متى نسد هذه الثغرة ؟

المَلاَحِقُ:
- 1 -
متى نسد هذه الثغرة؟

- 2 -

لا .. يا عدو الله!

سنطاردك بالحق حتى يرغم الله أنفك 1 - مَتَى نَسُدُّ هَذِهِ الثَّغْرَةَ؟:
من طالع تاريخ الإسلام منذ بعث اللهُ به محمداً - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى اليوم، يرى ظاهرة واضحة كل الوضوح، وهي أَنَّ الإسلام ما برح يخوض معارك متعددة النواحي، تستهدف القضاء عليه أو تشويهه أو صرف المُسْلِمِينَ عنه، وهذه المعارك تَتَّسِمُ من جهة أعدائه بالدقة والتنظيم والكيد المُحْكَمِ كما تَتَّسِمُ من جهة المُسْلِمِينَ بالبراءة والغفلة عن هذه المؤامرات، والدفاع العفوي دُونَ إعداد سابق أو هجوم مضاد، ولولا أَنَّ الإسلام دين اللهِ الذي تَكَفَّلَ بحفظه لكانت بعض مؤامرات أعدائه كافية للقضاء عليه وانمحاء أثره.

ومن الواضح أَنَّ المؤامرات العدائية للإسلام تلبس في كل عصر لبوسها، فهي حين يكون المُسْلِمِينَ أقوياء تأخذ طريق التهديم الفكري والخلقي والاجتماعي، وحين يكونون ضعفاء تتخذ طريق الحرب والتجمع وتستهدف الإبادة والإفناء، فإذا عجزت طريق الحرب عن تحقيق أهدافها انقلبت إلى طريق فكري خداع، تستهوي عقول الغافلين أو المغفلين، فيثبت للإسلام في داخل أسواره نابتة تنحرف شيئاً فشيئاً عن عقيدة الإسلام السمحة، المشرقة، المحررة حتى تنتهي إلى عقائد، وأفكار تخالف المبادىء الأساسية للإسلام، وتحقق الأهداف الرئيسية التي يسعى إليها أعداؤه من حيث يبدو أنهم لا علاقة لهم بهذا التخريب والتهديم.

إِنَّ التشكيك في السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الصَّحِيحَةِ التي تُذْعِنُ لها جماهير المُسْلِمِينَ، والتي أقامت صرح الفقه الإسلامي العظيم الذي لا تملك أُمَّةٌ من أمم الأرض عشر معشاره، هو مثل بارز لمحاولات أعداء الإسلام في القديم والحديث، فقد أخذت هذه المؤامرة طريقها إلى عقول بعض الفرق الإسلامية في الماضي، كما أخذت طريقها إلى عقول بعض الكُتَّابِ الإِسْلاَمِيِّينَ أمثال أحمد أمين في الحاضر، إنها مؤامرة لا ريب فيها، فالمُسْتَشْرِقُونَ اليهود واللاهوتيون المُتَعَصِّبُونَ يُلِحُّونَ عليها إلحاحاً شَدِيدًا في كل ما يكتبون، وأقسام الدراسات الإسلامية في الجامعات الغربية توجه أنظار طلابها المُسْلِمِينَ إلى هذا الموضوع توجيهاً دقيقاً، وتأبى لأي طالب منهم أن يكون موضوع رسالته الجامعية دحض الافتراءات التي يملؤون بها كتبهم عَلَى السُنَّةِ وَرُوَّاتِهَا، وقد حدث في الصيف الماضي حين كنت في ألمانيا للاستشفاء أن أتصلت بي فتاة ألمانية مسلمة (*) منتسبة إلى قسم الدراسات الإسلامة في جامعة فرانكفورت تطلب إِلَيَّ دلالتها على بعض المراجع التي تساعدها في كتابة رسالتها الجامعية التي أَصَرَّ رئيس ذلك القسم أن يكون موضوعها «أبو هريرة» وقد طلب إليها بحث عدة نواح في هذا الموضوع، منها: ما قيل عن أبي هريرة وما نسب إليه من الكذب، وما قالته فيه بعض الفرق الإسلامية غير أَهْلِ السُنَّةِ، وهكذا ...

