، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا ، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
907 حدثنا عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة ، فقال : فيه ساعة ، لا يوافقها عبد مسلم ، وهو قائم يصلي ، يسأل الله تعالى شيئا ، إلا أعطاه إياه وأشار بيده يقللها
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ ، فَقَالَ : فِيهِ سَاعَةٌ ، لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي ، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا ، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا .

Narrated Abu Huraira:

Allah's Messenger (ﷺ) (p.b.u.h) talked about Friday and said, There is an hour (opportune time) on Friday and if a Muslim gets it while praying and asks something from Allah, then Allah will definitely meet his demand. And he (the Prophet) pointed out the shortness of that time with his hands.

Abu Hurayra: Le Messager d'Allah () parla du jour du vendredi en disant: II y a [en ce jour] une heure qu'aucun adorateur Musulman ne rencontre, en étant en prière, sans que Allah, le Très Haut, ne lui accorde ce qu'il demande. Et il fit signe de sa main pour montrer [combien cette heure] est courte.

":"ہم سے عبداللہ بن مسلمہ قعنبی نے امام مالک رحمہ اللہ سے بیان کیا ، ان سے ابوالزناد نے ، ان سے عبدالرحمٰن اعرج نے ، ان سے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے جمعہ کے ذکر میں ایک دفعہ فرمایا کہ اس دن ایک ایسی گھڑی آتی ہے جس میں اگر کوئی مسلمان بندہ کھڑا نماز پڑھ رہا ہو اور کوئی چیز اللہ پاک سے مانگے تو اللہ پاک اسے وہ چیز ضرور دیتا ہے ۔ ہاتھ کے اشارے سے آپ نے بتلایا کہ وہ ساعت بہت تھوڑی سی ہے ۔

Abu Hurayra: Le Messager d'Allah () parla du jour du vendredi en disant: II y a [en ce jour] une heure qu'aucun adorateur Musulman ne rencontre, en étant en prière, sans que Allah, le Très Haut, ne lui accorde ce qu'il demande. Et il fit signe de sa main pour montrer [combien cette heure] est courte.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [935] .

     قَوْلُهُ  فِيهِ سَاعَةٌ كَذَا فِيهِ مُبْهَمَةٌ وَعُيِّنَتْ فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ كَمَا سَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  لَا يُوَافِقُهَا أَيْ يُصَادِفُهَا وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَقْصِدَ لَهَا أَوْ يَتَّفِقَ لَهُ وُقُوعُ الدُّعَاءِ فِيهَا .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ هِيَ صِفَاتٌ لِمُسْلِمٍ أُعْرِبَتْ حَالًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي حَالًا مِنْهُ لِاتِّصَافِهِ بِقَائِمٍ وَيَسْأَلُ حَال مترادفة أَو متداخلة وَأفَاد بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ قَائِمٌ سَقَطَ من رِوَايَة أبي مُصعب وبن أَبِي أُوَيْسٍ وَمُطَرِّفٍ وَالتِّنِّيسِيِّ وَقُتَيْبَةَ وَأَثْبَتَهَا الْبَاقُونَ قَالَ وَهِيَ زِيَادَةٌ مَحْفُوظَةٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَوَرْقَاءَ وَغَيْرِهِمَا عَنْهُ وَحَكَى أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ السَّيِّدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَضَّاحٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِحَذْفِهَا مِنَ الْحَدِيثِ وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى أَصَحِّ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي تَعْيِينِ هَذِهِ السَّاعَةِ وَهُمَا حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مِنْ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ إِلَى انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالثَّانِي أَنَّهَا مِنْ بَعْدِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَدِ احْتَجَّ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ لَمَّا ذَكَرَ لَهُ الْقَوْلَ الثَّانِيَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ سَاعَةَ صَلَاةٍ وَقَدْ وَرَدَ النَّصُّ بِالصَّلَاةِ فَأَجَابَهُ بِالنَّصِّ الْآخَرِ أَنَّ مُنْتَظِرَ الصَّلَاةِ فِي حُكْمِ الْمُصَلِّي فَلَوْ كَانَ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ قَائِمٌ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ ثَابِتًا لَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِهَا لَكِنَّهُ سَلَّمَ لَهُ الْجَوَابَ وَارْتَضَاهُ وَأَفْتَى بِهِ بَعْدَهُ.

.
وَأَمَّا إِشْكَالُهُ عَلَى الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ فَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ حَالَ الْخُطْبَةِ كُلَّهُ وَلَيْسَتْ صَلَاةً عَلَى الْحَقِيقَةِ وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ بِحَمْلِ الصَّلَاةِ عَلَى الدُّعَاءِ أَوْ الِانْتِظَارِ وَيُحْمَلُ الْقِيَامُ عَلَى الْمُلَازَمَةِ وَالْمُوَاظَبَةِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ حَالَ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ حَالِ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ مَعَ أَنَّ السُّجُودَ مَظِنَّةُ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْقِيَامِ حَقِيقَتَهُ لَأَخْرَجَهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَجَازُ الْقِيَامِ وَهُوَ الْمُوَاظَبَةُ وَنَحْوُهَا وَمِنْهُ قولُهُ تَعَالَى إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِما فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّعْبِيرُ عَنِ الْمُصَلِّي بِالْقَائِمِ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ عَنِ الْكُلِّ بِالْجُزْءِ وَالنُّكْتَةُ فِيهِ أَنَّهُ أَشْهَرُ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  شَيْئًا أَيْ مِمَّا يَلِيقُ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ الْمُسْلِمُ وَيَسْأَلَ رَبَّهُ تَعَالَى وَفِي رِوَايَةِ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الطَّلَاقِ يَسَأَلُ اللَّهَ خَيْرًا وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي لبَابَة عِنْد بن مَاجَهْ مَا لَمْ يَسْأَلْ حَرَامًا وَفِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ مَا لَمْ يَسْأَلْ إِثْمًا أَوْ قَطِيعَةَ رَحِمٍ وَهُوَ نَحْوُ الْأَوَّلِ وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ مِنْ جُمْلَةِ الْإِثْمِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ .

     قَوْلُهُ  وَأَشَارَ بِيَدِهِ كَذَا هُنَا بِإِبْهَامِ الْفَاعِلِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا وَوَضَعَ أُنْمُلَتَهُ عَلَى بَطْنِ الْوُسْطَى أَوِ الْخِنْصَرِ قُلْنَا يُزَهِّدُهَا وَبَيَّنَ أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ أَنَّ الَّذِي وَضَعَ هُوَ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ رَاوِيهِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ وَكَأَنَّهُ فَسَّرَ الْإِشَارَةَ بِذَلِكَ وَأَنَّهَا سَاعَةٌ لَطِيفَةٌ تَتَنَقَّلُ مَا بَيْنَ وَسَطِ النَّهَارِ إِلَى قُرْبِ آخِرِهِ وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ يُزَهِّدُهَا أَيْ يُقَلِّلُهَا وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَهِيَ قَدْرُ هَذَا يَعْنِي قَبْضَةً قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ الْإِشَارَةُ لِتَقْلِيلِهَا هُوَ لِلتَّرْغِيبِ فِيهَا وَالْحَضِّ عَلَيْهَا لِيَسَارَةِ وَقْتِهَا وَغَزَارَةِ فَضْلِهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ هَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ أَوْ رُفِعَتْ وَعَلَى الْبَقَاءِ هَلْ هِيَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ أَوْ فِي جُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ هِيَ وَقْتٌ مِنَ الْيَوْمِ مُعَيَّنٌ أَوْ مُبْهَمٌ وَعَلَى التَّعْيِينِ هَلْ تَسْتَوْعِبُ الْوَقْتَ أَوْ تُبْهَمُ فِيهِ وَعَلَى الْإِبْهَامِ مَا ابْتِدَاؤُهُ وَمَا انْتِهَاؤُهُ وَعَلَى كُلِّ ذَلِكَ هَلْ تَسْتَمِرُّ أَوْ تَنْتَقِلُ وَعَلَى الِانْتِقَالِ هَلْ تَسْتَغْرِقُ الْيَوْمَ أَوْ بَعْضَهُ وَهَا أَنَا أَذْكُرُ تَلْخِيصَ مَا اتَّصَلَ إِلَيَّ مِنَ الْأَقْوَالِ مَعَ أَدِلَّتِهَا ثُمَّ أَعُودُ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَالتَّرْجِيحِ فَالْأَوَّلُ إنَّهَا رفعت حَكَاهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ قَوْمٍ وَزَيَّفَهُ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ رده السّلفعلى قَائِله وروى عبد الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْسٍ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ.

.

قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ السَّاعَةَ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ رُفِعَتْ فَقَالَ كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ.

.

قُلْتُ فَهِيَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ قَالَ نَعَمْ إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.

     وَقَالَ  صَاحِبُ الْهُدَى إِنْ أَرَادَ قَائِلُهُ أَنَّهَا كَانَتْ مَعْلُومَةً فَرُفِعَ عِلْمُهَا عَنِ الْأُمَّةِ فَصَارَتْ مُبْهَمَةً احْتُمِلَ وَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَتَهَا فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ الْقَوْلُ الثَّانِي إنَّهَا مَوْجُودَةٌ لَكِنْ فِي جُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ قَالَهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ لِأَبِي هُرَيْرَةَ فَرَدَّ عَلَيْهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الثَّالِثُ إنَّهَا مَخْفِيَّةٌ فِي جَمِيعِ الْيَوْمِ كَمَا أُخْفِيَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ رَوَى بن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ عَنْ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فَقَالَ قَدْ أُعْلِمْتُهَا ثُمَّ أُنْسِيتُهَا كَمَا أُنْسِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّهُ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ فَقَالَ لَمْ أَسْمَعْ فِيهَا بِشَيْءٍ إِلَّا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ إِنْسَانًا قَسَمَ جُمُعَةً فِي جُمَعٍ لَأَتَى عَلَى تِلْكَ السَّاعَةِ قَالَ بن الْمُنْذِرِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَبْدَأُ فَيَدْعُو فِي جُمُعَةٍ مِنَ الْجُمَعِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ فِي جُمُعَةٍ أُخْرَى يَبْتَدِئُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَى وَقْتٍ آخَرَ حَتَّى يَأْتِيَ على آخر النَّهَار قَالَ وَكَعْبٌ هَذَا هُوَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ قَالَ وَرُوِّينَا عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ طَلَبَ حَاجَةٍ فِي يَوْمٍ لَيَسِيرٌ قَالَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الدُّعَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كُلَّهُ لِيَمُرَّ بِالْوَقْتِ الَّذِي يُسْتَجَابُ فِيهِ الدُّعَاءُ انْتَهَى وَالَّذِي قَالَهُ بن عُمَرَ يَصْلُحُ لِمَنْ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَالَّذِي قَالَهُ كَعْبٌ سَهْلٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا كَانَا يَرَيَانِ أَنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ جَمْعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ كَالرَّافِعِيِّ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا حَيْثُ قَالُوا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَجَاءَ أَنْ يُصَادِفَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ وَمِنْ حُجَّةِ هَذَا الْقَوْلِ تَشْبِيهُهَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَالِاسْمُ الْأَعْظَمُ فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ حَثُّ الْعِبَادِ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِي الطَّلَبِ وَاسْتِيعَابُ الْوَقْتِ بِالْعِبَادَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَحَقَّقَ الْأَمْرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ مُقْتَضِيًا لِلِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَإِهْمَالِ مَا عَدَاهُ الرَّابِعُ إنَّهَا تَنْتَقِلُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَا تَلْزَمُ سَاعَةً مُعَيَّنَةً لَا ظَاهِرَةً وَلَا مَخْفِيَّةً قَالَ الْغَزَالِيُّ هَذَا أَشْبَهُ الْأَقْوَالِ وَذكره الْأَثْرَم احْتِمَالا وَجزم بِهِ بن عَسَاكِرَ وَغَيْرُهُ.

     وَقَالَ  الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إِنَّهُ الْأَظْهَرُ وَعَلَى هَذَا لَا يَتَأَتَّى مَا قَالَهُ كَعْبٌ فِي الْجَزْمِ بِتَحْصِيلِهَا الْخَامِسُ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَشَيْخُنَا سِرَاجُ الدِّينِ بْنُ الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْبُخَارِيِّ وَنَسَبَاهُ لِتَخْرِيجِ بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ رَوَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهَا فَأَطْلَقَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا وَرَوَاهُ بن الْمُنْذِرِ فَقَيَّدَهَا بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ السَّادِسُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ رَوَاهُ بن عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ وَعِيَاضٌ وَالْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ السَّابِعُ مِثْلُهُ وَزَادَ وَمِنَ الْعَصْرِ إِلَى الْغُرُوبِ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَابَعَهُ فُضَيْلُ بن عِيَاض عَن لَيْث عِنْد بن الْمُنْذِرِ وَلَيْثٌ ضَعِيفٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ كَمَا تَرَى الثَّامِنُ مِثْلُهُ وَزَادَ وَمَا بَيْنَ أَنْ يَنْزِلَ الْإِمَامُ مِنَ الْمِنْبَرِ إِلَى أَنْ يُكَبِّرَ رَوَاهُ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ فِي التَّرْغِيبِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ قُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ الْتَمِسُوا السَّاعَةَ الَّتِي يُجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ فَذَكَرَهَا التَّاسِعُ إنَّهَا أَوَّلُ سَاعَةٍ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَكَاهُ الجيلي فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ وَتَبِعَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِهِ الْعَاشِرُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَعَبَّرَ عَنْهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ فِي شَرْحِهِ بِقَوْلِهِ هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ شِبْرًا إِلَى ذِرَاعٍ وَعَزَاهُ لِأَبِي ذَرالْحَادِيَ عَشَرَ إنَّهَا فِي آخِرِ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ النَّهَارِ حَكَاهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَهُوَ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ طُبِعَتْ طِينَةُ آدَمَ وَفِي آخِرِ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ مِنْهُ سَاعَةٌ مَنْ دَعَا اللَّهَ فِيهَا اسْتُجِيبَ لَهُ وَفِي إِسْنَادِهِ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَعَلِيٌّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  فِي آخِرِ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ السَّاعَةَ الْأَخِيرَةَ مِنَ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ ثَانِيهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ فِي آخِرِ كُلِّ سَاعَةٍ مِنَ الثَّلَاثِ سَاعَةَ إِجَابَةً فَيَكُونُ فِيهِ تَجَوُّزٌ لِإِطْلَاقِ السَّاعَةِ عَلَى بَعْضِ السَّاعَةِ الثَّانِي عَشَرَ مِنَ الزَّوَالِ إِلَى أَنْ يَصِيرَ الظِّلُّ نِصْفَ ذِرَاعٍ حَكَاهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي الْأَحْكَامِ وَقَبِلَهُ الزَّكِيُّ الْمُنْذِرِيُّ الثَّالِثَ عَشَرَ مِثْلُهُ لَكِن قَالَ إِلَى أَنْ يَصِيرَ الظِّلُّ ذِرَاعًا حَكَاهُ عِيَاضٌ وَالْقُرْطُبِيُّ وَالنَّوَوِيُّ الرَّابِعَ عَشَرَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ بِشِبْرٍ إِلَى ذِرَاع رَوَاهُ بن الْمُنْذر وبن عَبْدِ الْبَرِّ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُجَيْرَةَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ امْرَأَتَهُ سَأَلَتْهُ عَنْهَا فَقَالَ ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ مَأْخَذُ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ الْخَامِس عشر إِذا زَالَت الشَّمْس حَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَوَرَدَ نَحْوُهُ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ عَنْ عَلِيٍّ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّاهَا عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ بِسَبَبِ قِصَّةٍ وَقَعَتْ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ فِي ذَلِك وروى بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَل نَحْو الْقِصَّة وروى بن عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ السَّاعَةَ الْمُسْتَجَابَ فِيهَا الدُّعَاءُ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَأَنَّ مَأْخَذَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا وَقْتُ اجْتِمَاعِ الْمَلَائِكَةِ وَابْتِدَاءُ دُخُولِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ وَابْتِدَاءُ الْأَذَانِ وَنَحْوُ ذَلِكَ السَّادِسَ عَشَرَ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ رَوَاهُ بن الْمُنْذِرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ مِثْلُ يَوْمِ عَرَفَةَ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا الْعَبْدُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ قِيلَ أَيَّةُ سَاعَةٍ قَالَتْ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَهَذَا يُغَايِرُ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَذَانَ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنِ الزَّوَالِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى الْأَذَانِ الَّذِي بَيْنَ يَدَيِ الْخَطِيبِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الزَّوَالِ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ الرجل فِي الصَّلَاة ذكره بن الْمُنْذر عَن أبي السوار الْعَدوي وَحَكَاهُ بن الصَّبَّاغِ بِلَفْظِ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنَ الزَّوَالِ إِلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الزَّوَالِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ حَكَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ كَشَاسِبَ الدِّزْمَارِيُّ وَهُوَ بِزَايٍ سَاكِنَةٍ وَقَبْلَ يَاءِ النَّسَبِ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ فِي نُكَتِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ شَيْخُنَا سِرَاجُ الدِّينِ بْنُ الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَكَانَ الدِّزْمَارِيُّ الْمَذْكُورُ فِي عَصْرِ بن الصَّلَاحِ الْعِشْرُونَ مَا بَيْنَ خُرُوجِ الْإِمَامِ إِلَى أَن تُقَام الصَّلَاة رَوَاهُ بن الْمُنْذِرِ عَنِ الْحَسَنِ وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى الشَّعْبِيِّ عَنْ عَوْفِ بْنِ حَصِيرَةَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِثْلَهُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ عِنْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ رَوَاهُ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ فِي كِتَابِ التَّرْغِيبِ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلًا مَرَّتْ بِهِ وَهُوَ يَنْعَسُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ مَا بَيْنَ خُرُوجِ الْإِمَامِ إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ رَوَاهُ بن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ .

     قَوْلُهُ  وَمِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى .

     قَوْلُهُ  وَفِيه أَن بن عُمَرَ اسْتَصْوَبَ ذَلِكَ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ مَا بَيْنَ أَنْ يَحْرُمَ الْبَيْعُ إِلَى أَنْ يَحِلَّ رَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور وبن الْمُنْذِرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ .

     قَوْلُهُ  أَيْضًا قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَخَصُّ أَحْكَامِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ فَلَوِ اتَّفَقَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ بِحَيْثُ ضَاقَ الْوَقْتُ فَتَشَاغَلَ اثْنَانِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ فَخَرَجَ وَفَاتَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ لَأَثِمَا وَلَمْ يَبْطُلِ الْبَيْعُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ مَا بَيْنَ الْأَذَانِ إِلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ رَوَاهُ حميد بن زَنْجوَيْه عَن بن عَبَّاسٍ وَحَكَاهُ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ عَنْهُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُعَلَى الْمِنْبَرِ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أبي مُوسَى أَن بن عُمَرَ سَأَلَهُ عَمَّا سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ فِي سَاعَةِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَهَذَا الْقَوْلُ يُمْكِنُ أَنْ يُتَّخَذَ مِنَ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ عِنْدَ التَّأْذِينِ وَعِنْدَ تَذْكِيرِ الْإِمَامِ وَعِنْدَ الْإِقَامَةِ رَوَاهُ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ الصَّحَابِيِّ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ مِثْلُهُ لَكِنْ قَالَ إِذَا أُذِّنَ وَإِذَا رُقِيَ الْمِنْبَرُ وَإِذا أُقِيمَت الصَّلَاة رَوَاهُ بن أبي شيبَة وبن الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الصَّحَابِيِّ .

     قَوْلُهُ  قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مَا وَرَدَ عِنْدَ الْأَذَانِ مِنْ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ فَيَتَأَكَّدُ يَوْمَ الْجُمُعَةَ وَكَذَلِكَ الْإِقَامَةُ.

.
وَأَمَّا زَمَانُ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلِأَنَّهُ وَقْتُ اسْتِمَاعِ الذِّكْرِ وَالِابْتِدَاءِ فِي الْمَقْصُودِ مِنَ الْجُمُعَةِ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ حِينِ يَفْتَتِحُ الإِمَام الْخطْبَة حَتَّى يفرغ رَوَاهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ أَبِيهِ عَنْ بن عُمَرَ مَرْفُوعًا وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ إِذَا بَلَغَ الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ وَأَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ الثَّلَاثُونَ عِنْدَ الْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ حَكَاهُ الطِّيبِيُّ عَنْ بَعْضِ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ إنَّهَا عِنْدَ نُزُولِ الْإِمَامِ مِنَ الْمِنْبَر رَوَاهُ بن أبي شيبَة وَحميد بن زَنْجوَيْه وبن جرير وبن الْمُنْذِرِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ .

     قَوْلُهُ  وَحَكَاهُ الْغَزَالِيُّ قَوْلًا بِلَفْظِ إِذَا قَامَ النَّاسُ إِلَى الصَّلَاةِ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ حَتَّى يَقُومَ الْإِمَامُ فِي مقَامه حَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ عَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ نَحْوَهُ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ إِقَامَةِ الصَّفِّ إِلَى تَمام الصَّلَاة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وبن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا وَفِيهِ قَالُوا أَيَّةُ سَاعَةٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ إِلَى الِانْصِرَافِ مِنْهَا وَقَدْ ضَعَّفَ كَثِيرٌ رِوَايَةَ كَثِيرٍ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ مَا بَيْنَ أَنْ يَنْزِلَ الْإِمَامُ مِنَ الْمِنْبَر إِلَى أَن تَنْقَضِي الصَّلَاة وَرَوَاهُ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ مُغِيرَةَ عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَوْلَهُ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ إِلَيْهِ وَفِيه أَن بن عُمَرَ اسْتَحْسَنَ ذَلِكَ مِنْهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ وَمَسَحَ على رَأسه وروى بن جرير وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن بن سِيرِينَ نَحْوَهُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِيهَا الْجُمُعَة رَوَاهُ بن عَسَاكِر بِإِسْنَاد صَحِيح عَن بن سِيرِينَ وَهَذَا يُغَايِرُ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ إِطْلَاقِ ذَاكَ وَتَقْيِيدِ هَذَا وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ صَلَوَاتِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَأَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الْأَوْقَاتِ وَأَنَّ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَذَانِ وَالْخُطْبَةِ وَغَيْرِهِمَا وَسَائِلُ وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالذَّاتِ وَيُؤَيِّدُهُ وُرُودُ الْأَمْرِ فِي الْقُرْآنِ بِتَكْثِيرِ الذِّكْرِ حَالَ الصَّلَاةِ كَمَا وَرَدَ الْأَمْرُ بِتَكْثِيرِ الذِّكْرِ حَالَ الْقِتَالِ وَذَلِكَ فِي قولِهِ تَعَالَى إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تفلحون وَفِي قَوْلِهِ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله إِلَى أَنْ خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كثيرا لَعَلَّكُمْ تفلحون وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِيقَاعَ الذِّكْرِ بَعْدَ الِانْتِشَارِ وَإِنْ عطف عَلَيْهِ وَإِنَّمَا المُرَاد تَكْثِير الذّكر الْمشَار إِلَيْهِ أول الْآيَة وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غرُوب الشَّمْس رَوَاهُ بن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَمِنْ طَرِيقِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظ فالتمسوها بعد الْعَصْر وَذكر بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ قَوْلَهُ فَالْتَمِسُوهَا إِلَخْ مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ مِنْ قَوْلِ أَبِي سَلَمَةَ وَرَوَاهُ بن مَنْدَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَزَادَ أَغْفَلُ مَا يَكُونُ النَّاسُ وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ طَرِيقِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَخِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِكَقَوْل بن عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَفِيهِ قِصَّةٌ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى آخِرِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْعَصْرِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مُطْلَقًا وَرَوَاهُ بن عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظٍ وَهِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَرَوَاهُ بن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد مثله وَرَوَاهُ بن جُرَيْجٍ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ رَجُلٍ أَرْسَلَهُ عَمْرُو بْنُ أُوَيْسٍ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ وَسَمِعْتُهُ عَنِ الْحَكَمِ عَن بن عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَذِيُّ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ جَمِيعًا عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ قَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَطَاءٍ.

