فهرس الكتاب

أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام

171 أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهما السلام.
أمه أم عبد الله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب: واسم ولده: جعفر وعبد الله.
وأمهما أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وإبراهيم وعلي وزينب وأم سلمة.
وعن زياد بن خيثمة عن أبي جعفر قال: الصواعق تُصيب المؤمن وغير المؤمن ولا تصيب الذاكر.
وعن منصور قال: سمعت محمد بن علي يقول: الغني والعز يجولان في قلب المؤمن فإذا وصلا إلى مكان التوكل أو طِناهُ.
وعن عمر مولى غفرة عن محمد بن علي أنه قال: ما دخل قلب امرئ شيء من الكبر إلا نقص من عقله مثل ما دخله من ذلك، قلّ أو كثُر.
وعن جابر، يعني الجعفي، قال: قال لي محمد بن علي: يا جابر إني لمحزون وإني لمشتغل القلب.
قلت وما حزنك وما شغل قلبك؟ قال: يا جابر إنه من دخل قلبه صافي خالص دين الله شغله عما سواه يا جابر ما الدنيا ما عسى أن تكون؟ هل هو إلا مركب ركبته أو ثوب لبسته أو امرأة أصبتها؟ يا جابر إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا لبقاءٍ فيها ولم يأمنوا قدوم الآخرة عليهم ولم يصمهم عن ذكر الله ما سمعوا بآذانهم من الفتنة، ولم يعمهم عن نور الله ما رأو بأعينهم من الزينة ففازوا بثواب الأبرار، إن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونةً وأكثرهم لك معونةً، إن نسيت ذكروك وإن ذكرت أعانوك، قوّالين بحق الله، قوامين بأمر الله فأنزل الدنيا كمنزلٍ نزلت به وارتحلتَ منه أو كمال أصبته في منامك فاستيقظت ولبس معك منه شيء، واحفظ الله تعالى ما استرعاك من دينه وحكمته.
وعن حسين بن حسن قال: كان محمد بن علي يقول: سلاح اللئام قبيح الكلام.
وعنه قال: والله لموت عالمٍ أحبُّ إلى إبليس من موت سبعين عابداً.
وعن خالد بن أبي الهيثم، عن محمد بن علي بن الحسين قال ما أغر ورقت عينٌ بمائها إلا حرّم الله وجه صاحبها على النار فإن سالت على الخدين لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة، وما من شيء إلا له جزاء، إلا الدمعة فإن الله يكفّر بها بحور الخطايا، ولو أن باكياً بكى في أمّة لحرّم الله تلك الأمّة على النار.
وعن الأصمعي قال: قال محمد بن علي لابنه.
يا بنيّ إياك والكسل والضجر فإنهما مفتاح كل شرٍّ إنك إن كسلت لم تؤدّ حقاً وإن ضجرتَ لم تصبر على حق.
عن عروة بن عبد الله قال سألت جعفر محمد بن علي عن حلية السيوف فقال لا بأس به، قد حلى أبو بكر الصديق سيفه قال قلت: وتقول: الصديق؟ قال: فوثب وثبةً واستقبل القبلة ثم قال: نعم الصدّيق، نعم الصديق، نعم الصدّيق.
فمن لم يقل له الصديق فلا صدق الله له قولاً في الدنيا ولا في الآخرة.
وعن عمرو بن شمر عن جابر قال: قال لي محمد بن علي: يا جابر بلغني أن قوماً بالعراق يزعمون أنهم يحبونا وينالون أبا بكر وعمرو، ويزعمون أني أمرتهم بذلك فأبلغهم أني إلى الله منهم بريء، والذي نفس محمد بيده لو وليت لتقربت إلى الله عز وجل بدمائهم، لا نالتني شفاعةُ محمد إن لم أكن أستغفر لهما وأترحّم عليهما إن أعداء الله لغافلون عنهما.
