هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
909 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ ، وَبَعْدَ المَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ ، وَبَعْدَ العِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ ، وَكَانَ لاَ يُصَلِّي بَعْدَ الجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
909 حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين ، وبعدها ركعتين ، وبعد المغرب ركعتين في بيته ، وبعد العشاء ركعتين ، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف ، فيصلي ركعتين
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ ، وَبَعْدَ المَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ ، وَبَعْدَ العِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ ، وَكَانَ لاَ يُصَلِّي بَعْدَ الجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ .

Narrated `Abdullah bin `Umar:

Allah's Messenger (ﷺ) used to pray two rak`at before the Zuhr prayer and two rak`at after it. He also used to pray two rak`at after the Maghrib prayer in his house, and two rak`at after the `Isha' prayer. He never prayed after Jumua prayer till he departed (from the Mosque), and then he would pray two rak`at at home.

'AbdulLâh ben 'Umar: Le Messager d'Allah () faisait deux rak'a avant et deux rak'a après le duhr. Il faisait après le maghrib deux rak'a chez lui.

":"ہم سے عبداللہ بن یوسف تنیسی نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہمیں امام مالک رحمہ اللہ نے نافع سے خبر دی ، ان سے حضرت عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما نے بیان کیا کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم ظہر سے پہلے دو رکعت ، اس کے بعد دو رکعت اور مغرب کے بعد دو رکعت اپنے گھر میں پڑھتے اور عشاء کے بعد دو رکعتیں پڑھتے اور جمعہ کے بعد دو رکعتیں جب گھر واپس ہوتے تب پڑھا کرتے تھے ۔

'AbdulLâh ben 'Umar: Le Messager d'Allah () faisait deux rak'a avant et deux rak'a après le duhr. Il faisait après le maghrib deux rak'a chez lui.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [937] قَوْلِهِ وَيُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  كَانَ يُطِيلُ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَيَشْتَغِلُ بِالْخُطْبَةِ ثُمَّ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَذَلِكَ مُطْلَقُ نَافِلَةٍ لَا صَلَاةٌ رَاتِبَةٌ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِسُنَّةِ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا بَلْ هُوَ تَنَفُّلٌ مُطْلَقٌ وَقَدْ وَرَدَ التَّرْغِيبُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ وَغَيْرِهِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ ثُمَّ صَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ وَوَرَدَ فِي سُنَّةِ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَحَادِيثُ أُخْرَى ضَعِيفَةٌ مِنْهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِلَفْظِ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَعَنْ عَلِيٍّ مِثْلُهُ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّهْمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ.