ومنذ بضع سنوات عقد مؤتمر للدرسات الإسلامية في «لاهور» بباكستان حضره علماء مسلمون من مختلف البلاد الإسلامية ومن بينهم علماء من سورية ومصر، كما حضره عدد من المُسْتَشْرِقِينَ، وقد ظهر للعلماء المُسْلِمِينَ أن هؤلاء المُسْتَشْرِقِينَ هم الذين أوصوا بفكرة عقد هذا المؤتمر، ودعوا إليه عدداً من تلاميذهم الفكريين في الهند وباكستان، وكان أشدهم تعصباً وأكثرهم جهلاً - باعترافه هو بعد أن ألقى بحثه - المستشرق الكندي «سْمِيثْ» ولعله يهودي، وكان مِمَّا أَلَحَّ عليه المُسْتَشْرِقُونَ يومئذ بحث السُنّةِ والوحي النبوي ومحاولة اخضاعهما لقواعد العلم كما يزعمون، وقد انتهى بعض تلامذتهم إلى انكار الوحي كمصدر للإسلام واعتبار الإسلام أفكاراً إصلاحية من مُحَمَّدٍ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -! ..

وفي العام الماضي قامت ضَجَّةٌ في الباكستان حول جماعة من المُثَقَّفِينَ المُسْلِمِينَ بدؤوا يدعون إلى إلغاء اعتبار السُنّةِ مصدراً من مصادر التشريع الإسلامي، وتبين بعد ذلك أن هؤلاء من تلاميذ ذلك المستشرق الكندي «سْمِيثْ»! .. ولما وضع أيوب خان دستوره الذي فرضه على الباكستان جعل من مواده تأليف لجنة من علماء المُسْلِمِينَ لعرض القوانين التي يصدرها البرلمان الباكستاني على هذه اللجنة لتحكم إن كانت موافقة للاسلام أم لا - ومعلوم أن هذه المادة إنما وضعت لإرضاء الرأي العام الإسلامي في الباكستان - ولما وضع الدستور موضع التنفيذ تألفت اللجنة المذكورة آنِفاً وكان كل أعضائها من تلامذه المستشرق «سْمِيثْ» وليس من بينها عالم من علماء المُسْلِمِينَ في الباكستان.

وحين ألَّفَ بعض الجاهلين المغرورين كتاباً عَنْ السُنَّةِ ينتهي إلى التشكيك بِالسُنَّةِ كلها ويفيض بالحقد البذيء على أكبر رُوَّاتِهَا من الصحابة وهو أبو هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - تلقفت الجهات الأجنبية الاستعمارية هذا الكتاب فبعثت به إلى جميع الجامعات الغربية كما حَدَّثَنِي بذلك عدد من مختلف طلابنا المُسْلِمِينَ في أوروبا في الصيف الماضي.

إِنَّ أَيَّ وَاعٍ مُنْصِفٍ يتتبع هذه الحوادث لا يشك في أنها حلقة مترابطة الأجزاء من سلسلة التآمر عَلَى السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وعلى أكبر رُوَّاتِهَا وَمُحَدِّثِيهَا، ومع ذلك يَلَذُّ لبعض أفراد الفرق الإسلامية التي لها رأي خاص في أبي هريرة أن يكتبوا عنه في هذه الأيام كُتُبًا خاصة تفيض، بالروايات الموضوعة التي تُجَرِّحُ هذا الصحابي الجليل، كما فعل «عَبْدُ الحُسَيْنُ» في كتابه " أَبُو هُرَيْرَةَ ".

وَنَسُوقُ مثلاً آخر على يقظة أعداء الإسلام وإحكام المؤامرات عليه، وهو استغلال الخلاف الذي وقع في صدر الإسلام بين الصحابة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ - حول الخلافة، إِنَّ مثله يقع في كل أُمَّةٍ وفي كل عصر، ولكنا لَمْ نَرَ أُمَّةً من الأمم عنيت بمثل هذا الخلاف أربعة عشر قرناً! ..

إن المؤامرة تبدأ من اليهودي الماكر عبد الله بن سبأ ثم يتلقفها قادة الفُرْسِ الوَثَنِيُّونَ الذين خَلَّصَ الإسلام شعوبهم من حكمهم الظالم وعقيدتهم الوثنية، وفتح عقولها وعيونها لرؤية النور والتعرف إلى الحق، فهؤلاء حين انهزموا أمام كتائب الجيش الإسلامي المنقذ لم يجدوا وسيلة للانتقام من هؤلاء المُحَرِّرِينَ إلا أن يُشَوِّهُوا سُمْعَتَهُمْ وسيرتهم في بث الأخبار الكاذبة عنهم مِمَّا يُزْرِي بمكانتهم حقاً لو صحت هذه الأخبار، وَمِمَّا يَحُطُّ من شأن هذا الدين وحضارته إذ كان هؤلاء حَمَلَتُهُ وقادة جيوشه، وليس أدل على ذلك من أَنَّ نِقْمَةَ أولئك الحاقدين قد انْصَبَّتْ على مفاخر الحضارة الإسلامية عِلْمًا وَحُكْمًا وَقِيَادَةً، أي على جميع القادة العسكريين الذين
خَلَّصُوا العراق من حكم الفُرْسِ وعلى رؤسائهم الإداريين الذين كانوا يوجهون هذه الحملات التحريرية، وعلى علمائهم الذين نشروا علم الإسلام وشريعته وأدوا أمانة العلم إلى من بعدهم بتجرد لا يعرف أولئك الحاقدون له مثيلاً في تاريخهم أو تاريخ غيرهم.