     وَقَالَ  شُعْبَةُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ.

     وَقَالَ  عبد الرَّزَّاق أخبرنَا معمر عَن بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّاهَا بَعْدَ الْعَصْر وَعَن بن جُرَيْجٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ لَا أعلمهُ إِلَّا عَن بن عَبَّاسٍ مِثْلَهُ فَقِيلَ لَهُ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ بَلَى لَكِنْ مَنْ كَانَ فِي مُصَلَّاهُ لَمْ يَقُمْ مِنْهُ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ وَسَطِ النَّهَارِ إِلَى قُرْبِ آخِرِ النَّهَارِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ الْأَرْبَعُونَ مِنْ حِينِ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَغِيبَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كِيسَانَ عَنْ طَاوُسٍ قَوْلَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الَّذِي بَعْدَهُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ آخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا وَفِي أَوَّلِهِ أَنَّ النَّهَارَ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُ السّنَن وبن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ .

     قَوْلُهُ  وَفِيهِ مُنَاظَرَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَاحْتِجَاجُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ بِأَنَّ مُنْتَظِرَ الصَّلَاةِ فِي صَلَاةٍ وروى بن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ قَوْلَهُ وَلَا الْقِصَّة وَمن طَرِيق بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ قَوْلَهُ.

     وَقَالَ  عبد الرَّزَّاق أخبرنَا بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامر فَذكر مثله وروى الْبَزَّار وبن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَبْدِ الله بن سَلام مثله وروى بن أَبِي خَيْثَمَةَ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ فَذَكَرتُ لَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يُعَرِّضْ بِذِكْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ قَالَ النَّهَارُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً وَإِنَّهَا لَفِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ.

.

قُلْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ إِنَّا لَنَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَعْضَ سَاعَةٍ.

.

قُلْتُ نَعَمْ أَوْ بَعْضَ سَاعَةٍ الْحَدِيثَ وَفِيهِ.

.

قُلْتُ أَيُّ سَاعَةٍ فَذَكَرَهُ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ.

.

قُلْتُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَيَكُونُ مَرْفُوعًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبَا سَلَمَةَ فَيَكُونُ مَوْقُوفًا وَهُوَ الْأَرْجَحُ لِتَصْرِيحِهِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ لَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَوَابِ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ مِنْ حِينِ يَغِيبُ نِصْفُ قُرْصِ الشَّمْسِ أَوْ مِنْ حِينِ تُدْلِي الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ إِلَى أَنْ يَتَكَامَلَ غُرُوبُهَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ والدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ وَفَضَائِلِ الْأَوْقَاتِ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّبْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ حَدَّثَتْنِي مُرْجَانَةُ مَوْلَاةُ فَاطِمَةَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ عَنْ أَبِيهَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ.

.

قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ قَالَ إِذَا تَدَلَّى نِصْفُ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ فَكَانَتْ فَاطِمَةُ إِذَا كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَرْسَلَتْ غُلَامًا لَهَا يُقَالُ لَهُ زَيْدٌ يَنْظُرُ لَهَا الشَّمْسَ فَإِذَا أَخْبَرَهَا أَنَّهَا تَدَلَّتْ لِلْغُرُوبِ أَقْبَلَتْ عَلَى الدُّعَاءِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ فِي إِسْنَادِهِ اخْتِلَافٌ عَلَى زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَفِي بَعْضِ رُوَاتِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَقَدْ أَخْرَجَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مَسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ فَاطِمَةَ لَمْ يَذْكُرْ مُرْجَانَةَ.

     وَقَالَ  فِيهِ إِذَا تَدَلَّتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ.

     وَقَالَ  فِيهِ تَقُولُ لِغُلَامٍ يُقَالُ لَهُ أَرْبَدُ اصْعَدْ عَلَى الظِّرَابِ فَإِذَا تَدَلَّتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ فَأَخْبِرْنِي وَالْبَاقِي نَحْوُهُ وَفِي آخِرِهِ ثُمَّ تُصَلِّي يَعْنِي الْمَغْرِبَ فَهَذَا جَمِيعُ مَا اتَّصَلَ إِلَيَّ مِنَ الْأَقْوَالِ فِي سَاعَةِ الْجُمُعَةِ مَعَ ذِكْرِ أَدِلَّتِهَا وَبَيَانِ حَالِهَا فِي الصِّحَّةِ وَالضَّعْفِ وَالرَّفْعِ وَالْوَقْفِ وَالْإِشَارَةِ إِلَى مَأْخَذِ بَعْضِهَا وَلَيْسَتْ كُلُّهَا مُتَغَايِرَةً مِنْ كُلِّ جِهَةٍ بَلْ كَثِيرٌ مِنْهَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَّحِدَ مَعَ غَيْرِهِ ثُمَّ ظَفَرْتُ بَعْدَ كِتَابَةِ هَذَا بِقَوْلٍ زَائِدٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ غَيْرُ مَنْقُولٍ اسْتَنْبَطَهُ صَاحِبُنَا الْعَلَّامَةُ الْحَافِظُ شَمْسُ الدِّينِ الْجَزَرِيُّ وَأَذِنَ لِي فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى الْحِصْنُ الْحَصِينِ فِي الْأَدْعِيَةِ لَمَّا ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِي سَاعَةِ الْجُمُعَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَقْوَالٍ مِمَّا تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ مَا نَصُّهُ وَالَّذِي أَعْتَقِدُهُ أَنَّهَا وَقْتُ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ الْفَاتِحَةَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إِلَى أَنْ يَقُولَ آمِينَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي صَحَّتْ كَذَا قَالَ وَيَخْدِشُ فِيهِ أَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَى الدَّاعِي حِينَئِذٍ الْإِنْصَاتَ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ يَحْسُنُ جَمْعُ الْأَقْوَالِ وَكَانَ قَدْ ذَكَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ عَشْرَةَ أَقْوَالٍ تَبَعًا لِابْنِ بَطَّالٍ قَالَ فَتَكُونُ سَاعَةُ الْإِجَابَةِ وَاحِدَةً مِنْهَا لَا بِعَيْنِهَا فَيُصَادِفُهَا مَنِ اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ فِي جَمِيعِهَا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ أَكْثَرِهَا أَنَّهُ يَسْتَوْعِبُ جَمِيعَ الْوَقْتِ الَّذِي عُيِّنَ بَلِ الْمَعْنَى أَنَّهَا تَكُونُ فِي أَثْنَائِهِ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَضَى يُقَلِّلُهَا وَقَوْلِهِ وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ وَفَائِدَةُ ذِكْرِ الْوَقْتِ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ فِيهِ فَيَكُونُ ابْتِدَاءُ مَظِنَّتِهَا ابْتِدَاءَ الْخُطْبَةِ مَثَلًا وَانْتِهَاؤُهُ انْتِهَاءَ الصَّلَاةِ وَكَأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْقَائِلِينَ عَيَّنَ مَا اتَّفَقَ لَهُ وُقُوعُهَا فِيهِ مِنْ سَاعَةٍ فِي أَثْنَاءِ وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَقِلُّ الِانْتِشَارُ جِدًّا وَلَا شَكَّ أَنَّ أَرْجَحَ الْأَقْوَالِ الْمَذْكُورَةِ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ أَصَحُّ الْأَحَادِيثِ فِيهَا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى وَأَشْهَرُ الْأَقْوَالِ فِيهَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ اه وَمَا عَدَاهُمَا إِمَّا مُوَافِقٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ أَوْ مَوْقُوفٌ اسْتَنَدَ قَائِلُهُ إِلَى اجْتِهَادٍ دُونَ تَوْقِيفٍ وَلَا يُعَارِضُهُمَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْسِيَهَا بَعْدَ أَنْ عَلِمَهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا سَمِعَا ذَلِكَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ أُنْسِيَ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي أَيِّهِمَا أَرْجَحُ فَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ النَّيْسَابُورِيِّ أَنَّ مُسْلِمًا قَالَ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى أَجْوَدُ شَيْء فِي هَذَا الْبَاب وأصحه وَبِذَلِك قَالَ الْبَيْهَقِيّ وبن الْعَرَبِيِّ وَجَمَاعَةٌ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ هُوَ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى غَيْرِهِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ بَلِ الصَّوَابُ وَجَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ الصَّوَابُ وَرَجَّحَهُ أَيْضًا بِكَوْنِهِ مَرْفُوعًا صَرِيحًا وَفِي أَحَدِ الصَّحِيحَيْنِ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى تَرْجِيحِ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ فَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ على ذَلِك.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ إِنَّهُ أَثْبَتُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ نَاسًا مِنَ الصَّحَابَةِ اجْتَمَعُوا فَتَذَاكَرُوا سَاعَةَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ افْتَرَقُوا فَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهَا آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَرَجَّحَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ أَيْضًا كَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَمِنَ الْمَالِكِيَّةِ الطُّرْطُوشِيُّ وَحَكَى العلائي أَن شَيْخه بن الزَّمْلَكَانِيِّ شَيْخَ الشَّافِعِيَّةِ فِي وَقْتِهِ كَانَ يَخْتَارُهُ وَيَحْكِيهِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَأَجَابُوا عَنْ كَوْنِهِ لَيْسَ فِي أَحَدِ الصَّحِيحَيْنِبِأَنَّ التَّرْجِيحَ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا إِنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَا يَكُونُ مِمَّا انْتَقَدَهُ الْحُفَّاظُ كَحَدِيثِ أَبِي مُوسَى هَذَا فَإِنَّهُ أُعِلَّ بِالِانْقِطَاعِ وَالِاضْطِرَابِ أَمَّا الِانْقِطَاعُ فَلِأَنَّ مَخْرَمَةَ بْنَ بُكَيْرٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ قَالَهُ أَحْمَدُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مَخْرَمَةَ نَفْسِهِ وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مَخْرَمَةَ وَزَادَ إِنَّمَا هِيَ كُتُبٌ كَانَتْ عِنْدَنَا.

     وَقَالَ  عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَقُولُ عَنْ مَخْرَمَةَ إِنَّهُ قَالَ فِي شَيْءٍ مِنْ حَدِيثِهِ سَمِعْتُ أَبِي وَلَا يُقَالُ مُسْلِمٌ يَكْتَفِي فِي الْمُعَنْعَنِ بِإِمْكَانِ اللِّقَاءِ مَعَ الْمُعَاصَرَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ هُنَا لِأَنَّا نَقُولُ وُجُودُ التَّصْرِيحِ عَنْ مَخْرَمَةَ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ كَافٍ فِي دَعْوَى الِانْقِطَاعِ.

.
وَأَمَّا الِاضْطِرَابُ فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَوَاصِلٌ الْأَحْدَبُ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مِنْ قَوْلِهِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَبُو بُرْدَةَ كُوفِيٌّ فَهُمْ أَعْلَمُ بِحَدِيثِهِ مِنْ بُكَيْرٍ الْمَدَنِيِّ وَهُمْ عَدَدٌ وَهُوَ وَاحِدٌ وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ عِنْدَ أَبِي بُرْدَةَ مَرْفُوعًا لَمْ يُفْتِ فِيهِ بِرَأْيهِ بِخِلَافِ الْمَرْفُوعِ وَلِهَذَا جَزَمَ الدَّارَقُطْنِيُّ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ هُوَ الصَّوَابُ وَسَلَكَ صَاحِبُ الْهُدَى مَسْلَكًا آخَرَ فَاخْتَارَ أَنَّ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ مُنْحَصِرَةً فِي أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يُعَارِضُ الْآخَرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلَّ عَلَى أَحَدِهِمَا فِي وَقْتٍ وَعَلَى الْآخَرِ فِي وَقت آخر وَهَذَا كَقَوْل بن عَبْدِ الْبَرِّ الَّذِي يَنْبَغِي الِاجْتِهَادُ فِي الدُّعَاءِ فِي الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَسَبَقَ إِلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَهُوَ أَوْلَى فِي طَرِيقِ الْجَمْعِ.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ إِذَا عُلِمَ أَنَّ فَائِدَةَ الْإِبْهَامِ لِهَذِهِ السَّاعَةِ وَلِلَيْلَةِ الْقَدْرِ بَعْثُ الدَّاعِي عَلَى الْإِكْثَارِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ وَلَوْ بَيَّنَ لَاتَّكَلَ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ وَتَرَكُوا مَا عَدَاهَا فَالْعَجَبُ بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّنْ يَجْتَهِدُ فِي طَلَبِ تَحْدِيدِهَا وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ فَضْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِاخْتِصَاصِهِ بِسَاعَةِ الْإِجَابَةِ وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَفِيهِ فَضْلُ الدُّعَاءِ وَاسْتِحْبَابُ الْإِكْثَارِ مِنْهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى بَقَاءِ الْإِجْمَالِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الِاخْتِلَاف فِي بَقَاءِ الْإِجْمَالِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لَا فِي الْأُمُورِ الْوُجُودِيَّةِ كَوَقْتِ السَّاعَةِ فَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي إِجْمَالِهِ وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ الْمُتَعَلِّقُ بِسَاعَةِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَهُوَ تَحْصِيلُ الْأَفْضَلِيَّةِ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إِلَيْهِ وَالْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ بِاسْتِيعَابِ الْيَوْمِ أَوِ اللَّيْلَةِ فَلَمْ يَبْقَ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ إِجْمَالٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قِيلَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ حُصُولُ الْإِجَابَةِ لِكُلِّ دَاعٍ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ مَعَ أَنَّ الزَّمَانَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْمُصَلِّي فَيَتَقَدَّمُ بَعْضٌ عَلَى بَعْضٍ وَسَاعَةُ الْإِجَابَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْوَقْتِ فَكَيْفَ تَتَّفِقُ مَعَ الِاخْتِلَافِ أُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ سَاعَةُ الْإِجَابَةِ مُتَعَلِّقَةً بِفِعْلِ كُلِّ مُصَلٍّ كَمَا قِيلَ نَظِيرُهُ فِي سَاعَةِ الْكَرَاهَةِ وَلَعَلَّ هَذَا فَائِدَةُ جَعْلِ الْوَقْتِ الْمُمْتَدِّ مَظِنَّةً لَهَا وَإِنْ كَانَتْ هِيَ خَفِيفَةً وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَبَّرَ عَنِ الْوَقْتِ بِالْفِعْلِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ وَقْتُ جَوَازِ الْخُطْبَةِ أَو الصَّلَاة وَنَحْو ذَلِك وَالله أعلم ( قَولُهُ بَابُ إِذَا نَفَرَ النَّاسُ عَنِ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إِلَخْ) ظَاهِرُ التَّرْجَمَةِ أَنَّ اسْتِمْرَارَ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ تَنْعَقِدُ بِهِمُ الْجُمُعَةِ إِلَى تَمَامِهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّتِهَا بَلِ الشَّرْطُ أَنْ تَبْقَى مِنْهُمْ بَقِيَّةٌ مَا وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْبُخَارِيُّ لِعَدَدِ مَنْ تَقُومُ بِهِمُالْجُمُعَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى شَرْطِهِ وَجُمْلَةُ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ قولا أَحدهَا تصح من الْوَاحِد نَقله بن حَزْمٍ الثَّانِي اثْنَانِ كَالْجَمَاعَةِ وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ الثَّالِثُ اثْنَانِ مَعَ الْإِمَامِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الرَّابِعُ ثَلَاثَةٌ مَعَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْخَامِسُ سَبْعَةٌ عِنْدَ عِكْرِمَةَ السَّادِسُ تِسْعَةٌ عِنْدَ رَبِيعَةَ السَّابِعُ اثْنَا عَشَرَ عَنْهُ فِي رِوَايَةٍ الثَّامِنُ مِثْلُهُ غَيْرُ الْإِمَامِ عِنْدَ إِسْحَاقَ التَّاسِعُ عِشْرُونَ فِي رِوَايَة بن حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ الْعَاشِرُ ثَلَاثُونَ كَذَلِكَ الْحَادِي عَشَرَ أَرْبَعُونَ بِالْإِمَامِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الثَّانِي عَشَرَ غَيْرُ الْإِمَامِ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَطَائِفَةٌ الثَّالِثَ عَشَرَ خَمْسُونَ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ وَحُكِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّابِعَ عَشَرَ ثَمَانُونَ حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ الْخَامِسَ عَشَرَ جَمْعٌ كَثِيرٌ بِغَيْرِ قَيْدٍ وَلَعَلَّ هَذَا الْأَخِيرَ أَرْجَحُهَا مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَزْدَادَ الْعَدَدُ بِاعْتِبَارِ زِيَادَةِ شَرْطٍ كَالذُّكُورَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْبُلُوغِ وَالْإِقَامَةِ وَالِاسْتِيطَانِ فَيَكْمُلُ بِذَلِكَ عِشْرُونَ قَوْلًا .