     وَقَالَ  الْأَثْرَمُ إِنَّهُ حَدِيثٌ واه وَمِنْهَا عَن بن عَبَّاسٍ مِثْلُهُ وَزَادَ لَا يُفْصَلُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ أخرجه بن مَاجَهْ بِسَنَدٍ وَاهٍ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ إِنَّه حَدِيث بَاطِل وَعَن بن مَسْعُودٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَيْضًا مِثْلُهُ وَفِي إِسْنَادِهِ ضعف وَانْقِطَاع وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن بن مَسْعُود مَوْقُوفا وَهُوَ الصَّوَاب وروى بن سَعْدٍ عَنْ صَفِيَّةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْقُوفًا نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ سُلَيْكٍ قَبْلَ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُرَادَ بِالرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَمَرَهُ بِهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَّةُ الْجُمُعَةِ وَالْجَوَابُ عَنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ الْمَذَاهِبِ فِي كَرَاهَةِ التَّطَوُّعِ نِصْفَ النَّهَارِ وَمَنِ اسْتَثْنَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ دُونَ بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ فِي بَابِ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلَاةَ إِلَّا بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ فِي أَوَاخِرِ الْمَوَاقِيتِ وَأَقْوَى مَا يُتَمَسَّكُ بِهِ فِي مَشْرُوعِيَّةِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ عُمُوم مَا صَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مَرْفُوعًا مَا مِنْ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ إِلَّا وَبَيْنَ يَدَيْهَا رَكْعَتَانِ وَمِثْلُهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمَاضِي فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ حَدِيثِ بن عُمَرَ فِي أَبْوَابِ التَّطَوُّعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ الْآيَةَ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تُطْعِمُهُمْ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَقِيلَ أَرَادَ بِذَلِكَ بَيَانَ أَنَّ الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ فَانْتَشِرُوا وَابْتَغُوا لِلْإِبَاحَةِ لَا لِلْوُجُوبِ لِأَنَّ انْصِرَافَهُمْ إِنَّمَا كَانَ لِلْغَدَاءِ ثُمَّ لِلْقَائِلَةِ عِوَضًا مِمَّا فَاتَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ لِاشْتِغَالِهِمْ بِالتَّأَهُّبِ لِلْجُمُعَةِ ثُمَّ بِحُضُورِهَا وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الصَّارِفَ لِلْأَمْرِ عَنِ الْوُجُوبِ هُنَا كَوْنُهُ وَرَدَ بَعْدَ الْحَظْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْوُجُوبِ بَلِ الْإِجْمَاعُ هُوَ الدَّالُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الْمَذْكُورَ لِلْإِبَاحَةِ وَقَدْ جَنَحَ الدَّاوُدِيُّ إِلَى أَنَّهُ عَلَى الْوُجُوبِ فِي حَقِّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الظَّاهِرِيَّةِ وَقِيلَ هُوَ فِي حَقِّ مَنْ لَا شَيْءَ عِنْدَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَأُمِرَ بِالطَّلَبِ بِأَيِّ صُورَةٍ اتَّفَقَتْ لِيَفْرَحَ عِيَالُهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ انْتَشِرُوا وَابْتَغُوا إِشَارَةً إِلَى اسْتِدْرَاكِ مَا فَاتَكُمْ مِنَ الَّذِي انْفَضَضْتُمْ إِلَيْهِ فَتَنْحَلُّ إِلَى أَنَّهَا قَضِيَّةٌ شَرْطِيَّةٌ أَيْ مَنْ وَقَعَ لَهُ فِي حَالِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاتِهَا زَمَانَ يَحْصُلُ فِيهِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مَنْ أَمْرِ دُنْيَاهُ وَمَعَاشِهِ فَلَا يَقْطَعِ الْعِبَادَةَ لِأَجْلِهِ بَلْ يَفْرَغُ مِنْهَا وَيَذْهَبُ حِينَئِذٍ لِتَحْصِيلَ حَاجَتِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [937] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَبَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ.
وَكَانَ لاَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ".
[الحديث أطرافه في: 1165، 1172، 1180] .
وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) الإمام (عن نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب، رضي الله عنهما، ولابن عساكر: عن ابن عمر (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كان يصلّي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلّي بعد الجمعة حتى ينصرف) من المسجد إلى بيته (فيصلّي) فيه (ركعتين) لأنه لو صلاهما في المسجد ربما يتوهم أنهما اللتان حذفتا.
وصلاة النفل في الخلوة أفضل، ولم يذكر شيئًا في الصلاة قبلها، والظاهر أنه قاسها على الظهر.
وأقوى ما يستدل به في مشروعيتها، عموم ما صححه ابن حبان من حديث عبد الله بن الزبير، مرفوعًا: "ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان".
وأما احتجاج النووي في الخلاصة على إثباتها بما في بعض طرق حديث الباب، عند أبي داود وابن حبّان، من طريق أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلّي بعدها ركعتين في بيته، ويحدث: أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يفعل ذلك.
فتعقب بأن قوله: كان يفعل ذلك، عائد على قوله: ويصلّي بعد الجمعة ركعتين في بيته.
ويدل له رواية الليث، عن نافع، عن عبد الله: أنه كان إذا صلّى الجمعة انصرف فسجد سجدتين في بيته.
ثم قال: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصنع ذلك.
رواه مسلم.
وأما قوله: كان يطيل الصلاة قبل الجمعة، فإن كان المراد بعد دخول الوقت فلا يصح أن يكون مرفوعًا، لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كان يخرج إذا زالت الشمس، فيشتغل بالخطبة، ثم بصلاة الجمعة، وإن كان المراد قبل دخول الوقت، فذاك مطلق نافلة، لا صلاة راتبة، فلا حجة فيه لسُنّة الجمعة التي قبلها، بل هو تنفل مطلق، قاله في الفتح.
وينبغي أن يفصل بين الصلاة التي بعد الجمعة وبينها، ولو بنحو كلام أو تحول، لأن معاوية أنكر على من صلّى سُنّة الجمعة في مقامها، وقال له: إذا صليت الجمعة فلا تصلّها بصلاة حتى تخرج؛ أو تتكلم، فإن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمرنا بذلك، أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نخرج أو نتكلم، رواه مسلم.
وقال أبو يوسف: يصلّي بعدها ستًّا، وقال أبو حنيفة ومحمد: أربعًا كالتي قبلها، له: أنه عليه الصلاة والسلام، كان يصلّي بعد الجمعة أربعًا، ثم يصلّي ركعتين إذا أراد الانصراف، ولهما، قوله عليه الصلاة والسلام، من شهد منكم الجمعة فليصل أربعًا قبلها، وبعدها أربعًا.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد بن عبد الرحمن السهمي، وهو ضعيف عند البخاري وغيره.
وقال المالكية: لا يصلّي بعدها في المسجد، لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان ينصرف بعد الجمعة، ولم يركع في المسجد.
وقال صاحب تنقيح المقنع، من الحنابلة: ولا سُنّة لجمعة قبلها نصًّا، وما بعدها في كلامه.
وحديث الباب أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة.
40 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (باب قول الله تعالى: { فإذا قضيت الصلاة} أي: فرغتم من صلاة الجمعة ({ فانتشروا في الأرض} ) للتكسب والتصرف في حوائجكم ({ وابتغوا من فضل الله} ) [لجمعة: 10] .
أي: رزقه، أو تعليم العلم.
والأمر في الموضعين للإباحة بعد الحظر، وقول: إنه للوجوب في حق من يقدر على الكسب قول شاذ، ووهم من زعم أن الصارف للأمر عن الوجوب، هنا، كونهورد بعد الحظر، لأن ذلك لا يستلزم عدم الوجوب، بل الإجماع هو الدال على أن الأمر المذكور للإباحة.
والذي يترجح أن في قوله: انتشروا، وابتغوا، إشارة إلى استدراك ما فاتكم من الذي انفضضتم إليه، فلينحل إلى أنها قضية شرطية، أي: من وقع له في حال خطبة الجمعة وصلاتها، زمان يحصل فيه ما يحتاج إليه في أمر دنياه ومعاشه، فلا يقطع العبادة لأجله، بل يفرغ منها، ويذهب حينئذ ليحصل حاجته.
وقيل: هو في حق من لا شيء عنده ذلك اليوم، فأمره بالطلب، بأي صورة اتفقت، ليفرح عياله ذلك اليوم لأنه يوم عيد.
وعن بعض السلف: من باع أو اشترى بعد الجمعة بارك الله له سبعين مرة.
وفي حديث أنس مرفوعًا: { وابتغوا من فضل الله} ليس لطلب دنياكم، وإنما هو عيادة مريض، وحضور جنازة، وزيارة أخ في الله.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [937] حدثنا عبد الله بن يوسف: أنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين.
وقد خرجه في " أبواب صلاة التطوع " من طرق أخرى عن نافع، ومن طريق سالم، عن أبيه، والمعنى متقارب.
وقد دل هذا الحديث على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان لا يصلي بعد الجمعة في المسجد شيئا، وأنه كان ينصرف إلى بيته، فيصلي ركعتين.
فتضمن ذلك: استحباب شيئين: أحدهما: صلاة ركعتين بعد الجمعة.
والثاني: أن تكون في البيت.
وقد كان ابن عمر يفعله بالمدينة، يرجع إلى بيته فيصلي ركعتين، وكان ينهى عن صلاتهما في المسجد، ويقول لمن يفعله: صلى الجمعة أربعا، وكان إذا كان بمكة يتقدم من موضع صلاته، فيصلي ركعتين، ثم ينتقل عنه فيصلي أربعا.
وفي " صحيح مسلم " عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: " من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا ".
وفي رواية له: قال سهيل: فإن عجل بك شيء فصل ركعتين في المسجد وركعتين إذا رجعت.
وقد وقع في غير مسلم هذا الكلام عن سهيل من قوله.
وقد اختلف العلماء في الجمع بين حديث ابن عمر وحديث أبي هريرة.
فقالت طائفة: هو مخير بين أن يصلي ركعتين وأربعا، عملا بكل واحد من الحديثين، وهو قول أحمد - في رواية عنه.
وظاهره: أنه لا فضل لأحدهما على الآخر.
وروي عنه، أنه قال: يصلي ركعتين ولا يعيب على من صلى أربعا؛ لحديث أبي هريرة.
وظاهره: أن الأفضل الأخذ بحديث ابن عمر؛ لأنه أثبت إسنادا.
وقالت طائفة: يجمع بينهما، فيصلي ستا -: نقله إبراهيم الحربي، عن أحمد، وقال: يجمع بينهما على وجه، بين أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفعله.
ونقل عنه ابن هانئ، قال: يصلي ستا؛ لأمر علي بن أبي طالب بذلك.
وهذا مأخذ آخر.
وقالت طائفة: يجمع بينهما على وجه آخر، فإن صلى في المسجد صلى أربعا، وإن صلى في بيته صلى ركعتين، وهو قول إسحاق، واستدل - أيضا - بقول عمر وابن مسعود.
ولا يصلى ركعتين بعد مكتوبة مثلها.
قال: فإذا صلى في المسجد ركعتين فقد صلى بعد المكتوبة مثلها، فيصلي أربعا، وأما إذا صلى في بيته ركعتين؛ فإن المشي إلى بيته فاصل بين المكتوبة وغيرها.
وقالت طائفة: يجمع بينهما على وجه آخر، وهو أن الإمام يصلي في بيته ركعتين، والمأموم يصلي أربعا في المسجد، وهذا قول أبي خيثمة زهير بن حرب وأبي إسحاق الجوزجاني.
وتبويب النسائي يدل عليه - أيضا.
وكان علي بن أبي طالب يأمر بصلاة ست ركعتات بعد الجمعة.
وكان ابن مسعود يأمر بأربع.
قال عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي: علمنا عبد الله بن مسعود أن نصلي بعد الجمعة أربعا، ثم جاء علي بن أبي طالب،فعلمنا أن نصلي ستا.
وكان عمران بن حصين يصلي بعد الجمعة أربعا.
وروي عن علي من وجه آخر منقطع.
وعن أبي موسى الأشعري، أنه كان يصلي ستا.
وكان الحسن يصلي ركعتين، ومسروق يصلي ركعتين، ثم أربعا.
ونص الشافعي في " الأم "، أنه يصلي بعد الجمعة أربعا.
وحكي الترمذي، عنه، أنه يصلي ركعتين.
وقد تقدم عن ابن عمر، أنه كان يصلي في بيته ركعتين وفي المسجد ستا: ركعتين، ثم أربعا، يفصل بينهما.
وقال ابن عيينة: يصلي ركعتين، يسلم فيهما، ثم يصلي أربعا، لا يسلم إلا في آخرهن.
وقال أحمد - في رواية عنه -: إن شاء صلى أربعا، وإن شاء صلى ستا.
ولا يكره ترك الصلاة بعد الجمعة أحيانا -: نصعليه أحمد، واستدل بأن عمران بن حصين تركها مرة، حيث كان يصلي أربعا بعد صلاة الجمعة خلف زياد، فقيل عنه: إنه لا يعتد بصلاته خلف زياد، فأنكر ذلك، ثم صلى الجمعة الثانية، ولم يصل شيئا حتى صلى العصر.
وأما مكان الصلاة بعد الجمعة، فالأفضل أن يكون في البيت لمن له بيت يرجع إليه، كما كان ابن عمر يفعله ويأمر به.
فإن صلى في المسجد، فهل يكره، أم لا؟ ذهب الأكثرون إلى أنه لا يكره، ولكن يؤمر بالفصل بينها وبين صلاة الجمعة.