لقد حصل هذا كله وأثَّرَ أثراً بالغاً في تشتيت كلمة المُسْلِمِينَ ووهن قوتهم فيما بعد، وكان الظن أن يعي المخلصون المثقفون من المُسْلِمِينَ في هذا العصر هذه الدروس المؤلمة، ولكن للأسف فإن كثيراً من هؤلاء لم يمسكوا القلم ليرفعوا، أُمَّتَنَا من حضيض الجهالة والتأخر، وليدفعوها إلى ميادين العلم والقوة والحضارة، بل أعادوها جذعةً من جديد، فاقتصرت على كتاباتهم وأقاصيصهم على تصوير الخلاف القديم بأسلوب يزيد في الفرقة، ويؤجج نار الضغائن، ويشمت أعداء الإسلام بنا، ويحقق لهم أهدافهم في منعنا من الالتقاء من جديد على الحب والخير والتعاون على البر والتقوى. ولو سألت هؤلاء الذين يزيدون النار اشتعالاً، فِيمَ هَذَا الجهد الضائع؟ وفيم هذه المساعي التي تلهي أُمَّتَنَا عن بناء المجد من جديد، وعن تحرير أوطانها من الاستعمار وآثاره، وتمكن للاستعمار الجديد أن يُتَمِّمَ رسالة الاستعمار القديم في إذلالها واستلاب خيراتها والحيلولة دُونَ تجمعها ووحدتها؟ لو سألتهم فيم هذا كله لما كان لهم إلا جواب واحد: إننا ندافع عن حق سلب من أصحابه! .. هل في تاريخ العالم كله أن أُمَّةً شغلت بنزاع بين أجدادها مضى منذ أربعة عشر قرناً وقد أنتهوا إلى ذمَّةِ الله وهو وحده الذي يحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون؟ هل في العالم اليوم أُمَّةٌ تحترم نفسها وتغار على كرامتها تشغل بخلاف عفى عليه الزمان عن أخطار محدقة بها من كل مكان؟ هذه بعض الأمثلة على يقظة أعدائنا وسهرهم على إحكام المؤامرات على أُمَّتِنَا وشريعتنا وتاريخنا، وغفلتنا نحن عن ذلك كله، وانسياقنا مع الأهواء والعواطف التي يعرف أعداؤنا كيف يُثِيرُونها بيننا في كل عصر بما يلائم روح العصر ومقتضيات مصالح أولئك الأعداء ...

ترى، كم فاض تاريخ الإسلام بهذه الظاهرة المؤلمة: يقظة أعدائه ودأبهم على حَبْكِ المؤامرات لتهديمه، وغفلة أبنائه عن ذلك كله فلا يشعرون بالخطر إلا بعد أن يقع بهم فعلاً، وبعد أن تنهكهم الجهود في دفعه وتقليل أخطاره؟ أهو أمر ناشئ من براءة الإسلام وخبث أعدائها أم هو ناشيء من طبيعة الخير وطبيعة الشر في كل زمان؟ أم هي طبيعة العصور الماضية التي لم تكن تتقن وسائل اكتشاف المؤامرات والجرائم والخيانات؟ قد يكون من هذه الأمور كلها، فهلا آن الأوان لأن تقوم فينا مجامع ومؤسسات لتتبع آثار المؤامرات وأهدافها ووسائل تنفيذها، كما تقوم في كل دولة من دولنا الآن دوائر لتتبع آثار المؤامرات السياسية والعسكرية على أوطانها وشعوبها؟

إن استمرارنا في هذه الغفلة جريمة لا يغفرها الله، ولا يعذرنا فيها التاريخ، ولا يحترمنا معها الأحفاد، ولو أن دولة إسلامية خصصت عشر ميزانيتها لفضح هذه المؤامرات لكان لها أعظم شرف في تاريخ الإنسانية: شرف القضاء على الشر المتربص بالخير تربصاً يؤدي إلى شقاء الإنسانية ودمارها.