     قَوْلُهُ  جَائِزَةٌ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِي تَامَّةٌ قَوْله عَن حُصَيْن هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَاسِطِيُّ وَمَدَارُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَلَيْهِ وَقَدْ رَوَاهُ تَارَةً عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ وَحْدَهُ كَمَا هُنَا وَهِيَ رِوَايَةُ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَتَارَةً عَنْ أَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ وَحْدَهُ وَهِيَ رِوَايَةُ قَيْسِ بن الرّبيع وَإِسْرَائِيل عِنْد بن مَرْدَوَيْهِ وَتَارَةً جُمِعَ بَيْنَهُمَا عَنْ جَابِرٍ وَهِيَ رِوَايَةُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي التَّفْسِيرِ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ وَكَذَا رِوَايَةُ هُشَيْمٍ عِنْدَهُ أَيْضًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [935] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: «فِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهْوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ».
وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا.
[الحديث طرفاه 5294، 6400] .
وبالسند قال.
( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي ( عن مالك) الإمام ( عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( أن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ذكر يوم الجمعة فقال) : ( فيه ساعة) أبهمها هنا كليلة القدر، والاسم الأعظم، والرجل الصالح، حتى تتوفر الدواعي على مراقبة ذلك اليوم.
وقد روي: "إن لربكم في أيام دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لها"، ويوم الجمعة من جملة تلك الأيام، فينبغي أن يكون العبد في جميع نهاره متعرضًا لها بإحضار القلب، وملازمة الذكر والدعاء، والنزوع عن وساوس الدنيا، فعساه يحظى بشيء من تلك النفحات.
وهل هذه الساعة باقية أو رفعت؟ وإذا قلنا بأنها باقية، وهو الصحيح، فهل هي في جمعة واحدة من السنة؟ أو في كل جمعة منها؟ قال بالأول كعب الأحبار لأبي هريرة، وردّه عليه فرجع لما راجع التوراة إليه.
والجمهور على وجودها في كل جمعة.
ووقع تعيينها في أحاديث كثيرة: أرجحها حديث مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، مرفوعًا: "أنها ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تقضى الصلاة".
رواه مسلم وأبو داود.
وقول عبد الله بن سلام، المروي عند مالك، وأبي داود والترمذي والنسائي، وابن خزيمة، وابن حبان، من حديث أبي هريرة أنه قال لعبد الله بن سلام: أخبرني ولا تضنّ.
فقال عبد الله بن سلام: هي آخر ساعة في يوم الجمعة.
قال أبو هريرة: فقلت: كيف تكون آخر ساعة في يوم الجمعة وقد قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلّي ...
" وتلك الساعة لا يصلّى فيها؟ فقال عبد الله بن سلام: ألم يقل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "من جلس مجلسًا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلّي ...
" الحديث.
واختلف أيّ الحديثين أرجح؟ فرجح مسلم، فيما ذكره البيهقي، حديث أبي موسى، وبه قال جماعة منهم ابن العربي، والقرطبي، وقال: هو نص في موضع الخلاف فلا يلتفت إلى غيره، وجزم في الروضة بأنه الصواب.
ورجحه بعضهم أيضًا بكونه مرفوعًا صريحًا، وبأنه في أحد الصحيحين.
وتعقب بأن الرجيح بما فيهما، أو في أحدهما، إنما هو حيث لم يكن مما انتقده الحفاظ، وهذا قد انتقد لأنه أعلّ بالانقطاع والاضطراب، لأن مخرمة بن بكير لم يسمع من أبيه، قاله أحمد، عن حماد بن خالد، عن مخرمة نفسه.
وقد رواه أبو إسحاق، وواصل الأحدب، ومعاوية بن قرة، وغيرهم عن أبي بردة من قوله، وهؤلاء من الكوفة، وأبو بردة منها أيضًا، فهو أعلم بحديثه من بكير المدني، وهم عدد وهو واحد.
ورجح آخرون: كأحمد وإسحاق، قول ابن سلام، واختاره ابن الزملكاني، وحكاه عن نص الشافعي ميلاً إلى: أن هذه رحمة من الله تعالى للقائمين بحق هذا اليوم، فأوان إرسالها عند الفراغ من تمام العمل.
وقيل في تعيينها غير ذلك مما يبلغ نحو الأربعين، أضربتعنها خوف الإطالة، لا سيما وليست كلها متغايرة، بل كثير منها يمكن اتحاده مع غيره.
وما عدا القولين المذكورين موافق لهما.
أو لأحدهما، أو ضعيف الإسناد، أو موقوف استند قائله إلى اجتهاد دون توقيف.
وحقيقة الساعة المذكورة: جزء من الزمان مخصوص، وتطلق على جزء من اثني عشر من مجموع النهار، أو على جزء مقدّر من الزمان فلا يتحقق، أو على الوقت الحاضر.
ووقع في حديث جابر، المروي عند أبي داود وغيره مرفوعًا بإسناد حسن، ما يدل للأوّل، ولفظه: "يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة، فيه ساعة ...
إلخ".
( لا يوافقها) أي لا يصادفها ( عبد مسلم) قصدها أو اتفق له وقوع الدعاء فيها ( وهو قائم) جملة اسمية حالية، ( يصلّي) جملة فعلية حالية.
والجملة الأولى خرجت مخرج الغالب، لأن الغالب في المصلي أن يكون قائمًا، فلا يعمل بمفهومها.
وهو أنه لم يكن قائمًا لا يكون له هذا الحكم: أو المراد بالصلاة: انتظارها، أو الدعاء.
وبالقيام: الملازمة والمواظبة، لا حقيقة القيام، لأن منتظر الصلاة في حكم الصلاة، كما مر من قول عبد الله بن سلام لأبي هريرة، جمعًا بينه وبين قوله: إنها من العصر إلى الغروب.
ومن ثم، سقط عند أبي مصعب وابن أبي أويس، ومطرف، والتنيسي وقتيبة قوله: قائم يصلّي ( يسأل الله تعالى) فها ( شيئًا) مما يليق أن يدعو به المسلم، ويسأل فيه ربه تعالى.
ولمسلم من رواية محمد بن زياد، عن أبي هريرة، كالمصنف في الطلاق من رواية ابن علقمة، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة: "يسأل الله خيرًا".
ولابن ماجة.
من حديث أبي أمامة: "ما لم يسأل حرامًا".
ولأحمد من حديث سعد بن عبادة: "ما لم يسأل إثمًا أو قطيعة رحم".
وقطيعة رحم من جملة الإثم، فهو من عطف الخاص على العام للاهتمام به.
( إلاّ أعطاه إياه) ( وأشار) في رواية أبي مصعب عن مالك: وأشار رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بيده) الشريفة حال كونه ( يقللها) من التقليل، خلاف الكثير.
وللمصنف من رواية سلمة بن علقمة المذكورة: ووضع أنملته على بطن الوسطى، أو الخنصر، قلنا: يزهدها.
وبيّن أبو مسلم الكجي أن الذي وضع هو: بشر بن الفضل، راوية عن سلمة بن علقمة، وكأنه فسر الإشارة بذلك: وأنها ساعة لطيفة، تنتقل ما بين وسط النهار إلى قرب آخره، وبهذا يحصل الجمع بينه وبين قوله: يزهدها، أي: يقللها.
ولمسلم: وهي ساعة خفيفة.
فإن قلت: قد سبق حديث "يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة، فيه ساعة ...
إلخ "، ومقتضاه أنها غير خفيفة.
أجيب: بأنه ليس المراد أنها مستغرقة للوقت المذكور، بل المراد أنها لا تخرج عنه، لأنها لحظة خفيفة، كما مر.
وفائدة ذكر الوقت أنها تنتقل فيه، فيكون ابتداء مظنتها ابتداء الخطبة مثلاً، وانتهاؤها وانتهاء الصلاة.
واستشكل حصول الإجابة لكل داع بشرطه، مع اختلاف الزمان باختلاف البلاد والمصلي، فيتقدم بعض على بعض، وساعة الإجابة متعلقة بالوقت، فكيف يتفق مع الاختلاف؟ وأجيب: باحتمال أن تكون ساعة الإجابة متعلقة بفعل كل مصلٍّ، كما قيل نظيره في ساعة الكراهة.
ولعل هذه فائدة جعل الوقت الممتد مظنة لها، وإن كانت هي خفيفة.
قاله في فتح الباري.
وهذا الحديث أخرجه مسلم والنسائي في الجمعة.
38 - باب إِذَا نَفَرَ النَّاسُ عَنِ الإِمَامِ فِي صَلاَةِ الْجُمُعَةِ فَصَلاَةُ الإِمَامِ وَمَنْ بَقِيَ جَائِزَةٌ ( باب) بالتنوين ( إذا نفر الناس عن الإمام) أي: خرجوا عن مجلسه، وذهبوا ( في صلاة الجمعة، فصلاة الإمام و) صلاة ( من بقي) معه ( جائزة) بالرفع، خبر المبتدأ الذي هو: فصلاة الإمام، وللأصيلي: تامّة.
وظاهر الترجمة أنه يشترط استدامة من تنعقد بهم الجمعة من ابتدائها إلى انتهائها، بل يشترط بقاء بقية ما منهم، ولم يذكر المؤلّف رحمه الله حديثًا يستدل به على عدد مَن تنعقد بهم الجمعة، لأنه لم يجد فيه شيئًا على شرطه.
ومذهب الشافعية والحنابلة اشتراط أربعين، منهم الإمام، وأن يكونوا مسلمين أحرارًا متوطنين ببلد الجمعة، لا يظعنون شتاءً ولا صيفًا إلاّ لحاجة، لحديث كعب بن مالك، قال: "أوّل من جمع بنا في المدينة أسعد بن زرارة، قبل مقدمه عليه الصلاة والسلام المدينة، في نقيع الخضمات، وكنا أربعين رجلاً".
رواه البيهقي وغيره، وصححوه.
وروى البيهقي أيضًا: أنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، جمع بالمدينة وكانوا أربعين رجلاً.
وعورض بأنه لا يدل على شرطيته.
وأجيب بما قاله في المجموع،وهو: أن الأصحاب قالوا: وجه الدلالة منه، أي من حديث كعب، أن الأمة أجمعوا على اشتراط العدد، والأصل الظهر، فلا تصح الجمعة إلا بعدد ثبت فيه توقيف، وقد ثبت جوازها بأربعين، وثبت: "صلوا كما رأيتموني أصلي".
ولم تثبت صلاته لها بأقل من ذلك، فلا تجوز بأقل منه.
وقال المالكية: اثني عشر.
لحديث الباب.
وقال أبو حنيفة ومحمد: أربعة بالإمام، لأن الجمع الصحيح إنما هو الثلاث، لأنه جمع تسمية ومعنى، والجماعة شرط على حدة، وكذا الإمام فلا يعتبر منهم.
وقال أبو يوسف: ثلاثة به، لأن في الاثنين معنى الاجتماع وهي منبئة عنه.
اهـ.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [935] حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالكٍ عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكر يوم الجمعة، فقال: ( ( فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ، وهو قائمٌ يصلي يسال الله شيئاً، إلا أعطاه إياه) ) - وأشار بيده يقللها.
وخرّجه في ( ( كتاب الطلاق) ) في ( ( باب: الإشارة في الطلاق وغيره) ) من طريق آخر، فقال: نا مسددٌ: نا بشر بن المفضل: نا سلمة بن علقمة، عن محمدبن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال أبو القاسم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( في الجمعة ساعةٌ، لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ، قائمٌ يصلي، يسأل الله خيراً، إلا أعطاه) ) –وقال بيده، ووضع أنملته على بطن الوسطى والخنصر، قلنا: يزهدها.
وخرّجه في ( ( الدعوات) ) - أيضاً - من روايةٍ أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة – بمعناه، وقال فيه: وقال بيده.
قلنا: يقللها، يزهدها.
قوله: ( ( في الجمعة) ) - وفي الرواية الأخرى: ( ( في يوم الجمعة –ساعةٌ) ) .
يقتضي أنها في كل يوم جمعةٍ: وهذا قولُ جمهور العلماء.
وقد تنازع في ذلك أبو هريرة وكعب، فقال: أبو هريرة في كل يوم جمعةٍ.
وقال كعبٌ: في السنة مرةً، ثم رجع كعب إلى قولُ أبي هريرة، ثم ذكر أبو هريرة لعبد الله بن سلامٍ ما قاله كعبٌ أولاً، فكذبه فقال له: إنه رجع عنه.
وقد زعم قوم أن ساعة الإجابة في الجمعة رفعت.
فروى عبد الرزاق في ( ( كتابه) ) بإسناده، أن أبا هريرة قيل له: زعموا أن ليلة القدر رفعت.
قال: كذب من قال ذلك.
قيل له: فهي في كل رمضان نستقبله؟ قال: نعم.
فقيل له: إنهم زعموا أن الساعة في يوم الجمعة التي لا يدعو فيها مسلم إلا استجيب له رفعت.
قال: كذب من قال ذلك.
قيل له: هي في كل جمعةٍ نستقبلها؟ قال: نعم.
وقوله: ( ( ساعةٌ) ) يحتمل أنه أراد بها الساعة الزمنية من ساعات النهار.
زقال عبد الله بن سلامٍ: النهار اثنا عشرة ساعةً، والساعة التي تذكر من يوم الجمعة آخر ساعات النهار.
خرّجه عبد الرزاق، عن ابن جريجٍ: حدثني موسى بن عقبة، أنه سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن، أنه سمع عبد الله بن سلام يقوله.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ.
وقد رواه الجلاح أبو كثيرٍ، عن أبي سلمة، عن جابر، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمعناه.
خرّجه أبو داود والنسائي.
وعندي: أن روايةٍ موسى بن عقبة الموقوفة أصح.
ويعضده: أن جماعةً رووه، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن سلام، ومنهم من قال: عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن عبد الله بن سلامٍ، كما سياتي.
وظاهر هذا: أنها جزء من اثني عشر جزء من النهار، فلا تختلف بطول النهار وقصره، ولكن الإشارة إلى تقليلها يدل على أنها ليست ساعةً زمانيةً، بل هي عبارة عن زمن يسيرٍ.
وقوله –في الرواية الأخرى -: ( ( يزهدها) ) ، معناه: يقللها –أيضاً -، ومنه الزهد في الدنيا، وهو احتقارها وتقليلها وتحقيرها، هو من اعمال القلوب، لا من أعمال الجوارح.
وقد روي حديث يدل على أنها بعض ساعةٍ: فروى الضحاك بن عثمان، عن سالمٍ أبي النضر، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن سلامٍ، قال: قلت –ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جالسٌ -: إنا لنجد في كتاب الله: في يوم الجمعة ساعة، لا يوافقها عبد مؤمن يصلي، يسأل الله شيئاً، إلا قضى له حاجته.
قال عبد الله: فاشار الي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( أو بعض ساعة) ) .
قلت: صدقت ( ( أو بعض ساعة) ) .
قلت: أي ساعة هي؟ قال: ( ( آخر ساعة من ساعات النهار) ) .
قلت: إنها ليست ساعة صلاةٍ؟ قال: ( ( بلى، أن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس، لا يجلسه إلا الصلاة، فهو في صلاة) ) .
خرّجه الإمام أحمد وابن ماجه، وهذا لفظه.
ورواته كلهم ثقات؛ لكن له علةٌ مؤثرةٌ، وهي أن الحفاظ المتقنين رووا هذا الحديث، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، في ذكر ساعة الإجابة، وعن عبد الله بن سلامٍ في تعيينها بعد العصر.
كذلك رواه محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
خرّجه من طريقه مالكٍ في ( ( الموطإ) ) ، وأحمد وأبو داود والترمذي، وصححه.
وذكر فيه: ( ( خيرٌيوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أهبط منها، وفيه ساعة الإجابة) ) ورفع ذلك كله.
ثم ذكر أبو هريرة، عن عبد الله بن سلامٍ، أنه قال له: هي بعد، وأنه ناظره في الصلاة فيها.
وكذا رواه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة مختصراً.
ورواه سعيدٍ بن الحارث، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة –مرفوعاً.
وفي روايةٍ عنه بالشك في رفعه في ساعة الإجابة، وجعل ذكر تعيينها من روايةٍ أبي سلمة، عن عبد الله بن سلامٍ.
وكذا رواه معمرٌ، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة.
ورواه الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فجعل الحديث كله عن كعب في: ( ( خيرٌ يومٍ طلعت فيه الشمس يوم الجمعة) ) .
لم يرفع منه شيئاً، وقال: لم اسمعه من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حدثني به كعبٌ.
ورواه حسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن كعب، قال: خير يوم طلعت فيه الشمس يوم جمعةٍ، فيه خلق الله آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة.
ورواه معاوية بن سلامٍ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة –موقوفاً.
ورواه محمد بن كثير، عن الأوزاعي، فرفعه.
ورفعه خطأٌ.
ورجح هذه الرواية أبو زرعة الدمشقي.
ويعضده –أيضاً -: روايةٍ حماد بن سلمة، عن قيس بن سعدٍ، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فرفع منه ذكر ساعة الإجابة، وجعل باقي الحديث في فضل يوم الجمعة، وما فيه من الخصال، وتعيين ساعة الإجابة كله من قولُ كعب.
ولعل هذا هو الأشبه.
وقد سبق أن موسى بن عقبة روى عن أبي سلمة، عن عبد الله بن سلامٍ قوله في تعيين ساعة الإجابة –أيضاً.
وخَّرج الإمام أحمد من روايةٍ فليح بن سليمان، عن سعيدٍ بن الحارث، عن أبي سلمة، أنه سمع أبا هريرة يحدث، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ساعة الإجابة.
قال: فلما توفي أبو هريرة قلت: لو جئت أبا سعيدٍ فسألته عن هذه الساعة.
أن يكون عنده منها علم، فاتيته، فسالته، فقال:سألنا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنها، فقال: ( ( إني كنت أعلمتها، ثم أنسيتها كما أنسيت ليلة القدر) ) .
قال: ثم خرجت من عنده، فدخلت على عبد الله بن سلامٍ.
هكذا ساقه الإمام أحمد، ولم يذكر ما قاله ابن سلامٍ.
وقد خرّجه البزار بتمامه، وذكر فيه: أن ابن سلامٍ قال له: خلق الله آدم يوم الجمعة، وأسكنه الجنة يوم الجمعة، وأهبطه إلى الأرض يوم الجمعة، وتوفاه يوم الجمعة، وهو اليوم الذي تقوم فيه الساعة، وهي آخر ساعةٍ من يوم الجمعة.
قلت: ألست تعلم أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( ( في صلاةٍ) ) ؟ قال: أولست تعلم أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( من انتظر الصلاة فهو في صلاة) ) ؟ .
فهذه الرواية –أيضاً - تدل على أن ذكر فضل يوم الجمعة وما فيه من الخصال إنما هو من رواية أبي سلمة عن عبد الله بن سلامٍ، ورواية الأوزاعي وغيره تدل على أن هذا القدر كان أبو هريرة يرويه عن كعبٍ.
وقد روي عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( خيرٌ يومٍ طلعت فيه الشمس يوم الجمعة) ) ، وذكر ما فيه من الخصال من طرق متعددة، وهي معللة بما ذكرناه؛ ولذلك لم يخرّج البخاري منها شيئاً.
وقد خرّجه مسلم من طريق الاعرج، عن أبي هريرة –مرفوعاً.
وخرّجه ابن حبان من روايةٍ العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة –مرفوعاً.
وروي عن العلاء، عن إسحاق أبي عبد الله، عن أبي هريرة –مرفوعاً.
فتحرر من هذا: أن المرفوع عن أبي هريرة من الحديث ذكر ساعة الجمعة.
وزعم ابن خزيمة: أن قوله: ( ( خيرٌ يومٍ طلعت فيه الشمس يوم الجمعة) ) مرفوع –أيضاً - بغير خلافٍ، وأن الاختلاف عن أبي هريرة فيما بعد ذلك من ذكر الخصال التي في الجمعة.
وحديث أبي سعيدٍ يدل على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنسي معرفة وقتها، كما انسي معرفة ليلة القدر.
وقد روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في تعيينها أحاديث متعددةٌ: ومن أغربها: أن ساعة الإجابة هي نهار الجمعة كله.
وهو من روايةٍ هانئ بن خالدٍ، عن أبي جعفر الرازي، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( الساعة التي في يوم الجمعة ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس) ) .
خرّجه العقيلي.
وقال: هانئ بن خالد حديثه غير محفوظ، وليس بمعروف بالنقل، ولا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به.
ومنها: أنها آخر نهار الجمعة: روى عبد السلام بن حفص، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة،عن النبي ... - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إن الساعة التي يتحرى فيها الدعاء يوم الجمعة هي آخر ساعة من الجمعة) ) .
خرّجه ابن عبد البر.
وقال: عبد السلام هذا مدني ثقةٌ.
قلت: رفعه منكرٌ، وعبد السلام هذا وان وثقه ابن معين، فقد قال فيه أبو حاتم الرزاي: ليس بالمعروف.
ولا يقبل تفرده برفع هذا.
وليته يصح موقوفاً، فقد روى شعبة والثوري، عن يونس بن خباب، عن عطاء، عن أبي هريرة، قال: الساعة التي في الجمعة بعد العصر.
وخرّجه عبد الرزاق، عن الثوري، به، ولفظه: الساعة التي تقوم في يوم الجمعة ما بين العصر إلى أن تغرب الشمس.
وخرّجه وكيعٌ عن يونس، به.
ويونس بن خباب، شيعيٌ ضعيفٌ.
قال الدارقطني في ( ( العلل) ) : ومن رفعه عن الثوري فقد وهم.
وقال: وفيه نائلٌ: ( ( عن يونس بن عبيدٍ) ) ، ووهم فيه - أيضاً.
وروى إسماعيل بن عياش، عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن مسلم بن مسافر، عن أبي رزين، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إن في الجمعة ساعةً) ) –يقللها بيده - ( ( لا يوافقها عبدٌ مؤمنٌ وهو يصلي، فيسأل الله فيها إلا استجاب له) ) .
قيل: أي الساعات هي يا رسول الله؟ قال: ( ( ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس) ) .
خرّجه أبو أحمد الحاكم وأبو بكر عبد العزيز بن جعفر.
وإسنادهلا يصح، وروايات إسماعيل بن عياش عن الحجازيين رديئةٌ.
وروى عبد الرزاق في ( ( كتابه) ) ، عن ابن جريجٍ: حدثني العباس، عن محمد بن مسلمة الأنصاري، عن أبي سعيدٍ الخدري وأبي هريرة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( إن في الجمعة ساعةً، لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ، يسأل الله عز وجل فيها خيراً، إلا أعطاه إياه، وهي بعد العصر) ) .
وخرّجه الإمام أحمد في ( ( مسنده) ) ، عن عبد الرزاق.
وخرّجه العقيلي في ( ( كتابه) ) .
وقال: العباس رجلٌ مجهولٌ، لا نعرفه، ومحمد بنمسلمة –أيضاً - مجهولٌ.
وذكر عن البخاري، أنه قال: محمد بن مسلمة الأنصاري، عن أبي سعيدٍ وأبي هريرة - في ساعة الجمعة -: لا يتابع عليه.
قال العقيلي: الرواية في فضل الساعة التي في يوم الجمعة ثابتهٌ عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غير هذا الوجه، فأما التوقيت، فالرواية فيه لينةٌ.
يعني بالتوقيت: تعيين ساعة الإجابة.
وروى فرج بن فضالة، عن علي بن أبي طلحة، عنابي هريرة، قال: قيل للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لأي شيءٍ سمي يوم الجمعة؟ قال: ( ( لأن فيها طبعت طينة أبيك آدم، وفيها الصعقة والبعثة، وفيها البطشة، وفي أخر ثلاث ساعاتٍ منها ساعةٌ، من دعا الله فيها استجيب له) ) .
خرّجه الإمام أحمد.
وفرج بن فضالة، مختلفٌ فيه، وقد ضعفه ابن معينٍ وغيره.
وعلي بن أبي طلحة، لم يسمع من أبي هريرة.
وروى محمد بن أبي حميد، عن موسى بن وردان، عن أنسٍ، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إلتمسوا الساعة التي ترجى في يوم الجمعة بعد العصر، إلى غيبوبة الشمس) ) .
خرّجه الترمذي.
وقال: غريبٌ.
ومحمد بن أبي حميد، منكر الحديث.
وخرّجه الطبراني من طريق ابن لهيعة، عن موسى بن وردان –بنحوه، وزاد في آخر الحديث: ( ( وهي قدر هذا) ) –يعني: قبضةً.
ويروى من حديث فاطمة –عليها السلام -، عن أبيها - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال في هذه الساعة: ( ( إذا تدلى نصف الشمس للغروب) ) .
وفي إسناده اضطرابٌ وانقطاعٌ وجهالةٌ، ولا يثبت إسناده.
وروى عبد الرزاق، عن عمر بن ذر، عن يحيى بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان في صلاة العصر يوم الجمعة، والناس خلفه إذ سنح كلبٌ ليمر بين أيديهم، فخر الكلب فمات قبل أن يمر، فلما أقبل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بوجهه على القوم قال: ( ( أيكم دعا على هذا الكلب؟) ) فقال رجل من القوم: أنا دعوت عليه.
فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( دعوت عليه في ساعة يستجاب فيها الدعاء) ) .
وهذا مرسلٌ.
ويروى بإسنادٍ منقطعٍ، عن أبي الدرداء –نحوه، إلا أن فيه: أنه دعا الله باسمه الأعظم، ولم يذكر الساعة.
ومنها: أنها الساعة التي تصلى فيها الجمعة: فخرج مسلم في ( ( صحيحه) ) من حديث ابن وهبٍ، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن أبي بردة بن أبي موسى، قال: قال عبد الله بن عمر:أسمعت أباك يحدث عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في شأن الجمعة؟ قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( ( هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة) ) .
وروى البيهقي بإسناده، عن مسلمٍ، أنه قال: هذا أجود حديث وأصحه في ساعة الجمعة.
وقال الدارقطني: تفرد به ابن وهبٍ، وهو صحيح عنه.
ورواه أبو إسحاق، عن أبي بردة، واختلف عليه، فرواه إسماعيل بن عمرو، عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ثم خرّجه بإسناده من هذه الطريق، ولفظه: ( ( الساعة التي يرجى فيها يوم الجمعة عند نزول الإمام) ) .
وخالفه النعمان بن عبد السلام، فرواه عن الثوري بهذا الإسناد –موقوفاً.
يعني: على أبي موسى.
ثم أسنده من طريقه كذلك، ولفظه: ( ( الساعة التي تذكر في الجمعة ما بين نزول الإمام عن منبره إلى دخوله في الصلاة) ) .
قال: وخالفهما يحيى القطان، فرواه عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة – قوله.
وكذلك رواه عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة – قوله.
وكذلك رواه معاوية بن قرة ومجالد، عن أبي بردة – من قوله.
وحديث مخرمة بن بكرٍ أخرجه مسلم في ( ( الصحيح) ) .
والمحفوظ: من روايةٍ الآخرين، عن أبي بردة –قوله، غير مرفوع.
انتهى.
وكذلك رواه واصل بن حيانٍ، عن أبي بردة، قال: ذكر عند ابن عمر الساعة التي في الجمعة، فقلت: إني أعلم أي الساعة هي.
قال: وما يدريك؟ قلت: هي الساعة التي يخرج فيها الإمام، وهي أفضل الساعات.
قال: بارك الله عليك.
وروى كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إن في الجمعة ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئاً ألا آتاه إياه) ) .
قالوا: يا رسول الله، أية ساعة هي؟ قال: ( ( حين تقام الصلاة إلى الانصراف منها) ) .
خرّجه ابن ماجه والترمذي.
وقال: حسنٌ غريبٌ.
وكثيرٌ هذا، يحسن البخاري والترمذي وغيرهما أمره.
وقال بعضهم: أحاديثه عن أبيه عن جده أحبُ إلينا من مراسيل ابن المسيب.
وضعف الأكثرون حديثه.
وضرب الإمام أحمد عليه، ولم يخرجه في ( ( مسنده) ) .
قال أبو بكر الأثرم: إما وجه اختلاف هذه الأحاديث، فلن يخلو من وجهين: إما أن يكون بعضها أصح من بعضٍ، وإما أن تكون هذه الساعة تنتقل في الأوقات، كانتقال ليلة القدر في ليالي العشر.
قال: وأحسن ما يعمل به في ذلك: أن تلتمس في جميع هذه الأوقات، احتياطاً واستظهاراً.
انتهى.
فأما القول بانتقالها فهو غريبٌ.
وقد روي عن كعبٍ، قال: لو قسم إنسان جمعة في جمع أتى علي تلك الساعة.
يعني: أنه يدعو كل جمعةٍ في ساعة ساعة حتى يأتي على جميع ساعات اليوم.
قال الزهري: ما سمعنا فيها بشيء عن احد احدثه الا هذا.
وهذا يدل على أنها لا تنتقل، وهو ظاهر أكثر الأحاديث والآثار.
وأما التماسها في جميع مظانها، فقد روي نحوه عن أبي هريرة.
فحكى ابن المنذر، عنه، أنه قال: هي بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس.
وهذا رواه ليث بن أبي سليم، عن مجاهد وطاوس، عن أبي هريرة، وفي ليث مقال، لا سيما إذا جمع في الاسناد بين الرجال.
ولم يرد أبو هريرة –والله أعلم – أنها ساعتان: في أول النهار وآخره، إنما أراد أنها تلتمس في هذين الوقتين.
ونقل ابن منصورٍ، عن إسحاق، قال: بعد العصر، لا أكاد أشك فيه، وترجى بعد زوال الشمس.
كذا نقله ابن منصورٍ في ( ( مسائله) ) عنه، ونقله الترمذي في ( ( جامعه) ) عن أحمد.
وإنما نقله ابن منصورٍ عن أحمد، والترمذي إنما ينقل كلام أحمد وإسحاق من ( ( مسائل ابن منصورٍ، عنهما) ) كما ذكر ذلك في آخر ( ( كتابه) ) .
ولا أعلم في التماسها في أول النهار عن أحدٍ من السلف غير هذا.
والمشهور عنهم قولان: أحدهما: أنها تلتمس بعد العصر إلى غروب الشمس، وقد سبق عن أبي هريرة وعبد الله بن سلامٍ.
وروى سعيدٍ بن منصورٍ بإسناده، عن أبي سلمة، قال: اجتمع ناسٌ منأصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فتذاكروا الساعة التي في يوم الجمعة، فتفرقوا ولم يختلفوا أنها آخر ساعةٍ من يوم الجمعة.
وروى سعيدٍ بن جبير، عن ابن عباسٍ، أنه سئل عن تلك الساعة التي في الجمعة، فقال: خلق الله آدم بعد العصر يوم الجمعة، وخلقه من أديم الأرض كلها، فأسجد له ملائكته، وأسكنه جنته فلله ما أمسى ذلك اليوم حتى عصاه، فأخرجه منها.
خرّجه عبد الرزاق وغيره.
وهذا يدل على ترجيح ابن عباسٍ لما بعد العصر في وقت هذه الساعة؛ لخلق آدم فيها، وإدخاله الجنة، وإخراجه منها، وهو يشبه استنباطه في ليلة القدر، أنها ليلة سابعة.
وكذلك كان طاوس يتحرى الساعة التي في يوم الجمعة بعد العصر.
وعنه، أنه قال: الساعة من يوم الجمعة التي تقوم فيها الساعة، والتي أنزل فيها آدم، والتي لا يدعو الله فيها المسلم بدعوة صالحة إلا استجيب له: من حين تصفر الشمس إلى أن تغرب.
وهذا يشبه قول عبد الله بن سلامٍ، أنها آخر ساعةٍ من نهار الجمعة.
وروي مثله عن كعبٍ –أيضاً.
فأهل هذا القول، منهم من جعل وقت التماسها ما بين العصر وغروب الشمس، ومنهم من خصه بآخر ساعةٍ من الساعات.
وقال أحمد –في روايةٍ ابن منصورٍ -: أكثر الأحاديث بعد العصر.
وقال - في روايةٍ الميموني –كذلك، وزاد: قيل له: قبل أن تطفل.
الشمس للغروب؟ قالَ: لا أدري، إلا أنها بعد العصر.
وظاهر هذا: أن ما بعد العصر إلى غروب الشمس كله في التماسها سواءٌ.
والقول الثاني: أنها بعد زوال الشمس.
وقد تقدم عن ابن عمر وأبي بردة، أنها ساعةٍ صلاة الجمعة.
وروى عبد الله بن حجيرة عن أبي ذر، أنها من حين تزيغ الشمس بشبر إلى ذراعٍ.
وعن عائشة، أنها إذا أذن المؤذن بصلاة الجمعة.
وقال عوف بن مالكٍ: اطلبوا ساعةٍ الجمعة في إحدى ثلاث ساعات: عند تأذين الجمعة، أو ما دام الإمام على المنبر، أو عند الاقامة.
خرّجه محمد بن يحيى الهمداني في ( ( صحيحه) ) .
وعن الحسن وأبي العالية، قالا: عند زوال الشمس.
وعن الحسن، قال: هي إذا قعد الإمام على المنبر حتى يفرغ.
وعن أبي السوار العدوي، قال: كانوا يرون أن الدعاء مستجابٌ ما بين أن تزول الشمس إلى أن تدركك كل صلاة.
وعن ابن سيرين، قال: هي الساعة التي كان يصلي فيها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وعن الشعبي، قال: هي ما بين أن يحرم البيع إلى أن يحل.
وعنه، قال: مابين خروج الإمام إلى انقضاء الصلاة.
وعن الشعبي، عن عوف بن حصيرة، قال: هي من حين تقام الصلاة إلى انصراف الإمام.
وروي، أن عمر سأل ابن عباسٍ عنها؟ فقال: أرجو أنها الساعة التي يخرج لها الإمام.
خرّجه الإسماعيلي في ( ( مسند عمر) ) بإسنادٍ ضعيفٍ.
وذكر عن أبي القاسم البغوي، أنه قال: هذا واهٍ، وقد روي عن ابن عباسٍ خلافه.
يشير إلى أن المعروف عنه أنها بعد العصر، كما رواه عنه سعيد بن جبير، وقد تقدم.
فهذه الاقوال متفقة على أنها بعد زوال الشمس، ومختلفة في الظاهر في قدر امتدادها.
فمنهم من يقول: وقت الأذان.
ومنهم من يقول: ما دام الإمام على المنبر.
ومنهم من يقول: عند الاقامة.
ومنهم من يقول: من حين تقام الصلاة إلى انصراف الإمام فيها.
ومنهم من يقول: ما بين أن يحرم البيع بالنداء أو تزول الشمس –على اختلاف لهم فيما يحرم به البيع – إلى أن يحل بانقضاء الصلاة.
وهذا القول –أعني: أنها بعد زوال الشمس إلى انقضاء الصلاة، أو أنها ما بين أن تقام الصلاة إلى أن يفرغ منها –أشبه بظاهر قولُ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ قائمٌ يصلي يسأل الله فيها شيئاً إلا أعطاه إياه) ) ، فإنه أن أريد به صلاة الجمعة كانت من حين إقامتها إلى الفراغ منها، وإن أريد به صلاة التطوع كانت من زوال الشمس إلى خروج الإمام؛ فإن هذا وقت صلاة تطوعٍ، وإن أريد بها أعم من ذلك –وهو الأظهر – دخل فيه صلاة التطوع بعد زوال الشمس، وصلاة الجمعة إلى انقضائها.
وليس في سائر الأوقات التي قالها أهل القول الأول وقت صلاة؛ فإن بعد العصر إلى غروب الشمس، وبعد الفجر إلى طلوع الشمس وقت نهي عن الصلاة فيه، اللهم إلاّ أن يراد بقولهم: بعد العصر: دخول وقت العصر والتطوع قبلها.
ومرسل يحيى بن إسحاق بن أبي طلحة يشهد له.
من قال: إن منتظر الصلاة في صلاةٍ صحيحٌ، لكن لا يقال فيه قائم.
وقول يصلي؛ فإن ظاهر هذا اللفظ حمله على القيام الحقيقي في الصلاة الحقيقية.
وقد روى عبد الرزاق في ( ( كتابه) ) نا يحيى بن زمعة: سمعت عطاءً يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( في يوم الجمعة ساعةٌ، لا يوافقها عبدٌ وهو يصلي، أو ينتظر الصلاة، يدعو الله فيها بشيء إلا استجاب له) ) .
وهذا غريبٌ.
ويحيى بن زمعة هذا، غير مشهورٌ، ولم يعرفه ابن أبي حاتم باكثر من روايته عن عطاءٍ، ورواية عبد الرزاق عنه.
وهذه الرواية تدل على أن المراد بالصلاة حقيقة الصلاة؛ لأنه فرق بين المصلي ومنتظر الصلاة، وجعلهما قسمين.
وتدل على أن ساعةٍ الجمعة يمكن فيها وقوع الصلاة وانتظارها، وهذا بما بعد الزوال أشبه؛ لأن أول تلك الساعة ينتظر فيها الصَّلاة ويتنفل فيها بالصلاة، وآخرها يصلى فيهِ الجمعة.
وخَّرج ابن أبي شيبة بإسناده، عن هلال بن يساف، قالَ: قالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إن في الجمعة لساعةً، لا يوافقها رجلٌ مسلمٌ، يسأل الله فيها خيراً، إلا أعطاه) ) فقالَ رجل: يا رسول الله، فماذا اسال؟ فقال: ( ( سل الله العافية في الدنيا والآخرة) ) .
وهذا مرسلٌ.
* * * 38 -باب إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة فصلاة الإمام ومن بقي تامةٌ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ السَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ)
أَيِ الَّتِي يُجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي الزِّنَادِ كَذَا رَوَاهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأ وَلَهُم فِيهِ إِسْنَادٌ آخَرُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ قِصَّةٌ لَهُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ

[ قــ :907 ... غــ :935] .

     قَوْلُهُ  فِيهِ سَاعَةٌ كَذَا فِيهِ مُبْهَمَةٌ وَعُيِّنَتْ فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ كَمَا سَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  لَا يُوَافِقُهَا أَيْ يُصَادِفُهَا وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَقْصِدَ لَهَا أَوْ يَتَّفِقَ لَهُ وُقُوعُ الدُّعَاءِ فِيهَا .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ هِيَ صِفَاتٌ لِمُسْلِمٍ أُعْرِبَتْ حَالًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي حَالًا مِنْهُ لِاتِّصَافِهِ بِقَائِمٍ وَيَسْأَلُ حَال مترادفة أَو متداخلة وَأفَاد بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ قَائِمٌ سَقَطَ من رِوَايَة أبي مُصعب وبن أَبِي أُوَيْسٍ وَمُطَرِّفٍ وَالتِّنِّيسِيِّ وَقُتَيْبَةَ وَأَثْبَتَهَا الْبَاقُونَ قَالَ وَهِيَ زِيَادَةٌ مَحْفُوظَةٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَوَرْقَاءَ وَغَيْرِهِمَا عَنْهُ وَحَكَى أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ السَّيِّدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَضَّاحٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِحَذْفِهَا مِنَ الْحَدِيثِ وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى أَصَحِّ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي تَعْيِينِ هَذِهِ السَّاعَةِ وَهُمَا حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مِنْ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ إِلَى انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالثَّانِي أَنَّهَا مِنْ بَعْدِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَدِ احْتَجَّ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ لَمَّا ذَكَرَ لَهُ الْقَوْلَ الثَّانِيَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ سَاعَةَ صَلَاةٍ وَقَدْ وَرَدَ النَّصُّ بِالصَّلَاةِ فَأَجَابَهُ بِالنَّصِّ الْآخَرِ أَنَّ مُنْتَظِرَ الصَّلَاةِ فِي حُكْمِ الْمُصَلِّي فَلَوْ كَانَ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ قَائِمٌ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ ثَابِتًا لَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِهَا لَكِنَّهُ سَلَّمَ لَهُ الْجَوَابَ وَارْتَضَاهُ وَأَفْتَى بِهِ بَعْدَهُ.

.
وَأَمَّا إِشْكَالُهُ عَلَى الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ فَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ حَالَ الْخُطْبَةِ كُلَّهُ وَلَيْسَتْ صَلَاةً عَلَى الْحَقِيقَةِ وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ بِحَمْلِ الصَّلَاةِ عَلَى الدُّعَاءِ أَوْ الِانْتِظَارِ وَيُحْمَلُ الْقِيَامُ عَلَى الْمُلَازَمَةِ وَالْمُوَاظَبَةِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ حَالَ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ حَالِ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ مَعَ أَنَّ السُّجُودَ مَظِنَّةُ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْقِيَامِ حَقِيقَتَهُ لَأَخْرَجَهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَجَازُ الْقِيَامِ وَهُوَ الْمُوَاظَبَةُ وَنَحْوُهَا وَمِنْهُ قولُهُ تَعَالَى إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِما فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّعْبِيرُ عَنِ الْمُصَلِّي بِالْقَائِمِ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ عَنِ الْكُلِّ بِالْجُزْءِ وَالنُّكْتَةُ فِيهِ أَنَّهُ أَشْهَرُ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  شَيْئًا أَيْ مِمَّا يَلِيقُ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ الْمُسْلِمُ وَيَسْأَلَ رَبَّهُ تَعَالَى وَفِي رِوَايَةِ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الطَّلَاقِ يَسَأَلُ اللَّهَ خَيْرًا وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي لبَابَة عِنْد بن مَاجَهْ مَا لَمْ يَسْأَلْ حَرَامًا وَفِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ مَا لَمْ يَسْأَلْ إِثْمًا أَوْ قَطِيعَةَ رَحِمٍ وَهُوَ نَحْوُ الْأَوَّلِ وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ مِنْ جُمْلَةِ الْإِثْمِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ .

     قَوْلُهُ  وَأَشَارَ بِيَدِهِ كَذَا هُنَا بِإِبْهَامِ الْفَاعِلِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا وَوَضَعَ أُنْمُلَتَهُ عَلَى بَطْنِ الْوُسْطَى أَوِ الْخِنْصَرِ قُلْنَا يُزَهِّدُهَا وَبَيَّنَ أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ أَنَّ الَّذِي وَضَعَ هُوَ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ رَاوِيهِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ وَكَأَنَّهُ فَسَّرَ الْإِشَارَةَ بِذَلِكَ وَأَنَّهَا سَاعَةٌ لَطِيفَةٌ تَتَنَقَّلُ مَا بَيْنَ وَسَطِ النَّهَارِ إِلَى قُرْبِ آخِرِهِ وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ يُزَهِّدُهَا أَيْ يُقَلِّلُهَا وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَهِيَ قَدْرُ هَذَا يَعْنِي قَبْضَةً قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ الْإِشَارَةُ لِتَقْلِيلِهَا هُوَ لِلتَّرْغِيبِ فِيهَا وَالْحَضِّ عَلَيْهَا لِيَسَارَةِ وَقْتِهَا وَغَزَارَةِ فَضْلِهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ هَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ أَوْ رُفِعَتْ وَعَلَى الْبَقَاءِ هَلْ هِيَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ أَوْ فِي جُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ هِيَ وَقْتٌ مِنَ الْيَوْمِ مُعَيَّنٌ أَوْ مُبْهَمٌ وَعَلَى التَّعْيِينِ هَلْ تَسْتَوْعِبُ الْوَقْتَ أَوْ تُبْهَمُ فِيهِ وَعَلَى الْإِبْهَامِ مَا ابْتِدَاؤُهُ وَمَا انْتِهَاؤُهُ وَعَلَى كُلِّ ذَلِكَ هَلْ تَسْتَمِرُّ أَوْ تَنْتَقِلُ وَعَلَى الِانْتِقَالِ هَلْ تَسْتَغْرِقُ الْيَوْمَ أَوْ بَعْضَهُ وَهَا أَنَا أَذْكُرُ تَلْخِيصَ مَا اتَّصَلَ إِلَيَّ مِنَ الْأَقْوَالِ مَعَ أَدِلَّتِهَا ثُمَّ أَعُودُ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَالتَّرْجِيحِ فَالْأَوَّلُ إنَّهَا رفعت حَكَاهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ قَوْمٍ وَزَيَّفَهُ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ رده السّلف على قَائِله وروى عبد الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْسٍ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ.

.

قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ السَّاعَةَ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ رُفِعَتْ فَقَالَ كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ.

.

قُلْتُ فَهِيَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ قَالَ نَعَمْ إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.

     وَقَالَ  صَاحِبُ الْهُدَى إِنْ أَرَادَ قَائِلُهُ أَنَّهَا كَانَتْ مَعْلُومَةً فَرُفِعَ عِلْمُهَا عَنِ الْأُمَّةِ فَصَارَتْ مُبْهَمَةً احْتُمِلَ وَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَتَهَا فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ الْقَوْلُ الثَّانِي إنَّهَا مَوْجُودَةٌ لَكِنْ فِي جُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ قَالَهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ لِأَبِي هُرَيْرَةَ فَرَدَّ عَلَيْهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الثَّالِثُ إنَّهَا مَخْفِيَّةٌ فِي جَمِيعِ الْيَوْمِ كَمَا أُخْفِيَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ رَوَى بن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ عَنْ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فَقَالَ قَدْ أُعْلِمْتُهَا ثُمَّ أُنْسِيتُهَا كَمَا أُنْسِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّهُ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ فَقَالَ لَمْ أَسْمَعْ فِيهَا بِشَيْءٍ إِلَّا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ إِنْسَانًا قَسَمَ جُمُعَةً فِي جُمَعٍ لَأَتَى عَلَى تِلْكَ السَّاعَةِ قَالَ بن الْمُنْذِرِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَبْدَأُ فَيَدْعُو فِي جُمُعَةٍ مِنَ الْجُمَعِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ فِي جُمُعَةٍ أُخْرَى يَبْتَدِئُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَى وَقْتٍ آخَرَ حَتَّى يَأْتِيَ على آخر النَّهَار قَالَ وَكَعْبٌ هَذَا هُوَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ قَالَ وَرُوِّينَا عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ طَلَبَ حَاجَةٍ فِي يَوْمٍ لَيَسِيرٌ قَالَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الدُّعَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كُلَّهُ لِيَمُرَّ بِالْوَقْتِ الَّذِي يُسْتَجَابُ فِيهِ الدُّعَاءُ انْتَهَى وَالَّذِي قَالَهُ بن عُمَرَ يَصْلُحُ لِمَنْ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَالَّذِي قَالَهُ كَعْبٌ سَهْلٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا كَانَا يَرَيَانِ أَنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ جَمْعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ كَالرَّافِعِيِّ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا حَيْثُ قَالُوا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَجَاءَ أَنْ يُصَادِفَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ وَمِنْ حُجَّةِ هَذَا الْقَوْلِ تَشْبِيهُهَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَالِاسْمُ الْأَعْظَمُ فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ حَثُّ الْعِبَادِ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِي الطَّلَبِ وَاسْتِيعَابُ الْوَقْتِ بِالْعِبَادَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَحَقَّقَ الْأَمْرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ مُقْتَضِيًا لِلِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَإِهْمَالِ مَا عَدَاهُ الرَّابِعُ إنَّهَا تَنْتَقِلُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَا تَلْزَمُ سَاعَةً مُعَيَّنَةً لَا ظَاهِرَةً وَلَا مَخْفِيَّةً قَالَ الْغَزَالِيُّ هَذَا أَشْبَهُ الْأَقْوَالِ وَذكره الْأَثْرَم احْتِمَالا وَجزم بِهِ بن عَسَاكِرَ وَغَيْرُهُ.