وقد سبق حديث السائب بن يزيد، عن معاوية في ذلك.
وقال عكرمة: إذا صليت الجمعة، فلا تصلها بركعتين حتى تفصل بينهما بتحول أو كلام.
وقال قتادة: رأى ابن عمر رجلا يصلي في مقامه الذي صلى فيه الجمعة، فنهاه عنه، وقال: ألا أراك تصلي في مقامك؟ قال: نعم.
قال قتادة: فذكرت ذلك لابن المسيب، فقال: إنما يكره ذلك للإمام يوم الجمعة.
ومذهب مالك: أنه يكره للإمام أن يصلي بعد الجمعة في المسجد، ولا يكره للمأموم، إذا انتقل من موضع مصلاه، وقد روي عن ابن عمر.
قال عبد الرزاق: أخبرني ابن جريج:أخبرني عطاء، أن عمرو بن سعيد صلى الجمعة، ثم ركع على إثرها ركعتين في المسجد، فنهاه ابن عمر عن ذلك، وقال: أما الإمام فلا، إذا صليت فانقلب فصل في بيتك ما بدا لك، إلا أن تطوف، وأما الناس، فإنهم يصلون في المسجد.
وفي صلاة الإمام في الجامع بعد الجمعة حديث، من رواية عاصم بن سويد، عن محمد بن موسى بن الحارث، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: أتى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بني عمرو بن عوف يوم الأربعاء، فقال: " لو أنكم إذا جئتم عيدكم هذا صليتم حتى تسمعوا من قولي ".
قالوا: نعم، بأبينا أنت يا رسول الله وأمهاتنا.
قال: فلما حضروا الجمعة صلى لهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجمعة، ثم صلى ركعتين بعد الجمعة في المسجد، ولم ير يصلي بعد الجمعة في المسجد، وكان ينصرف إلى بيته قبل ذلك اليوم.
خرجه ابن حبان في " صحيحه " والحاكم.
وقال: صحيح الإسناد.
وقال بعض المتأخرين: محمد بن موسى بن الحارث لا يعرف.
وخرجه البزار في " مسنده "، وعنده: عن موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبيه، عن جابر.
فإن كان ذلك محفوظا، فهو موسى بنمحمد بن إبراهيم التيمي، وهو منكر الحديث جدا.
وخرج النسائي من رواية شعبة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين، يطيل فيهما، ويقول: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفعله.
وذكر إطالة الركعتين بعد الجمعة غريب.
وقد روى غير واحد، عن أيوب في هذا الحديث: أن الإطالة إنما كانت في الصلاة قبل الجمعة، كما سنذكره.
وقد بوب البخاري على " الصلاة بعد الجمعة وقبلها "، كما بوب عليه عبد الرزاق والترمذي في " كتابيهما "، إلا أنهما ذكرا في الصلاة قبلها آثارا موقوفة غير مرفوعة، ولم يذكر البخاري فيها شيئا، إما لأن المرفوع فيها ليس على شرطه، وفيها أحاديث مرفوعة في أسانيدها نظر، أو لأن الذي فيها كله موقوف، فلم يذكره لذلك.
أو لأنه اجتزأ عنه بحديث سلمان الذي خرجه فيما تقدم في موضعين؛ فإن فيه: " وصلى ما كتب له، ثم أنصت إذا تكلم الإمام "؛ فإن هذا يدل على فضل الصلاة قبل الجمعة، لا سيما وفيه - في إحدى الروايتينللبخاري -: " ثم راح "، والرواح حقيقة لا يكون حقيقة إلا بعد الزوال، كما سبق ذكره.
فعلى هذا، يكون ترغيبا في الصلاة بعد زوال الشمس يوم الجمعة من غير تقدير للصلاة، فيكون أقل ذلك ركعتين، والزيادة عليهما بحسب التيسير.
وإن قيل: إن الرواح هنا بمعنى الذهاب، فإنه يدل على استحباب الصلاة يوم الجمعة قبل خروج الإمام من غير تفضيل بين ما قبل زوال الشمس وبعده.
وروى ابن علية، عن أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلي بعدها ركعتين في بيته، ويحدث أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يفعل ذلك.
خرجه أبو داود.
وخرجه الإمام أحمد من طريق وهيب، عن أيوب، عن نافع، أن ابن عمر كان يغدو إلى المسجد يوم الجمعة، فيصلي ركعات يطيل فيهن القيام، فإذا انصرف الإمام رجع إلى بيته، فصلى ركعتين، وقال: هكذا كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفعل.
وظاهر هذا: يدل على رفع جميع ذلك إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: صلاته قبل الجمعة وبعدها في بيته؛ فإن اسم الإشارة يتناول كل ما قبله مما قرب وبعد، صرح به غير واحد من الفقهاء والأصوليين.
وهذا فيما وضعللإشارة إلى البعيد أظهر، مثل لفظة: " ذلك "؛ فإن تخصيص القريب بها دون البعيد يخالف وضعها لغة.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر يصلي قبل الجمعة اثنتي عشرة ركعة.
وعن ابن جريج أنه قال لعطاء: بلغني أنك تركع قبل الجمعة ثنتي عشرة ركعة، فما بلغك في ذلك؟ فذكر له حديث أم حبيبة المرفوع: " من ركع ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة - سوى المكتوبة - بنى الله له بيتا في الجنة ".
وقد تقدم عن ابن مسعود، أنه كان يأمر أن يصلي قبل الجمعة أربعا.
وروى الطحاوي بإسناده عن جبلة بن سحيم قال: كان ابن عمر يصلي قبل الجمعة أربعا لا يفصل بينهن بسلام وبعد الجمعة ركعتين ثم أربعا.
وروى ابن سعد في " طبقاته " بإسناده، عن صفية بنت حيي أم المؤمنين، أنها صلت الجمعة مع الإمام، فصلت قبل خروجه أربعا.
وقال النخعي: كانوا يحبون أن يصلوا قبل الجمعة أربعا.
خرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب العيدين " بإسناد صحيح.
وقد روى ابن أبي خيثمة في " تاريخه " من طريق الأعمش، عن النخعي، قال: ما قلت لكم: كانوا يستحبون، فهو الذي أجمعوا عليه.
وممن ذهب إلى استحباب أربع ركعات قبل الجمعة: حبيب بن أبي ثابت والنخعي والثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق.
وروى حرب بإسناده، عن ابن عباس، أنه كان يصلي يوم الجمعة في بيته أربع ركعات، ثم يأتي المسجد فلا يصلي قبلها ولا بعدها.
وهذا يدل على أن سنة الجمعة عند ابن عباس قبلها لا بعدها.
واعلم؛ أن التطوع بالصلاة يوم الجمعة قبل الجمعة له أربعة أوقات: أحدها: ما قبل طلوع الشمس لمن بكر إلى الجمعة حينئذ، فهذا الوقت وقت نهي عن التطوع فيه بما لا سبب له، وماله سبب كتحية المسجد فيه اختلاف، سبق ذكره في ذكر أوقات النهي.
إلا من يقول: إن يوم الجمعة كله صلاة ليس فيه وقت ينهى عن الصلاة فيه بالكلية، كما هو ظاهر كلام طاوس؛ فإنه قال: يوم الجمعة كله صلاة.
وقد قيل: إنه إنما أراد به وقت استواء الشمس خاصة.
والثاني: ما بين ارتفاع الشمس واستوائها، فيستحب التطوع فيه بما أمكن، وخصوصا لمن بكر إلى الجمعة.
والثالث: وقت استواء الشمس وقيامها في وسط السماء.
وقد اختلفوا: هل هو وقت نهي عن الصلاة في يوم الجمعة، أم لا؟ فمنهم من قال: هو وقت نهي، كأبي حنيفة وأحمد.
ومنهم من قال: ليس بوقت نهي، وهو مذهب مكحول والأوزاعي والشافعي.
ومن أصحابه من خصه بمن حضر الجمعة دون من هو في بيته.
ومنهم من خصه بمن بكر إلى الجمعة، وغلبه النعاس.
ومنهم من قال: هو وقت نهي يوم الجمعة في الصيف دون الشتاء، وهو قول عطاء وقتادة.
ومنهم من لم يره وقت نهي في جميع الأيام، كمالك.
وقد سبق الكلام عليه في ذكر أوقات النهي.
والرابع: بعد زوال الشمس، وقبل خروج الإمام، فهذا الوقت يستحب الصلاة فيه بغير خلاف نعلمه بين العلماء سلفا وخلفا، ولم يقل أحد من المسلمين: إنه يكره الصلاة يوم الجمعة، بل القول بذلك خرق لإجماع المسلمين، إنما اختلفوا في وقت قيام الشمس، كما سبق.
قال مالك: لا أكره الصلاة نصف النهار في جمعة ولا غيرها.
وقد روى في " الموطأ " حديثا مرفوعا في النهي عنه، ثم تركه؛ لأنه رأى عمل العلماء وأهل الفضل على خلافه.
فأما الصلاة بعد زوال الشمس، فلم يزل عمل المسلمين على فعله.
وقد ذكر مالك في " الموطأ " عن الزهري، عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي، أنهم كانوا في زمن عمر بن الخطاب يصلون حتى يخرج عمر ويجلس على المنبر، فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذنون جلسوا يتحدثون، فإذا اسكت المؤذن وقام عمر سكتوا ولم يتكلم أحد.
وهذا تصريح باستمرارهم في الصلاة إلى ما بعد زوال الشمس، وهو مما يستدل به على الصلاة وقت استواء الشمس وقيامها يوم الجمعة.
وقد وردت آثار آخر، تدل على أنهم كانوا يتركون الصلاة وقت قيام الشمس يوم الجمعة، فإذا زالت قاموا إلى الصلاة.
وروى الأثرم بإسناده، عن عمرو بن سعيد بن العاص، قال: كنت أبقى - يعني: أنتظر - أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإذا زالت الشمس قاموا فصلوا أربعا.
وبإسناده، عن أبي بكر بن عياش، قال: كنا نكون مع حبيب بن أبي ثابت في الجمعة، فيقول: أزالت الشمس بعد، ويلتفت فينتظر، فإذا زالت الشمس، قام فصلى الأربع قبل الجمعة.
وبإسناده، عن حماد بن زيد، قال: كنت أمر بابن عون يوم الجمعة، فنمضي إلى الجمعة، فيقول لي: الشمس عندكم أبين منها عندنا، فنرى الشمس زالت.
قال حماد: كأنه يكره الصلاة حتى تزول الشمس.
وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ في " مسائله للإمام أحمد ": رأيت أبا عبد الله - يعني: أحمد - إذا كان يوم الجمعة يصلي إلى أن يعلم أن الشمس قد قاربت أن تزول، فإذا قاربت أمسك عن الصلاة حتى يؤذنالمؤذن، فإذا أخذ في الأذان قام فصلى ركعتين أو أربعا، يفصل بينها بالسلام.
وقال - أيضا -: رأيت أبا عبد الله إذا أذن المؤذن يوم الجمعة صلى ركعتين، وربما صلى أربعا على خفة الأذان وطوله.
ومما يدل على استحباب الصلاة في هذا الوقت يوم الجمعة: أنه وقت يرجى فيه ساعة الإجابة، فالمصلي فيه يدخل في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لا يوافقها عبد قائم يصلي، يسأل الله شيئا، إلا أعطاه ".
وقد اختلف في الصلاة قبل الجمعة: هل هي من السنن الرواتب كسنة الظهر قبلها، أم هي مستحبة مرغب فيها كالصلاة قبل العصر؟ وأكثر العلماء على أنها سنة راتبة، منهم: الأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه، وهو ظاهر كلام أحمد، وقد ذكره القاضي أبو يعلى في " شرح المذهب " وابن عقيل، وهو الصحيح عند أصحاب الشافعي.
وقال كثير من متأخري أصحابنا: ليست سنة راتبة، بل مستحبة.
وقد زعم بعضهم: أن حديث ابن عمر المخرج في هذا الباب يدل على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن يصلي قبل الجمعة شيئا؛ لأنه ذكر صلاته بعد الجمعة، وذكر صلاته قبل الظهر وبعدها، فدل على الفرق بينهما.
وهذا ليس بشيء؛ فإن ابن عمر قد روي عنه ما يدل على صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل الجمعة، كما سبق، ولعله إنما ذكر الركعتين بعد الجمعة؛ لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصليهما في بيته، بخلاف الركعتين قبل الظهر وبعدها؛فإنه كان أحيانا يصليها في المسجد، فبهذا يظهر الفرق بينهما.
وقد ثبت أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا عمل عملا داوم عليه، ولم يكن ينقصه يوم الجمعة ولا غيرها، بل كان الناس يتوهمون أنه كان يزيد في صلاته يوم الجمعة بخصوصه، فكانت عائشة تسأل عن ذلك، فتقول: لا، بل كان عمله ديمة.
وقد صح عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه كان يصلي قبل الظهر ركعتين أو أربعا.
وفي " صحيح ابن حبان "، عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا خرج صلى ركعتين.
ورويناه من وجه آخر عن عائشة، قالت: ما خرج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من عندي قط إلا صلى ركعتين.
وقد كان من هدي المسلمين صلاة ركعتين عند خروجهم من بيوتهم، من الصحابة ومن بعدهم، وخصوصا يوم الجمعة، وممن كان يفعله يوم الجمعة ابن عباس وطاوس وأبو مجلز، ورغب فيه الزهري.
وقال الأوزاعي: كان ذلك من هدي المسلمين.
وقد سبق في " باب: الصلاة إذا دخل المسجد والإمام يخطب " ما يدل على ذلك - أيضا.
وحينئذ؛ فلا يستنكر أن يكون النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصلي في بيته ركعتين قبل خروجه إلى الجمعة.
فإن قيل: فهو كان يخرج إلى الجمعة عقب الزوال من غير فصل؛ بدليل ما سبق من الأحاديث من صلاته الجمعة إذا زالت الشمس.
قيل: هذه دعوى باطلة، لا برهان عليها، ولو كانت حقا لكانت خطبته دائما أو غالبا قبل الزوال، إذا كانت صلاته عقب زوال الشمس من غير فصل، ولم يقل ذلك أحد.
وأيضا؛ فقد روي أنه كان يصلي الظهر إذا زالت الشمس، كما تقدم في " المواقيت " ولم يقل أحد: إنه يدل على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان لا يصلي قبل الظهر شيئا.
وقد كتبت في هذه المسألة جزءا مفردا، سميته: " نفي البدعة عن الصلاة قبل الجمعة "، ثم اعترض عليه بعض الفقهاء المشار إليه في زماننا، فأجبت عما اعترض به في جزء آخر، سميته: " إزالة الشنعة عن الصلاة قبل الجمعة "، فمن أحب الزيادة على ما ذكرناه ها هنا، فليقف عليهما - إن شاء الله تعالى.
40 - باب قول الله عز وجل: ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض) [الجمعة: 10] الآية