وعن أفلح، مولى محمد بن علي، قال: خرجت مع محمد بن علي حاجا فلما دخل المسجد نظر إلى البيت فبكى حتى علا صوته فقلت بأبي أنت وأمي إن الناس ينظرون إليك فلو رفقت بصوتك قليلاً قال: ويحك يا أفلح، ولم لا أبكي؟ لعل الله ينظر إليّ منه برحمة فأفوز بها عنده غداً قال: ثم طاف بالبيت ثم جاء حتى ركع عند المقام فرفع رأسه من سجوده فإذا موضع سجوده مبتل من دموع عينيه.
وعن خالد بن دينار عن أبي جعفر أنه كان إذا ضحك قال: اللهم لا تمقتني.
وعن عبد الله بن عطاء قال: ما رأيت العلماء عند أحد أصغر منهم علماً عند أبي جعفر (محمد بن علي) لقد رأيت الحكم عنده كأنه متعلم.
وعن أحمد بن يحيى قال: قال محمد بن علي: كان لي أخ في عيني عظيمٌ، وكان الذي عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه.
وعن موسى بن عمير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أنه كان يقول في جوف الليل.
أمرتني فلم آتمر، وزجرتني فلم أزدجر، هذا عبدك بين يديك، ولا أعتذر.
محمد بن مسعر قال: قال جعفر بن محمد فقد أبى بلغةً له فقال: لئن ردها الله عز وجل لأحمدنّه محامد يرضاها.
فما لبث أن أتى بها بسرجها ولجامها.
فركبها.
فلما استوى عليها وضمّ عليه ثيابه رفع رأسه إلى السماء وقال الحمد لله.
لم يزد عليها.
فقيل له في ذلك فقال: وهل تركتُ أو أبقيت شيئاً؟ جعلت الحمد كله لله عز وجل.
وعن أبي حمزة عن أبي جعفر محمد بن علي قال: ما من عبادةٍ أفضل من عفّة بطن أو فرجٍ، وما من شيء أحب إلى الله عز وجل من أن يسأل، وما يدفع القضاء إلا الدعاء.
وإن أسرع الخير ثواباً البر وأسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عيباً أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من نفسه، وأن يأمر الناس بما لا يستطيع التحول عنه، وأن يؤذي جليسه بمالا يعنيه.
وعن عبد الله بن الوليد قال: قال لنا أبو جعفر محمد بن علي: يدخل أحدُكم يده كيس صاحبه فيأخذ ما يريد؟ قال قلنا: لا.
قال: فلستم إخواناً كما تزعمون.
وعن سلمى مولاة أبي جعفر قالت: كان يدخل إليه إخوانه فلا يخرجون من عنده حتى يطعمهم الطعام الطيّب ويكسوهم الثياب الحسنة ويهب لهم الدراهم.
قالت: فأقول له بعض ما تصنع.
فيقول: يا سلمى ما يؤمَّل في الدنيا بعد المعارف والاخوان؟ وعن سليمان بن قرم قال: كان محمد بن علي يجيز بالخمسمائة والتسمائة إلى الألف، وكان (لا) يملّ من مجالسة إخوانه غنيّاً.
وعن الأسود بن كثير قال: شكوت إلى محمد بن علي الحاجة وجفاء الإخوان فقال: بئس الأخ أخٌ يرعاك غنياً ويقطعك فقيراً.
ثم أمر غلامه فأخرج كيساً فيه سبع مائة درهم فقال: استنفق هذه فإذا نفدت فأعلمني.
وعن أبي جعفر قال: اعرف المودة لك في قلب أخيك بما له في قلبك.
أسند أبو جعفر عن جابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة وابن عباس وأنس والحسن والحسين.
وروى عن سعيد بن المسيب وغيره من التابعين.
ومات في سنة سبع عشرة ومائة، وقيل ثماني عشرة وقيل أربع عشرة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، وقيل ثمان وخمسين وأوصى أن يكفن في قميصه الذي كان يصلي فيه رضي الله عنه وأرضاه.