     وَقَالَ  الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إِنَّهُ الْأَظْهَرُ وَعَلَى هَذَا لَا يَتَأَتَّى مَا قَالَهُ كَعْبٌ فِي الْجَزْمِ بِتَحْصِيلِهَا الْخَامِسُ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَشَيْخُنَا سِرَاجُ الدِّينِ بْنُ الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْبُخَارِيِّ وَنَسَبَاهُ لِتَخْرِيجِ بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ رَوَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهَا فَأَطْلَقَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا وَرَوَاهُ بن الْمُنْذِرِ فَقَيَّدَهَا بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ السَّادِسُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ رَوَاهُ بن عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ وَعِيَاضٌ وَالْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ السَّابِعُ مِثْلُهُ وَزَادَ وَمِنَ الْعَصْرِ إِلَى الْغُرُوبِ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَابَعَهُ فُضَيْلُ بن عِيَاض عَن لَيْث عِنْد بن الْمُنْذِرِ وَلَيْثٌ ضَعِيفٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ كَمَا تَرَى الثَّامِنُ مِثْلُهُ وَزَادَ وَمَا بَيْنَ أَنْ يَنْزِلَ الْإِمَامُ مِنَ الْمِنْبَرِ إِلَى أَنْ يُكَبِّرَ رَوَاهُ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ فِي التَّرْغِيبِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ قُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ الْتَمِسُوا السَّاعَةَ الَّتِي يُجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ فَذَكَرَهَا التَّاسِعُ إنَّهَا أَوَّلُ سَاعَةٍ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَكَاهُ الجيلي فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ وَتَبِعَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِهِ الْعَاشِرُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَعَبَّرَ عَنْهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ فِي شَرْحِهِ بِقَوْلِهِ هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ شِبْرًا إِلَى ذِرَاعٍ وَعَزَاهُ لِأَبِي ذَر الْحَادِيَ عَشَرَ إنَّهَا فِي آخِرِ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ النَّهَارِ حَكَاهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَهُوَ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ طُبِعَتْ طِينَةُ آدَمَ وَفِي آخِرِ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ مِنْهُ سَاعَةٌ مَنْ دَعَا اللَّهَ فِيهَا اسْتُجِيبَ لَهُ وَفِي إِسْنَادِهِ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَعَلِيٌّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  فِي آخِرِ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ السَّاعَةَ الْأَخِيرَةَ مِنَ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ ثَانِيهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ فِي آخِرِ كُلِّ سَاعَةٍ مِنَ الثَّلَاثِ سَاعَةَ إِجَابَةً فَيَكُونُ فِيهِ تَجَوُّزٌ لِإِطْلَاقِ السَّاعَةِ عَلَى بَعْضِ السَّاعَةِ الثَّانِي عَشَرَ مِنَ الزَّوَالِ إِلَى أَنْ يَصِيرَ الظِّلُّ نِصْفَ ذِرَاعٍ حَكَاهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي الْأَحْكَامِ وَقَبِلَهُ الزَّكِيُّ الْمُنْذِرِيُّ الثَّالِثَ عَشَرَ مِثْلُهُ لَكِن قَالَ إِلَى أَنْ يَصِيرَ الظِّلُّ ذِرَاعًا حَكَاهُ عِيَاضٌ وَالْقُرْطُبِيُّ وَالنَّوَوِيُّ الرَّابِعَ عَشَرَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ بِشِبْرٍ إِلَى ذِرَاع رَوَاهُ بن الْمُنْذر وبن عَبْدِ الْبَرِّ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُجَيْرَةَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ امْرَأَتَهُ سَأَلَتْهُ عَنْهَا فَقَالَ ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ مَأْخَذُ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ الْخَامِس عشر إِذا زَالَت الشَّمْس حَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَوَرَدَ نَحْوُهُ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ عَنْ عَلِيٍّ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّاهَا عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ بِسَبَبِ قِصَّةٍ وَقَعَتْ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ فِي ذَلِك وروى بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَل نَحْو الْقِصَّة وروى بن عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ السَّاعَةَ الْمُسْتَجَابَ فِيهَا الدُّعَاءُ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَأَنَّ مَأْخَذَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا وَقْتُ اجْتِمَاعِ الْمَلَائِكَةِ وَابْتِدَاءُ دُخُولِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ وَابْتِدَاءُ الْأَذَانِ وَنَحْوُ ذَلِكَ السَّادِسَ عَشَرَ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ رَوَاهُ بن الْمُنْذِرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ مِثْلُ يَوْمِ عَرَفَةَ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا الْعَبْدُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ قِيلَ أَيَّةُ سَاعَةٍ قَالَتْ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَهَذَا يُغَايِرُ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَذَانَ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنِ الزَّوَالِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى الْأَذَانِ الَّذِي بَيْنَ يَدَيِ الْخَطِيبِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الزَّوَالِ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ الرجل فِي الصَّلَاة ذكره بن الْمُنْذر عَن أبي السوار الْعَدوي وَحَكَاهُ بن الصَّبَّاغِ بِلَفْظِ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنَ الزَّوَالِ إِلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الزَّوَالِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ حَكَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ كَشَاسِبَ الدِّزْمَارِيُّ وَهُوَ بِزَايٍ سَاكِنَةٍ وَقَبْلَ يَاءِ النَّسَبِ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ فِي نُكَتِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ شَيْخُنَا سِرَاجُ الدِّينِ بْنُ الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَكَانَ الدِّزْمَارِيُّ الْمَذْكُورُ فِي عَصْرِ بن الصَّلَاحِ الْعِشْرُونَ مَا بَيْنَ خُرُوجِ الْإِمَامِ إِلَى أَن تُقَام الصَّلَاة رَوَاهُ بن الْمُنْذِرِ عَنِ الْحَسَنِ وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى الشَّعْبِيِّ عَنْ عَوْفِ بْنِ حَصِيرَةَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِثْلَهُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ عِنْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ رَوَاهُ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ فِي كِتَابِ التَّرْغِيبِ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلًا مَرَّتْ بِهِ وَهُوَ يَنْعَسُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ مَا بَيْنَ خُرُوجِ الْإِمَامِ إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ رَوَاهُ بن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ .

     قَوْلُهُ  وَمِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى .

     قَوْلُهُ  وَفِيه أَن بن عُمَرَ اسْتَصْوَبَ ذَلِكَ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ مَا بَيْنَ أَنْ يَحْرُمَ الْبَيْعُ إِلَى أَنْ يَحِلَّ رَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور وبن الْمُنْذِرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ .

     قَوْلُهُ  أَيْضًا قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَخَصُّ أَحْكَامِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ فَلَوِ اتَّفَقَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ بِحَيْثُ ضَاقَ الْوَقْتُ فَتَشَاغَلَ اثْنَانِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ فَخَرَجَ وَفَاتَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ لَأَثِمَا وَلَمْ يَبْطُلِ الْبَيْعُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ مَا بَيْنَ الْأَذَانِ إِلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ رَوَاهُ حميد بن زَنْجوَيْه عَن بن عَبَّاسٍ وَحَكَاهُ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ عَنْهُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أبي مُوسَى أَن بن عُمَرَ سَأَلَهُ عَمَّا سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ فِي سَاعَةِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَهَذَا الْقَوْلُ يُمْكِنُ أَنْ يُتَّخَذَ مِنَ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ عِنْدَ التَّأْذِينِ وَعِنْدَ تَذْكِيرِ الْإِمَامِ وَعِنْدَ الْإِقَامَةِ رَوَاهُ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ الصَّحَابِيِّ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ مِثْلُهُ لَكِنْ قَالَ إِذَا أُذِّنَ وَإِذَا رُقِيَ الْمِنْبَرُ وَإِذا أُقِيمَت الصَّلَاة رَوَاهُ بن أبي شيبَة وبن الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الصَّحَابِيِّ .

     قَوْلُهُ  قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مَا وَرَدَ عِنْدَ الْأَذَانِ مِنْ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ فَيَتَأَكَّدُ يَوْمَ الْجُمُعَةَ وَكَذَلِكَ الْإِقَامَةُ.

.
وَأَمَّا زَمَانُ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلِأَنَّهُ وَقْتُ اسْتِمَاعِ الذِّكْرِ وَالِابْتِدَاءِ فِي الْمَقْصُودِ مِنَ الْجُمُعَةِ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ حِينِ يَفْتَتِحُ الإِمَام الْخطْبَة حَتَّى يفرغ رَوَاهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ أَبِيهِ عَنْ بن عُمَرَ مَرْفُوعًا وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ إِذَا بَلَغَ الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ وَأَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ الثَّلَاثُونَ عِنْدَ الْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ حَكَاهُ الطِّيبِيُّ عَنْ بَعْضِ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ إنَّهَا عِنْدَ نُزُولِ الْإِمَامِ مِنَ الْمِنْبَر رَوَاهُ بن أبي شيبَة وَحميد بن زَنْجوَيْه وبن جرير وبن الْمُنْذِرِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ .

     قَوْلُهُ  وَحَكَاهُ الْغَزَالِيُّ قَوْلًا بِلَفْظِ إِذَا قَامَ النَّاسُ إِلَى الصَّلَاةِ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ حَتَّى يَقُومَ الْإِمَامُ فِي مقَامه حَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ عَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ نَحْوَهُ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ إِقَامَةِ الصَّفِّ إِلَى تَمام الصَّلَاة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وبن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا وَفِيهِ قَالُوا أَيَّةُ سَاعَةٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ إِلَى الِانْصِرَافِ مِنْهَا وَقَدْ ضَعَّفَ كَثِيرٌ رِوَايَةَ كَثِيرٍ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ مَا بَيْنَ أَنْ يَنْزِلَ الْإِمَامُ مِنَ الْمِنْبَر إِلَى أَن تَنْقَضِي الصَّلَاة وَرَوَاهُ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ مُغِيرَةَ عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَوْلَهُ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ إِلَيْهِ وَفِيه أَن بن عُمَرَ اسْتَحْسَنَ ذَلِكَ مِنْهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ وَمَسَحَ على رَأسه وروى بن جرير وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن بن سِيرِينَ نَحْوَهُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِيهَا الْجُمُعَة رَوَاهُ بن عَسَاكِر بِإِسْنَاد صَحِيح عَن بن سِيرِينَ وَهَذَا يُغَايِرُ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ إِطْلَاقِ ذَاكَ وَتَقْيِيدِ هَذَا وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ صَلَوَاتِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَأَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الْأَوْقَاتِ وَأَنَّ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَذَانِ وَالْخُطْبَةِ وَغَيْرِهِمَا وَسَائِلُ وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالذَّاتِ وَيُؤَيِّدُهُ وُرُودُ الْأَمْرِ فِي الْقُرْآنِ بِتَكْثِيرِ الذِّكْرِ حَالَ الصَّلَاةِ كَمَا وَرَدَ الْأَمْرُ بِتَكْثِيرِ الذِّكْرِ حَالَ الْقِتَالِ وَذَلِكَ فِي قولِهِ تَعَالَى إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تفلحون وَفِي قَوْلِهِ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله إِلَى أَنْ خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كثيرا لَعَلَّكُمْ تفلحون وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِيقَاعَ الذِّكْرِ بَعْدَ الِانْتِشَارِ وَإِنْ عطف عَلَيْهِ وَإِنَّمَا المُرَاد تَكْثِير الذّكر الْمشَار إِلَيْهِ أول الْآيَة وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غرُوب الشَّمْس رَوَاهُ بن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَمِنْ طَرِيقِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظ فالتمسوها بعد الْعَصْر وَذكر بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ قَوْلَهُ فَالْتَمِسُوهَا إِلَخْ مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ مِنْ قَوْلِ أَبِي سَلَمَةَ وَرَوَاهُ بن مَنْدَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَزَادَ أَغْفَلُ مَا يَكُونُ النَّاسُ وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ طَرِيقِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَخِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ كَقَوْل بن عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَفِيهِ قِصَّةٌ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى آخِرِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْعَصْرِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مُطْلَقًا وَرَوَاهُ بن عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظٍ وَهِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَرَوَاهُ بن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد مثله وَرَوَاهُ بن جُرَيْجٍ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ رَجُلٍ أَرْسَلَهُ عَمْرُو بْنُ أُوَيْسٍ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ وَسَمِعْتُهُ عَنِ الْحَكَمِ عَن بن عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَذِيُّ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ جَمِيعًا عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ قَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَطَاءٍ.

     وَقَالَ  شُعْبَةُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ.

     وَقَالَ  عبد الرَّزَّاق أخبرنَا معمر عَن بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّاهَا بَعْدَ الْعَصْر وَعَن بن جُرَيْجٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ لَا أعلمهُ إِلَّا عَن بن عَبَّاسٍ مِثْلَهُ فَقِيلَ لَهُ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ بَلَى لَكِنْ مَنْ كَانَ فِي مُصَلَّاهُ لَمْ يَقُمْ مِنْهُ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ وَسَطِ النَّهَارِ إِلَى قُرْبِ آخِرِ النَّهَارِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ الْأَرْبَعُونَ مِنْ حِينِ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَغِيبَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كِيسَانَ عَنْ طَاوُسٍ قَوْلَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الَّذِي بَعْدَهُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ آخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا وَفِي أَوَّلِهِ أَنَّ النَّهَارَ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُ السّنَن وبن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ .

     قَوْلُهُ  وَفِيهِ مُنَاظَرَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَاحْتِجَاجُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ بِأَنَّ مُنْتَظِرَ الصَّلَاةِ فِي صَلَاةٍ وروى بن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ قَوْلَهُ وَلَا الْقِصَّة وَمن طَرِيق بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ قَوْلَهُ.

     وَقَالَ  عبد الرَّزَّاق أخبرنَا بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامر فَذكر مثله وروى الْبَزَّار وبن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَبْدِ الله بن سَلام مثله وروى بن أَبِي خَيْثَمَةَ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ فَذَكَرتُ لَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يُعَرِّضْ بِذِكْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ قَالَ النَّهَارُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً وَإِنَّهَا لَفِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ.

.

قُلْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ إِنَّا لَنَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَعْضَ سَاعَةٍ.

.

قُلْتُ نَعَمْ أَوْ بَعْضَ سَاعَةٍ الْحَدِيثَ وَفِيهِ.

.

قُلْتُ أَيُّ سَاعَةٍ فَذَكَرَهُ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ.

.

قُلْتُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَيَكُونُ مَرْفُوعًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبَا سَلَمَةَ فَيَكُونُ مَوْقُوفًا وَهُوَ الْأَرْجَحُ لِتَصْرِيحِهِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ لَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَوَابِ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ مِنْ حِينِ يَغِيبُ نِصْفُ قُرْصِ الشَّمْسِ أَوْ مِنْ حِينِ تُدْلِي الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ إِلَى أَنْ يَتَكَامَلَ غُرُوبُهَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ والدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ وَفَضَائِلِ الْأَوْقَاتِ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ حَدَّثَتْنِي مُرْجَانَةُ مَوْلَاةُ فَاطِمَةَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ عَنْ أَبِيهَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ.

.

قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ قَالَ إِذَا تَدَلَّى نِصْفُ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ فَكَانَتْ فَاطِمَةُ إِذَا كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَرْسَلَتْ غُلَامًا لَهَا يُقَالُ لَهُ زَيْدٌ يَنْظُرُ لَهَا الشَّمْسَ فَإِذَا أَخْبَرَهَا أَنَّهَا تَدَلَّتْ لِلْغُرُوبِ أَقْبَلَتْ عَلَى الدُّعَاءِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ فِي إِسْنَادِهِ اخْتِلَافٌ عَلَى زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَفِي بَعْضِ رُوَاتِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَقَدْ أَخْرَجَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مَسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ فَاطِمَةَ لَمْ يَذْكُرْ مُرْجَانَةَ.

     وَقَالَ  فِيهِ إِذَا تَدَلَّتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ.

     وَقَالَ  فِيهِ تَقُولُ لِغُلَامٍ يُقَالُ لَهُ أَرْبَدُ اصْعَدْ عَلَى الظِّرَابِ فَإِذَا تَدَلَّتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ فَأَخْبِرْنِي وَالْبَاقِي نَحْوُهُ وَفِي آخِرِهِ ثُمَّ تُصَلِّي يَعْنِي الْمَغْرِبَ فَهَذَا جَمِيعُ مَا اتَّصَلَ إِلَيَّ مِنَ الْأَقْوَالِ فِي سَاعَةِ الْجُمُعَةِ مَعَ ذِكْرِ أَدِلَّتِهَا وَبَيَانِ حَالِهَا فِي الصِّحَّةِ وَالضَّعْفِ وَالرَّفْعِ وَالْوَقْفِ وَالْإِشَارَةِ إِلَى مَأْخَذِ بَعْضِهَا وَلَيْسَتْ كُلُّهَا مُتَغَايِرَةً مِنْ كُلِّ جِهَةٍ بَلْ كَثِيرٌ مِنْهَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَّحِدَ مَعَ غَيْرِهِ ثُمَّ ظَفَرْتُ بَعْدَ كِتَابَةِ هَذَا بِقَوْلٍ زَائِدٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ غَيْرُ مَنْقُولٍ اسْتَنْبَطَهُ صَاحِبُنَا الْعَلَّامَةُ الْحَافِظُ شَمْسُ الدِّينِ الْجَزَرِيُّ وَأَذِنَ لِي فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى الْحِصْنُ الْحَصِينِ فِي الْأَدْعِيَةِ لَمَّا ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِي سَاعَةِ الْجُمُعَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَقْوَالٍ مِمَّا تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ مَا نَصُّهُ وَالَّذِي أَعْتَقِدُهُ أَنَّهَا وَقْتُ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ الْفَاتِحَةَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إِلَى أَنْ يَقُولَ آمِينَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي صَحَّتْ كَذَا قَالَ وَيَخْدِشُ فِيهِ أَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَى الدَّاعِي حِينَئِذٍ الْإِنْصَاتَ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ يَحْسُنُ جَمْعُ الْأَقْوَالِ وَكَانَ قَدْ ذَكَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ عَشْرَةَ أَقْوَالٍ تَبَعًا لِابْنِ بَطَّالٍ قَالَ فَتَكُونُ سَاعَةُ الْإِجَابَةِ وَاحِدَةً مِنْهَا لَا بِعَيْنِهَا فَيُصَادِفُهَا مَنِ اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ فِي جَمِيعِهَا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ أَكْثَرِهَا أَنَّهُ يَسْتَوْعِبُ جَمِيعَ الْوَقْتِ الَّذِي عُيِّنَ بَلِ الْمَعْنَى أَنَّهَا تَكُونُ فِي أَثْنَائِهِ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَضَى يُقَلِّلُهَا وَقَوْلِهِ وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ وَفَائِدَةُ ذِكْرِ الْوَقْتِ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ فِيهِ فَيَكُونُ ابْتِدَاءُ مَظِنَّتِهَا ابْتِدَاءَ الْخُطْبَةِ مَثَلًا وَانْتِهَاؤُهُ انْتِهَاءَ الصَّلَاةِ وَكَأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْقَائِلِينَ عَيَّنَ مَا اتَّفَقَ لَهُ وُقُوعُهَا فِيهِ مِنْ سَاعَةٍ فِي أَثْنَاءِ وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَقِلُّ الِانْتِشَارُ جِدًّا وَلَا شَكَّ أَنَّ أَرْجَحَ الْأَقْوَالِ الْمَذْكُورَةِ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ أَصَحُّ الْأَحَادِيثِ فِيهَا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى وَأَشْهَرُ الْأَقْوَالِ فِيهَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ اه وَمَا عَدَاهُمَا إِمَّا مُوَافِقٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ أَوْ مَوْقُوفٌ اسْتَنَدَ قَائِلُهُ إِلَى اجْتِهَادٍ دُونَ تَوْقِيفٍ وَلَا يُعَارِضُهُمَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْسِيَهَا بَعْدَ أَنْ عَلِمَهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا سَمِعَا ذَلِكَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ أُنْسِيَ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي أَيِّهِمَا أَرْجَحُ فَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ النَّيْسَابُورِيِّ أَنَّ مُسْلِمًا قَالَ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى أَجْوَدُ شَيْء فِي هَذَا الْبَاب وأصحه وَبِذَلِك قَالَ الْبَيْهَقِيّ وبن الْعَرَبِيِّ وَجَمَاعَةٌ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ هُوَ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى غَيْرِهِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ بَلِ الصَّوَابُ وَجَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ الصَّوَابُ وَرَجَّحَهُ أَيْضًا بِكَوْنِهِ مَرْفُوعًا صَرِيحًا وَفِي أَحَدِ الصَّحِيحَيْنِ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى تَرْجِيحِ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ فَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ على ذَلِك.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ إِنَّهُ أَثْبَتُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ نَاسًا مِنَ الصَّحَابَةِ اجْتَمَعُوا فَتَذَاكَرُوا سَاعَةَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ افْتَرَقُوا فَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهَا آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَرَجَّحَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ أَيْضًا كَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَمِنَ الْمَالِكِيَّةِ الطُّرْطُوشِيُّ وَحَكَى العلائي أَن شَيْخه بن الزَّمْلَكَانِيِّ شَيْخَ الشَّافِعِيَّةِ فِي وَقْتِهِ كَانَ يَخْتَارُهُ وَيَحْكِيهِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَأَجَابُوا عَنْ كَوْنِهِ لَيْسَ فِي أَحَدِ الصَّحِيحَيْنِ بِأَنَّ التَّرْجِيحَ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا إِنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَا يَكُونُ مِمَّا انْتَقَدَهُ الْحُفَّاظُ كَحَدِيثِ أَبِي مُوسَى هَذَا فَإِنَّهُ أُعِلَّ بِالِانْقِطَاعِ وَالِاضْطِرَابِ أَمَّا الِانْقِطَاعُ فَلِأَنَّ مَخْرَمَةَ بْنَ بُكَيْرٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ قَالَهُ أَحْمَدُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مَخْرَمَةَ نَفْسِهِ وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مَخْرَمَةَ وَزَادَ إِنَّمَا هِيَ كُتُبٌ كَانَتْ عِنْدَنَا.

     وَقَالَ  عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَقُولُ عَنْ مَخْرَمَةَ إِنَّهُ قَالَ فِي شَيْءٍ مِنْ حَدِيثِهِ سَمِعْتُ أَبِي وَلَا يُقَالُ مُسْلِمٌ يَكْتَفِي فِي الْمُعَنْعَنِ بِإِمْكَانِ اللِّقَاءِ مَعَ الْمُعَاصَرَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ هُنَا لِأَنَّا نَقُولُ وُجُودُ التَّصْرِيحِ عَنْ مَخْرَمَةَ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ كَافٍ فِي دَعْوَى الِانْقِطَاعِ.

.
وَأَمَّا الِاضْطِرَابُ فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَوَاصِلٌ الْأَحْدَبُ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مِنْ قَوْلِهِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَبُو بُرْدَةَ كُوفِيٌّ فَهُمْ أَعْلَمُ بِحَدِيثِهِ مِنْ بُكَيْرٍ الْمَدَنِيِّ وَهُمْ عَدَدٌ وَهُوَ وَاحِدٌ وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ عِنْدَ أَبِي بُرْدَةَ مَرْفُوعًا لَمْ يُفْتِ فِيهِ بِرَأْيهِ بِخِلَافِ الْمَرْفُوعِ وَلِهَذَا جَزَمَ الدَّارَقُطْنِيُّ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ هُوَ الصَّوَابُ وَسَلَكَ صَاحِبُ الْهُدَى مَسْلَكًا آخَرَ فَاخْتَارَ أَنَّ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ مُنْحَصِرَةً فِي أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يُعَارِضُ الْآخَرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلَّ عَلَى أَحَدِهِمَا فِي وَقْتٍ وَعَلَى الْآخَرِ فِي وَقت آخر وَهَذَا كَقَوْل بن عَبْدِ الْبَرِّ الَّذِي يَنْبَغِي الِاجْتِهَادُ فِي الدُّعَاءِ فِي الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَسَبَقَ إِلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَهُوَ أَوْلَى فِي طَرِيقِ الْجَمْعِ.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ إِذَا عُلِمَ أَنَّ فَائِدَةَ الْإِبْهَامِ لِهَذِهِ السَّاعَةِ وَلِلَيْلَةِ الْقَدْرِ بَعْثُ الدَّاعِي عَلَى الْإِكْثَارِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ وَلَوْ بَيَّنَ لَاتَّكَلَ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ وَتَرَكُوا مَا عَدَاهَا فَالْعَجَبُ بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّنْ يَجْتَهِدُ فِي طَلَبِ تَحْدِيدِهَا وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ فَضْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِاخْتِصَاصِهِ بِسَاعَةِ الْإِجَابَةِ وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَفِيهِ فَضْلُ الدُّعَاءِ وَاسْتِحْبَابُ الْإِكْثَارِ مِنْهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى بَقَاءِ الْإِجْمَالِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الِاخْتِلَاف فِي بَقَاءِ الْإِجْمَالِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لَا فِي الْأُمُورِ الْوُجُودِيَّةِ كَوَقْتِ السَّاعَةِ فَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي إِجْمَالِهِ وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ الْمُتَعَلِّقُ بِسَاعَةِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَهُوَ تَحْصِيلُ الْأَفْضَلِيَّةِ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إِلَيْهِ وَالْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ بِاسْتِيعَابِ الْيَوْمِ أَوِ اللَّيْلَةِ فَلَمْ يَبْقَ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ إِجْمَالٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قِيلَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ حُصُولُ الْإِجَابَةِ لِكُلِّ دَاعٍ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ مَعَ أَنَّ الزَّمَانَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْمُصَلِّي فَيَتَقَدَّمُ بَعْضٌ عَلَى بَعْضٍ وَسَاعَةُ الْإِجَابَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْوَقْتِ فَكَيْفَ تَتَّفِقُ مَعَ الِاخْتِلَافِ أُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ سَاعَةُ الْإِجَابَةِ مُتَعَلِّقَةً بِفِعْلِ كُلِّ مُصَلٍّ كَمَا قِيلَ نَظِيرُهُ فِي سَاعَةِ الْكَرَاهَةِ وَلَعَلَّ هَذَا فَائِدَةُ جَعْلِ الْوَقْتِ الْمُمْتَدِّ مَظِنَّةً لَهَا وَإِنْ كَانَتْ هِيَ خَفِيفَةً وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَبَّرَ عَنِ الْوَقْتِ بِالْفِعْلِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ وَقْتُ جَوَازِ الْخُطْبَةِ أَو الصَّلَاة وَنَحْو ذَلِك وَالله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
الساعة التي في يوم الجمعة
[ قــ :907 ... غــ :935 ]
- حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالكٍ عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكر يوم الجمعة، فقال: ( ( فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ، وهو قائمٌ يصلي يسال الله شيئاً، إلا أعطاه إياه) ) - وأشار بيده يقللها.