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَقَبْلَهَا)
أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيث بن عُمَرَ فِي التَّطَوُّعِ بِالرَّوَاتِبِ وَفِيهِ وَكَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا فِي الصَّلَاةِ قَبْلَهَا قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ كَأَنَّهُ يَقُولُ الْأَصْلُ اسْتِوَاءُ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ بَدَلُ الظُّهْرِ قَالَ وَكَانَتْ عِنَايَتُهُ بِحُكْمِ الصَّلَاةِ بَعْدَهَا أَكْثَرَ وَلِذَلِكَ قَدَّمَهُ فِي التَّرْجَمَةِ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فِي تَقْدِيمِ الْقَبْلِ عَلَى الْبَعْدِ انْتَهَى وَوَجْهُ الْعِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ وُرُودُ الْخَبَرِ فِي الْبَعْدِ صَرِيحًا دُونَ الْقَبْلِ.

     وَقَالَ  بن بطال إِنَّمَا أعَاد بن عُمَرَ ذِكْرَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الظُّهْرِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي سُنَّةَ الْجُمُعَةِ فِي بَيْتِهِ بِخِلَافِ الظُّهْرِ قَالَ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَمَّا كَانَتْ بَدَلَ الظُّهْرِ وَاقْتُصِرَ فِيهَا عَلَى رَكْعَتَيْنِ تُرِكَ التَّنَفُّلُ بَعْدَهَا فِي الْمَسْجِدِ خَشْيَةَ أَنْ يُظَنَّ أَنَّهَا الَّتِي حُذِفَتْ انْتَهَى وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَنَفَّلَ قَبْلَهَا رَكْعَتَيْنِ مُتَّصِلَتَيْنِ بِهَا فِي الْمَسْجِد لهَذَا الْمَعْنى.

     وَقَالَ  بن التِّينِ لَمْ يَقَعْ ذِكْرُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ إِثْبَاتَهَا قِيَاسًا عَلَى الظُّهْرِ انْتَهَى وَقَوَّاهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّهُ قَصَدَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ فِي حُكْمِ التَّنَفُّلِ كَمَا قَصَدَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الْحُكْمِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ النَّافِلَةَ لَهُمَا سَوَاءٌ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ إِلَى مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ الْبَابِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ بن عُمَرَ يُطِيلُ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَيُصَلِّي بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَيُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ احْتَجَّ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى إِثْبَاتِ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ عَائِدٌ عَلَى

[ قــ :909 ... غــ :937] قَوْلِهِ وَيُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  كَانَ يُطِيلُ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَيَشْتَغِلُ بِالْخُطْبَةِ ثُمَّ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَذَلِكَ مُطْلَقُ نَافِلَةٍ لَا صَلَاةٌ رَاتِبَةٌ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِسُنَّةِ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا بَلْ هُوَ تَنَفُّلٌ مُطْلَقٌ وَقَدْ وَرَدَ التَّرْغِيبُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ وَغَيْرِهِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ ثُمَّ صَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ وَوَرَدَ فِي سُنَّةِ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَحَادِيثُ أُخْرَى ضَعِيفَةٌ مِنْهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِلَفْظِ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَعَنْ عَلِيٍّ مِثْلُهُ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّهْمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ.

     وَقَالَ  الْأَثْرَمُ إِنَّهُ حَدِيثٌ واه وَمِنْهَا عَن بن عَبَّاسٍ مِثْلُهُ وَزَادَ لَا يُفْصَلُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ أخرجه بن مَاجَهْ بِسَنَدٍ وَاهٍ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ إِنَّه حَدِيث بَاطِل وَعَن بن مَسْعُودٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَيْضًا مِثْلُهُ وَفِي إِسْنَادِهِ ضعف وَانْقِطَاع وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن بن مَسْعُود مَوْقُوفا وَهُوَ الصَّوَاب وروى بن سَعْدٍ عَنْ صَفِيَّةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْقُوفًا نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ سُلَيْكٍ قَبْلَ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُرَادَ بِالرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَمَرَهُ بِهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَّةُ الْجُمُعَةِ وَالْجَوَابُ عَنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ الْمَذَاهِبِ فِي كَرَاهَةِ التَّطَوُّعِ نِصْفَ النَّهَارِ وَمَنِ اسْتَثْنَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ دُونَ بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ فِي بَابِ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلَاةَ إِلَّا بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ فِي أَوَاخِرِ الْمَوَاقِيتِ وَأَقْوَى مَا يُتَمَسَّكُ بِهِ فِي مَشْرُوعِيَّةِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ عُمُوم مَا صَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مَرْفُوعًا مَا مِنْ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ إِلَّا وَبَيْنَ يَدَيْهَا رَكْعَتَانِ وَمِثْلُهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمَاضِي فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ حَدِيثِ بن عُمَرَ فِي أَبْوَابِ التَّطَوُّعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها
[ قــ :909 ... غــ :937 ]
- حدثنا عبد الله بن يوسف: أنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين.

وقد خرجه في " أبواب صلاة التطوع " من طرق أخرى عن نافع، ومن طريق سالم، عن أبيه، والمعنى متقارب.

وقد دل هذا الحديث على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان لا يصلي بعد الجمعة في المسجد شيئا، وأنه كان ينصرف إلى بيته، فيصلي ركعتين.