وهل لنا أن ننادي جميع عقلاء المُسْلِمِينَ ومفكريهم وَكُتَّابِهِمْ - مِمَّنْ لا يُتاجرون بالخلافات المذهبية - بأن يلتقوا من جديد على كلمة سواء: أن يدفنوا آثار الماضي كله، وأن يعملوا على ما يدفع الأخطار المحدقة بهم من كل مكان، متعاونين بصدق وإخلاص، تعاون الذين لا تعرف الأهواء إلى قلوبهم سبيلاً، ولا الدسائس إلى عقولهم مَنْفَذًا، وأن يجعلوا قدوتهم محمداً - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهدفهم تخليص المُسْلِمِينَ من أوزارهم وأغلالهم، وتبليغ رسالة الإسلام ونشر هدايته ونوره للعالمين، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله؟ اللهم إننا بلَّغْنا فاشهد .. 2 - لاَ ... سَنُطَارِدُكَ يَا عَدُوَّ اللهِ!:
سنطاردك بالحق حتى يرغم الله أنفك

حين كنت أُعِدُّ كتابي " السُنّة ومكانتها في التشريع الإسلامي " للطبع اطلعت على كتاب لرجل يدعى «مَحْمُودُ أَبُو رَيَّةَ» زعم فيه أنه يُمَحِّصُ السُنّةَ مِمَّا علق بها تمحيصاً علمياً دقيقاً لم يسبق إليه! فلما اطلعت على كتابه هالني ما رأيت فيه من تحريف للحقائق وتلاعب بالنصوص وجهل بتاريخ السُنَّةِ وشتم وتحامل على صحابة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من كبارهم كأبي بكر وعمر وعثمان إلى صغارهم كأنس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم جَمِيعاً -، وقد امتلأ قلبه بالحقد على أكبر صحابي حفظ سُنَّةَ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونقلها لأهل العلم من صحابة وتابعين حتى بلغوا - كما قال الشافعي رَحِمَهُ اللهُ - ثمانمائة كل واحد منم جبل من جبال العلم والفهم والهداية، ذلك هو أبو هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فخلصت من قراءتي لذلك الكتاب إلى أن صاحبه متآمر مع أعداء الإسلام الذين ما برحوا يحملون على هدم كيان السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، وعلى تشويه سُمْعَةِ صحابة رسول الله الذين حملوا إلينا علمه وهدايته، وبذلو افي سبيل ذلك أوقاتهم وجهودهم ودماءهم وأموالهم، وأن الرجل جاهل مغرور كذاب جريء على تحريف النصوص التي ينقلها جرأة لم يصل إلى قلة الحياء فيها كبار المُسْتَشْرِقِينَ اللاَهُوتِيِّينَ المُتَعَصِّبِينَ، وأنه مع ذلك قليل الأدب بذيء اللسان يسعى إلى الشهرة عن هذا الطريق كما سعى إليها ذلك الأعرابي الذي بال في بئر زمزم في موسم الحج فلما سئل عن سبب جريمته أفاد بأنه فعل ذلك ليتحدث الناس عنه ولو بِاللَّعَنَاتِ! فحملتني أمانة العلم على أن أتعرض بلمحة خاطفة له، ولكتابه بينت فيها جهله، وافتراءه على الله، وعلى رسوله، وعلى العلم والعلماء، وتحريفه لنصوصهم وأقوالهم، كما بَيَّنْتُ أنه ليس لكتابه أي قيمة علمية وكيف؟ وهو مملوء بالأكاذيب والمفتريات، وكشفت عن مدى غروره في زعمه أن كتابه لم يسبق له مثيل، وأنه كان يجب أن يؤلف مثله قبل ألف سَنَةٍ!. ولكن حَمَلَةَ العلم من التَّابِعِينَ والأئمة المُجْتَهِدِينَ وعلماء الفقه ورجال الحديث خلال ألف سَنَةٍ لم يُوهَبُوا ذكاء كذكائه الذي ادخره الله له وحده دونهم منذ الأزل ليكون له شرف هذا البحث العلمي الذي سيغير وجه التاريخ، ويقلب الدراسات الإسلامية رأساً على عقب، ويجعل المُسْتَشْرِقِينَ!، ورواد الثقافة الحديثة يتجهون إليه كمجدد مصلح للإسلام في آخر الزمان! ..