وخرّجه في ( ( كتاب الطلاق) ) في ( ( باب: الإشارة في الطلاق وغيره) ) من طريق آخر، فقال:
نا مسددٌ: نا بشر بن المفضل: نا سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال أبو القاسم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( في الجمعة ساعةٌ، لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ، قائمٌ يصلي، يسأل الله خيراً، إلا أعطاه) ) –وقال بيده، ووضع أنملته على بطن الوسطى والخنصر، قلنا: يزهدها.

وخرّجه في ( ( الدعوات) ) - أيضاً - من روايةٍ أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة – بمعناه، وقال فيه: وقال بيده.
قلنا: يقللها، يزهدها.

قوله: ( ( في الجمعة) ) - وفي الرواية الأخرى: ( ( في يوم الجمعة –ساعةٌ) ) .

يقتضي أنها في كل يوم جمعةٍ: وهذا قولُ جمهور العلماء.

وقد تنازع في ذلك أبو هريرة وكعب، فقال: أبو هريرة في كل يوم جمعةٍ.

وقال كعبٌ: في السنة مرةً، ثم رجع كعب إلى قولُ أبي هريرة، ثم ذكر أبو هريرة لعبد الله بن سلامٍ ما قاله كعبٌ أولاً، فكذبه فقال له: إنه رجع عنه.

وقد زعم قوم أن ساعة الإجابة في الجمعة رفعت.

فروى عبد الرزاق في ( ( كتابه) ) بإسناده، أن أبا هريرة قيل له: زعموا أن ليلة القدر رفعت.
قال: كذب من قال ذلك.
قيل له: فهي في كل رمضان نستقبله؟ قال: نعم.
فقيل له: إنهم زعموا أن الساعة في يوم الجمعة التي لا يدعو فيها مسلم إلا استجيب له رفعت.
قال: كذب من قال ذلك.
قيل له: هي في كل جمعةٍ نستقبلها؟ قال: نعم.
وقوله: ( ( ساعةٌ) ) يحتمل أنه أراد بها الساعة الزمنية من ساعات النهار.

زقال عبد الله بن سلامٍ: النهار اثنا عشرة ساعةً، والساعة التي تذكر من يوم الجمعة آخر ساعات النهار.

خرّجه عبد الرزاق، عن ابن جريجٍ: حدثني موسى بن عقبة، أنه سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن، أنه سمع عبد الله بن سلام يقوله.

وهذا إسنادٌ صحيحٌ.

وقد رواه الجلاح أبو كثيرٍ، عن أبي سلمة، عن جابر، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمعناه.

خرّجه أبو داود والنسائي.

وعندي: أن روايةٍ موسى بن عقبة الموقوفة أصح.

ويعضده: أن جماعةً رووه، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن سلام، ومنهم من قال: عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن عبد الله بن سلامٍ، كما سياتي.

وظاهر هذا: أنها جزء من اثني عشر جزء من النهار، فلا تختلف بطول النهار وقصره، ولكن الإشارة إلى تقليلها يدل على أنها ليست ساعةً زمانيةً، بل هي عبارة عن زمن يسيرٍ.
وقوله –في الرواية الأخرى -: ( ( يزهدها) ) ، معناه: يقللها –أيضاً -، ومنه الزهد في الدنيا، وهو احتقارها وتقليلها وتحقيرها، هو من اعمال القلوب، لا من أعمال الجوارح.

وقد روي حديث يدل على أنها بعض ساعةٍ:
فروى الضحاك بن عثمان، عن سالمٍ أبي النضر، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن سلامٍ، قال: قلت –ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جالسٌ -: إنا لنجد في كتاب الله: في يوم الجمعة ساعة، لا يوافقها عبد مؤمن يصلي، يسأل الله شيئاً، إلا قضى له حاجته.
قال عبد الله: فاشار الي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( أو بعض ساعة) ) .
قلت: صدقت ( ( أو بعض ساعة) ) .
قلت: أي ساعة هي؟ قال: ( ( آخر ساعة من ساعات النهار) ) .
قلت: إنها ليست ساعة صلاةٍ؟ قال: ( ( بلى، أن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس، لا يجلسه إلا الصلاة، فهو في صلاة) ) .

خرّجه الإمام أحمد وابن ماجه، وهذا لفظه.

ورواته كلهم ثقات؛ لكن له علةٌ مؤثرةٌ، وهي أن الحفاظ المتقنين رووا هذا الحديث، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، في ذكر ساعة الإجابة، وعن عبد الله بن سلامٍ في تعيينها بعد العصر.

كذلك رواه محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

خرّجه من طريقه مالكٍ في ( ( الموطإ) ) ، وأحمد وأبو داود والترمذي، وصححه.

وذكر فيه: ( ( خيرٌ يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أهبط منها، وفيه ساعة الإجابة) ) ورفع ذلك كله.

ثم ذكر أبو هريرة، عن عبد الله بن سلامٍ، أنه قال له: هي بعد، وأنه ناظره في الصلاة فيها.

وكذا رواه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة مختصراً.

ورواه سعيدٍ بن الحارث، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة –مرفوعاً.

وفي روايةٍ عنه بالشك في رفعه في ساعة الإجابة، وجعل ذكر تعيينها من روايةٍ أبي سلمة، عن عبد الله بن سلامٍ.

وكذا رواه معمرٌ، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة.

ورواه الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فجعل الحديث كله عن كعب في: ( ( خيرٌ يومٍ طلعت فيه الشمس يوم الجمعة) ) .

لم يرفع منه شيئاً، وقال: لم اسمعه من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حدثني به كعبٌ.

ورواه حسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن كعب، قال: خير يوم طلعت فيه الشمس يوم جمعةٍ، فيه خلق الله آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة.
ورواه معاوية بن سلامٍ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة –موقوفاً.

ورواه محمد بن كثير، عن الأوزاعي، فرفعه.

ورفعه خطأٌ.

ورجح هذه الرواية أبو زرعة الدمشقي.

ويعضده –أيضاً -: روايةٍ حماد بن سلمة، عن قيس بن سعدٍ، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فرفع منه ذكر ساعة الإجابة، وجعل باقي الحديث في فضل يوم الجمعة، وما فيه من الخصال، وتعيين ساعة الإجابة كله من قولُ كعب.

ولعل هذا هو الأشبه.

وقد سبق أن موسى بن عقبة روى عن أبي سلمة، عن عبد الله بن سلامٍ قوله في تعيين ساعة الإجابة –أيضاً.

وخَّرج الإمام أحمد من روايةٍ فليح بن سليمان، عن سعيدٍ بن الحارث، عن أبي سلمة، أنه سمع أبا هريرة يحدث، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ساعة الإجابة.

قال: فلما توفي أبو هريرة قلت: لو جئت أبا سعيدٍ فسألته عن هذه الساعة.

أن يكون عنده منها علم، فاتيته، فسالته، فقال: سألنا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنها، فقال: ( ( إني كنت أعلمتها، ثم أنسيتها كما أنسيت ليلة القدر) ) .
قال: ثم خرجت من
عنده، فدخلت على عبد الله بن سلامٍ.

هكذا ساقه الإمام أحمد، ولم يذكر ما قاله ابن سلامٍ.

وقد خرّجه البزار بتمامه، وذكر فيه: أن ابن سلامٍ قال له: خلق الله آدم يوم الجمعة، وأسكنه الجنة يوم الجمعة، وأهبطه إلى الأرض يوم الجمعة، وتوفاه يوم الجمعة، وهو اليوم الذي تقوم فيه الساعة، وهي آخر ساعةٍ من يوم الجمعة.
قلت: ألست تعلم أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( ( في صلاةٍ) ) ؟ قال: أولست تعلم أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( من انتظر الصلاة فهو في صلاة) ) ؟ .

فهذه الرواية –أيضاً - تدل على أن ذكر فضل يوم الجمعة وما فيه من الخصال إنما هو من رواية أبي سلمة عن عبد الله بن سلامٍ، ورواية الأوزاعي وغيره تدل على أن هذا القدر كان أبو هريرة يرويه عن كعبٍ.

وقد روي عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( خيرٌ يومٍ طلعت فيه الشمس يوم الجمعة) ) ، وذكر ما فيه من الخصال من طرق متعددة، وهي معللة بما ذكرناه؛ ولذلك لم يخرّج البخاري منها شيئاً.

وقد خرّجه مسلم من طريق الاعرج، عن أبي هريرة –مرفوعاً.

وخرّجه ابن حبان من روايةٍ العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة – مرفوعاً.

وروي عن العلاء، عن إسحاق أبي عبد الله، عن أبي هريرة –مرفوعاً.

فتحرر من هذا: أن المرفوع عن أبي هريرة من الحديث ذكر ساعة الجمعة.

وزعم ابن خزيمة: أن قوله: ( ( خيرٌ يومٍ طلعت فيه الشمس يوم الجمعة) ) مرفوع –أيضاً - بغير خلافٍ، وأن الاختلاف عن أبي هريرة فيما بعد ذلك من ذكر الخصال التي في الجمعة.

وحديث أبي سعيدٍ يدل على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنسي معرفة وقتها، كما انسي معرفة ليلة القدر.

وقد روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في تعيينها أحاديث متعددةٌ:
ومن أغربها: أن ساعة الإجابة هي نهار الجمعة كله.

وهو من روايةٍ هانئ بن خالدٍ، عن أبي جعفر الرازي، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( الساعة التي في يوم الجمعة ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس) ) .

خرّجه العقيلي.

وقال: هانئ بن خالد حديثه غير محفوظ، وليس بمعروف بالنقل، ولا يتابع
عليه، ولا يعرف إلا به.

ومنها: أنها آخر نهار الجمعة:
روى عبد السلام بن حفص، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ... - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إن الساعة التي يتحرى فيها الدعاء يوم الجمعة هي آخر ساعة من
الجمعة)
)
.

خرّجه ابن عبد البر.

وقال: عبد السلام هذا مدني ثقةٌ.

قلت: رفعه منكرٌ، وعبد السلام هذا وان وثقه ابن معين، فقد قال فيه أبو حاتم الرزاي: ليس بالمعروف.

ولا يقبل تفرده برفع هذا.

وليته يصح موقوفاً، فقد روى شعبة والثوري، عن يونس بن خباب، عن
عطاء، عن أبي هريرة، قال: الساعة التي في الجمعة بعد العصر.

وخرّجه عبد الرزاق، عن الثوري، به، ولفظه: الساعة التي تقوم في يوم الجمعة ما بين العصر إلى أن تغرب الشمس.

وخرّجه وكيعٌ عن يونس، به.

ويونس بن خباب، شيعيٌ ضعيفٌ.

قال الدارقطني في ( ( العلل) ) : ومن رفعه عن الثوري فقد وهم.
وقال: وفيه نائلٌ: ( ( عن يونس بن عبيدٍ) ) ، ووهم فيه - أيضاً.

وروى إسماعيل بن عياش، عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن مسلم بن مسافر، عن أبي رزين، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إن في الجمعة ساعةً) ) –يقللها بيده - ( ( لا يوافقها عبدٌ مؤمنٌ وهو يصلي، فيسأل الله فيها إلا استجاب له) ) .
قيل: أي الساعات هي يا رسول الله؟ قال: ( ( ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس) ) .

خرّجه أبو أحمد الحاكم وأبو بكر عبد العزيز بن جعفر.

وإسناده لا يصح، وروايات إسماعيل بن عياش عن الحجازيين رديئةٌ.

وروى عبد الرزاق في ( ( كتابه) ) ، عن ابن جريجٍ: حدثني العباس، عن محمد بن مسلمة الأنصاري، عن أبي سعيدٍ الخدري وأبي هريرة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( إن في الجمعة ساعةً، لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ، يسأل الله عز وجل فيها خيراً، إلا أعطاه إياه، وهي بعد العصر) ) .

وخرّجه الإمام أحمد في ( ( مسنده) ) ، عن عبد الرزاق.

وخرّجه العقيلي في ( ( كتابه) ) .

وقال: العباس رجلٌ مجهولٌ، لا نعرفه، ومحمد بنمسلمة –أيضاً - مجهولٌ.
وذكر عن البخاري، أنه قال: محمد بن مسلمة الأنصاري، عن أبي سعيدٍ وأبي هريرة - في ساعة الجمعة -: لا يتابع عليه.

قال العقيلي: الرواية في فضل الساعة التي في يوم الجمعة ثابتهٌ عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غير هذا الوجه، فأما التوقيت، فالرواية فيه لينةٌ.

يعني بالتوقيت: تعيين ساعة الإجابة.

وروى فرج بن فضالة، عن علي بن أبي طلحة، عنابي هريرة، قال: قيل للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لأي شيءٍ سمي يوم الجمعة؟ قال: ( ( لأن فيها طبعت طينة أبيك آدم، وفيها الصعقة والبعثة، وفيها البطشة، وفي أخر ثلاث ساعاتٍ منها ساعةٌ، من دعا الله فيها استجيب له) ) .
خرّجه الإمام أحمد.

وفرج بن فضالة، مختلفٌ فيه، وقد ضعفه ابن معينٍ وغيره.

وعلي بن أبي طلحة، لم يسمع من أبي هريرة.

وروى محمد بن أبي حميد، عن موسى بن وردان، عن أنسٍ، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إلتمسوا الساعة التي ترجى في يوم الجمعة بعد العصر، إلى غيبوبة الشمس) ) .

خرّجه الترمذي.

وقال: غريبٌ.

ومحمد بن أبي حميد، منكر الحديث.

وخرّجه الطبراني من طريق ابن لهيعة، عن موسى بن وردان –بنحوه، وزاد في آخر الحديث: ( ( وهي قدر هذا) ) –يعني: قبضةً.

ويروى من حديث فاطمة –عليها السلام -، عن أبيها - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال في هذه الساعة: ( ( إذا تدلى نصف الشمس للغروب) ) .

وفي إسناده اضطرابٌ وانقطاعٌ وجهالةٌ، ولا يثبت إسناده.
وروى عبد الرزاق، عن عمر بن ذر، عن يحيى بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان في صلاة العصر يوم الجمعة، والناس خلفه إذ سنح كلبٌ ليمر بين أيديهم، فخر الكلب فمات قبل أن يمر، فلما أقبل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بوجهه على القوم قال: ( ( أيكم دعا على هذا الكلب؟) ) فقال رجل من القوم: أنا دعوت عليه.
فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( دعوت عليه في ساعة يستجاب فيها الدعاء) ) .

وهذا مرسلٌ.

ويروى بإسنادٍ منقطعٍ، عن أبي الدرداء –نحوه، إلا أن فيه: أنه دعا الله باسمه الأعظم، ولم يذكر الساعة.

ومنها: أنها الساعة التي تصلى فيها الجمعة:
فخرج مسلم في ( ( صحيحه) ) من حديث ابن وهبٍ، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن أبي بردة بن أبي موسى، قال: قال عبد الله بن عمر: أسمعت أباك يحدث عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في شأن الجمعة؟ قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( ( هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة) ) .

وروى البيهقي بإسناده، عن مسلمٍ، أنه قال: هذا أجود حديث وأصحه في ساعة الجمعة.

وقال الدارقطني: تفرد به ابن وهبٍ، وهو صحيح عنه.
ورواه أبو إسحاق، عن أبي بردة، واختلف عليه، فرواه إسماعيل بن عمرو، عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ثم خرّجه بإسناده من هذه الطريق، ولفظه: ( ( الساعة التي يرجى فيها يوم الجمعة عند نزول الإمام) ) .

وخالفه النعمان بن عبد السلام، فرواه عن الثوري بهذا الإسناد –موقوفاً.

يعني: على أبي موسى.

ثم أسنده من طريقه كذلك، ولفظه: ( ( الساعة التي تذكر في الجمعة ما بين نزول الإمام عن منبره إلى دخوله في الصلاة) ) .

قال: وخالفهما يحيى القطان، فرواه عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة – قوله.

وكذلك رواه عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة – قوله.

وكذلك رواه معاوية بن قرة ومجالد، عن أبي بردة – من قوله.
وحديث مخرمة بن بكرٍ أخرجه مسلم في ( ( الصحيح) ) .

والمحفوظ: من روايةٍ الآخرين، عن أبي بردة –قوله، غير مرفوع.
انتهى.

وكذلك رواه واصل بن حيانٍ، عن أبي بردة، قال: ذكر عند ابن عمر الساعة التي في الجمعة، فقلت: إني أعلم أي الساعة هي.
قال: وما يدريك؟ قلت: هي الساعة التي يخرج فيها الإمام، وهي أفضل الساعات.
قال: بارك الله عليك.

وروى كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إن في الجمعة ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئاً ألا آتاه إياه) ) .
قالوا:
يا رسول الله، أية ساعة هي؟ قال: ( ( حين تقام الصلاة إلى الانصراف منها) ) .

خرّجه ابن ماجه والترمذي.

وقال: حسنٌ غريبٌ.

وكثيرٌ هذا، يحسن البخاري والترمذي وغيرهما أمره.
وقال بعضهم: أحاديثه عن أبيه عن جده أحبُ إلينا من مراسيل ابن المسيب.
وضعف الأكثرون حديثه.
وضرب الإمام أحمد عليه، ولم يخرجه في ( ( مسنده) ) .

قال أبو بكر الأثرم: إما وجه اختلاف هذه الأحاديث، فلن يخلو من وجهين: إما أن يكون بعضها أصح من بعضٍ، وإما أن تكون هذه الساعة تنتقل في الأوقات، كانتقال ليلة القدر في ليالي العشر.

قال: وأحسن ما يعمل به في ذلك: أن تلتمس في جميع هذه الأوقات، احتياطاً واستظهاراً.
انتهى.

فأما القول بانتقالها فهو غريبٌ.

وقد روي عن كعبٍ، قال: لو قسم إنسان جمعة في جمع أتى علي تلك الساعة.

يعني: أنه يدعو كل جمعةٍ في ساعة ساعة حتى يأتي على جميع ساعات اليوم.

قال الزهري: ما سمعنا فيها بشيء عن احد احدثه الا هذا.

وهذا يدل على أنها لا تنتقل، وهو ظاهر أكثر الأحاديث والآثار.

وأما التماسها في جميع مظانها، فقد روي نحوه عن أبي هريرة.

فحكى ابن المنذر، عنه، أنه قال: هي بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس.
وهذا رواه ليث بن أبي سليم، عن مجاهد وطاوس، عن أبي هريرة، وفي ليث مقال، لا سيما إذا جمع في الاسناد بين الرجال.

ولم يرد أبو هريرة –والله أعلم – أنها ساعتان: في أول النهار وآخره، إنما أراد أنها تلتمس في هذين الوقتين.

ونقل ابن منصورٍ، عن إسحاق، قال: بعد العصر، لا أكاد أشك فيه، وترجى بعد زوال الشمس.

كذا نقله ابن منصورٍ في ( ( مسائله) ) عنه، ونقله الترمذي في ( ( جامعه) ) عن
أحمد.

وإنما نقله ابن منصورٍ عن أحمد، والترمذي إنما ينقل كلام أحمد وإسحاق من ( ( مسائل ابن منصورٍ، عنهما) ) كما ذكر ذلك في آخر ( ( كتابه) ) .

ولا أعلم في التماسها في أول النهار عن أحدٍ من السلف غير هذا.

والمشهور عنهم قولان:
أحدهما: أنها تلتمس بعد العصر إلى غروب الشمس، وقد سبق عن أبي هريرة وعبد الله بن سلامٍ.

وروى سعيدٍ بن منصورٍ بإسناده، عن أبي سلمة، قال: اجتمع ناسٌ من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فتذاكروا الساعة التي في يوم الجمعة، فتفرقوا ولم يختلفوا أنها آخر ساعةٍ من يوم الجمعة.

وروى سعيدٍ بن جبير، عن ابن عباسٍ، أنه سئل عن تلك الساعة التي في الجمعة، فقال: خلق الله آدم بعد العصر يوم الجمعة، وخلقه من أديم الأرض كلها، فأسجد له ملائكته، وأسكنه جنته فلله ما أمسى ذلك اليوم حتى عصاه، فأخرجه منها.

خرّجه عبد الرزاق وغيره.

وهذا يدل على ترجيح ابن عباسٍ لما بعد العصر في وقت هذه الساعة؛ لخلق آدم فيها، وإدخاله الجنة، وإخراجه منها، وهو يشبه استنباطه في ليلة القدر، أنها ليلة سابعة.

وكذلك كان طاوس يتحرى الساعة التي في يوم الجمعة بعد العصر.

وعنه، أنه قال: الساعة من يوم الجمعة التي تقوم فيها الساعة، والتي أنزل فيها آدم، والتي لا يدعو الله فيها المسلم بدعوة صالحة إلا استجيب له: من حين تصفر الشمس إلى أن تغرب.

وهذا يشبه قول عبد الله بن سلامٍ، أنها آخر ساعةٍ من نهار الجمعة.

وروي مثله عن كعبٍ –أيضاً.
فأهل هذا القول، منهم من جعل وقت التماسها ما بين العصر وغروب الشمس، ومنهم من خصه بآخر ساعةٍ من الساعات.

وقال أحمد –في روايةٍ ابن منصورٍ -: أكثر الأحاديث بعد العصر.