فتضمن ذلك: استحباب شيئين: أحدهما: صلاة ركعتين بعد الجمعة.
والثاني: أن تكون في البيت.

وقد كان ابن عمر يفعله بالمدينة، يرجع إلى بيته فيصلي ركعتين، وكان ينهى عن صلاتهما في المسجد، ويقول لمن يفعله: صلى الجمعة أربعا، وكان إذا كان بمكة يتقدم من موضع صلاته، فيصلي ركعتين، ثم ينتقل عنه فيصلي أربعا.
وفي " صحيح مسلم " عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: " من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا ".

وفي رواية له: قال سهيل: فإن عجل بك شيء فصل ركعتين في المسجد وركعتين إذا رجعت.

وقد وقع في غير مسلم هذا الكلام عن سهيل من قوله.

وقد اختلف العلماء في الجمع بين حديث ابن عمر وحديث أبي هريرة.

فقالت طائفة: هو مخير بين أن يصلي ركعتين وأربعا، عملا بكل واحد من الحديثين، وهو قول أحمد - في رواية عنه.

وظاهره: أنه لا فضل لأحدهما على الآخر.

وروي عنه، أنه قال: يصلي ركعتين ولا يعيب على من صلى أربعا؛ لحديث أبي هريرة.

وظاهره: أن الأفضل الأخذ بحديث ابن عمر؛ لأنه أثبت إسنادا.
وقالت طائفة: يجمع بينهما، فيصلي ستا -: نقله إبراهيم الحربي، عن أحمد، وقال: يجمع بينهما على وجه، بين أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفعله.

ونقل عنه ابن هانئ، قال: يصلي ستا؛ لأمر علي بن أبي طالب بذلك.

وهذا مأخذ آخر.

وقالت طائفة: يجمع بينهما على وجه آخر، فإن صلى في المسجد صلى أربعا، وإن صلى في بيته صلى ركعتين، وهو قول إسحاق، واستدل - أيضا - بقول عمر وابن مسعود.
ولا يصلى ركعتين بعد مكتوبة مثلها.

قال: فإذا صلى في المسجد ركعتين فقد صلى بعد المكتوبة مثلها، فيصلي أربعا، وأما إذا صلى في بيته ركعتين؛ فإن المشي إلى بيته فاصل بين المكتوبة وغيرها.

وقالت طائفة: يجمع بينهما على وجه آخر، وهو أن الإمام يصلي في بيته
ركعتين، والمأموم يصلي أربعا في المسجد، وهذا قول أبي خيثمة زهير بن حرب وأبي إسحاق الجوزجاني.
وتبويب النسائي يدل عليه - أيضا.

وكان علي بن أبي طالب يأمر بصلاة ست ركعتات بعد الجمعة.

وكان ابن مسعود يأمر بأربع.

قال عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي: علمنا عبد الله بن مسعود أن نصلي بعد الجمعة أربعا، ثم جاء علي بن أبي طالب، فعلمنا أن نصلي ستا.

وكان عمران بن حصين يصلي بعد الجمعة أربعا.

وروي عن علي من وجه آخر منقطع.

وعن أبي موسى الأشعري، أنه كان يصلي ستا.

وكان الحسن يصلي ركعتين، ومسروق يصلي ركعتين، ثم أربعا.

ونص الشافعي في " الأم "، أنه يصلي بعد الجمعة أربعا.

وحكي الترمذي، عنه، أنه يصلي ركعتين.

وقد تقدم عن ابن عمر، أنه كان يصلي في بيته ركعتين وفي المسجد ستا: ركعتين، ثم أربعا، يفصل بينهما.

وقال ابن عيينة: يصلي ركعتين، يسلم فيهما، ثم يصلي أربعا، لا يسلم إلا في آخرهن.

وقال أحمد - في رواية عنه -: إن شاء صلى أربعا، وإن شاء صلى ستا.

ولا يكره ترك الصلاة بعد الجمعة أحيانا -: نص عليه أحمد، واستدل بأن عمران بن حصين تركها مرة، حيث كان يصلي أربعا بعد صلاة الجمعة خلف
زياد، فقيل عنه: إنه لا يعتد بصلاته خلف زياد، فأنكر ذلك، ثم صلى الجمعة الثانية، ولم يصل شيئا حتى صلى العصر.

وأما مكان الصلاة بعد الجمعة، فالأفضل أن يكون في البيت لمن له بيت يرجع إليه، كما كان ابن عمر يفعله ويأمر به.

فإن صلى في المسجد، فهل يكره، أم لا؟
ذهب الأكثرون إلى أنه لا يكره، ولكن يؤمر بالفصل بينها وبين صلاة الجمعة.

وقد سبق حديث السائب بن يزيد، عن معاوية في ذلك.

وقال عكرمة: إذا صليت الجمعة، فلا تصلها بركعتين حتى تفصل بينهما بتحول أو كلام.

وقال قتادة: رأى ابن عمر رجلا يصلي في مقامه الذي صلى فيه الجمعة، فنهاه عنه، وقال: ألا أراك تصلي في مقامك؟ قال: نعم.
قال قتادة: فذكرت ذلك لابن المسيب، فقال: إنما يكره ذلك للإمام يوم الجمعة.

ومذهب مالك: أنه يكره للإمام أن يصلي بعد الجمعة في المسجد، ولا يكره للمأموم، إذا انتقل من موضع مصلاه، وقد روي عن ابن عمر.

قال عبد الرزاق: أخبرني ابن جريج: أخبرني عطاء، أن عمرو بن سعيد صلى الجمعة، ثم ركع على إثرها ركعتين في المسجد، فنهاه ابن عمر عن ذلك، وقال: أما الإمام فلا، إذا صليت فانقلب فصل في بيتك ما بدا لك، إلا أن تطوف، وأما الناس، فإنهم يصلون في المسجد.

وفي صلاة الإمام في الجامع بعد الجمعة حديث، من رواية عاصم بن سويد، عن محمد بن موسى بن الحارث، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: أتى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بني عمرو بن عوف يوم الأربعاء، فقال: " لو أنكم إذا جئتم عيدكم هذا صليتم حتى تسمعوا من قولي ".
قالوا: نعم، بأبينا أنت يا رسول الله وأمهاتنا.
قال: فلما حضروا الجمعة صلى لهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجمعة، ثم صلى ركعتين بعد الجمعة في المسجد، ولم ير يصلي بعد الجمعة في المسجد، وكان ينصرف إلى بيته قبل ذلك اليوم.

خرجه ابن حبان في " صحيحه " والحاكم.

وقال: صحيح الإسناد.

وقال بعض المتأخرين: محمد بن موسى بن الحارث لا يعرف.

وخرجه البزار في " مسنده "، وعنده: عن موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبيه، عن جابر.

فإن كان ذلك محفوظا، فهو موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، وهو منكر الحديث جدا.

وخرج النسائي من رواية شعبة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين، يطيل فيهما، ويقول: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفعله.

وذكر إطالة الركعتين بعد الجمعة غريب.

وقد روى غير واحد، عن أيوب في هذا الحديث: أن الإطالة إنما كانت في الصلاة قبل الجمعة، كما سنذكره.

وقد بوب البخاري على " الصلاة بعد الجمعة وقبلها "، كما بوب عليه عبد الرزاق والترمذي في " كتابيهما "، إلا أنهما ذكرا في الصلاة قبلها آثارا موقوفة غير مرفوعة، ولم يذكر البخاري فيها شيئا، إما لأن المرفوع فيها ليس على شرطه، وفيها أحاديث مرفوعة في أسانيدها نظر، أو لأن الذي فيها كله موقوف، فلم يذكره لذلك.

أو لأنه اجتزأ عنه بحديث سلمان الذي خرجه فيما تقدم في موضعين؛ فإن فيه: " وصلى ما كتب له، ثم أنصت إذا تكلم الإمام "؛ فإن هذا يدل على فضل الصلاة قبل الجمعة، لا سيما وفيه - في إحدى الروايتين للبخاري -: " ثم راح "، والرواح حقيقة لا يكون حقيقة إلا بعد الزوال، كما سبق ذكره.

فعلى هذا، يكون ترغيبا في الصلاة بعد زوال الشمس يوم الجمعة من غير تقدير للصلاة، فيكون أقل ذلك ركعتين، والزيادة عليهما بحسب التيسير.

وإن قيل: إن الرواح هنا بمعنى الذهاب، فإنه يدل على استحباب الصلاة يوم الجمعة قبل خروج الإمام من غير تفضيل بين ما قبل زوال الشمس وبعده.

وروى ابن علية، عن أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلي بعدها ركعتين في بيته، ويحدث أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يفعل ذلك.

خرجه أبو داود.

وخرجه الإمام أحمد من طريق وهيب، عن أيوب، عن نافع، أن ابن عمر كان يغدو إلى المسجد يوم الجمعة، فيصلي ركعات يطيل فيهن القيام،
فإذا انصرف الإمام رجع إلى بيته، فصلى ركعتين، وقال: هكذا كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفعل.