- وصدر كتابي حين كنت في القاهرة للاستشفاء عام 1961 فصعق الرجل له، لا لأنه كشف عن أخطائه وجهله، فهو لا يهمه الصواب والخطأ، والعلم والجهل، بقدر ما يهمه أن يستمر في أداء خدمته لأعداء السُنَّةِ خاصة، وأعداء الإسلام عامة، من هؤلاء المُسْتَعْمِرِينَ الذين ما برحوا يسعون لتهديم الإسلام بكل وسيلة، وقد كانت وزارة الثقافة والإرشاد القومي في مصر على وشك أن تطبع له - في سلسلة «المكتبة الثقافية» - كتاباً مختصراً لكتابه ذاك، فلما اطلع المسؤولون فيها على ما كتبته في الرد عليه أبلغوه رفضهم لطبع كتابه، وبرغم كل ما بذل من ماء وجهه - إن كان في وجهه من ماء الحياء شيء - فقد باءت مساعيه بالفشل، وانكشف لمن كانوا يخدعون بزيه العلمي من جبة وعمامة أنهم قد استسمنوا ذا ورم، وأنه كان يحاول خداعهم كما حاول أن يخدع بكتابه جمهور المُسْلِمِينَ {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ، فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} .

عاد الرجل إلى بيته يجتر أحقاده التي جمعها أخيراً في كتاب له من جديد يُكَرِّرُ فيه شتم الصحابي الجليل أبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، ويصر على الباطل بعد أن حاولنا أن نردعه عنه بِالحُجَّةِ والمنطق وناقشنا أدلته وما فيها من كذب وتهافت وافتراء على التاريخ وعلى العلماء.

وسأترك الرد العلمي على كتابه الجديد إلى مكانه في الطبعة الثانية من كتاب " السُنَّةِ " التي أرجو أن أباشر بها قريباً حين يَمُنُّ اللهُ عَلَيَّ بقدر من الصحة يمكنني من الإشراف عليها لتلافي الأخطاء الطبعية البالغة التي ظهرت في الطبعة الأولى، لكني لا بد من أن أشير في هذه الكلمة إلى بعض ما ورد في مقدمة كتابه الثاني.

لقد حمل هذا المُدَّعِي في كتابيه الأول والثاني على الأزهر وعلمائه حملة شعواء وهاجم شهاداتهم ورماهم بالحشوية والجمود وتعفن الأفكار، وقد يبدو ذلك غريباً من إنسان يلبس زي علماء الأزهر ويلقب نفسه بالشيخ، لكن الغرابة تزول حين يعلم - كما علمت ذلك من أبناء بلده والمطلعين على تاريخ حياته - أنه كان منتسباً إلى الأزهر في صدر شبابه، فلما وصل إلى مرحلة الشهادة الثانوية الأزهرية أعياه أن ينجح فيها أكثر من مَرَّةٍ، فلما يئس عرض نفسه على جريدة كانت تصدر في بلده على أن يكون مصححاً للأخطاء المطبعية فيها، واستمر على ذلك سنين، ثم وُظِّفَ كاتباً بسيطاً في دائرة البلدية هناك وظل كذلك حتى أحيل إلى التقاعد (المعاش). وكان حين ترك الأزهر - أو بالأصح حين تركه الأزهر لغبائه وكسله - يقف على قارعة الطريق يتحرش بطلاب الأزهر فيبدي لهم استهزاءه بهم لانقطاعهم إلى تعلم الدين وشرائعه، ويرى ذلك دليلاً على سخف عقولهم، هذا هو أَبُو رَيَّةَ كما حدَّثَنا عنه أهل بلده من العلماء ورجال الفكر والأدب، لم يستطع النجاح في الشهادة الثانوية، ولم يجلس إلى أستاذ، ولا أخذ العلم عن عالم، وإنما كان صحفياً، أي يأخذ علمه من الصحف كما كان يعبر سلفنا الصالح، وقد كانوا لا يرون من فعل ذلك مستحقاً للقب طالب العلم، ولا أهلاً لأن يعبأ بأقواله وآرائه. وبذلك تعرف سر حقد أَبِي رَيَّةَ على العلماء، وسبب جهله المخجل بفهم النصوص، وسر جرأته في تحريف أقوال العلماء من صحابة وتابعين فمن بعدهم جرأة لا يقدم عليها من يخاف الله ويعلم ما أعد الله للكاذبين من أليم العذاب وسوء المصير ..