وقال - في روايةٍ الميموني –كذلك، وزاد: قيل له: قبل أن تطفل.

الشمس للغروب؟ قالَ: لا أدري، إلا أنها بعد العصر.

وظاهر هذا: أن ما بعد العصر إلى غروب الشمس كله في التماسها سواءٌ.

والقول الثاني: أنها بعد زوال الشمس.

وقد تقدم عن ابن عمر وأبي بردة، أنها ساعةٍ صلاة الجمعة.

وروى عبد الله بن حجيرة عن أبي ذر، أنها من حين تزيغ الشمس بشبر إلى
ذراعٍ.

وعن عائشة، أنها إذا أذن المؤذن بصلاة الجمعة.
وقال عوف بن مالكٍ: اطلبوا ساعةٍ الجمعة في إحدى ثلاث ساعات: عند تأذين الجمعة، أو ما دام الإمام على المنبر، أو عند الاقامة.

خرّجه محمد بن يحيى الهمداني في ( ( صحيحه) ) .

وعن الحسن وأبي العالية، قالا: عند زوال الشمس.

وعن الحسن، قال: هي إذا قعد الإمام على المنبر حتى يفرغ.

وعن أبي السوار العدوي، قال: كانوا يرون أن الدعاء مستجابٌ ما بين أن تزول الشمس إلى أن تدركك كل صلاة.

وعن ابن سيرين، قال: هي الساعة التي كان يصلي فيها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وعن الشعبي، قال: هي ما بين أن يحرم البيع إلى أن يحل.

وعنه، قال: مابين خروج الإمام إلى انقضاء الصلاة.

وعن الشعبي، عن عوف بن حصيرة، قال: هي من حين تقام الصلاة إلى انصراف الإمام.

وروي، أن عمر سأل ابن عباسٍ عنها؟ فقال: أرجو أنها الساعة التي يخرج لها الإمام.
خرّجه الإسماعيلي في ( ( مسند عمر) ) بإسنادٍ ضعيفٍ.

وذكر عن أبي القاسم البغوي، أنه قال: هذا واهٍ، وقد روي عن ابن عباسٍ خلافه.

يشير إلى أن المعروف عنه أنها بعد العصر، كما رواه عنه سعيد بن جبير، وقد تقدم.

فهذه الاقوال متفقة على أنها بعد زوال الشمس، ومختلفة في الظاهر في قدر امتدادها.

فمنهم من يقول: وقت الأذان.

ومنهم من يقول: ما دام الإمام على المنبر.

ومنهم من يقول: عند الاقامة.

ومنهم من يقول: من حين تقام الصلاة إلى انصراف الإمام فيها.

ومنهم من يقول: ما بين أن يحرم البيع بالنداء أو تزول الشمس –على اختلاف لهم فيما يحرم به البيع – إلى أن يحل بانقضاء الصلاة.

وهذا القول –أعني: أنها بعد زوال الشمس إلى انقضاء الصلاة، أو أنها ما بين أن تقام الصلاة إلى أن يفرغ منها –أشبه بظاهر قولُ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ قائمٌ يصلي يسأل الله فيها شيئاً إلا أعطاه إياه) ) ، فإنه أن أريد به صلاة الجمعة كانت من حين إقامتها إلى الفراغ منها، وإن أريد به صلاة التطوع كانت من زوال الشمس إلى خروج الإمام؛ فإن هذا وقت صلاة تطوعٍ، وإن أريد بها أعم من ذلك –وهو الأظهر – دخل فيه صلاة التطوع بعد زوال الشمس، وصلاة الجمعة إلى انقضائها.
وليس في سائر الأوقات التي قالها أهل القول الأول وقت صلاة؛ فإن بعد العصر إلى غروب الشمس، وبعد الفجر إلى طلوع الشمس وقت نهي عن الصلاة فيه، اللهم إلاّ أن يراد بقولهم: بعد العصر: دخول وقت العصر والتطوع قبلها.

ومرسل يحيى بن إسحاق بن أبي طلحة يشهد له.

من قال: إن منتظر الصلاة في صلاةٍ صحيحٌ، لكن لا يقال فيه قائم.

وقول يصلي؛ فإن ظاهر هذا اللفظ حمله على القيام الحقيقي في الصلاة الحقيقية.

وقد روى عبد الرزاق في ( ( كتابه) ) نا يحيى بن زمعة: سمعت عطاءً يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( في يوم الجمعة ساعةٌ، لا يوافقها عبدٌ وهو يصلي، أو ينتظر الصلاة، يدعو الله فيها بشيء إلا استجاب له) ) .

وهذا غريبٌ.

ويحيى بن زمعة هذا، غير مشهورٌ، ولم يعرفه ابن أبي حاتم باكثر من روايته عن عطاءٍ، ورواية عبد الرزاق عنه.

وهذه الرواية تدل على أن المراد بالصلاة حقيقة الصلاة؛ لأنه فرق بين المصلي ومنتظر الصلاة، وجعلهما قسمين.

وتدل على أن ساعةٍ الجمعة يمكن فيها وقوع الصلاة وانتظارها، وهذا بما بعد الزوال أشبه؛ لأن أول تلك الساعة ينتظر فيها الصَّلاة ويتنفل فيها بالصلاة، وآخرها يصلى فيهِ الجمعة.
وخَّرج ابن أبي شيبة بإسناده، عن هلال بن يساف، قالَ: قالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إن في الجمعة لساعةً، لا يوافقها رجلٌ مسلمٌ، يسأل الله فيها خيراً، إلا أعطاه) ) فقالَ رجل: يا رسول الله، فماذا اسال؟ فقال: ( ( سل الله العافية في الدنيا والآخرة) ) .

وهذا مرسلٌ.


* * *

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب السَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ
( باب الساعة التي) يستجاب فيها الدعاء ( في يوم الجمعة) .


[ قــ :907 ... غــ : 935 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: «فِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهْوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ».
وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا.
[الحديث 935 - طرفاه 5294، 6400] .


وبالسند قال.
( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي ( عن مالك) الإمام ( عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( أن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ذكر يوم الجمعة فقال) :
( فيه ساعة) أبهمها هنا كليلة القدر، والاسم الأعظم، والرجل الصالح، حتى تتوفر الدواعي على مراقبة ذلك اليوم.

وقد روي: "إن لربكم في أيام دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لها"، ويوم الجمعة من جملة تلك الأيام، فينبغي أن يكون العبد في جميع نهاره متعرضًا لها بإحضار القلب، وملازمة الذكر والدعاء، والنزوع عن وساوس الدنيا، فعساه يحظى بشيء من تلك النفحات.

وهل هذه الساعة باقية أو رفعت؟
وإذا قلنا بأنها باقية، وهو الصحيح، فهل هي في جمعة واحدة من السنة؟ أو في كل جمعة منها؟
قال بالأول كعب الأحبار لأبي هريرة، وردّه عليه فرجع لما راجع التوراة إليه.
والجمهور على وجودها في كل جمعة.

ووقع تعيينها في أحاديث كثيرة: أرجحها حديث مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، مرفوعًا: "أنها ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تقضى الصلاة".
رواه مسلم وأبو داود.

وقول عبد الله بن سلام، المروي عند مالك، وأبي داود والترمذي والنسائي، وابن خزيمة، وابن حبان، من حديث أبي هريرة أنه قال لعبد الله بن سلام: أخبرني ولا تضنّ.
فقال عبد الله بن سلام: هي آخر ساعة في يوم الجمعة.
قال أبو هريرة: فقلت: كيف تكون آخر ساعة في يوم الجمعة وقد قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلّي ... " وتلك الساعة لا يصلّى فيها؟ فقال عبد الله بن سلام: ألم يقل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "من جلس مجلسًا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلّي ... " الحديث.

واختلف أيّ الحديثين أرجح؟ فرجح مسلم، فيما ذكره البيهقي، حديث أبي موسى، وبه قال جماعة منهم ابن العربي، والقرطبي، وقال: هو نص في موضع الخلاف فلا يلتفت إلى غيره، وجزم في الروضة بأنه الصواب.
ورجحه بعضهم أيضًا بكونه مرفوعًا صريحًا، وبأنه في أحد الصحيحين.

وتعقب بأن الرجيح بما فيهما، أو في أحدهما، إنما هو حيث لم يكن مما انتقده الحفاظ، وهذا قد انتقد لأنه أعلّ بالانقطاع والاضطراب، لأن مخرمة بن بكير لم يسمع من أبيه، قاله أحمد، عن حماد بن خالد، عن مخرمة نفسه.


وقد رواه أبو إسحاق، وواصل الأحدب، ومعاوية بن قرة، وغيرهم عن أبي بردة من قوله، وهؤلاء من الكوفة، وأبو بردة منها أيضًا، فهو أعلم بحديثه من بكير المدني، وهم عدد وهو واحد.

ورجح آخرون: كأحمد وإسحاق، قول ابن سلام، واختاره ابن الزملكاني، وحكاه عن نص الشافعي ميلاً إلى: أن هذه رحمة من الله تعالى للقائمين بحق هذا اليوم، فأوان إرسالها عند الفراغ من تمام العمل.

وقيل في تعيينها غير ذلك مما يبلغ نحو الأربعين، أضربت عنها خوف الإطالة، لا سيما وليست كلها متغايرة، بل كثير منها يمكن اتحاده مع غيره.

وما عدا القولين المذكورين موافق لهما.
أو لأحدهما، أو ضعيف الإسناد، أو موقوف استند قائله إلى اجتهاد دون توقيف.

وحقيقة الساعة المذكورة: جزء من الزمان مخصوص، وتطلق على جزء من اثني عشر من مجموع النهار، أو على جزء مقدّر من الزمان فلا يتحقق، أو على الوقت الحاضر.

ووقع في حديث جابر، المروي عند أبي داود وغيره مرفوعًا بإسناد حسن، ما يدل للأوّل، ولفظه: "يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة، فيه ساعة ... إلخ".

( لا يوافقها) أي لا يصادفها ( عبد مسلم) قصدها أو اتفق له وقوع الدعاء فيها ( وهو قائم) جملة اسمية حالية، ( يصلّي) جملة فعلية حالية.

والجملة الأولى خرجت مخرج الغالب، لأن الغالب في المصلي أن يكون قائمًا، فلا يعمل بمفهومها.
وهو أنه لم يكن قائمًا لا يكون له هذا الحكم:
أو المراد بالصلاة: انتظارها، أو الدعاء.
وبالقيام: الملازمة والمواظبة، لا حقيقة القيام، لأن منتظر الصلاة في حكم الصلاة، كما مر من قول عبد الله بن سلام لأبي هريرة، جمعًا بينه وبين قوله: إنها من العصر إلى الغروب.

ومن ثم، سقط عند أبي مصعب وابن أبي أويس، ومطرف، والتنيسي وقتيبة قوله:
قائم يصلّي ( يسأل الله تعالى) فها ( شيئًا) مما يليق أن يدعو به المسلم، ويسأل فيه ربه تعالى.

ولمسلم من رواية محمد بن زياد، عن أبي هريرة، كالمصنف في الطلاق من رواية ابن علقمة، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة: "يسأل الله خيرًا".

ولابن ماجة.
من حديث أبي أمامة: "ما لم يسأل حرامًا".

ولأحمد من حديث سعد بن عبادة: "ما لم يسأل إثمًا أو قطيعة رحم".
وقطيعة رحم من جملة الإثم، فهو من عطف الخاص على العام للاهتمام به.

( إلاّ أعطاه إياه) ( وأشار) في رواية أبي مصعب عن مالك: وأشار رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بيده) الشريفة حال كونه ( يقللها) من التقليل، خلاف الكثير.

وللمصنف من رواية سلمة بن علقمة المذكورة: ووضع أنملته على بطن الوسطى، أو الخنصر، قلنا: يزهدها.
وبيّن أبو مسلم الكجي أن الذي وضع هو: بشر بن الفضل، راوية عن سلمة بن علقمة، وكأنه فسر الإشارة بذلك:
وأنها ساعة لطيفة، تنتقل ما بين وسط النهار إلى قرب آخره، وبهذا يحصل الجمع بينه وبين قوله: يزهدها، أي: يقللها.

ولمسلم: وهي ساعة خفيفة.

فإن قلت: قد سبق حديث "يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة، فيه ساعة ... إلخ "، ومقتضاه أنها غير خفيفة.

أجيب: بأنه ليس المراد أنها مستغرقة للوقت المذكور، بل المراد أنها لا تخرج عنه، لأنها لحظة خفيفة، كما مر.
وفائدة ذكر الوقت أنها تنتقل فيه، فيكون ابتداء مظنتها ابتداء الخطبة مثلاً، وانتهاؤها وانتهاء الصلاة.

واستشكل حصول الإجابة لكل داع بشرطه، مع اختلاف الزمان باختلاف البلاد والمصلي، فيتقدم بعض على بعض، وساعة الإجابة متعلقة بالوقت، فكيف يتفق مع الاختلاف؟
وأجيب: باحتمال أن تكون ساعة الإجابة متعلقة بفعل كل مصلٍّ، كما قيل نظيره في ساعة الكراهة.
ولعل هذه فائدة جعل الوقت الممتد مظنة لها، وإن كانت هي خفيفة.
قاله في فتح الباري.

وهذا الحديث أخرجه مسلم والنسائي في الجمعة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ السَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان السَّاعَة الَّتِي الدعْوَة فِيهَا مستجابة فِي يَوْم الْجُمُعَة.



[ قــ :907 ... غــ :935 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مَالِكٍ عنْ أبِي الزِّنادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَقَالَ فيهِ ساعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ وَهْوَ قائِمٌ يُصَلِّي يَسْألُ الله تَعَالَى شيْئا إلاَّ أعْطَاهُ إيَّاهُ وأشَارَ بِيَدِهِ ويُقَلِّلُهَا.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِيهِ ذكر السَّاعَة الَّتِي فِي يَوْم الْجُمُعَة، فَفِي كل من الحَدِيث والترجمة السَّاعَة مُبْهمَة، وَقد بيّنت فِي أَحَادِيث أُخْرَى كَمَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

وَرِجَاله قد تكَرر ذكرهم، وَأَبُو الزِّنَاد، بالزاي وَالنُّون: عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج هُوَ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.

وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْجُمُعَة عَن يحيى بن يحيى وقتيبة وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ أَيْضا عَن قُتَيْبَة وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن مُحَمَّد بن مسلمة عَن ابْن الْقَاسِم عَن مَالك بِهِ، وروى هَذَا الحَدِيث عَن أبي هُرَيْرَة ابْن عَبَّاس وَأَبُو مُوسَى وَمُحَمّد بن سِيرِين وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَهَمَّام وَمُحَمّد بن زِيَاد وَأَبُو سعيد المَقْبُري وَسَعِيد بن الْمسيب وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَأَبُو رَافع وَأَبُو الْأَحْوَص وَأَبُو بردة وَمُجاهد وَيَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن.
أما طَرِيق ابْن عَبَّاس فأخرجها النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة.
وَأما طَرِيق أبي مُوسَى فَذكرهَا الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله.
وَأما طَرِيق ابْن سِيرِين فأخرجها البُخَارِيّ فِي الطَّلَاق على مَا سَيَأْتِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَأما طَرِيق أبي سَلمَة فأخرجها أَبُو دَاوُد حَدثنَا القعْنبِي عَن مَالك عَن يزِيد بن عبد الله بن الْهَاد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (خير يَوْم طلعت فِيهِ الشَّمْس يَوْم الْجُمُعَة) ، الحَدِيث بِطُولِهِ، وَفِيه: (وفيهَا سَاعَة لَا يصادفها عبد مُسلم وَهُوَ يُصَلِّي يسْأَل الله حَاجَة إلاّ أعطَاهُ إِيَّاهَا) .
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن مُوسَى الْأنْصَارِيّ حَدثنَا معن حَدثنَا مَالك بن أنس إِلَى آخِره نَحوه، وَأخرجه النَّسَائِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد قَالَ: حَدثنَا بكر وَهُوَ ابْن مُضر عَن ابْن الْهَاد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: (أتيت الطّور فَوجدت فِيهِ كَعْبًا) الحَدِيث بِطُولِهِ، وَفِيه: (وفيهَا سَاعَة لَا يصادفها عبد مُؤمن وَهُوَ فِي الصَّلَاة يسْأَل الله تَعَالَى شَيْئا إلاّ أعطَاهُ إِيَّاه) .
وَأما طَرِيق همام فأخرجها مُسلم.
وَأما طَرِيق مُحَمَّد بن زِيَاد فأخرجها مُسلم أَيْضا.
وَأما طَرِيق أبي سعيد المَقْبُري فأخرجها النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة.
وَأما طَرِيق سعيد بن الْمسيب فأخرجها النَّسَائِيّ أَيْضا فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة.
وَأما طَرِيق عَطاء من أبي رَبَاح فأخرجها الدَّارَقُطْنِيّ.

     وَقَالَ : وَهُوَ مَوْقُوف.
وَمن رَفعه فقد وهم.
وَأما طَرِيق أبي رَافع فَذكرهَا الدَّارَقُطْنِيّ فِي (علله) .
وَأما طَرِيق أبي الْأَحْوَص فأخرجها الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا.

     وَقَالَ : الْأَشْبَه عَن ابْن مَسْعُود.
وَأما طَرِيق أبي بردة وَمُجاهد فذكرهما الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا.
وَأما طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب فَذكرهَا أَبُو عمر بن عبد الْبر وصححها.

قَوْله: (لَا يُوَافِقهَا) أَي: لَا يصادفها وَهَذِه اللَّفْظَة أَعم من أَن يقْصد لَهَا أَو يتَّفق لَهُ وُقُوع الدُّعَاء فِيهَا.
قَوْله: (مُسلم) وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: (مُؤمن) .
قَوْله: (وَهُوَ قَائِم) جملَة إسمية وَقعت حَالا..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: قَوْله: (وَهُوَ قَائِم) ، مَفْهُومه أَنه لَو لم يكن قَائِما لَا يكون لَهُ هَذَا الحكم، ثمَّ أجَاب بِأَن شَرط مَفْهُوم الْمُخَالفَة أَن لَا يخرج مخرج الْغَالِب، وَهَهُنَا ورد بِنَاء على أَن الْغَالِب فِي الْمُصَلِّي أَن يكون قَائِما، فَلَا اعْتِبَار لهَذَا الْمَفْهُوم، قَوْله: (يُصَلِّي) ، جملَة فعلية حَالية.
وَقَوله: (يسْأَل الله) أَيْضا جملَة حَالية من الْأَحْوَال المترادفة أَو المتداخلة..
     وَقَالَ  بَعضهم: (وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي يسْأَل الله) ، صِفَات: (لمُسلم) قلت: لَا يَصح ذَلِك لِأَن لفظ: مُسلم، وَلَفظ: صَالح، صفتان لعبد، وَالصّفة والموصوف فِي حكم شَيْء وَاحِد، والنكرة إِذا اتصفت يكون حكمهَا حكم الْمعرفَة، فَلَا يجوز وُقُوع الْجمل بعْدهَا صِفَات لَهَا، لِأَن الْجمل لَا تقع صفة للمعرفة، بل إِذا وَقعت بعْدهَا تكون حَالا كَمَا هُوَ الْمُقَرّر فِي مَوْضِعه، وَالْعجب مِنْهُ أَنه قَالَ: وَيحْتَمل أَن يكون: يُصَلِّي، حَالا فَلَا وَجه لذكر الِاحْتِمَال لكَونه حَالا محققا.
قَوْله: (قَائِم يُصَلِّي) يحْتَمل الْحَقِيقَة، أَعنِي حَقِيقَة الْقيام، وَيحْتَمل: الدُّعَاء وَيحْتَمل الِانْتِظَار وَيحْتَمل الْمُوَاظبَة على الشَّيْء لَا الْوُقُوف من قَوْله تَعَالَى: { مَا دمت عَلَيْهِ قَائِما} (آل عمرَان: 75) .
يَعْنِي: مواظبا.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: قَالَ بَعضهم: معنى (يُصَلِّي) ، يَدْعُو، وَمعنى: (قَائِم) ، ملازم ومواظب، وَإِنَّمَا ذكر هَذِه الِاحْتِمَالَات لِئَلَّا يرد الْإِشْكَال بأصح الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي تعْيين السَّاعَة الْمَذْكُورَة، وهما حديثان: أَحدهمَا من جُلُوس الْخَطِيب على الْمِنْبَر إِلَى انْصِرَافه من الصَّلَاة.
وَالْآخر: من بعد الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس، فَفِي الأول حَال الْخطْبَة كُله، وَلَيْسَت صَلَاة حَقِيقَة وَفِي الثَّانِي: لَيست سَاعَة صَلَاة أَلا ترى أَن أَبَا هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لما روى حَدِيثه الْمَذْكُور قَالَ: (فَلَقِيت عبد الله بن سَلام، فَذكرت لَهُ هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: أَنا أعلم تِلْكَ السَّاعَة، فَقلت: أَخْبرنِي بهَا وَلَا تضنن بهَا عَليّ { قَالَ: هِيَ بعد الْعَصْر إِلَى أَن تغرب الشَّمْس.
قلت: وَكَيف تكون بعد الْعَصْر وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا يُوَافِقهَا عبد مُسلم وَهُوَ يُصَلِّي) ، وَتلك السَّاعَة لَا يُصَلِّي فِيهَا؟ قَالَ عبد الله ابْن سَلام: أَلَيْسَ قد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من جلس مَجْلِسا ينْتَظر الصَّلَاة فَهُوَ فِي صَلَاة؟ قلت: بلَى، قَالَ: فَهُوَ ذَاك) انْتهى.
فَهَذَا دلّ على أَن المُرَاد من الصَّلَاة الدُّعَاء وَمن الْقيام الْمُلَازمَة والمواظبة لَا حَقِيقَة الْقيام، وَلِهَذَا سقط قَوْله: (قَائِم) ، من رِوَايَة أبي مُصعب وَابْن أبي أويس ومطرف والتنيسي وقتيبة، وأثبتها الْبَاقُونَ.
قَالَ أَبُو عمر: وَهَذِه زِيَادَة مَحْفُوظَة عَن أبي الزِّنَاد من رِوَايَة مَالك وورقاء وَغَيرهمَا عَنهُ، وَكَانَ مُحَمَّد بن وضاح يَأْمر بِحَذْف هَذِه الزِّيَادَة من الحَدِيث لأجل أَنه كَانَ يسْتَشْكل بالإشكال الَّذِي ذَكرْنَاهُ، وَلَكِن الْجَواب مَا ذَكرْنَاهُ.
قَوْله: (شَيْئا) أَي: مِمَّا يَلِيق أَن يَدْعُو بِهِ الْمُسلم وَيسْأل الله، وَفِي رِوَايَة عِنْد البُخَارِيّ فِي الطَّلَاق: (يسْأَل الله خيرا) ، وَفِي رِوَايَة لمُسلم كَذَلِك، وَفِي رِوَايَة ابْن مَاجَه: (مَا لم يسْأَل حَرَامًا) .
وَعند أَحْمد فِي حَدِيث سعد بن عبَادَة: (مَا لم يسْأَل إِثْمًا أَو قطيعة رحم) ، فَإِن قلت: قطيعة رحم من جملَة الْإِثْم.
قلت: هُوَ من عطف الْخَاص على الْعَام للاهتمام بِهِ.
قَوْله: (وَأَشَارَ بِيَدِهِ) ، أَي: وَأَشَارَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ، وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة أبي مُصعب عَن مَالك.
قَوْله: (يقللها) ، جملَة وَقعت حَالا، وَهُوَ من التقليل خلاف التكثير، يُرِيد أَن السَّاعَة لَحْظَة خَفِيفَة، وَفِي رِوَايَة لمُسلم: (يزهدها) ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ،، وَفِي لفظ: (وَهِي سَاعَة خَفِيفَة) ، وللطبراني فِي (الْأَوْسَط) فِي حَدِيث أنس: (وَهِي قدر هَذَا) ، يَعْنِي قَبْضَة.
ثمَّ بَقِي الْكَلَام هُنَا فِي بَيَان السَّاعَة الْمَذْكُورَة وَبَيَان مَا فِيهَا من الْأَقْوَال وَهُوَ مُشْتَمل على وُجُوه:
الأول: فِي حَقِيقَة السَّاعَة، وَهِي: اسْم لجزء مَخْصُوص من الزَّمَان وَيرد على أنحاء: أَحدهَا يُطلق على جُزْء من أَرْبَعَة وَعشْرين جزأ، وَهِي مَجْمُوع الْيَوْم وَاللَّيْلَة، وَتارَة تطلق مجَازًا على جُزْء مَا غير مُقَدّر من الزَّمَان.
فَلَا يتَحَقَّق.
وَتارَة تطلق على الْوَقْت الْحَاضِر، ولأربابُ النُّجُوم والهندسة وضع آخر، وَذَلِكَ أَنهم يقسمون كل نَهَار وكل لَيْلَة بِاثْنَيْ عشر قسما سَوَاء كَانَ النَّهَار طَويلا أَو قَصِيرا، وَكَذَلِكَ اللَّيْل، ويسمون كل سَاعَة من هَذِه الْأَقْسَام سَاعَة، فعلى هَذَا تكون السَّاعَة تَارَة طَوِيلَة وَتارَة قَصِيرَة على قدر النَّهَار فِي طوله وقصره، ويسمون هَذِه السَّاعَات المعوجة، وَتلك الأول: مُسْتَقِيمَة.