وظاهر هذا: يدل على رفع جميع ذلك إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: صلاته قبل الجمعة وبعدها في بيته؛ فإن اسم الإشارة يتناول كل ما قبله مما قرب وبعد، صرح به غير واحد من الفقهاء والأصوليين.

وهذا فيما وضع للإشارة إلى البعيد أظهر، مثل لفظة: " ذلك "؛ فإن تخصيص القريب بها دون البعيد يخالف وضعها لغة.

وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر يصلي قبل الجمعة اثنتي عشرة ركعة.

وعن ابن جريج أنه قال لعطاء: بلغني أنك تركع قبل الجمعة ثنتي عشرة ركعة، فما بلغك في ذلك؟ فذكر له حديث أم حبيبة المرفوع: " من ركع ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة - سوى المكتوبة - بنى الله له بيتا في الجنة ".

وقد تقدم عن ابن مسعود، أنه كان يأمر أن يصلي قبل الجمعة أربعا.

وروى الطحاوي بإسناده عن جبلة بن سحيم قال: كان ابن عمر يصلي قبل الجمعة أربعا لا يفصل بينهن بسلام وبعد الجمعة ركعتين ثم أربعا.

وروى ابن سعد في " طبقاته " بإسناده، عن صفية بنت حيي أم المؤمنين، أنها صلت الجمعة مع الإمام، فصلت قبل خروجه أربعا.

وقال النخعي: كانوا يحبون أن يصلوا قبل الجمعة أربعا.

خرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب العيدين " بإسناد صحيح.
وقد روى ابن أبي خيثمة في " تاريخه " من طريق الأعمش، عن النخعي، قال: ما قلت لكم: كانوا يستحبون، فهو الذي أجمعوا عليه.

وممن ذهب إلى استحباب أربع ركعات قبل الجمعة: حبيب بن أبي ثابت والنخعي والثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق.

وروى حرب بإسناده، عن ابن عباس، أنه كان يصلي يوم الجمعة في بيته أربع ركعات، ثم يأتي المسجد فلا يصلي قبلها ولا بعدها.

وهذا يدل على أن سنة الجمعة عند ابن عباس قبلها لا بعدها.

واعلم؛ أن التطوع بالصلاة يوم الجمعة قبل الجمعة له أربعة أوقات:
أحدها: ما قبل طلوع الشمس لمن بكر إلى الجمعة حينئذ، فهذا الوقت وقت نهي عن التطوع فيه بما لا سبب له، وماله سبب كتحية المسجد فيه اختلاف، سبق ذكره في ذكر أوقات النهي.

إلا من يقول: إن يوم الجمعة كله صلاة ليس فيه وقت ينهى عن الصلاة فيه بالكلية، كما هو ظاهر كلام طاوس؛ فإنه قال: يوم الجمعة كله صلاة.

وقد قيل: إنه إنما أراد به وقت استواء الشمس خاصة.
ما بين ارتفاع الشمس واستوائها، فيستحب التطوع فيه بما أمكن، وخصوصا لمن بكر إلى الجمعة.
والثالث: وقت استواء الشمس وقيامها في وسط السماء.

وقد اختلفوا: هل هو وقت نهي عن الصلاة في يوم الجمعة، أم لا؟
فمنهم من قال: هو وقت نهي، كأبي حنيفة وأحمد.

ومنهم من قال: ليس بوقت نهي، وهو مذهب مكحول والأوزاعي والشافعي.

ومن أصحابه من خصه بمن حضر الجمعة دون من هو في بيته.
ومنهم من خصه بمن بكر إلى الجمعة، وغلبه النعاس.

ومنهم من قال: هو وقت نهي يوم الجمعة في الصيف دون الشتاء، وهو قول عطاء وقتادة.

ومنهم من لم يره وقت نهي في جميع الأيام، كمالك.

وقد سبق الكلام عليه في ذكر أوقات النهي.

والرابع: بعد زوال الشمس، وقبل خروج الإمام، فهذا الوقت يستحب الصلاة فيه بغير خلاف نعلمه بين العلماء سلفا وخلفا، ولم يقل أحد من المسلمين: إنه يكره الصلاة يوم الجمعة، بل القول بذلك خرق لإجماع المسلمين، إنما اختلفوا في وقت قيام الشمس، كما سبق.

قال مالك: لا أكره الصلاة نصف النهار في جمعة ولا غيرها.

وقد روى في " الموطأ " حديثا مرفوعا في النهي عنه، ثم تركه؛ لأنه رأى عمل العلماء وأهل الفضل على خلافه.

فأما الصلاة بعد زوال الشمس، فلم يزل عمل المسلمين على فعله.
وقد ذكر مالك في " الموطأ " عن الزهري، عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي، أنهم كانوا في زمن عمر بن الخطاب يصلون حتى يخرج عمر ويجلس على المنبر، فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذنون جلسوا يتحدثون، فإذا اسكت المؤذن وقام عمر سكتوا ولم يتكلم أحد.

وهذا تصريح باستمرارهم في الصلاة إلى ما بعد زوال الشمس، وهو مما يستدل به على الصلاة وقت استواء الشمس وقيامها يوم الجمعة.

وقد وردت آثار آخر، تدل على أنهم كانوا يتركون الصلاة وقت قيام الشمس
يوم الجمعة، فإذا زالت قاموا إلى الصلاة.

وروى الأثرم بإسناده، عن عمرو بن سعيد بن العاص، قال: كنت أبقى - يعني: أنتظر - أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإذا زالت الشمس قاموا فصلوا أربعا.

وبإسناده، عن أبي بكر بن عياش، قال: كنا نكون مع حبيب بن أبي ثابت في الجمعة، فيقول: أزالت الشمس بعد، ويلتفت فينتظر، فإذا زالت الشمس، قام فصلى الأربع قبل الجمعة.

وبإسناده، عن حماد بن زيد، قال: كنت أمر بابن عون يوم الجمعة، فنمضي إلى الجمعة، فيقول لي: الشمس عندكم أبين منها عندنا، فنرى الشمس زالت.

قال حماد: كأنه يكره الصلاة حتى تزول الشمس.

وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ في " مسائله للإمام أحمد ": رأيت أبا عبد الله - يعني: أحمد - إذا كان يوم الجمعة يصلي إلى أن يعلم أن الشمس قد قاربت أن تزول، فإذا قاربت أمسك عن الصلاة حتى يؤذن المؤذن، فإذا أخذ في الأذان قام فصلى ركعتين أو أربعا، يفصل بينها بالسلام.

وقال - أيضا -: رأيت أبا عبد الله إذا أذن المؤذن يوم الجمعة صلى ركعتين، وربما صلى أربعا على خفة الأذان وطوله.

ومما يدل على استحباب الصلاة في هذا الوقت يوم الجمعة: أنه وقت يرجى فيه ساعة الإجابة، فالمصلي فيه يدخل في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لا يوافقها عبد قائم يصلي، يسأل الله شيئا، إلا أعطاه ".

وقد اختلف في الصلاة قبل الجمعة: هل هي من السنن الرواتب كسنة الظهر قبلها، أم هي مستحبة مرغب فيها كالصلاة قبل العصر؟
وأكثر العلماء على أنها سنة راتبة، منهم: الأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه، وهو ظاهر كلام أحمد، وقد ذكره القاضي أبو يعلى في " شرح المذهب " وابن عقيل، وهو الصحيح عند أصحاب الشافعي.

وقال كثير من متأخري أصحابنا: ليست سنة راتبة، بل مستحبة.

وقد زعم بعضهم: أن حديث ابن عمر المخرج في هذا الباب يدل على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن يصلي قبل الجمعة شيئا؛ لأنه ذكر صلاته بعد الجمعة، وذكر صلاته قبل الظهر وبعدها، فدل على الفرق بينهما.

وهذا ليس بشيء؛ فإن ابن عمر قد روي عنه ما يدل على صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل الجمعة، كما سبق، ولعله إنما ذكر الركعتين بعد الجمعة؛ لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصليهما في بيته، بخلاف الركعتين قبل الظهر وبعدها؛ فإنه كان أحيانا يصليها في المسجد، فبهذا يظهر الفرق بينهما.

وقد ثبت أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا عمل عملا داوم عليه، ولم يكن ينقصه يوم الجمعة ولا غيرها، بل كان الناس يتوهمون أنه كان يزيد في صلاته يوم الجمعة بخصوصه، فكانت عائشة تسأل عن ذلك، فتقول: لا، بل كان عمله ديمة.

وقد صح عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه كان يصلي قبل الظهر ركعتين أو أربعا.

وفي " صحيح ابن حبان "، عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا خرج صلى ركعتين.

ورويناه من وجه آخر عن عائشة، قالت: ما خرج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من عندي قط إلا صلى ركعتين.

وقد كان من هدي المسلمين صلاة ركعتين عند خروجهم من بيوتهم، من الصحابة ومن بعدهم، وخصوصا يوم الجمعة، وممن كان يفعله يوم الجمعة ابن
عباس وطاوس وأبو مجلز، ورغب فيه الزهري.

وقال الأوزاعي: كان ذلك من هدي المسلمين.

وقد سبق في " باب: الصلاة إذا دخل المسجد والإمام يخطب " ما يدل على ذلك - أيضا.