ثم إنه وصفني بأني «شامي» وأن الحماقة التي عرف بها قومي - يعني الشاميين - هي التي جعلتني أقف منه هذا الموقف، وأنا لا يهمني أن يصفني بالحماقة، فالناس هم الذين يحكمون في هذا الموضوع لا رجل موتور مثله، ولكن الذي يهمني أن أنبه إلى حقيقة دين هذا الرجل الذي تمكنت في قلبه الإقليمية البغيضة تمكناً جاهلياً، فلو كان مسلماً حقاً لعلم أن بلاد الإسلام كلها وطن واحد، ولخجل من أن يَتَحَدَّثَ عن نفسه بأنه مصري ويصفني بأنني شامي، على أن الحقائق العلمية لا تقبل من أهل بلد وترفض من أهل بلد آخر، ولو كان من أهل العلم لعَلِمَ كم أخذ المصريون عن الشاميين. والشاميون عن المصريين، والمصريون والشاميون عن العراقيين، وهؤلاء جميعاً عن علماء الأقطار الإسلامية الأخرى، وما تعمده هذا الرجل من وصف الشاميين - أي سكان سورية ولبنان وفلسطين والأردن بالاصطلاح العربي القديم وبالاصطلاح المصري المعاصر - بالحمق دليل آخر على رقة دين هذا الرجل وحقده وإثارته من جديد ما تركته الفتن الدامية في صدر الإسلام من آثار تجاوزت العقائد إلى الآداب فجعلت كتب الأدب تطفح بالنوادر عن حماقة أهل الشام وشعب أهل العراق، ثم امتدت فرأينا المتنبي يهجو أهل مصر في قصيدته المشهورة، وتطورت في العصور المتأخرة إلى أن يهجو أهل كل بلد جيرانهم من البلد الآخر، فليعتبر القارئ إلى أي حد بلغ حقد هذا الرجل، وبذاءة لسانه مع أنه يَدَّعِي التزام المنطق العلمي، والبحث المنهجي ..

وشيء آخر أن الرجل يكشف عما في خبيئة نفسه من تهالك على الشهرة ولو في الإثم والفجور فقد ادَّعَى أن كتابه الأول أحدث ضجة لم يُحْدِثْهَا كتاب عربي من قبل إلا كتاب طه حسين! .. ويفتخر بأن كتباً ألِّفت في الرد على كتابه وأن مجلات تناولته بالنقد .. هذا هو أَبُو رَيَّةَ على حقيقته: جاهل يبتغي الشهرة في أوساط العلماء، وفاجر يبتغي الشهرة بإثارة أهل الخير، ولعمري إن أشقى الناس من ابتغى الشهرة عند المنحرفين والموتورين بلعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

إن هذا الرجل قد اشتهر بلا شك، فكتابه الأول اشترت أكثر نسخه إحدى السفارات الأجنبية في القاهرة وأرسلتها لتودع في مكتبات الجامعات الغربية فتكون بين أيدي الحاقدين على الإسلام ورسوله وصحابته، يستندون إليها فيما أورده في كتابه من أكاذيب وأباطيل، وكتابه الثاني قد اختفى من الأسواق تماماً برغم حداثة طبعه، ولم نستطع العثور على نسخة منه إلا بواسطة بعض أصدقائنا الشيعة، فليهنأ أَبُو رَيَّةَ فقد صارت كتبه تُوَزَّعُ - لوجه الله! .. في الغرب والشرق، وليفتخر بهذه الشهرة بكل ما يجب من تيه واعتزاز، ولكن هل نسي أنه أقسم في كتابه الأول بأنه لا يريد من نشر كتابه إلا وجه الحق والوصول إليه؟ فهل حدثت له إرادة الشهرة وحبها وبعد أن اشتهر كتابه الأول؟ أم كان يضمرها من قبل ويبدي خلاف ما يظهر؟ ومهما يكن من أمر فالله يعلم أننا لسنا له على شهرته من الحاسدين، بل من المشفقين المتألمين، وَلَعَلَّهُ هو لا يصدق منا هذا الكلام، فإن تصديق الشيء فرع من تَصَوُّرِهِ، وفاقد الشيء لا يعطيه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