الثَّانِي: إِن فِي هَذِه السَّاعَة اخْتِلَافا هَل هِيَ بَاقِيَة أَو رفعت؟ فَزعم قوم أَنَّهَا رفعت، حَكَاهُ أَبُو عمر بن عبد الْبر وزيفه،.

     وَقَالَ  عِيَاض: رده السّلف على قَائِله، وَاحْتج أَبُو عمر فِيهِ بِمَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج عَن دَاوُد بن أبي عَاصِم (عَن عبد الله بن يحنس مولى مُعَاوِيَة، قَالَ: قلت لأبي هُرَيْرَة: زَعَمُوا أَن السَّاعَة الَّتِي فِي يَوْم الْجُمُعَة قد رفعت؟ قَالَ: كذب من قَالَ ذَلِك.
قلت: فَهِيَ بَاقِيَة فِي كل جُمُعَة اسْتَقْبلهَا؟ قَالَ: نعم) .
إِسْنَاده قوي، قَالَ أَبُو عمر على هَذَا تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار.
وَفِي (صَحِيح الْحَاكِم) من حَدِيث أبي سَلمَة: (قلت: يَا أَبَا سعيد، إِن أَبَا هُرَيْرَة حَدثنَا عَن السَّاعَة الَّتِي فِي يَوْم الْجُمُعَة، هَل عنْدك فِيهَا علم؟ فَقَالَ: سَأَلنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهَا، فَقَالَ: إِنِّي كنت أعلمها ثمَّ أنسيتها كَمَا أنسيت لَيْلَة الْقدر) .
ثمَّ قَالَ: صَحِيح.
وخرجه ابْن خُزَيْمَة أَيْضا فِي (صَحِيحه) وَفِي (كتاب ابْن زَنْجوَيْه) : عَن مُحَمَّد ابْن كَعْب الْقرظِيّ أَن كَلْبا مر بعد الْعَصْر فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ رجل من الصَّحَابَة: اللَّهُمَّ اقتله، فَمَاتَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد وَافق هَذَا السَّاعَة الَّتِي إِذا دعِي اسْتُجِيبَ.

الثَّالِث: أَنَّهَا لما ثَبت أَنَّهَا بَاقِيَة، هَل هِيَ فِي كل جُمُعَة أَو فِي جُمُعَة وَاحِدَة من كل سنة؟ قَالَ كَعْب الْأَحْبَار: فِي كل سنة يَوْم، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة، بلَى فِي كل جُمُعَة}
قَالَ: فَقَرَأَ كَعْب التَّوْرَاة، فَقَالَ: صدق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ، فَرجع كَعْب إِلَيْهِ.

الْوَجْه الرَّابِع: فِي بَيَان وَقتهَا، وَهُوَ على أَقْوَال، فَقيل: هِيَ مخفية فِي جَمِيع الْيَوْم كليلة الْقدر، قَالَه ابْن قدامَة، وَحَكَاهُ القَاضِي عِيَاض وَغَيره، وَنَقله ابْن الصّباغ عَن كَعْب الْأَحْبَار.
وَالْحكمَة فِي إخفائها الْجد وَالِاجْتِهَاد فِي طلبَهَا فِي كل الْيَوْم كَمَا أخْفى أولياءه فِي خلقه تحسينا للظن بالصالحين.
وَقيل: إِنَّهَا تنْتَقل فِي يَوْم الْجُمُعَة وَلَا تلْزم سَاعَة مُعينَة لَا ظَاهِرَة وَلَا مخفية، قَالَ الْغَزالِيّ: هَذَا أشبه الْأَقْوَال، وَجزم بِهِ ابْن عَسَاكِر وَغَيره..
     وَقَالَ  الْمُحب الطَّبَرِيّ: إِنَّه هُوَ الْأَظْهر.
وَقيل: إِذا أذن الْمُؤَذّن لصَلَاة الْغَدَاة، ذكره ابْن أبي شيبَة.
وَقيل: من طُلُوع الْفجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس، وَرَوَاهُ ابْن عَسَاكِر من طَرِيق أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَن لَيْث بن أبي سليم عَن مُجَاهِد عَن أبي هُرَيْرَة، قَوْله: وَقيل مثله، وَزَاد: وَمن الْعَصْر إِلَى الْغُرُوب، رَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور عَن خلف بن خَليفَة عَن لَيْث ابْن أبي سليم عَن مُجَاهِد عَن أبي هُرَيْرَة، وَتَابعه فُضَيْل بن عِيَاض عَن لَيْث عَن ابْن الْمُنْذر، وَقيل مثله وَزَاد: وَمَا بَين أَن ينزل الإِمَام من الْمِنْبَر إِلَى أَن يكبر، رَوَاهُ حميد بن زَنْجوَيْه فِي (التَّرْغِيب) لَهُ من طَرِيق عَطاء بن قُرَّة عَن عبد الله بن سَمُرَة عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: التمسوا السَّاعَة الَّتِي يُجَاب فِيهَا الدُّعَاء يَوْم الْجُمُعَة فِي هَذِه الْأَوْقَات الثَّلَاثَة، فَذكرهَا.
وَقيل: إِنَّهَا أول سَاعَة بعد طُلُوع الشَّمْس، حَكَاهُ الْمُحب الطَّبَرِيّ.
وَقيل: عِنْد طُلُوع الشَّمْس، حَكَاهُ الْغَزالِيّ فِي (الْإِحْيَاء) وَقيل: فِي آخر الثَّالِثَة من النَّهَار، لما رَوَاهُ أَحْمد من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: (يَوْم الْجُمُعَة فِيهِ طبعت طِينَة آدم، وَفِي آخِره ثَلَاث سَاعَات مِنْهُ سَاعَة، من دعى الله تَعَالَى فِيهَا اسْتُجِيبَ لَهُ) .
وَفِي إِسْنَاده فَرح بن فضَالة وَهُوَ ضَعِيف، وَعلي لم يسمع من أبي هُرَيْرَة.
وَقيل: من الزَّوَال إِلَى أَن يصير الظل نصف ذِرَاع، حَكَاهُ الْمُحب الطَّبَرِيّ فِي (الْأَحْكَام) وَقيل: مثله لَكِن قَالَ إِلَى أَن يصير الظل ذِرَاعا، حَكَاهُ عِيَاض والقرطبي وَالنَّوَوِيّ.
وَقيل: بعد زَوَال الشَّمْس بشبر إِلَى ذِرَاع، رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر وَابْن عبد الْبر بِإِسْنَاد قوي إِلَى الْحَارِث بن يزِيد الْحَضْرَمِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن حجيرة عَن أبي ذَر أَن امْرَأَته سَأَلته عَنْهَا فَقَالَ ذَلِك.
وَقيل: إِذا زَالَت الشَّمْس، حَكَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة، وروى ابْن سعد فِي (الطَّبَقَات) : عَن عبيد الله بن نَوْفَل نَحوه، وروى ابْن عَسَاكِر من طَرِيق سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ السَّاعَة المستجاب فِيهَا الدُّعَاء إِذا زَالَت الشَّمْس.
وَقيل: إِذا أذن الْمُؤَذّن لصَلَاة الْجُمُعَة، رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: يَوْم الْجُمُعَة مثل يَوْم عَرَفَة تفتح فِيهِ أَبْوَاب السَّمَاء، وَفِيه سَاعَة لَا يسْأَل الله فِيهَا العَبْد شَيْئا إلاّ أعطَاهُ.
قيل: أَيَّة سَاعَة؟ قَالَت: إِذا أذن الْمُؤَذّن لصَلَاة الْجُمُعَة، وَالْفرق بَينه وَبَين القَوْل الَّذِي قبله من حَيْثُ إِن الْأَذَان قد يتَأَخَّر عَن الزَّوَال.
وَقيل: من الزَّوَال إِلَى أَن يدْخل الرجل فِي الصَّلَاة، ذكره ابْن الْمُنْذر عَن أبي السوار الْعَدوي، وَحَكَاهُ ابْن الصّباغ بِلَفْظ: إِلَى أَن يدْخل الإِمَام.
وَقيل: من الزَّوَال إِلَى خُرُوج الإِمَام، حَكَاهُ القَاضِي أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ: وَقيل: من الزَّوَال إِلَى غرُوب الشَّمْس، حُكيَ عَن الْحسن وَنَقله صَاحب (التَّوْضِيح) .
وَقيل: مَا بَين خُرُوج الإِمَام إِلَى أَن تُقَام الصَّلَاة، رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن.
وَقيل: عِنْد خُرُوج الإِمَام، رُوِيَ ذَلِك عَن الْحسن.
وَقيل: مَا بَين خُرُوج الإِمَام إِلَى أَن تَنْقَضِي الصَّلَاة، رَوَاهُ ابْن جرير من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن سَالم عَن الشّعبِيّ.
قَوْله: (من طَرِيق مُعَاوِيَة) بن قُرَّة عَن أبي بردة لبن ابي مُوسَى، قَوْله: (وَفِيه أَن ابْن عمر استصوب ذَلِك) .
وَقيل: مَا بَين أَن يحرم البيع إِلَى أَن يحل، رَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ.
قَوْله: (وَقيل مَا بَين الْأَذَان إِلَى انْقِضَاء الصَّلَاة) ، رَوَاهُ حميد بن زَنْجوَيْه عَن ابْن عَبَّاس، وَحَكَاهُ الْبَغَوِيّ فِي (شرح السّنة) عَنهُ.
وَقيل: مَا بَين أَن يجلس الإِمَام على الْمِنْبَر إِلَى أَن تَنْقَضِي الصَّلَاة، رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد من طَرِيق مخرمَة بن بكير عَن أَبِيه عَن أبي بردة بن أبي مُوسَى أَن ابْن عمر سَأَلَهُ عَمَّا سمع من أَبِيه فِي سَاعَة الْجُمُعَة، فَقَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وسلمد، يَقُول، فَذكره.
.
وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا وَالْقَوْلَان اللَّذَان قبله متحدة.
وَقيل: عِنْد التأذين، وَعند تذكير الإِمَام، وَعند الْإِمَامَة، رَوَاهُ حميد بن زَنْجوَيْه من طَرِيق سليم بن عَامر عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ الصَّحَابِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَقيل: مثله لَكِن قَالَ: إِذا أذن وَإِذا رقي الْمِنْبَر، وَإِذا أُقِيمَت الصَّلَاة، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي أُمَامَة الصَّحَابِيّ.
قَوْله.
وَقيل: من حِين يفْتَتح الإِمَام الْخطْبَة حَتَّى يفرغها، رَوَاهُ ابْن عبد الْبر من طَرِيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن ابْن عمر مَرْفُوعا، وَإِسْنَاده ضَعِيف.
وَقيل: إِذا بلغ الْخَطِيب الْمِنْبَر وَأخذ فِي الْخطْبَة، حَكَاهُ الْغَزالِيّ فِي (الْإِحْيَاء) .
وَقيل: عِنْد الْجُلُوس بَين الْخطْبَتَيْنِ حَكَاهُ الطَّيِّبِيّ عَن بعض شرَّاح (المصابيح) .
وَقيل: عِنْد نزُول الإِمَام عَن الْمِنْبَر، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَحميد بن زَنْجوَيْه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر بِإِسْنَاد صَحِيح إِلَى أبي إِسْحَاق عَن أبي بردة قَوْله.
وَقيل: حِين تُقَام الصَّلَاة حَتَّى يقوم الإِمَام فِي مقَامه، حَكَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن أَيْضا، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث مَيْمُونَة بنت سعد نَحوه مَرْفُوعا بِإِسْنَاد ضَعِيف.
وَقيل: من إِقَامَة الصَّلَاة إِلَى تَمام الصَّلَاة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه من طَرِيق كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده مَرْفُوعا، وَفِيه قَالُوا: (أَيَّة سَاعَة يَا رَسُول الله؟ قَالَ: حِين تُقَام الصَّلَاة إِلَى الِانْصِرَاف مِنْهَا) .
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي (شعب الْإِيمَان) من هَذَا الْوَجْه بِلَفْظ: (مَا بَين أَن ينزل الإِمَام من الْمِنْبَر إِلَى أَن تَنْقَضِي الصَّلَاة) ، وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة من طَرِيق مُغيرَة عَن وَاصل الأحدب عَن أبي بردة قَوْله، وَإِسْنَاده قوي، وَفِيه أَن ابْن عمر اسْتحْسنَ ذَلِك مِنْهُ.
وبرك عَلَيْهِ وَمسح على رَأسه، وَرَوَاهُ ابْن جرير وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن ابْن سِيرِين نَحوه.
وَقيل: هِيَ السَّاعَة الَّتِي كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِيهَا الْجُمُعَة، رَوَاهُ ابْن عَسَاكِر بِإِسْنَاد صَحِيح عَن ابْن سِيرِين.
وَقيل: من صَلَاة الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس، رَوَاهُ ابْن جرير من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا، وَمن طَرِيق صَفْوَان بن سليم عَن أبي سَلمَة عَن أبي سعيد مَرْفُوعا بِلَفْظ: (فالتمسوها بعد الْعَصْر) ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من طَرِيق مُوسَى بن وردان عَن أنس مَرْفُوعا بِلَفْظ: بعد الْعَصْر إِلَى غيبوبة الشَّمْس، وَإِسْنَاده ضَعِيف.
وَقيل: فِي صَلَاة الْعَصْر، رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن عمر بن أبي ذَر عَن يحيى بن إِسْحَاق بن أبي طَلْحَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُرْسلا.
وَقيل: بعد الْعَصْر إِلَى آخر وَقت الِاخْتِيَار، حَكَاهُ الْغَزالِيّ فِي (الْأَحْيَاء) .
وَقيل: بعد الْعَصْر مُطلقًا، رَوَاهُ أَحْمد من طَرِيق مُحَمَّد بن سَلمَة الْأنْصَارِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة وَابْن سعيد مَرْفُوعا بِلَفْظ: (وَهِي بعد الْعَصْر) ، وَرَوَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد مثله.
وَقيل: من حِين تصفر الشَّمْس إِلَى أَن تغيب، رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج عَن إِسْمَاعِيل بن كيسَان عَن طَاوُوس قَوْله.
وَقيل: آخر سَاعَة بعد الْعَصْر، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث جَابر مَرْفُوعا، وَلَفظه: (يَوْم الْجُمُعَة ثنتا عشرَة، يُرِيد سَاعَة لَا يُوجد مُسلم يسْأَل الله شَيْئا إلاّ أَتَاهُ الله، فالتمسوها آخر السَّاعَة يَوْم الْجُمُعَة) ، وَأخرجه النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم.
وَقيل: من حِين يغيب نصف قرص الشَّمْس إِلَى أَن يتكامل غُرُوبهَا، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي (الْعِلَل) وَالْبَيْهَقِيّ فِي (الشّعب) و (فَضَائِل الْأَوْقَات) من طَرِيق زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم: (حَدَّثتنِي مرْجَانَة مولاة فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: حَدَّثتنِي فَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، عَن أَبِيهَا ... فَذكر الحَدِيث، وَفِيه: (قلت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَي سَاعَة هِيَ؟ قَالَ: إِذا تدلى نصف الشَّمْس للغروب، فَكَانَت فَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا ...
فَهَذِهِ أَرْبَعُونَ قولا، وَكثير من هَذِه الْأَقْوَال يُمكن اتحاده مَعَ غَيره..
     وَقَالَ  الْمُحب الطَّبَرِيّ: أصح الْأَحَادِيث فِيهَا حَدِيث أبي مُوسَى، وَأشهر الْأَقْوَال فِيهَا قَول عبد الله بن سَلام..
     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى مُسلم أَنه قَالَ: حَدِيث أبي مُوسَى أَجود شَيْء فِي هَذَا الْبابُُ وأصحه، وَبِذَلِك قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَابْن الْعَرَبِيّ وَجَمَاعَة آخَرُونَ..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ هُوَ نَص فِي مَوضِع الْخلاف فَلَا يلْتَفت إِلَى غَيره..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: هُوَ الصَّحِيح بل الصَّوَاب، وَجزم فِي (الرَّوْضَة) أَنه هُوَ الصَّوَاب، وَرجح أَيْضا بِكَوْنِهِ مَرْفُوعا صَرِيحًا فِي أحد الصَّحِيحَيْنِ، وَذهب الأخرون إِلَى تَرْجِيح قَول عبد الله بن سَلام، فَحكى التِّرْمِذِيّ عَن أَحْمد أَنه قَالَ: أَكثر الْأَحَادِيث على ذَلِك..
     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: إِنَّه أثبت شَيْء فِي هَذَا الْبابُُ قلت: حَدِيث أبي مُوسَى أخرجه مُسلم من رِوَايَة مخرمَة بن بكير عَن أَبِيه عَن أبي بردة بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، قَالَ: (قَالَ لي عبد الله بن عمر: أسمعت أَبَاك؟ .
.
) الحَدِيث، وَقد ذَكرْنَاهُ، وَلما روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أنس وَأبي هُرَيْرَة قَالَ: وَفِي الْبابُُ عَن أبي مُوسَى وَأبي ذَر وسلمان وَعبد الله بن سَلام وَأبي أُمَامَة وَسعد بن عبَادَة.
قلت: وَفِيه أَيْضا: عَن جَابر وَعلي بن أبي طَالب وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وَفَاطِمَة بنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومَيْمُونَة بنت سعد.
فَحَدِيث أبي مُوسَى عِنْد مُسلم كَمَا ذَكرْنَاهُ، وَحَدِيث أبي ذَر عِنْد.
وَحَدِيث سلمَان عِنْد وَحَدِيث عبد الله بن سَلام عِنْد ابْن مَاجَه.
وَحَدِيث أبي أُمَامَة عِنْد ابْن مَاجَه أَيْضا.
وَحَدِيث سعد بن عبَادَة عِنْد أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ.
وَحَدِيث جَابر عِنْد أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ.
وَحَدِيث عَليّ بن أبي طَالب عِنْد الْبَزَّار.
وَحَدِيث أبي سعيد عِنْد أَحْمد.
وَحَدِيث فَاطِمَة عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) .
وَحَدِيث مَيْمُونَة بنت سعد عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) [/ ح.

وَقَالَ شَيخنَا شَارِح التِّرْمِذِيّ: حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَصَحهَا وَلَيْسَ بَين حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَبَين حَدِيث أبي مُوسَى اخْتِلَاف وَلَا تبَاين، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف بَين حَدِيث أبي مُوسَى وَبَين الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي كَونهَا بعد الْعَصْر أَو آخر سَاعَة مِنْهُ، فإمَّا أَن يُصَار إِلَى الْجمع أوالترجيح، فَأَما الْجمع فَإِنَّمَا يُمكن بِأَن يُصَار إِلَى القَوْل بالانتقال، وَإِن لم يقل بالانتقال يكون الْأَمر بالترجيح، فَلَا شكّ أَن الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي كَونهَا بعد الْعَصْر أرجح لكثرتها واتصالها بِالسَّمَاعِ، وَلِهَذَا لم يخْتَلف فِي رَفعهَا، والاعتضاد بِكَوْنِهِ قَول أَكثر الصَّحَابَة فَفِيهَا أوجه من وُجُوه التَّرْجِيح.

وَفِي حَدِيث أبي مُوسَى وَجه وَاحِد من وُجُوه التَّرْجِيح، وَهُوَ كَونه فِي أحد الصَّحِيحَيْنِ دون بَقِيَّة الْأَحَادِيث، وَلَكِن عَارض كَونه فِي أحد الصَّحِيحَيْنِ أَمْرَانِ: أَحدهمَا: أَنه لَيْسَ مُتَّصِلا بِالسَّمَاعِ بَين مخرمَة بن بكير وَبَين أَبِيه بكير بن عبد الله بن الْأَشَج، قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: مخرمَة ثِقَة وَلم يسمع من أَبِيه،.

     وَقَالَ  عَبَّاس الدوري عَن ابْن معِين: مخرمَة ضَعِيف الحَدِيث لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء، يَقُولُونَ: إِن حَدِيثه عَن أَبِيه كتاب.
وَالْأَمر الثَّانِي: أَن أَكثر الروَاة جَعَلُوهُ من قَول أبي بردة مَقْطُوعًا، وَأَنه لم يرفعهُ غير مخرمَة عَن أَبِيه، وَهَذَا الحَدِيث مِمَّا استدركه الدَّارَقُطْنِيّ على مُسلم.