وحينئذ؛ فلا يستنكر أن يكون النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصلي في بيته ركعتين قبل خروجه إلى الجمعة.
فإن قيل: فهو كان يخرج إلى الجمعة عقب الزوال من غير فصل؛ بدليل ما سبق من الأحاديث من صلاته الجمعة إذا زالت الشمس.

قيل: هذه دعوى باطلة، لا برهان عليها، ولو كانت حقا لكانت خطبته دائما أو غالبا قبل الزوال، إذا كانت صلاته عقب زوال الشمس من غير فصل، ولم يقل ذلك أحد.

وأيضا؛ فقد روي أنه كان يصلي الظهر إذا زالت الشمس، كما تقدم في " المواقيت " ولم يقل أحد: إنه يدل على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان لا يصلي قبل الظهر شيئا.

وقد كتبت في هذه المسألة جزءا مفردا، سميته: " نفي البدعة عن الصلاة قبل الجمعة "، ثم اعترض عليه بعض الفقهاء المشار إليه في زماننا، فأجبت عما اعترض به في جزء آخر، سميته: " إزالة الشنعة عن الصلاة قبل الجمعة "، فمن أحب الزيادة على ما ذكرناه ها هنا، فليقف عليهما - إن شاء الله تعالى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الصَّلاَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَقَبْلَهَا
( باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها) قدم البعد على القبل خلافًا لعادته لورود الحديث في البعد صريحًا دون القبل.


[ قــ :909 ... غــ : 937 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَبَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ.
وَكَانَ لاَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ".
[الحديث 937 - أطرافه في: 1165، 1172، 1180] .

وبالسند قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: أخبرنا مالك) الإمام ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب، رضي الله عنهما، ولابن عساكر: عن ابن عمر ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كان يصلّي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلّي بعد الجمعة حتى ينصرف) من المسجد إلى بيته ( فيصلّي) فيه ( ركعتين) لأنه لو صلاهما في المسجد ربما يتوهم أنهما اللتان حذفتا.


وصلاة النفل في الخلوة أفضل، ولم يذكر شيئًا في الصلاة قبلها، والظاهر أنه قاسها على الظهر.

وأقوى ما يستدل به في مشروعيتها، عموم ما صححه ابن حبان من حديث عبد الله بن الزبير، مرفوعًا: "ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان".

وأما احتجاج النووي في الخلاصة على إثباتها بما في بعض طرق حديث الباب، عند أبي داود وابن حبّان، من طريق أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلّي بعدها ركعتين في بيته، ويحدث: أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يفعل ذلك.
فتعقب بأن قوله: كان يفعل ذلك، عائد على قوله: ويصلّي بعد الجمعة ركعتين في بيته.

ويدل له رواية الليث، عن نافع، عن عبد الله: أنه كان إذا صلّى الجمعة انصرف فسجد سجدتين في بيته.
ثم قال: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصنع ذلك.
رواه مسلم.

وأما قوله: كان يطيل الصلاة قبل الجمعة، فإن كان المراد بعد دخول الوقت فلا يصح أن يكون مرفوعًا، لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كان يخرج إذا زالت الشمس، فيشتغل بالخطبة، ثم بصلاة الجمعة، وإن كان المراد قبل دخول الوقت، فذاك مطلق نافلة، لا صلاة راتبة، فلا حجة فيه لسُنّة الجمعة التي قبلها، بل هو تنفل مطلق، قاله في الفتح.

وينبغي أن يفصل بين الصلاة التي بعد الجمعة وبينها، ولو بنحو كلام أو تحول، لأن معاوية أنكر على من صلّى سُنّة الجمعة في مقامها، وقال له: إذا صليت الجمعة فلا تصلّها بصلاة حتى تخرج؛ أو تتكلم، فإن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمرنا بذلك، أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نخرج أو نتكلم، رواه مسلم.

وقال أبو يوسف: يصلّي بعدها ستًّا، وقال أبو حنيفة ومحمد: أربعًا كالتي قبلها، له: أنه عليه الصلاة والسلام، كان يصلّي بعد الجمعة أربعًا، ثم يصلّي ركعتين إذا أراد الانصراف، ولهما، قوله عليه الصلاة والسلام، من شهد منكم الجمعة فليصل أربعًا قبلها، وبعدها أربعًا.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد بن عبد الرحمن السهمي، وهو ضعيف عند البخاري وغيره.

وقال المالكية: لا يصلّي بعدها في المسجد، لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان ينصرف بعد الجمعة، ولم يركع في المسجد.

وقال صاحب تنقيح المقنع، من الحنابلة: ولا سُنّة لجمعة قبلها نصًّا، وما بعدها في كلامه.

وحديث الباب أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ الصَّلاةِ بَعْدَ الجُمُعَةِ وقَبْلَهَا)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان كمية الصَّلَاة بعد صَلَاة الْجُمُعَة وَقبلهَا.



[ قــ :909 ... غــ :937 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ نافِعٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يُصَلِّي قبْلَ الظُّهْرِ ركْعَتَيْنِ وبعْدَهَا ركْعَتَيْنِ وبَعْدَ المغْرِبِ ركْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وبَعْدَ العِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ وكانَ لاَ يُصَلِّي بَعْدَ الجُمُعَةِ حَتَّى ينْصَرِفَ فَيُصَلِّي ركْعَتَيْنِ ...

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَكَانَ لَا يُصَلِّي بعد الْجُمُعَة.
.
) إِلَى آخِره.
فَإِن قلت: التَّرْجَمَة مُشْتَمِلَة على بعد الْجُمُعَة وَقبلهَا، وَلَيْسَ فِي الحَدِيث إلاّ بعْدهَا؟ قلت: أُجِيب عَنهُ من وُجُوه: الأول: كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا وَقع فِي بعض طرق حَدِيث الْبابُُ وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان من طَرِيق أَيُّوب، (عَن نَافِع قَالَ: كَانَ ابْن عمر يُطِيل الصَّلَاة قبل الْجُمُعَة وَيُصلي بعْدهَا رَكْعَتَيْنِ، وَيحدث أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ يفعل ذَلِك وَقد جرت عَادَته بِمثل ذَلِك) .
وَالثَّانِي: أَنه أَشَارَ بِهِ إِلَى اسْتِوَاء الظّهْر وَالْجُمُعَة حَتَّى يدل الدَّلِيل على خِلَافه، لِأَن الْجُمُعَة بدل الظّهْر، وَكَانَت عنايته بِحكم الصَّلَاة بعْدهَا أَكثر، فَلذَلِك ذكره فِي التَّرْجَمَة مقدما على خلاف الْعَادة فِي تَقْدِيم الْقبل على الْبعد.
وَالثَّالِث: وُرُود الْخَبَر فِي الْبعد صَرِيح، وَأَشَارَ إِلَى الَّذِي فِيهِ الْقبل، فَذكر الَّذِي فِيهِ الْبعد صَرِيحًا، وَأَشَارَ الَّذِي فِيهِ الْقبل.

وَأما رجال الحَدِيث فقد ذكرُوا غير مرّة.

وَأما من أخرجه غَيره: فقد أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق مَالك عَن نَافِع إِلَى آخِره.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه كَانَ يُصَلِّي بعد الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ) .
وَأخرجه ابْن ماجة عَن مُحَمَّد بن الصَّباح عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن الزُّهْرِيّ، وَأخرج التِّرْمِذِيّ أَيْضا من حَدِيث سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من كَانَ مِنْكُم مُصَليا بعد الْجُمُعَة فَليصل أَرْبعا) .
وَفِي (سنَن سعيد ابْن مَنْصُور) : عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، قَالَ: (علمنَا ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن نصلي بعد الْجُمُعَة أَرْبعا، فَلَمَّا قدم علينا عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، علمنَا أَن نصلي سِتا.
.
) .
وروى ابْن حبَان من حَدِيث عبد الله بن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (مَا من صَلَاة مَفْرُوضَة إلاّ وَبَين يَديهَا رَكْعَتَانِ) .
وَعند أبي دَاوُد،.

     وَقَالَ : هُوَ مُرْسل: (عَن أبي قَتَادَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كره الصَّلَاة نصف النَّهَار إلاّ يَوْم الْجُمُعَة) ..
     وَقَالَ : (إِن جَهَنَّم تسجر إلاّ يَوْم الْجُمُعَة) .
وَعَن أبي هُرَيْرَة مثله، رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن إِبْرَاهِيم شَيْخه.
وَفِي (الْأَوْسَط) للطبراني من حَدِيث ابْن عُبَيْدَة عَن أَبِيه (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ يُصَلِّي قبل الْجُمُعَة أَرْبعا وَبعدهَا أَرْبعا) .
وَعند ابْن مَاجَه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرْكَع قبل الْجُمُعَة أَرْبعا لَا يفصل فِي شَيْء مِنْهُنَّ) ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (المعجم الْكَبِير) : بِرِجَال ابْن مَاجَه، وَهِي رِوَايَة بَقِيَّة عَن مُبشر بن عبيد عَن حجاج بن أَرْطَاة عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس، فَزَاد فِيهِ: (وَبعدهَا أَرْبعا) .
قَالَ النَّوَوِيّ فِي (الْخُلَاصَة) : هَذَا حَدِيث بَاطِل اجْتمع فِيهِ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة وهم ضعفاء، ومبشر وضَّاع صَاحب أباطيل.
قلت: بَقِيَّة بن الْوَلِيد موثق وَلكنه مُدَلّس، وحجاج صَدُوق روى لَهُ مُسلم مَقْرُونا بِغَيْرِهِ، وعطية مَشاهُ يحيى بن معِين فَقَالَ فِيهِ: صَالح وَلَكِن ضعفهما الْجُمْهُور.