وأمر ثالث هو ما كشفت عنه مقدمة كتابه الثاني من أسباب جديدة لحقده عَلََيَّ، فقد قال: إنه زارني حين كنتُ في القاهرة عام 1961 في المستشفى الذي كنت أعالج فيه - وسماه بالمستشفى الإسرائيلي، مع أنه المستشفى العسكري - وأنه أرسل إِلَيَّ بعد ذلك بطاقة تهنئة بالعيد، ومع ذلك فلم أقدر له هذا الجميل بل عُدْتُ إلى مهاجمته في مقال نشر بجريدة " الأهرام " حينئذ .. وهذا هو أَبُو رَيَّةَ على حقيقته في شكل آخر .. رجل يرى الحق خاضعاً للمجاملات والزيارات، وأنه كان عَلََيَّ بعد أن زارني وَهَنَّأَنِي بالعيد أن أسكت عنه وأن أتنازل عن رأيي فيه، أي مجاملة وأي سكوت عمن يقر عيون أعداء الإسلام بما كتب من تجريح لِسُنَّةِ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكبار رُوَّاتِهَا وأعظم صحابته؟ أي مجاملة مع من يركب رأسه وَيُصِرُّ على الباطل ويطيل لسانه بشتم صحابة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شتماً مقذعاً؟ لماذا نسكت عنك؟ إنك حاربت الحق، وَتجَنَّبْتَ الهُدَى، وأمسكت المعول ظاناً أن باستطاعتك أن تهدم صرح السُنَّةِ الشامخ الثابت الدعائم، فكنت بذلك عَدُوًّا للهِ، لأن الله هو الحق، وَعَدُوًّا لرسول الله، لأنه رسول الهدى، وسنداً لأعداء الإسلام والله ينهى عن موالاتهم ويأمر بالتنبه واليقظة لدسائسهم، ففيم نسكت عنك؟ وفيم نجاملك؟ لا والله يا عدو الله! .. بل كشفاً لضلالك وتهديماً لآمالك، وتبياناً لكذبك وفجورك، حتى يرغم الله أنفك، ويخذل شياطينك، ويرد كيدك وكيد أعداء الإسلام من مُسْتَعْمِرِينَ وَشُعُوبِيِّينَ إلى نحوركم خزايا موثَّقين بأغلال الجريمة التي تدبرونها في الظلام لهذه الأمَّة ولدينها، وكلما زدتم في الباطل عناداً، ازددنا بالحق استيثاقاً، وعليه ثباتاً، وعنه دفاعاً، غير عابئين بغيظكم وحقدكم وشتائمكم. بهذا أخذ الله منا العهد، وعلى هذا وعدنا بالجنة، ولن يرانا بعونه وتوفيقه مفرطين ولا مستسلمين {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} . «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي - وفي رواية " وهم من أهل الشام " برغم أنف أَبِي رَيَّةَ - ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالفََهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ» وصدق الله وصدق رسوله الكريم.

بقي أن أقول كلمة عن صدر الدين شرف الدين الذي احتضن كتاب أَبِي رَيَّةَ الجديد، وطبعه، وقدم له، واتهمني بأنني سأطعن أَبَا رَيَّةَ بالتشيع كما طعنته من قبل، وزعم أنه وجد فيه العالم المُحَقِّقَ الذي لا يشق له غبار، وقد عذرته في ذلك لأن له معنا قصة تَحَدَّثْتُ عنها في العدد التاسع مِنَ السَنَةِ الأولى من مجلة " حضارة الإسلام " كشفنا فيها عن متاجرته بالعصبيات المذهبية كما هو شأن أمثاله، ولأني تَحَدَّثْتُ في مقدمة كتابي " السُنَّةُ " عن أبيه «عَبْدِ الحُسَيْن» في أبي هريرة، وهو الذي انتهى منه إلى تكفير أبي هريرة، وأنه من أهل النار ببشارة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -!. هكذا فعل (عَبْدُ الحُسَيْنِ) مع الصحابي الذي روى أكثر من حديث عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحُبِّهِ للحسين وأخيه، واحتضانه لهما، ودعائه لمن يُحبُّهُمَا، فَلِعَبْدِ الحُسَيْن من الله ما يستحق، ولقد كان كتابه عمدة أَبِي رَيَّةَ فيما كذب به على أبي هريرة، وفيما قاله من بذيء السباب والشتائم، ولقد قُلْتُ هناك: إن أَبَا رَيَّةَ قد يُرضي الشيعة فيما كتب - ولم أقل: إن أَبَا رَيَّةَ قد تشيع كما زعم صدر الدين - ولكنه بلا شك سيفتح عليهم باب الجدل، وسيثير ثائرة الجماهير في العالم الإسلامي الذين يرون في أبي هريرة أكبر صحابي حفظ سُنَّةَ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورواها بصدق وأمانة إلى جيل التَّابِعِينَ، فليس من السهل عليهم أن يسمعوا هذا السباب الجارح المقذع في حقه، بينما يجب أن تنصب جهود المخلصين من أَهْلِ السُنَّةِ، وَالشِيعَةِ إلى جمع الشتات وتوحيد الكلمة إزاء الأخطار المُحدقة بالعالم الإسلامي وبالعقيدة الإسلامية من أساسها، وهي تُهَدِّدُ بخروج شباب الشيعة عن دينهم أكثر مِمَّا تهدد خروج أَهْلِ السُنَّةِ، وقلتُ: إنه من العبث أن يتظاهر بعض الناس بالرغبة في الوحدة وهم يؤلفون مثل هذه الكتب المُثيرة الداعية للشقاق والنزاع، كما فعل عَبْدُ الحُسَيْنِ نفسه، فقد كنت أَتَحَدَّثُ إليه في «صور» عن ضرورة وحدة الصف بين العاملين للإسلام، ووجوب عقد مؤتمر من علماء الفريقين لهذه الغاية فكان يُبْدِي حماساً بالغاً لهذه الفكرة، بينما كان يطبع كتابه عن أبي هريرة للطبعة الثانية، ويبيح لجميع الناس ترجمة كتابه بمختلف اللغات ابتغاء الأجر والثواب عند الله تعالى! ..