قَوْله: (حَتَّى ينْصَرف) أَي: إِلَى الْبَيْت.
قَوْله: (فَيصَلي) بِالرَّفْع لَا بِالنّصب.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: أَن صَلَاة النَّوَافِل فِي الْبَيْت أولى،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: إِنَّمَا أعَاد ابْن عمر ذكر الْجُمُعَة بعد ذكر الظّهْر من أجل أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي سنة الْجُمُعَة فِي بَيته، بِخِلَاف الظّهْر، قَالَ: وَالْحكمَة فِيهِ أَن الْجُمُعَة لما كَانَت بدل الظّهْر وَاقْتصر فِيهَا على رَكْعَتَيْنِ ترك التَّنَفُّل بعْدهَا فِي الْمَسْجِد خشيَة أَن يظنّ أَنَّهَا الَّتِي حذفت.
انْتهى.
وَقد أجَاز مَالك الصَّلَاة بعد الْجُمُعَة فِي الْمَسْجِد للنَّاس وَلم يجز للْأمة..
     وَقَالَ  ابْن بطال: اخْتلف الْعلمَاء فِي الصَّلَاة بعد الْجُمُعَة، فَقَالَت طَائِفَة: يُصَلِّي بعْدهَا رَكْعَتَيْنِ فِي بَيته كالتطوع بعد الظّهْر، وَرُوِيَ ذَلِك عَن عمر وَعمْرَان بن حُصَيْن وَالنَّخَعِيّ،.

     وَقَالَ  مَالك: إِذا صلى الإِمَام الْجُمُعَة فَيَنْبَغِي أَن لَا يرْكَع فِي الْمَسْجِد، لما رُوِيَ عَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه: كَانَ ينْصَرف بعد الْجُمُعَة وَلم يرْكَع فِي الْمَسْجِد، حَتَّى قَالَ: وَمن خَلفه أَيْضا إِذا سلمُوا، فَأحب أَن ينصرفوا، وَلَا يركعوا فِي الْمَسْجِد، وَإِن ركعوا فَذَاك وَاسع..
     وَقَالَ ت طَائِفَة: يُصَلِّي بعْدهَا رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أَرْبعا، رُوِيَ ذَلِك عَن عَليّ وَابْن عمر وَأبي مُوسَى، وَهُوَ قَول عَطاء وَالثَّوْري وَأبي يُوسُف إلاّ أَن أَبَا يُوسُف اسْتحبَّ أَن تقدم الْأَرْبَع قبل الرَّكْعَتَيْنِ..
     وَقَالَ  الشَّافِعِي: مَا أَكثر الْمُصَلِّي بعد الْجُمُعَة من التَّطَوُّع فَهُوَ أحب إِلَيّ..
     وَقَالَ ت طَائِفَة: يُصَلِّي بعْدهَا أَرْبعا لَا يفصل بَينهُنَّ بِسَلام، وَرُوِيَ ذَلِك عَن ابْن مَسْعُود وعلقمة وَالنَّخَعِيّ، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَإِسْحَاق.

حجَّة الْأَوَّلين حَدِيث ابْن عمر: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا يُصَلِّي بعد الْجُمُعَة إلاّ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيته) .
قَالَ الْمُهلب: وهما الركعتان بعد الظّهْر.
وَحجَّة الطَّائِفَة الثَّانِيَة مَا رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق (عَن عَطاء قَالَ: صليت مَعَ ابْن عمر الْجُمُعَة، فَلَمَّا سلم قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ صلى أَربع رَكْعَات ثمَّ انْصَرف) .
وَجه قَول أبي يُوسُف مَا رَوَاهُ الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن سُلَيْمَان بن مسْهر عَن حرشة بن الْحر: أَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كره أَن تصلي بعد صَلَاة مثلهَا.
وَحجَّة الطَّائِفَة الثَّالِثَة مَا رَوَاهُ ابْن عُيَيْنَة عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: (من كَانَ مِنْكُم مُصَليا بعد الْجُمُعَة فَليصل أَرْبعا) .
وَقد مر ذكره.

وَبَقِي الْكَلَام فِي سنة الظّهْر وَالْمغْرب وَالْعشَاء.
أما سنة الظّهْر فَسَيَأْتِي بَيَانهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَأما سنة الْمغرب، فقد روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود أَنه قَالَ: (مَا أحصي مَا سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الْفجْر.
{ بقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و { قل هُوَ الله أحد} وَأخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ أَيْضا من رِوَايَة أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: (حفظت من النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عشر رَكْعَات) الحَدِيث.
وَفِيه: (رَكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب فِي بَيته) .
وَاتفقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ من رِوَايَة يحيى بن سعيد عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
وَفِي هَذَا الْبابُُ عَن عبد الله بن جَعْفَر عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) وَابْن عَبَّاس عِنْد أبي دَاوُد وَأبي أُمَامَة عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) وَأبي هُرَيْرَة عِنْد النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه: وَهَاتَانِ الركعتان بعد الْمغرب من السّنَن الْمُؤَكّدَة، وَبَالغ بعض التَّابِعين فيهمَا، فروى ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : عَن وَكِيع عَن جرير بن حَازِم عَن عِيسَى بن عَاصِم الْأَسدي عَن سعيد بن جُبَير، قَالَ: لَو تركت الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب لَخَشِيت أَن لَا يغْفر لي، وَقد شَذَّ الْحسن الْبَصْرِيّ فَقَالَ بوجوبهما، وَلم يقل مَالك بِشَيْء من التوابع للفرائض إلاّ رَكْعَتي الْفجْر، وروى ابْن أبي شيبَة (عَن ابْن عمر، قَالَ: من صلى بعد الْمغرب أَرْبعا كَانَ كَالْمُعَقبِ غَزْوَة بعد غَزْوَة) .
وَرُوِيَ أَيْضا عَن مَكْحُول، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من صلى رَكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب) ، يَعْنِي: قبل أَن يتَكَلَّم (رفعت صلَاته فِي عليين) .
قَالَ شَارِح التِّرْمِذِيّ: وَهَذَا لَا يَصح لإرساله، وَأَيْضًا فَلَا يدْرِي من الْقَائِل، يَعْنِي: قبل أَن يتَكَلَّم.
قلت: رَوَاهُ مُتَّصِلا أَبُو الشَّيْخ ابْن حبَان فِي كتاب (الثَّوَاب وفضائل الْأَعْمَال) من رِوَايَة مقَاتل عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مَرْفُوعا: (مَا من صَلَاة أحب إِلَى الله من الْمغرب) .
الحَدِيث، وَفِيه: (فَمن صلاهَا ثمَّ صلى بعْدهَا رَكْعَتَيْنِ قبل أَن يتَكَلَّم جليسه رفعت صلَاته فِي أَعلَى عليين) .
قلت: يَصح هَذَا مُسْتَندا لِأَصْحَابِنَا فِي استحبابُهم إِيصَال السّنَن للفرائض..
     وَقَالَ  شَارِح التِّرْمِذِيّ: وَله وَجه فِي الْمغرب بِسَبَب ضيق وَقتهَا على القَوْل بِأَن وَقتهَا ضيق على قَول الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد، ثمَّ الْمُسْتَحبّ فِي رَكْعَتي الْمغرب أَن تَكُونَا فِي بَيته لظَاهِر الحَدِيث، وَكَذَلِكَ سَائِر النَّوَافِل التابعة للفرائض أَن تكون فِي الْبَيْت عِنْد جُمْهُور الْعلمَاء، للْحَدِيث الْمُتَّفق عَلَيْهِ: (أفضل صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إلاّ الْمَكْتُوبَة) .
وَعند الثَّوْريّ وَمَالك: نوافل النَّهَار كلهَا فِي الْمَسْجِد أفضل، وَذهب ابْن أَلِي ليلى إِلَى أَن سنة الْمغرب لَا يجزىء فعلهَا فِي الْمَسْجِد.
وَأما سنة الْعشَاء، وهما الركعتان بعْدهَا، فَمن السّنَن الْمُؤَكّدَة، وَقد صَحَّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا يدعهما.
وَعَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من صلى رَكْعَتَيْنِ بعد الْعشَاء الْآخِرَة يقْرَأ فِي كل رَكْعَة بِفَاتِحَة الْكتاب وَعشْرين مرّة.
{ قل هُوَ الله أحد} بنى الله عز وَجل لَهُ قصرا فِي الْجنَّة) .
رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخ ابْن حبَان.
<