هذا ما قلته عن عَبْدِ الحُسَيْن في مقدمة كتاب "السُنَّة " ولا شك أن ذلك أغضب صدر الدين لأنه معجب بأبيه الإمام حُجَّةُ الإسلام!، كما كان أبوه مُعْجَباً به جد الإعجاب في مقدمة كتاب ولده صدر الدين " حليف مخزوم " هذا الكتاب الذي جَرَّدَ فيه صدر الدين أبا بكر وعمر وكبار الصحابة المُبَشَّرِينَ بالجنة مِمَّنْ توفي رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو عنهم راضٍ من فضائل الصدق والصراحة والوفاء والإخلاص للحق والغيرة على مصلحة الإسلام وهم أبرز وجه حضارتنا وأكثرها إشراقاً، وأخلدها آثاراً، وأنبلها أخلاقاً باعتراف أشد الغَرْبِيِّينَ تعصباً على الإسلام وحضارته، واتهمهم بالمكر والخداع والسعي وراء المصالح الشخصية والكذب على الناس إلى آخر هذه الصفات التي يربأ هذا (الصدر) أن يَتَحلَّى بها أدنى الناس منزلة وصلة به. وهذا مِمَّا حَبَّبَهُ إلى قلب أبيه عَبْد الحُسَيْن فيقول في مقدمة كتابه المذكور: «قد قرأتُ ولدي صدر الدين فيما يقدمه من قصة عمار بن ياسر أو قصة الإسلام في هذا الكتاب، وقرأته مئات المرات قبل ذلك ومن مارس كاتباً وَكَرَّرَ قراءته ووقف من حبه والإعجاب به عند حد، فإني أشهد أنني مارستُ صدر الدين وكرَّرْتُ قراءته ولم يقف حُبِّي له وإعجابي به عند حد، بل كنتُ بإطراد أجده نامياً صاعداً، كل سطر منه يفتح عَلَيَّ حُبّاً جديداً، ويأخذني منه بإعجاب جديد شديد، بما ينشئ من آفاق ويولد من أبكار» فالحب والإعجاب متبادلان بين الابن وأبيه، فمن حقنا أن نعذر الصدر إذا غضب حين يهاجم الرأس، أما إشادته بعلم أَبِي رَيَّةَ رغم افتضاح جهله وانكشاف كذبه، فلا يخلو بين أن يكون من الجاهلين أوالمتحاملين، وقاتل الله العصبية المذهبية الحاقدة التي رضيت بشتم قومها في الحاضر كما رضيت في الماضي أن تكون بالكوارث التي نزلت بهم من الشامتين.

وأخيراً فلا ندري أي (البطلين) نغبط؟ أنحسد (الصدر) على اهتدائه إلى هذا الكنز الثمين والعلم الغزير في (أَبُو رَيَّةَ)؟ أم نحسد (مُجَدِّدَ الإِسْلاَمِ) في القرن العشرين على أنه وجد أخيراً في (الصدر) من يُقَدِّرُ عِلْمَهُ ويعرف له فضله، ويطبع له كتابه؟ {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ، وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} .